[الِاعْتِصَامُ بِالْوَاحِدِ الْأَحَدِ مِنْ إقَامَةِ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ] للشيخ الإمام 
التقي السبكي:
(مَسْأَلَةٌ)  قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَرَضِيَ  عَنْهُ:  إقَامَةُ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ لَمْ أَرَ لَهَا ذِكْرًا فِي  كَلَامِ  الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - إلَّا مَا رَوَاهُ  أَبُو  بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ قَالَ حَدَّثَنَا  عَبْدُ  السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ:  قَالَ  عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا جُمُعَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ  إلَّا  مَعَ الْإِمَامِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ  ابْنِ عُمَرَ -  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا  جُمُعَةَ إلَّا  فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ  الْإِمَامُ، وَلَمْ  أَرَ جَوَازَ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ  الصَّحَابَةِ  قَوْلًا وَلَا فِعْلًا وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ  بْنِ إدْرِيسَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي  مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي  رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ كَتَبُوا  إلَى عُمَرَ - رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - يَسْأَلُونَهُ عَنْ الْجُمُعَةِ  فَكَتَبَ جَمِّعُوا  حَيْثُ مَا كُنْتُمْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْأَثَرِ  عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - تَعَرُّضٌ لِلتَّعَدُّدِ وَإِنَّمَا  فِيهِ إجَازَتُهُ  الْجُمُعَةَ فِي أَيِّ مَكَان كَانَ مِنْ الْقُرَى  وَالْمُدُنِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ  عَنْ مُغِيرَةَ  عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ  إلَّا فِي مِصْرٍ  جَامِعٍ. وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ  سَعْدِ بْنِ  عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ  عَلِيٍّ - رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَا تَشْرِيقَ وَلَا جُمُعَةَ  إلَّا فِي مِصْرٍ.  وَهَذَا مَعَ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِصِحَّةِ  ذَلِكَ عَنْ  عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ سُفْيَانُ -  رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا مُدَلِّسًا لَكِنَّهُ جَلِيلٌ وَرَأَيْتُ  فِي  عِلَلِ الْحَدِيثِ الَّتِي رَوَاهَا الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ قُلْت   لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَرَوَى أَبُو إسْرَائِيلَ شَيْئًا غَرِيبًا   فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نَعَمْ لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا   فِي مِصْرٍ جَامِعٍ وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ فِي   تَصْحِيحِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ عُمَرَ   وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ  وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْهُمَا تَعَرُّضٌ لِلتَّعَدُّدِ فَفِي  كَلَامِ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ.
وَقَالَ  أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ  عَبْدِ  الْحَمِيدِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ  اللَّهِ بْنُ  رَوَاحَةَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَإِنْ شَاءَ  رَاكِبًا. حَدَّثَنَا  أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ سَعِيدِ  بْنِ أَبِي أَيُّوبَ  قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ  قَالَ: رَأَيْت أَبَا  هُرَيْرَةَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنْ ذِي  الْحُلَيْفَةِ مَاشِيًا.  حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ أَبِي  غَسَّانَ عَنْ أَبِي  ظَبْيَانَ الْحَجَبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ -  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:  تُؤْتَى الْجُمُعَةُ وَلَوْ حَبْوًا.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ  بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَرْسَلْتُ إلَى  عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ أَسْأَلُهَا  عَنْ الْجُمُعَةِ فَقَالَتْ: كَانَ  سَعْدُ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ  أَمْيَالٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ وَكَانَ  أَحْيَانًا يَأْتِيهَا وَأَحْيَانًا  لَا يَأْتِيهَا.
حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ قَالَ: رَأَيْت  أَنَسًا شَهِدَ  الْجُمُعَةَ مِنْ الرَّاوِيَةِ وَهِيَ عَلَى فَرْسَخَيْنِ  مِنْ  الْبَصْرَةِ. حَدَّثَنَا رَوَّادُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ  الْأَوْزَاعِيِّ  عَنْ وَاصِلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَتْ الْعُصْبَةُ  مِنْ الرِّجَالِ  وَالنِّسَاءِ يَجْتَمِعُونَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - فَمَا يَأْتُونَ رِحَالَهُمْ إلَّا مِنْ  الْغَدِ.
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ  عَنْ أَبِيهِ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ كَانَ يَأْتِي  الْجُمُعَةَ مَاشِيًا  فَقُلْت لِعَبْدِ الْحَمِيدِ: كَمْ كَانَ بَيْنَ  مَنْزِلِهِ وَبَيْنَ  الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: مِيلَيْنِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ  الْأَعْلَى عَنْ  مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَشْهَدُونَ  الْجُمُعَةَ  مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ  ذِي  الْحُلَيْفَةِ.
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ  قُلْت لِلزُّهْرِيِّ:  عَلَى مَنْ تَجِبُ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ كَانَ هُوَ  قُرْبَ الْمَدِينَةِ؟  قَالَ: كَانَ أَهْلُ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَشْهَدُونَ  الْجُمُعَةَ.  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ:  كَانَ  مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ عَنْ الرَّجُلِ يَجْمَعُ مِنْ هَذِهِ  الْمَزَالِفِ  فَيَقُولُ: كَانُوا يَجْمَعُونَ مِنْ الْمَزَالِفِ حَوْلَ  الْمَدِينَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَيُّوبَ  بْنِ عُتْبَةَ  عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: تُؤْتَى  الْجُمُعَةُ مِنْ فَرْسَخَيْنِ. حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ  الْعَوَّامِ  عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ  أَبِيهِ عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ  الْجُمُعَةَ فِي  الطَّائِفِ وَهُوَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا الرَّهْطُ  عَلَى رَأْسِ  ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي  مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ  عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:  جَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ  يَقْدُمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْلَ  أَنْ تَنْزِلَ الْجُمُعَةُ وَهُمْ  الَّذِينَ سَمَّوْهَا الْجُمُعَةَ  فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: لِلْيَهُودِ  يَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كُلَّ  سِتَّةِ أَيَّامٍ وَلِلنَّصَارَى أَيْضًا  مِثْلُ ذَلِكَ فَهَلُمَّ  فَلْنَجْعَلْ يَوْمًا نَجْتَمِعُ فِيهِ  وَنَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى  وَنُصَلِّي وَنَشْكُرُهُ أَوْ كَمَا قَالُوا:  فَقَالُوا: يَوْمَ السَّبْتِ  لِلْيَهُودِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ لِلنَّصَارَى  فَاجْعَلُوا يَوْمَ  الْجُمُعَةِ الْعُرُوبَةَ وَكَانُوا يُسَمُّونَ يَوْمَ  الْجُمُعَةِ حِينَ  اجْتَمَعُوا إلَيْهِ فَذَبَحَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ  لَهُمْ شَاةً  فَتَغَدَّوْا وَتَعَشَّوْا مِنْ شَاةٍ وَاحِدَةٍ لَيْلَتَهُمْ  فَأَنْزَلَ  اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ  الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] .
أَخْبَرَنَا  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ:  مَنْ أَوَّلُ  مَنْ جَمَعَ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ  زَعَمُوا قُلْت:  أَبِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - قَالَ:  فَمَهْ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ  الزُّهْرِيِّ قَالَ:  «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - مُصْعَبَ  بْنَ عُمَيْرِ بْنِ هِشَامٍ إلَى أَهْلِ  الْمَدِينَةِ لِيُقْرِئَهُمْ  الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمْ فَأَذِنَ  لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ  يَوْمَئِذٍ بِأَمِيرٍ  وَلَكِنْ انْطَلَقَ يُعَلِّمُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ»  قَالَ مَعْمَرٌ:  وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: حَيْثُ مَا كَانَ أَمِيرٌ  فَإِنَّهُ يَعِظُ  أَصْحَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُصَلِّي بِهِمْ  رَكْعَتَيْنِ.
عَبْدُ  الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ  عَبْدَ  اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَكُونُ بِالرَّهْطِ  فَلَا  يَشْهَدُ الْجُمُعَةَ مَعَ النَّاسِ بِالطَّائِفِ وَإِنَّمَا  بَيْنَهُ  وَبَيْنَ الطَّائِفِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ.  عَبْدُ  الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ:  كَانَ  يَكُونُ أَنَسٌ فِي أَرْضِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ  ثَلَاثَةُ  أَمْيَالٍ فَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ بِالْبَصْرَةِ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ  عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ  بْنُ مُوسَى أَنَّ  مُعَاوِيَةَ كَانَ يَدْعُو النَّاسَ إلَى شُهُودِ  الْجُمُعَةِ عَلَى  الْمِنْبَرِ بِدِمَشْقَ فَيَقُولُ: اشْهَدُوا  الْجُمُعَةَ يَا أَهْلَ كَذَا  يَا أَهْلَ كَذَا حَتَّى يَدْعُوَ أَهْلَ  قَائِنٍ وَأَهْلُ قَائِنٍ  حِينَئِذٍ مِنْ دِمَشْقَ عَلَى أَرْبَعَةٍ  وَعِشْرِينَ مِيلًا فَيَقُولُ:  اشْهَدُوا الْجُمُعَةَ يَا أَهْلَ قَائِنٍ.  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ  مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ  بْنُ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ  مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -  كَانَ يَقُومُ عَلَى  مِنْبَرِهِ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ مَرْوَ يَا أَهْلَ  دَائِرَةِ  فَرْسَخَيْنِ مِنْ دِمَشْقَ إحْدَاهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ  فَرَاسِخَ  وَالْأُخْرَى عَلَى خَمْسَةٍ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَزِمَتْكُمْ  وَأَنْ لَا  جُمُعَةَ إلَّا مَعَنَا.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ  ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:  بَلَغَنَا أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -  صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهِدُوا بَدْرًا أُصِيبَتْ  أَبْصَارُهُمْ فِي  عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -  وَبَعْدَهُ  وَكَانُوا لَا يَتْرُكُونَ شُهُودَ الْجُمُعَةِ فَلَا نَرَى  أَنْ يَتْرُكَ  شُهُودَ الْجُمُعَةِ مَنْ وَجَدَ إلَيْهَا سَبِيلًا. عَبْدُ  الرَّزَّاقِ  عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ  بْنِ  عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ  النَّبِيِّ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ  إلَّا رَفَعَ  الْحَدِيثَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ -  قَالَ: «مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ ثَلَاثَ جُمُعَاتٍ ثُمَّ لَمْ  يَحْضُرْ  الْجُمُعَةَ أَوْ قَالَ: لَمْ يُجِبْ كُتِبَ مِنْ  الْمُنَافِقِينَ» .  وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ  كَثِيرَةً.  وَسَيَأْتِي حَدِيثُ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ  النِّدَاءَ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ثَوْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ  عَنْ رَجُلٍ مِنْ  أَهْلِ قُبَاءَ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ  النَّبِيِّ - صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَمَرَنَا  النَّبِيُّ - صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْهَدَ  الْجُمُعَةَ مِنْ قُبَاءَ»  قَالَ أَبُو عِيسَى: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا  الْبَابِ شَيْءٌ، وَفِي  الْمُحَلَّى لِابْنِ حَزْمٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى:  لَا جُمُعَةَ لِمَنْ صَلَّى فِي الرَّحْبَةِ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ  يَقُولُ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ)  هَذَا مَا اتَّفَقَ ذِكْرُهُ مِنْ مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ -  رِضْوَانُ  اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَتَلَخَّصَ مِنْهُ مَذْهَبُ عُمَرَ -  رَضِيَ اللَّهُ  عَنْهُ - أَنَّ الْجُمُعَةَ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ مِصْرٍ  وَقَرْيَةٍ.  وَمَذْهَبُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا لَا  تَجُوزُ إلَّا  فِي مِصْرٍ. وَمَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ  عَنْهُمَا -  أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي  فِيهِ  الْإِمَامُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ السُّلْطَانَ وَإِذَا   أَخَذْنَا بِالْإِطْلَاقِ أَتَتْنَا هُنَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ مُطْلَقَةٌ   مَذْهَبَانِ فِي اشْتِرَاطِ السُّلْطَانِ مُطْلَقًا فِي الْقَرْيَةِ   وَالْمِصْرِ، وَمَذْهَبَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْمِصْرِ مُطْلَقًا مَعَ   السُّلْطَانِ وَبِدُونِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَعَرُّضٌ لِلتَّعَدُّدِ   أَصْلًا، وَلَكِنَّ ظَاهِرَهُ وَظَاهِرَ الْفِعْلِ الْمُسْتَمِرِّ عَدَمُ   التَّعَدُّدِ لِمُحَافَظَةِ مَنْ قَدَّمْنَاهُ عَلَى الْإِتْيَانِ إلَيْهَا   مِنْ بُعْدٍ، وَاشْتِرَاطُ الْمِصْرِ يَرُدُّهُ التَّجْمِيعُ فِي  حَوَايَا  وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ.
وَقَدْ نَقَلُوا فِي  السِّيرَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -  قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَنَزَلَ  بِقُبَاءَ وَأَقَامَ فِي  بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ  وَالثُّلَاثَاءِ  وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُمْ  وَخَرَجَ  فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ  فَصَلَّى  الْجُمُعَةَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بِبَطْنِ الْوَادِي» ،  وَهَذَا إنْ  صَحَّ يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنَّ  الْمِصْرَ لَيْسَ  بِشَرْطٍ وَإِمَّا أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي  الْجُمُعَةَ حَيْثُ كَانَ  وَهُوَ رَأْيُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ  وَلَعَلَّ الْمَقْصُودَ أَنْ  تَكُونَ الْجُمُعَةُ فِي مَحَلِّ ظُهُورِ  الشِّعَارِ وَلَا مَحَلَّ  لِذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ مَحَلِّ النَّبِيِّ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ  عَلَيْهِمْ - وَعُلُوِّ  كَلِمَتِهِمْ وَكَذَلِكَ مَحَلُّ خُلَفَائِهِ  بَعْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ  النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -  يُصَلِّي الْجُمُعَةَ  قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَإِنْ أَذِنَ فِي فِعْلِهَا  بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ  مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَتْ قُرَيْشٌ  مَسْئُولِينَ عَلَيْهَا  وَالْمَقْصُودُ بِالْجُمُعَةِ اجْتِمَاعُ  الْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ  وَمَوْعِظَتُهُمْ. وَأَكْمَلُ وُجُوهِ ذَلِكَ  أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان  وَاحِدٍ لِتَجْتَمِعَ كَلِمَتُهُمْ وَتَحْصُلَ  الْأُلْفَةُ بَيْنَهُمْ،  وَحَصَلَ ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّمًا  فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي  هَذَا الْيَوْمِ عَلَى حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ  فِي الْمَسَاجِدِ  الْمُتَفَرِّقَةِ وَعُطِّلَتْ لِهَذَا الْقَصْدِ وَإِنْ  كَانَتْ إقَامَةُ  الْجُمُعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ  أَعْظَمِ بَلْ مِنْ  أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ.
وَهَذَا الْعَمَلُ مُسْتَمِرٌّ فِي  زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ -  رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -  وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ  عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ  رَدٌّ» وَفِي الْجُمُعَةِ  ثَلَاثَةُ مَقَاصِدَ: أَحَدُهَا: ظُهُورُ  الشِّعَارِ. وَالثَّانِي:  الْمَوْعِظَةُ. وَالثَّالِثُ: تَأْلِيفُ بَعْضِ  الْمُؤْمِنِينَ بِبَعْضٍ  لِتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَلَمَّا كَانَتْ  هَذِهِ الْمَقَاصِدُ  الثَّلَاثَةُ مِنْ أَحْسَنِ الْمَقَاصِدِ وَاسْتَمَرَّ  الْعَمَلُ  عَلَيْهَا وَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ  أَدْعَى  إلَيْهَا اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَيْهِ وَعُلِمَ ذَلِكَ مِنْ  دِينِ  الْإِسْلَامِ بِالضَّرُورَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ نَصٌّ  مِنْ  الشَّارِعِ بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ وَلَكِنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَا  آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] وَقَدْ أَتَانَا  فِعْلُهُ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّتُهُ وَسُنَّةُ  الْخُلَفَاءِ  الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ، وَمِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ  اجْتِمَاعُ  الْمُؤْمِنِينَ كُلُّ طَائِفَةٍ فِي مَسْجِدِهِمْ فِي  الصَّلَوَاتِ  الْخَمْسِ ثُمَّ اجْتِمَاعُ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي  الْجُمُعَةِ  ثُمَّ اجْتِمَاعُ أَهْلِ الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا مِنْ  الْعَوَالِي  فِي الْعِيدَيْنِ لِتَحْصُلَ الْأُلْفَةُ بَيْنَهُمْ وَلَا  يَحْصُلُ  تَقَاطُعٌ وَلَا تَفَرُّقٌ فَالتَّفْرِيقُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ  مِنْ  أَضَرِّ شَيْءٍ يَكُونُ، فَالِاجْتِمَاعُ دَاعٍ إلَى اتِّفَاقِ  كَلِمَةِ  الْمُسْلِمِينَ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ لَا ضَبْطَ لَهَا   فَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَهَذَا فِي الْجُمُعَةِ لَا يَشُقُّ   بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ جُعِلَتْ فِي مَسَاجِدِ الْمَحَالِّ   فَانْظُرْ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ}   [التوبة: 107] كَيْفَ جَعَلَهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِهَدْمِ   مَسْجِدِ الضِّرَارِ.
(فَصْلٌ) وَانْقَرَضَ عَصْرُ الصَّحَابَةِ -  رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ  - عَلَى ذَلِكَ، وَجَاءَ التَّابِعُونَ  فَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْهُمْ  تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ  أَيْضًا، وَلَا قَالَ بِجَوَازِ  جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ إلَّا رِوَايَةَ  عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ  جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَرَأَيْت  أَهْلَ الْبَصْرَةِ لَا  يَسَعُهُمْ الْمَسْجِدُ الْأَكْبَرُ كَيْفَ  يَصْنَعُونَ؟ قَالَ: لِكُلِّ  قَوْمٍ مَسْجِدٌ يُجْمَعُونَ فِيهِ ثُمَّ  يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُمْ؛ قَالَ  ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَنْكَرَ النَّاسُ أَنْ  يُجَمِّعُوا إلَّا فِي  الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ.
هَذَا لَفْظُ عَبْدِ  الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ نَقَلْتُهُ مِنْهُ  وَفِيهِ مَا تَرَاهُ مِنْ  إنْكَارِ النَّاسِ مَا قَالَهُ عَطَاءٌ وَمِنْهُ  صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ  الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَطَاءٌ فِيمَا إذَا كَانَ  الْمَسْجِدُ لَا  يَسَعُهُمْ فَلَيْسَ فِيهِ إجَازَةُ ذَلِكَ وَفِيهِ  قَوْلٌ لِكُلِّ قَوْمٍ  مَسْجِدٌ يُجَمِّعُونَ فِيهِ ثُمَّ يُجْزِئُ ذَلِكَ  عَنْهُمْ وَلَا شَكَّ  أَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ النَّاسِ  فَالرُّجُوعُ إلَى  قَوْلِ سَائِرِ النَّاسِ مَعَ الصَّحَابَةِ  جَمِيعِهِمْ أَوْلَى وَيَصِيرُ  مَذْهَبُ عَطَاءٍ فِي ذَلِكَ مِنْ  الْمَذَاهِبِ الشَّاذَّةِ الَّتِي لَمْ  يَعْمَلْ بِهَا النَّاسُ؛  وَيُحْتَمَلُ تَأْوِيلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ  أَنَّهُمْ يُجَمِّعُونَ  بِالدُّعَاءِ وَالْمَوْعِظَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ  الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ  أَنْ يُرِيدَ أَنَّ إقَامَةَ جُمُعَتَيْنِ فِي  بَلَدٍ لَيْسَ  بِمُمْتَنِعٍ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ فِي  مَكَان وَاحِدٍ  وَيَجْتَهِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي أَنْ يَكُونَ هُوَ  السَّابِقُ فَإِنْ  حَصَلَ السَّبْقُ لِأَحَدِهِمَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ  وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ  الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ يُجْزِئُ عَنْهُ،  وَيُشِيرُ إلَيْهِ  قَوْلُهُ ثُمَّ يُجْزِئُ عَنْهُ.
وَنَحْنُ نِزَاعُنَا  إنَّمَا هُوَ فِي صِحَّتِهَا وَإِنْ عُلِمَ سَبْقُ  أَحَدِهِمَا  وَمَسْبُوقِيَّةُ الْأُخْرَى، ثُمَّ انْقَرَضَ عَصْرُ  التَّابِعِينَ -  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ  يَتَجَدَّدْ فِيهِ خِلَافٌ  آخَرُ مِنْ غَيْرِ عَطَاءٍ زِيَادَةٌ عَلَى مَا  ذَكَرْنَاهُ مِنْ  مَذَاهِبِ الصَّحَابَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.
وَلْنَذْكُرْ مَا وَرَدَ  عَنْ التَّابِعِينَ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ  عَنْ سَعِيدِ بْنِ  السَّائِبِ بْنِ يَسَارٍ أَنَا صَالِحُ بْنُ سُعَيْدٍ  الْمَكِّيُّ أَنَّهُ  كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ  مُبْتَدِئٌ  بِالسُّوَيْدَاءِ وَهُوَ فِي إمَارَتِهِ عَلَى الْحِجَازِ،  فَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ  فَهَيَّئُوا لَهُ مَجْلِسًا مِنْ الْبَطْحَاءِ  ثُمَّ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ  لِلصَّلَاةِ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ فَجَلَسَ  عَلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ ثُمَّ  أَذَّنُوا أَذَانًا آخَرَ ثُمَّ  خَطَبَهُمْ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ  ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ  وَأَعْلَنَ فِيهِمَا بِالْقُرْآنِ ثُمَّ  قَالَ لَهُمْ حِينَ فَرَغَ مِنْ  صَلَاتِهِ: إنَّ الْإِمَامَ يُجْمِعُ  حَيْثُ كَانَ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ  أَنَّ مَسْلَمَةَ  بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ إلَيْهِ: إنِّي فِي  قَرْيَةٍ لِي فِيهَا  مَوَالٍ كَثِيرٌ وَأَهْلٌ وَنَاسٌ أَفَأُجْمِعُ بِهِمْ  وَلَسْت بِأَمِيرٍ؟  فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ  اسْتَأْذَنَ رَسُولَ  اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ  يُجْمِعَ بِأَهْلِ  الْمَدِينَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَإِنْ رَأَيْت أَنْ  تَكْتُبَ إلَى هِشَامٍ  لِيَأْذَنَ لَك فَافْعَلْ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: تُؤْتَى الْجُمُعَةُ مِنْ فَرْسَخَيْنِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ رَاجِعًا إلَى أَهْلِهِ.
عَبْدُ  الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَطَاءً مِنْ  أَيْنَ  تُؤْتَى الْجُمُعَةُ؟ قَالَ: فَقَالَ يُقَالُ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ  إلَى  بَرِيدٍ.
وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَنْزِلُونَ إلَى   الْجُمُعَةِ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٍ. عَبْدُ   الرَّزَّاقِ أَنَّا دَاوُد بْنَ قَيْسٍ قَالَ سُئِلَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ   وَأَنَا أَسْمَعُ مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ؟ قَالَ: مِنْ مَدِّ   الصَّوْتِ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ عَنْ عُثْمَانَ   بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ يَسْأَلُهُ   عَمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَالَ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ   النِّدَاءَ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ  فَارِسٍ ثنا  قَبِيصَةُ ثنا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ  الطَّائِفِيِّ عَنْ  أَبِي سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ  هَارُونَ عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى  اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - «الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ  النِّدَاءَ»  وَقَبِيصَةُ رَجُلٌ صَالِحٌ ثِقَةٌ فِي غَيْرِ الثَّوْرِيِّ  وَكَثِيرُ  الْخَطَأِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ظَنَّ  ابْنُ حَزْمٍ  أَنَّهُ الْمَصْلُوبُ وَلَيْسَ إيَّاهُ وَوَثَّقَهُ  الدَّارَقُطْنِيُّ،  وَتَكَلَّمْت عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي  كِتَابِ  الْفَرَائِضِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ نُبَيْهٍ مَجْهُولٌ وَعَبْدُ  اللَّهِ  بْنُ هَارُونَ مَجْهُولٌ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا هَذَا الْحَدِيثُ.  وَرَوَاهُ  عَنْ سُفْيَانَ جَمَاعَةٌ مَقْصُورًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ  عُمَرَ  وَلَمْ يَرْفَعُوهُ وَإِنَّمَا أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ كَذَا ذَكَرَهُ  أَبُو  دَاوُد.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ رُوِيَ  مَوْقُوفًا وَهُوَ  الصَّحِيحُ يَعْنِي إنَّهُ أَصَحُّ مِنْ الرَّفْعِ  وَأَمَّا صِحَّتُهُ  فَيَمْنَعُ مِنْهَا جَهَالَةُ رَاوِيهِ وَسُئِلَ عَبْدُ  الرَّزَّاقِ مِنْ  أَيْنَ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ؟ قَالَ:  مِنْ مَدْنَةِ  الرَّحْبَةِ إلَى صَنْعَاءَ وَمِثْلِ قَدْرِهَا وَمَا كَانَ  أَبْعَدَ مِنْ  ذَلِكَ فَإِنْ شَاءُوا حَضَرُوا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ  يَحْضُرُوا.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ  الْحَسَنَ  يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ وَكَانَ يَعُدُّ   الْأَمْصَارَ الْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ وَالْمَدِينَةَ وَالْبَحْرَيْنِ   وَمِصْرَ وَالشَّامَ وَالْجَزِيرَةَ وَرُبَّمَا قَالَ الْيَمَنُ   وَالْيَمَامَةُ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ التَّيْمِيِّ عَنْ لَيْثٍ   عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ وَاسِطُ مِصْرٍ.
عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت  لِعَطَاءٍ مَا الْقَرْيَةُ  الْجَامِعَةُ؟ قَالَ: ذَاتُ الْجَمَاعَةِ  وَالْأَثَرِ وَالْقِصَاصِ  وَالدُّورِ الْمُجْتَمِعَةُ غَيْرُ  الْمُتَفَرِّقَةِ وَالْآخِذُ بَعْضُهَا  بِبَعْضٍ كَهَيْئَةِ جُدَّةَ قَالَ:  فَجُدَّةُ جَامِعَةٌ قَالَ:  وَالطَّائِفُ قَالَ: وَإِذَا كُنْتَ فِي  قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ فَنُودِيَ  لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَحَقٌّ  عَلَيْكَ أَنْ تَشْهَدَهَا  سَمِعْتَ الْأَذَانَ أَوْ لَمْ تَسْمَعْهُ.  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ  مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ  الْجُمَحِيِّ عَنْ أَبِي  بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ  أَنَّهُ أَمَرَ أَهْلَ  قُبَاءَ وَأَهْلَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلَ  الْقُرَى الصِّغَارَ لَا  تُجْمِعُوا وَأَنْ تَشْهَدُوا الْجُمُعَةَ  بِالْمَدِينَةِ. عَبْدُ  الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ  عُمَرَ بْنَ عَبْدِ  الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى  أَهْلِ الْمِيَاهِ  بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَنْ يُجْمِعُوا فَقَالَ  عَطَاءٌ عِنْدَ  ذَلِكَ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنْ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي  مِصْرٍ جَامِعٍ.  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ بَلَغَنِي  «أَنَّ رَسُولَ  اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ  بِأَصْحَابِهِ فِي  سَفَرِهِ خَطَبَهُمْ مُتَّكِئًا عَلَى قَوْسِ» .
عَبْدِ  الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ   سَمِعْنَا أَنْ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ.
عَبْدُ  الرَّزَّاقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ  دِينَارٍ  يَقُولُ إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ تُجْمَعُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ  فَلْتُصَلَّ  فِيهِ الْجُمُعَةَ. عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ  بْنِ عُمَرَ  عَنْ نَافِعٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَهْلَ الْمِيَاهِ  بَيْنَ مَكَّةَ  وَالْمَدِينَةِ يَجْمَعُونَ فَلَا يَعِيبُ عَلَيْهِمْ.  عَبْدُ الرَّزَّاقِ  عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَيْسَتْ  عَرَفَةُ وَلَا  الظَّهْرَانُ وَلَا سَرْوُ وَلَا أَهْلُ أَوْدِيَتِنَا  هَذِهِ بِجَامِعَةٍ.  عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ  قَالَ: إذَا كُنْت  فِي قَرْيَةٍ جَامِعَةٍ يُجْمِعُ أَهْلُهَا فَإِنْ  شِئْت فَاجْمَعْ  مَعَهُمْ وَإِنْ شِئْت فَلَا إلَّا أَنْ تَسْمَعَ  النِّدَاءَ فَإِنْ  جَمَعْت مَعَهُمْ فَإِذَا سَلَّمَ إمَامُهُمْ فِي  رَكْعَتَيْنِ فَقُمْ  فَزِدْ رَكْعَتَيْنِ وَلَا تَقْصُرْ مَعَهُمْ. عَبْدُ  الرَّزَّاقِ  أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَأَلْت عَنْ  الْقَرْيَةِ  غَيْرِ الْجَامِعَةِ يَجْمَعُونَ وَيَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ  قَالَ: قُلْت:  أَجْمَعُ مَعَهُمْ وَأَقْصُرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. عَبْدُ  الرَّزَّاقِ عَنْ  ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى:  لَا جُمُعَةَ وَلَا  أَضْحَى وَلَا فِطْرَ إلَّا عَلَى مَنْ حَضَرَهُ  الْإِمَامُ. ابْنُ أَبِي  شَيْبَةَ ثنا ابْنُ إدْرِيسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ  الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ  قَالَا: الْجُمُعَةُ فِي الْأَمْصَارِ. ثنا  هُشَيْمٌ أَنَا يُونُسُ عَنْ  الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ: عَلَى أَهْلِ  الْأَيْلَةِ جُمُعَةٌ؟ قَالَ: لَا.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا لَا يُجْمِعُونَ فِي الْعَسَاكِرِ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ.
وَعَنْ  مُجَاهِدٍ قَالَ الرَّيُّ مِصْرٌ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ  الْعَزِيزِ  إلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ أَيُّمَا أَهْلِ قَرْيَةٍ لَيْسُوا  بِأَهْلِ  عَمُودٍ يَنْتَقِلُونَ فَأُمِّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ يُجْمِعُ  بِهِمْ.  حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ  مُحَمَّدٍ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْمِيَاهِ  بَيْنَ  مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يُجْمِعُونَ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ:  تُؤْتَى  الْجُمُعَةُ مِنْ أَرْبَعِ فَرَاسِخَ.
وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ  قَالَ: كَانَ أَبِي يَكُونُ يَسِيرُ  ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ  فَلَا يَشْهَدُ جُمُعَةً وَلَا  جَمَاعَةً. هَذَا مَا اتَّفَقَ نَقْلُهُ مِنْ كَلَامِ التَّابِعِينَ  وَلَيْسَ فِي  شَيْءٍ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ جُمُعَتَيْنِ إلَّا مَا  حَكَيْنَا  عَنْ عَطَاءٍ وَأَنْكَرَهُ النَّاسُ.
(فَصْلٌ) قَدْ عَلِمْت قَوْلَ  ابْنِ جُرَيْجٍ لِعَطَاءٍ إنَّ مَسْجِدَ  الْبَصْرَةِ الْأَكْبَرَ لَا  يَسَعُ أَهْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَ  ابْنِ عُمَرَ لَا جُمُعَةَ إلَّا  فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ وَقَوْلَ  عَلِيٍّ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي  مِصْرٍ وَقَوْلَهُ لَا جُمُعَةَ إلَّا  مَعَ الْإِمَامِ وَقَوْلَ عَطَاءٍ  بَلَغَنَا أَنْ لَا جُمُعَةَ إلَّا فِي  مِصْرٍ جَامِعٍ فَعُلِمَ أَنَّ  مَذْهَبَ عَطَاءٍ اشْتِرَاطُ الْمِصْرِ  كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ  وَلَعَلَّهُ يَشْتَرِطُ الْمَسْجِدَ مَعَ  ذَلِكَ كَمَذْهَبِ ابْنِ عُمَرَ  وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَلَا نَدْرِي  هَلْ يَشْتَرِطُ الْإِمَامَ أَوْ  لَا فَإِذَا فَرَضَ الْكَلَامَ فِي  الْبَصْرَةِ وَشَبَهِهَا وَمَسْجِدُهَا  الْأَكْبَرُ لَا يَسَعُ أَهْلَهَا  فَمَنْ يَقُولُ لَا يَشْتَرِطُ  لِلْجُمُعَةِ الْمَسْجِدَ وَلَا الْإِمَامَ  كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ  يُمْكِنُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ  فِي الطُّرُقَاتِ مَعَ  الْجَامِعِ وَتَتَّصِلُ الصُّفُوفُ فَلَا  يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْفَرْضِ  بِجُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْ يَشْرِطُ  الْمَسْجِدَ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ  عِنْدَهُ.
فَإِذَا امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ مِنْ  أَهْلِ  الْبَلَدِ لَا يُمْكِنُهَا الْوُصُولُ إلَى الْمَسْجِدِ فَيَحْتَاجُ   الَّذِي يَشْتَرِطُ الْمَسْجِدَ أَنْ يَقُولَ فِي حَقِّ هَذِهِ   الطَّائِفَةِ أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا إنَّهُمْ يُقِيمُونَ الظُّهْرَ   لِتَعَذُّرِ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِمْ كَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ   فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَإِمَّا أَنْ يُرَخِّصَ لَهُمْ فِي إقَامَةِ   جُمُعَةٍ أُخْرَى فِي مَسْجِدٍ آخَرَ مِنْ مَسَاجِدِ الْمِصْرِ إمَّا  مَعَ  الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ إنْ اشْتَرَطَ الْإِمَامَ وَإِمَّا  بِدُونِهِ  إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ مِنْ  جِهَةِ الشَّرْعِ  لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ  يَجُوزُ مِنْ جِهَةِ  الشَّرْعِ حَتَّى يَأْتِيَ فِيهِ الدَّلِيلُ  الشَّرْعِيُّ.
وَأَمَّا  الْأَوَّلُ وَهُوَ إقَامَةُ الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ دَلِيلٌ وَهُوَ  الَّذِي  لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ وَمَعْرِفَةُ حُكْمِهِ بِكَلَامِ  الْفُقَهَاءِ  وَبِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الظُّهْرُ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ  عَنْهُ إلَى  الْجُمُعَةِ بِشُرُوطٍ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ يَرْجِعُ إلَى  الظُّهْرِ،  فَكَأَنَّ الْأَمْرَ فِي الْبَصْرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا عَلَى  هَذَيْنِ  الِاحْتِمَالَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا عِنْدَ مَنْ  يَشْتَرِطُ  الْجُمُعَةَ وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَشْرِطُ الْمَسْجِدَ  فَالْجُمُعَةُ  عِنْدَهُ مُمْكِنَةٌ فَحَصَلَ فِي الْبَصْرَةِ حِينَئِذٍ  لِأَجْلِ  الْحَاجَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ لِلْعُلَمَاءِ: أَحَدُهَا  أَنَّهُمْ  كُلَّهُمْ يُصَلُّونَ جُمُعَةً وَاحِدَةً.
وَالثَّانِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جُمُعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا.
وَالثَّالِثُ  أَنَّ الَّذِينَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ  وَاَلَّذِينَ  لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ وَلَا  تَتَعَدَّدُ الْجُمُعَةُ،  وَهَذَا لَمْ أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَلَكِنَّهُ  مُقْتَضَى الْفِقْهِ عَلَى  مَذْهَبِ مَنْ اشْتَرَطَ الْمَسْجِدَ،  وَالثَّانِي يَحْتَمِلُ مَعَ  ضَعْفِهِ وَلَعَلَّ عَطَاءً ذَهَبَ إلَيْهِ،  وَفِي قَوْلِ عَطَاءٍ  احْتِمَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ  الطَّائِفَتَيْنِ مِمَّنْ  تَلْزَمُهُ وَضِيقُ الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ مِنْ  أَدَاءِ إحْدَاهُمَا لَا  بِعَيْنِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ عَنْهُ  لِأَجْلِ الْإِمْكَانِ  وَيُصَلِّيهَا كَيْفَ مَا اتَّفَقَ لِقَوْلِهِ -  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ  فَأْتُوا مِنْهُ مَا  اسْتَطَعْتُمْ» وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي  شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الزِّبْرِقَانِ قَالَ: قُلْت  لِشَقِيقٍ  إنَّ الْحَجَّاجَ يُمِيتُ الْجُمُعَةَ قَالَ: تَكْتُمْ عَلَيَّ  قُلْت:  نَعَمْ قَالَ: صَلِّهَا فِي بَيْتِك لِوَقْتِهَا وَلَا تَتْرُكْ   الْجَمَاعَةَ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ شَقِيقٌ لَا مَأْخَذَ لَهُ إلَّا  مَا ذَكَرْتُهُ  فَإِنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ يُؤَخِّرُ الْجُمُعَةَ حَتَّى  يَخْرُجَ  الْوَقْتُ فَاَلَّذِي تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَا يُمْكِنُهُ  أَنْ  يُصَلِّيَهَا ظَاهِرًا لِخَوْفِهِ مِنْهُ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ  وَلَوْ  وَحْدَهُ لِيَكُونَ قَدْ أَدَّى بَعْضَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ،   وَالْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ، وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ   لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ وَعَطَاءٌ لَعَلَّهُ   يَقُولُ: إنَّهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَهِيَ مَحَلُّ نَظَرٍ.
وَهَذَا  كُلُّهُ أَيْضًا إنَّمَا يَأْتِي إنْ كَانَ أَحَدٌ يَشْرِطُ  الْمَسْجِدَ  لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عِنْدَ السَّعَةِ وَعِنْدَ  الضِّيقِ وَلَا  أَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ  أَبِي شَيْبَةَ  أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَتَى عَلَى رِجَالٍ جُلُوسٍ فِي  الرَّحْبَةِ  فَقَالَ: اُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ فَإِنَّهُ لَا جُمُعَةَ  إلَّا فِي  الْمَسْجِدِ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ السَّعَةِ  بِدَلِيلِ  قَوْلِهِ اُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ.
أَمَّا حَالَةُ الضِّيقِ فَلَا  وَكَيْفَ يُقَالُ ذَلِكَ وَمَسْجِدُ  النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ - حِينَ بَنَاهُ عَشْرٌ  فِي عَشْرٍ وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا  يَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ نَفْسٍ  يُصَلُّونَ وَكَانَتْ الصَّحَابَةُ -  رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -  أَضْعَافَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ  الْحَسَنُ لَا جُمُعَةَ لِمَنْ صَلَّى  فِي الرَّحْبَةِ إلَّا أَنْ لَا  يَقْدِرَ عَلَى الدُّخُولِ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ انْقَرَضَ عَصْرُ  التَّابِعِينَ وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ  بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى تَعَدُّدُ  جُمُعَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ  وَبُنِيَتْ بَغْدَادُ وَحَدَثَ فِيهَا  جَوَامِعُ أَوَّلًا جَامِعُ  الْمَنْصُورِ ثُمَّ جَامِعُ الْمَهْدِيِّ ثُمَّ  غَيْرُهُمَا، وَكَانَتْ  بَلْدَةً عَظِيمَةً فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ  فَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ  إلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ  وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ  عَنْهُ - وَأَبُو يُوسُفَ -  رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى بَغْدَادَ وَبَيْنَ  جَامِعِيهَا نَهْرٌ فَرَأَى  جَوَازَ جُمُعَتَيْنِ إمَّا لِأَنَّهَا فِي  حُكْمِ بَلَدَيْنِ  فَالْجَانِبُ الشَّرْقِيُّ بَلَدٌ وَالْجَانِبُ  الْغَرْبِيُّ بَلَدٌ  وَهَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ وَلِهَذَا مَا كَانَ يُوضَعُ  الْجِسْرُ الَّذِي  عَلَى النَّهْرِ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَعَلَى هَذَا لَمْ  يَقُلْ  بِتَعَدُّدِ الْجُمُعَةِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَإِمَّا  لِأَنَّ  حَيْلُولَةَ النَّهْرِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ الْمُحْوِجِ إلَى   السِّبَاحَةِ يَشُقُّ مَعَهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّ كُلَّ جَانِبٍ   تُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ فَأَشْبَهَ الْجَانِبَانِ الْبَلَدَيْنِ وَإِنْ   كَانَا بَلَدًا وَاحِدًا، وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي أَكْثَرِ   الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ هَذَا فِي غَيْرِ بَغْدَادَ كَأَنَّهُ   رَأَى أَنَّ غَيْرَهَا لَا يُشَارِكُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَوْ   وَجَدْنَا مَا يُشَارِكُهَا بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ   فَيَجُوزُ وَرَأْيُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ   ذَلِكَ جَائِزٌ يُرِيدُونَ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ الشَّرْطِ   وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ أَنَّ مَذْهَبَهُ هَذَا عِنْدَ الْحَاجَةِ   لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَيَتَقَيَّدُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ   وَلَا يُحْمَلُ عَلَى إجَازَةِ تَعَدُّدِهَا مُطْلَقًا فِي كُلِّ   الْمَسَاجِدِ فَتَصِيرُ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَتَّى لَا يَبْقَى   لِلْجُمُعَةِ خُصُوصِيَّةٌ.
فَإِنَّ هَذَا مَعْلُومٌ بُطْلَانُهُ  بِالضَّرُورَةِ لِاسْتِمْرَارِ  عَمَلِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ زَمَنِ  النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَوْمَ،  وَدَخَلَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ  اللَّهُ عَنْهُ - بَغْدَادَ وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ  وَلَمْ  يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ   فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي   الطَّيِّبِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ جَارٍ لِلْمَشَقَّةِ.
وَقَالَ  الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا  تَعْرِيضًا  وَتَصْرِيحًا، وَمِنْهُمْ ابْنُ كَجٍّ وَالْحَنَّاطِيُّ  وَالرُّويَانِيُّ  وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا غَيْرَ  مُسَلَّمٍ لَهُ  وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ أَصْلًا  وَإِنَّمَا لَمْ  يُنْكِرْ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا  يُنْكِرُ عَلَى  مُجْتَهِدٍ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِصَرِيحِ  لَفْظِهِ: لَا يُصَلَّى  فِي مِصْرٍ وَإِنْ عَظُمَ وَكَثُرَتْ مَسَاجِدُهُ  أَكْثَرُ مِنْ جُمُعَةٍ  وَاحِدَةٍ، وَجَعَلُوا هَذَا مَذْهَبَهُ لَيْسَ  إلَّا، وَمِمَّنْ قَالَ  ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَطَبَقَتُهُ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ  الصَّحِيحُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ وَمِنْ حَيْثُ  الدَّلِيلُ، وَنَحْنُ  لَا نَدْرِي مَا كَانَ يَصْنَعُ الشَّافِعِيُّ هَلْ  يُعِيدُهَا ظُهْرًا  أَوْ يَعْلَمُ أَنَّ الْجُمُعَةَ الَّتِي صَلَّاهَا  هِيَ السَّابِقَةُ  فَتَصِحُّ وَحْدَهَا عِنْدَهُ ثُمَّ جَاءَ أَحْمَدُ -  رَضِيَ اللَّهُ  عَنْهُ - فَرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ: عِنْدَ الْحَاجَةِ  وَأَمَّا عِنْدَ  عَدَمِ الْحَاجَةِ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ  الْحَنَابِلَةِ: لَا  نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ  بَعْدَ ذَلِكَ  الْعَصْرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ  عِنْدَ الْحَاجَةِ.
وَالتَّجْوِيزُ  وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛  وَقَوْلُ  مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ثُمَّ حَدَّثَتْ فُقَهَاءُ آخَرُونَ  فَقَالُوا:  عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ  الْحَسَنِ  وَرُبَّمَا رَجَّحُوهَا وَهِيَ تَرْجِعُ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ  مِنْ قَوْلِ  عَطَاءٍ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
وَأَمَّا تَخَيُّلُ أَنَّ ذَلِكَ  يَجُوزُ فِي كُلِّ الْمَسَاجِدِ عِنْدَ  عَدَمِ الْحَاجَةِ فَهَذَا مِنْ  الْمُنْكَرِ بِالضَّرُورَةِ فِي دِينِ  الْإِسْلَامِ ثُمَّ الِاخْتِلَافُ  فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ  وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إنَّمَا  هُوَ فِي الْمِصْرِ أَمَّا الْقُرَى  فَعِنْدَهُمْ لَا جُمُعَةَ فِيهَا  أَصْلًا وَقَالُوا: إنَّ فِنَاءَ  الْمِصْرِ فِيمَا وَرَاءَ ثَلَاثَةِ  أَمْيَالٍ وَهُوَ بِشَرْطِ  الْمَسْجِدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالشَّافِعِيُّ  لَا يَشْتَرِطُ الْمِصْرَ  وَيُجَوِّزُهَا فِي جَمِيعِ الْقُرَى قَرُبَتْ  مِنْ الْمِصْرِ أَوْ  بَعُدَتْ إذَا كَانَ فِيهَا أَرْبَعُونَ.
http://shamela.ws/browse.php/book-11498#page-169