رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)
أظن أنه قد حصل نوع خلط فى الموضوع نتج من عدم الاطلاع على المشاركات ! .. فالكلام هاهنا ليس عن الزام الناس شرعاً بالتقيد بالمذاهب وعدم الخروج عنها .. وانما واقع وحقيقة الدراسة الفقهية للطالب ..
فأكثر العلماء المعاصرون على أنه لا "سبيل" ولا "فكاك" لمن أراد دراسة الفقه الا بدراسة مدرسة فقهية محررة، حتى من له عن التمذهب بشكل عام تحفظات كالشيخ الألبانى قال :
"لا سبيل لدارس الفقه فى عصرنا الا بهذا= يعنى التمذهب"، وقال : "ولكن بسبب هذا الزمن المديد الطويل لم يعد بإمكان طالب العلم أن يفهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بطريق المذاهب" وقد اشترط شروطاً منها عدم التعصب ونحوها .. الفتوى رقم 3 من الشريط رقم 39 من سلسلة الهدى والنور
ولم يكن هذا سوى الطريق الذى اتبعه الدارسون للفقه على مر العصور كما تم توضيحه فى الصفحات الأولى من موضوعنا هذا ..
وهذا الرأى كذلك هو رأى دار الافتاء المصرية :
"وأما اتباع المذاهب فى اطار الدراسة والتفقه فهذا مما لا فكاك منه؛ لأن هذه المذاهب المتبعة قد خُدمت خدمة لو تتوفر لغيرها فاعتنى بنقلها وتحريرها ومعرفة الراجح فيها واستدل لها وترجم لأئمتها بما جعل كل واحدة منها مدرسة مستقلة لها أصول معلومة وفروع محررة يتحتم على من أراد التفقه فى الدين أن يسلك أحدها متعلماً ودارساً، فتكون دراسته من حيث انتهوا هم"
http://dar-alifta.org/ViewResearch.aspx?ID=9&LangID=1
فالقضية ليست كما تصورت يا دكتور أيمن تماماً فالموضوع عن الدراسة الفقهية، والمبدأ كما تعلم الحكم على الشىء فرع عن تصوره، وأما ما تفضلت به من وجود جماعات بالأزهر، ففعلا كان بالأزهر الشريف المذاهب الأربعة المتبوعة لدى أهل السنة وكان الجميع يعيشون فى جو علمى محض فى منتهى الود والتآخى فالحنفى يدرس على الشافعى والمالكى على الحنفى فى شتى العلوم بل ويأكلون من طبق واحد ..
حتى أنه قد احتضن من قد يكون ليس له مذهباً محدداً كشيخ الأزهر أحمد الدمنهورى فهو كان يفتى فى المذاهب الأربعة .
وأن يكون لكل مذهب مفت أو شيخ فلا شىء فيها، وقد ولى أئمة كبار مشيخة المذاهب، كشيخ الاسلام ابن تيمية شياخة الحنابلة بعد وفاة والده وغيره .. وهذا حال كبار الأئمة الجميع ساروا على طريق مفصلة واضحة من الانتساب لمدرسة فى دراسة الفقه ولم يعقهم ذلك فيما بعد عن الابداع أو الاجتهاد قدر طاقتهم، ولك أن تطالع فى تراجم علماء الأزهر فى العصور الماضية لترى بنفسك أنه قلما يوجد عالم لم يدرس على مشايخ
من مذاهب أخرى من غير مذهبه حتى فى الفقه والأصول ..
ومسألة التعصب الجميع يقر أنها قد انحسرت جداً فى عصرنا كظاهرة، وعموماً ليس سببها المذاهب بل بعض أتباعها وما لديهم من نمط معرفى ونفسى معين، ولا يحمل ذلك الوزر تلك المدارس التى نظمت للدارس طريقه وأن يسير بخطى منتظمة الى النهاية ويفهم الكتاب والسنة على بصيرة، أما سبب أنها انحسرت جداً، فهو الاهتمام و الاعتناء بقراءة وتدريس كتب ومواد تاريخ التشريع والفقه المقارن فضلا عن انتشار تلك الكتب وطباعتها ..
كذا انتشار الوعى والتعليم و الدعوات والأطروحات التى تنتقد بشدة ذلكم التعصب الذى كان فى بعض الأعصار من بعض المتمذهبة
فالانكار ممن تمذهب على من لم يتمذهب والعكس، يكون له حظ من النظر فى بعض الاعتراضات، والبعض الآخر نتج عن سوء الفهم ..
فالمسألة لها طرفان ووسط، طرف يغالى فى التمذهب ويلزمه للناس جميعاً وطرف يحقر من شأن المذاهب وأتباعها، وكلاهما قد يكون برغم ذلك لبعض كلامه وجاهة فهذا يخشى الفوضى والتطفل على الشريعة ممن ليسوا بأهلها وهو محق فى هذا، والآخر يخشى من التعصب الجمود وهو محق فى هذا، والمغالون فى الزام الناس بالتمذهب لا نكاد نراهم أيضاً فى عصرنا الا فيما ندر، لكن المغالون من الطرف الآخر للأسف موجودون، لذا وجب فهم الكلام بشكل صحيح فمن يشدد على التمذهب يعنى به فى حق الطالب الدارس للفقه بعدما رأى ظواهراً نتجت من عدم دراسة الفقه بشكل صحيح، ظواهر من التخبط والتشتت فى الدراسة والتعدى على الشريعة بالخوض فيها دون علم والتطاول على العلماء ..
والوسط؛ أن الدراسة للفقه تخصصاً عبر مذهب- قد تكون لازمة لكن ليس شرعاً بل تنظيماً- فى أمر التذليل والتسهيل لدارس الفقه ووضع قواعد واضحة يسير عليها الطالب ثم الفقيه فيما بعد بحسب مدرسته، ان أراد أن يفتى الناس .. وكل هذا دونما تعصب أو جمود
والأخيران يندران فى عصرنا كما أسلفت .. فالزمان قد تغير ولله الحمد