العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

من الطرق والأساليب التي اتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشجيع على الكسب الحلال (1) إغلاق باب المسألة

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة ، أمر فيها بالعمل والإنتاج وحذر من السؤال ، ومن تلك الأحاديث مارواه الزُّبَيْرِ بن الْعَوَّامِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَأَنْ يَأْخُذَ أحدكم حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ على ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ الله بها وَجْهَهُ خَيْرٌ له من أَنْ يَسْأَلَ الناس أَعْطَوْهُ أو مَنَعُوهُ " [1].
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف أصحابه المواضع التي تحل فيها المسألة ، لتكون هذه المواضع مستثناه من الأصل وهو التعفف عن سؤال الناس ، والاعتماد على النفس ببذل الجهد في العمل والإنتاج فعن أبي بشر قبيصة بن المخارق – رضي الله عنه – قال : تحملت حمالة – أي المال الذي يتحمله الشخص للإصلاح بين فريقين – فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم – أسأل فيها فقال : " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ، ثم قال : "ياقبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة – أي الآفة تصيب مال الإنسان – اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً – القوام : ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه – من عيش ، أو قال : سداد من عيش ، ورجل أصابته فاقة – الفقر – حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا – العقل – من قومه : لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش ، فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحت " يأكلها صاحبها سحتاً .[2]
وقد وضح البخاري ذلك المبدأ حيث يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض نصيحته لسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه إذ يقول له: “....إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناس في أَيْدِيهِمْ...." .[3]
أي أن يكون لهم ما يساعدهم على العيش والكسب خير من أن يسألون الناس بأكفهم فيبسطونها للسؤال ". [4]
وعن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ قَالَ : ( يَا حَكِيمُ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ) ، قَالَ حَكِيمٌ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا - أي لا أنقص ، وأراد لا آخذ من أحد شيئاً- فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ [5].
فى حديث حكيم من الفقه : أن سؤال السلطان الأعلى ليس بعار ، وفيه : أن السائل إذا ألحف لا بأس برده وتخييبه وموعظته ، وأمره بالتعفف وترك الحرص على الأخذ كما فعل النبى ، - صلى الله عليه وسلم - ، بالأنصار وبحكيم حين ألحفوا فى مسألته مرة بعد أخرى ، كلما أعطاهم سألوه ، فأنجح الله موعظته ومَحَا بِهَا حرص حكيم ، فلم يرزأ أحدًا بعده . وقوله : (فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ) يدل أن القناعة وطلب الكفاية والإجمال فى الطلب مقرون بالبركة ، وأن من طلب المال بالشره والحرص ، فلم يأخذه من حقه لم يبارك له فيه ، وعوقب بأن حرم بركة ما جمع . وفى قوله : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) فضل المال والغنى إذا أنفق فى طاعة الله ، وفيه : بيان أن لا يسأله الإنسان شيئًا إلا عند الحاجة والضرورة ، لأنه إذا كانت يده سفلى مع إباحة المسألة فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الضرورة [6].
قال الحافظ ابن حجر : " واليد العليا المعطية والمنفقة ، واليد السفلى السائلة والآخذة سواء كان بسؤال أم بغير سؤال " .[7]
وقال عمر رضي الله عنه لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة [8] .
[1]- البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده ، برقم 2075، مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب : كراهة المسألة للناس، برقم 1042/106.
[2]- مسلم في الصحيح، كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة برقم 1044/ 109
[3]- كتاب النفقات ، باب فضل النفقة على الأهل ، برقم 5354
[4]- فتح الباري 4/ 461
[5] - البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى برقم 1427 ، باب الاستعفاف عن المسألة برقم 1472
[6] - شرح صحيح البخاري لابن بطال ج 3 ص505، 506
[7]- فتح الباري 4/479
[8] - إحياء علوم الدين ج 2 ص 62.
 
أعلى