العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو التنبيه على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط زائدة عما اشترطه أهل الحديث من شروط للعمل بخبر الآحاد .


و الحديث ينقسم حسب عدد الرواة إلى متواتر و آحاد . فالمتواتر من الأحاديث هو الذي ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع لا يتصور معه تواطؤهم على الكذب ، ثم ينقل عن هؤلاء جمع في طبقة ثانية ثم ثالثة بنفس الشروط إلى آخر الإسناد ، أما الآحاد فهو ما لم يتحقق فيه شرط التواتر في أي من طبقاته .


و تقسيم الحديث إلى متواتر و آحاد لم يكن معروفاً بين الصحابة والتابعين فقد كانوا يعتبرون صحة المنقول وبطلانه بناء على ثقة الراوي وعدالته وأمانته ،و لم يكونوايبحثون عن كونه متواتراً أم آحاداً و ما كان بحثهم في الحديث إلا من ناحية التثبت منثبوت الخبر و عدم الوهم فيه من قبل الرواي ، و هذا التقسيم و إن كان حادثا إلا أنه يعمل به ؛ لأنه يفيد في الترجيح بين الأخبار المتعارضة التي لا يمكن العمل بهما جميعا إلا بإسقاط أحدهما ، فيقدم الخبر المتواتر على الآحاد عند التعارض .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
فؤاد يحيى هاشم;7856 قال:
بالمناسبة هذا الكتاب قسم مؤلفه ثلاثة أقسام:
1- في الكلام عن القياس
2- في الكلام عن خبر الآحاد
3- في الكلام عن المقصود، وهو حال تعارضهما.
===========
وهذا جيد، لكن لاحظ أنه استغرق ثلثي الكتاب في غير المقصود بالكتاب أصالة.

جزاكم الله خيرا على الإفادة فما زلت منكم مستفيدا
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ الكريم الدكتور ربيع وفقنا الله وإياك
قولكم بارك الله فيكم ( عند التنازع نرجع لما في كتاب الله وما في السنة لا القواعد العامة ) هذا هو موطن النزاع والإشكال وبيانه كما يلي :
1 - القواعد العامة هي قواعد استقرائية من نصوص الكتاب والسنة كما نقول مثلا قاعدة المشقة تجلب التيسير والعادة محكمة ورفع الحرج ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ونحو ذلك فهذه قواعد عامة دل عليها مجموعة من النصوص من الكتاب والسنة فالرد إليها رد إلى الكتاب والسنة فهل يقول احد بأن قاعدة المشقة تجلب التيسير مثلا قاعدة تعارض الكتاب والسنة ؟ بل إن دلالة الكتاب والسنة عليها دلالة قطعية اقوى من دلالة خبر الآحاد .
2 - الرجوع إلى الكتاب والسنة هو المعتمد بلا شك لكن هذا يحتاج إلى بيان وتوضيح فإن كثيرا من طلاب العلم يحتج بهذا الأمر ويعتمد عليه ليرجح قولاً فهمه هو من دليل من الكتاب أو السنة فهو في الواقع يريد ان نرد التنازع إلى فهمه للكتاب والسنة وليس إلى الكتاب والسنة وهنا يقع الغلط عند كثير من المتحمسين لآرائهم واختياراتهم فيصبح فهمه للدليل فهماً قطعي لا يحتمل التأويل ومن يخالفه فهو مخالف للكتاب والسنة مع ان الدليل قد يكون من قبيل الظاهر او المجمل الذي يحتمل عدة احتمالات هذه من جهة الدلالة فضلا عن جهة الثبوت إن كان خبر آحاد وهذا المسلك لا يقول به طالب علم أدرك فهم نصوص الكتاب والسنة وعرف طرق الاستدلال ومناهج اهل العلم في الاستدلال ولو كان الأمر كما فهم لما وقع هذا الخلاف الكبير بين المذاهب في ألوف المسائل وكل منهم يستدل بالكتاب والسنة ، وهذا الخطأ هو من اكبر الأخطاء التي أخذت على الإمام المبجل الفقيه المحدث الأصولي الأعجوبة أبي محمد بن حزم رحمه الله فإنه رحمه الله نظر إلى الشريعة أنها جميعاً قطعية لا تحتمل التأويل والاجتهاد وبالتالي فلا يسوغ الرأي ولا الاجتهاد ولا القياس بل يجب القطع واليقين في جميع احكام الشرع وهذا المر لا يمكن تحقيقه في جميع احكام الشرع لا من جهة الثبوت ولا من جهة الدلالة .

قولكم بارك الله فيكم : ( لو كان صنيع الأحناف والمالكية كطريقة المحدثين لما عابهم المحدثون أما فعل عمر فقد كان لتثبت في الخبر لا ردا للخبر و فعل عائشة رضي الله عنها فهذا خطأ منها و لا أحد معصوم من الخطأ ، و خبر تحول القبلة حيث تحول الصحابة المصلون أثناء صلاتهم بخبر الواحد و أقرهم الرسول - صلىالله عليه وسلم - على ذلك مع أن هذا الخبر خالف ما ثبت لديهم جميعا ، وخبر تحريم الخمر فقد عمل به الصحابة و امتنعوا عن شربها رغم أنه خالف ما ثبت لديهم جميعا يدل دلالة واضحة على عدم ترك حديث الآحاد و إن خالف القواعد العامة )
صنيع الحنفية والمالكية صنعه كذلك الشافعية والحنابلة وإمام المحدثين احمد بن حنبل قد رد بعض الأخبار مع صحة إسنادها .
والمحدثون يذكرون بعض الأحاديث ويقولون العمل على خلافه أو ليس عليه العمل ويمكن الرجوع إلى مقدمة شرح علل الترمذي لابن رجب لنرى الأحاديث التي تكلم عليها اهل العلم من المحدثين والفقهاء وتركوا العمل بها مع صحتها لأسباب وعلل يذكرونها .
ومن ذلك ايضاً انهم يردون بعض الأحاديث ويحكمون بالنسخ بناء على تاخر أحد الحديثين وهذا لا يفيد القطع بالنسخ فالاحتملات واردة .
ومن ذلك أنهم يجمعون بين بعض الأحاديث فيعملون جزء الحديث الأول وجزء الحديث الثاني توفيقا بينهما وهو اجتهاد من العلماء .
فكل هذه المسالك سلكها المحدثون والفقهاء والأصوليون مع انها في كثير منها ضرب من الاجتهاد يترتب عليه ترك النص كاملاً أوتركه جزئيا وهم مع هذا متفقون على سلوك هذه المسالك ولا يرون انها طرح لنصوص الكتاب والسنة أو عمل بالرأي في مقابل الكتاب والسنة بل هذا هو عين الفقه والفهم .


وأما قولكم : ( فعل عمر للتثبت من الخبر ) فيبدو انك ظننت أني أريد حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في الاستئذان وليس كذلك بل مرادي ما رواه مسلم عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة قال عمر لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لا ندرى لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله عز وجل (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة )

وقولكم ( فعل عائشة رضي الله عنها فهذا خطأ منها و لا أحد معصوم من الخطأ ) هذا غريب إذا كان فعل عائشة خطأ ومالك خطأ ومسلك الحنفية والمالكية خطأ فهذا احتكار للصواب إذا كان الصحابة يصنعون ذلك بمرأى من الجميع ولا ينكر ذلك عليهم وعمر يجاهر به أمام الصحابة ولا احد يعارضه ! فمن الذي قوله ومنهجه صواب إذاً .

والمقصود أني لا اقول إن ما توسع فيه المالكية والحنفية صواب مطلقا لكني أؤكد على أن أصل المسلك سلفي صنعه الصحابة والتابعون وأئمة السلف لوجود ما هو أقوى من الخبر فلا يسوغ إساءة الظن بهؤلاء الأئمة الذين هم اقرب إلى التمسك بالكتاب والسنة وأكثر تقوى وصلاحاً واقرب إلى الحق ممن جاء بعدهم .
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
أخانا الفاضل الشيخ/ طالب هدى ...
أسأل الله أن يبارك فيك، وفي علمك وعملك؛ إزاء هذا النفس اللطيف في المحاورات العلمية؛ وهذا النفس أصل في بناء هذا الملتقى؛ فجزاكم الله خيراً على هذه اللبنات التي تؤسسونها في بناء النقاش العلمي الهادئ الجاد؛ بروح الألفة والمحبة بين طلبة العلم ومحبيه ...
 
إنضم
18 يونيو 2008
المشاركات
166
التخصص
فقه وتشريع
المدينة
الضفة الغربية
المذهب الفقهي
مذهب الائمة الاربعة (اذا صح الحديث فهو مذهبي)
بارك الله فيك وزادك علما وحرصا

بارك الله فيك وزادك علما وحرصا

واسمح لي اخي والاخوة الكرام بان اضيف بان الحنفية (وليس الأحناف) والمالكية وغيرهم ممن ميز بين الحديث كونه احادا او متواترا او مشهورا انما كان في عصرهم ضرورة كما أزعم، لأن علم الجرح والتعديل لم يكن مجموعا وواضح المعالم لكل طالب علم وسهل الوصول والحصول عليه هو وما يتعلق به من علم الرجال كما في عصرنا الحاضر؛ فابو حنيفة كان في العراق حيث البعد عن منبع الديث وحيث العراق بلد الفتن حينذاك وكثرة الكذب والوضع والدس في الاخبار جعل الحنفية ومن بعدهم يحتاط في الاخذ في الاخبار لان البيئة حولهم لم تكن نقية صالحة طاهرة من الدس والكذابين كما في المدينة مثلا ولا ننسى الفتنة الكبرى التي حصلت بعد وفاة عثمان رضي الله عنه بل بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا كله جعلهم يحتاطون ويتثبتون من الحديث قبل القول به والاعتقاد بانه فعلا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم او عن اصحابه، اذا اخذنا بعين الاعتبار ان بعد منبع الحديث عن العراق سبب اخر لقلة ادلة اثبات صحة الحديث ونسبته لقائله ان صح التعبير.
مما اضرهم لتمييز الحديث الذي بنقله سندا واحد او اكثر او جماعة عن جماعة اخذين بعين الاعتبار ان الذي ينقله شخص او اثنان عن مثله او مثلهم يبقى في دائرة الثقة الاقل من الذي ينقله جماعة عن مثلهم بالنسبة لمن يعيش في بيئة كثيرة الكذب والدس.
وهذا ما دعاهم لهذه الشروط ،،،
اما في عصرنا الحاضر حيث يستطيع الفقيه او طالب العلم معرفة صحة الحديث سندا ومتنا وهو جالس في بيته متكيء على اريكته فلم يعد لاحد حجة مطلقا في رد حديث لكونه احادا . ومن هنا انادي باعلى صوت مناشدا المفتين والفقهاء وغيرهم بعدم التعرض لكون الدليل احادا او متواترا عند ترجيحه او افتائه لمسألة امام الناس , بان يقول وافتي او ارجح الراي كذا لان القول الاخر ادلته احادا اما هذا متواترة.....لان هذا يؤدي الى الفتنة والتجرؤ على الفتوى من غير اهلها كما حصل بمن افتى بجواز تسليم المراة على الرجل او فتوى الرضاع بين الموظفين والموظفات او القول بان السنة الشريفة لا مكانة لها كمصدر تشريعي والعياذ بالله.
فالحديث كما تفضلت ما دام ثابتا سندا ومتنا فهو دليل تشريعي........
ولا يوجد لمن تبحر في الفقه اي دليلين متعارضين وان وجد فاما احدهما منسوخا او مخصصا او مقيدا او ضعيفا او كما تفضلتم اما ان نرد حديثا صحيحا لكونه احادا فهذا غير موجود البتة والله اعلم والحمد لله رب العالمين
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
معلوم أن القواعد الشرعية مأخوذة من النصوص ، و العلماء هم الذين فهموها من النصوص ، و هذه القواعد النصوص حاكمة عليها و ليست القواعد حاكمة على النصوص ، فإذا خالفت القاعدة حديثا فلابد أن نترك القاعدة مادام الحديث صحيحا إذ القاعدة فرع عن الأصل والحديث أصل ، وكيف نترك الأصل و نتمسك بالفرع ثم إعمال الدليل خير من إهماله ، و كيف بحديث و قاعدة ؟!!! و ترك الحديث لمخالفة قاعدة شرعية إهمال للحديث مع أن الحديث معصوم مادام صحيح و القاعدة غير معصومة لأنها فهم بشر و يمكن أن يكون الحديث مما استثني منها و مادام الدليل أعم من موضع النزاع فلا حجة فيه و القاعدة عامة والحديث خاص والخاص في موضعه و العام في موضعه ، ولا نبطل دلالة الخاص بسبب دليل عام ، ولو تركنا الحديث لمخالفة القاعدة فردنا لبعض نصوص الكتاب و السنة لا كلها فلو كان الرد لكل الكتاب والسنة لعمل بهذا الحديث و ما ترك ، وهذا ناجم عن العمل ببعض النصوص دون بعض ن، والسر في هذا تقديم القاعدة على الحديث ، وإن قيل القاعدة مستنبطة من الكتاب والسنة نقول الواجب العمل بكل النصوص لا بعضها ، والحديث أصل قائم بنفسه ، والقاعدة فرع عنه .

و القاعدة من القواعد لا يمكن أن تعارض حديثا و إذا توهم تعارض فيعمل كل بحسبه

و أكرر الكلام لو كان صنيع الأحناف والمالكية كطريقة المحدثين لما عابهم المحدثون ، و لما عابهم جمهور أهل العلم ، وأين الدليل أنهم قالوا أن حديث من الأحاديث صحيح ويعمل بخلافه هذه نتيجة تحتاج لمقدمات ، ودعوى تحتاج لبينة ناصعة إذ لو كان الجمهور فعل كصنيعهم لما عابهم
و أنتم قلتم لأسباب وعلل يذكرونها ، والحديث الذي يعمل به لابد أن يكون خاليا من العلة والشذوذ فالأحاديث التي عملوا بخلافها ليست بصحيحة .

ما قال أحد من العلماء أن النسخ رد للأحاديث و لكن النسخ ما هو إلا رفع حكم شرعي أو لفظه أو كلاهما بدليل شرعي متأخر ، وشرط النسخ معرفة تاريخ الدليل لا ادعاء النسخ دون معرفة أن أحد الدليلين متأخر عن الآخر .

و الجمع بين الأحاديث ليس كردها إذ الجمع إعمال للدليلين ، والرد إهمال لأحد الدليلين .

و كلام عمر واضح انترك الكتاب والسنة لقول امرأة إذن هو يجرح تثبت فاطمة بنت قيس في الحفظ لذلك قال امرأة و ليس المرأة و ليس فاطمة و ليس لخبر فاطمة فالتجريح منصب على الراوي كما هو بين ، وازداد ذلك يقينا بمخالفته لما في السنة و الكتاب وليس لقاعدة عامة ، ولتنزل مع المخالف غاية ما فيه أنه على سبيل ترجيح المتواتر على الآحاد إذا لم نستطع الجمع و لا القول بالنسخ و ليس ترجيح قاعدة عامة على خبر آحاد .

و قول عائشة رضي الله عنها خطأ منها ، والصواب فيما كان عليه الصحابة و ليس آحادهم فقول الصحابة عند اجتماعهم حجة أما قول آحادهم فمختلف فيه ، وحديث تحول القبلة و منع شرب الخمر واضح في عمل الصحابة بخبر الواحد الذي خالف المتيقن عندهم من الوحي ، و رد عمر لحديث فاطمة لا ردا للخبر كخبر لكن لعدم تثبت الراوي عنده فيه .

أما عن القول بإساءة الظن فاتفق معكم فيه فالواجب حسن الظن ، و أنا اقدح في فعلهم لا فيهم ، وقد فرق العلماء بين الفعل و الفاعل ، وقد يكون الفعل بدعة وصاحبه ليس بمبتدع و قد يكون الفعل كفرا وصاحبه ليس بكافر ، وقد يكون الفعل مشينا وصاحبه ليس كذلك ، وجزاكم الله خيرا على حسن الرد ، وقد أحسن القاري إلى خير ما انتهى
أخوكم ربيع
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ الكريم الدكتور ربيع وفقني الله وإياك وبعد :
ها هنا نقاط لا بد من توضيحها :
أولاً : لا بد من التفريق بين القواعد الاستنباطية الاجتهادية والقواعد الاستقرائية القطعية فقاعدة رفع الضرر والمشقة تجلب التيسير ونحوها قواعد استقرائية قطعية وبالتالي اكرر ما ذكرته قبل من ان القواعد الاستقرائية هي بمثابة مجموعة من النصوص فهي ليست قاعدة فقط حتى نفرع عليها ما ذكر من كونها قول بشر والنصوص وحي وكونها فرع والنصوص اصل الخ

ثانياً : ينبغي أن يعلم أن النصوص إنما يراد منها معانيها عند جمهور أهل العلم ولذلك أجازوا رواية الحديث بالمعنى في غير أحاديث الأذكار ونحوها مما يطلب للتعبد إذا كان الراوي فقيها وبالتالي فتعميم النص عن طريق القياس ( عموم العلة ) او عن طريق القواعد الكلية الاستقرائية او عموم المفهوم أو غير ذلك هو في حقيقته عمل بالنص وهذا يحتاج إلى بسط لتوضيحه إن لم يفهم هذا الاختصار لكني أرجو أن تكون المصطلحات مفهومة فتغني عن الشرح .

ثالثاً : التعارض واقع في ذهن المجتهد بين القواعد والنصوص كما انه واقع في ذهنه بين النصوص نفسها وبالتالي فرفع التعارض في الجميع يسلك فيه مسالك العلماء في التعارض من الجمع أوالترجيح .

رابعاً : استشهادي بالنسخ والجمع القصد منه أن العلماء ردوا بعض النصوص كليا او جزئيا لا بدليل قطعي وإنما بالظن فالظن في القواعد بل القطع أحيانا يكون اقوى من هذه المسالك وهذه المسالك قد اتفق أهل العلم عليها والفوا فيها مؤلفات في الناسخ والمنسوخ وفي مشكل الأحاديث والآثار وتأويل مختلف الحديث وقد وقع في كثير منها نزاع إثباتا ونفياً ولم يعب العلماء مدعي النسخ في مسلكه وإنما يقع الخلاف بينهم في إثباته ونفيه في ذلك الحديث بعينه ، وكذلك الجمع هو في حقيقته ترك لبعض الدليل فلو فرضنا ان حديثا ورد بالأمر بفعل معين وورد حديث آخر بترك العمل فإن العلماء يسلكون مسالك اقربها مثلا حمل الأمر في الحديث الول على الندب وقل مثل ذلك بالنسبة للنهي من التحريم للكراهة فهذا ترك لمدلول الحديث على سبيل الظن بسبب التأويل والجمع بين النصوص ولذلك نجد كثيرا من العلماء يختلفون في الجمع بين النصين وأضرب لذلك مثالاً وهو الجمع بين حديث " من مس ذكره فليتوضأ " وحديث " إنما هو بضعة منك " فالبعض سلك مسلك النسخ والبعض سلك مسلك الجمع فقال : الوضوء مستحب جمعا بين الدليلين وبعضهم قال المس بشهوة ينقض وبدون شهوة لا ينقض إلى غير ذلك من مسالك الجمع وبعضهم سلك مسلك الترجيح واختلفت اوجه الترجيح بينهم مما هو معروف في كتب الفقه .
والمقصود أنهم اختلفوا في هذين الحديثين اختلافا كثيرا مما ادى إلى العمل باحدهما عند البعض دون العمل بالآخر إما عن طريق النسخ او عن طريق الترجيح وعند بعضهم العمل بجزء من احد الدليلين عن طريق الجمع وهذا كله كان طريقه الظن والاجتها لا القطع فما الفرق بين الظن هنا والظن بل القطع احيانا في القواعد القطعية الاستقرائية ؟

خامساً : خبر عمر رضي الله عنه رد فيه الحديث بمجمع من الصحابة ولم ينكر ذلك أحد وكونه رده تجريحا في الراوي لا يغير في الحكم شيئا من جهات :
1 - أن الصحابة كلهم عدول عند عامة أهل العلم .
2 - أن عمر علل ذلك بجواز الخطأ في الحفظ وهو وارد في أخبار الآحاد وهذا هو سبب الخلاف في ترجيح القواعد على خبر الواحد عند الحنفية والمالكية وهو أن خبر الآحاد يحتمل الخطأ فإذا كان عمر رده مع علو الإسناد إذ الراوي واحد فقط وهي صاحبة القصة فكيف مع نزول الإسناد إذا احتمال الخطأ يزيد وليس هذا المقصود منه رد خبر الآحاد بل الصواب أن خبر الآحاد حجة في العقائد والأحكام عند عامة أهل العلم وهو إجماع السلف ولكن المقصود أن هذا هو علة الترجيح عند الحنفية والمالكية ، ولذلك لم يقع خلاف بين المسلمين في حجية السنة من حيث هي سنة بمعنى أنه لو سمعها مشافهة من النبي صلى الله عليه وسلم فالجميع متفق على الحجية حتى في العقائد عند الأشاعرة وغيرهم .
ولذلك فالأمثلة المذكورة في الخمر وتحويل القبلة ليست محل نزاع فكلامنا ليس عن حجية خبر الواحد لأنه حجة مطلقا في العقائد والأحكام وإنما الكلام على تعارض خبر الآحاد مع القواعد هل ترجيح القواعد يعتبر مسلك سلفي أو غير سلفي ؟ فالصواب أنه من حيث الأصل مسلك سلفي بشروط معينة منها أهلية المرجح بينهما وقطعية القواعد المعارضة .

سادساً : قولي بارك الله فيكم : ( لأسباب وعلل يذكرونها ) ليس المقصود علل المحدثين في الإسناد وإنما المقصود أنهم يعللون عدم العمل بالحديث لمخالفته لنصوص اخرى أو غير ذلك ولذلك لا يصح قولكم ( والحديث الذي يعمل به لابد أن يكون خاليا من العلة والشذوذ فالأحاديث التي عملوا بخلافها ليست بصحيحة ) لأن الكلام هنا على الأحاديث الصحيحة لا الضعيفة إذ لا نزاع في عدم العمل بالحديث الضعيف .
وحيث إنكم لم ترجعوا إلى هذه الأحاديث كما يظهر من كلامكم فإني أذكر أمثلة لكلام المحدثين في ذلك :
قال ابن رجب في مقدمة شرحه لعلل الترمذي :
( قال الترمذي :
" جميع ما في هذا الكتاب من الحديث معمول به ،وقد أخذ به بعض أهل العلم ، ما خلا حديثين :
حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سقم .
وحديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه .
وقد بينا علة الحديثين جميعاً في هذا الكتاب "
كأن مراد الترمذي رحمه الله تعالى أحاديث الأحكام ، وقد سبق الكلام على هذين الحديثين اللذين أشار إليهما ههنا في موضعهما من الكتاب ، وذكرنا مسالك العلماء فيهما من النسخ وغيره ، وذكرنا أيضاً عن بعضهم بكل واحد منهما .
وقوله : (( قد بينا علة الحديثين جميعاً في الكتاب )) ، فإنما بين ما قد يستدل به للنسخ ، لا أنه بين ضعف إسنادهما .
وقد روى الترمذي في كتاب الحج حديث جابر في التلبية عن النساء ، ثم ذكر الإجماع أنه لا يلبي عن النساء ، فهذا ينبغي أن يكون حديثاً ثالثاً مما لا يؤخذ به عند الترمذي .* فصل في سرد أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها *
وقد وردت أحاديث أخر قد أدعى بعضهم أنه لم يعمل بها أيضاً . وقد ذكرنا علبها في هذا الكتاب ، فمنها ما خرجه الترمذي ، وأكثرها لم يخرجه :
العناوين ليست من المؤلف.
فمنها حديث : (( من غسل ميتاً فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ )) .
وقد قال الخطابي : (( لا أعلم أحداً من العلماء قال بوجوب ذلك )) . ولكن القائل باستجابة يحمله على الندب ، وذلك عمل به .
ومنها حديث : (( أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ ثلاثاً وقال : (( من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم )) . وقد ذكر مسلم الإجماع على خلافه ,
ومنها حديث : التيمم إلى المناكب والآباط .
ومنها حديث : التيمم إلى نصف الذراعين .
ومنها حديث : الأكل إلى الصيام بعد الفجر .
قال الجوزجاني : (( هو حديث قد أعيى العلماء معرفته )) .
ومنها حديث أنس : في أكل البرد للصائم .
ومنها حديث ابن أم مكتوم وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرخص له في ترك الجماعة )) مع ذكره من ضرره وعدم قائد ، والسيول .
وقد ذكر بعضهم أنه لا يعلم أحداً أخذ بذلك .
ومنها : أحاديث (( النهي عن كري الأرض )) ، وهي أحاديث صحيحة ثابتة .
ومنها : أحاديث (( المسح على الخفين )) ذكره الطحاوي وغيره .
ومنها حديث أن (( في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه )) .
ومنها : حديث توريث المولى من أسفل , وقد ذكرنا الكلام عليه .
ومنها : حديث الرضاع : (( أنه لا يحرم إلا عشر رضعات )) .
ومنها : حديث جمع الطلاق الثلاث .
ومنها : حديث أسماء بنت عميس في إحداد المتوفى عنها ثلاث أيام .
ومنها : حديث سلمة بن المحبق فيمن وقع على جارية امرأته .
ومنها : حديث الذي تزوج امرأة فوجدها حبلى ، فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لها المهر ، وقال : (( الولد عبد )) . لكن قال الخطابي : (( لا أعلم أحداً قال باسترقاق ولد الزنا ) .
ومنها أحاديث متعددة في الحج :
مثل حديث : النهي عن التمتع .
وحديث : أن المعتمر إذا مسح الركن حل .
وحديث : (( إن الوقوف بعرفة لا يفوت إلا بطلوع الشمس يوم النحر )) .
وحديث : (( إن التحلل الأول برمي الجمرة مشروط بطواف الإفاضة في بقية يوم النحر . وقد حكى عن عروة القول به .
وحديث : الاضطباع في السعي بين الصفا والمروة ) أ . هـ

ثم قال ابن رجب ايضاً :
( فصل في أحاديث ادعي ترك العمل بها وليس كذلك
وقد ادعى بعضهم ترك العمل بأحاديث أخر ، وهو خطأ ظاهر ، ، كدعوى ابن قتيبة الإجماع على ترك العمل بأحاديث المسح على العمامة .
ودعوى بعضهم الإجماع على ترك العمل بأحاديث فسخ الحج إلى العمرة .
ودعوى بعضهم الإجماع على ترك العمل بحديث : (( إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع )) .
قال ابن المنذر : (( ما علمت أحداً قال بظاهره غير الشعبي )) .
وكحديث ابن عباس في دية المكاتب . قال الخطابي : (( لم يذهب إليه أحد سوى النخعي ، وقد روى في ذلك شئ عن علي )) .
وذكر الطحاوي الإجماع على ترك العمل بحديث : (( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان ))
وعلى ترك العمل بحديث (( تحريق متاع الغال )) إلا عن مكحول .
والطحاوي من أكثر الناس دعوى لترك العمل بأحاديث كثيرة .
وعامة هذه الأحاديث قد ذكرناها في مواضعها من هذا الكتاب مع بسط الكلام عليها ، فمن أراد الوقوف عليها فليتبعها من مظانها من الكتاب .
وقد ذكر للثوري ما روي عن عمر قال : (( من لم يدرك الصلاة بجمع مع الإمام فلا حج له )) . فقال الثوري : قد جاءت أحاديث لا يؤخذ بها ) أ . هـ
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
بيان

بيان

كلامي عن أي قاعدة تخالف حديث فالحديث أصل بذاته ، و أي القاعدة مستنبطة من مجموعة أدلة ، و مادام الحديث أصل بذاته ، و هي مستنبطة من مجموعة أدلة فلا تقدم عليه ، و القواعد الفقهية مستفادة من النصوص و السنة آحاد أو تواتر من مصادر التشريع ، و هذه القواعد ليست إلا قواعد لفهم التشريع و استنباط الحكم التشريعي ،و الواجب إعمال كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إذا كان إعمال الدليل خير من إهماله فكيف بتضعيفه ؟!!!! ، و تقديم القاعدة على الحديث ، والقول بتضعيفه لمخالفته القاعدة ليس عليه أثارة من علم بل نصوص الكتاب والسنة ترده فالعمل بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم مادام ثبت عنه هو الواجب .


التعارض يقع في ذهن المجتهد ويسلك فيه مسالك دفع موهم التعارض من جمع أو القول بالنسخ أو الترجيح ، و أكرر الكلاملو كانصنيع الأحناف والمالكية كطريقة المحدثين لما عابهمالمحدثون، و لما عابهم جمهور أهل العلم .

العلماء لم يردوا النصوص ، وحاشى للعلماء أن يردوا كلام الله أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و القول بأن العلماء ردوا النصوص كلام باطل لم يقل به أحد بل العلماء دفعوا موهم التعارض الذي في أذهانهم بطرق دفع موهم التعارض ، وفرق بين الجمع بين دليلين و تضعيف أحد الدليلين ، وفرق بين القول بالنسخ في أحد الدليلين وتضعيف أحدهما ، وفرق بين ترجيح أحد الدليلين وتضعيف أحدهما


أما القول بأن : (( الجمع هو في حقيقته ترك لبعض الدليل )) كلام باطل فالجمع إنما يكون في دلالة الدليل ، وليس في الدليل نفسه ، وهذا الجمع في دلالة الدليل سار إليه العلماء لوجود ما يقتضي ذلك.

و ما استدل به المخالف من طرق الجمع غاية ما فيها إعمال لدليلين و ليس إهمال لأحدهما ، و ما استدل به المخالف من القول بنسخ أحد الدليلين فغاية ما فيه ترك العمل بأحد الدليلين لوجود ما يدل على أن العمل به قد نسخ و ليس تضعيف أحدهما فكيف بالاستدلال به في تضعيف أحدهما ؟!!!

القول بأن رد عمر للحديث تجريحا للراوي لا يغير من الحكم شيئا فباطل إذ أن كلامه يدل على عدم عمله بخبر السيدة فاطمة بنت قيس لتضعيفه لها لا لمرويها ، ومحل النزاع تضعيفه للخبر لمخالفته المتواتر ، وغاية ما فيه ترجيح أحد الدليلين عند تعذر الجمع و القول بالنسخ ، وليس في ذلك تضعيف للحديث عند تعذر الجمع و ادعاء النسخ ، وكون الصحابة عدول فهذا ما استقر عليه العلماء أما كلام عمر فبين أنه جرح أحد الصحابيات ثم هذا الدليل على التسليم بحجية عمر رضي الله عنه أخص من موضع النزاع فموضع النزاع مخالفة الحديث لقاعدة ، وليس مخالفة دلالة حديث لدلالة حديث ، و معلوم أن الخاص لا يعارض العام فالخاص يعمل به في موضعه و العام كذلك


أما الأمثلة المذكورة تحريم الخمر وتحويل القبلة فهي في محل النزاع و يستدل بها على حجية خبر الآحاد و أيضا على نسخ خبر الآحاد المتواتر مادام قد ثبت ، والصحابة ما ردوا خبر هذا الواحد مع أنه خالف المتواتر الثابت عندهم ، ودلالة الحديثين على العمل بخبر الآحاد و نسخه للمتواتر و اضحة .
أما قولك لأسباب وعلل يذكرونها المتبادر للذهن من لفظ العلل علل الحديث فأنا عملت بالمتبادر للذهن ، والعلماء عندما يذكرون لفظ العلة يقصدون به علة الحديث القادحة في صحته لا تأويل الحديث لوجود ما يقتضي تأويله ، و علم علل الحديث علم علل الحديث هو علم يعني بالبحث في أسباب قبول أو رد الحديث أو هو علم نقد الرواية من حيث القبول أو الرد - قائم على الاستقراء والمعرفة التامة بالراوي والمروي

الأحاديث التي تفضلتم بها لا تخرج إما :
صحيح مؤول لوجود ما يقتضي تأويله كحديث من غسل ميت فليغتسل لقول ابن عمر رضي الله عنه : " كنا نغسل الميت ، فمنَّا من يغتسل ومنَّا من لا يغتسل "[1] ، وتأيل الحديث بخلاف تضعيفه أو عدم العمل به ، و كالجمع بين الصلوات قال المباركفوري : أخرج مسلم عن عبد الله بن شقيق قال خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حين غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة قال فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة فقال ابن عباس أتعلمني بالسنة لا أم لك ، ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، قال عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته . قال الحافظ في الفتح وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث ، فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة ، وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وحكاه الخطابي عن جماعة من أهل الحديث انتهى ، وذهب الجمهور إلى أن الجمع لغير عذر لا يجوز ، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة .
منها أن الجمع المذكور كان للمرض وقواه النووي ، قال الحافظ وفيه نظر لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض لما صلى معه إلا من له نحو ذلك العذر ، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته .
ومنها أن الجمع المذكور كان لعذر المطر ، قال النووي وهو ضعيف بالرواية الأخرى من غير خوف ولا مطر
ومنها أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم ، وبان أن وقت العصر دخل فصلاها ، قال النووي وهذا أيضا باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء .
ومنها أن الجمع المذكور صوري بأن يكون أخر الظهر لآخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها ، قال النووي هذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل . قال الحافظ وهذا الذي ضعفه قد استحسنه القرطبي ورجحه إمام الحرمين وجزم به من القدماء ابن الماجشون والطحاوي وقواه ابن سيد الناس بأن أبا الشعثاء وهو راوي الحديث عن ابن عباس قد قال به ، قال الحافظ ويقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع فإما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج ويجمع بها بين مفترق الأحاديث فالجمع الصوري أولى انتهى ، قال الشوكاني في النيل . ومما يدل على تعين حمل حديث الباب على الجمع الصوري ما أخرجه النسائي عن ابن عباس بلفظ : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء ، فهذا ابن عباس راوي حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري ، ثم ذكر الشوكاني مؤيدات أخرى للجمع الصوري ودفع إيرادات ترد عليه من شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى النيل ، وهذا الجواب هو أولى الأجوبة عندي وأقواها وأحسنها فإنه يحصل به التوفيق والجمع بين مفترق الأحاديث والله تعالى أعلم .( تحفة الأحوذي )

و إما ضعيف كحديث التلبية عن النساء فحديث : ((كنا إذا حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكنا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان )) هذا إسناد ضعيف: فيه أشعث بن سوار ضعيف. وفيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس. وأعل باضطراب متنه كما في المقترب في بيان المضطرب ، وقال الألباني رحمه الله في حجة النبي صلى الله عليه وسلم : (( و أما الزيادة التي عند ابن ماجه وغيره عن جابر بلفظ : " . . . فلبينا عن النساء ورمينا عن الصبيان " فلا يصح إسنادها وقد رواها الترمذي أيضا بلفظ : " فكنا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان " . وقال : " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " قلت : وفيه علتان : عنعنة أبي الزبير وضعف أشعث بن يسار فلا يغتر بسكوت من سكت عن الحديث من الفقهاء قديما وحديثا كالشيخ ابن قدامة وغيره )) و مادام الحديث لم يثبت فلا يعمل به .

و إما صحيح منسوخ كقتل شارب الخمر فى الرابعة قال الخطيب البغدادي : (( و من نسخ القول بالفعل ما أنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عبيد الله النجار , وأبو طاهر عبد الغفار بن محمد بن عبد الغفار الأموي قالا : أنا يعقوب بن إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي , نا جدي , نا هدبة بن خالد , نا همام , عن قتادة , عن شهر , عن عبد الله بن عمرو , أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من شرب الخمر فاجلدوه , فإن شربها فاجلدوه , فإن شربها الثالثة فاجلدوه , فإن شربها الرابعة فاقتلوه " وأنا أبو حفص , عمر بن أحمد بن عثمان البزاز بعكبرا , وأبو الحسن علي بن أحمد بن هارون المعدل بالنهروان قالا : حدثنا أبو جعفر , محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي , نا علي بن حرب , نا سفيان بن عيينة , عن الزهري , عن قبيصة بن ذؤيب , قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شرب الخمر فاجلدوه , ثم إذا شرب الخمر فاجلدوه , ثم إذا شرب الخمر فاجلدوه , ثم إذا شرب الخمر فاقتلوه " فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتي به فجلده , ثم أتي به فجلده , ثم أتي به الرابعة فجلده , فرفع القتل عن الناس وثبت الجلد , وكانت رخصة (الفقيه والمتفقه بالخطيب البغدادي ) ، و قال النووي في شرح صحيح مسلم : (( وهذا في حديث شارب الخمر هو كما قاله ، فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه ))و الحكم على الحديث بالنسخ فرع عن ثبوته فهو ثابت لكن أتى ما يدل على عدم العمل به ، و هذا مستثنى من وجوب العمل به لورود ما يقتضي ذلك ولا قياس مع الاستثناء



[1]- قال الألباني في أحكام الجنائز : أخرجه الدارقطني ( 191 ) والخطيب في " تاريخه " ( 5 / 424 ) بإسناد صحيح كما قال الحافظ ، وأشار إلى ذلك الإمام أحمد ، فقد روى الخطيب عنه أنه حضَّ ابنه على كتابة هذا الحديث " أحكام الجنائز " ( 71 ، 72 ) .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الخلاصة

الخلاصة


ترجيح القاعدة العامة على حديث الآحاد أدلتها لاتنهض للاحتجاج فالواجب الجمع ما امكن و القاعدة تعتبر عام و الحديث يعتبر خاص ، والخاص لا يتعارض مع العام ،و إعمال الدليل أولى من إهماله و في الجمع بينهما إعمال للقاعدة والحديث ، وكلام العلماء في بعض الأحاديث ليس ردا لها و إنما إما تأويل لها لورود مايقتضي التأويل أو القول بالنسخ لوجود ما يقتضي النسخ أو ضعيف لا يحتج به
 
إنضم
30 نوفمبر 2008
المشاركات
14
التخصص
لا يوجد
المدينة
مصر - محافظة الشرقية - مدينة الإبراهيمية
المذهب الفقهي
الدليل مذهبي
للمتابعة؛ وبارك الله في الجميع
 

صلاح الدين

:: متخصص ::
إنضم
6 ديسمبر 2008
المشاركات
713
الإقامة
القاهرة
الجنس
ذكر
الكنية
الدكتور. سيد عنتر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
المذهب الحنفي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

نقاش راقي جدا.
 
إنضم
24 ديسمبر 2008
المشاركات
242
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

لا أحب التعميم هكذا ...

الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية ....!

كفة الأحناف والمالكية فيها علماء وأئمة كباااااار ومحققين .. وليس من اللائق نسبة الخطأ إليهم بهذه البساطة ..!

نعم في نظرك لكن .. ما هكذا ياسعد تورد الإبل

فيما ذكرت خير ولكن تحفظي على عنوان الموضوع .. ولو عنونت له بأصل المسألة وذكرت أنه مما قال به الحنفية والمالكية لكان أولى في نظري ..

أرجو أن يتسع صدرك لمحبك ..
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

لا أحب التعميم هكذا ...

الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية ....!

كفة الأحناف والمالكية فيها علماء وأئمة كباااااار ومحققين .. وليس من اللائق نسبة الخطأ إليهم بهذه البساطة ..!

نعم في نظرك لكن .. ما هكذا ياسعد تورد الإبل

فيما ذكرت خير ولكن تحفظي على عنوان الموضوع .. ولو عنونت له بأصل المسألة وذكرت أنه مما قال به الحنفية والمالكية لكان أولى في نظري ..

أرجو أن يتسع صدرك لمحبك ..

كلام سديد
بارك الله فيكم
وهذا ينبغي أن يطبّق على كثير من مسائل الخلاف
 
إنضم
16 مارس 2011
المشاركات
69
التخصص
دراسات إسلامية
المدينة
المسيلة -سيّدي عامر-
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

تنبيه لما في العنوان من خطإ وجيه..:
هل الصواب أن نقول الأحناف أم الحنفية؟؟
خطأ شائع جدّا ...
فالأحناف مفردها أحنف،والحنفية مفردها حنفي والفرق واضح والقصد هي النسبة للمذهب فالصواب حنفية لا أحناف والله أعلم.
هذا أوّلا.
إخواني وأساتذتي الكرام...
قاعدة التعميم تجهل المذاهب،وتزيد الخرق على الراقع،وما أحسب الدكتور ظنّا مني وهو المتخصص أن يكون ظالما لمذهب بما فيه أي الكلي وجزئياته،فإن كنت ناقلا فالصحة أو مدّعيا فالدليل،وخبر الواحد الخلاف فيه قديم وليس بالجديد،وتسمية فضيلة الدكتور للأدلة بالواضحة مستغرب جدّا أن يقع هذا منه،وإلا كيف يُجاب على ما تفضل به الأخ أحمد بن نجيب ...
والذي يراه البعض أنّ الخلاف في تحقيق مناط المبدأ لا في المبدأ فأرجع الخلاف إلى اللفظ،وقوله في نظر.
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

لا أحب التعميم هكذا ...

الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية ....
أوافقك
فهذا خبط عشواء وإطلاق في محل التقييد !!
والله أعلم
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

بارك الله في الأخ أبو حازم الكاتب
والله كلام علمي دقيق ينبيء عن فهم عميق
البعض يريد أن يحمل الناس حملا قويا على فهمه البسيط وأمامنا أمهات المراجع نقبها العلماء وحققوها ودققوها فوصلوا إلى تلك النتائج التي ذكر بعضا منها الدكتور أبو حازم الكاتب
النصوص متوافرة ولا جدال فيها لكن فهوم العلماء حولها اختلفت وستختلف وتلك سنة الله في خلقه
ومن اعترض هذا إنما يعترض سننا كونية جبل الناس عليها
وما ذكره صاحب الموضوع مدخول من وجوه كثيرة
قد تكون لنا عودة للموضوع
 
إنضم
5 مايو 2012
المشاركات
56
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
الحديث الشريف وعلومه
المدينة
الهاشمية
المذهب الفقهي
الإسلام
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

هذه مقالة عن حجية خبر الآحاد كانت في الأصل محاضرة ألقيتها في جمعية الحديث الشريف ثم نشرت في إحدى الصحف.. أرجو أن ينفع اله تعالى بها..

وإذا رأى الإخوة المشرفون أن يجعلوها في موضوع مستقل فلهم ذلك..

حجتنا في الأخذ بأخبار الآحاد
مقدمة:
كان المسلمون -علماء وعامة- ولا يزالون يأخذون بما صح لديهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث وسنن، ويعدونها من الدين الذي شرعه الله تعالى لهم؛ فيمتثلون لها ويسلمون لما جاء فيها ويأخذون به تصديقاً وإيماناً وعملاً.
ولم يكن المسلمون يفعلون ذلك في يومٍ من الأيام هوىً أو تقليداً أعمى بغير بينة! بل كانو ولايزالوا ينطلقون في ذلك من أصل الاتباع الذي أمرهم الله تعالى به لرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم إنهم كانوا ينطلقون في أخذهم بما صح من أخباره صلى الله عليه وسلم من قواعد علمية وأصولٍ ثابتة منضبطة، وهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله تعالى:
سوف نعرض هنا حجة المسلمين في أخذهم بما صح من الأحاديث التي رويها الثقات والتي اصطلح على تسميتها (أحاديث الآحاد).
وسوف نبين فيها منهج الآخذين بهذه الأحاديث في أمور الدين كافة؛ سواءً في أمور الإيمان أو في في أمور العمل والأحكام.
تمهيد:
وغني عن البيان أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته هما حجة لازمة واجبة الاتباع على كل مسلم لا يعذر أحد في ترك اتباعها لعموم أمر الله تعالى باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم والتأسي به وطاعته مطلقاً، كما قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم). وقال سبحانه: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، وقال سبحانه: (وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون).
ثم إن من حديثه وسنته صلى الله عليه وسلم ما تناقله المسلمون كافة -علماؤهم وعامتهم- بعينه مجمعين على الإخبار به والعمل به كالصلوات الخمس وأعمالها وألفاظ الأذان وقيام رمضان والاحتفاء بالعيدين والعلم بتحريم الرشوة وكالقراءات والمعرفة بمواقيت الحج الزمانية والمكانية وغير ذلك مما تناقله أهل الاختصاص من علماء المسلمين كالقراء والقضاة والفقهاء وأهل الحديث وغيرهم.
كما أن من حديثه صلى الله عليه وسلم وسنته ما انفرد بعض أهل العلم بتناقله دون بعض، ومنها ما انفرد بنقله بعض الرواة دون بعض وقد قام أهل العلم بجمع هذه الروايات في كتب خاصة؛ وهذه الأحاديث والسنن هي محور حديثنا هنا.
ولقد رأينا أهل العلم كافة -على مر العصور وتعاقب الأجيال- يأخذون بما صح لديهم من هذه الروايات المنفردة ويفتون بها وينشرونها في كتبهم ومقالاتهم ورسائلهم.
فهل كان أهل العلم يفعلون ذلك هوى بغير بينة؟!
وما هي حجة هؤلاء العلماء ون سار على نهجهم في قبول الأخبار المنفردة (أخبار الآحاد) والأخذ بها؟ هذا ما سنبينه هنا إن شاء الله.
لقد تواترت لدينا الخبار بنقل ألوف مؤلفة من رواة المسلمين بوجود أخبار ينسبها هؤلاء الرواة جميعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تتضمن أقوالاً وأفعالاً وأحوالاً له صلى الله عليه وسلم.
وقد تلقينا هذه الأخبار عن هؤلاء الرواة بعضهم عن بعض مدونة في كتب الحديث من مسانيد وسنن وأجزاء وغيرها والتي تلقيناها بدورها عن مؤلفيها متواترة أو مشتهرة عنهم -بالإضافة إلى روايتنا ورواية غيرنا أجزاء من هذه الكتب عنهم-.
وهنا لا بد من ورود هذا التساؤل:
فما هو موقفنا من الأخبار التي وصلت إلينا؟ وكيف نتعامل معها؟
هل نتعامل مع هذه الأخبار وكأنها لم تكن فنتوقف في قبولها أو ردها؟ ولماذا؟ وما المانع من قبولها؟
أم نرد هذه الأخبار جميعاً؟ فعلى أي أساس نفعل ذلك، وليس لدينا ما يكذب هذه الأخبار أو يكذب ناقليها أصلاً؟! بل إن لدينا ما يضطرنا اضطراراً لقبول ما جاؤوا به عموماً والجزم واليقين التام بأن في رواياتهم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله! إذ لا يعقل أن يتفق كل هؤلاء الألوف من الرواة على الجرأة على نسبة أي خبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتفقوا على الكذب عليه جميعاً!
فنحن إذن لا نستطيع رد كل هذه الأخبار برمتها بل إننا لا نستطيع التوقف فيها لعدم وجود ما يمنع من قبولها البتة لا من جهة الشرع ولا من جهة الواقع وهذا من جهة، ومن جهة أخرى فإننا لا نستطيع تكذيب كل هؤلاء الرواة الذين رووا لنا هذه الأحاديث ونقلوها لنا عن بعضهم وهم ألوف مؤلفة.
فإن من المحال أن يتواطأ هؤلاء الألوف المؤلفة فينسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله فتكون كل هذه الأحاديث مكذوبة كلها إن هذا هو عين المحال!
وهذا ما يضطرنا اضطراراً للتسليم بأن في هذه الأخبار ما هو ثابت قطعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يمكن أن تكون جميع هذه الأخبار مكذوبة.
ولذلك فقد اضطررنا للنظر في هذه الأخبار.
ومع ذلك كله فإننا لم نأخذ بكل هذه الأخبار برمتها ولم نقبل منها أي خبر كيفما اتفق!
فنحن لم نأخذ من هذه الأخبار إلا بما اطمأننا إلى ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -والاطمئنان هنا هو اطمئنان علمي منهجي منضبط مبني على قواعد وأصول وليس حسب الهوى أو الذوق أو غيرهما!).
فنحن لا نأخذ من هذه الأخبار جميعاً إلا بالصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره.
والخبر الصحيح -باختصار- هو: الخبر الذي رواه لنا من تحققنا من معرفتهم بأعيانهم وعرفنا عدالتهم وأمانتهم وضبطهم عن بعضهم ثم لم يكن في روايتهم ما يمنع من الأخذ بها.
أي أن تصديقنا للخبر الصحيح وقبولنا له ليس لمجرد أنه مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسب بل هو مبني على أمرين سوى ذلك:
أولهما: معرفتنا برواته وثقتنا بهم وبضبطهم وذلك من خلال معرفتنا بسيرهم وتتبعنا أخبارهم وأحوالهم وما يتعلق بذلك كله.
وثانيهما: عدم وجود ما يمنع من قبول خبر هؤلاء الثقات، ونعني بما يمنع من قبوله هنا: هو مخالفته للحقائق المتحققة المقطوع بها المتفق على كونها حقائق.
وأما ما عدا الحقائق فلا اعتبار له عندنا جملة وتفصيلاً.
فلا يهمنا -بعد تحققنا من الأمرين السابقين- أن يكون الحديث موافقاً لأهوائنا وأذواقنا أو عواطفنا وأن يكون مخالفاً لها؛ فموافقة الخبر للأهواء والعواطف وما يشبهها أو مخالفته لها ليس دليلاً على صحة الخبر أو عدم صحته، فالأهواء والأذواق وما شابهها ليست مقياساً بأي شكل من الأشكال.
كما أننا لا ننظر بعد ذلك إلى موافقة ما يحمله الخبر لما ألفناه أو اعتدنا عليه أو عدم موافقته.
فسواءً كان الخبر موافقاً لما ألفناه أو غير موافق وسواءً كان أمراً عادياً أو خارقاً للعادة وسواءً استغرب الناس ما جاء في الحديث أو استبعدوه أو أو استنكروه أو استهجنوه أو استشنعوه فكل ذلك لا يقدم ولا يؤخر في حقيقة الأمر شيئاً وكل ذلك لا يعد دليلاً على صحة الخبر أو عدم صحته كذلك؛ فالاعتبار عندنا للحقائق لا سواها.
وبعد: فإذا جاءنا خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يحمله ثقة معروف بعدالته وأمانته عن مثله عن مثله...إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا أو فعل كذا أو أمر بكذا أو نهى عن كذا... ولم يكن لدينا ما يمنع من قبول هذا الخبر؛ فما هو موقفنا تجاه هذا الخبر؟ وهل نملك إلا أن نقبل هذا الخبر؟
لنضرب مثلاً على ما نقول:
فقد قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل -رحمه الله- في "المسند" (25709): "حدثنا عبد الرزاق؛ أخبرنا معمر؛ عن الزهري؛ عن عروة؛ عن عائشة؛ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم -عليه السلام- مما وصف لكم"
فهاهو الإمام أحمد يروي لنا حديثاً في "مسنده" عن أمناء عظام عن بعظهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خلقت الملائكة من نور...".
وكل من له معرفة بارواة ويعلم شيئاً عن الرواية يعلم أن هؤلاء الرواة جميعاً هم من عظماء الأمة وكلهم ممن أجمعت الأمة على تعريفهم وتقديمهم وتوثيقهم وتعديلهم.
وإلا فمن الذي لا يعرف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل؟
ومن الذي لا يعرف شيخه عبد الرزاق الصنعاني العلم وصاحب "المصنف"؟
ومن الذي لا يعرف مَعْمَر بن راشد أحد أئمة الحديث الذين تعقد بهم الخناصر؟
ومن الذي لا يعرف محمد بن مسلم الزهر وزير الصدق؟
ومن الذي لا يعرف التابعي الجليل عروة بن الزبير أحد أجلة التابعين؟
ومن الذي يعرف أمنا عائشة الصديقة بنت الصديق؟
فكما ترى فكل هؤلاء الرواة ممن أجمعت الأمة على أنهم الثقات الأمناء وكل واحد منهم معروف بجلالة قدره ورفعة مكانته وقد تواترت أخبارهم لدى الأمة وكلهم تلقوا عن بعضهم وجلسوا إلى بعضهم وسمع كل منهم صاحبه وكلهم في مكان من الضبط والحفظ والإتقان.
ثم إننا تلقينا خبر هؤلاء الثقات متواتراً عن أحمد بإسناده مدوناً في "المسند" عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فماذا نفعل تجاه هذا الخبر أيها الناس؟ وماذا سيكون موقفنا ونحن نرى هؤلاء الثقات يخبروننا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا؟ هل نملك إلا أن نصدقهم وأن نتلقى ما أخبرونا به بالقبول؟
وإلا فما عساه يكون موقفنا تجاه هذا الحديث؟
هل نكذب هذا الخبر؟ فعلى أي أساس نكذبه؟ أو على أي أساس نشك فيه؟ وما هو الفرق بين أخبار الثقات وأخبار الكذابين الدجالين إذن؟ وكيف نكذب بشيء ليس لدينا سبب لتكذيبه؟ بل إن لدينا السبب القوي لتصديقه والاطمئنان إليه وهو ثقتنا برواته واطمئناننا إلى أمانتهم!
وإذا كان الخبر المجرد الذي لا يعرف راويه أو يرويه الناس بغير إسناد -كالحواث السابقة للرسالة وسير السابقين- لا يستطيع أحد من الناس دفعه أو تكذيبه إلا إذا كان لديه سبب كاف يمنع من قبوله يبينه هذا الذي يكذب الخبر؛ فإذا لم يجد ما يمنع من قبوله فإنه لا يستطيع تكذيبه أو إنكاره كما أنه لا يستطيع الإنكار على من يصدقه أو يقبله؛ أقول: إذا كان هذا في الخبر العادي -أي خبر مطلقاً- فكيف إذا كان الخبر مروياً بنقل بنقل أمناء ثقات عدول معروفين عن بعضهم؟ أفلا يزيد هذا الخبر قبولاً؟!
ثم هل يستطيع أحد أن ينكر على من يأخذ بمثل هذا الخبر؟!
إنه ليس غريباً أن نأخذ بخبر الواحد الصحيح وليس عيباً أن نصدق الثقة الأمين!
إن الغريب والعجيب حقاً هو أن نرد خبراً -أي خبر- دونما سبب وأغرب من ذلك وأعجب أن نرد خبر ثقة صادق مأمون تعرف أمانته ويعرف ورعه لغير سبب.
أم أنه يطلب منا أن نتوقف في قبول هذا الخبر؟! ولماذا؟ وما الفرق عندئذ بين خبر الثقة المعروف وبين خبر النكرة المجهول؟
ليس أمامنا كما هو واضح إلا قبول الخبر وتصديقه وهذا هو موقفنا من الأحاديث الصحيحة.
إن خبر الثقة يدفعنا دفعاً لتصديقه وقبوله ومن هنا كان تصديقنا لأحاديث الآحاد وتلقينا لها بالقبول.
ما هي الثمرة؟:
وبعد: فما هي ثمرة تصديقنا للرواة الثقات بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ما قال؟ أليست الثمرة هي الأخذ بما جاء في الخبر من قول أو فعل أو أمر أو نهي والتسليم له؟ فإذا كان خبراً صدقناه وإذا كان أمراً ائتمرنا به وإذا كان نهياً انتهينا عنه وإذا كان فعلاً تأسينا به؟ أليست هذه الثمرة؟ وإلا فما هي فائدة تصديقنا للخبر إذن؛ إن كنا نزعم أنا صدقناه؟
وإذا لم نعمل بما جاء في هذا الخبر فهل يصدق من يعقل أننا صدقنا ما جاء فيه؟
إن عملنا بالحديث الصحيح الذي يرويه الثقة وأخذنا به مطلقاً هو الثمرة الطبيعية لتصديقنا له.
فخبر الثقة يدفعنا دفعاً لتصديقه وتصديقه يدفعنا دفعاً للأخذ بما يمليه علينا.
فإذا أخبرنا الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خلقت الملائكة من نور" وصدقناهم فيما أخبرونا به فهذ يعني أننا سنؤمن بما صدقنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله -أي أننا سنؤمن بأن الملائكة خلقت من نور-وهذه بدهية! ثم إننا نتبع هذا التصديق والإيمان بما يمليه علينا.
فإذا سئلنا مثلاً: مم خلقت الملائكة؟ فإننا سنجيب: خلقت الملائكة من نور.
وإذا كنت ألقي درساً على الناس وكان الدرس عن الملائكة وتحدثت عن صفتهم وعن خلقهم ومما خلقوا فإنني سأعرج على هذا الحديث وأخبر الناس بأن الملائكة خلقت من نور بناءً عليه، وهكذا.
ومثل ذلك إذا أخبرنا الثقات بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلبسوا الحرير والديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما"، وصدقت هؤلاء الثقات فيما أخبروني به؛ فإن ثمرة هذا التصديق أن أمتنع عن لبس الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة والأكل في صحافهم، ثم أحذر الناس من ذلك.
وإذا سألني سائل عن حكم الشرب في إناء الفضة مثلاً استذكرت هذا الحديث وحذرته من ذلك وأخبرته بنهي النبي صلى الله عليه وسلمالذي رواه لنا الثقات وحذرته من معصية النبي صلى الله عليه وسلم.
وهكذا في كل خبر يرويه الثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نصدقه ولا بد ثم إننا نعمل بما يمليه علينا هذا التصديق على النحو الذي بيناه.
وبعد: فإن أخذنا بخبر الآحاد الصحيح إنما بني على منهجية صحيحة واضحة منضبطة ولم تقم على هوى أو ظن أو ما يشبههما.
هذه هي حجتنا في قبول أخبار الآحاد الصحيحة وليس لدينا أكثر من ذلك لنقوله وهو كاف شاف إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه: خالد بن عبد الرحمن بن عارف القاسم
 

حمزة عدنان الشركسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
3 يونيو 2011
المشاركات
189
التخصص
اقتصاد إسلامي
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

استغرب من الذين ينقلون إجماعا ليس فيه الإمامان أبو حنيفة ومالك ، واستغرب من الذين يتمسكون بقول السلف في مسألة وقد اختلف فيها الأئمة الأربعة ، فإن لم يكن الأئمة الأربعة على رأس السلف فلا سلف لنا .
إذ من المعروف أن أصول أهل الكوفة هي من الصحابيين عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ومنها استمد الفقه الحنفي أصوله ، وكذلك أصول أهل المدينة ترجع للفقهاء السبعة إلى الصحابة ومنها استمد الفقه المالكي أصوله .
فهذا سيدنا عمر يطلب التثبت في أكثر من واقعة ولم يكتف برواية صحابي ، ومثله السيدة عائشة رضي الله عنها ، نعم قد يقول قائل أن هذه الحوادث لها توجيهات ، ولكنها غير متفق عليها .
هذا بالإضافة إلى أن مسألة تصحيح الحديث هي مسألة عند المحدثين والنقاد ، أما مسألة العمل به بعد تصحيحه فهذه مسألة عند الفقهاء، فكل له تخصصه ، والله تعالى أعلم.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: الأدلة الواضحات على خطأ الأحناف والمالكية فيما اشترطوه من شروط للعمل بخبر الآحاد

السلام عليكم

بارك الله فيكم ونفع بكم،،

وأتفق مع شيخنا الدكتور/ بدر بن إبراهيم المهوس على ما تفضل به جزاه الله خيرًا. وقد تكون لي عودة بمشيئة الله تعالى، أو قد اكتفي بما ذُكر على تفصيل يطول.

والله أعلم.
 
أعلى