طارق بن طلال عنقاوي
:: متابع ::
- إنضم
- 31 مارس 2009
- المشاركات
- 78
- الكنية
- أبو محمد
- التخصص
- الفقه
- المدينة
- مكة
- المذهب الفقهي
- ---
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أمابعد.
فقد اطلعت على فتوى في موقع الإسلام سؤال وجواب عن حكم تخدير الإنسان عند الاحتضار, وبدا لي - والعلم عند الله - أن السؤال كان يحتاج لاستفصال وتفصيل, فظاهر الفتوى فيه شيء من الإشكال, وتحتاج لنقاش.
وهذا نص الفتوى:
التعليق:
المعلوم أن المريض الذي شارف على الموت يتعرض لآلام لها علاقة بوضعه الصحي, ويصاب بعضهم مثلا بالغثيان والإسهال والجفاف واللالتهابات المختلفة وتقرحات الجسد, وصعوبات التنفس, والفشل المتعدد للأعضاء, ويصاحب ذلك كله آلام تحتاج لما يخففها, وقد يكون هناك حاجة لبعض المرخيات والأدوية التي تضعف وعي المريض, فهل هذا داخل في الفتوى بالتحريم كما قد يُتوهّم, هذا الأمر يحتاج لتوضيح لأنه قد يكون حقيقة محل السؤال, ويكون السائل قد عبّر عنه بمصطلح التخدير, فلا أظن أن هناك طبيب يخدّر لأجل خروج الروح, فهم لا يعلمون لحظة خروجها ولا يستهدفون ذلك بعينه, بل يستهدفون ما يظهر أمامهم من أعراض بغض النظر عن اللحظة التي تخرج فيها الروح والتي تكون مفاجأة في كثير من الأحيان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, أمابعد.
فقد اطلعت على فتوى في موقع الإسلام سؤال وجواب عن حكم تخدير الإنسان عند الاحتضار, وبدا لي - والعلم عند الله - أن السؤال كان يحتاج لاستفصال وتفصيل, فظاهر الفتوى فيه شيء من الإشكال, وتحتاج لنقاش.
وهذا نص الفتوى:
السؤال:
ما حكم استخدام المخدر عند خروج روح الإنسان ؟
الجواب :
الحمد لله
الموت أحد العوارض التي تلحق الإنسان ، يتمثل في نزع روحه ، وانتقاله من قيد البدن الدنيوي وارتباطه الأرضي ، إلى سعة عالم الآخرة ، وحينها تنفصل به الروح عن الجسد فلا تملك عليه تصرفا بعدئذ .
وفي "الطبقات الكبرى" ، لابن سعد (4/260) ، و" المستدرك " للحاكم (5915):
"عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : " كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ : عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لَا يَصِفُهُ ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ إِنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لَا يَصِفُهُ , فَصِفْ لَنَا الْمَوْتَ وَعَقْلُكُ مَعَكَ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ الْمَوْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُوصَفَ ، وَلَكِنِّي سَأَصِفُ لَكَ مِنْهُ شَيْئًا : أَجِدُنِي كَأَنَّ عَلَى عُنُقِي جِبَالُ رَضْوَى ، وَأَجِدُنِي كَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَ السِّلَاءِ، وَأَجِدُنِي كَأَنَّ نَفَسِي يَخْرُجُ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ !!" انتهى .
ومع هذه المرحلة العظيمة الشديدة من مراحل الإنسان تغدو أنواع العلاجات والمسكنات ضربا من العبث ، فالموت عملية غيبية للفصل بين الروح والجسد ، والمخدر أو المسكن إنما يعمل على تخفيف آلام الجسد التي يصاب بها في نفسه ، أي بأسبابه البدنية ، فيما يتعلق بعالم الشهادة الحسي ، وعالم الموت الغيبي خارج عن تلك الأسباب ، وغير خاضع للتجارب ، والمعالجات .
وعلى ذلك ، فالذي يظهر لنا هنا : المنع من استعمال المخدر في حالة الاحتضار ؛ وذلك للأسباب الآتية :
السبب الأول : أن الأصل في التخدير المنع إلا لحاجة أو ضرورة ، ولا حاجة له هنا ، فقد سبق تقرير أن المخدر لا يرفع آلام النزع ؛ بل لا علاقة لهذه الحالة الغيبية بما يكون من حال الناس وأسبابهم وتجاربهم ؛ وحينئذ : يبقى استعمال المخدر : تناولا للمحذور ، من غير مبيح شرعي ، ولا سبب داع إليه ، بحيث نعلم تحقق نفعه والحاجة إليه ، أو غلبة الظن بذلك ، في مثل تلك الحال .
وينظر جواب السؤال رقم : (46050) .
السبب الثاني : أنه لا يمكن لأحد الجزم بتوقيت الموت وميعاده ، والتخدير له أضراره الصحية ومضاعفاته على الجسد ، بل يقول الأطباء إنه نوع من السموم الخاصة ، فمن غير المقبول أن ندخل الضرر المحقق في سبيل دفع شك أو ظن متوهم ؛ بل في سبيل التعامل مع أمر لا علم لنا بحقيقته ، ولا خبرة لنا به أصلا ، ولا نعلم لنفع المخدر فيه سبيلا .
ثم إنه في حالة العبد الصالح الذي يختم الله له بالطاعة والعبادة ، ونرى فيه الإقبال على الله تعالى ، وترطب لسانه بذكره ، فمثل هذا ننتظر منه النطق بالشهادة التي تكون له ذخرا عند ربه ، والتخدير قد يحرمه هذه الفضيلة . فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه أبوداود (3116) يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " أي : من غير عذاب مطلقا ، أو من بعض الوجوه . وإنما أوّلناه بذلك ؛ لأن كل مسلم لا بد وأن يدخل الجنة وإن عذب ، فليس للإخبار فائدة بأن ختم الكلام بكلمة الإخلاص يقتضي دخول الجنة ، إلا أن فيه مزية اقتضت تخصيصه بذلك ، وتلك المزية هي : إما دخوله لها مع الناجين من غير عذاب ، أو أن الله سبحانه يخفف عنه مما استحقه من العذاب ، فيدخل الجنة قبل الأوان الذي كان يستحقه لو لم يختم له بهذه الكلمة " انتهى من " الزواجر " (2/333).
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجوابما حكم استخدام المخدر عند خروج روح الإنسان ؟
الجواب :
الحمد لله
الموت أحد العوارض التي تلحق الإنسان ، يتمثل في نزع روحه ، وانتقاله من قيد البدن الدنيوي وارتباطه الأرضي ، إلى سعة عالم الآخرة ، وحينها تنفصل به الروح عن الجسد فلا تملك عليه تصرفا بعدئذ .
وفي "الطبقات الكبرى" ، لابن سعد (4/260) ، و" المستدرك " للحاكم (5915):
"عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : " كَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ : عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لَا يَصِفُهُ ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ إِنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لَا يَصِفُهُ , فَصِفْ لَنَا الْمَوْتَ وَعَقْلُكُ مَعَكَ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ الْمَوْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُوصَفَ ، وَلَكِنِّي سَأَصِفُ لَكَ مِنْهُ شَيْئًا : أَجِدُنِي كَأَنَّ عَلَى عُنُقِي جِبَالُ رَضْوَى ، وَأَجِدُنِي كَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَ السِّلَاءِ، وَأَجِدُنِي كَأَنَّ نَفَسِي يَخْرُجُ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ !!" انتهى .
ومع هذه المرحلة العظيمة الشديدة من مراحل الإنسان تغدو أنواع العلاجات والمسكنات ضربا من العبث ، فالموت عملية غيبية للفصل بين الروح والجسد ، والمخدر أو المسكن إنما يعمل على تخفيف آلام الجسد التي يصاب بها في نفسه ، أي بأسبابه البدنية ، فيما يتعلق بعالم الشهادة الحسي ، وعالم الموت الغيبي خارج عن تلك الأسباب ، وغير خاضع للتجارب ، والمعالجات .
وعلى ذلك ، فالذي يظهر لنا هنا : المنع من استعمال المخدر في حالة الاحتضار ؛ وذلك للأسباب الآتية :
السبب الأول : أن الأصل في التخدير المنع إلا لحاجة أو ضرورة ، ولا حاجة له هنا ، فقد سبق تقرير أن المخدر لا يرفع آلام النزع ؛ بل لا علاقة لهذه الحالة الغيبية بما يكون من حال الناس وأسبابهم وتجاربهم ؛ وحينئذ : يبقى استعمال المخدر : تناولا للمحذور ، من غير مبيح شرعي ، ولا سبب داع إليه ، بحيث نعلم تحقق نفعه والحاجة إليه ، أو غلبة الظن بذلك ، في مثل تلك الحال .
وينظر جواب السؤال رقم : (46050) .
السبب الثاني : أنه لا يمكن لأحد الجزم بتوقيت الموت وميعاده ، والتخدير له أضراره الصحية ومضاعفاته على الجسد ، بل يقول الأطباء إنه نوع من السموم الخاصة ، فمن غير المقبول أن ندخل الضرر المحقق في سبيل دفع شك أو ظن متوهم ؛ بل في سبيل التعامل مع أمر لا علم لنا بحقيقته ، ولا خبرة لنا به أصلا ، ولا نعلم لنفع المخدر فيه سبيلا .
ثم إنه في حالة العبد الصالح الذي يختم الله له بالطاعة والعبادة ، ونرى فيه الإقبال على الله تعالى ، وترطب لسانه بذكره ، فمثل هذا ننتظر منه النطق بالشهادة التي تكون له ذخرا عند ربه ، والتخدير قد يحرمه هذه الفضيلة . فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه أبوداود (3116) يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " أي : من غير عذاب مطلقا ، أو من بعض الوجوه . وإنما أوّلناه بذلك ؛ لأن كل مسلم لا بد وأن يدخل الجنة وإن عذب ، فليس للإخبار فائدة بأن ختم الكلام بكلمة الإخلاص يقتضي دخول الجنة ، إلا أن فيه مزية اقتضت تخصيصه بذلك ، وتلك المزية هي : إما دخوله لها مع الناجين من غير عذاب ، أو أن الله سبحانه يخفف عنه مما استحقه من العذاب ، فيدخل الجنة قبل الأوان الذي كان يستحقه لو لم يختم له بهذه الكلمة " انتهى من " الزواجر " (2/333).
والله أعلم .
التعليق:
المعلوم أن المريض الذي شارف على الموت يتعرض لآلام لها علاقة بوضعه الصحي, ويصاب بعضهم مثلا بالغثيان والإسهال والجفاف واللالتهابات المختلفة وتقرحات الجسد, وصعوبات التنفس, والفشل المتعدد للأعضاء, ويصاحب ذلك كله آلام تحتاج لما يخففها, وقد يكون هناك حاجة لبعض المرخيات والأدوية التي تضعف وعي المريض, فهل هذا داخل في الفتوى بالتحريم كما قد يُتوهّم, هذا الأمر يحتاج لتوضيح لأنه قد يكون حقيقة محل السؤال, ويكون السائل قد عبّر عنه بمصطلح التخدير, فلا أظن أن هناك طبيب يخدّر لأجل خروج الروح, فهم لا يعلمون لحظة خروجها ولا يستهدفون ذلك بعينه, بل يستهدفون ما يظهر أمامهم من أعراض بغض النظر عن اللحظة التي تخرج فيها الروح والتي تكون مفاجأة في كثير من الأحيان.