العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد:

ابن تيمية .. تلك الشخصية الفذة التي أَعْجَبُ لها كثيراً وأُعجَبُ بها كثيراً ..

1- ما يقول في حجية الإجماع؟

2- ثم ما الإجماع المعتبر عنده؟ فهو يحكي إجماعات يدعي غيره أنها مسائل خلاف، ويعيب على أناس حكايتهم الإجماع في مسائل يدعي أن ليس معهم فيها إلا قصور الاطلاع وعدم العلم بالمخالف.

3- ثم هل هو ذاك الرجل الذي يخرق الإجماعات ويمزق الاتفاقات كما يصوره بعض خصومه؟ فإن كان قد خالف الإجماع في مسائل فما كَمُّ ذلك؟


هذه الأسئلة سنتركها على مائدة البحث والنقاش مع مراعاة أن لا نخلي كلامنا من نصوص صاحب المائدة "ابن تيمية". والله الموفق

راجين من جميع الإخوة والأخوات التفضل بإثراء الموضوع وإحياء الحوار فيه، مبتدئين بالنقطة الأولى حسب الترتيب أعلاه، فحياكم الله.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!


2 ـ الذي نعقله من طريقة الشيخ في الإعذار والإكفار = مخالف الإجماع القطعي الذي هو معلوم من الدين بالضرورة أو غير معلوم ضرورة عند الشيخ = لا يكفر من حيث العموم .
بل ينتقد تلك الطريقة على المتكلمين ، وجعلها ضابطا للتكفير .

ويرى الشيخ أن نفس الوصف بالمعلومية الضرورية هو وصف إضافي ، لا يكون ثابتا دائما .

( فَكَوْنُ الشَّيْءِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً أَمْرٌ إضَافِيٌّ فَحَدِيثُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَمَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ قَدْ لَا يَعْلَمُ هَذَا بِالْكُلِّيَّةِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَعْلَمُهُ بِالضَّرُورَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَقَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْخَاصَّةُ بِالضَّرُورَةِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُهُ أَلْبَتَّةَ )

أحسن الله إليك، وشكر لك

فما تأويل هذا الكلام لشيخ الإسلام رحمه الله تعالى بعد النقل الأول بقليل، وذلك في ج19 ص 270:
( وقد تنازع الناس في مخالف الإجماع: هل يكفر؟ على قولين.
والتحقيق: أن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه، لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به. وأما العلم بثبوت الإجماع في مسألة لا نص فيها فهذا لا يقع وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره. وحينئذ فالإجماع مع النص دليلان كالكتاب والسنة ).
 

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

الحمد لله ،

هذا وصف عمومي ، مثله مثل نصوص الوعيد العام ، أما مناط الإسقاط على الأعيان فلا يقوم إلا بالشرط المعتبر وهو إقامة الحجة إقامة نافية للجهالة قاطعة للتأويل ، مع نفي المانع .

والتدقيق في نقلكم يُرِي هذا واضحا في تقييد الشيخ العبارة بـ (
لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به ) ، وقوله ( وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره )
وقد تقدم بيانه في أن وصف المعلومية إضافي لا مطلق .

فهذا مثل نصوص الشيخ المستفيضة في أن من استغاث بغير الله يكفر ، وانه كفره أشد ظهورا من كفر كذا وكذا .
فالمقرر عند العلماء ـ وهو من التقارير التيمية ضبطا وتحريرا لا اختراعا وإنشاءً وإلا فهو معزو للسلف قاطبة ـ : أن تكفير الأفعال غير تكفير الأعيان .
فقولهم : الاستغاثة بغير الله كفر أكبر = من استغاث بالله فهو كافر مرتد
لكن لا يلزم من العبارتين أن فلانا المتستغيث كافر كفرا أكبر .

وفق ذلك فإن الشيخ ينتقد الطريقة الكلامية في تقسيم الدين إلى ( أصول وفروع ) ، وتقسيمه إلى ( معلوم ضروري وغير ضروري ) من حيث ترتب الأثر في مسائل التكفير والتفسيق والتبديع .
ـ لا أنه ينكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع ، ونحو ذلك مطلقا / كما هو محرر في مظانه ، ولا يتسع المقام هاهنا للخوض فيه .

قال :
( وأما " الفرائض الأربع " فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر وكذلك من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها كالفواحش والظلم والكذب والخمر ونحو ذلك ، وأما من لم تقم عليه الحجة مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شرائع الإسلام ونحو ذلك أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمر كما غلط في ذلك الذين استتابهم عمر. وأمثال ذلك فإنهم يستتابون وتقام الحجة عليهم فإن أصروا كفروا حينئذ ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك؛ كما لم يحكم الصحابة بكفر قدامة بن مظعون. وأصحابه لما غلطوا فيما غلطوا فيه من التأويل. وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئا من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء هي روايات عن أحمد )

فانظر كيف اشترط ( بلوغ الحجة + قطع التأويل ) لتنزيل الحكم على العين .



وقال في الرد على البكري في قضية ( الشرك الأكبر ) وتحريمه ضروري في دين الإسلام :

(فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسولنعلم بالضرورة انه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا يغيرها ولا بلفظ الاستعاذة ولا يغيرها كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم مما يخالفه
،ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلا تفطن وقال هذا أصل دين الإسلام )

فوصفه بالضروري = وأعذر فيه بالجهل .

( وهذا دال على بطلان فهم من يفهم أن تمثيل الشيخ بالناشيء النائي ، وحديث العهد ، ونحو ذلك أنه حاصر كما يشيع في كتابات بعض المعاصرين ، بل هذا غلط على طريقته ، يعلم ذلك كل عارف بأصوله في ذلك الباب ) .


فالتقرير :
1 ـ الشيخ ينتقد من جعل من المتكلمين ( كالغزالي ) أن الضابط في الإكفار من عدمه هو المعلوم الضروري ، أو الإجماع .
2 ـ الشيخ قد يقع في كلامه تقرير كفر مخالف المعلوم ضرورة من الإسلام من حيث الجملة والعموم ، كوصف فعلي لا عيني ، أما العيني فيجب قيام الشرط وانتفاء المانع .
لكن الأصل المحكم عنده أن هذا ليس ضابطا للإكفار .
3 ـ الشيخ يرى إمكان الإعذار في ذلك بأنواع من الأعذار .

وبالله التوفيق
 

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

قال في بغية المرتاد متعقبا كلاما للغزالي في التكفير والتفريق بين الأصول والفروع ، والسائغ وغير السائغ ( يراجع بطوله في محله ) :

( ومثل هذا يقال في الكلام والإرادة والرضا والغضب وأشباه ذلك مما تقول الجهمية من المعتزلة وغيرهم أنه خلقه في غيره فتسمى واتصف به فإن حمل المتكلم على الذي أوجد الكلام في غيره بمنزلة حمل العالم والقادر والسميع والبصير على الذي أوجد العلم والقدرة والسمع والبصر في غيره ولو كان متكلما بما يخلقه في غيره لكان ما تنطق به الأيدي والجلود التي قالت أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء متكلما به وكان ذلك كلام الله ولم يكن فرق بين أن يقول هو وبين أن ينطق غيره ثم إنه إذا قام الدليل على أنه خالق أفعال العباد لزم أن يكون هو المتكلم بكل ما يوجد من الكلام كما قاله بعض الاتحادية ....ولهذا لما فهم السلف حقيقة قول هؤلاء كفروهم ...ولا فرق في ذلك بين نوع ونوع في الحقيقة ولكن من المذاهب ما قل قائله وخفي وظهر مخالفته لما استقر في قلوب المسلمين ومنها ما كثر قائله وبقي نفور القلب عن ذلك القول ومفتتحه أعظم ولو فرض أن شخصا مؤمنا باطنا وظاهرا ولكن جهل وضل في صفة القدرة أو العلم حتى ظن أن القدرة تقوم بغيره والعلم بغيره كما هو قول الباطنية لكان حاله كحال من هو مؤمن باطنا وظاهرا وقد جهل وضل حتى اعتقد أن الكلام لا تقوم به بل بغيره وكثير من أهل المقالات قد أخرج بعض الموجودات عن قدرته ومنع قدرته عن أشياء كحال الذي قال لولده ما قال فهذه المقالات هي كفر لكن ثبوت التكفير في حق الشخص المعين موقوف على قيام الحجة التي يكفر تاركها وإن أطلق القول بتكفير من يقول ذلك فهو مثل إطلاق القول بنصوص الوعيد مع أن ثبوت حكم الوعيد في حق الشخص المعين موقوف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه ولهذا أطلق الأئمة القول بالتكفير مع أنهم لم يحكموا في عين كل قائل بحكم الكفار بل الذين استمحنوهم وأمروهم بالقول بخلق القرآن وعاقبوا من لم يقل بذلك إما بالحبس والضرب والإخافة وقطع الرزق بل بالتكفير أيضا لم يكفروا كل واحد منهم وأشهر الأئمة بذلك الإمام أحمد وكلامه في تكفير الجهمية مع معامتله مع الذين امتحنوه وحبسوه وضربوه مشهور معروف

وإنما القصد هنا التنبيه على أن عامة هذه التأويلات مقطوع ببطلانه وأن الذي يتأوله أو يسوغ تأويله فقد يقع بالخطأ في نظيره أو فيه بل قد يكفِّرُ من يتأوله )
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

الحمد لله ،

هذا وصف عمومي ، مثله مثل نصوص الوعيد العام ، أما مناط الإسقاط على الأعيان فلا يقوم إلا بالشرط المعتبر وهو إقامة الحجة إقامة نافية للجهالة قاطعة للتأويل ، مع نفي المانع .

والتدقيق في نقلكم يُرِي هذا واضحا في تقييد الشيخ العبارة بـ (
لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به ) ، وقوله ( وأما غير المعلوم فيمتنع تكفيره )
وقد تقدم بيانه في أن وصف المعلومية إضافي لا مطلق .

فهذا مثل نصوص الشيخ المستفيضة في أن من استغاث بغير الله يكفر ، وانه كفره أشد ظهورا من كفر كذا وكذا .
فالمقرر عند العلماء ـ وهو من التقارير التيمية ضبطا وتحريرا لا اختراعا وإنشاءً وإلا فهو معزو للسلف قاطبة ـ : أن تكفير الأفعال غير تكفير الأعيان .
فقولهم : الاستغاثة بغير الله كفر أكبر = من استغاث بالله فهو كافر مرتد
لكن لا يلزم من العبارتين أن فلانا المتستغيث كافر كفرا أكبر .

وفق ذلك فإن الشيخ ينتقد الطريقة الكلامية في تقسيم الدين إلى ( أصول وفروع ) ، وتقسيمه إلى ( معلوم ضروري وغير ضروري ) من حيث ترتب الأثر في مسائل التكفير والتفسيق والتبديع .
ـ لا أنه ينكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع ، ونحو ذلك مطلقا / كما هو محرر في مظانه ، ولا يتسع المقام هاهنا للخوض فيه .

قال :
( وأما " الفرائض الأربع " فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر وكذلك من جحد تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر تحريمها كالفواحش والظلم والكذب والخمر ونحو ذلك ، وأما من لم تقم عليه الحجة مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه فيها شرائع الإسلام ونحو ذلك أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يستثنون من تحريم الخمر كما غلط في ذلك الذين استتابهم عمر. وأمثال ذلك فإنهم يستتابون وتقام الحجة عليهم فإن أصروا كفروا حينئذ ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك؛ كما لم يحكم الصحابة بكفر قدامة بن مظعون. وأصحابه لما غلطوا فيما غلطوا فيه من التأويل. وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئا من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء هي روايات عن أحمد )

فانظر كيف اشترط ( بلوغ الحجة + قطع التأويل ) لتنزيل الحكم على العين .



وقال في الرد على البكري في قضية ( الشرك الأكبر ) وتحريمه ضروري في دين الإسلام :

(فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسولنعلم بالضرورة انه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا يغيرها ولا بلفظ الاستعاذة ولا يغيرها كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم مما يخالفه
،ولهذا ما بينت هذه المسألة قط لمن يعرف أصل الإسلام إلا تفطن وقال هذا أصل دين الإسلام )

فوصفه بالضروري = وأعذر فيه بالجهل .

( وهذا دال على بطلان فهم من يفهم أن تمثيل الشيخ بالناشيء النائي ، وحديث العهد ، ونحو ذلك أنه حاصر كما يشيع في كتابات بعض المعاصرين ، بل هذا غلط على طريقته ، يعلم ذلك كل عارف بأصوله في ذلك الباب ) .


فالتقرير :
1 ـ الشيخ ينتقد من جعل من المتكلمين ( كالغزالي ) أن الضابط في الإكفار من عدمه هو المعلوم الضروري ، أو الإجماع .
2 ـ الشيخ قد يقع في كلامه تقرير كفر مخالف المعلوم ضرورة من الإسلام من حيث الجملة والعموم ، كوصف فعلي لا عيني ، أما العيني فيجب قيام الشرط وانتفاء المانع .
لكن الأصل المحكم عنده أن هذا ليس ضابطا للإكفار .
3 ـ الشيخ يرى إمكان الإعذار في ذلك بأنواع من الأعذار .

وبالله التوفيق
لا أختلف معكم في كون شيخ الإسلام يفرق بين تكفير المعين والتكفير العام.. ولكن كان إيرادي كان في استشكال قولكم بأنه لا يكفر في العموم مع الذي نقلتُه عنه من كونه يكفر، وفي كون ذلك يعتبر ضابطاً عنده أم لا يعتبر كذلك، وقد بينتم أنه ليس ضابطاً عنده.
فكون الاستغاثة بغير الله تعالى كفراً .. هذا ضابط ،وأما مسألة الحكم على المستغيث المعين فلستُ أعنيها من قريب ولا بعيد. بارك الله فيكم

ولكن: لمَ اعتبرنا قوله ذاك في عدم اعتبار التفريق بين المعلوم ضرورة وغير المعلوم ضرورة ضابطاً= حاكماً على قوله هذا هنا؟ فلمَ لا يكون أحدهما متقدماً مرجوعاً عنه والثاني متأخراً؟
 
التعديل الأخير:

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

الحمد لله وحده ،

1 ـ ما ذكرته فوق لم يكن ترجيحا لنص على نص أو جعل أحدهما حاكما على آخر .

لأن الترجيح يكون على فرض التعارض .

وأنا أرى أنه لا تعارض بين النصوص .

مخالفة المعلوم الضروري = كفر
وصف الضرورية للمعلوم = إضافي

وذلك يتضح في النص الذي نقلتموه ، فإن الشيخ يقول فيه ( والتحقيق: أن الإجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه، لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به )
فتحصل أنه قيده بالمعلوم وبالعلم بثبوت النص به ، ومفهومه = أنه من لم يعلمه ( يعني لم يكن الإجماع معلوما عنده [ نسبية ] ) ، أو من لم يعلم ثبوت النص ، أو كان له تأويل = كان كفره متوقفا على ذلك .
كما في قضية قدامة بن مظعون .
والجاهل بقدرة الله في حديث الرجل الذي وصي بنيه أن يذروه ، كما يستخدمه شيخ الإسلام في غير موضع .

أما من كان عالما بالإجماع وبالنص وتعمد تركه بلا شبهة ولا تأويل = فلا ريب أنه يكفر . ( كما نص الشيخ فيمن حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه أنه يكفر باتفاق الفقهاء ) مج 3/267 .
وإلا فما يكون توجيه عبارة الشيخ ( كما يكفر مخالف النص بتركه ) ، فإنه يلزم منه تكفير كل مجتهد ترك نصا ( ولو على سبيل العموم ) !! ، ولا يمكن أن يخطر هذا ببال مؤلف ( رفع الملام ) ، بل أيضا هذا معناه كما نص بعدها ( لكن هذا لا يكون إلا فيما علم ثبوت النص به ) ، فهذه كتلك .
فالعلم في الحالتين ( الإجماع ـ النص ) ؛ إضافي ، ولذا يصح الإعذار في مخالفهما بشرطه .

فرغم التعميم في العبارتين ، فإن الثانية فيها احتراز يجعلها عينية كما قدمت لك في كلامي السابق .
فتكون عبارته تلك عن الإجماع الصحيح القطعي في نفس الأمر ، من حيث العموم ، ويكون تقريره المعروف عنه بالإضافة ، من حيث التعيين .

2 ـ أنه يتعذر جدا أن تفهم عبارة الشيخ تلك أنها ناسخة لتأصيله المعروف .

فإن العالم بكلام الشيخ وفقهه في هذا الباب ، يعلم ذيوع ذلك في كتبه ، واستدلاله له بأجناس الأدلة ، ونسبته للسلف والأئمة ، والأئمة الأربعة .
وانتقاده تقسيم الدين إلى أصول وفروع من حيث ترتب الأثر على ذلك التقسيم تكفيرا وتفسيقا / كما تعقب الغزالي في كون مخالفة الأصول كفر ، ومخالفة الفروع فسق ، واستفاضة ذلك عنه .
كما في قوله :
( وهذه حال أهل الاجتهاد والنظر والاستدلال في الأصول والفروع ولم يفرق أحد من السلف والأئمة بين أصول وفروع. بل جعل الدين " قسمين " أصولا وفروعا لم يكن معروفا في الصحابة والتابعين ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين إن المجتهد الذي استفرغ وسعه في طلب الحق يأثم لا في الأصول ولا في الفروع ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة وأدخله في أصول الفقه من نقل ذلك عنهم ) .

فمثل تلك التأصيلات مما يستحيل أن يقال إن الشيخ رجع عنها البتة .

ثم على التسليم ، فهاهنا محاققة أخرى جدلية :
نص الشيخ في أن القطعية والظنية أمر إضافي إنما هو من قاعدته في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم ، في المجموع ( 19/203 ) إنما هي مستلة من منهاج السنة ( 5/83 ) ، بنصها ، وقد نص على ذلك أيضا ناصر الفهد في صيانة المجموع 155 .
ومن المعروف أن المنهاج من كتب شيخ الإسلام المتأخرة ، فقد ألفه في الشام ، بعد رجوعه من مصر ، لأنه يذكر فيه الدرء ، وقد ألف الدرء في مصر اتفاقا ، وذلك بين عامي 713 - 718 كما قطع الشيخ رشاد في مقدمته ، فيكون المنهاج قد ألف بعد 718 .
كما أن حوادث الشيخ مع ابن مخلوف ونحوه كانت متأخرة عن ذلك .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

شكر الله لك وجزاك عنا خيراً، وقد وضحت الفكرة جليَّةً، ولم تكن عن النكت والفوائد خليَّةً.

وائذن لي -حفظك الله- أن أصوغ ما نُقِش في قلبي من ذلك بعباراتي السهلة المبتدِئة آملاً أن تعلق عليها من جهة كونها موافقة لما قررتَه أو لا:

1- نقْد شيخ الإسلام -رحمه الله- لتقسيم الدين إلى مسائل أصول ومسائل فروع، وأنه تقسيم مبتدع حادث رتبوا عليه آثاراً كلامية باطلة.. هو أمرٌ لا غبار عليه، وحجته فيه لا تُثلَم.

2- كونه -رحمه الله- نَقَدَ المتكلمين في تكفيرهم مَن أخطأ في مسائل الأصول هو دليل على إبطاله طريقتهم في اعتقادهم قطعيةَ أصولهم التي لا يعذرون بالمخالفة فيها وظنيةَ فروعهم.

3- أن مَن علم بتحقق الإجماع في مسألة ما من مسائل الاعتقاد أو غيرها، وعلم بالنص الذي استند إليه، وثبت عنده ذلك النص دون أن يكون له فيه شبهة أو تأويل، فإنه يكفر بمخالفته.

4- أصل ثبوت حجية الإجماع قطعية.

5- طرق نقل الإجماع ثلاثة أنواع،
(وهنا إن ثبت الإجماع في مسألة بطريق قاطع سمي قطعياً وإلا كان ظنياً) :
أ. في الفرض الذي لا يسع جهله،
وهو حجة قطعية؛ لقطعية الأدلة عليه بحيث لا يسع أحداً مخالفتها إلا في صور قليلة جداً.

ب. إجماع الصحابة،
وقد يكون قطعياً وقد يكون ظنياً، وذلك يختلف باختلاف الأدلة التي توصل إليها الناظر فيه من جهة كونها قطعية أو لا، وقوته هو في الاستدلال، أي أن ذلك أمر نسبي يختلف باختلاف سعة اطلاع المجتهد على النصوص وشمول استقرائه وإحاطته والقرائن التي تضفي القطعية في نفسه على ذلك الإجماع.

ج. إجماع مَن بعد الصحابة،
وهو حجة ظنية؛ إذ العلم به متعذر غالباً.
 
التعديل الأخير:

عمرو علي بسيوني

:: متابع ::
إنضم
28 فبراير 2010
المشاركات
42
التخصص
لغة عربية
المدينة
...
المذهب الفقهي
شافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

جزاك الله خيرا مولانا ، ونفع بك .

عندي ملاحظتان فحسب .

1 ـ على النقطة الأولى :
لا نعتقد أن شيخ الإسلام رد تقسيم الدين إلى أصول وفروع مطلقا ، بل هذا التقسيم يقرره الشيخ في غير ما موضع من عباراته وتأصيلاته ، وإنما النقد الذي وجهه شيخ الإسلام لذلك التقسيم عند المتكلمين من حيثيتين :
ضابط التقسيم عند المتكلمين ( الأصول = العلميات ، الفروع = العمليات ) ، وترتب الأثر على التقسيم ( الأصول = تكفير ، الفروع = تفسيق وتأثيم ) .
وقد ذكرت ذلك في عبارتي فوق حين قلت :

( وفق ذلك فإن الشيخ ينتقد الطريقة الكلامية في تقسيم الدين إلى ( أصول وفروع ) ، وتقسيمه إلى ( معلوم ضروري وغير ضروري ) من حيث ترتب الأثر في مسائل التكفير والتفسيق والتبديع .
ـ لا أنه ينكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع ، ونحو ذلك مطلقا / كما هو محرر في مظانه ، ولا يتسع المقام هاهنا للخوض فيه )

فنحن لا نوافق بعض الباحثين المعاصرين ممن يعزو لابن تيمية إنكار تقسيم الدين إلى أصول وفروع مطلقا ، وللشيخ الشثري كتاب جيد في هذه المسألة عن الأصول والفروع ، وللأخ سلطان العميري مقال جيد أيضا في تحرير المسألة ، خلص فيه إلى ما ذكرته .

وقلت :
( وانتقاده تقسيم الدين إلى أصول وفروع من حيث ترتب الأثر على ذلك التقسيم تكفيرا وتفسيقا )

2 ـ والنقطة الخامسة في الفرع ( ب )

في مسألتين :
1 ـ المراد بأداة المجتهد للخلوص لقطعية الإجماع ومفهوم الإحاطة ليس الإحاطة بالنصوص أو الأدلة ، بل بالإحاطة بالمجتهدين وأقوالهم ، وسعة استقرائه ، بحيث يقطع أنه لا مخالف ، فهذا الذي ورد في كلام الإمام الشافعي عن الإحاطة ، مرادا به الإحاطة بمذاهب الفقهاء ومعرفتهم .
نعم ؛ قد تكون قوة الدليل مؤثرة في حكم المجتهد بالقطعية على إجماع ما ، مع معرفته مذاهب الفقهاء ، لكن الأصل أن المراد بالإحاطة والاجتهاد في هذا الباب ( تحديد قطعية الإجماع ) هو الإحاطة والاجتهاد فى تحصيل أقوال الفقهاء .

2 ـ أن إجماع الصحاية قد يكون قطعيا وقد يكون ظنيا ، ولكن إجماع الصحابة كثير منه قطعي ، لأنه منضبط ، كما تقدم من كلام الشيخ .

وبارك الله فيك .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

جزاك الله خيرا مولانا ، ونفع بك .
وإياك شيخنا الكريم
لا نعتقد أن شيخ الإسلام رد تقسيم الدين إلى أصول وفروع مطلقا ، بل هذا التقسيم يقرره الشيخ في غير ما موضع من عباراته وتأصيلاته ، وإنما النقد الذي وجهه شيخ الإسلام لذلك التقسيم عند المتكلمين من حيثيتين
نعم، أعلم ذلك بارك الله فيكم، وإنما نقدهم فيه من هاتين الحيثيتين؛ ذاك أنه يتردد في كلامه كثيراً إيراد هذين القسمين.. ولا إشكال في القسمة إذا لم يقصَد بها ما هو فاسد أو يترتب عليها أثر فاسد.
المراد بأداة المجتهد للخلوص لقطعية الإجماع ومفهوم الإحاطة ليس الإحاطة بالنصوص أو الأدلة ، بل بالإحاطة بالمجتهدين وأقوالهم
نعم جزاك الله خيراً، وقد أردتُ الأمرين وزدتَنا -أثابك الله- بالتنصيص على أن الأصل هو الإحاطة بأقوال المجتهدين المعتبرين
وقد قلتُ:

أي أن ذلك أمر نسبي يختلف باختلاف سعة اطلاع المجتهد على النصوص وشمول استقرائه وإحاطته
فالنص إذا كان ينهض بالقطعية مع تحقق الإجماع صار قطعياً، وأما إذا لم يكن كذلك فــ (قد) تتخلف القطعية.. وهذا يذكرني بكلام شيخ الإسلام في خبر الواحد وأن القرائن هي التي تجعله يكتسب القطعية أحياناً. وأما قولي "شمول استقرائه وإحاطته" فالمراد استقراؤه لأقوال المجتهدين كما عرف به شيخ الإسلام الإجماعَ الاستقرائي.

ولكن إجماع الصحابة كثير منه قطعي ، لأنه منضبط ، كما تقدم من كلام الشيخ .
شكر الله لكم، وأثابكم، وبارك فيكم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

شكر الله لأخينا الشيخ عمرو، والشكر موصول لأخينا الشيخ فهد، ولأختنا الفاضلة أم طارق

ولعلنا ندلف الآن إلى محور :
هل ابن تيمية هو ذلك الشخص الذي يخرق الإجماعات ويتجاوز الاتفاقات ولا يلقي لها بالاً ؟

وأذكّر بأن المجال لا زال مفتوحاً لمناقشة أي نقطة مضى الكلام عليها، والله الموفق
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!


ولعلنا ندلف الآن إلى محور :
هل ابن تيمية هو ذلك الشخص الذي يخرق الإجماعات ويتجاوز الاتفاقات ولا يلقي لها بالاً ؟

يقول الحافظ ولي الدين العراقي -رحمه الله- في "الأجوبة المرضية عن الأسئلة المكية" في الجواب عن المسألة الحادية والعشرين: ( وأما الشيخ تقي الدين ابن تيمية فهو إمام واسع العلم، كثير الفضائل والمحاسن، زاهد في الدنيا، راغب في الآخرة، على طريقة السلف الصالح، لكنه كما قيل فيه: "علمه أكبر من عقله" فأداه اجتهاده إلى خَرْق الإجماع في مسائل كثيرة، قيل: إنها تبلغ ستين مسألة ) ثم أشار إلى أن من نقد ابن تيمية في ذلك يعده مخالفاً للإجماع في مسائل من الأصول، إلى أن قال: ( وما أبشع مسألتي ابنِ تيمية في الطلاق والزيارة ).

ويقول تقي الدين السبكي في مقدمته على كتابه "الدرة المضية في الرد على ابن تيمية": ( فإنه لمَّا أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مُظهِراً أنه داع إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الاتباع إلى الابتداع، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع ... ).

واتهمه بعضهم بأنه ( يركب شاذ الفتاوي، ويزعم أنه مجتهد مصيب!! ).

وقال عنه الصفدي في "أعيان العصر": ( إلاَّ أنه انفرد بمسائل غريبة، ورجح فيها أقوالاً ضعيفة عند الجمهور مُعيبة، كاد منها يقع في هُوّة، ويسلم منها لما عنده من النيّة المرجُوّة، واللَّه يعلم قصده، وما يترجّح من الأدلة عنده ).

ومن المسائل التي ادُّعِيَ أنه خرق فيها الإجماع :

* أن طلاق الثلاث مجتمعة لا يقع إلا واحدة
* قوله في "عليّ الطلاق" أنه لا يقع، بل عليه كفارة يمين.

* أن طلاق الحائض لا يقع، وكذا الطلاق في طهر جامع فيه.
* أن لا حد لأكثر الحيض.
* أن شد الرحل لزيارة قبور النبيين والصالحين منهي عنه، وهذه مسألة قد كُفّرَ شيخ الإسلام بسبب قوله هذا فيها.
* كلامه في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به، ونُسِب بسببه إلى الزندقة.
*
أن تارك الصلاة عمداً لا قضاء عليه.
* القول بقصر الصلاة في كل ما يسمى سفراً.

* أن شرط الواقف غير معتبر، بل لو وقف على الشافعية صُرِف الى الحنفية وبالعكس، ولو وقف على الفقهاء صرف إلى الصوفية وبالعكس.

 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

قال نعمان الآلوسي في "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين": (إن أكثر المنتقدين من المعاصرين وأشدهم في الوقوع فيه: الإمام السبكي.

ومن المتأخرين الشاذ النادر، وهم على أقسام :
1- فمنهم من شنع لداء المعاصرة،
2- ومنهم لشهوة كاذبة من غير تحقيق،
3- ومنهم لمخالفة في العقيدة،
4- ومنهم حباً في ابن عربي وأتباعه،
5- ومنهم اقتداء بشيخه المنافس له).

وقال فيه أيضاً: (إذا أحطتَ خُبراً بما تلوناه ونمليه عليك، واستمسكت بزمام الحق والأنصاف الموضوع بين يديك تعلم أن كلام بعض الطاعنين في (( الشيخ ابن تيمية )) بل معدود من جملة ما نسب إلى أمثاله من المغزوات المتقدمة المسطورة .

فأما (( القاضي السبكي )) ومتابعوه فلِدَاءِ المعاصرة نافسوه، وغدوا بكل نقيصة رامية ولأمور رامية ولأمور يطول شرحها مع معاديه .
وأما (( أبو حيان )) فقد جرى أيضاً بينهما كما جرى بين الأقران في كل زمان.
وأما غيرهما فللمخالفة المذهبية في بعض المسائل الفرعية الاجتهادية وبعض الاعتقادية .
ومنهم من طعن من غير تحقيق وروية .
ومنهم لاعتراضه على بعض كلمات الصوفية المغاير ظاهرها للشريعة المطهرة الأحمدية، ولأنه سلفي الاعتقاد كالأئمة الأمجاد، وطاعِنُوه كما نعلم خَلَفِيُّون ولآيات الصفات مؤولون، وشتان بين مفوِّضٍ لأخبار الصفات ومؤوِّلٍ للآحاديث والآيات البينات.

وكل منهم إن شاء الله تعالى قصد الخير، (( وإنما الأعمال بالنيات ))، وسيجىء تفصيل هذه المجملات، وينكشف عن وجه الحقيقة غيهب الشبهات، بعناية الله سبحانه وتوفيقه).
 
التعديل الأخير:

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

احترم دفاع الألوسي عن شيخه ، لكن ليس كل ما ذكره صحيح ، إن تبريء ابن تيمية واتهام السبكي والزملكاني وابن جماعة والهيتمي وغيرهم بالحسد أو غير ذلك ، هو نوع من التعصب الحزبي وهو قول لا دليل عليه.
أنا لا أشك أن ابن تيمية إمام ، لكن هل هو بمثابة الأئمة الأربعة؟! شتان .... بل غاية الأمر أنه أخطأ في العديد من المسائل كما أخطأ من سبقه ، فابن قادمة وابن عبد البر مثلا قد أخطأوا أحيانا في نقل الإجماع ، ومثل ذلك حدث مع ابن تيمية .
أما أن نجعل من ابن تيمية صاحب القول الفصل ، ونجعل فتاويه هي غاية التحقيق ، فهذا نوع من التعصب ، بل آرائه نأخذها كما نأخذ آراء أي عالم كبير .
ويعجبني في هذا الشيخ الألباني حيث خالف شيخه ابن تيمية في كثير من المسائل ومنها ادعاء ضعف حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) مع أنه متواتر، وغير ذلك .
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

احترم دفاع الألوسي عن شيخه ، لكن ليس كل ما ذكره صحيح ، إن تبريء ابن تيمية واتهام السبكي والزملكاني وابن جماعة والهيتمي وغيرهم بالحسد أو غير ذلك ، هو نوع من التعصب الحزبي وهو قول لا دليل عليه.
أنا لا أشك أن ابن تيمية إمام ، لكن هل هو بمثابة الأئمة الأربعة؟! شتان .... بل غاية الأمر أنه أخطأ في العديد من المسائل كما أخطأ من سبقه ، فابن قادمة وابن عبد البر مثلا قد أخطأوا أحيانا في نقل الإجماع ، ومثل ذلك حدث مع ابن تيمية .
أما أن نجعل من ابن تيمية صاحب القول الفصل ، ونجعل فتاويه هي غاية التحقيق ، فهذا نوع من التعصب ، بل آرائه نأخذها كما نأخذ آراء أي عالم كبير .
ويعجبني في هذا الشيخ الألباني حيث خالف شيخه ابن تيمية في كثير من المسائل ومنها ادعاء ضعف حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) مع أنه متواتر، وغير ذلك .

الأخ الفاضل الكريم

في ظني أن الألوسي ليس من المتعصبين لابن تيمية، وهذا إنما يفصَل فيه بالنظر في كل ما كَتَب..

وليس الشيخ الألباني هو الوحيد الذي خالف شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من المسائل، بل الشيخ ابن باز -مثلاً- خالفه أيضاً في كثير من المسائل، فلا أعلم وجه التخصيص في مشاركتك.

ولسنا ندعو للتعصب لابن تيمية ولا لغيره من العلماء، فالتعصب مذموم على الإطلاق، ولكننا ننقل هنا كلام من تكلموا عنه ثم ننقده، وأظن هذا واضحاً في نقلنا لبعض ما تكلم به الطاعنون فيه. والله الموفق
 

صلاح الدين

:: متخصص ::
إنضم
6 ديسمبر 2008
المشاركات
713
الإقامة
القاهرة
الجنس
ذكر
الكنية
الدكتور. سيد عنتر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
المذهب الحنفي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

"رابعاً: يقرر ابن تيمية أنه لا يوجد إجماع إلا وله سند، وما دل عليه الإجماع فقد دل عليه القرآن والسنة، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص، إلا أنه قد يخفى على الناس ذلك، ويعضد ذلك باستقراء موارد الإجماع".

بارك الله فيكم شيوخنا الأفاضل. لكن عندي سؤال: كيف يخفى على الناس بعض نصوص الشرع سواء كانت من الكتاب، أم من السنة؟
ولازم هذا القول أن يكون هناك من الشرع ما لم يبلغنا!
نعم قد يكون مستند الإجماع قياس، أو مصلحة، وهو قول جمهور الأصوليين لكن هل المقصود بالنصوص- في كلامكم- ما هو أعم حتى يدخل فيها القياس والمصلحة؟
ولو قلنا إن شيخ الإسلام لا يعتبر إلا إجماع الصحابة فعلى إجماع من استند في تجويزه قتال التتار؟
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

بالنسبة للانتقادات التي وجهت لابن تيمية وشدة الإنكار عليه ، فهي ترجع في أغلبها إلى مسائل في العقيدة - الخلاف المعروف بين الأشاعرة وابن تيمية - وبما أن سياسة هذا المنتدى عدم الخوض في المسائل الخلافية المثيرة للمشاكل ، فلن أدخل فيه .
بالنسبة لموضوع نقد ابن تيمية ، فمن العلماء المنصفين في هذا الأمر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة" فليراجع ، فإذا كنا سنذكر آراء السبكي والهيتمي فيه فسنجد التعصب ضده ، وإذا كنا سنقرأ كلام الألوسي والسلفية فيه فسنجد أنهم عظموه ، فالحل أن نقرا كلام العلماء المنصفين .
في ظني أن الألوسي ليس من المتعصبين لابن تيمية، وهذا إنما يفصَل فيه بالنظر في كل ما كَتَب..
إذا كان غير متعصب له فلماذا رمى كل من تهجم على ابن تيمية بالحسد أو التعصب أو غير ذلك ، فتهجمه هذا يوحي أنه متعصب ، لو كان غير متعصب لكان اكتفى برد أقوالهم دون الطعن فيهم .

وليس الشيخ الألباني هو الوحيد الذي خالف شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من المسائل، بل الشيخ ابن باز -مثلاً- خالفه أيضاً في كثير من المسائل، فلا أعلم وجه التخصيص في مشاركتك.
بل كثير من أتباعه اليوم متعصبون لرأيه ، حتى سمعت من بعضهم أنه فاق الأئمة الأربعة !!!!!!!
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

بالنسبة للانتقادات التي وجهت لابن تيمية وشدة الإنكار عليه ، فهي ترجع في أغلبها إلى مسائل في العقيدة - الخلاف المعروف بين الأشاعرة وابن تيمية - وبما أن سياسة هذا المنتدى عدم الخوض في المسائل الخلافية المثيرة للمشاكل ، فلن أدخل فيه .
بالنسبة لموضوع نقد ابن تيمية ، فمن العلماء المنصفين في هذا الأمر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "الدرر الكامنة" فليراجع ، فإذا كنا سنذكر آراء السبكي والهيتمي فيه فسنجد التعصب ضده ، وإذا كنا سنقرأ كلام الألوسي والسلفية فيه فسنجد أنهم عظموه ، فالحل أن نقرا كلام العلماء المنصفين .

إذا كان غير متعصب له فلماذا رمى كل من تهجم على ابن تيمية بالحسد أو التعصب أو غير ذلك ، فتهجمه هذا يوحي أنه متعصب ، لو كان غير متعصب لكان اكتفى برد أقوالهم دون الطعن فيهم .

بل كثير من أتباعه اليوم متعصبون لرأيه ، حتى سمعت من بعضهم أنه فاق الأئمة الأربعة !!!!!!!

أولاً: هل تعلم -أخي الكريم- أن نعمان الألوسي ليس على طريقة ابن تيمية في سائر المعتقد؟ ولا حتى في آرائه في كتابه هذا؟

ثانياً: هل قرأت كتابه هذا: "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين"؟

ثالثاً: كونه خلص إلى أن من انتقد ابن تيمية فسبب نقده كان كيت وكيت.. لا يلزم منه أن يكون ذلك منه تعصباً. فقد يكون هذا ما أداه إليه اجتهاده.

رابعاً: من الذي تعني بقولك : كثير من أتباعه اليوم متعصبون لرأيه؟! وما علاقتها بتعليقي أعلاه؟ بارك الله فيك
 
التعديل الأخير:
إنضم
7 أبريل 2011
المشاركات
7
الكنية
أبو خالد الفليتي
التخصص
فكر إسلامي
المدينة
مستغانم
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

بارك الله فيكم ..
شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعرض لحسد لا مثيل له ، و لا حول و لا قوة إلا بالله ..
و العجيب أن الحسد الذي يأكل الحسنات كما تاكل النار الحطب جاء من طرف كثيرين و على رأسهم الإمامان السبكي و الهيثمي رحمهما الله و غفر لهما !!!
لقد تأكدت من هذه القضية منذ سنين ..
و لشيخ الإسلام رحمه الله رسائل في الحسد منها : رسائل من السجن ، و التحفة العراقية .. و غيرها
ثم هناك العالم الصوفي يوسف النبهاني صاحب التصانيف تحامل كثيرا على شيخ الإسلام ..
طبعا لا نذكر المعاصرين و على رأسهم زاهد الكوثري و غيره .. !!! [ و قد رد عليه الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله .. أنظر رسائل بكر أبو زيد ]
اللهم ارحم شيخ الإسلام ابن تيمية و طيب ثراه
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

اسمه ابن حجر الهيتمي وليس الهيثمي ، لأن الهيثمي هو صاحب مجمع الزوائد ، أما الهيتمي فهو خاتمة محققي الشافعية

شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعرض لحسد لا مثيل له
لماذا نفهم الأمور العلمية من باب الحسد ، بل هناك اختلافات حقيقية بين السبكي وابن تيمية ، المنهج العلمي الصحيح أن نحكم على الأفكار وليس على الأشخاص لأننا لا علم لنا بنوايا الأشخاص .
هذا بالإضافة إلى أن الطعن في الأشخاص ونواياهم هو ليس بحجة شرعية لترجيح الخلاف ، بل هو دغدغة للعواطف !

شيخ الإسلام
بالمناسبة لقب شيخ الإسلام ليس ليس مقصورا على ابن تيمية وحده ، بل هناك كثيرون ممن لقبوا بهذا اللقب ، فكل مذهب فقهي فيه عالم لقب بهذا اللقب ، ففي المذهب الحنفي المرغيناني صاحب الهداية ، وفي الشافعي زكريا الأنصاري ، وفي الحنبلي ابن تيمية ، وقد كان في الدولة العثمانية أعلى عالم في الدولة يلقب بشيخ الإسلام .

الخلاصة : أنني لا أريد الطعن في أحد ، وإنما نحاكم الأفكار ، مع اعتذارنا للعماء السابقين أو المعاصرين إن كانوا قد أخطأوا، والله تعالى أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

مما جاء في الباب

جاء ضمن رسائل ابن عابدين رحمه الله تعالى: (وسئلت في محرم الحرام سنة أربعين ومائتين وألف): في رجل طلق زوجته المدخول بها ثلاثاً في الحيض، بأن قال لها: روحي طالقة ثلاثا، فهل لا يقع غير طلقة واحدة، كما نص على ذلك العلامة ابن كمال باشا في فتاواه، نقلا عن كتاب السير، وكمال الفقهاء؟ أم يقع عليه الطلاق الثلاث؟ وإذا قلتم: إنه لا يقع عليه إلا واحدة، أفتكون رجعية أم بائنة؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب من الملك الوهاب.

(فأجبت): بما صورته الحمد لله تعالى،
يقع عليه الطلاق الثلاث، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، كما نطق به القرآن الكريم من غير تفرقة بين كونها حائضاً أو غيرها، ودلت عليه الأخبار والآثار، وصرحت به كتب مذاهب الأئمة الأربعة الأخيار، وانعقد عليه الإجماع بعد صدر من الصدر الأول، ولم يقل بخلافه الآن إلا من لا يعول على قوله ولا يقبَل؛ ففي الخلاصة، وكثير من كتب علمائنا التي لا تعد: لو قضى القاضي فيمن طلق امرأته ثلاثا جملة بأنها واحدة، أو بأن لا يقع شيء لا ينفذ، (وفي الزيلعي وغيره في كتاب القضاء: أن القضاء بمثل ذلك لا ينفذ بتنفيذ قاض آخر، ولو رفع إلى ألف حاكم ونفذه؛ لأن القضاء وقع باطلا؛ لمخالفته الكتاب والسنة والإجماع فلا يعود صحيحا بالتنفيذ. انتهى.


وقال المحقق الكمال ابن الهمام: وقول بعض الحنابلة بهذا المذهب باطل، إلى أن قال: فما بعد الحق إلا الضلال، وقال الخطيب الشربيني من الشافعية، وحكى عن الحجاج بن أرطاة وطائفة من الشيعة والظاهرية أنه لا يقع منها، أي: الثلاثة إلا واحدة، واختاره من المتأخرين من لا يعبأ به، واقتدى به من أضله الله تعالى. انتهى.
نقله في الفتاوى الخيرية، وأفتى ببطلان القول به أيضا.

وقال في البحر في أول كتاب الطلاق: ولا حاجة إلا الاشتغال بالأدلة على رد قول من أنكر وقوع الثلاث جملة؛ لأنه مخالف للإجماع كما حكاه في المعراج، ولذا قالوا: لو حكم حاكم بأن الثلاث بفم واحد واحدة لم ينفذ حكمه؛ لأنه لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ لأنه خلاف لا اختلاف.


وفي جامع الفصولين طلقها وهي حبلى أو حائض، أو طلقها قبل الدخول، أو أكثر من الواحدة، فحكم ببطلانه قاض، كما هو مذهب البعض لا ينفذ، وكذا لو حكم ببطلان طلاق من طلقها ثلاثاً بكلمة واحدة، أو في طهر جامعها فيه لا ينفذ، انتهى إلى هنا كلام البحر.

(وقد صرح أيضا ببطلان الحكم في هذه المسائل في البحر في كتاب القضاء، وكذا في النهر والمنح والأشباه والنظائر والبزازية، وغيرها من كتب المذهب المعتبرة المتداولة المحررة، وأوضحها وأفصحها وأبينها وأصرحها عبارة الإمام الأجل، الذي أذعن لفضله أهل الوفاق والخلاف: القاضي أبو بكر الخصاف في كتابه " أدب القضا"، وشارحه الإمام حسام الدين عمر بن عبد العزيز، وذلك حيث قال في الباب الثاني والأربعين: قال -يعني الإمام الخصاف-: وكذلك رجل طلق امرأته ثلاثا، وهي حبلى، أو حائض، أو قبل أن يدخل بها، فقضى قاض بإبطال ذلك، أو أبطل بعضه، فرفع إلى قاض آخر لا يرى ذلك؛ فإنه يبطل قضاء القاضي بذلك، وينفذ على الزوج ما كان منه؛ لأن على قول أهل الزيغ إذا وقع الثلاث وهي حبلى، أو في حالة الحيض، أو في طهر جامعها فيه لا يقع أصلا.

وعلى قول الحسن البصري: إذا وقع الثلاث تقع واحدة، لكن كلا القولين باطل؛ لأنه مخالف لكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد}. الآية، من غير فصل، والمراد منه الطلقة الثالثة. فمن قال: بأنه لا يقع شيء، أو تقع واحدة فقد أثبت الحل للزوج الأول بدون الزوج الثاني، وهو مخالف للكتاب، فإذا قضى القاضي لا ينفذ، فإذا رفع إلى قاض آخر له كان أن يبطله. انتهى.

وبهذه النقول الصريحة علمتَ أن القول بوقوع واحدة من الثلاث على الحائض مبني على القول بأن الثلاث لا تقع جملة واحدة، بل تقع منها واحدة، أو لا يقع منها شيء أصلاً، والمَبْنِيُّ والمُبْنَى عليه باطلان، وليس كل ما وجد في كتاب يجوز نقله والاعتماد عليه، ولا الإفتاء والقضاء به، وإنما يفتى بما تواردت عليه كتب المذهب، وعلمت صحته، وعدم تخطئة قائله، وإلا كان الناقل كجارف سيل، أو حاطب ليل يحمل الأفعى وهو لا يدرى، خصوصا من يطالع كتب الفتاوى، ويفتي منها قبل أن يمتزج الفقه بدمه ولحمه، ويصرف فيه جل همته وعزمه، فإن خطأه يكون أكثر من صوابه، ولا يحل لمن يعلم حاله الاعتماد على جوابه.

ولهذا قال الإمام قاضي القضاة: شمس الدين الحريري أحد شراح الهداية في كتابه " إيضاح الاستدلال على إبطال الاستبدال"، نقلا عن الإمام صدر الدين سليمان: إن هذه الفتاوى هي اختيارات المشايخ فلا تعارض كتب المذهب، قال: وكذا كان يقول غيره من مشايخنا، وبه أقول انتهى.

(وقال العلامة الشيخ خير الدين الرملي في مسائل شتى من فتاويه الخيرية ما نصه: ولا شك أن معرفة راجح المختلف فيه من مرجوحه، ومراتبه قوة وضعفاً هو نهاية آمال المشمرين في تحصيل العلم، فالمفروض على المفتي والقاضي التثبت في الجواب، وعدم المجازفة فيهما؛ خوفا من الافتراء على الله بتحريم حلال وضده، ويحرم اتباع الهوى، والتشهي، والميل إلى المال الذي هو الداهية الكبرى والمصيبة العظمى؛ فإن ذلك أمر عظيم لا يتجاسر عليه إلا كل جاهل شقي. انتهى كلام الخيرية، والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


قال ذلك بلسانه، وكتبه ببنانه: الفقير إلى عفو رب العالمين محمد أمين بن عمر عابدين، خادم العلم الشريف بدمشق الشام عفا عنه الملك السلام).
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: الندوة (23): ابن تيمية والإجماع!

قال في "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين": أقول: قد اختلف أقوال الصحابة والتابعين والعلماء المتقدمين والمتأخرين في وقوع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، كما أنهم اختلفوا في وقوعه حالة الحيض، وقد كثرت الأدلة من الطرفين، وبُسِطَت الأجوبة من الجانبين في كتبهم المفضلة، فمن الحنابلة الشيخ ابن تيمية في فتواه وغيرها، وتلميذه ابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين وغيره، ومن الشافعية الشيخ ابن حجر في تحفة المحتاج وغيره، ومن الحنفية ابن الهمام في فتح القدير، وخير الدين الرملي، وابن عابدين في حاشيته على الدر المختار، والوالد في أماكن من تفسيره وغيرهم، وكثرت الرسائل في ذلك، ولنذكر مختصر مازبروه، وتلخيص ما ذكروه.

فمن ذلك ما قاله العلامة ابن القيم إنه قد ذهب إلى عدم وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة جمع من الصحابة، منهم: الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وعن علي وابن مسعود روايتان. ومن التابعين: عكرمة، وطاوس. ومن تابعيهم: محمد ابن إسحق، وأفتى به داود بن علي على مذهب أهل الظاهر. قال: وأفتى به بعض أصحاب الإمام أحمد، والإمام أحمد نفسه. انتهى، ثم بسط بقية الأدلة، فإن أردتها فارجع إليه.

وقال الوالد عليه الرحمة ونفعنا الله تعالى به في تفسير سورة البقرة عند قوله تعالى: {الطلاق مرتان} [البقرة 229] من كلام مطنب: لو طلق بلفظ واحد لا يقع إلا بواحدة كما هو مذهب الإمامية، وبعض أهل السنة ومنهم الشيخ أحمد بن تيمية ومن اتبعه؛ احتجاجاً بهذه الآية، وقياساً على شهادات اللعان ورمي الجمرات، فإنه لو أتى بالأربعة بلفظ واحد لا تعد له أربعاً بالإجماع. وكذا لو رمى بسبع حصيات دفعة واحدة لم يجز إجماعاً.


ومثل ذلك: لو حلف ليصلين على النبي - صلى الله عليه وسلم - ألف مرة فقال: صلى الله تعالى على النبي ألف مرة، فإنه لا يكون باراً ما لم يأت بآحاد الألف، وتمسكاً بما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة، فقال عمر: إن الناس قد أستعجلوا في امر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه.


وذهب بعضهم إلى أن مثل ذلك ما لو طلق في مجلس واحد ثلاث مرات فإنه لا يقع إلا واحدة أيضاً، لما أخرج البيهقي عن أبن عباس قالوا: طلق ركانة امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كيف طلقتها)) قال: طلقتها ثلاثاً، قال: ((في مجلس واحد)) ؟ قال: نعم: قال: ((فإنما تلك واحدة، فأرجعها إن شئت)) فراجعها ).

إلى أن قال: ( غير أنه قد تبين أن هذا القول لم ينفرد به الشيخ ابن تيمية، وأن شبهته في ذلك قوية، ومع ذا، فهي من المسائل الاجتهادية ). أهـ
 
أعلى