سما الأزهر
:: متخصص ::
- إنضم
- 1 سبتمبر 2010
- المشاركات
- 518
- التخصص
- الشريعة الإسلامية
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الشافعي
لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة ، أمر فيها بالعمل والإنتاج وحذر من السؤال ، ومن تلك الأحاديث مارواه الزُّبَيْرِ بن الْعَوَّامِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لَأَنْ يَأْخُذَ أحدكم حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ على ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ الله بها وَجْهَهُ خَيْرٌ له من أَنْ يَسْأَلَ الناس أَعْطَوْهُ أو مَنَعُوهُ " [1].
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف أصحابه المواضع التي تحل فيها المسألة ، لتكون هذه المواضع مستثناه من الأصل وهو التعفف عن سؤال الناس ، والاعتماد على النفس ببذل الجهد في العمل والإنتاج فعن أبي بشر قبيصة بن المخارق – رضي الله عنه – قال : تحملت حمالة – أي المال الذي يتحمله الشخص للإصلاح بين فريقين – فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم – أسأل فيها فقال : " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ، ثم قال : "ياقبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة – أي الآفة تصيب مال الإنسان – اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً – القوام : ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه – من عيش ، أو قال : سداد من عيش ، ورجل أصابته فاقة – الفقر – حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا – العقل – من قومه : لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش ، فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحت " يأكلها صاحبها سحتاً .[2]
وقد وضح البخاري ذلك المبدأ حيث يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض نصيحته لسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه إذ يقول له: “....إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناس في أَيْدِيهِمْ...." .[3]
أي أن يكون لهم ما يساعدهم على العيش والكسب خير من أن يسألون الناس بأكفهم فيبسطونها للسؤال ". [4]
وعن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ قَالَ : ( يَا حَكِيمُ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ) ، قَالَ حَكِيمٌ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا - أي لا أنقص ، وأراد لا آخذ من أحد شيئاً- فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ [5].
فى حديث حكيم من الفقه : أن سؤال السلطان الأعلى ليس بعار ، وفيه : أن السائل إذا ألحف لا بأس برده وتخييبه وموعظته ، وأمره بالتعفف وترك الحرص على الأخذ كما فعل النبى ، - صلى الله عليه وسلم - ، بالأنصار وبحكيم حين ألحفوا فى مسألته مرة بعد أخرى ، كلما أعطاهم سألوه ، فأنجح الله موعظته ومَحَا بِهَا حرص حكيم ، فلم يرزأ أحدًا بعده . وقوله : (فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ) يدل أن القناعة وطلب الكفاية والإجمال فى الطلب مقرون بالبركة ، وأن من طلب المال بالشره والحرص ، فلم يأخذه من حقه لم يبارك له فيه ، وعوقب بأن حرم بركة ما جمع . وفى قوله : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) فضل المال والغنى إذا أنفق فى طاعة الله ، وفيه : بيان أن لا يسأله الإنسان شيئًا إلا عند الحاجة والضرورة ، لأنه إذا كانت يده سفلى مع إباحة المسألة فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الضرورة [6].
قال الحافظ ابن حجر : " واليد العليا المعطية والمنفقة ، واليد السفلى السائلة والآخذة سواء كان بسؤال أم بغير سؤال " .[7]
وقال عمر رضي الله عنه لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة [8] .
[1]- البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده ، برقم 2075، مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب : كراهة المسألة للناس، برقم 1042/106.
[2]- مسلم في الصحيح، كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة برقم 1044/ 109
[3]- كتاب النفقات ، باب فضل النفقة على الأهل ، برقم 5354
[4]- فتح الباري 4/ 461
[5] - البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى برقم 1427 ، باب الاستعفاف عن المسألة برقم 1472
[6] - شرح صحيح البخاري لابن بطال ج 3 ص505، 506
[7]- فتح الباري 4/479
[8] - إحياء علوم الدين ج 2 ص 62.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف أصحابه المواضع التي تحل فيها المسألة ، لتكون هذه المواضع مستثناه من الأصل وهو التعفف عن سؤال الناس ، والاعتماد على النفس ببذل الجهد في العمل والإنتاج فعن أبي بشر قبيصة بن المخارق – رضي الله عنه – قال : تحملت حمالة – أي المال الذي يتحمله الشخص للإصلاح بين فريقين – فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم – أسأل فيها فقال : " أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ، ثم قال : "ياقبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة – أي الآفة تصيب مال الإنسان – اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً – القوام : ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه – من عيش ، أو قال : سداد من عيش ، ورجل أصابته فاقة – الفقر – حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا – العقل – من قومه : لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش ، فما سواهن من المسألة ياقبيصة سحت " يأكلها صاحبها سحتاً .[2]
وقد وضح البخاري ذلك المبدأ حيث يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض نصيحته لسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه إذ يقول له: “....إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ من أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ الناس في أَيْدِيهِمْ...." .[3]
أي أن يكون لهم ما يساعدهم على العيش والكسب خير من أن يسألون الناس بأكفهم فيبسطونها للسؤال ". [4]
وعن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِى ، ثُمَّ قَالَ : ( يَا حَكِيمُ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ ، كَالَّذِى يَأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ) ، قَالَ حَكِيمٌ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا - أي لا أنقص ، وأراد لا آخذ من أحد شيئاً- فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّى أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ ، أَنِّى أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الْفَىْءِ ، فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تُوُفِّىَ [5].
فى حديث حكيم من الفقه : أن سؤال السلطان الأعلى ليس بعار ، وفيه : أن السائل إذا ألحف لا بأس برده وتخييبه وموعظته ، وأمره بالتعفف وترك الحرص على الأخذ كما فعل النبى ، - صلى الله عليه وسلم - ، بالأنصار وبحكيم حين ألحفوا فى مسألته مرة بعد أخرى ، كلما أعطاهم سألوه ، فأنجح الله موعظته ومَحَا بِهَا حرص حكيم ، فلم يرزأ أحدًا بعده . وقوله : (فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ) يدل أن القناعة وطلب الكفاية والإجمال فى الطلب مقرون بالبركة ، وأن من طلب المال بالشره والحرص ، فلم يأخذه من حقه لم يبارك له فيه ، وعوقب بأن حرم بركة ما جمع . وفى قوله : (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) فضل المال والغنى إذا أنفق فى طاعة الله ، وفيه : بيان أن لا يسأله الإنسان شيئًا إلا عند الحاجة والضرورة ، لأنه إذا كانت يده سفلى مع إباحة المسألة فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الضرورة [6].
قال الحافظ ابن حجر : " واليد العليا المعطية والمنفقة ، واليد السفلى السائلة والآخذة سواء كان بسؤال أم بغير سؤال " .[7]
وقال عمر رضي الله عنه لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة [8] .
[1]- البخاري في صحيحه ، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده ، برقم 2075، مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب : كراهة المسألة للناس، برقم 1042/106.
[2]- مسلم في الصحيح، كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة برقم 1044/ 109
[3]- كتاب النفقات ، باب فضل النفقة على الأهل ، برقم 5354
[4]- فتح الباري 4/ 461
[5] - البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى برقم 1427 ، باب الاستعفاف عن المسألة برقم 1472
[6] - شرح صحيح البخاري لابن بطال ج 3 ص505، 506
[7]- فتح الباري 4/479
[8] - إحياء علوم الدين ج 2 ص 62.