العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
#للوصول إلى الفهرس اضغط#
هنا
# ولتحميل الكتاب كاملا اضغط #
هنا
تم الفراغ من شرح الكتاب كاملا بتاريخ 30-1-2012


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد...
فقد بدأت أكتب شرحا ميسرا في علم المنطق على متن إيساغوجي للشيخ أثير الدين الأبهري رحمه الله.
وسأضع ما أكتبه على شكل فقرات صغيرة بحسب ما يتيسر لي كتابته ثم يكون المجال مفتوحا للمناقشة والمباحثة بعد كل فقرة.
فإذا فرغت من الدرس الأول جمعته في ملف وأضفت عليه المخططات وهكذا أفعل إلى النهاية.
راجيا من الإخوة أن يساعدوني على تذليل هذا العلم بمناقشاتهم وإضافاتهم.
والله أسأل أن يعيننا على الإتمام على خير إنه هو السميع العليم.

( الفقرة الأولى )

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

المنطق: مسائل يبحث فيها عن أحوال التعريف والدليل.
وفائدته: صون الذهن عن الخطأ في أثناء صياغة التعريف أو الدليل.

بمعنى أن التعريف والدليل لا غنى عنهما للإنسان إذْ هما الطريق للكشف عن أي مجهول ذلك أنه تارة يجهل الإنسان معنى شيء من الأشياء فيطلب العلم به وذلك بتعريفه كأن يجهل ما هو الغاز أو الماس أو الفيزياء أو الفقه أو المتواتر أو المنطق فيقال له هو كذا وكذا فهذا الجواب يسمى تعريفا لأنه يعَرِّفك بالشيء الذي تجهله. وتارة لا يجهل معنى شيء من الأشياء ولكن يريد أن يعرف أهو صحيح أو لا كأن يجهل هل أن الابتعاد عن الدين سبب لنهوض الأمة أو هل أن الفاعل مرفوع أو هل أن الله واحد أو هل أن لمس المرأة ينقض الوضوء فيطلب ما يثبت له صحة تلك القضايا وهذا هو الدليل وسمي دليلا لأنه يدلك ويرشدك إلى المطلوب. فعلم أنه تارة يواجه الإنسان مفردا يجهل معناه وتارة تواجهه قضية لا يعرف صحتها. فالمجهول الأول يرتفع بالتعريف والثاني يرتفع بالدليل. ثم إن التعريف والدليل كثيرا ما يتطرق إليهما الخطأ فلا يحصل معهما الإنسان على العلم فاحتيج إلى علم يبحث عن كيفية صياغة التعريف والدليل بشكل صحيح وتبيين الشروط اللازمة لذلك كي يتجنب الوقوع في الزلل فلذا وضعوا علم المنطق.

مثال: حينما تدرس المنطق فستعلم أن من مسائله هي: ( أن التعريف الصحيح للشيء لا بد أن يكون مانعا من دخول غير المعرّف في التعريف ). فإذا قيل لك ما الصلاة ؟ فقلت هي: عبادة ذات وضوء، فقد صار التعريف قاصرا وغير مانع لأن الطواف بالبيت الحرام عبادة ذات وضوء أيضا مع أنها ليست من الصلاة فحصل الخلل وهو دخول غير المعرف في التعريف أي دخول الطواف في تعريف الصلاة مما يسبب للمخاطب الخطأ وهو أنه سيفهم أن الطواف صلاة مع أنها ليست كذلك لأن القصد من التعريف هو جعله علامة على المعرّف يعرف به ما يدخل في التعريف وما لا يدخل.


مثال آخر: حينما تدرس المنطق فستعلم أن من مسائله هي: ( أنه يشترط في الدليل أن لا ينتقض ) أي لا توجد صورة ومثال يوجد فيها الدليل ولا يوجد معها المدلول.
فإذا قال النصراني: إن عيسى إله والدليل عليه هو أنه خُلق من غير أب فدل على أنه ليس مثل البشر. قلنا فيلزم على دليلك هذا أن يكون آدم إلها أيضا لأنه خلق من غير أب بل ومن غير أم ولا قائل بإلوهيته فدل على أن خلق الإنسان من غير أب لا يدل على إلوهيته. فهنا أبطلنا الدليل ببيان تخلفه وهو المسمى بالنقض.

وهنا نصل إلى نقطة مهمة وهي ما حاجتنا لدراسة المنطق؟
والجواب: إن الحاجة تكمن في وضع ضوابط علمية للتعريف والدليل تمنع الزلل فيهما.

فإن قيل: فإذا كانت حاجته بهذه الأهمية فلم استغن عنه السلف؟
والجواب: لاستقامة عقولهم وصحة فطرهم وهذا بخلاف من جاء بعدهم فقد زاغت كثير من العقول عن النهج السليم في التفكير، وذلك نظير النحو فقد استغنى الصحابة عن تدوينه لاستقامة ألسنتهم فلمّا تطرق الخلل للنطق وضِع علم النحو.

فإن قيل: فلم ذمه كثير من السلف؟ قلنا: لاختلاطه في بدايته بمسائل فلسفية مبنية على عقائد اليونان التي تخالف عقيدة المسلمين.

فإن قيل: ولكنه أيضا بعد أن صفاه المسلمون واجه نقدا قويا من قبل بعض العلماء وألفوا كتبا في الرد على المنطق؟
قلنا: لم نجد عالما طعن في المنطق إلا وهو يعترف بأن بعض مباحثه ومسائله هي حق وإنما انتقد بعض أبحاثه ورأى أنها مجانبة للصواب فحينئذ نقول لهم: لا بأس ارفعوا المبحث الفلاني من المنطق وضعوا بدله المبحث الذي ترونه صوابا فكان ماذا!!.

والخلاصة هي أننا مع نقد المنطق اليوناني ولكننا لسنا مع هدمه من أساسه بل مع منطق إسلامي لا يستطيع أن ينقده حتى الكارهين له لاستقامة أبحاثه وتوافقها التام مع النقل والعقل.

فإن قيل: لا يوجد منطق إسلامي ومنطق يوناني المنطق هو المنطق وهو ضلال.
قلنا: قد عرفت في المقدمة أن أبحاث هذا العلم تدور حول تصحيح الفكر في التعريف والدليل فهل يخالف واع حاجتنا إلى مثل هذه الأبحاث وهل يستغني عنها أحد وهل تجد علما من العلوم يستغني عن التعاريف والأدلة كل ما في الأمر أن بعض الأبحاث غير مستقيمة عندك فارفعها وضع بدلا عنها مبحثا مستقيما. فإذا تم هذا فحينئذ سيكون المنطق خادم العلوم كلها على وجه الحقيقة فتأمل يرحمك الله.

( مباحثات )

1- في ضوء ما قرأت أين تكمن أهمية المنطق؟
2- في ضوء ما مر عليك هل ترى أن الصواب في ترك دراسة هذا العلم؟وهل ترى أن المناقشة المذكورة مقنعة؟
3- اذكر بعض التعاريف البديلة للمنطق وناقشها إذا أمكن؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

( الفقرة الثامنة والأربعون )

( الحَدْسِيات )

قد علمتَ أن الدليلَ له صورةٌ ومادةٌ، وأن مادةَ الدليلِ قد تكونُ يقينيةً وقد تكون غير يقينيةٍ، وأن المادة اليقينية قد تكون أوليةً يحكم بها العقل بمجرد تصور أطراف القضية، وقد تكون حِسيةً يحكم بها العقل بواسطة حس ظاهر أو باطن، وقد تكون متواترة يحكم بها العقل بواسطة السماع من كثرة يستحيل معها الاتفاق على الكذب، وقد تكون تجريبية يحكم بها العقل بواسطة مشاهدة متكررة لنفس النتيجة.
وقد بقي قسمان من أقسام الضروريات وهما:
أولا: الحَدْسِيَّات.
ثانيا: الفِطْرِيَّات.

فالحَدْسِيَّات هي: التي يحكم فيها العقل بمعونة التكرار لشيء يحصل من غير فعل من الإنسان.
فهي كالمجربات تحتاج لمشاهدات متكررة لتدل على أن هذا الشيء متسبب من شيء آخر إلا أنها خارجة عن فعل الإنسان ومقدوره.

مثال: زيد له بستان مطل على نهر وله فيه بئر، وصار يشاهد أنه كلما نزل مستوى الماء في النهر في وقت ما كلما ارتفع مستوى الماء في البئر، فانتقل ذهنه مباشرة إلى أن ( ارتفاع ماء البئر سببه انخفاض ماء النهر ).
فهنا حكم العقل بمعونة التكرار لظاهرة ارتفاع ماء البئر عند انخفاض ماء النهر أن ذلك الارتفاع حصل بسبب الانخفاض، وارتفاع وانخفاض الماء ليسا من فعل الإنسان ولا يحتاج ليتدخل ويجرب ماذا سيحصل كما في المجربات.

فالحدسيات هي عبارة عن مشاهدات لظاهرة وقعت فيربط الذهن بينها وبين أمر آخر.
وعند التأمل نجد أن الحدسيات كي تحصل لا بد من توفر مجموعة من الأمور هي:
1- أن يرى الناظر ظاهرة من الظواهر الطبيعية.
2- أن يتكرر مشاهداته لها كي يعلم أنها حالة مطردة.
3- أن يعزو هذه الظاهرة إلى أمر هو السبب في حصول تلك الظاهرة.
4- أن يكون هنالك علامة قادته إلى الربط بينهما.
5- أن يحصل ذلك الربط بدون فكر وتأمل وطلب دليل بل تذعن به النفس مباشرة كي لا يكون نظريا.
6- أن لا يكون تأثير السبب في تلك الظاهرة أمر مشاهد لأنها حينئذ تكون من المحسوسات.
مثل أن يرى شخص المطر ينزل وهو يبلل الأرض فيقول ابتلال هذه الأرض بسبب المطر فهذه ليست من الحدسيات بل هي أمر مشاهد أو أن يرى النار وهي تحرق الورق فهذه محسوسات فلا بد في الحدس من نوع استنباط.

مثال: أن يرى الناظر القمر والشمس ويرى أنه تارة يصير هلالا وتارة يصير قرصا كاملا فتارة يصغر وتارة يكبر من بداية الشهر إلى نهايته، ويلاحظ أن ذلك يحصل بسبب قرب القمر من الشمس فكلما اقترب منها توسع وكبر القمر وكلما ابتعد عنها كلما صغر حتى يصير كالخيط فينتقل ذهنه بسبب هذه المشاهدات إلى أن نور القمر مستفاد من الشمس وليس من ذاته.
فهنا تكررت المشاهدات لظاهرة خارجة عن فعل الإنسان وهي اختلاف ضوء القمر عند قربه وبعده من الشمس فانتقل ذهن زيد بلا حاجة إلى وقت يفكر فيه إلى أن نور القمر سببه هو الشمس.

أو أن يرى الناظر في حالة توسط الأرض بين الشمس والقمر أنه تحصل حاله الخسوف للقمر مما يدل بوضوح أن نور القمر ليس من نفسه بل من الشمس فلما حجبت الشمس عن القمر انمحق ضوء القمر.
فهنا لو أردنا أن نستخرج عناصر الحدس المذكورة سابقا لوجدنا أن الظاهرة هي خسوف القمر عند توسط الأرض بينه وبين الشمس، وأنه كلما تكررت الحالة تلك حصل الخسوف التام، وأن السبب هنا هو أن نور القمر مستفاد من الشمس، والذي دل على ذلك هو الانخساف عند الحيلولة، وأن ذلك هجم على نفس الحادس بلا فكر وتأمل وأن ذلك التأثير أمر يعرف بالعقل لا أنه مشاهد فهذا هو الحدس.

مثال: أن يرى الناظر الأشياء العالية كالسفن يرى من بعيد أعاليها فقط وكلما اقتربت أخذت تظهر أكثر وتكررت هذه المشاهد عنده فانقدح في نفسه مباشرة أن الأرض كروية الشكل وصار هذا الشعور يقيني تسكن معه النفس وتطمئن به.

مثال: أن يرى الناظر أن ثمار الأشجار وغيرها تهبط دائما وترجع إلى الأرض مما يدل على وجود الجاذبية وأنها هي سبب السقوط إلى الأسفل.

مثال: أن يرى الناظر في صباح بعض أيام الشتاء أن زجاج النوافذ قد صار مبتلا بلا مطر يسقط وتكررت هذه المشاهد عنده فجزم بأن سببها هي الرياح الباردة الرطبة.

وهكذا نجد أن الحدسيات هي تفسير لبعض الظواهر وأنه قد استخدم العلماء الحدس لتفسير بعض الأمور الكونية كالأمور الفلكية والحوادث الطبيعية كالزلازل.
فالحدسيات هي ربط بين ظاهرة وشيء آخر على أن تكون تلك الظاهرة قد نتجت من ذلك الشيء الآخر لوجود علامة مشعرة بذلك الربط، وتحصل الحدسيات من غير تفكير واستدلال وإلا لكانت نظرية وإنما هو أمر يهجم على النفس بسبب تلك المشاهدات المتكررة.

تنبيهات:
الأول: الحدس هو: الانتقال الدفعي إلى النتيجة بدون ترتيب دليل في الذهن ولا تفكير به.

الثاني: الحدس يختص بالحادس فليس بالضرورة يشاركه في غيره، ولهذا قد يتوصل شخص إلى نتيجة بواسطة الحدس فتكون القضية بالنسبة له من الضروريات، وقد يتوصل إليها شخص آخر بالفكر والتأمل والتحليل فتكون القضية بالنسبة له من النظريات.

الثالث: الحدس أحيانا يكون فطريا عند بعض الناس بسبب قوة الذكاء وحدة الذهن، وأحيانا يكون بسبب نوع ممارسة لنوع معين من العلوم فيحدس ذهنه بها كالفلكي فهو يحدس بسبب ممارسة لهذا العلم ومعالجة لقضاياه يحدس ذهنه ببعض الأمور الفلكية ككون نور القمر مستفادا من الشمس بينما لا يحدس غيرهم به كأهل النحو والصرف.

( مناقشات )

1- في ضوء ما تقدم ما هي الحدسيات ؟
2- ما هي العناصر الرئيسية للحدسيات؟
3- مثِّل بمثالين من عندك للحدسيات مع بيان انطباق عناصر الحدسيات عليها؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

أخي الفاضل صفاء الدين العراقي بوركت على ما تسطره أناملك الكريمة من بحوث منطقية شيقة تستأنس بها النفوس وتتقوى بها العقول فلله درّك وجزاك الله على ذلك الثواب الجزيل
واسمح لي أن أذكر بعض الملاحظات التي خطرت في ذهني القاصر غاية القصور:
قلتم : > بعدما يستقري الشخص بعض الأشياء ويعلم أن سبب اتحاد حكمها هو وجود علة ما ويعلم أن الأشياء التي لم يستقريها تتوفر فيها نفس العلة، فيقول: فتلك الأشياء التي لم تستقري مثل الأشياء التي استقريت لاتحادهما في العلة مما يجعل حكمهما واحدا فيعمم حينئذ. وهذا مما يؤكد أهمية التمثيل وخطأ التقليل من شأنه))
هل يفهم من هذا أن الاستقراء يرجع إلى التمثيل ؟
لو كان المقصود هو ذلك فيلاحظ عليه:
إنّ التمثيل كما عرفتموه : ((إثبات حكم في شيء لوجوده في شيء آخر يشترك معه في علة الحكم)) وهو يعني حركة فكريّة من الجزئيّ إلى الجزئيّ
والاستقراء هو: ((تتبع الجزئيات للوصول إلى حكم كلي)) وهو يعني أن الاستقراء حركة فكريّة من الجزئي إلى الكليّ
فأي علاقة بين التمثيل والاستقراء ؟
فبعد استقراء وتتبع عدد من الجزئيات العقل يستنتج حكم كليّ وليس جزئي
وحكم سائر الجزئيات يحصل بحركة فكريّة معاكسة وهي من الكلي إلى الجزئي أي عن طريق القياس
فلا أرى أي دور للتمثيل في الدليل الاستقرائي
وهذا يؤكد ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ التمثيل لا موضع له في الاستدلال العقلي
أي لا يمكن للعقل أن يتحرك من الجزئي إلى الجزئي من دون واسطة
وبعبارة أخرىأن التفكير والاستدلال عبارة عن حركة ذهنيّة والمعروف انّه على ثلاثة أقسام:
1- حركة الذهن من الكلي إلى الجزئي وهذا عبارة عن القياس
2- حركة الذهن من الجزئي إلى الكلي وهو الاستقراء
3- حركة الذهن من الجزئي إلى الجزئي هو عبارة عن التمثيل كما يقال
ولكن حركة الذهن من الجزئي إلى الجزئي محال إذا لم تكن هناك حركة تسبق ذلك
بل لابد من حصول حركيتين عقليتين حتى يحصل ذلك:
الأولى: حركة الذهن من الجزئي إلى الكلي وهو الاستقراء
الثانية: حركة الذهن من الكلي الذي حصل بالاستقراء إلى الجزئي وهذا يحصل بالقياس
فأين هو التمثيل؟
والحاصل:
إنّ
الذهن يتحرك من الجزئي إلى الجزئي لكن عن طريق الاستقراء والقياس.
حياك الله أخي.
أولا: الاستقراء ليس دائما يرجع إلى التمثيل فأحيانا يكون الاستقراء تاما لا يحتاج للتمثيل، وأحيانا يكون ناقصا غير معلل بل تستقري بعض أشياء ثم تحكم بحكم عام وهذا لا يفيد إلا الظن كما في استقراء الحيوانات ثم القول بأن كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ فقد نقضوه بالتمساح.
وأما الاستقراء المعلل فهو لوحده يحتاج إلى التمثيل وليس معنى احتياجه إلى التمثيل أن التمثيل يغني عنه بل المقصود أن بعد أن يتتبع بعض الجزئيات يكتشف علة الحكم فيقيس حينئذ.
ثانيا:أما قولك بأن الذهن لا يتحرك من جزئي إلى آخر فصحيح لولا لم يكن بينهما جسر وهو العلة والقدر المشترك الذي صحه معه الانتقال.
ثالثا: أما اعترافك بأن الاستقراء يحتاج للقياس المنطقي دون التمثيل فقد وضحنا من قبل أنه لا يوجد خلاف جوهري بين القياس والتمثيل وأن القياس يتأتى رده إلى التمثيل والعكس صحيح.
وأنقل لك ما حققه الإمام ابن تيمية فقال بالنص:
( فيقال‏:‏ تفريقهم بين قياس الشمول وقياس التمثيل، بأن الأول قد يفيد اليقين والثاني لا يفيد إلا الظن، فرق باطل، بل حيث أفاد أحدهما اليقين، أفاد الآخر اليقين‏ وحيث لا يفيد أحدهما إلا الظن لا يفيد الآخر إلا الظن، فإن إفادة الدليل لليقين أو الظن ليس لكونه على صورة أحدهما دون الآخر، بل باعتبار تضمن أحدهما لما يفيد اليقين‏.‏
فإن كان أحدهما أشتمل على أمر مستلزم للحكم يقينا، حصل به اليقين، وإن لم يشتمل إلا على ما يفيد الحكم ظناً، لم يفد إلا الظن‏.
‏‏ والذي يسمى في أحدهما حداً أوسط هو في الآخر الوصف المشترك، والقضية الكبرى المتضمنة لزوم الحد الأكبر للأوسط هو بيان تأثير الوصف المشترك بين الأصل والفرع، فما به يتبين صدق القضية الكبرى، به يتبين أن الجامع المشترك مستلزم للحكم‏ فلزوم الأكبر للأوسط هو لزوم الحكم للمشترك‏.
‏‏ فإذا قلت‏:‏ النبيذ حرام قياساً على الخمر؛ لأن الخمر إنما حرمت لكونها مسكرة، وهذا الوصف موجود في النبيذ، كان بمنزلة قولك‏:‏ كل نبيذ مسكر، وكل مسكر حرام‏.
‏‏ فالنتيجة‏:‏ قولك‏:‏ النبيذ حرام، والنبيذ هو موضوعها وهو الحد الأصغر؛ والحرام محمولها وهو الحد الأكبر، والمسكر هو المتوسط بين الموضوع والمحمول وهو الحد الأوسط، المحمول في الصغرى الموضوع في الكبرى‏.‏
فإذا قلت‏:‏ النبيذ حرام قياساً على خمر العنب؛ لأن العلة في الأصل هو الإسكار وهو موجود في الفرع، فثبت التحريم لوجود علته؛ فإنما استدللت على تحريم النبيذ بالسكر وهو الحد الأوسط، لكن زدت في قياس التمثيل ذكر الأصل الذي يثبت به الفرع، وهذا لأن شعور النفس بنظير الفرع، أقوى في المعرفة من مجرد دخوله في الجامع الكلي، وإذا قام الدليل على تأثير الوصف المشترك، لم يكن ذكر الأصل محتاجاً إليه‏ ) اهـ الرد ص 255- 256.
دمت في حفظ الله.
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياكم الله شيخنا الفاضل, وبارك الله فيكم, ونفع بكم:
هكذا اتضح لي على الأمر غالب, فعلى هذا المعنى الحدسيات تكون بدون عنت لمن آتاه الله فطنة وذكاء, والحاسة السادسة قد تأتي من أبسط الناس. جواب على الأسئلة:
1- في ضوء ما تقدم ما هي الحدسيات ؟
هي التي يحكم فيها العقل بمعونة التكرار لشيء يحصل من غير فعل من الإنسان.
2- ما هي العناصر الرئيسية للحدسيات؟ وجهتني هذه القيود للمراد.
1- أن يرى الناظر ظاهرة من الظواهر الطبيعية.
2- أن يتكرر مشاهداته لها كي يعلم أنها حالة مطردة.
3- أن يعزو هذه الظاهرة إلى أمر هو السبب في حصول تلك الظاهرة.
4- أن يكون هنالك علامة قادته إلى الربط بينهما.
5- أن يحصل ذلك الربط بدون فكر وتأمل وطلب دليل بل تذعن به النفس مباشرة كي لا يكون نظريا. لو وضحتم لأن بعض الظواهر لها دليل وإن عسر عن بيانه أحيانا.
6- أن لا يكون تأثير السبب في تلك الظاهرة أمر مشاهد لأنها حينئذ تكون من المحسوسات.
3- مثِّل بمثالين من عندك للحدسيات مع بيان انطباق عناصر الحدسيات عليها؟
أ) ظاهرة المد والجزر وارتباطها باكتمال القمر (البدر) وعلاقتها بالشمس أيضا.
ـ الظاهرة المد والجزر, أي صعود مستوى مياه البحر وانخفاضها.
ـ تتكرر كلما اكتمال القمر أو كان في بدايته, على حسب كل حالة.
ـ السبب هي الجادبية, عند وجود الأرض والقمر والشمس على خط واحد, أو الزاوية بين القمر والأرض والشمس تكون 90 درجة.
ـ العلامة هي اكتمال القمر, أو بدايته.
ـ السبب غير مشاهد.
ب) مثال ثاني:
ـ كثرة الجرائم والنزاعات بين الناس عند اكتمال القمر, وعلى هذا جاءت السنة على صيام أيام البيض حتى تحد من هذه الظاهرة.
والله أعلم.
أكرمكم الله على الجهد المبذول.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياك الله أخي,
أشكرك من كل قلبي على مباحثاتك المفيدة وكم تمنيت لو يشارك أكثر من أخ لنستفيد جميعا ويغتني الموضوع!.
بالنسبة لأمثلتك فصحيحة إن شاء الله إلا أنني لم أفهم السبب والربط بين الجرائم واكتمال القمر فليتك تشرح أكثر.
وبالنسبة لإشكالك فسأزيد المسألة بيانا بنقطتين:
أولا: إن الحدس يستند إلى دليل وكيف لا يستند إلى دليل وهو شبه ظاهر في بعض الأمثلة ففي مثال الخسوف نقول لو لم يكن القمر قد استفاد نوره من الشمس لما انقطع عند الخسوف لكنه قد انقطع نوره عند الخسوف فهو قد استفاد نوره من الشمس.
أو نقول لو لم تكن الأرض كروية لما شوهدت أعالي السفن دون أسافلها ولكنها قد شوهدت أعاليها دون أسافلها فتكون الأرض كروية وهكذا.
وهنا يسأل الطالب قائلا فإذا كان متوقفا على دليل صار من النظريات لا من الضروريات؟
قلنا هو وإن كان متوقفا على دليل لكنه خفي أي لا يرتبه الحادس في ذهنه بل هو حاضر في ذهنه مع عدم شعوره، فإن التفت للدليل وأخذ يرتبه كي يصل للنتيجة فقد صار بحقه من النظريات.
أي أن الحدسيات وإن كان فيها دليل إلا أنه خفي قد لا يشعر به الحادس ولا يرتبه في ذهنه فهو يحصل في نفسه بلا شعور أي بلا نظر وفكر ووقت وتأمل لقوة حدسه.
ثانيا: الحدسيات ليست دائما تفيد اليقين بل أحيانا تفيد الظن.
مثال: أن يرى شخصٌ إناءَ الماء وحوله رشاش ماء فيحدس ذهنه أن هذا الماء قد حصل من الإناء.
وهذا قد يسمى بالظاهر لأن الظاهر أن الرشاش قد حصل من الإناء لكنه ليس بلازم لجواز أن يكون شخص قد جاء بماء من مكان آخر ورشه بالقرب من الإناء.
فهذا النوع ليس له دليل وقياس خفي كل ما هنالك أن الظاهر هو أنه كذا.
مثال: أن ترجع إلى بيتك وتجد الزجاج قد كسر وبالقرب منه كرة قدم فيحدس ذهنك أي يخمن ويحزر بأن هذا الكسر من هذه الكرة كأن قذفها أحد الصبيان من الخارج وكسر بها الزجاج فهذا هو الظاهر ولكنه ليس بلازم فلربما كسرت بحجر وأنت لا تدري والكرة جائت من داخل الدار مثلا.
ولهذا ذهب بعض العلماء في الحدسيات إلى عدة مذاهب:
أولا: أنه يفيد اليقين وهو من الضروريات.
ثانيا: أنه من الظنيات فلا يفيد العلم النظري فضلا عن العلم الضروري فلذا أسقطه من أقسام الضروريات وممن اختار هذا المذهب الإمام عضد الدين الإيجي رحمه الله في شرحه على مختصر المنتهى.
ثالثا: أن يفيد اليقين ولكنه من النظريات لا من الضروريات لاستناده إلى ذلك القياس الخفي.
رابعا: أنه واسطة بين الضروريات والنظريات.
والذي يظهر للفقير من تحقيق في المسألة هو أنه يفيد اليقين تارة إن استند إلى قياس خفي، ويفيد الظن تارة إن لم يستند إلى أكثر من الظهور وهو في حق البعض من الضروريات لعدم ترتيب قياس في ذهنه بل هو حاصل في نفسه من غير شعور وفي حق الأكثر من الناس من النظريات ومنه يعلم أن الشيء قد يكون بديهيا بالنسب لزيد ونظريا بالنسبة لعمرو.فتأمله.
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياكم الله شيخنا الفاضل وبارك فيكم
بالنسبة للمثال لاحظ العلماء أن عند اكتمال القمر, يكون هناك شدّ عصبي عند البعض مع ارتفاع الضغط, وغيرها من الأعراض والتي تكون سبب من الأسباب التي تدفع خاصة ممن هو معروف بسرعة الغضب, أو ممن ليس له القوة على مواجهت المشاكل إلى اتخاذ قرارت متهورة تعود سلبا على نفسه أو من هم حوليه, من ذلك كثرة الجرائم, والطلاق, والانتحار ..., ذلك أن القمر عند اكتماله يكون قريبا من الأرض, وإن كانت جادبية القمر صغيرة مقارنة بجادبية الأرض, إلا أن لها تأثير, وظاهرة المد والجزر خير دليل على ما أقول, سبحان الله كيف تؤثر جادبية القمر على البحار والمحيطات ولا تأثر على الإنسان وهو مخلوق ضعيف مقارنة بما سبق, فباكتمال القمر يتأثر عقل الإنسان (العضو) بالتجادب المغناطيسي بين الأرض والقمر.
ومن الأمور التي تدعو للتأمل في شريعتنا, ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من (كتم الغضب, وصيام الأيام البيض, والحجامة كما هو مرغوب فيه في 15,17,19,21, من الشهر, ولعلل هناك أمور أخرى لها صلة بموضوعنا في شريعتنا, والله تعالى أعلم.
 
إنضم
19 يوليو 2009
المشاركات
8
التخصص
قانون
المدينة
الموصل
المذهب الفقهي
حنفي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

بارك الله أخي وعزيزي صفاء الدين العراقي
يبدو لي أن الاختلاف بيننا فيما يتعلّق بدور التمثيل في الاستدلال العقلي لا يعدو كونه لفظياً
فقولكم: ((وأما الاستقراء المعلل فهو لوحده يحتاج إلى التمثيل وليس معنى احتياجه إلى التمثيل أن التمثيل يغني عنه بل المقصود أن بعد أن يتتبع بعض الجزئيات يكتشف علة الحكم فيقيس حينئذ))
هو ما كنت أرمي إليه من أن التمثيل يحصل بعد ستقراء الجزئيات والوصول إلى حكم كلي ثم يقيس بعد ذلك لايتخراج حكم الجزئي
وما نقلته عن الإمام ابن تيمية أيضاً يصب في هذه الفكرة
شكر الله سعيك وجعله الله في ميزان حسانتك
 
إنضم
19 يوليو 2009
المشاركات
8
التخصص
قانون
المدينة
الموصل
المذهب الفقهي
حنفي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

أخي العزيز صفاء الدين العراقي
لقد أجدت أيّما إجادة في بيان الفرق بين صور ة القياس ومادته وأقسام اليقينيّات
لكن لديّ هنا ملاحظة لا تتعلّق بنفس المطلب بل بالمثال الذي ذكرتموه وهو قولكم:
((سيدنا محمد رسول الله- وكل رسل الله يجب الإيمان بهم- فسيدنا محمد يجب الإيمان به))
فالإشكال في كبرى هذا القياس وأيضاً في النتيجة
أمّا الكبرى فهي عبارة أخرى عن قولنا كل رسول لله يجب أن نؤمن بأنّه رسول الله وهذا من قبيل قولنا رسول الله هو رسول الله
فيكون الموضوع فيها عين المحمول
ومع التسليم بصحّة هكذا قضيّة فلابد من القول أنّها قضيّة بديهيّة وليست نظريّة
أما الإشكال في النتيجة فمن جهة أنّ قولنا:
((سيدنا محمد يجب الإيمان به)) هو عبارة أخرى عن قولنا ((سيدنا محمد يجب الإيمان بأنّه رسول الله))
وهذه القضيّة كما هو واضح عين القضية الصغرى
فكيف تكون نتيجة للاستدلال؟
وفّقكم الله تعالى وبارك الله فيكم وسدّد خطاكم وأثابكم بالثواب الجزيل على ما تبذلوه من جهد في إعداد هذه الدروس الجميلة والرائعة
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

أخي العزيز صفاء الدين العراقي
لقد أجدت أيّما إجادة في بيان الفرق بين صور ة القياس ومادته وأقسام اليقينيّات
لكن لديّ هنا ملاحظة لا تتعلّق بنفس المطلب بل بالمثال الذي ذكرتموه وهو قولكم:
((سيدنا محمد رسول الله- وكل رسل الله يجب الإيمان بهم- فسيدنا محمد يجب الإيمان به))
فالإشكال في كبرى هذا القياس وأيضاً في النتيجة
أمّا الكبرى فهي عبارة أخرى عن قولنا كل رسول لله يجب أن نؤمن بأنّه رسول الله وهذا من قبيل قولنا رسول الله هو رسول الله
فيكون الموضوع فيها عين المحمول
ومع التسليم بصحّة هكذا قضيّة فلابد من القول أنّها قضيّة بديهيّة وليست نظريّة
أما الإشكال في النتيجة فمن جهة أنّ قولنا:
((سيدنا محمد يجب الإيمان به)) هو عبارة أخرى عن قولنا ((سيدنا محمد يجب الإيمان بأنّه رسول الله))
وهذه القضيّة كما هو واضح عين القضية الصغرى
فكيف تكون نتيجة للاستدلال؟
وفّقكم الله تعالى وبارك الله فيكم وسدّد خطاكم وأثابكم بالثواب الجزيل على ما تبذلوه من جهد في إعداد هذه الدروس الجميلة والرائعة
اللهم آمين جزاك الله خيرا.
قلتَ أخي الكريم:
(أمّا الكبرى فهي عبارة أخرى عن قولنا كل رسول لله يجب أن نؤمن بأنّه رسول الله وهذا من قبيل قولنا رسول الله هو رسول الله
فيكون الموضوع فيها عين المحمول
).
أمنعُ الاتحاد بين الموضوع والمحمول هنا لأن المعنى هو أن من ثبتت رسالته وجب الإيمان به، وهذا للرد على أهل الكتاب الذين قال الله فيهم: ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابنائهم ) فهم عرفوا أنه رسول الله ولكن لم يؤمنوا به.
وقلتَ:
((سيدنا محمد يجب الإيمان به)) هو عبارة أخرى عن قولنا ((سيدنا محمد يجب الإيمان بأنّه رسول الله))
وهذه القضيّة كما هو واضح عين القضية الصغرى).
أين الاتحاد الصغرى هي: ( سيدنا محمد رسول الله ) والكبرى هي ( سيدنا محمد يجب الإيمان به )!
فإذا عرفتَ أنه رسول الله وجب أن تؤمن به هذه هي فكرة المثال.
ومع هذا ما رأيك أن نبدل المثال إلى: سيدنا محمد رسول الله- وكل رسل الله يجب تصديقه أو تجب طاعته.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

أخي أمير قد أعدت صياغة درس الفطريات قليلا وعزلته عن درس الفروق بين الضروريات مع إضافة التمارين.
إذا لم يبق عندك إشكال فاعلمني كي نبدأ بالمواد غير اليقينية.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

( الفقرة الثامنة والأربعون )

( الفطريات )

قد علمتَ أن الحدسيات والفطريات هما القسمان الأخيران للضروريات الست وقد تقدم الكلام مفصلا على الحدسيات.
وأما الفطريات فهي: التي يحكم فيها العقل بمعونة دليل حاضر في الذهن.
بمعنى أنه بعد تصور طرفي القضية والنسبة سيجزم الذهن ويوقن بالقضية لوجود دليل حاضر لا يحتاج الإنسان كي يستحضره ويفكر فيه بل هو موجود دائما ولهذا لم تعد هذه من النظريات لأن الدليل لا يطلب ويبحث عنه بالفكر والتأمل بل هو دائم الحضور فمتى تصور معنى الجملة جزم بها.

ولهذا سميت هذه القضايا بالفطريات لأن الدليل مركوز في فطرة الإنسان لا يحتاج ليفكر فيه عند تصور القضية. والفرق بينها وبين الأوليات أن الأوليات لا تحتاج لدليل بعد تصور الجملة بل هي بنفسها كافية للجزم بمضمونها.

مثال: الأربعة زوج، فإن من تصور الأربعة وتصور الزوجية جزم بأنها زوج ولكن لوجود دليل مقارن لهذه القضية وهو: الأربعة تنقسم إلى متساويين وكل ما ينقسم إلى متساويين فهو زوج فالأربعة زوج.
فهذا قياس من الشكل الأول، ولكن الإنسان حينما تمر عليه قضية الأربعة زوج لا يأخذ وقتا ليفكر ويستحضر ذلك القياس ليجزم حينئذ أن الأربعة زوج بل هذا الدليل حاضر في نفسه لا يحتاج ليطلبه ولرسوخه في ذهنه يجزم بالقضية من غير أن يشعر به.
فالأربعة زوج لأنها تنقسم لمتساويين، وكونها كذلك حاضر في الذهن دائما عند تصور الأربعة والزوج.
وإذا قلنا: الأربعة تنقسم إلى متساويين، كانت هذه القضية أولية وليست فطرية لأن الأربعة تنقسم بمتساويين بنفسها لا لوسط حاضر.
وكذا إذا قلنا: كل ما ينقسم إلى متساويين فهو زوج، فهذه أولية لأنها لا تحتاج لوسط فالذهن يجزم بها بلا معونة دليل حاضر بل هي بنفسها كافية.

مثال: الثلاثة فرد، فهذه القضية فطرية يجزم بها العقل مباشرة بعد تصورها ولكن عند التأمل يتضح أنه جزم بها بسبب وسط حاضر في الذهن وهو أن الثلاثة لا تنقسم إلى متساويين وكل ما لا ينقسم إلى متساويين فهو فرد، فالثلاثة فرد.
وأيضا نقول إن كون الثلاثة لا تنقسم إلى متساويين قضية أولية، وكذا قضية كل ما لا ينقسم إلى متساويين فهو فرد. فاتضح أن الفطريات تعتمد على قياس أولي ولكنه حاضر في الذهن دائما بل فكر وطلب.

مثال: الاثنان نصف الأربعة، فهذه قضية بديهية واضحة من تصورها جزم بها مباشرة. ولكن عند التأمل يظهر أنها من الفطريات أي جزم العقل بها لا لذات القضية ولكن لدليل حاضر دائما.
وهذا الدليل هنا هو: الاثنان عدد انقسمت الأربعة إليه وإلى قسم آخر يساويه- وكل ما ينقسم عدد إليه وإلى قسم آخر يساويه فهو نصف ذلك العدد- فالاثنان نصف ذلك العدد وهو الأربعة.
بمعنى لأن الاثنين هي أحد قسمي الأربعة المتساويين فهي نصف الأربعة. فقولنا لأن الاثنين كذا هذا وسط ودليل ولكنه حاضر دائما ولا يطلبه الإنسان بالتفكير والتأمل لكي يجزم بأن الاثنين نصف الأربعة.

مثال: الثلاثة ثلث التسعة فلأن الثلاثة هي أحد 3 أقسام متساوية للتسعة كانت الثلاثة ثلث التسعة.

وهكذا في كل نسب الأعداد التي تكون قريبة إلى الذهن هي من مصاديق الفطريات لأنها تحتاج لوسط حاضر يكون في نفسه أوليا.

تنبيه:بعض المناطقة لم يفرقوا بين الأوليات والفطريات وجعلوا الجميع قسما واحدا وهو الأوليات لأنه يكفي تصور الأطراف للجزم سواء لوحدها أو مع دليل حاضر ولعل هذا أفضل تقليلا للأقسام ومنعا للانتشار.

( مناقشات )

1- في ضوء ما تقدم ما هي الفطريات؟
2- كيف تفرق بين الأوليات؟
3- مثِّل بمثالين من عندك للفطريات؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

( الفقرة الثامنة والأربعون )

( الفرق بين الضروريات الست )

لو أردنا أن نذكر ضابطا يجمع الضروريات الست نقول:
إما أن يصدق العقل بالقضية بلا معونة الحس أو مع معونة الحس.
والتي يصدق العقل بها بلا معونة الحس إما أن لا يتوقف ذلك التصديق على دليل حاضر في النفس أو يتوقف على دليل حاضر.
فالتي لا يتوقف التصديق بها على دليل حاضر في النفس هي الأوليات، والتي يتوقف عليه هي الفطريات.
والتي يصدق العقل بها بمعونة الحس إما أن لا يتوقف التصديق بها على شيء آخر غير الحس، أو يتوقف على شيء آخر غير الحس.
فالتي لا يتوقف التصديق بها على شيء آخر غير الحس هي المحسوسات.

والتي يتوقف التصديق بها على شيء آخر إما أن يكون ذلك الشيء هو السماع من كثرة أو تكرار المشاهدة.
فالتي يتوقف التصديق بها على السماع من كثرة هي المتواترات.
والتي يتوقف التصديق بها على تكرار المشاهدة إما أن تحصل بفعل من الإنسان أو تحصل بغير فعل منه.
فالتي تحصل بفعل من الإنسان هي المجربات، والتي تحصل بغير فعل منه هي الحدسيات.

ولكي تضبط تلك الضروريات نسلط الضوء أكثر على الفروق التي بينها وهي:
أولا: أن الأوليات هي البديهيات الوحيدة التي لا تحتاج لشيء خارج عن تصور أطراف القضية.
فبمجرد أن تتصور الموضوع والمحمول والنسبة تجزم بالنسبة وتصدق بالقضية بشكل يقيني جازم، ولا تحتاج إلى واسطة من دليل حاضر أو حس أو سماع أو تكرار.

ثانيا: الفرق بين المحسوسات والمجربات مع أن كلا منهما يحتاج للحس هو أن الحس يفيد اليقين بقضية شخصية، بينما التجربة تعطي المدلول الكلي أي تجعل القضية كلية.
مثال: إذا قرّبت يدك من النار فستشعر وتحس أنها حارة بحاسة اللمس ، فتقول هذه النار حارة فهذه من المحسوسات، وإذا جربت ومددت يدك مع هذه النار وتلك وتكرر الأمر معك فحينئذ تقول كل نار حارة.
مثال: إذا شربتَ ماء من إناء فأحسست بالري فستقول هذا الماء يروي، فهذه قضية شخصية من المحسوسات وأنت تحس بها بوجدانك أي بحسك الباطن، وإذا تكرر معك الأمر وكلما عطشت شربت ماء فارتويت فستقول كل ماء يروي فهذه قضية كلية من المجربات.
فالحس لوحده= المحسوسات، والحس+ التكرار= المجربات.

ثالثا: الفرق بين المحسوسات والمتواترات مع أن كلا منهما يستند إلى حس، هو أن المتواترات تستند إلى سماع خاص من كثرة يحال معها الكذب، بينما هذه الصفة لا تتوفر في المسموعات العامة.
مثال: إذا سمعت صوت انفجار مدوي فستقول: هذا الصوت قوي فهذه محسوسات، وإذا سمعت صاحبك يتحدث إليك فستقول أنا أسمع صوتك فهذه محسوسات.
مثال: إذا أخبرك أشخاص كثر بالحرب العرقية الإيرانية بعد مرور أكثر من عشرين سنة عليها فستصدق وتجزم بها فهي من المتواترات.
ثم هنالك فرق بين سماع الكلام، والجزم بمضمون الكلام. مثال: إذا حدثك شخص ثقة بأمر ولم يحدثك غيره به، فسماعك لكلامه من المحسوسات، والتصديق بمضمون الخبر الذي أخبرك به من النظريات لأنه خبر واحد.
مثال: إذا أخبرك أشخاص كثر بخبر، فسماعك لأصواتهم من المحسوسات، والتصديق بمضمون الخبر الذي أخبروك به من الضروريات لأنك تجد نفسك مضطرة لأن تصدق بشكل تام بما قالوا. فالسماع+ الكثرة= التواتر.

رابعا: الفرق بين الأوليات والفطريات مع أن كلا منهما يصدق العقل بهما عند تصورهما هو أن نفس التصور كاف للجزم في الأوليات بلا حاجة للدليل، بينما في الفطريات هناك دليل خفي مع القضية.

ولهذا تسمى الفطريات بقضايا قياساتها معها فلا تطلب ولا يبحث عنها بالفكر بل الدليل ملازم لتلك القضايا يحصل في النفس بلا شعور.

خامسا: الفرق بين المجربات والحدسيات مع أن كلا منهما يحتاج للنظر هو أن المجربات تحصل بفعل الإنسان أي بتجاربه المتكررة بينما في الحدسيات هي أمور خارجة عن فعل الإنسان لا يحتاج أكثر من مشاهدتها دون تدخل منه في حصولها.
مثال: إعطاء الطبيب الدواء الواحد لأكثر من مريض ليختبر النتيجة أو يكرر الكيميائي في معمله الأفعال على عينات مختلفة أو في ظروف مختلفة ليتحقق من النتيجة هذا من المجربات.
مثال: الظواهر الكونية والأمور الطبيعية التي تحصل ويشاهدها الإنسان هذه من الحدسيات.

( مناقشات )

1- في ضوء ما تقدم اذكر ضابطا يجمع الضروريات الست ؟
2- كيف تفرق بين كل واحدة من الضروريات ؟
3- ما هو الدليل على حصر الضروريات بالست؟

( تمارين )

عيّن نوع القضية البديهية فيما يأتي:
( الصلاة واجبة في الإسلام- النبيذ مسكر- عنتر بن شداد أحد فرسان العرب- كل أثر لا بد له من مؤثر السماء فوقنا- الاثنان ربع الثمانية- جزء الجزء جزء- البراستول مسكن للصداع- الجسر عال - ازرقاق الشفة عند بعض الناس سببه التدخين).
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياك الله شيخنا الفاضل ونفع بكم
الحقيقة أني لا أجد صعوبة في فهم حد الفطريات, وإنما في التفريق بينها وبين ما يشابهها, كالجبليات والوجدانيات وإن كانت الأخيرة هو ما يدرك بالحس الباطن, ثم أنك شيخنا اقتصرت على الأمثلة العددية فقط. وليس من اللائق مناقشة المثال, ولكن قد يكون مقربا للفهم, وكما قيل بضرب المثال يتضح المقال.
فكيف تحكم على الأمثلة التي طرحتها من قبل؟
ـ واحد زائد واحد يساوي اثنان, لا يطلب له دليل لكثرة تلازمه في الذهن.
ـ النجوم أجسام مضيئة, لوجود دليل مقارن هو كونها ملتهبة.
ـ تنفس المولود عند ولادته, لا يطلب له دليل لحاجته لذلك.
 
إنضم
19 يوليو 2009
المشاركات
8
التخصص
قانون
المدينة
الموصل
المذهب الفقهي
حنفي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حيّاك الله أخي الكريم صفاء الدين العراقي

فيما يتعلّق بالمثال فمن وجه نظري المتواضعة المثال الذي ذكرته أخيراً لا غبار عليه
وعلى كل حال كما ذكر الاخ العزيز أمير ليس المناسب المناقشة في الامثلة
ثم وددت أن أنبه إلى أنّ الفقرة الأخيرة التي ذكرتها ينبغي أن يكون ترتيبها التاسع والاربعين وليس الثامن والاربعين
حياّك الله مرة أخرى ووفقكم لكل خير
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياك الله شيخنا الفاضل ونفع بكم
الحقيقة أني لا أجد صعوبة في فهم حد الفطريات, وإنما في التفريق بينها وبين ما يشابهها, كالجبليات والوجدانيات وإن كانت الأخيرة هو ما يدرك بالحس الباطن, ثم أنك شيخنا اقتصرت على الأمثلة العددية فقط. وليس من اللائق مناقشة المثال, ولكن قد يكون مقربا للفهم, وكما قيل بضرب المثال يتضح المقال.
فكيف تحكم على الأمثلة التي طرحتها من قبل؟
ـ واحد زائد واحد يساوي اثنان, لا يطلب له دليل لكثرة تلازمه في الذهن.
ـ النجوم أجسام مضيئة, لوجود دليل مقارن هو كونها ملتهبة.
ـ تنفس المولود عند ولادته, لا يطلب له دليل لحاجته لذلك.
حياك الله أخي.
ما دمت أنك قد فهمت معنى الفطريات فالأمر قد هان إن شاء الله.
أما عن إشكالاتك فأقول:
أولا:الفطريات تكون أحكاما عقلية لا تستند إلى الحس أو التجربة فإن كانت الأمور الجبلية هي قواعد عقلية ذات دليل حاضر فاجعلها من الفطريات وإن كانت غير ذلك فهي ليست من الجبليات.
ولا أحسب أنك تخلط بين الفطريات وبين سنن الفطرة كنتف الإبط ونحوها فهذه غير تلك.
وأما الوجدانيات فهي تستند إلى حس باطن.
ثانيا: بالنسبة لأمثلتك السابقة فقد فاتني التعليق عليها فجزاك الله خيرا على التنبيه وزادك حرصا على العلم.
ـ واحد زائد واحد يساوي اثنان, لا يطلب له دليل لكثرة تلازمه في الذهن.
هذا- فيما يظهر- من الفطريات لتوقفه على دليل حاضر وهو كل عدد إذا أضيف إلىيه نفسه كان الناتج ضعف ذلك العدد.
ـ النجوم أجسام مضيئة, لوجود دليل مقارن هو كونها ملتهبة.
هذه من المحسوسات.
ـ النجوم أجسام مضيئة, لوجود دليل مقارن هو كونها ملتهبة.
هذه من المحسوسات أيضا.
ثالثا: بالنسبة للأمثلة الرياضية فقد اقتصرت عليها لأنها واضحة والقياس عليها سهل، ولذا تراني حذفت مثال اللازم والملزوم لأني لم أصل إلى ضابط يسهل عليك القياس.
ثم كل ما في كتب المناطقة هو التمثيل للفطريات بالأربعة زوج وأكثرهم يقتصر عليه.
وهذه إحدى عيوب كتب المنطق التقليدية، وقد حاولت القضاء على هذا العيب بقدر الإمكان.
ولذا فإني أذكر أن بعض الإخوة رحمه الله قد درسوا المنطق على أحد الشيوخ ثم لما أكمله خرج لا يرى المنطق شيئا.
لأن كل ما وجده هو (الإنسان حيوان ناطق، والحمار حيوان ناهق، وكل إنسان حيوان- وكل حيوان جسم فكل إنسان جسم ).
فيخرج الطالب يقول في نفسه لو أنني أبحث عن شيء ينفعني أليس أحسن من تضييع الوقت في هذه السخافات!.
ولعل الله
ييسر لي العودة مرة أخى إلى الفطريات فقد تأخرنا عن الإخوة.
دمت في حفظ الله.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حيّاك الله أخي الكريم صفاء الدين العراقي

فيما يتعلّق بالمثال فمن وجه نظري المتواضعة المثال الذي ذكرته أخيراً لا غبار عليه
وعلى كل حال كما ذكر الاخ العزيز أمير ليس المناسب المناقشة في الامثلة
ثم وددت أن أنبه إلى أنّ الفقرة الأخيرة التي ذكرتها ينبغي أن يكون ترتيبها التاسع والاربعين وليس الثامن والاربعين
حياّك الله مرة أخرى ووفقكم لكل خير
حياك الله أخي وجزاك الله خيرا.
لم أشأ أن أغير تعداد الفقرات الآن كي لا تختلط على الإخوة فكأن كل ما كتبته هذين اليومين هو للأخ أمير حفظه الله.
مع التقدير.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

( الفقرة التاسعة والأربعون )

( القياس البرهاني )

قد علمتَ أن اليقنيات سبع هي النظريات والضروريات الست وقد تقدم الكلام عليها مفصلا.
والدليل إذا تركب من مقدمات يقينية يسمى برهانا.
مثال: هذه النار ملتهبة- وكل ملتهب يحرق الإنسان- فهذه النار تحرق الإنسان.
فهذا برهان والصغرى يقينية من المحسوسات، والكبرى يقينية من المجربات، فتكون النتيجة يقينية قطعا.

ثم البرهان قسمان:
1- لِمِيٌّ.
2- إنِيٌّ.

فالبرهان اللمِيُّ هو: ما يكون الحد الأوسط فيه علةً لثبوت النتيجة في الذهن والخارج.
والبرهان الإنِّيُّ هو: ما يكون الحد الأوسط فيه علةً لثبوت النتيجة فقط.

مثال: هذه الحديدة ارتفعت حرارتها- وكل حديدة ارتفعت حرارتها فهي متمددة- فهذه الحديدة متمددة.
فالحد الأوسط في هذا البرهان هو ارتفاع الحرارة وهو سبب وعلة إثبات النتيجة كما قد بيناه من قبل حيث قلنا إن الحد الأوسط في كل قياس هو الدليل الذي بواسطته تثبت النتيجة فهو علة لثبوت النتيجة في ذهن القايس وهذه صفة عامة لكل قياس.
ونلاحظ أن الحد الأوسط وهو ارتفاع الحرارة هو علة وسبب التمدد في الخارج أيضا كما هو معروف فإن علة التمدد للمعادن هي ارتفاع حرارتها.
فهذا برهان لمي مأخوذ من كلمة لم الدالة على السببية لأن الحد الأوسط هو علة لإثبات النتيجة في الذهن وهو بنفس الوقت علة حقيقية لثبوت التمدد في الخارج.

مثال: هذه الحديدة متمددة- وكل حديدة متمددة مرتفعةُ الحرارة- فهذه الحديدة مرتفعة الحرارة.
ونلاحظ هنا أن الحد الأوسط وهو التمدد علة لإثبات النتيجة.
ولكنه ليس علة ارتفاع الحرارة بل بالعكس هو معلول وعلته هي ارتفاع الحرارة.
فهذا برهان إنِّي منسوب لكلمة إنّ التي تدل في اللغة على التحقيق والثبوت.

فاتضح أن القياس تارة يكون الحد الأوسط فيه علة لثبوت النتيجة في الخارج، وتارة لا يكون علةً، أي أننا تارة نستدل بوجود العلة على وجود المعلول، وتارة نستدل بوجود المعلول على وجود علته.

مثال: زيدٌ مصاب بالتهاب فيروسي- وكل مصاب بالتهاب فيروسي محموم- فزيد محموم.
فالحد الأوسط هو الإصابة بالالتهاب وهو علة ثبوت الحمى في الخارج فهنا استدللنا بوجود العلة على وجود المعلول فيكون البرهان لميا.

مثال: زيد محموم- وكل محموم مريض- فزيد مريض.
فالحمى هي معلولة عن المرض فإن الجسد يمرض ويلتهب فتظهر الحمى فهنا استدللنا بالمعلول على العلة فيكون برهانا إنّيا.

مثال: أبو بكر مؤمن- وكل مؤمن يدخل الجنة- فأبو بكر يدخل الجنة.
فالإيمان وهو الحد الأوسط علة وسبب دخول الجنة، وهو علة إثبات النتيجة في هذا القياس فيكون لميا.

مثال: أبو بكر في الجنة- وكل من في الجنة مؤمن- فأبو بكر مؤمن.
فالكون في الجنة وهو الحد الأوسط معلول للإيمان، وإن كان في هذا القياس علة لثبوت النتيجة فيكون إنيا.

مثال: الصلاةُ قد أمر الله بها أمرا جازما- وكل ما أمر الله به أمرا جازما فهو واجب- فالصلاة واجبة.
فأمر الله بالصلاة هو علة كونها واجبة فيكون البرهان لميا.
ونلاحظ أن الصغرى هنا يقينية مستفادة من التواتر، والكبرى نظرية يقينية، فالنتيجة يقينية فمن لم يعتقد وجوب الصلاة كفر والعياذ بالله.

مثال: الصلاة واجبة- وكل واجب قد أُمر به أمرا جازما- فالصلاة قد أمر بها أمرا جازما.
فالوجوب هو معلول للأمر الجازم وليس العكس فيكون البرهان إنيا.

( مناقشات )

1- في ضوء ما تقدم ما هو البرهان؟
2- كيف تفرق بين البرهان اللمي والبرهان الإني؟
3- مثل بمثالين من عندك للبرهان اللمي وللبرهان الإني؟

( تمارين )

عيّن البرهان اللمي من الإني فيما يلي:
1- هذا دخان- وكل دخان حاصل من نار- فهذا حاصل من نار؟
2- النظر للأجنبيات بشهوة معصية- وكل معصية محرمة- فالنظر للأجنبيات بشهوة محرم؟
3- الرياضة تنشط الدورة الدموية- وكل ما ينشط الدورة الدموية مفيد للإنسان- فالرياضة مفيدة للإنسان؟
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

1- في ضوء ما تقدم ما هو البرهان؟
البرهان: هو اشتمل على مقدمات يقينية.
2- كيف تفرق بين البرهان اللمي والبرهان الإني؟
البرهان اللمي ما يكون الحد الأوسط فيه علةً لثبوت النتيجة في الذهن والخارج, فاستدللنا بالعلة على وجود المعلول.
والبرهان الإنِّيُّ ما يكون الحد الأوسط فيه علةً لثبوت النتيجة فقط, فاستدللنا بالمعلول على وجود العلة.
3- مثل بمثالين من عندك للبرهان اللمي وللبرهان الإني؟
المثال الأول:
ـ الإنسان يتنفس ـ وكل من يتنفس حي ـ فالإنسان حي, لمي.
ـ الإنسان حي ـ وكل حيّ يتنفس ـ فالإنسان يتنفس, إني.
المثال الثاني:
ـ الرجل عاقل بالغ ـ وكل عاقل بالغ مكلف ـ فالرجل مكلف, لمي.
ـ الرجل مكلف ـ وكل مكلف عاقل بالغ ـ فالرجل عاقل بالغ, إني.
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

عيّن البرهان اللمي من الإني فيما يلي:
1- هذا دخان- وكل دخان حاصل من نار- فهذا حاصل من نار؟ برهان إني, لأن علة تواجد الدخان هي النار.
2- النظر للأجنبيات بشهوة معصية- وكل معصية محرمة- فالنظر للأجنبيات بشهوة محرم؟ برهان لمي, لأن وجود معصية توجب الحرمة.
3- الرياضة تنشط الدورة الدموية- وكل ما ينشط الدورة الدموية مفيد للإنسان- فالرياضة مفيدة للإنسان؟ برهان لمي, لأن نشاط الدورة الدموية تُوجِد منفعة للإنسان.
 
إنضم
21 نوفمبر 2010
المشاركات
298
التخصص
الفقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

حياك الله أخي وجزاك الله خيرا.
لم أشأ أن أغير تعداد الفقرات الآن كي لا تختلط على الإخوة فكأن كل ما كتبته هذين اليومين هو للأخ أمير حفظه الله.
مع التقدير.
شكر الله سعيك, وجزاك الله عن الجميع كل خير وبركة.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح المنطق سهلة وواضحة.

( الفقرة الخمسون )

( المظنونات- المشهورات- المسلّمات- المقبولات)

قد علمتَ أن البرهان هو الذي يتألف من مقدمات يقينية سواء أكانت نظرية أم ضرورية، وهنالك مواد أخرى غير اليقينيات.
فأما المظنونات فهي: القضايا التي يحكم فيها العقل حكما راجحا مع تجويز الطرف الثاني.
وقد تقدم تفسير الظن وذكرنا أن فيه ترجيحا بلا جزم مثل ترجيح قيام زيد على عدمه.
مثال: أن ترى شخصا رثّ الثياب فتقول هذا فقير، فإن كون رث الثياب فقيرا أمرا مظنونا وليس يقينيا لجواز أنه يلبس الرث من الثياب مع غناه.

مثال: أن ترى شخصا يطوف بالليل ويخرج كثيرا فتعتقد أنه لص أو من رجال العصابات فإن مثل هذا الأمر مظنون.

مثال: أن ترى امرأة تمشي مشية مريبة وتلبس ملابس غير محتشمة ويظهر على سلوكها الريبة فتعتقد أنها من الزانيات مع أن مثل هذا غير لازم.

وأكثر أحكام الناس من هذا القبيل مأخوذة من قرائن وأمارات تفيد الظن ولا تدل على اليقين.


وأما المشهورات فهي:
القضايا التي اتفقت عليها آراء الناس جميعا، أو اتفق عليها بعضهم.
مثال: العدل حسن، والظلم قبيح. فهذه اشتهرت بين الناس والكل يذعن بها فتعتبر من المشهورات.

مثال: كشف العورة مذموم. فهذه قضية مشهورة عند أهل الأديان وأما الإباحيون وبعض الأقوام البدائية فقد لا يقرون بهذه القضية لأنها غير مشتهرة عندهم.

مثال: ذبح الحيوان مذموم فهذه قضية مشتهرة عند كثير من أهل الهند مع أنها لا تقبل عند أكثر الناس وهي أيضا اليوم صارت مشتهرة عند من يعرفون بالنباتيين الذي يشفقون على الحيوانات من أن تذبح لأجل الإنسان.

وأما المسلمات فهي:
القضايا التي يسلم بها الخصم.
وهذه تستعمل في المناظرات فيسلم خصمك الذي تناظره وتناقشه بقضية ما فتحتج بها عليه.
مثال: الأمر يفيد الوجوب يسلم بها خصمك الأصولي فتحتج بها عليه.

مثال: أن يسلم خصمك النصراني بأن عيسى قد مات مع أنه إله فتحتج بها عليه وتلزمه بإلزامات معينة بقصد إفحامه.

مثال: أن يسلم خصمك الإمامي أن عليا رضي الله عنه زوج ابنته لعمر رضي الله عنه فيقال له وكيف زوج ابنته لكافر عندكم وعقد الكافر على المسلمة لا يصح!.

وأما المقبولات فهي: القضايا التي تؤخذ ممن يوثق فيه.
كالقضايا التي تؤخذ من الأنبياء والصحابة والصالحين والعلماء ونحوهم.
مثال: الصلوات الخمس واجبة والربا محرم ونحو ذلك.

مثال: صلة الأرحام تزيد في العمر.

مثال: القضايا التي تؤخذ من الأطباء والنصائح التي ينصح بها المريض فإنه يقبلها ثقة فيه لا أنه قد أقام عليها البرهان وثبتت عنده بالدليل.

تنبيهات:
أولا: بالنسبة للمظنونات فأمرها بيّن لا يشتبه باليقينيات لأنها إما أن تكون ضرورية أو نظرية قد أقيم عليها البرهان فأورثت بالنفس اليقين، ولكن الظنيات ليس بالضرورة أن تكون مطابقة للواقع فقد تكون كذلك ويكون ما ظنه الإنسان حقا وقد لا تكون.

ثانيا: المشهورات والمسلمات والمقبولات قد تكون في نفسها من اليقينيات وقد لا تكون فلا مانع أن تكون القضية الواحدة تدخل في أكثر من قسم باعتبارات مختلفة. مثال: الكل أكبر من جزئه، فهذه من الأوليات، ومن المشهورات عند كل الناس ومن المسلمات التي يسلم بها الخصم، وقد تكون من المقبولات.
فهي باعتبار أن تصورها كاف للجزم بها بلا حاجة لدليل تعتبر من الأوليات.
وباعتبار أنها مشتهرة بين الناس تعتبر من المشهورات.
وباعتبار أنها يسلم بها الخصم فهي من المسلمات.
وباعتبار أنها تؤخذ ممن يوثق فيه كأن تؤخذ من المناطقة فهي من المقبولات كأن يأخذها شخص وهو لم يتصور أجزاء القضية بصورة تامة كي يجزم بنفسه ولم تشتهر عنده أو يسلم بها بل أخذها تقليدا للغير.
فالأقسام متداخلة والتفريق يحصل بالاعتبارات.

ثالثا: المقبولات قد تورث اليقين كأن تصدر من نبي معصوم، فإنه لكون النبي قد قام البرهان على صدق كلامه وأنه مؤيد بالوحي فيكون ما قاله حقا لا ريب فيه ولا شك، ومن حسب أن كلام الأنبياء لا يفيد اليقين فقد غلط غلطا عظيما، نعم قد لا يحصل اليقين باعتبار الطريق الذي وصل به كلامهم إلينا ويختلف في ثبوت الرواية عنه وقوتها وضعفها، أو يكون كلام النبي محتملا لأكثر من معنى فيحصل الظن.
وقد لا تفيد المقبولات أكثر من الظن الراجح كالكلام الذي يؤخذ تقليدا ممن يعتقد صلاحه أو علمه بعمله كالطبيب والمهندس والكيميائي ونحو ذلك.

( مناقشات )

1- في ضوء ما تقدم كيف تفرق بين المظنونات والمشهورات والمسلمات والمقبولات؟
2- هل تعتبر المشهورات والمسلمات والمقبولات يقينية أو ظنية؟
3- مثل بمثالين من عندك لكل من المظنونات والمشهورات والمسلمات والمقبولات؟
 
أعلى