العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن

حَمْدَاً للهِ، وَصَلاَةً وَسَلاَمَاً عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وإِخْوَانِهِ. أَمَّابَعْدُ:
فَمَسْأَلَتُنَا: فِيْ مَا لَوْ نَذَرَ شَاةً فَذَبَحَ بَدَلَهَا بَدَنَةً, فَهَلْ يَقَعُ الْجَمِيعُ فَرْضًا أَمْ سُبْعُ الْبَدَنَةِ هُوَ الفَرْضُ؟.

* تَنْبِيْهٌ: عَلَى أَنَّ مَحَلَّ بَحْثِنَا لِلْمَسْأَلَةِ يَقَعُ فِيْ مَا لَوْ كَانَ النَّاذِرُ عَلَّقَ النَّذْرَ فِيْ الذِّمَّةِ بِإِطْلاَقِهِ لَهُ، لاَ بِتَعْيِيْنِهِ بِذَاتِهِ، كَمَا (قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: وَمَحَلُّهُ إذَا نَذَرَهَا فِي ذِمَّتِهِ, وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ عَدَمَ الْجَوَازِ)[SUP] ([1])[/SUP].

وَيَأْتِيْ الكَلاَمُ عَلَى هَذِهِ المَسْأَلَةِ فِيْ خَمْسَةِ مَبَاحِثَ، هِيَ كَمَا يَلِيْ:
* المَبْحَثُ الأَوَّلُ: عَرْضُ خِلافِ الفُقَهَاءِ وَ أَدِلَّتِهِمْ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
* المَبْحَثُ الثَّانِي: مَنْشَأُ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ.
* المَبْحَثُ الثَّالِثُ: ثَمَرَةُ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ.
* المَبْحَثُ الرَّابِعُ: القًوْلُ الرَّاجِحُ فِيْ المَسْأَلَةِ.
* المَبْحَثُ الخَامِسُ: الفُرُوْعُ الفِقْهِيَّةُ المُمَاثِلَةُ لِمَسْأَلَتِنَا.

أَعَـــدَّهُ:
عبدالحميد بن صالح الكراني



([1]) أسنى المطالب لزكريا الأنصاري-شافعي(1/590).



 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

* المَبْحَثُ الأَوَّلُ: عَرْضُ خِلافِ الفُقَهَاءِ وَ أَدِلَّتِهِمْ فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ:
اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ -رَحِمَهُمُ اللهُ- فِيْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُوْرَيْنِ:

القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّ سُبْعُ الْبَعِيرِ يَقَعُ فَرْضًا وَبَاقِيهِ تَطَوُّعًا، أَيْ أَنَّ الْفَرْضَ هُوَ الْبَعْضُ، وَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ.

وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ[SUP]([1])[/SUP]، وَهُوَ الوَجْهُ المُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَارْتَضَى تَصْحِيْحَهُ ابْنُ حَجَرِ الهَيْتَمِيُّ[SUP]([2])[/SUP]، حَيْثُ َنَقَلَ عَنْ شَرْحِ العُبَابِ: (أَنَّ الْأَصْحَابَ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا رُبَّمَا يُفْهِمُهُ وَبِنَقْلِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ)، وَكَذَا صَحَّحَهُ ابْنُ الوَكِيْل مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِيْ قَوَاعِدِهِ[SUP]([3])[/SUP]، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الحَنَابِلَةِ اخْتَارَهَا القَاضِيْ، وَصَوَّبَهَا ابْنُ رَجَبٍ فِيْ قَوَاعِدِهِ[SUP]([4])[/SUP]، وَانْتَصَرَ لِهَذَا القَوْلِ الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِيْ صَحِيْحِهِ، بَلْ وَصَفَ مَنْ قَالَ بِغَيْرِهِ بِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ لا يُحْسِنُ الْفِقْهَ[SUP]([5])[/SUP].

أَدِلَّةُ القَوْلِ الأَوَّلُ:
1- أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ مُجْزِيًا عَنْ الشَّاةِ، فَهِيَ مُقَابَلَةٌ شَرْعًا بِجُزْءٍ مِنْ الْبَدَنَةِ؛ حَتَّى فِي نَحْوِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فَإِجْزَاءُ كُلِّهَا أَوْلَى[SUP]([6])[/SUP]؛ لِأَنَّ الْبَدَنَةَ بِسَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ، فَالْوَاجِبَ هُوَ السُّبْعُ; لِأَنَّ كُلَّ سُبْعٍ مِنْهَا بِشَاةٍ, فَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ السُّبْعُ[SUP]([7])[/SUP].
قَالَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِيْ صَحِيْحِهِ[SUP]([8])[/SUP]: [SUB](([/SUB]وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ: إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسُبْعُ بَدَنَةٍ فِي فِدْيَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ جَائِزٌ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسبْعُ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي الْفِدْيَةِ، وَفِي الأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُبْعَ بَدَنَةٍ، وَسُبْعَ بَقَرَةٍ يَقُومُ كُلُّ سُبْعٍ مِنْهَا مَقَامَ شَاةٍ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ، وَالأُضْحِيَةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الأَمْرِ[SUB]))[/SUB].

2- عَنْ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ { ، قَالَ: [SUB](([/SUB]أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَزُورٍ بِبَضْعَةٍ، فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، وَأَكَلُوا مِنَ اللَّحْمِ، وَحَسَوْا مِنَ الْمَرَقِ[SUB]))[/SUB]. أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِيْ صَحِيْحِهِ[SUP]([9])[/SUP] ثُمَّ قَالَ: [SUB](([/SUB]سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الأَكْلِ مِنَ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ أَيَأْكُلُ صَاحِبُهَا مِنْهَا؟ فَقُلْتُ: إِذَا نَحَرَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ بَدَنَةً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شِرْكًا فِي بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَكْثَرُ مِنْ سُبْعِهَا، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا زَادَ عَلَى سُبْعِ الْبَدَنَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ، لأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فِي هَدْيِ الْقِرَانِ وَالْمُتَمَتِّعِ سُبْعُ إِحْدَاهُمَا، إِلا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْبَدَنَةَ عَنْ عَشَرَةٍ عَلَى مَا بَيَّنْتُ فِي خَبَرِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ، وَخَبَرِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ شَاةً تَامَّةً فَمَا زَادَ عَلَى سُبْعِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا هُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ مِنَ الزِّيَادَةِ، كَمَا يُضَحِّي مُتَطَوِّعًا بِالأُضْحِيَّةِ، فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ضَحِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عِلْمِي أَكْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لُحُومِ بُدْنِهِ؛ لأَنَّهُ نَحَرَ مِائَةَ بَدَنَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ قَارِنًا سُبْعَ بَدَنَةٍ إِلا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ الْبَدَنَةَ عَنْ عَشَرَةٍ لا أَكْثَرَ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالزِّيَادَةِ فَجَعَلَ مِنْ كُلِّ بَعِيرٍ بَضْعَةٍ فِي قِدْرٍ فَحَسَا مِنَ الْمَرَقِ، وَأَكَلَ مِنَ اللَّحْمِ، وَإِنْ ذَبَحَ لِتَمَتُّعِهِ أَوْ لِقِرَانِهِ لَمْ يَكُنْ عِنْدِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدِي كَالْمُحِيطِ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ شَيْءٌ لِسَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. وَلا مَعْنَى لِقَوْلِ قَائِلٍ إِنْ قَالَ: يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ بَعْضَهُ، لأَنَّ الْمَرْءَ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَالَ نَفْسِهِ، أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَالٌ لَهُ يَأْكُلُهُ، وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يُوجِبُ أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ فِي مَاشِيَتِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا، فَيَأْكُلَهَا، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عُشْرُ حَبٍّ فَلَهُ أَنْ يَطْحَنَهُ، وَيَأْكُلَهُ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عُشْرُ ثِمَارٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، وَهَذَا لا يَقُولُهُ مَنْ يُحْسِنُ الْفِقْهَ[SUB]))[/SUB].

3- أَنَّ الشَّارِعَ أَعْطَى جُبْرَانَاً عَنِ الزِّيَادَةِ فِيْ مَا لَوْ أَخْرَجَ فِيْ الزَّكَاةِ سِنَّاً أَعْلَى مِنْ الوَاجِبِ[SUP]([10])[/SUP]، كَأَنْ تَكُوْنَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَ بِنْتَ لَبُوْنٍ، وَاسْتِدْلاَلِهِمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الجُبْرَانِ[SUP]([11])[/SUP]؛ مُسْتَنِدٌ إِلَى مَا رَوَاهُ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: [SUB](([/SUB]أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ[SUB]))[/SUB][SUP] ([12])[/SUP].

إِذَاً فَيُسْتَدَلُّ مِنْ هَذَا الحَدِيْثِ -كَمَا قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ~ -[SUP]([13])[/SUP]: [SUB](([/SUB]عَلَى مَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ هِيَ وَلا ابْنَ لَبُوْنٍ لَكِنْ عِنْدَهُ مَثَلَاً حِقَّةٌ و هِيَ أَرْفَعُ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ لأَنَّ بَيْنَهُمَا بِنْتَ لَبُوْنٍ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ بَيْنَ بِنْتِ اللَّبُوْنِ وَبِنْتِ المَخَاضِ عِشْرِيْنَ دِرْهَمَاً أَوْ شَاتَيْنِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا وَقَعَ ذِكْرُهُ فِيْ الحَدِيْثِ مِنْ سِنٍّ يَزِيْدُ أَوْ يَنْقُصُ إِنَّمَا ذَكَرَ فِيْهِ مَا يَلِيْهَا لا مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا بِتَفَاوُتِ دَرَجَةٍ فَأَشَارَ البُخَارِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَنْبَطُ مِنْ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ وَالمُنْفَصِلِ مَا يَكُوْنُ مُنْفَصِلَاً بِحِسَابِ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا مَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلاَّ حِقَّةٌ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ المُصَدِّقُ أَرْبَعِيْنَ دِرْهَمَاً أَوْ أَرْبَعَ شِيَاهٍ جُبْرَانَاً أَوْ بِالْعَكْسِ[SUB]))[/SUB].
وَذَكّرَ الزَّيْنُ بْنُ المُنِيْرِ~[SUP]([14])[/SUP]:[SUB](([/SUB]أَنَّ المَفْقُوْدَ إِذَا وَجَدَ الأَكْمَلَ مِنْهُ أَوْ الأَنْقَصَ شُرِعَ الجُبْرَانُ كَمَا شُرِعَ ذَلِكَ فِيْمَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الخَبَرُ مِنْ ذِكْرِ الأَسْنَانِ فَإِنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ فَقْدِ بِنْتِ المَخَاضِ وَوُجُوْدِ الأَكْمَلِ مِنْهَا[SUB]))[/SUB].

4- أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى السُّبْعِ يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا بَدَلٍ, فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَبَحَ شَاتَيْنِ[SUP]([15])[/SUP].

5- أَنَّ البَدَنَةَ أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ [SUP]([16])[/SUP].


القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ فَرْضًا، أَيْ أَنَّ جَمِيْعَ أَجْزَاءِ البَدَنَةِ تَقَعُ فَرْضَاً.

وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِيْن فِيْ حَاشِيَتِهِ[SUP]([17])[/SUP]، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيْ قَوَاعِدِهِ[SUP]([18])[/SUP]، وَصَحَّحَهُ الشِّرْبِيْنِيُّ وَالأَنْصَارِيُّ[SUP]([19])[/SUP]، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الحَنَابِلَةِ، اخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيْلٍ[SUP]([20])[/SUP] وَأَبُوْ الخَطَّابِ[SUP]([21])[/SUP]، وَحَكَا ابْنُ رَجَبٍ فِيْ قَوَاعِدِهِ أنَّهَا المَذْهَبُ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْنٍ[SUP]([22])[/SUP] _رَحِمَهُمُ اللهُ جَمِيْعَاً_.

أَدِلَّةُ القَوْلِ الثَّانِي:
1-أَنَّهُ اخْتَارَ الْأَعْلَى لِأَدَاءِ فَرْضِهِ, فَكَانَ كُلُّهُ وَاجِبًا, كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ[SUP]([23])[/SUP].
2- أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْبَعِيرِ وَالشَّاةِ, فَأَيُّهُمَا أَخْرَجَ وَقَعَ وَاجِبًا وَ كَانَ هُوَ الْفَرْضَ[SUP]([24])[/SUP].
3- قِيَاسُ المَسْحِ عَلَى الغَسْلِ؛ كَمَنْ لَبِسَ الْخُفَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ, وَأَيُّهُمَا فَعَلَ وَقَعَ وَاجِبًا[SUP] ([25])[/SUP].




([1])رد المحتار حنفي لابن عابدين-حنفي(2/618)، فتح القدير لابن الهمام-حنفي(3/178)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم-حنفي(3/76-80).
([2])تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي-شافعي(3/215-216).

([3])الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، بتحقيق د/عادل الشويخ، مكتبة الرشد، ط2(1418هـ).

([4])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان]، المغني لابن قدامة-حنبلي(3/293-294).
([5])في تعليقه على حديث جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ {في: كتاب المناسك، باب: الأكل من لحم الهدي إذا كان تطوعاً(4/296-297)، باب(781)،ح(2924). [ط2(1412هـ) المكتب الإسلامي].

([6])تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي-شافعي(10/89-90)، (3/215-216)، نهاية المحتاج للرملي-شافعي(8/230)، المغني لابن قدامة-حنبلي(2/234-235).
([7])المجموع شرح المهذب-شافعي(8/346-464).
([8])في تعليقه على حديث كعب بن عجرةt في: كتاب المناسك، (4/196-198)، باب(594)، ح(2678). [ط2(1412هـ) المكتب الإسلامي].

([9])في تعليقه على حديث جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللهِ {في: كتاب المناسك، باب: الأكل من لحم الهدي إذا كان تطوعاً(4/296-297)، باب(781)،ح(2924). [ط2(1412هـ) المكتب الإسلامي].

([10])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].
([11])المجموع شرح المهذب-شافعي(8/346-464)، المغني لابن قدامة-حنبلي(2/234-235).
([12])أَخْرَجَهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ فِيْ: كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ: مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، ح(1453).

([13])فتح الباري لابن حجر-شافعي(3/399).
([14])فتح الباري لابن حجر-شافعي(3/399).
([15])المغني لابن قدامة-حنبلي(3/293-294).

([16])تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي-شافعي(3/215-216). مغني المحتاج للشربيني- شافعي(6/251)، أسنى المطالب لزكريا الأنصاري-شافعي(1/590).
([17])رد المحتار لابن عابدين-حنفي(2/618)، فتح القدير لابن الهمام-حنفي(3/178)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم-حنفي(3/76-80).
([18])المنثور في القواعد للزركشي-شافعي(3/319-322)

([19])مغني المحتاج للشربيني-شافعي(6/251)، أسنى المطالب لزكريا الأنصاري-شافعي(1/590).
([20])المغني لابن قدامة-حنبلي(3/293-294).

([21])المغني لابن قدامة-حنبلي(2/238).

([22])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].
([23])المغني لابن قدامة-حنبلي(3/293-294).

([24])المجموع شرح المهذب للنووي-شافعي (5/360-363).
([25])المجموع شرح المهذب للنووي-شافعي (5/360-363).
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

جزاك الله خيرا، ونفع بك.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

* المَبْحَثُ الثَّانِي: مَنْشَأُ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ:
سَبَبُ الخِلاَفِ فِيْ المَسْأَلَةِ مَبْنَاهُ أُصُوْلِيٌ، وَتَحْرِيْرُ مَحَلِّ الخِلاَفِ فِيْهِ كَفَانَاهُ ابْنُ رَجَبٍ بِقَوْلِهِ[SUP]([1])[/SUP]: [SUB](([/SUB] إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً مُنْفَصِلَةً فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّهَا نَفْلٌ بِانْفِرَادِهَا كَإِخْرَاجِ صَاعَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ فِي الْفِطْرَةِ وَنَحْوِهَا, وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَسَائِلُ[SUB]))[/SUB].

إِذَاً الخِلاَفُ يَنْحَصِرُ فِيْ الزِّيَادَةِ غَيْرِ المُتَمَيِّزَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الأَوَّلُ: مَا زَادَ عَلَى الوَاجِبِ لا يُوْصَفُ بِالْوُجُوبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الوَكِيْلِ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الأُصُوْلِيِّيْنَ[SUP]([2])[/SUP].

الثَّانِيْ:أَنَّ الْكُلَّ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ.


([1])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].
([2])الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، بتحقيق د/عادل الشويخ، مكتبة الرشد، ط2(1418هـ).
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

* المَبْحَثُ الثَّانِي: مَنْشَأُ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ:
سَبَبُ الخِلاَفِ فِيْ المَسْأَلَةِ مَبْنَاهُ أُصُوْلِيٌ، وَتَحْرِيْرُ مَحَلِّ الخِلاَفِ فِيْهِ كَفَانَاهُ ابْنُ رَجَبٍ بِقَوْلِهِ[SUP]([1])[/SUP]: [SUB](([/SUB] إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَمَيِّزَةً مُنْفَصِلَةً فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّهَا نَفْلٌ بِانْفِرَادِهَا كَإِخْرَاجِ صَاعَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ فِي الْفِطْرَةِ وَنَحْوِهَا, وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً فَفِيهِ وَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَسَائِلُ[SUB]))[/SUB].

إِذَاً الخِلاَفُ يَنْحَصِرُ فِيْ الزِّيَادَةِ غَيْرِ المُتَمَيِّزَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الأَوَّلُ: مَا زَادَ عَلَى الوَاجِبِ لا يُوْصَفُ بِالْوُجُوبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الوَكِيْلِ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الأُصُوْلِيِّيْنَ[SUP]([2])[/SUP].

الثَّانِيْ:أَنَّ الْكُلَّ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ.


([1])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].
([2])الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، بتحقيق د/عادل الشويخ، مكتبة الرشد، ط2(1418هـ).

جزاكم الله خيراً حضرة المشرف الفاضل.
وتتميماً للفائدة، أنقل ما قرأت في شرح مختصر الروضة (1/ 348):
"الزيادة على الواجب، إن تميزت، كصلاة التطوع بالنسبة إلى المكتوبات، فندب اتفاقاً، وإن لم تتميز، كالزيادة في الطمأنينة، والركوع، والسجود، ومدة القيام، والقعود على أقل الواجب، فهو واجب عند القاضي، ندب عند أبي الخطاب، وهو الصواب، وإلا لما جاز تركه. والندب لا يلزم بالشروع."
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

بارك الله فيك أبا عبدالبر على المتابعة، وجزاك الله خيراً ...
و فيك يبارك الله، و يحفظك من كل سوء، و يفتح عليك أبواب الفهم و المعارف فتحا، وأن يرزقك ما تقر به عينك في الدنيا و الآخرة.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

جزاكم الله خيراً حضرة المشرف الفاضل.
وتتميماً للفائدة، أنقل ما قرأت في شرح مختصر الروضة (1/ 348):
"الزيادة على الواجب، إن تميزت، كصلاة التطوع بالنسبة إلى المكتوبات، فندب اتفاقاً، وإن لم تتميز، كالزيادة في الطمأنينة، والركوع، والسجود، ومدة القيام، والقعود على أقل الواجب، فهو واجب عند القاضي، ندب عند أبي الخطاب، وهو الصواب، وإلا لما جاز تركه. والندب لا يلزم بالشروع."
جزاكم الله خيراً على التتميم والإضافة؛ نفع الله بكم ...
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

المَبْحَثُ الثَّالِثُ: ثَمَرَةُ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ:

ذَكَرَ ابْنُ الوَكِيْلِ ثَمَرَةَ الخِلافِ فِيْ المَسْأَلَةِ مُخْتَصِرَاً إِيَّاهَا بِقَوْلِهِ[SUP]([1])[/SUP]: [SUB](([/SUB]وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الخِلاَفِ فِيْ: الثَّوَابِ[SUP]([2])[/SUP]، وَفِيْ رُجُوْعِ المُعَجِّلِ زَكَاتَهُ[SUP]([3])[/SUP]، وَأَكْلِ النَّاذِرِ مَا زَادَ عَلَى السُّبُعِ[SUB]))[/SUB].
إِذَاً ثَمَرَةُ الخِلافِ فِيْ مَسْأَلَتِنَا عَلَى النَّحْوِ الآتِيْ:
عَلَى القَوْلِ الأَوَّلِ القَاضِيْ: بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى القَدْرِ الوَاجِبِ فَهُوَ تَطَوُّعٌ؛ يَجُوْزُ للنَّاذِرِ أَكْلُِ مَا زَادَ عَلَى السُّبُعِ[SUP]([4])[/SUP].
وَعَلَى القَوْلِ الثَّانِيْ القَاضِيْ:بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى القَدْرِ الوَاجِبِ وَاجِبٌ أَيْضَاً؛ فَلا يَجُوْزُ للنَّاذِرِ أَكْلُِ مَا زَادَ عَلَى السُّبُعِ.



([1])الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، ط2(1418هـ)، بتحقيق د/عادل الشويخ، مكتبة الرشد، ط2(1418هـ).
([2])(لأَنَّ ثَوَابَ الوَاجِبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ النَّفْلِ)، [ينظر: هامش(1) في الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، بتحقيق د/عادل الشويخ، مكتبة الرشد، ط2(1418هـ)].
([3])(قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ: الْوَجْهَانِ: مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ فِي الْإِبِلِ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا أَمْ بَدَلٌ عَنْ الْإِبِلِ فِيهِ وَجْهَانِ: (فَإِنْ قُلْنَا): أَصْلٌ, فَالْبَعِيرُ كُلُّهُ فَرْضٌ كَالشَّاةِ وَإِلَّا فَالْخُمْسُ, وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ عَجَّلَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ لِهَلَاكِ النِّصَابِ أَوْ لِاسْتِغْنَاءِ الْفَقِيرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الرُّجُوعِ: فَإِنْ قُلْنَا: الْجَمِيعُ رَجَعَ فِي جَمِيعِهِ, وَإِلَّا فَفِي الْخُمْسِ فَقَطْ; لِأَنَّ التَّطَوُّعَ لَا رُجُوعَ فِيهِ). [ينظر: المجموع شرح المهذب(5/360-363)].
([4])عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِيْ كَلَامِ ابْنِ خُزَيْمَةَ.
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

ونحن في انتظار الباقي.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

* المَبْحَثُ الرَّابِعُ: القَوْلُ الرَّاجِحُ فِيْ المَسْأَلَةِ.

بَعْدَ عَرْضِ قَوْلَيِ الفُقَهَاءِ فِيْ المَسْأَلَةِ يَتَبَيَّنُ لِلْبَاحِثِ _وَ{ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ} [الأحقاف:23]،[الملك:26]_ أَنَّ أَصْحَابَ القَوْلِ الأَوَّلِ هُمْ الأَقْرَبُوْنَ للصَّوَابِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَعَهُمُ الحُجَّةُ مِنَ تَظَافُرِ الدَّلِيلِ مَعْ التَّعْلِيْلِ، فِيْ مُقَابِلِ خُلٌوِّ حُجَّةِ أَصْحَابِ القَوْلِ الآخَرِ مِنْ الدَّلِيْلِ وَتَوَحُّدِهِ بِالتَّعْلِيْلِ.

قُلْتُ: غَيْرَ أنَّهُ يُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَ القَوْلَيْنِ بِاسْتِثْنَاءٍ جَعَلَهُ البَعْضُ فِيْ القَوْلِ الأَوَّلِ أَوْ شَرْطٍ مَعَهُ، (قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: مَنْ يَقُولُ: الْبَعْضُ هُوَ الْفَرْضُ يَقُولُ: هُوَ بِشَرْطِ التَّبَرُّعِ بِالْبَاقِي)[SUP] ([1])[/SUP]، وَقَدْ لا يَطَّرِدُ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ هَذَا عَلَى كُلِّ آخِذٍ بِالقَوْلِ الأَوَّلِ؛ لا سِيَّمَا أَنَّ مِمَّن ذَهَبَ إِلى القَوْلِ الآخَرِ اعْتَبَرَ النِّيَّةَ فِيْ تَطَوُّعِهِ بِمَا زَادَ عَنِ الوَاجِبِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن بِقَوْلِهِ[SUP]([2])[/SUP]: [SUB](([/SUB]الصَّحِيْحُ أَنَّ كُلَّهُ وَاجِبٌ؛ إِلاَّ إِذَا نَوَى أَنَّ الوَاجِبَ سُبُعهُ فَقَطْ؛ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ[SUB]))[/SUB].

فَالقَوْلُ حِيْنَئِذٍ:
* أَنَّهُ يَصِيْرُ مَا زَادَ عَنْ الوَاجِبِ تَطَوُّعَاً إِذَا نَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ.
* وَ إِلاَّ فَإِنْ أَطْلَقَ بِدُوْنِ نِيَّةٍ خَاصَّةٍ بِالقَدْرِ الزَّائِدِ فَالكُلُّ يُصْبِحُ وَاجِبَاً.



([1])المجموع شرح المهذب(5/360-363).
([2])تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، [بهامشه شرح الشيخ ابن عثيمين لقواعد ابن رجب، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,147
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

* المَبْحَثُ الخَامِسُ: الفُرُوْعُ الفِقْهِيَّةُ المُمَاثِلَةُ لِمَسْأَلَتِنَا[SUP] ([1])[/SUP].

ثَمَّةَ فُرُوْعٌ فِقْهِيَّةٌ ذَكَرَهَا الفُقَهَاءُ تُشَابِهُ مَسْأَلَتَنَا، وَقَدْ تَقْرُبُ أَوْ تَبْعُدُ [SUP]([2])[/SUP]، وَإِلَيْكَ نُصُوْصُهَا، وَعَلَيْكَ تَمْحِيْصُهَا:
(مِنْهَا):
إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ فَوَاتِ قَدْرِ الْإِجْزَاءِ مِنْهُ هَلْ يَكُونُ مُدْرِكًا لَهُ فِي الْفَرِيضَةِ
[SUP]([3])[/SUP].
(وَمِنْهَا):
إذَا أَدَّى عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ بَعِيرًا وَقُلْنَا يَجْزِيهِ فَهَلْ الْوَاجِبُ كُلُّهُ أَوْ خُمُسُهُ الْوَاجِبُ.


(وَمِنْهَا): إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَقُلْنَا الْفَرْضُ مِنْهُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ فَهَلْ الْكُلُّ فَرْضٌ أَوْ قَدْرُ النَّاصِيَةِ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا): إذَا أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ سِنًّا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ فَهَلْ كُلُّهُ فَرْضٌ أَوْ بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ.
(وَمِنْهَا): مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الوَكِيْلِ بِقَوْلِهِ: ((حَكَى بَعْضُ الأَئِمَّةِ _وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِيْ كِتَابٍ_ إِذَا كَشَفَ عَوْرَتَهُ فِيْ الخَلاَءِ زَائِدَاً عَنِ المُحْتَاجِ، هَلْ يَأْثَمُ عَلَى كَشْفِ الجَمِيْعِ أَوْ عَلَى الزَّائِدِ؟، فِيْهِ خِلاَفٌ مُخَرَّجٌ عَلَى هَذِهِ القَاعِدَةِ، وَإِذَا فُتِحَ هَذَا البَابُ اتَّسَعَ، وَلِهَذِهِ الصُّوْرَةِ نَظَائِرُ مِنَ المُحَرَّمَاتِ:
(وَمِنْهَا): لَوْ حَلَقَ جَمِيْعَ الرَّأْسِ هَلْ الوَاجِبُ ثَلاَثُ شَعْرَاتٍ أَوْ الجَمِيْعُ؟، فِيْهِ الخِلاَفُ))[SUP]([4])[/SUP].
((وَمِنْها): قِيَامُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَقَامَ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَالْأَقْصَى عِنْدَ نَذْرِهِمَا لِلِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا.
[وَمِثْلُهَا]: لَوْ اغْتَسَلَ الْمُحْدِثُ نَاوِيًا رَفْعَ الْجَنَابَةِ)[SUP]([5])[/SUP].

*** *** ***
هَـذَا…، وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى السَّدَادَ وَالقَبُوْلَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ،،،



([1])ينظر: تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، ط2(1419هـ) دار ابن عفان، الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، ط2(1418هـ) مكتبة الرشد، المنثور في القواعد للزركشي-شافعي(3/319-322).

([2])وَمِمَّا يَبْعُدُ عَنْ مَسْأَلَتِنَا: [SUB](([/SUB]مَا كَانَ الْأَصْلُ فَرْضِيَّتَهُ وَوُجُوبَهُ ثُمَّ سَقَطَ بَعْضُهُ تَخْفِيفًا فَإِذَا فَعَلَ الْأَصْلَ وُصِفَ الْكُلُّ بِالْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ, فَمِنْ ذَلِكَ إذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا فَإِنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ تَنَفُّلٌ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِهِ فِيهِمَا وَهُوَ مُتَمَشٍّ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْقَصْرِ, وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَمِنْهُ إذَا كَفَّرَ الْوَاطِئُ فِي الْحَيْضِ بِدِينَارٍ فَإِنَّ الْكُلَّ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى نِصْفِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي[SUB]))[/SUB]، [ينظر: تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب-حنبلي(1/17-23)، ط2(1419هـ) دار ابن عفان].

([3])عَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ الوَكِيْلِ _فِيْ قَوَاعِدِهِ_ بِقَوْلِهِ: [SUB](([/SUB]وَمِنْهَا: لَوْ طَوَّلَ القِيَامَ فِيْ الصَّلاَةِ أَوْ الرُّكُوْعِ أَوْ السُّجُوْدِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الوَاجِبِ، هَلْ يُوْصَفُ الزَّائِدُ بِالوُجُوْبِ؟، فِيْهِ الوَجْهَانِ[SUB]))[/SUB]. [ينظر: الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، ط2(1418هـ) مكتبة الرشد].
([4])الأشباه والنظائر لابن الوكيل-شافعي(2/36-40)، [ط2(1418هـ) مكتبة الرشد].
([5])المنثور في القواعد للزركشي-شافعي(3/319-322).
 
إنضم
12 أبريل 2011
المشاركات
121
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
الفقه و أصوله
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مأخذ التَّنوع، في الزيادة على الواجب فرضٌ أم تطوّع؟

جزاكم الله خيرا فضيلة الدكتور على ما أوردتم، فأبدعتم، ونفعتم.
ولدي سؤال ـ إن سمحتم ـ عن ضابط التفريق بين الزيادة في الواجب والبدعة.
فهل يمكن أن يقال: كل ما اختلف فيه العلماء من الزيادة من الحيث الوجوب والاستحباب، فما زاد عليه فهو بدعة، كمسح الرقبة في الوضوء.
وبارك الله فيكم.
 
أعلى