رد: الاختلاف في وجود المجاز في القرآن، هل من موضح له؟
ولم ينقل عن أحد منهم إنكار المعنى
كيف لم ينقل عن أحد منهم نفي المعنى الظاهر وقد نقل عن الإمام أحمد وهي رواية حنبل وقد نقله أيضاً عن الإمام أحمد القاضي أبو يعلى وابن حمدان وابن الجوزي و
قد يقال وإن كان حنبل (إمام حافظ صدوق كما وصفه الذهبي والدارقطني وثقة ثبت كما وصفه الخطيب البغدادي) يغرب ببعض المسائل عن أحمد إلا أنه من غير المتصور أن يخطىء فى هذه القصة كلها فقد نقل نفى المعنى الظاهر للمجيء
مرتين مرة لسور القرآن ومرة لله تعالى ولم يفسرهما بنفس المعنى (الثواب مثلاً) بل
فصّل فللسور فسرها بالثواب ولله تعالى فسرها بالقدرة (ليس الثواب كالأولى) مما يدل على أنه قد حفظ وأتقن النقل فتكون هذه المسألة قد أجاد فيها الرواية
قال الألباني:
ولا يلزم من كونه غريباً أن يكون ضعيفاً، فقد يكون غريباً وصحيحاً، كما في حديث: «إنّما الأعمال بالنيّات»
قال الإمام العلاّمة سليمان بن يحيى الأهدل رحمه الله (ت1197هـ) في شرحه للمنظومة وهو يشرح البيت الأوّل ص72-73: (( الغريبُ: هو ما انفردَ بروايته شخصٌ مِن الرواة ، أي مِن بعدِ الصَّحابي ، كما نبَّه عليه الحافظ العلائي ، بأنْ لم يَرْوِهِ مِنْ بَعْدِه غيرُ واحدٍ في موضعٍ مِن السَّند .ثمَّ ذلك المنفرد له أحوالٌ ثلاثةٌ ؛ لأنَّه: إمَّا ثقة أريب، أي ذو خِبرة وعلمٍ ، يُقال: أرُبَ الرّجُلُ بالضَّمِّ ، فهو أريبٌ ، أي ذُو فِطنةٍ وخبرةٍ وعلمٍ . وأراد الناظمُ أنَّه كاملُ الضَّبطِ …[والحُكم على حديثه]: يكون الحديثُ صحيحاً ، كالأفراد المُخرَّجة في الصحيحين )). انتهى بتصرف يسير
قال أبو بكر الخلال:قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية وأغرب بغير شيء وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم.
* تأويل مجيء سورة البقرة:
قال البيهقي في مناقب أحمد: وأنبأنا الحاكم قال حدثنا أبو عمر بن السماك قال حدثنا حنبل ابن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يعني الإمام أحمد يقول: " احتجوا على يومئذ يعني يوم نوظر في دار أمير المؤمنين – فقالوا تجئ سورة البقرة يوم القيامة وتجئ سورة تبارك، فقلت لهم إنما هو الثواب قال الله تعالى: " وجاء ربك " إنما تأتي قدرته" أهـ. قال البيهقي: " هذا إسناد صحيح لاغبار عليه ". اهـ \.
قال ابن حمدان: "وقد تأول أحمد آيات وأحاديث كآية النجوى وقوله أن " يأتيهم الله" وقال قدرته وأمره وقوله "وجاء ربك " قال: قدرته ذكرهما ابن الجوزي في المنهاج
وقال ابن الجوزي في زاد المسير:" قوله تعالى : { إلا أن يأتيهم الله } كان جماعة من السلف يمسكون عن الكلام في مثل هذا . وقد ذكر القاضي أبو يعلى عن أحمد أنه قال : المراد به : قدرته وأمره . قال : وقد بينه في قوله تعالى : { أوَ يأتي أمر ربك } [ الانعام : 158 ] .
وقد يقال لا تعارض بين هذه الرواية والرواية الأخرى عن الإمام أحمد
قال حنبل : قلت لأبي عبد الله : ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا ؟ قال : نعم . قلت : نزوله بعلمه ، أو بماذا ؟ قال لي : اسكت عن هذا ، مالك ولهذا ؟ لِلَّهِ أمض الحديث على ما روي ، بلا كيف ولا حد ؛ إلا بما جاءت به الآثار وبما جاء به الكتاب ؛ قال الله عزوجل : { فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ } [النحل: 74] ، ينزل كيف شاء بعلمه وقدرته وعظمته-لم يقل بذاته- ، أحاط بكل شيء علماً ، لا يبلغ قدره واصف ، ولا ينأى عنه هارب . فتح الباري لابن رجب، الصواعق المرسلة .
قال الإمام مرعي الكرمي (صاحب غاية المنتهى فى الجمع بين الإقناع والمنتهى) فى أقاويل الثقات وهو من الأئمة الذين عليهم المعول فى معرفة معتمد المذهب الحنبلي:
واعلم أن هذه الاحاديث ونحوها تروى كما جاءت ويفوض معناها الى الله أو تؤول بما يليق بجلاله سبحانه ولا ترد بمجرد العناد والمكابرة (1/117).
فالخلاف بين الفريقين هو فى إثبات نقل وفي فهم كلام السلف وكلامهم
يحتمل المعنيين
فالشخص الذي ينظر فى كلام الفريقين يجد كل فريق يثبت للسلف مذهباً
فالخطابي والبيهقي يثبتان غير الذي يثبته
ابن تيمية وابن القيم وكل فريق من الفريقين عنده ردود على كل حجج الفريق الآخر
فإذا أخذ هذا الشخص بكلام أي من الفريقين وكلاهما من أهل العلم الثقات الذين أمرنا الله بسؤالهم إن كنا لا نعلم
ألا يسوغ الخلاف فى هذه المسألة فنقول هؤلاء العلماء الأربعة على خير فمن أخذ بما نسبه البيهقي والخطابي للسلف فهو على خير ومن أخذ بما نسبه ابن تيمية وابن القيم للسلف فهو على خير (وإن كان فى حقيقة الأمر أحد الفريقين مخطىء لأن الصواب واحد
كما فى المسائل الفقهية)