شهاب الدين الإدريسي
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 20 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 376
- التخصص
- التفسير وعلوم القرآن
- المدينة
- مكناس
- المذهب الفقهي
- مالكي
جـامـع الأمـهـات
كتاب جامع الأمهات أو المختصر الفرعي للفقيه الأصولي اللغوي النحوي أبي عمرو جمال الدين عثمان بن عمر المالكي المعروف بابن الحاجب (646هـ)، كتاب قصد مؤلفه من وضعه جمع ما تقدمه من مسائل الفقه وفروعه ملخصة من أقوال علماء المذهب وكتبهم المشهورة، وفي هذا يقول رحمه الله: لما كنت مشتغلا بوضع كتابي كنت أجمع الأمهات، ثم أجمع ما اشتملت عليه تلك الأمهات في كلام موجز، ثم أضعه في الكتاب حتى كمل. ويذكر بعض أهل العلم ممن لهم عناية بالكتاب أن ابن الحاجب اختصر كتابه من ستين ديوانا، وأن فيه من المسائل ست وستون ألف مسألة.
وأما المسائل التي ينطوي عليها الكتاب فتوزعت فيه على خمسة عشرة كتابا هي: الصلاة، والزكاة، والحج، والأضحية، والجهاد، والنكاح، والظهار، والرضاع، والبيوع، والسلم، والأقضية، والشهادة، والدعوة والجواب المبين والنكول والبينة، والديات، ثم الكتاب الجامع لفروع مختلفة.
فإذا كان كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني جامعا لما تقدمه من أمهات كتب الفقه المالكي ، فإن كتاب جامع الأمهات اقتفى نفس النهج، مع ما يمكن اعتباره ميزة فيه كونه - مع كثرة ما حواه - صغير الحجم، فلا يقارن بحجم كتاب النوادر، وذلك أن المؤلف لم يعمد فيه إلى ذكر الأقوال المتعددة، وإن لم يكن خلوا منها، فإنه حاول الاقتصار على المشهور والراجح غالبا، ثم إنه لم يتكلف ذكر الأدلة من القرآن والسنة والآثار، بل جرّده من كل ذلك، أضف إلى ذلك اختصار اللفظ وتقليله، دون إخلال بالمعنى، أو غموض في الفهم.
ومن حسن صنيع ابن الحاجب أنه نسب الأقوال إلى أصحابها، وجعل لكل كتاب من كتب مؤلفه عناوين فرعية، إلا مما لم تدعه الضرورة إلى ذلك؛ ليسهل الوقوف على جزئيات المسائل فيه.
ولما كان الكتاب قد جمع ما جمع من أمهات كتب المذهب حتى قال العلامة المؤرخ ابن خلدون رحمه الله: إن صاحبه لخص فيه طرق أهل المذهب في كل باب، وتعديد أقوالهم في كل مسألة، فجاء كالبرنامج للمذهب. لما كان هذا؛ فإن العلماء أولوا جامع الأمهات كامل العناية، فقام كثير منهم بشرحه وإيضاح مشكلاته، واختلفت شروحهم كبرا وصغرا، فمن أهم شروحه: شرح ابن راشد القفصي (736هـ) المسمى: «الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب»، وشرح ابن عبد السلام الهواري (749هـ) المسمى: «تنبيه الطالب لفهم مختصر ابن الحاجب»، وشرح ابن هارون الكناني (750هـ)، وكل هؤلاء من أهل تونس، ومن أفيد شروحه وأجودها، والتي جمعت الشروح المتقدمة: شرح أبي المودة خليل بن إسحاق (767هـ) صاحب المختصر المشهور، سمى شرحه بـ «التوضيح»، ومنها أيضا شرح ابن فرحون اليعمري (799هـ): «تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات»، ووضع ابن فرحون أيضا كتابا في التعريف بمصطلحاته بمثابة المدخل للشرح المذكور سماه«كشف النقاب الحاجب عن مصطلح ابن الحاجب»، وكان جعله مقدمة للأول في شرح جامع قبل أن يفصله في كتاب خاص. وهناك شروح أخرى لا تقل أهمية عما ذكر.
أما الثناء على الكتاب فقد ذاع وانتشر من داخل المذهب وخارجه، ويكتفى هنا بشهادة كمال الدين الزملكاوي الشافعي حيث قال: «ليس للشافعية مثل مختصر ابن الحاجب للمالكية»، وكفى بها من شهادة كما قال ابن فرحون.
وقال عنه الإمام ابن دقيق العيد: "هذا كتاب أتى بعجب العجاب، ودعا قصيّ الإجادة، فكان المجاب، وراض عصيّ المراد، فازال شماسته وانجاب، وأبدى ما حقه أن يبالغ في استحسانه، وتشكر نفحات خاطره ونفثات لسانه.. "
وممن ذُكر أنه يحفظ مختصر ابن الحاجب الفرعي: عيسى بن مسعود بن منصور الزواوي المالكي؛ حفظه في ستة أشهر ونصف ثم عرضه، ومحمد المحب أبو عبد الله الحسني الفاسي المكي المالكي. وعرضه كله في مجلس واحد محمد بن أحمد الغساني المالقي.
طبع الكتاب بتحقيق، أبي عبد الله الأخضر الأخضري، بمطبعة اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق-بيروت.
اضغط هنا لتحميل الكتاب