العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

إنضم
28 مارس 2011
المشاركات
12
التخصص
الفقه - علم النفس
المدينة
لاهاي
المذهب الفقهي
مالكي
الحمد لله الذي رفع بالعلم درجات أهله، و حثهم على سلوك طريقه و كسبه، و أثابهم على سلوكهم طريق حمله، و وعدهم بالبشارة في الدارين على إيصاله و نقله؛ و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله تعالى أجمعين، سيدنا محمد المبعوث بالرحمة المطلقة لخلقه؛ و على آله و أزواجه و صحابته من بعده،
و بعد،
الخبر الواحد كما عرفه الإمام القرافي في ((شرح تنقيح الفصول)): "هو خبر العدل الواحد أو العدول المفيد للظن". و عرفه الباجي في ((إحكام الفصول)) بقوله:"و حد خبر الآحاد عند أهل الأصول ما لم يقع العلم بخبره ضرورة من جهة الإخباربه، و إن كان الناقلون له جماعة".اهـ.
و عرفه ابن الحاجب في ((المختصر الأصولي)) بأنه:"خبر لم ينته إلى التواتر".
و التعاريف التي نقلتها تجتمع على أركان لخبر الآحاد متفقة، و يمكن تلخيصها في قولنا بأن خبر الآحاد هو الحديث أو الفعل أو التقرير الذي رواه واحد عدل فطن مأمون ثقة، أو من في حكمه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و الركن الأساس في هذه التعريفات كلها و الذي له صلة بموضوعنا هو إفادة الخبر الآحاد للظن دون العلم و الذي اشار إليه غير واحد من الأصوليين.
قال الباجي في ((الإشارات)):" و أما خبر الآحاد فما قصر على التواترو ذلك لا يقع به العلم و إنما يغلب على ظن السامع له صحته لثقة المخبر عنه، لأ، المخبر و إن كان ثقة يجوز عليه الغلط و السهو كالشاهد". اهـ.
و لما كان خبر الواحد - عند الجمهور - مفيدا للظن دون العلم فقد قرروا رده و التوقف فيه إن لم يستوف شروط العمل به.
قال الخطيب في ((الفقيه و المتفقه))، ((باب ما يرد به خبر الواحد))... و إذا روى الثقة المأمون خبرا متصل الإسناد بأمور:
أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول و أما بخلاف العقول فلا.
الثاني: أن يخالف نص الكتاب و السنة المتواترة فيعلم أن لا أصل له أو منسوخ.
الثالث: أن يخالف الإجماع فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له ...
الرابع: أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه، فيدل على أنه لا أصل له، لأنه لا يجوز أن يكون له أصل و ينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم.
و الخامس: أن ينفرد برواية ما جرت به العادة بأن ينقله أهل التواتر فلا يقبل لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية". اهـ.
و من الذين شذوا من المالكية نجد ابن خويزمنداد فقال: يقع العلم بخير الواحد، معتمدا على شبه أدلة. و الذي عليه التعويل قول الخطيب.
أما إفادة خبر الآحاد للعمل فعليه إجماع الأمة. و أنكر ذلك جماعة من أهل البدع و الزيغ، و استدل الأصوليون على حجية خبر الواحد بأدلة من الكتاب و السنة و الإجماع و المعقول، مفصلة في كتبهم. و حجيته عند المالكية هو كما يأتي:
قال ابن القصار في ((المقدمة في الأصول)): " و مذهب مالك رحمه الله قبول خبر الواحد العدل و أنه يوجب العمل دون القطع على عينه،و به قال جميع الفقهاء، و قد احتج بذلك في المتبايعين بالخيار ما لم يتفرقا، و كذلك في غسل الإناء من ولوغ الكلب و في مواضع كثيرة".
و قال ابن عبد البر في مقدمة ((التمهيد)): " و أصل مذهب مالك رحمه الله و الذي عليه جماعة أصحابنا المالكيين أن مرسل الثقة تجب به الحجة و يلزم به العمل كما يجب بالمسند سواء".
و قد أجمع أهل العلم من أهل الفقه و الأثر في جميع الأمصار - فيما نعلم - على قبول الخبر الواحد العدل و إيجاب العمل به إذا ثبت و لم ينسخه غيره من أثر أو إجماع على هذا جميع الفقهاء، في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج أو طوائف من أهل البدع شرذمة لا تعد خلافا.

يتبع ...
 
إنضم
5 أبريل 2011
المشاركات
37
الجنس
ذكر
الكنية
بن مصدق
التخصص
مهندس
الدولة
تونس
المدينة
تونس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

السلام عليكم و رحمة الله...مازلنا بالانتظار لما يُتبع حفظك الله تعالى
 
إنضم
16 نوفمبر 2008
المشاركات
142
التخصص
هندسة كهرباء
المدينة
غريان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

بارك الله فيك اخي الكريم على هذا التوضيح
 
إنضم
19 أكتوبر 2014
المشاركات
12
الكنية
أبو سليمان
التخصص
الاتصال والإعلام
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

جزاك الله خيرا
 
إنضم
10 مايو 2015
المشاركات
219
الجنس
ذكر
الكنية
د. كامل محمد
التخصص
دراسات طبية "علاج الاضطرابات السلوكية"
الدولة
مصر
المدينة
الالف مسكن عين شمس
المذهب الفقهي
ظاهري
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فتكملة لموضوعكم الكريم احب ان اوضح النقاط التالية:
(و أما خبر الآحاد فما قصر على التواترو ذلك لا يقع به العلم و إنما يغلب على ظن السامع له صحته لثقة المخبر عنه، لأن المخبر و إن كان ثقة يجوز عليه الغلط و السهوكالشاهد)
والجواب:
أنه هل يمكنأن يكون هناكأمر أو نهى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلمومات عليه السلام وهو باقٍ لازمٌ لنا غير منسوخ ، فَجُهِلَحتى لا يعلمه علم يقين أحد أبداً ؟.
وهل يمكنأن يكون حُكْمٌ وَهَمَ فيه المحدث قد اختلطبأحكام الشريعة بحيث لا يميزه أحد أبداً "؟ أم لا يمكن؟
فإن قلنا :
لا يمكنان أبداً ، بل قد أَمِنَّا ذلك ، صرنا إلى القول بأن كلامه عليه السلام كلـه محفوظ بحفظ اللـه عزَّ وجلَّ مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء وعليه فخبر الواحد العدل عن مثله مسنداً إلى رسول الله حق موجب للعلم والعمل . لانه إن جاز عليه الوهم لم يكن الذكر محفوظاً .
وإن قلنا:بل كل ذلك ممكن كنا قد حكمنا بأن دين الإسلام قد فسد وبطل أكثره.
وأيضاً: قال الله تعالى:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِمَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[SUB][النحل: 44].[/SUB] وقد قال تعالى:{يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[SUB][المائدة:67][/SUB].
فهل بيّن رسول الله ما أنزل الله إليه أو لم يبين ؟ وهل بلغ ما أنزل الله إليه أو لم يبلغ ؟ ولا بد من القول بأنه قد بلغ ما أنزل الله إليه وبينه للناس.
فنسأل عندئذٍ عن ذلك التبليغ
وذلك البيان : أهما باقيان إلى يوم القيامة ؟ أم هما غير باقيين ؟
فإن قلنا :
هما باقيان إلى يوم القيامة فيلزم منه أن خبر الواحد العدل عن مثله مسنداً إلى رسول الله حق موجب للعلم والعمل.
وإن قلنا : بل هما غير باقين ، دخلنا في عظيمة وقطعنا بأن كثيراً من الدين قد بطل.
يقول الله سبحانه و تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[SUB][المائدة: 3][/SUB] وكل ذلك باق علينا ولنا إلى يوم القيامة و ليس ذلك للصحابة رضي الله عنهم فقط.
وأيضاً : فإن الاجماع منعقد على أن رسول الله معصوم من الله تعالى في البلاغ في الشريعة .هذه العصمة التي جعلها الله تعالى لرسوله عليه السلام في تبليغه الشريعة التي بُعَث بها ؟ أهي له عليه السلام في إخباره الصحابة بذلك فقط ؟ أم هي باقية لما أتى به في بلوغه إلينا وإلى يوم القيامة؟ و لا بد من القول بأن العصمة واجبة في التبليغ للديانة باقية مضمونة ولا بد إلى يوم القيامة كما كانت قائمة عن الصحابة رضي الله عنهم سواء بسواء . وعليه فإن نقلة الأخبارالشرعيةالتي قالها رسول الله عليه السلام معصومون في نقلها وإن كل واحد منهم معصوم في نقله من تعمد الكذب أو وقوع الوهم منه إلاببيان وارد ولا بد من الله تعالى ببيان ما وَهَمَ فيه ، كما فعل تعالى بنبيه إذ سلم من ركعتين ومن ثلاث واهماً ، لقيام البراهين بحفظ جميع الشريعة وبيانها مما ليس منها.
وبهذا نكون قد أمنَّا ولله الحمد أن تكون هناك شريعة أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ندب إليها أو فعلها فتضيع ولم تبلغ إلى أحد من أمته.
وأمنَّا قطعاً أن يكون الله تعالى يفرد بنقلها من لا تقوم الحجة بنقله.
وأمنَّا قطعاً أن تكون شريعة يخطىء فيها راويها الثقة ولا يأتي بيان جليّ واضح بصحة خطئه فيه.
البراهين على صحة قبول خبـر الآحـاد
يقول الله عز وجل:{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌلِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ{[SUB][التوبة 122].[/SUB] ففي هذا الأمر إيجاب قبول نذارةمنْ نَفَر ليتفقه في الدين والطائفة في لغة العرب يقع على الواحد فصاعداً ، وطائفة من الشيء بمعنى بعضه هذا ما لا خلاف بين أهل اللغة فيه[SUB]. [[/SUB][SUB]والطائِفَةُ من الشيءِ: القطْعَةُ منه، أو الواحِدُ فَصاعِداً، أو إلى الأَلْفِ، أو أقَلُّها رجُلانِ أو رَجُلٌ، فيكونُ بمعنى النَّفْسِ.القاموس المحيط: مادة طوف][/SUB]
وبرهان آخر ، وهو أن رسول الله عليه السلام بعث رسولاً إلى كل ملك من ملوك الأرض المجاورين لبلاد العرب وأمرهم بتعليم من أسلم شرائعَ الإسلامِ فقد ألزم النبي عليه السلام كل ملك ورعيته قبول ما أخبرهم به ذلك الرسول وبَعْثة هؤلاء مشهورة لا يشك فيها أحد.
وبرهان آخر
:قال الله تعالى :{ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[SUB][الحجرات:6]. [/SUB]
فلا يخلو
النافر للتفقه في الدين من أن يكون عدلاً أو فاسقاً فإن كان فاسقاً فقد أمرنا بالتبين في أمره من طرق اخرى، فأوجب ذلك سقوط قبول خبره ، فلم يبق إلا العدل.فكان هو المأمور بقبول نذارته؛
فصح بهذا كله خبر الواحد العدل عن مثله مسنداً إلى رسول الله حق موجب للعلم والعمل
.
(و لما كان خبر الواحد - عند الجمهور - مفيدا للظن دون العلم فقد قرروا رده و التوقف فيه إن لم يستوف شروط العمل به).
وقد تبين بالبراهين السبقة أن كل ما نقله الثقة عن الثقة مبلغاً إلى رسول الله من قرآن أو سنّة ففرض قبوله ، والإقرار به والتصديق به، واعتقاده والتدين به.
(باب ما يرد به خبر الواحد
أحدها:أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه، لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول و أما بخلاف العقول فلا).
وكما ثبت سابقاً
فلن توجد شريعة يخطىء فيها راويها الثقة ولا يأتي بيان جليّ واضح بصحة خطئه فيه. كأن يعترف الراوي بأنه أخطأ فيه أو يشهد عدل على أنه سمع الخبر مع راويه فوهم فيه فلان أو توجب المشاهدة بأنه أخطأ.
(الثاني:أن يخالف نص الكتاب و السنة المتواترة فيعلم أن لا أصل له أو منسوخ.الثالث:أن يخالف الإجماع فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له)
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ, عَنِ الْهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[SUB] [النجم 3،4][/SUB]
وَقَالَ تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ, وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[SUB][الاعراف:3]
[/SUB]
وَقَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[SUB] [المائدة 3 ][/SUB]
فَإِنْ وجدنا تعارض بين آيَتَينِ أَوْ حَدِيثَينِ صَحِيحَينِ, أَوْ حَدِيث صَحِيح وَآيَة, فَالْوَاجِبُ اسْتِعْمَالُهُمَا جَمِيعًا, لإِنَّ طَاعَتَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْوُجُوبِ, فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ أَحَدِهِمَا لِلآخَرِ مَا دُمْنَا نَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وهذ له مبحث آخر فى التعارض والترجيح ليس هذا محله.
(الرابع:أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه، فيدل على أنه لا أصل له، لأنه لا يجوز أن يكون له أصل و ينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم.)
والجواب:
إن خبر الواحد وخبر الجماعة سواء في باب وجوب العمل بهما، وقد ترك جميع علماء الأمة ظاهر القرآن الذي نقله أهل الأرض كلهم لخبر نقله واحد، مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها ومثل هذا كثير. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا ثُمَّ يَتْلُو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [SUB][البقرة: 159، 160][/SUB]إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لَا يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لَا يَحْفَظُونَ» [SUB][البخاري:كِتَاب الْعِلْمِ بَاب حِفْظِ الْعِلْمِ].[/SUB] وهذا الحديث وإن كان منقولاً من طريق الآحاد، فإن البرهان يضطر إلى تصديقه، فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا ذوي معايش يطلبونها، ويحضر رسول الله في كل وقت منهم الطائفة إذا وجدوا فراغ هذا ما لا يستطيع أحد أن ينكر فإذا وجد أحدهم فرصة حضر وسمع فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ" [SUB][جزء من حديث رواه مسلم: كِتَاب الْجُمُعَةِ؛ بَاب وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ مِنْ الرِّجَالِ] [/SUB] فبطل قول من قال: إنه لا يجوز أن يغيب حكمه عليه السلام عن الأكثر ويعلمه الأقل.
(و الخامس:أن ينفرد برواية ما جرت به العادة بأن ينقله أهل التواتر فلا يقبل لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية")
إنه يلزم عن أن نعدهم كلهم، ثم تعرف من قال بأحد القولين؛ وتعرف عدد من قال بالقول الثاني، وهذا أمر لم يفعل قط في شيء من المسائل. وقد رجع الصحابة من قول إلى قول، وخالف كل إمام منهم الإمام الذي كان قبله: فقد كانت الضوال أيام عمر مهملة لا تمس، ثم رأى عثمان بيعها. وهؤلاء عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود، يرون رد فضلات المواريث على ذوي الأرحام، وزيد بن ثابت وحده يرى رد الفضل على بيت المال دون ذوي الأرحام، وقد ترك المالكية والشافعية قول الأئمة من الصحابة وقول الجمهور منهم، وأخذوا بقول زيد وحده. وكذلك فعلوا في الأقراء فقالوا هي الأطهار، وجمهور الصحابة على أنه الحيض، والأقل على أنها الأطهار. والله من وراء القصد.
 

ياسين الخليفة

:: متابع ::
إنضم
3 يناير 2010
المشاركات
6
الجنس
ذكر
الدولة
السودان
المدينة
القضارف
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

هذا بحث فصلي لي بعنوان: (خبر الآحاد تعريفه وحجيته) فيه تحرير جيد لبعض المسائل في خبر الآحاد
 

المرفقات

  • (خبر الآحاد تعريفه وحجيته) (ياسين الخليفة الطيب المحجوب).pdf
    1.7 MB · المشاهدات: 1
التعديل الأخير:

عيسى محمد

:: متابع ::
إنضم
29 يناير 2014
المشاركات
97
التخصص
فقه وأدب
المدينة
العين حرسها الله
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

وقال أبو بكر
بن العربي (في المحصول في أصول الفقه ص115): "أما الثاني: الذي يوجب العمل دون
العلم فهو خبر الواحد المطلق عما ينفرد بعلمه، وقال قوم: إنه يوجب العلم والعمل
كالخبر المتواتر، وهذا إنما صاروا إليه بشبهتين دخلتا عليهم، إما لجهلهم بالعلم،
وإما لجهلهم بخبر الواحد، فإنا بالضرورة نعلم امتناع حصول العلم بخبر الواحد وجواز
تطرق الكذب والسهو عليه".

وقال أبو الوليد الباجي (في الإشارات في الأصول
المالكية ص34): "وأما خبر الآحاد فما قصر عن التواتر، وذلك لا يقع به العلم، وإنما
يغلب على ظن السامع له صحته؛ لثقة المخبر به؛ لأن المخبر وإن كان ثقة يجوز عليه
الغلط والسهو، كالشاهد. وقال محمد بن خويز منداد: يقع العلم بخبر الواحد، والأول
عليه جميع الفقهاء".

وقال (في إحكام الفصول ص329-330): "إذا ثبت ذلك فلا بدّ
أن يزيد هذا العدد على أربعة، خلافا لأحمد وابن خويز منداذ وداود في قولهم: إن خبر
الواحد يقع به العلم... والذي عندي أن الغلط إنما دخل على هذه الطائفة من أن العمل
بأخبار الآحاد معلوم وجوبه بالقطع واليقين، وأما ما يتضمنه من الأخبار فمظنون؛ فلم
يتميز لنا العلم بوجوب العمل من العلم بصحة الخبر. وقد قال أبو تمام البصري: إن
مذهب مالك في أخبار الآحاد أنها توجب العمل دون العلم؛ وعلى هذا فقهاء الأمصار
والآفاق، وبه قال جماعة من أصحابنا، القاضي أبو الحسن والقاضي أبو محمد والقاضي أبو
الفرج والقاضي أبو بكر محمد بن الطيب والشيخ أبو بكر الأبهري وسائر أصحابنا إلا من
ذكرناه. وبه قال أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة وعامة العلماء".

وقال
القرافي (في الذخيرة ج1 ص115-116): "والإجماع المروي بالآحاد حجة خلافا لأكثر الناس
لأن هذه الإجماعات وإن لم تفد القطع فهي تفيد الظن والظن معتبر في الأحكام كالقياس
وخبر الواحد...". وقال (ج1 ص120): "خبر الواحد وهو خبر العدل أو العدول المفيد للظن
وهو عند مالك رحمه الله وعند أصحابه حجة".

· وقال الحطّاب (في قرة العين
لشرح ورقات إمام الحرمين ص63): "(والآحاد) هو ما لا يبلغ إلى حد التواتر (هو الذي
يوجب العمل) بمقتضاه (ولا يوجب العلم) لاحتمال الخطأ فيه، ولو بالسهو
والنسيان".

· وقال الشيخ الطاهر بن عاشور (في مقاصد الشريعة الإسلامية
ص189): "... وإن كانت الأدلة من السنة فهي كلها أخبار آحاد، وهي لا تفيد القطع ولا
الظنّ القريب منه". وقال (ص237): "... قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا
ضرار)، خبر آحاد وليس بقطعي النقل عن الشارع، لأن السنة غير المتواترة ليست قطعية
المتن".

· وقال (في التحرير والتنوير ج1 ص139) في بيان هل البسملة آية من
أوائل السور أم لا: "فأما المسلك الأول فللمالكية فيه مقالة فائقة للقاضي أبي بكر
الباقلاني وتابعه أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن والقاضي عبد الوهاب في كتاب
الاشراف، قال الباقلاني: "لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتها إما التواتر
أو الآحاد، والأول باطل لأنه لو ثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري
بذلك ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمّة، والثاني أيضا باطل لأن خبر الواحد لا
يفيد إلا الظن فلو جعلناه طريقا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية،
ولصار ذلك ظنيا، ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان
والتغيير والتحريف". اه وهو كلام وجيه والأقيسة الاستثنائية التي طواها في كلامه
واضحة لمن له ممارسة للمنطق وشرطياتها لا تحتاج للاستدلال لأنها بديهية من الشريعة
فلا حاجة إلى بسطها".
 
إنضم
2 سبتمبر 2012
المشاركات
423
الكنية
جلال الدين
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
انواكشوط -- أطار
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

التنظير الاصولي عند المالكية يقف عتد ابن الحاجب
وأما من اتى بعده فهو متأثر بالمذاهب الاخرى كثيرا وخاصة كتب الشافعية
 
إنضم
20 نوفمبر 2015
المشاركات
16
الجنس
ذكر
التخصص
شريعة
الدولة
ليبيا
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
مالكي
رد: خبر الآحاد و حجيتهُ عند المالكية

و من الذين شذوا من المالكية نجد ابن خويزمنداد فقال: يقع العلم بخير الواحد، معتمدا على شبه أدلة. و الذي عليه التعويل قول الخطيب.

للشيخ الأزهري المشرف بمنتدى الأزهريين بحث عن ابن خويز منداد عنونه ب (تفنيد الاعتداد بغرائب ابن خويز منداد ) وهو ماتع في بابه ، نفعنا الله بعلومه .
 
أعلى