العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التعريف الجامع المانع

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
التعريف الجامع المانع

لقد كان من آثار صناعة المنطق الصوري، وخاصة مسألة التعريف بالحد، أن شاع بين كثير من المتأخرين من الأصوليين والفقهاء العناية الشديدة بصياغة التعريفات الحدية. ولا شكّ أنه من الجميل أن يُصاغ تعريف واضح جامع مانع لمصطلح من المصطلحات، يتمكَّن به القارئ من تحصيل فكرة عامة عن مفهوم ذلك المصطلح. ولكن عندما يبالغ الكاتب في اعتصار الألفاظ ويغلِّب الرغبة في الاختصار على الوضوح، يصير التعريف أقرب إلى الإلغاز، ولا يحصل منه القارئ على معنى واضح لذلك المصطلح. ولأن صاحب التعريف ذاته يُدرك أن التعريف الذي اعتصره لا يفي بالغرض الأصل من التعريف، وهو إعطاء فكرة واضحة عن المصطلح، فإنه يلجأ إلى وضع جريدة طويلة لبيان معاني الألفاظ الواردة في التعريف وإخراج المحترزات. وينتهي الأمر بفقدان التعريف لخاصيتي الوضوح والإيجاز. فلا يكون التعريف مستغنيا بنفسه في بيان معنى المصطلح لعدم وضوحه، كما أنه لا يكون موجزا؛ لأن صاحبه يكتب صفحات عديدة في شرحه وإخراج المحترزات، ولا يحصل القارئ على المعنى الواضح للمصطلح إلا بعد قراءة صفحات عديدة في شرح التعريف، وتصبح الحقيقة أن التعريف استغرق صفحات كثيرة وليس عبارات موجزة. ولو أن الكاتب وضع تعريفا بسيطا ومطوَّلا دون اعتصار للألفاظ، لما احتاج الأمر إلى أكثر من نصف صفحة ليصير مفهوم المصطلح في غاية الوضوح للقارئ مع كونه جامعا مانعا، دون أن يُتْعِب نفسَه زمنا في اعتصار الألفاظ، ثم يتعبها ثانيا في شرح تلك الألفاظ وإخراج المحترزات، ولوفَّر على نفسه وعلى القارئ وقتا وجهدا وورقا للكتابة.

وقد جاء على المؤلِفين في العلوم الشرعية زمنٌ أصبح فيه وضعُ مثل تلك التعريفات مقصدا من مقاصد التأليف عند بعضهم، فيُتْعب أحدُهم نفسه دهرا طويلا لاعتصار تعريفات من ذلك النوع، ثم يأتي آخر ليُتْعب نفسه دهرا آخر في شرح تلك التعريفات. ولو أن الأوّل وضع تعريفات بسيطة وواضحة دون تكلُّف في الاختصار والاعتصار لأراح نفسه وأراح من جاء بعده. وقد تزامن هذا الفعل مع فعل آخر هو وضع متن في غاية الاختصار، ثم بعد وقت يتولى صاحبه شرحه، وقد يلجأ أحيانا إلى وضع حاشية على ذلك الشرح. وكأن ذلك المتن قد اكتسب قداسة لا ينبغي تجاوزه بسببها، فيلجأ صاحبه إلى شرحه بدلا من إنشاء كتاب مفصَّل في ذلك العلم. ويكون سائغا أن يلجأ عالمٌ إلى شرح مَتْن وضعه غيرُه، إذا كان ذلك المتن قد اكتسب مكانة في المذهب، أما أن يلجأ الشخص إلى شرح المتن الذي وضعه هو بنفسه، فهو أمر لا يخلو من الطرافة.

ومن آثار الشكلية في التعريفات أنك تجد البعض يُسَوِّد صفحات في استعراض تعريفات السابقين ونقدها. وعندما يكون النقد بسبب قصور في المفهوم الذي يشمله التعريف، فذلك أمرٌ مطلوب، أما عندما تكون الاعتراضات الطويلة شكلية فإنه لا يكون من وراء الاشتغال بها فائدة ذات بال؛ لأن ما غاب عن صاحب ذلك التعريف المُنتَقَد في تعريفه المُعْتصر سيكمله في ما يضعه بعد ذلك من شرح على ذلك التعريف عند شرح مفرداته وإخراج المحترزات، فتكون المحصلة في النهاية واحدة، ولكن بعد جهد ووقت طويلين.
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: التعريف الجامع المانع

بورك فيكم يا دكتور نعمان
رحم الله الإمام البحر شيخ الإسلام ابن تيمية فقد بسط الكلام في هذا الأمر بما يشفي ويكفي في الرد على المنطقيين .
ينظر ما ذكره في الفتاوى في الجزء التاسع في مواضع ص 44 وما بعدها و 83 وما بعدها
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: التعريف الجامع المانع

جزاك الله خيراً وأحسن إليك
للأسف البعض يتقصد في كلامه الإلغاز والتعمية بعبارات إما مختصرة للغاية ، وقد وقع هذا للإمام النشائي الشافعي رحمه الله ، ولعله لذلك لم تشتهر كتبه ويظهر الإهتمام بها مع أنها تحتوي على علم جم.
والبعض يقصد لذلك لغير سبب واضح فتجد عباراته معماة ومحسنة لفظياً بما لا يفهم منه غرض صحيح ، بل لا يفهم له غرض أصلاً.
لكن فيما يتعلق بالمتون وشروحها ، فأنا قد أخالف شيئاً ما ، فإن وضع المتون في العادة لا يكون بهدف تسهيل وتوضيح العلوم ، بل تسهيلها للحفظ ، وكلما كان المتن أشمل وخصر كان عند قاصدي الحفظ أفضل ، وهذا في ظني مقصد حسن في الجملة يعين الفقيه أو المتصدي للفقه على استحضار المسائل بسهولة ، ولكنه يحتاج أولاً إلى حفظ المتن ثم إلى تفكيك عباراته بشكل يوضح مضامين المتن. فالكل حسن.
والله أعلم
 
التعديل الأخير:
إنضم
22 مايو 2012
المشاركات
3
الكنية
أبو مالك
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التعريف الجامع المانع

بوركتما، وجزيتما خيرا.
ولكن: لعل ما ذكره الأخ وضاح الحمادي بالنسبة للمتون يرد بالنسبة للتعريفات؛ فحفظ تعريفات الفن من أعظم ما يعين طالب العلم على إتقانه، واختصارُ ألفاظ التعريف وحسنُ انتقائها يعين على حفظه.
كما أن صياغة التعريف في صورة مختصرة تحتاج لشرح وبيان محترزات- يوسّع مدارك الطالب، وينمي ملكته في الكتابة، ويزيده دقة في التعبير؛ فهو عندما يرى التعريف بشرحه ومحترزاته يعلم أن كل حرف يوضع له مدلوله، فيزيده هذا حرصاً ودقة.
وعلى كل فلعل الأمر يرد عليه الإفراط والتفريط، وخير الأمور الوسط، والله أعلم.
وأما التفكه بذكر شرح واضع متن لمتنه فلا يصح - في نظري - على إطلاقه، وخذ مثلاً قطر الندى وشرحه.
حفظكم الله ونفع بكم.
 

د. نعمان مبارك جغيم

:: أستاذ أصول الفقه المشارك ::
إنضم
4 سبتمبر 2010
المشاركات
197
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
-
المذهب الفقهي
من بلد يتبع عادة المذهب المالكي
رد: التعريف الجامع المانع

وأما التفكه بذكر شرح واضع متن لمتنه فلا يصح - في نظري - على إطلاقه، وخذ مثلاً قطر الندى وشرحه.
حفظكم الله ونفع بكم.
جزاك الله خيرا وأحسن إليك على هذه المشاركة القيمة.
ما ذكرته في تعليقي على المتون وشروحها إنما هو في سياق كتب الفقه وأصوله. ولا يخفى ما في المنظومات المتعلقة بالعلوم التي تحتاج إلى حفظ، مثل النحو والصرف والقراءات، من فائدة عظيمة في تسهيل الحفظ.
 
إنضم
6 نوفمبر 2017
المشاركات
12
الكنية
أبو راشد
التخصص
الفقه
المدينة
شيتاغونغ
المذهب الفقهي
الفقه الحنفي
رد: التعريف الجامع المانع

فكرة سليمة إن شاء الله ، نبَّه عليها كثير من أهل العلم المجرَّبين ، وبخصوص متون الفقه للعبد الضعيف تعليقٌ متواضع على ما قاله الدكتور وعلى ما قاله شيخُ مشايخنا العلامة مصطفى الزرقا رحمه الله في "مدخله" (والفكرة واحدة)... ويحصل التعليق المُشار إليه إن شاء الله بإيراد مقدمة شيخنا الفقيه المحدِّث الأستاذ عبد الله نجيب حفظه الله ورعاه على كتابنا: "إيقاظ الهِمم والبصائر بشرْح الأشباه والنظائر" (أصله إفادات الشيخ) ، ولا يزال مخطوطا... وعفوا للتأخير، وأرجو الدعاء ليُسهل الله إخراج الكتاب ونشره.
 
أعلى