رد: تخفيف اللحية بالماكينة
ولا حتى الجويني والغزالي ممن قصد بالإجماع المنقول ولا يقصدان بغيره من الإجماعات إلا ما كان من نحو تنزيل الأحكام.
فمن جهة : ناقل الإجماع ابن حزم لا يعتقد إلا بإجماع الصحابة وليسا منهم ، فلا يقدح خلافهم ، بل هم محجوجون بما نقله أولاً.
وسيأتي التعقيب على ما نقلته عنه.
ومن جهة أخرى : قد صرح الجويني بانسداد باب الإجتهاد منذ عصور ـ هكذا يقول ـ وكذا قال الغزالي فيما أذكر.
فلا يصح أن يقال : هما مجتهدان ، بينما هما يقولان : لا اجتهاد.
وقولكم (لا أعتقد) ليس هذا بابه
وعدم مناسبة التقليد للإمام النووي ، ما أدري ما وجهه .
وقد صرح أئمة المذهب وغيرهم بأن باب الإجتهاد انسد قبل النووي بقرون ، فهو عندهم مقلد.
أما كون النووي ناقل ، نسلمه لكن عن من؟
وكيف تقدح بنقل الإجماع بمثل هذا النقل؟
أما كون النووي من أعلم الناس بمواطن الإجماع.
كأني بك تريدني أن استحي فقط فلا أقول مقلد ولا أرد قوله. وليس بشيء.
ولعله إنما نقل عن بعض من تقدم من علماء المذهب ، إذ هذا هو عمله كفقيه شافعي.
فما علاقة هذا بنقل ابن حزم وهو لا يرى الإحتجاج إلا بعمل الصحابة ، ويرى أقوال أتباع المذاهب غير معتد بها ، بل المعتد به قول إمام المذهب فقط، ويجعل قول جميعم قول إمامهم.
أما ما أطلت به من النقل ، فما أدري ما علاقته بما ذكرتُ.
أما الكراهة المذكورة عن بعض من تقدم ، فلا يصح الإحتجاج بها ، فإن الكراهة بالمعنى الإصطلاحي حادث متأخر ، فحمل كلام المتقدمين عليه بغير قرينة فيه نظر.
ومرة أخرى من نقل عن الجمهور لم ينفي الإجماع ، بل نفى علمه به ، وعلمه بنقل ابن حزم لا يعني علمه بوجود الخلاف، لجواز أنه لم يعتد بنقل ابن حزم لأي سبب كان سوى وجود المخالف.
فلا ينتقض هذا النقل إلا بإثبات الخلاف.
وأخيراً ما نقلته عن ابن حزم وهو قوله :
وَقوم قَالُوا الإجماع هُوَ إجماع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَقَط
وَقوم قَالُوا إجماع كل عصر إجماع صَحِيح إذا لم يتَقَدَّم قبله فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة خلاف وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لإجماع الْأمة عِنْد التَّفْصِيل عَلَيْهِ واحتجاجهم بِهِ وَترك مَا أصلوه لَهُ
أقول : قد قال نحوه في (الإحكام) إلا أن هذا فيما يتعلق في الإجماع في نفس الأمر ، أما من جهة النقل ، فقد منع إمكان نقل غير إجماع الصحابة كما تراه في (النبذ) بل ومنع حتى من إمكان نقل إجماع الصحابة في كل مسألة في (الإحكام).
فحجية الإجماع ونقله أمران مختلفان.
وعلى كل أنا في هذا أميل لرأي الشوكاني في إمكان نقل الإجماع ، فإنه يستبعده كل الإستبعاد ، وهو حقيق بذلك.
سوى الإجماع السكوتي لأمر آخر ليس هذا موضع بسطه.
والله أعلم