العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بين الشعائر و المشاعر

إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
التخلف عن الخطيئة حين بذل المطارف و الحشايا أشد على القلب من الوقوع فيها ، و حرقة الترك حال التمكين غير مقدور عليها إلا لمن تأيّد بالتوفيق و العصمة..
لا يحرج المكلف ترك الحرام البين و دفعه ، و لا عنت في درء ما يشبهه..و لكن الكلفة في تحصيل الحلال حيث احتفت به موانعه..
لا أقصد المانع الشرعي ؛ و إنما أتحدث عن رعي حظ لقرين تحبه ، أو جليس تجلّه ، أو عن نكاية قد تلحق بعشيرة ، أو كآبة تلازم المعاشر...
أخطر موازنة تشق على النظر ، التوفيق بين المشاعر و الشرائع.. و أعظم بلية ، ترك الحلال لكل ذي بال..
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

حير قلمي رونق البيان فعجز عن الرد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

حيرك البيان شيخ بومدين و أنت أهل لأفضل منه !!
إنّ الحديث عن المشاعر المكنونة ذو حدين..، لا يروضه إلا ذو اللسانين...؛ لسان ساحر تسجد له معاني ذي العينين ، و لسان شاهد شهادة تحرج ذا الوجنتين..
عبارات الراسخين تتباين لحوالة المقامات ، و البيان يتلون في عرض المعجزات..؛ فلا تصرّح إلا حيث ألحت عليك المقررات..
يا أهل السمع و النظر : تراود الفتى طائفة من الخواطر تحول دونها حياض التحقيق ، بل يصارعها سلاح الجرح و التدقيق ، و يمجها القرين ملوحا بمسلمات المجلس العتيق..
الناس على ضربين في تفعيل معاني النفوس :
ـ خائف قيّدته الظواهر و العمومات..
ـ و مترقب لم تسعفه اللغات..
و الأعدل الذي ينجبر به الجناح الكسير ، أن تجمع بين جرأة المستلئم الخبير ، و المتشرع البصير..
وقفت طويلا عند عتبة هذا المهم ؛ ليكون التنظير ذا عمل ، فوجدت :
* سيد الخلق ـ صلى الله عليه و سلم ـ يمنع زواج علي ـ رضي الله عنه ـ من بنت أبي جهل بتعليلات نرتضيها لبنت رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ
و لكن فطرتي تهوي إلى مشاعر الحب التي يحملها سيد الخلق لفاطمة ، و إن كان الشرع بخلافه...
قد لا يعجبك هذا الاستدلال ، و لك أن تقدم ما يبطل هذا التوجيه..و لكني أرى فيه الحق ، بل إني أرى كل استدلال يخالفه ـ و إن صحّ إسناده ـ لا ينفى جواز تقرير منظومة المشاعر و إن حجبت بحجاب الادعاء..
و عليه : فإن المكلف المحب قد يترك أبوابا من الحلال تطييبا لخاطر من أحب ، أو حفظا لودّ من قاسمه الضراء...و لعلك انتبهت إلى تأخر سنية التعدد حيث اقترن حبيبنا المصطفى ـ صلى الله عليه و سلم ـ بخديجة أم المؤمنين...
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

...لعلك تذكرت مناجاة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك و لا أملك "... و قرأت الموروث المعهود ، و المنبع العدّ المورود ، قول أسلافك : كنا نترك أبوابا من الحلال خشية الوقوع في الحرام..فترك الحلّ منهم إيذان بمشروعية التنظير المرقوم ، و وشي يتحلى به المنظوم..
إني أذهب إلى أبعد من ذلك ، و أنتشي حين يغامر أهل التكليف بذممهم الشرعية إيثارا لحظوظ غيرهم ، وهجرا لحقوقهم...و قد يؤول بهم الأمر إلى ترك المندوبات ، و سياج الحاجيات و التحسينيات..
ترجم العوام هذه الفلسفة بقولهم :"من أجل عيون ، تكرم مرج عيون"
هذه المشاعر قدر مشترك بين العوام و العلماء ، و تلك الشعائر سياج حافظ..
و الضابط الذي انتهيت إليه
: رعي مشاعر و حظوظ غيرك أصل يهرع إليه مالم يوقعك ذلك في المحظور..
نكتة : قد يكون من الرحمة أن تجد من يستمع إليك و إن بكشف مستورك ، و لكن من الفساد الذي لا ينجبر أن لا تجد من يستمع إليك..!!!
 
التعديل الأخير:
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

[FONT=&quot]...و إن كنت تعتقد مخالفة فيما ذكرت ، فاستعرض ذيول المسألة في أزمنة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ :
[/FONT]
[FONT=&quot]ـ عن عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم- أي مخاطبا بريرة - : لو راجعته[/FONT].
[FONT=&quot]قالت: يا رسول الله تأمرني؟[/FONT]
[FONT=&quot]قال: إنما أنا أشفع[/FONT].
[FONT=&quot]قالت: لا حاجة لي فيه[/FONT]​
[FONT=&quot]قال ابن حجر في الفتح: (فلا حاجة لي فيه): أي فإذا لم تلزمني بذلك لا أختار العود إليه[/FONT] ، [FONT=&quot]وقد وقع في الباب الذي بعده "لو أعطاني كذا وكذا ما كنت عنده[/FONT]...
و في القصة ما ينسجم و الضابط الذي سيق آنفا : فقول النبي صلى الله عليه و سلم :" لو راجعته " إحالة على منظومة المشاعر..و في قول بريرة " لا حاجة لي فيه " تعويل على ما تمنعه الشرائع و الشعائر..من مغامرة يضيع معها الدين و التحصين..
قلت : لو كان مغيث معرضا ، و بريرة تطوف خلفه لاسترضائه ؛ لأذعن تطيبا للخاطر...و هذه خصلة غالبة على الرجال و مغلوبة في النساء..
و كأني بهاتف يطرق سمعي : قد تصيبك سهام العين ؛ فتبلغ العدد المشروع !!!


 
التعديل الأخير:
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

و من مثل رعي المشاعر :

ما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة "
قال الْقاضي عياض :" قيل إن الرجل الثاني لم يكن ممن يستحق تلك المنْزلة ولا كان بصفة أهلها بخلاف عكاشة ، وقيل : بل كان منافقا فأَجابه النبي صلى الله عليه وسلم بكلام محتمل ، ولم ير صلى الله عليه وسلم التصريح له بأنك لست منهم لما كان صلى الله عليه وسلم عليه من حسن العشرة"
 
إنضم
6 يناير 2011
المشاركات
45
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

بارك الله فيك يا شيخنا الفاضل، و زادك علما و نورا و صدق الإمام مالك – رحمه الله – حين قال: ليس العلم بكثرة الرواية و لكنه نور يقذفه الله في قلب من يشاء.
و لا أشك لحظة واحدة أنكم يا شيخنا ممن قذف الله في قلوبهم هذا النور، و إني لأعجب دائما من فصاحتكم و علمكم و دقة اختياركم للألفاظ، بل – أحيانا أحتار أأعجب من تواضعكم أم من علمكم- و لاشك يا أستاذنا الحبيب أنكم ممن تراعون مشاعر الناس و قد لمست هذا من كتاباتكم في هذا الملتقى الذي ازداد بك جمالا، و إني خارج الوطن و عندما تتاح لي الفرصة للاتصال بالنت فأول ما أفتحه هذا الملتقى و أبحث عن مشاراكاتكم و أقرأها و كم تكون فرحتي بها
أستاذنا الفاضل: مما جاءت به الشريعة: حسن المعاملة، و التلطف، ومراعاة المشاعر والخواطر، فحثت العباد على الانتقاء والاختيار، لكي تجمع القلوب و تتوحد الصفوف و يطغى جانب الحب على الكراهية.
يوسف لما حضر أخوته قال: {إذ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} ، ولم يقل: الذي أخرجني من الجب؛ وذلك لأنهم هم الذين رموه في الجب، فلم يرد أن يواجههم، وعزا الأمر إلى السجن الذي لا دخل لهم فيه، وكذلك لئلا يحرجهم قال: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} ، فعزا الأمر إلى الشيطان، مع أنهم الذين باشروا إيذاءه، وقال: {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ}، ولم يقل وجاء بكم من الجوع والنصب والفقر؛ لئلا يظهر منته عليهم.
نبينا -صلى الله عليه وسلم- لما قال: ((إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، حتى تختلطوا بالناس)) [رواه البخاري ومسلم، ما هي العلة؟ لماذا؟ مراعاة لشعور هذا الثالث الجالس؛ لئلا يظن أنهما يتآمران عليه، أو يتكلمان فيه أو أنه دون مستوى الكلام قال -عليه الصلاة والسلام- في تعليل هذا: ((من أجل أنه يحزنه))
النبي -عليه الصلاة والسلام- يراعي مشاعر حتى المخطئ الذي جاء وبال في المسجد من جفائه وجهله، وقاموا عليه، أمرهم أن يتركوه ثم علمه، قال: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر وإنما هي لذكر الله -عز وجل- والصلاة وقراءة القرآن)) رواه مسلم
صاد صحابي صيداً للنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو محرم وقدمه إليه، فرده النبي -عليه الصلاة والسلام- ، ولم يكن من عادته رد الهدية فرأى الألم و الأسف في وجه الصحابي، لماذا ترد هديته؟ لم يتركه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإنما علل ذلك فقال مطيباً خاطر الرجل: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) [رواه البخاري ومسلم. فالمحرم لا يصيد، ولا يأكل ما صيد من أجله.
حفظكم الله يا شيخنا و رعاكم ادع الله لنا
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

سلام عليك شيخنا الأديب و صاحب القلم العتيد :
طال غيابك عنا شيخ بومدين ، و هجرت مجلسا تألقت فيه أدبا و علما..حفظكم المولى و زينكم بنور العلم و العمل..
أودعت الأمصار أشجانا حرقت الضلوع ، و كشفت عن مستور ضاق به التكليف ذرعا..و ألقيت أحمالا حيث ألقت رحلها أم قشعم..و لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أذعت..
و لتلوت الحقيقة على الأبقار و الأشجار...كما فعل ابن عبد البر..!!!!
 
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

أحسن الله إليك شيخنا...
لعلي أدركت المعنى لكن فهمي قصر عن إدراك مقصد الكلام...
"رعي مشاعر و حظوظ الغير أصل يهرع إليه مالم يوقع ذلك في المحظور.."
عرضت الأصل على زمن النبوة فوقفت على فرع يخالفه من وجه... "قصة الصحابي جليبيب" .. رعى النبي صلى الله عليه وسلم مشاعره فعرض عليه التزوج تطييبا لخاطره ودفعا لإيهام النقص الذي تملّكه.. لكن هل يمكن القول أنه لم يراع مشاعر أبوي المرأة التي خطبها له وقد بدا استبعاد التزويج له من قول أمها: "لاها الله، إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا جليبيبا وقد منعناها من فلان وفلان" لولا تدخّل المخطوبة بقبول التزويج امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رعيا لمشاعر جليبيب رضي الله عنه.
كان للمرأة أن ترفض الخطبة مراعاة لمشاعر أبويها ومشاعرها هي، لكن رعي الشرائع في هذه القصة واضح من امتثالها لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واستبعادها للمشاعر، وبالمقابل رعي المشاعر نحو جليبيب باد في خطبة المرأة له من قبل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
على معنى أن القصة تحمل معنى مراعاة المشاعر من وجه، ومعنى عدم مراعاتها من وجه آخر، فمشكلة المسألة: هل يمكن رعي مشاعر طرف على حساب آخر؟ أم هل من سبيل لترجيح مشاعر على أخرى حال التعارض؟ وأخيرا مشاعر النبي صلى الله عليه وسلم، أين يمكن تصنيفها في منظومة الشرائع والشعائر؟
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

أحسنت التمثيل و طرح الإشكال شيخ بومدين...و أحرضك على أن تأخذ بيدي في هذا المهم ؛ لتفصل مداخله و مخارجه ، و تحسن وجهه و مأخذه..
و أنت أهل لذاك إن شاء الله..
 
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

نصح الولي الصالح أبو مدين شعيب -دفين تلمسان - مريدي العلم والسلوك وأنا أعمل بنصيحته، فقال: فاصحبهمو وتأدب في مجالسهم ** ** وخل حظك مـهما قـدموك ورا
أنّى لي أن آخذ بيدكم وأنتم من أخذتم بناصية هذا العلم حتى عاد ذليلا..
حظي منه ما أسمعه منك .. كأني بك يا شيخي تنطق بنور الله، منطقك ليس لكل أحد بل أراه توفيقا من الله.. اجتباك المولى وأخرج منك كل طيب حسن.. فأنا أغبطك..
إن هذا المهم الذي أثرته شيخنا الفاضل قدر مشترك بين الإنسانية جمعاء؛ وقد رعاه الشرع ليكون الكل محوطا بنظر الشارع .. حتى المشاعر.. بمعنى أن المشاعر والشرائع متلازمان .. لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ فإن تعارضا فالدفع لازم بشرع الله إن اختلفا في مرتبة الحكم أو مآله؛ كقصة أبي سلمة حينما هاجر إلى المدينة ترك زوجته وابنه بعدما أخذهما رجال من بني مخزوم ترجيحا لشرف المآل وهو الهجرة بالدين والوصول إلى ديار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.. وقصة مصعب بن عمير وأمه التي آلت على نفسها ألا تأكل أو تستظل، إلا أن مصعب لم يراع شعورها لأنه يوقع في المحظور وإن سرت مشاعر الشفقة والرحمة في نفسه على أمه.. وأعظم بها من مشاعر تلك التي نحو الأم..
فرعي المشاعر أصل إن كان في دائرة المباحات وحتى المندوبات بترك عمل مباح أو مندوب تطييبا لخاطر الغير ... فما سيق من أمثلة ينسجم مع هذا الذي ذكر. دون إهمال القيد (مالم يوقعك ذلك في المحظور)
هذا في حال تعارض المشاعر مع الشرائع..
أما في حال تعارض المشاعر مع المشاعر؛ فمعلوم أن المشاعر ليست على مرتبة واحدة فهي قسمة ربانية لا دخل لإرادة الإنسان فيها؛ فقد تسبق مشاعر الابن نحو زوجته مشاعره نحو أمه، وربما فاضت مشاعره على إحدى زوجاته (على ألا يوقع ذلك في المحظور دائما) فالترجيح يكون بأقوى المشاعر كقصة بريرة التي غلّبت مشاعرها على مشاعر مغيث رغم بكائه لأجلها.
لم أفهم هذه العبارة: "و كأني بهاتف يطرق سمعي : قد تصيبك سهام العين ؛ فتبلغ العدد المشروع !!!"
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

أبدعت و أجدت..ما رأيك لو بدأنا بتعريف الشعائر و المشاعر لغة و اصطلاحا...و لك فسحة من الأوقات تستجمع فيها أنفاسك ؛ لتخرج نفائس ما في القاع..
أما سهام العين التي قد تصيب ، فكأني بها عبارة لوح بها النظر في هذا الملتقى..فإن لم تشرح معانيها من قائلها ، سأتولى بيان مقاصدها قريبا شيخ بومدين..
خذ الوقت الكافي للتحقيق في هذا المهم الذي أهملها المفتي في فتاويه ، و المجتهد في أحكامه...
و لتكن الغاية التي ننشدها :" أثر رعي الشعائر و المشاعر في الفتوى و الاجتهاد "
 
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

زادك الله علما وأدبا وورعا شيخنا الكريم
غاية لا ينشدها إلا لبيب .. لكني أخشى أن يخون قصورُ فهمي علمَك ورجاحة عقلك؛ فتتباعد الغايات لتباين الأفهام..
دعني أفكر... ربما أغامر وعلى الله التكلان.
" أثر رعي الشعائر و المشاعر في الفتوى و الاجتهاد " رعي الشعائر أصل يرجع إليه كل مفت ومجتهد، أما رعي المشاعر فهو المغيّب في الاجتهاد والفتوى، فلمَ لا تكون الغاية المنشودة:"أثر رعي مشاعر المكلف في الفتوى والاجتهاد"؟
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

أنت أهل لذلك إن شاء الله.. و معنا أقلام رائدة و عيون ساهرة ، إن أخطأنا قومت اعوجاجنا...نحن مع قوم لا يؤخر النقد عندهم عن وقت الحاجة..
و إني لا أرى حرجا فيما نكتب..و ليكن التصنيف على مقتضى ما انتخبت بارك الله فيك ؛ على أن نبدأ بالحقائق و المعرفات..
 
إنضم
22 مارس 2011
المشاركات
48
الكنية
أبو علي
التخصص
هندسة مدنية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

أيها الشيخ الفاضل، إن مجالسكم لتُذكر بمجالس الإمام أبي حنيفة...
لقد طالعت الموضوع ليلة أمس فوجدته قولا ثقيلا ودرة ثمينة، ولعل الأستاذ الفاضل بومدين حفظه الله يتتبع تفاصيله ويرتب مسائله، أما هذه الكلمات فلا تعدو أن تكون خواطر انقدحت في الذهن فأحببت تسجيلها:
إن كل عقبة مستعصية في الشريعة تُذلل إذا سُلط عليها المنهج المقاصدي، وجوهر هذا المنهج هو ميزان دقيق توزن به المصالح والمفاسد المعتبرة...
والذي ظهر لي من أمر التفاعل بين المشاعر والشعائر ما يلي (وقد سمحت لنفسي بهذا الأسلوب المتجرئ، فهو نتيجة لمراعاة الشيخ لمشاعر الطلبة، وقصده من ذلك تحريضهم على المشي، والمشي يؤدي إلى التعثر، والتعثر يؤدي إلى التعلم):
1- مراعاة الشارع لمشاعر المكلفين عند التكليف وذلك بشتى الطرق ومنها التأنيس (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)، ومنها التلميح حين يشق على المكلف التصريح ...
2- التأكيد على اعتبار المشاعر التي ينبني عليها جلب مصلحة أو درء مفسدة، كاعتبار النبي صلى الله عليه وسلم لمشاعر المنافقين، أو كقوله يوم الفتح (ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن)، وكذلك تسمية اليهود والنصارى بأهل الكتاب وما فيها من الاعتبار للمشاعر مما يحقق مقاصد الجمع والجلب والتأليف، ومن ذلك اعتبار مشاعر الخصم أثناء الحوار (وإنا أو اياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين).
3- لا حرج في اعتبار المشاعر وتقديمها على أمر مباح أو مندوب أو مستحب، وبخاصة إذا كانت المصلحة في المباح مرجوحة، أو المفسدة في عدم اعتبار المشاعر راجحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك التعدد تقديما لمشاعر خديجة التي آزرته في أوج المحنة، وتزوج على عائشة تقديما لمصلحة تشريع التعدد، ولكن مع جبر للمشاعر كلما سنحت الفرصة، فلما سئل صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه قال: عائشة، قيل: ومن الرجال، قال: أبوها.
4- عدم اعتبار المشاعر حال التعارض الصريح مع الحق، فمقابل منع علي من الزواج من ابنة أبي جهل، نجده صلى الله عليه وسلم يقول في موقف آخر (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، فلا مكان للمشاعر إذا تعارضت مع إقامة الحق أو وافقت مواقعة المحظور، كما قرره شيخنا من قبل. ومن هذا النوع (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا)، ومن ذلك أيضا: لما ربط بعض الصحابة بين خسوف الشمس وموت إبراهيم، قال المصطفى، مفرقا بين مشاعر الأبوة وحقيقة النبوة (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله...).
5- وإذا كانت المشاعر غالبة وأمكن تأثيرها على الحق وجب التوقف حتى يزول أثرها (لا يقضي القاضي وهو غضبان)، ومن ذلك إسقاط المؤاخذة عن الذي أخطأ من شدة الفرح (صاحب الضالة).
6- الجمع بين الشعائر والمشاعر ما وُجد إلى ذلك سبيل، وتأمل موقف إبراهيم عليه السلام حين أُمر بذبح ابنه، هل تملكته المشاعر وترك الشعائر، كلا، لقد حقق الشعائر دون إلغاء المشاعر التي تجلت في حواره الرقيق مع فلذة كبده (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك) والقصة كلها تلاحم بين المشاعر والشعائر... وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم ينكر المنكر ويعتبر المشاعر، فيلمح ولا يصرح، كما ثبتت مراعاته للمشاعر حتى أثناء إقامة الحدود (قصة ماعز).
وأخيرا إذا تأملنا فلسفة العبادات وجدناها ترويضا للمشاعر لتكون دوما تابعة للشعائر (حتى يكون هواه تبعا لما جئت به).
وأعتذر عن الإطالة.
 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: بين الشعائر و المشاعر

بارك الله في شيخنا الأخضري وبارك فيكم جميعاً على هذه الفوائد ونفع بكم.
وأنقل لكم أمثلة لرعي المشاعر ذكرها الشيخ مصطفى العدوي؛ إذ يقول:

جاءت تكاليف الشريعة وفق استطاعة المكلف، قال تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، ومن أعظم سمات هذا الدين رفع الحرج عن المكلفين، ومراعاة قدراتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، وهذا دليل على أن الإسلام دين يسر وسهولة، لا دين مشقة وحرج.

مراعاة مشاعر الأحياء بالكف عن موتاهم:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. وبعد: فقد جاء الشرع الكريم بالرحمة والرأفة ورفع الحرج، فما جعل علينا في الدين من حرج، وراعى قدرات الخلق وإمكاناتهم وأجاز أموراً ممنوعة للضرورة، قال تعالى إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:173] ، وقال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]، فالشاهد من ذلك: أن قدرات الناس يجب أن تراعى، وكذلك الأحاسيس والمشاعر. ومن ذلك: مجيء عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات أبوه عبد الله بن أُبي، وكان رأس المنافقين كما هو معلوم، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! استغفر لأبي، وألبسه قميصك!) يعني: لعله أن يُرحم بسبب ذلك، وكان هذا قبل أن ينزل قول الله تبارك وتعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] ، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ما طلبه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول منه، فاستخرجه وألبسه قميصه، ونفث فيه من ريقه واستغفر له، ولما جاء عمر وقال: يا رسول الله! تستغفر له وقد قال كذا يوم كذا وكذا؟ فقال: (أخر عني يا ابن الخطاب ! إني خُيرت فاخترت) يعني: أن الله قال: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [التوبة:80]. فما دام أنه لم يكن هناك نهي وثمّ جبر لخاطر عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول وهو رجل مؤمن؛ فلا مانع من جبر الخاطر وتهدئة المشاعر، لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخر عني يا ابن الخطاب !) إلى أن نزل قوله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] ، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. ومن مراعاة الأحاسيس أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) ، فسب الأموات فيه أذىً للأحياء، ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الأموات مراعاة لأحاسيس الأحياء، والله تبارك وتعالى أعلم. اللهم! إلا إن كان هذا الميت قد سن سنة سيئة في المسلمين، فحينئذٍ يُذكر للتحذير منه، كما قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ [القصص:8] ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار) يعني: أمعاءه، إذ هو أول من سيب السوائب، فكان يأتي إلى الناقة فيشق أذنها ويقول: هذه سائبة، أي: متروكة للآلهة لا تقرب بسوء ولا ينتفع بها ولا بلبنها، ولا بأصوافها ولا بأوبارها. فالشاهد من ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عمرو بن لحي؛ لكونه سيب السوائب، وذكر أنه رآه يجر قصبه في النار، وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ [المسد:1-2]، فالشاهد: أن لمسألة سب الأموات فقهاً، وأن الأصل عدم سب الأموات، اللهم إلا إذا دعت ضرورة لسبهم ولبيان أحوالهم؛ لكونهم سنوا في الناس سنناً سيئة، فحينئذٍ يُذكرون بمساويهم؛ حتى يحذرهم الناس، ويحذروا سننهم، والموفَّق هو الله سبحانه وتعالى. أما إذا لم تكن ثمّ حاجة إلى ذكرهم بسوء، فحينئذٍ يضرب الذكر صفحاً عنهم، قال فرعون لموسى على نبينا وعلى موسى السلام: فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى [طه:51-52] ، وقد قال عدد من العلماء لما سُئلوا عن الخلافات التي دارت بين الصحابيين الكريمين علي ومعاوية رضي الله عنهما، قالوا: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:134].......

مراعاة المشاعر والأحاسيس بمراعاة القدرات:

من مراعاة المشاعر القدرات: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أدخل الصلاة أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه عليه) ، فيخفف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة؛ بسبب بكاء الصبي شفقةً عليه وعلى أمه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ بن جبل لما صلى بالناس صلاة العشاء وأطال في الصلاة إذ استفتح بالبقرة، فانفض رجل من خلف معاذ وفارقه وأتم صلاته وحده، فبلغه أن معاذاً نال منه، فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكوه إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفتانٌ أنت يا معاذ !؟ أفتانٌ أنت يا معاذ !؟ أفتانٌ أنت يا معاذ !؟ من صلى بالناس فليخفف؛ فإن من ورائه الضعيف والسقيم وذا الحاجة، وإذا صلى لنفسه فليطول ما يشاء) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. ......

مراعاة المشاعر والأحاسيس بدفع الشبه:

من مراعاة الأحاسيس والمشاعر أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم لدفع الشكوك عن شخصين من أصحابه: (على رسلكما إنها صفية )، فقد جاءت صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تزوره في معتكفه، فمكثت عنده ساعة، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم يردها إلى بيتها، وكان بيتها قريباً من دار أسامة بن زيد، فرآها رجلان من الأنصار فأسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنها صفية!) فقالا: سبحان الله! وشق ذلك عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً -أو قال: شراً- فتهلكا ). ......

مراعاة المشاعر والأحاسيس بتجنب النَّجوى:

من مراعاة الأحاسيس والمشاعر أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجَ اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه)، وعلى الإطناب يقول العلماء: إذا كنتم خمسة فلا يتناجَ أربعة دون الخامس، وإذا كنتم عشرة فلا يتناجَ تسعة دون العاشر، كل ذلك لدفع الشكوك عن المسلمين، ولمراعاة مشاعر المسلمين وجبر خواطرهم، لكن إن دعت ضرورة إلى التناجي حينئذٍ يُتناجى بالقدر الذي تدعو إليه الضرورة، وإلا فرب العزة يقول: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [المجادلة:10]، وقد ناجى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة في حضور أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، وعنده سائر أزواجه أيضاً، فخص فاطمة رضي الله تعالى عنها بسر، فسألتها عائشة رضي الله عنها عن سر النبي صلى الله عليه وسلم فلم تبح لها به، ثم لما مات صلى الله عليه سولم أباحت لها به، لدفع الشكوك عن عائشة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ......

مراعاة المشاعر والأحاسيس بترك بعض المندوبات لتأليف القلوب:

من مراعاة المشاعر أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعائشة: (يا عائشة ! لولا أن قومكِ حديثو عهد بكفر؛ لنقضت الكعبة ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولكن أخشى يا عائشة ! أن تنكر قلوبهم). ......

مراعاة المشاعر والأحاسيس بدفع الشكوك عن المسلمين:

من أبواب مراعاة المشاعر والأحاسيس: دفع الشكوك عن المسلمين، وفي ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الخصوم ليقضي بينهما قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده! لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل) وذلك كالوارد في حديث العسيف لما جاء النبي رجل فقال: يا رسول الله! إن ابني كان عسيفاً عند هذا فزنا بامرأته -أي: كان أجيراً عند هذا فزنا بامرأته- وإنهم قضوا بأن على ابني مائة شاة ووليدة، وإني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مطيباً الخواطر: (والذي نفسي بيده! لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل). وكذا لما جاء بنو مخزوم إلى النبي عليه الصلاة والسلام يستشفعون عنده بـأسامة بن زيد كي يتجاوز عن قطع يد السارقة، قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) كل ذلك لدفع الظنون والشكوك عن هؤلاء القوم. فهذا باب يجب أن يُراعى، ألا وهو مراعاة الأحاسيس والمشاعر والقدرات، ودوماً الموفق من وفقه الله، وفقنا الله وإياكم لكل خير، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ......

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=125675
 
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

[FONT=&quot]بارك الله فيك شيخ نبيل على هذا الإثراء الموفق .. فليتك تسهر على ضبط ما سيذكر في هذا الباب فتقوم اعوجاجه وتصحح أخطاءه... بعد إذن شيخنا الموفق الأخضري - حفظه الله -
[/FONT]
[FONT=&quot] ما ذكر من فروع، بيان على تواطؤ العلل في أن حفظ مشاعر المكلفين مصلحة مقصودة شرعا لكنها لا ترقى إلى الضروري ولا الحاجي، بل هي مكملة لهما وإبطالها مدخل للإخلال بهما، فلا مكان لها في منظومة المقاصد سوى دائرة التحسينيات؛ إذ بها يكمل نظام الأمة حتى تعيش آمنة مطمئنة ولها بهجة منظر المجتمع في مرأى بقية الأمم.[/FONT]​
[FONT=&quot]وفروع - ذلك غير ما ذكر - كثيرة (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم .. ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ...)، نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخلي في قارعة الطريق، ونهيه عن ترويع المسلم، بل نهيه حتى عن نظرة مخيفة يوجهها مسلم لأخيه... [/FONT]​
[FONT=&quot]ومصلحة حفظ المشاعر مركوزة في الطبائع ولم تخل جماعة من البشر ذات تمدن من رعيها وإنما تتفاضل الشرائع بكيفية الوسائل الموصلة إليها.[/FONT]​
[FONT=&quot]فالولوج إلى هذا المهم يكون من هذا الباب وتحقيق مداخله ومخارجه يكون باستقراء الوسائل الموصلة إليه في منظومة الأحكام الشرعية والخروج منه يكون بحصر ضوابط هذه المصلحة والارتقاء بها من التوصيف إلى الاستدلال لتيسير نوط الأحكام بها في باب الإفتاء والاجتهاد والقضاء... [/FONT]​
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

يا أهل الخير و المعارف // الشيخ نبيل ، و الأستاذة المتخصصة ، و الشيخ بومدين ، و كل متابع..
تأخر هذا المدد العامر ، و يئس الظمآن حتى أهلت سحابة عين غدقية..؛ فقد أنشأت شرقية ، ثم تشاءمت بعدما ظننا الإساءة من حيث قصدنا الإحسان...لقد راودني شعور بعدم التوفيق في هذا الموضوع ، و ألقيت بما لا يجوز نشره في موقع التزمنا فيه بقواعد الأدب...
حفظ الله أقلامكم التي تكتب بهدي من الله سبحانه..
 
التعديل الأخير:
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
21
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الشريعة والقانون
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
المالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

ما فهمت مقصود الكلام يا شيخنا الفاضل
 
إنضم
5 أغسطس 2010
المشاركات
837
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
أصول الفقه
المدينة
عين تموشنت
المذهب الفقهي
مالكي
رد: بين الشعائر و المشاعر

شيخ بومدين المحترم // عند أختنا القديرة أم طارق فك هذا اللغز..و إني أحيل عليها لبيان ما انغلق..إذا شاءت مشكورة غير مأمورة..
 
أعلى