سما الأزهر
:: متخصص ::
- إنضم
- 1 سبتمبر 2010
- المشاركات
- 518
- التخصص
- الشريعة الإسلامية
- المدينة
- القاهرة
- المذهب الفقهي
- الشافعي
3- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للتاجر الماهر
فمن القواعد الإسلامية وجوب تفوق المتخصصين بفروض الكفاية وفي مقدمتها إتقان المنافسة في مجال الاستثمار وإجادته ، وذلك لأن منهج الإسلام في توزيع العمل ، يقوم أساساً على تحديد حاجيات الأمة الإسلامية في جميع المجالات وفقاً لرسالتها في الحياة بدءاً وانطلاقاً وغاية ، وهذه الحاجيات هي فروض كفاية على جميع أبناء الأمة على وجه العموم والشمول ، وعليها – بوجه عام – أن تهيئ من أبنائها في كل مجال ما يحقق لها كل ما تصبوا إليه من تقدم وازدهار بغية تحقيق رسالتها .
وهذا الفرض الكفائي بالنسبة للأمة في مجموعها يصبح فرض عين بالنسبة لكل من وكل إليه جانب من هذه التخصصات التي تحتاج إليها الأمة في مسيرتها .
وهذه القاعدة تنطبق على جميع المجالات بلا استثناء ، وبالتالي فهي تنطبق على مجال الاستثمار ، فالتاجر المسلم والصانع المسلم، والزارع المسلم ، كل هؤلاء ومن على شاكلتهم في جميع المجالات ينبغي أن يتفوقوا على نظائرهم من غير المسلمين في مجال تخصصهم ، وأن يتخذوا إلى ذلك كل سبيل مشروع .
ونذكر في هذا المجال إشارة خاطفة من توجيهات سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - إلى أخذ المسلم مبادرة العمل الجاد بيده بغية استثمار جهده ووقته أحسن استثمار .
عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " . وقد نفع الله صخراً بفقه هذا الدعاء : " فكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُه ُ" [1].
قال الإمام النووي تعليقاً على هذا الحديث : يستحب لمن كانت وظيفته قراءة قرآن أو حديث أو فقه أو غيره من علوم الشرع أو تسبيح أو اعتكاف ونحوها من العبادات أو صنعة من الصنائع ، أو عمل من الأعمال مطلقاً ويريد أن يتمكن من فعله أول النهار وغيره أن يفعله في أول النهار ، ..........".[2]
وموقف حكيم بن حزام في شرائه الشاة للرسول صلى الله عليه وسلم ودعاء الرسول له، وأثر ذلك في خبرته الاقتصادية ، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا ، فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا ، فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَار " [3].
وعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ : دَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً ، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ شَاتَيْنِ ، فَبِعْتُ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْتُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَقَالَ لَهُ : " بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ " فَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ الْعَظِيمَ فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا " [4].
وواضح أن هاتين قضيتان مختلفتان وإن كان مضمونهما واحد – وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لكل من هذين التاجرين الماهرين ، وقد أصابتهما دعوة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت لكل منهما بمثابة التشجيع وبث الثقة في النفس ، فأثرى كل منهما ، وكثر ماله ، فحكيم بن حزام كان من أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خبرة بشؤون التجارة ، وترك لأولاده ثروات طائلة ووقوفاً محبوسة عليهم ، وعروة البارقي كما تذكر رواية الترمذي السابقة – كان إذا تاجر في شيء يربح الأرباح الوفيرة حتى عرف بين أهل الكوفة بالغنى واليسار .
ويستفاد من موقف حكيم بن حزام وعروة البارقي في مجال التنافس التجاري عدة أمور :
1- سرعة الإفادة المشروعة بكل مافي يده من إمكانات ، فإن كلاً منهما عندما اشترى ماكلف بشرائه بالثمن الذي حددله لم يكتف بذلك ويعود أدراجه ، بل بادر – عندما سنحت له الفرصة المناسبة – ببيع مااشتراه حلالاً طيباً بضعف الثمن الذي اشترى به ، أي باع بدينارين مااشتراه بدينار فربح مائة في المائة ، ثم اشترى بأحد الدينارين شاة أخرى وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة التي طلبها والدينار الذي دفعه إليه . وهذا ماينبغي على المستثمر المسلم أن يعيه حيث يبادر فيشتري سلعته الجيدة من أرخص الأسواق حتى يحصل على ربح وفير حلال .
2- الحرية في اتخاذ القرار دون تردد نتيجة لتحمل المسئولية ، فإنه عند موكله أمين – والوكيل المخالف ضامن – وبناءاً عليه فزمام الأمر بيده وعليه أن يقدر الظروف ويوازن بينها ، ثم يجازف مجازفة مدروسة مبنية على مقدمات سليمة من تقديرات صحيحة ، ومؤسسة على خبرة اقتصادية سابقة .
[1] - أخرجه الترمذي في السنن ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في التبكير بالتجارة برقم 1212 ، قال أبو عيسى : حديث صخر حديث حسن .- السراج المنير للعزيزي بشرح الجامع الصغير 1/282 [2]
[3] - أخرجه الترمذي كتاب البيوع ، باب رقم 34 ، قال أبو عيسى : حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وأبو داود في كتاب البيوع ، باب المضارب يخالف برقم 3386
[4] - أخرجه البخاري في كتاب المناقب برقم 3643 ، الترمذي في أبواب البيوع باب رقم 34 حديث رقم 1258 ، وأبو داود في كتاب البيوع ، باب المضارب يخالف برقم 3384
فمن القواعد الإسلامية وجوب تفوق المتخصصين بفروض الكفاية وفي مقدمتها إتقان المنافسة في مجال الاستثمار وإجادته ، وذلك لأن منهج الإسلام في توزيع العمل ، يقوم أساساً على تحديد حاجيات الأمة الإسلامية في جميع المجالات وفقاً لرسالتها في الحياة بدءاً وانطلاقاً وغاية ، وهذه الحاجيات هي فروض كفاية على جميع أبناء الأمة على وجه العموم والشمول ، وعليها – بوجه عام – أن تهيئ من أبنائها في كل مجال ما يحقق لها كل ما تصبوا إليه من تقدم وازدهار بغية تحقيق رسالتها .
وهذا الفرض الكفائي بالنسبة للأمة في مجموعها يصبح فرض عين بالنسبة لكل من وكل إليه جانب من هذه التخصصات التي تحتاج إليها الأمة في مسيرتها .
وهذه القاعدة تنطبق على جميع المجالات بلا استثناء ، وبالتالي فهي تنطبق على مجال الاستثمار ، فالتاجر المسلم والصانع المسلم، والزارع المسلم ، كل هؤلاء ومن على شاكلتهم في جميع المجالات ينبغي أن يتفوقوا على نظائرهم من غير المسلمين في مجال تخصصهم ، وأن يتخذوا إلى ذلك كل سبيل مشروع .
ونذكر في هذا المجال إشارة خاطفة من توجيهات سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - إلى أخذ المسلم مبادرة العمل الجاد بيده بغية استثمار جهده ووقته أحسن استثمار .
عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " . وقد نفع الله صخراً بفقه هذا الدعاء : " فكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُه ُ" [1].
قال الإمام النووي تعليقاً على هذا الحديث : يستحب لمن كانت وظيفته قراءة قرآن أو حديث أو فقه أو غيره من علوم الشرع أو تسبيح أو اعتكاف ونحوها من العبادات أو صنعة من الصنائع ، أو عمل من الأعمال مطلقاً ويريد أن يتمكن من فعله أول النهار وغيره أن يفعله في أول النهار ، ..........".[2]
وموقف حكيم بن حزام في شرائه الشاة للرسول صلى الله عليه وسلم ودعاء الرسول له، وأثر ذلك في خبرته الاقتصادية ، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا ، فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا ، فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَار " [3].
وعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ : دَفَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِأَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً ، فَاشْتَرَيْتُ لَهُ شَاتَيْنِ ، فَبِعْتُ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْتُ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَقَالَ لَهُ : " بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ " فَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى كُنَاسَةِ الْكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ الْعَظِيمَ فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالًا " [4].
وواضح أن هاتين قضيتان مختلفتان وإن كان مضمونهما واحد – وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لكل من هذين التاجرين الماهرين ، وقد أصابتهما دعوة النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت لكل منهما بمثابة التشجيع وبث الثقة في النفس ، فأثرى كل منهما ، وكثر ماله ، فحكيم بن حزام كان من أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خبرة بشؤون التجارة ، وترك لأولاده ثروات طائلة ووقوفاً محبوسة عليهم ، وعروة البارقي كما تذكر رواية الترمذي السابقة – كان إذا تاجر في شيء يربح الأرباح الوفيرة حتى عرف بين أهل الكوفة بالغنى واليسار .
ويستفاد من موقف حكيم بن حزام وعروة البارقي في مجال التنافس التجاري عدة أمور :
1- سرعة الإفادة المشروعة بكل مافي يده من إمكانات ، فإن كلاً منهما عندما اشترى ماكلف بشرائه بالثمن الذي حددله لم يكتف بذلك ويعود أدراجه ، بل بادر – عندما سنحت له الفرصة المناسبة – ببيع مااشتراه حلالاً طيباً بضعف الثمن الذي اشترى به ، أي باع بدينارين مااشتراه بدينار فربح مائة في المائة ، ثم اشترى بأحد الدينارين شاة أخرى وعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة التي طلبها والدينار الذي دفعه إليه . وهذا ماينبغي على المستثمر المسلم أن يعيه حيث يبادر فيشتري سلعته الجيدة من أرخص الأسواق حتى يحصل على ربح وفير حلال .
2- الحرية في اتخاذ القرار دون تردد نتيجة لتحمل المسئولية ، فإنه عند موكله أمين – والوكيل المخالف ضامن – وبناءاً عليه فزمام الأمر بيده وعليه أن يقدر الظروف ويوازن بينها ، ثم يجازف مجازفة مدروسة مبنية على مقدمات سليمة من تقديرات صحيحة ، ومؤسسة على خبرة اقتصادية سابقة .
[1] - أخرجه الترمذي في السنن ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في التبكير بالتجارة برقم 1212 ، قال أبو عيسى : حديث صخر حديث حسن .- السراج المنير للعزيزي بشرح الجامع الصغير 1/282 [2]
[3] - أخرجه الترمذي كتاب البيوع ، باب رقم 34 ، قال أبو عيسى : حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وأبو داود في كتاب البيوع ، باب المضارب يخالف برقم 3386
[4] - أخرجه البخاري في كتاب المناقب برقم 3643 ، الترمذي في أبواب البيوع باب رقم 34 حديث رقم 1258 ، وأبو داود في كتاب البيوع ، باب المضارب يخالف برقم 3384