العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي

تم الفراغ من شرح الرسالة الوضعية كاملة
بتأريخ 5-6-2018
حمله من هنا:
http://www.feqhweb.com/vb/t24404


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.
أما بعد...
فقد كنت قد وضعت رسالة في علم الوضع بعنوان موجز في علم الوضع في عام 2003 ووزعت منها بعض النسخ، ثم جاء الاحتلال الأمريكي وضاعت معه مكتبتي ونسختي الشخصية وانقطعت أخبار الإخوة الذين وزعت عليهم النسخ، ثم لما تكرر عليّ سؤال الإخوة بوضع رسالة في هذا العلم المنسيّ نشطت لذلك وشرعت اكتب ما تيسر في شهر رمضان المبارك والله أسأل أن يتمها على خير وينفع بها.


مقدمة

الوضع في اللغة: جعل الشيء في مكان. يقال: وضعتُ التمرَ في الكيسِ،أي جعلته فيه، فالكيس موضِع التمر.
وفي الاصطلاح: تعيين شيء ليدل على شيء آخر. وهو نوعان:
1- لفظي، كوضع لفظ زيد لشخص معين. فمتى قيل: جاء وقام وذهب زيد علم أن المقصود به الشخص المعين.
2- غير لفظي، كالكتابة والإشارة وعلامات الطريق والمرور.
والمقصود هنا هو المعنى الأول.
ويعرّف الوضع اللفظي بأنه: تعيين اللفظ للدلالة على المعنى. واللغة كلها عبارة عن ألفاظ معينة تدل على معنى معين.
وأما علم الوضع فهو: مسائل يبحث فيها عن أحوال اللفظ من حيث الوضع.
فهذا العلم يبحث عن المسائل المتعلقة بعملية وضع اللغة فيبحثون عن واضع اللغة هل هو الله سبحانه أو البشر وما هي أنواع الوضع.
ولا يبحث في هذا العلم عن معاني المفردات كسماء وأرض فإن هذا الأمر تكفل به علم متن اللغة مما تجده في القواميس، ولكن هو يبحث عن عملية وضع الألفاظ لمعانيها فقد أثار العلماء حولها أسئلة وإشكالات جمعوها فيما بعد في علم سموه بالوضع.

أركان الوضع

إذا رزقت بابن فسميته عبد الله فهنا توجد أربعة أمور: الواضع وهو أنت أيها الأب، والموضوع وهو اسم عبد الله، والموضوع له وهو الابن، والوضع وهو الفعل أي التسمية وجعل اللفظ بإزاء المعنى.
فهذه أربعة أركان: الواضع، واللفظ الموضوع، والمعنى الموضوع له، والوضع.
فمن هو واضع اللغة ؟
قيل: واضع اللغة هو الله سبحانه وتعالى بأن يخلق في نفس بعض البشر علما ضروريا بأن هذا اللفظ يدل على هذا المعنى أو بواسطة الوحي.
وقيل: بل الواضع هم البشر، وقيل: بالوقف لأن الأمرين محتملان ولا دليل قاطع على أحدهما.
وهنا مسألة وهي: هل تشترط وجود المناسبة بين اللفظ الموضوع والمعنى الموضوع له أو لا تشترط ؟
فقيل: تشترط، فلفظ ماء مثلا لا بد أن يكون لاختيار الميم والألف والهمزة مناسبة بينه وبين السائل المعروف وهكذا بقية الألفاظ.
والمشهور أنها لا تشترط، فإنه وإن أمكن تلمّس مناسبات في بعض الكلمات لكنها لا تنطبق على كل كلمات اللغة.
 
التعديل الأخير:
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

وفقكم الله لإتمامه ونفعنا جميعا به .
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

شيخنا الكريم، فرحنا برؤية مشاركتكم بعد أمد طويل، ونسأل الله أن تكون بخير وعافية وأن ييسر لكم ولأهلكم ولأحبتكم كل ما تحتاجون إليه وزيادة.

ونسأل الله أن ييسر لكم إتمام الشرح ومواصلة الكتابة في علوم الآلة.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

شيخنا الكريم، فرحنا برؤية مشاركتكم بعد أمد طويل، ونسأل الله أن تكون بخير وعافية وأن ييسر لكم ولأهلكم ولأحبتكم كل ما تحتاجون إليه وزيادة.

ونسأل الله أن ييسر لكم إتمام الشرح ومواصلة الكتابة في علوم الآلة.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اللهم آمين ولك بالمثل بارك الله فيك.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

تقاسيم الوضع

للوضع تقسيمات متعددة بلحاظات متعددة وإليك أهمها:
أولا:ينقسم الوضع بحسب ذاته إلى تحقيقي وتقديري.
فالوضع التحقيقي هو: تعيين اللفظ بإزاء المعنى للدلالة عليه بنفسه، من غير واسطة علاقة وقرينة. وهو وضع الحقائق.
مثاله: وضع لفظ أسد للحيوان المفترس المعروف.
والوضع التقديري ويسمى بالتأويلي أيضا هو: تعيين اللفظ بإزاء المعنى للدلالة عليه بواسطة علاقة وقرينة. وهو وضع المجازات والكنايات.
مثاله في المجاز: أسد للرجل الشجاع.
ومثاله في الكناية: كثير الرماد للكريم.
وإذا أطلق الوضع انصرف إلى الوضع الحقيقي لا التقديري.
ثانيا: ينقسم الوضع باعتبار اللفظ الموضوع إلى شخصي ونوعي.
فالوضع الشخصي هو: ما كان الموضوع فيه لفظا واحدا ملحوظا للواضع بعينه وشخصه.
مثال: وضع الأعلام كزيد، فإن الواضع أخذ لفظ زيد بخصوصه وعيّنه لمعناه.
مثال آخر: وضع النكرات كرجل، فإن الواضع أخذ لفظ رجل بخصوصه وعيّنه لمعناه وهو الذكر البالغ.
والوضع النوعي هو: ما كان الموضوع فيه ألفاظا متعددة ملحوظة بأمر عام.
مثال: المشتقات كاسم الفاعل والمفعول، كأن يقول الواضع عينت كل لفظ على وزن ( فاعِل ) للدلالة على ذات متصفة بصفة من حيث صدروها منها، فيندرج فيه لفظ ضارب وكاتب وناصر وغيرها.
وعينت كل لفظ على وزن ( مفعول ) للدلالة على ذات متصفة بصفة من حيث وقوعها عليها، فيندرج فيه لفظ مضروب ومكتوب ومنصور وغيرها.
فهنا الواضع لم يضع لفظا معينا بخصوصه لمعنى بل وضع قانونا عاما يشمل ألفاظا كثيرة لا تنحصر.
مثال آخر: المجازات والكنايات فهي موضوعة ولكن ليس بوضع شخصي، فالواضع وضع لفظ أسد للحيوان المفترس، ولم يرجع مرة أخرى ويضع لفظ أسد للرجل الشجاع فيصير لفظ الأسد مشتركا، وإنما وضع المجاز بوضع نوعي على نحو القاعدة العامة.
كأن يقول الواضع: وضعت كل لفظ يكون بين معناه الحقيقي ومعناه الادعائي مناسبة مع وجود قرينة تمنع من إرادة الأول للدلالة على المعنى المجازي، فيندرج فيه لفظ أسد للشجاع، وبحر للجواد، وغيرهما.
وكأن يقول الواضع: وضعت كل لفظ بين معناه الحقيقي ومعناه الإدعائي علاقة مع وجود قرينة لا تمنع من إرادة الأول للدلالة على المعنى الكنائي، فيندرج فيه كثير الرماد للكريم، وطويل النجاد لطويل القامة، وغيرهما.

 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

على بركة الله سر ، ومتابع .
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

ثالثا: ينقسم الوضع باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام يحتاج في بيانها إلى تمهيد فنقول:
قد علمت أن اللفظ الموضوع تارة يكون واحدا خاصا كرجل، وتارة يكون متعددا عاما كوزن ( فاعِل ).
والمعنى الموضوع له اللفظ كذلك فتارة يكون خاصا أي جزئيا كوضع الأعلام كزيد فإنه لا يصدق إلا على ذات واحدة، وتارة يكون عاما أي كليا كوضع النكرات كرجل فإنه يصدق على كل رجل.
وعندهم شيء آخر يسمى آلة الوضع وهي: ما يلاحظه الواضع عند الوضع.
مثال: أسماء الإشارة فهي من المعارف فلا بد أن تصدق على معين، فهذا مثلا موضوع للمفرد المذكر الذي تشير إليه بأصبعك كزيد والباب والكتاب ونحو ذلك أي هو موضوع لكل جزئي معين من تلك الجزئيات التي لا تحصر على سبيل البدل، والواضع حينما يريد أن يضع لا بد أن يلاحظ اللفظ والمعنى في ذهنه قبل الوضع فكيف تصوّر تلك الجزئيات غير المحصورة ؟
الجواب: لاحظها وتصورها بأمر عام وهو: ( المفرد المذكر المشار إليه بإشارة حسية ).
فهنا الموضوع هو لفظ هذا، والمعنى الموضوع له هو الجزئي المعين من جزئيات المعنى العام، وأما ذلك المفهوم العام فهو آلة وأداة الوضع استعملها الواضع كوسيلة للتوصل إلى وضع لفظ هذا لكل تلك الجزئيات، وليس هو الموضوع له اللفظ.
فعندنا لفظ موضوع ومعنى موضوع له وأداة وضع. فإذا علم هذا فنقول:
ينقسم الوضع باعتبار الموضوع له أو آلة استحضاره إلى ثلاثة أقسام:
1- وضع عام لموضوع له خاص.
مثاله: ما تقدم من أسماء الأشارة، فهنا الوضع عام لأن آلة الوضع مفهوم عام، والموضوع له خاص لأن الوضع كان لكل جزئي من جزئيات المشار إليه.
مثال آخر: وضع الضمائر كأنا، فهذا اللفظ موضوع لكل فرد وجزئي من جزئيات المتكلم المفرد كزيد وعمرو وهند، وقد استحضر الواضع تلك الجزئيات التي لا تنحصر بمفهوم عام هو ( المفرد المتكلم ) فهو آلة الوضع.
2- وضع خاص لموضوع له خاص.
مثاله: الأعلام كزيد، فإن الموضوع له هو شخص معين، وقد تصوره الواضع بخصوصه لا بواسطة شيء آخر.
3- وضع عام لموضوع له عام.
مثاله: وضع النكرات كرجل لمطلق الذكر البالغ، فالوضع عام لعموم المعنى الموضوع له فإنه كلي يصدق على كثيرين.
بعبارة أخرى إن الوضع إما: أن يكون خاصا أو عاما.
فيكون خاصا إذا ( كان الموضوع له أمرا خاصا متصورا في العقل بخصوصه ) كما في وضع زيد فإنه موضوع لشخص معين والواضع استحضر لفظ زيد واستحضر ذات مشخصة بصفات معينة ثم سمى ووضع.
ويكون عاما في حالتين:
إذا ( كان الموضوع له أمرا عاما متصورا في العقل بعمومه ) كما في وضع رجل للذكر البالغ.
وإذا ( كان الموضوع له أمورا خاصة متصورة في العقل بمفهوم عام يجمعها ) كما في وضع هذا وأنا.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

تطبيق أقسام الوضع على موضوعات اللغة

اللفظ الموضوع لمعنى تارة يكون مفردا وتارة يكون مركبا، والمفرد يكون اسما وفعلا وحرفا، والاسم يكون معرفة ونكرة، وتحت هذه المصطلحات أقسام عديدة، فالعلماء بعد أن بينوا ما هي أقسام الوضع طبّقوا تلك الأقسام على الموضوعات اللغوية فيقولون مثلا الحروف بأي وضع وضعت هل بوضع عام أو خاص وهل الوضع فيها نوعي أو شخصي. فلنبدأ ببيانها:
أولا: العَلم موضوع بوضع تحقيقي شخصي خاص لموضوع له خاص.
مثاله: زيد فإن الواضع تصور لفظ زيد بخصوصه وتصور ذاته المعينة المشخصة ثم قال وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى.
ومن الأعلام الشخصية أسماء العلوم كنحو وفقه وتوحيد وأصول.
فمثلا في النحو: تصور الواضع لفظ نحو بعينه وتصور معناه وهو قواعد يعرف بها أحوال أواخر الكلمات العربية في حال تركيبها من حيث الإعراب والبناء، ثم قال: وضعت لفظ نحو لهذا المعنى.
والعلوم وإن كانت مسائل وقواعد عديدة إلا أنها متميزة في ذهن الواضع بوحدة الموضوع أو وحدة الغاية وذلك كاف في التشخص.
ومن الأعلام الشخصية أسماء الكتب كجمع الجوامع وقطر الندى وتدريب الراوي.
فمثلا جمع الجوامع: تصور المؤلف لفظ جمع الجوامع بعينه وتصور ما كتبه ثم وضع وسمى كتابه بهذا اللفظ.
ثانيا: الضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة والحروف موضوعة بوضع تحقيقي شخصي عام لموضوع له خاص.
مثاله في الضمائر: أنا فإن الواضع تصور لفظ أنا بخصوصه وتصور معاني جزئية كزيد وعمرو وبكر الحاكين عن أنفسهم بواسطة أمر عام وهو: كل من يحكي عن نفسه، ثم قال: وضعت لفظ أنا لكل من تلك الجزيئات المندرجة تحت المفهوم العام.
ومثاله في أسماء الإشارة: هذا فإن الواضع تصور لفظ هذا بخصوصه، وتصور جزئيات حقيقية كسعد وسعيد ومسعود المشار إليهم إشارة حسية بواسطة مفهوم عام وهو: كل مفرد مذكر مشار إليه إشارة حسية، ثم قال: وضعت لفظ هذا لكل ما صدق عليه ذلك المفهوم الشامل من الجزئيات.
ومثاله في الأسماء الموصولة الذي فإن الواضع تصور لفظ الذي بعينه وتصور جزئيات متعددة كزيد وعمرو وبكر المعهودين بمضمون الصلة بواسطة مفهوم شامل وهو: مفرد مذكر معهود بمضمون الصلة، ثم قال: وضعت لفظ الذي لكل ما صدق عليه ذلك المفهوم الشائع من الجزئيات.
ومثاله في الحروف: في فإن الواضع تصور لفظ في بعينه وتصور معاني جزئية كظرفية الكيس للدرهم في قولنا: الدرهم في الكيس، وظرفية الكأس للماء في قولنا: الماء في الكأس، وظرفية الصندوق للكتاب في قولنا: الكتاب في الصندوق، تصورها بواسطة مفهوم عام هو: الظرفية المطلقة، ثم قال: وضعت لفظ في للظرفيات الجزئية المندرجة في ذلك المفهوم.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

ثالثا: المعرف باللام والمنادى موضوعان بوضع تحقيقي نوعي عام لموضوع له خاص.
والمعرف باللام قد تكون اللام فيه:
للجنس نحو: الرجل خير من المرأة أي هذا الجنس خير من هذا الجنس لما اختصه الله به من الفضائل، وليس المقصود أن كل رجل خير من كل امرأة فإنه باطل.
وللاستغراق نحو: إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا. أي كل إنسان إلا من استثناه الله تعالى في الآية.
وللعهد نحو: جاءَ الأمير، أي المعين المعهود بين المتخاطبين.
مثاله في لام الجنس أن يقال: إن الواضع تصوّر طائفة من الألفاظ كالرجل والمرأة والحمد والشكر وغيرها بمفهوم عام وهو: ( كل لفظ دخلت عليه لام الجنس ) وتصور معانيها الكثيرة كجنس الرجل والمرأة والحمد والشكر بواسطة مفهوم عام وهو: ( الجنس المعين المأخوذ من مدخول اللام ) ثم قال: وضعت ما صدق عليه المفهوم الأول لما صدق عليه المفهوم الثاني.
فأما كون الوضع هنا تحقيقي فلأنه لا يراد به المعنى المجازي بل الحقيقي كما هو واضح.
وأما كون الوضع نوعيا فلأن الواضع لم يضع لفظا واحدا معينا بل وضع ألفاظا كثيرة بواسطة قانون عام: كل لفظ دخلت عليه لام الجنس.
وأما كون الوضع لموضوع له خاص فلأن الموضوع له جزئيات المفهوم العام من الرجل والمرأة والحمد والشكر وغيرها.
وأما كون الوضع بوضع عام فلأن آلة الوضع هنا عامة فإن الواضع أراد أن يضع لجنس الرجل والمرأة ونحوهما ولكنه لاحظها وتصورها بواسطة: الجنس المعين المأخوذ من مدخول اللام.
وأما المنادى فبأن يقال: إن الواضع تصوّر طائفة من الألفاظ نحو: يا سعيدُ، ويا غلامُ، ويا عبدَ اللهِ بمفهوم عام وهو: ( كل لفظ دخلت عليه أداة النداء ) وتصور معانيها الكثيرة بواسطة مفهوم عام وهو: ( المطلوب إقباله ) ثم قال: وضعت ما صدق عليه المفهوم الأول لما صدق عليه المفهوم الثاني.
رابعا: اسم الجنس والمصدر السماعي موضوعان بوضع تحقيقي شخصي عام لموضوع له عام.
مثال اسم الجنس: رجل فإن الواضع تصور لفظ رجل بخصوصه، وتصوّر معناه بعمومه وهو: الذكر البالغ ثم قال: وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى. وقس على رجل غيره من النكرات كامرأة وأسد وماء.
ومثال المصدر السماعي: عِلْم فإن الواضع تصوّر لفظ علم بخصوصه وتصور معناه وهو: المعرفة، ثم قال: وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى.
وأما المصدر القياسي الذي تعرف له قاعدة فموضوع بوضع تحقيقي نوعي عام لموضوع له خاص.
مثاله أن يقال: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ كالإكرام والإعلام والإحسان بمفهوم عام وهو: ( ما كان على وزن الإفعال ) وتصور معانيها الكثيرة بواسطة مفهوم عام هو: ( ما دلّ على الحدث من باب أفعل ) ثم قال: وضعت ما صدق عليه المفهوم الأول لما صدق عليه المفهوم الثاني.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

خامسا: الفعل والمشتقات موضوعة بوضع تحقيقي نوعي عام لموضوع له خاص.
والفعل يدل على ثلاثة أشياء: الحدث والزمان وفاعل معين منسوب إليه الحدث، فمثلا: كتبَ زيدٌ الدرسَ، كتبَ يدل على الحدث وهو الكتابة وعلى الزمان الماضي وعلى ذات صدر منها الكتابة وهو زيد.
مثال وضع الفعل في الماضي أن يقال: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ كنصر وضرب وكتب بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن فَعَلَ بفتح العين ) وتصور معاني عديدة كالنصر المنسوب إلى زيد في الماضي، والضرب والكتابة المنسوبتين إليه في الماضي بمفهوم عام وهو: ( المركب من حدث وزمان ماض وفاعل معين منسوب إليه الحدث ) ثم قال: كل ما كان على فَعَلَ وضعته لما صدق عليه المفهوم المذكور. وقس عليه وضع بقية الصيغ نحو: فَعِلَ، وفعُلَ وأَفعل وفعّل وفاعَلَ.
ومثاله في المضارع: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ كينصر ويسجد ويكتب بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن يَفْعُل بضم العين ) وتصور معاني عديدة كالنصر المنسوب إلى زيد في الحال أو الاستقبال، والسجود والكتابة المنسوبتين إليه في الحال أو الاستقبال بمفهوم عام وهو: ( المركب من حدث وزمان حال أو استقبال وفاعل معين منسوب إليه الحدث ) ثم قال: كل ما كان على فَعَلَ وضعته لما صدق عليه المفهوم المذكور.
ومثاله في الأمر: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ نحو: انصر واضرب واكتب بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن اِفْعَلْ ) وتصور معاني عديدة كطلب النصر والضرب والكتابة من زيد في الزمان المستقبل بمفهوم عام هو: ( مطلق طلب حدث في الزمان المستقبل ) ثم قال: وضعت كل ما كان على اِفْعَلْ لما صدق عليه المفهوم المذكور.
وأما المشتقات فهي تدل على ذات وحدث ونسبة بينهما يقصد بها ربط ذلك الحدث بتلك الذات على وجه ما.
فمثلا في اسم الفاعل نحو ضارب يدل على ذات ما متصفة بحدث وهو الضرب على جهة الصدور من تلك الذات.
وفي اسم المفعول نحو مضروب يدل على ذات ما متصفة بحدث وهو الضرب على جهة وقوعه على تلك الذات.
وفي اسم التفضيل نحو أعلم يدل على ذات زائدة على ذات أخرى في صفة العلم.
مثال ذلك: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ كناصر وضارب وقاتل بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن فاعِل ) وتصور معاني عديدة كذات ما صدر منها النصر أو الضرب أو القتل بمفهوم عام هو: ( المركب من ذات وحدث ونسبة بينهما على جهة الصدور ) ثم قال: كل ما كان على وزن فاعِل وضعنه لما صدق عليه المفهوم المذكور.
مثال آخر: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ كمنصور ومضروب ومكتوب بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن مفعول ) وتصور معاني عديدة كذات ما وقع عليها النصر أو الضرب أو القتل بمفهوم عام هو: ( المركب من ذات وحدث ونسبة بينهما على جهة الوقوع ) ثم قال: كل ما كان على وزن مفعول وضعته لما صدق عليه المفهوم المذكور.
مثال آخر: إن الواضع تصوّر طائفة من الألفاظ كأعلم وأكرم وأتقى بمفهوم عام هو: ( ما كان على وزن أَفْعَل لا يقصد به الدلالة على لون كأحمر أو عيب كأعور ) وتصور معاني عديدة كذات ما أعلم أو أكرم أو أتقى من ذات أخرى بمفهوم عام هو: ( المركب من ذات وحدث ونسبة بينهما على جهة زيادة أحدهما في الوصف على ذات أخرى ) ثم قال: كل ما كان على أَفْعَل لا يقصد به الدلالة الدلالة على لون أو عيب لما صدق عليه المفهوم المذكور.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

سادسا: المركبات الاسمية موضوعة بوضع تحقيقي نوعي عام لموضوع له خاص.
مثاله أن يقال: إن الواضع تصور طائفة من الجمل الخبرية نحو: زيدٌ قائمٌ، وعمرٌو نائمٌ، وبكرٌ مسافرٌ بمفهوم عام هو: ( الهيئة المركبة من اسمين أسند أحدهما إلى الآخر ) وتصور معانيها المتعددة كنسبة القيام لزيد والنوم لعمرو والسفر لبكر بمفهوم عام هو: ( النسبة بين الطرفين ) ثم قال: كل ما صدق عليه المفهوم الأول وضعته لما صدق عليه المفهوم الثاني.
ولا يحفى عليك أن وضع المركب غير وضع المفردات فزيد موضوع بوضع الأعلام، وقائم موضوع بوضع المشتقات، بقي الإسناد فهو معنى من المعاني يحتاج إلى وضع فوضع بالوضع النوعي.
وأما المركبات الفعلية نحو: قامَ زيدٌ فالإسناد فيها مدلول لنفس الفعل وليس للهيئة التركيبية.
وكذا المركبات الإضافية موضوعة بوضع تحقيقي نوعي عام لموضوع له خاص.
مثاله أن يقال: إن الواضع تصور طائفة من الألفاظ نحو: غلام زيد، وكتاب عمرو، وبيت الله، بمفهوم عام هو: ( كل لفظ أضيف إلى الثاني ) وتصور معاني عديدة بمفهوم عام هو: ( مطلق تقييد الأول بالثاني ) ثم قال: كل ما صدق عليه المفهوم الأول وضعته لما صدق عليه المفهوم الثاني.
سابعا: المجاز والكناية موضوعان بوضع تقديري نوعي عام لموضوع له خاص.
مثاله في المجاز أن يقال: إن الواضع تصوّر طائفة من الألفاظ كالأسد المستعمل في الرجل الشجاع، واليد المستعملة في النعمة، والغيث المستعمل في النبات، بمفهوم عام هو: ( كل لفظ موضوع لمعنى يناسب معناه الحقيقي مع قرينة تمنع إرادة الحقيقة ) وتصور معانيها المجازية بمفهوم عام هو: ( كل معنى يناسب المعنى الحقيقي بوجه من الوجوه المعتبرة ) ثم قال: كل ما صدق عليه المفهوم الأول وضعته لما صدق عليه المفهوم الثاني.
ومثاله في الكناية أن يقال: إن الواضع تصوّر طائفة من الألفاظ ككثرة الرماد المستعملة في الكرم، وطول النجاد المستعملة في طول القامة بمفهوم عام هو: ( كل لفظ موضوع لمعنى يناسب معناه الحقيقي مع قرينة لا تمنع إرادة الحقيقة ) وتصور معانيها الكنائية بمفهوم عام هو: ( كل معنى يناسب المعنى الحقيقي بوجه من الوجوه المعتبرة ) ثم قال: كل ما صدق عليه المفهوم الأول وضعته لما صدق عليه المفهوم الثاني.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

تطبيق

بيّن نوع الوضع في سورة الفاتحة ؟
بـ: حرف جر مستعمل هنا في معناه الحقيقي وهو الإلصاق فيكون الوضع: تحقيقا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
اسم: اسم جنس فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له عام.
الله: علم على المعبود بحق فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا خاصا لموضوع له خاص.
اسم الله: المضاف والمضاف إليه يكون الوضع فيهما: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
الرحمن: معرف باللام والرحمة صفة ذاتية تليق بذاته المقدسة ولا تشابه رحمة المخلوقين، فيكون الوضع: تحقيقا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
الرحيم: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
ورحمن ورحيم صفتان مشبهتان فهما من المشتقات وهي موضوعة بوضع نوعي عام لموضوع له خاص.
الحمد: حمدٌ مصدر فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له عام.
وأل حرف تعريف فيكون الوضع تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
والحمد معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
لـ: حرف جر فيكون الوضع تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
الله: علم على المعبود بحق فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا خاصا لموضوع له خاص.
الحمد لله: مركب اسمي فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
ربّ: اسم جنس فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له عام.
العالمين: جمع معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
رب العالمين: المضاف والمضاف إليه يكون الوضع فيهما: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
الرحمن: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
الرحيم: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
مالك: اسم فاعل فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
يوم: اسم جنس فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له عام.
الدين: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
مالكِ يومِ الدينِ: المضاف والمضاف إليه يكون الوضع فيهما: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
إيّاكَ: ضمير المخاطب فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
نعبد: فعل مضارع فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
و: حرف عطف فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
إياك: ضمير المخاطب فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
نستعين: فعل مضارع فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
اهدنا: اهدِ فعل أمر فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
نا: ضمير المتكلمين فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
الصراط: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
المستقيم: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
صراطَ: بمعنى طريق اسم جنس فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له عام.
الذينَ: اسم موصول فيكون الوضع جنس فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
صراطَ الذين: المضاف والمضاف إليه يكون الوضع فيهما: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
أنعمتَ: أنعمَ فعل ماض فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
تَ: ضمير المخاطب فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
عليهم: على حرف جر فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
هم: ضمير الغائبين فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
غير: نكرة فيكون الوضع: تحقيقا شخصيا عاما لموضوع له عام.
المغضوب: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
ومغضوب اسم مفعول مشتق فيكون الوضع: تحقيقا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
غير المغضوب: المضاف والمضاف إليه يكون الوضع فيهما: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
و: حرف عطف فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
لا: حرف لتوكيد النفي فيكون الوضع: تحقيقيا شخصيا عاما لموضوع له خاص.
الضالين: معرف باللام فيكون الوضع: تحقيقيا نوعيا عاما لموضوع له خاص.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

فائدتان

الأولى: ما هو الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس فإن كلا منهما صادق على كثيرين ؟
فمثلا: أسد هو اسم جنس، وأسامة هو علم جنس وكلاهما يصدق على متعدد في الخارج فما الفرق بينهما ؟
الجواب: إن اسم الجنس موضوع للماهية الكلية وعلم الجنس موضوع للماهية الجزئية.
فمثلا: إن الواضع حينما أراد أن يضع لفظا لهذا الحيوان المفترس استحضر ماهيته في ذهنه وهي: حيوان زائر، فهذه الماهية لها جهتان:
1- جهة العموم والكلية من حيث إنها تصدق على كل أسد لا تخص أسدا بعينه.
2- جهة التشخص لأن الماهية المستحضرة في نفسه هي جزئية من حيث إنها استحضرت في وقت معين وفي نفس شخص معين فبهذه الاعتبارت تتشخص الماهية وتتميز عن الماهية الكلية.
فأسد وضع من حيث الجهة الأولى وأسامة وضع من حيث الجهة الثانية.
الثانية: هل الألفاظ وضعت للمعاني الذهنية أو للموجودات الخارجية ؟
الجواب: المعارف منها ما وضع للخارجي كعلم الشخص كزيد واسم الإشارة كهذا، ومنها ما وضع للذهني كعلم الجنس كما سبق بيانه قبل قليل.
وأما النكرات فإن كانت لا وجود لها في الخارج كعنقاء للطائر الخرافي، وغول فهي موضوعة للذهني.
فإن كانت أفرادها موجودة في الخارج ففيها خلاف:
فقيل: إنها موضوعة للمعنى الخارجي.
وقيل: إنها موضوعة للمعنى الذهني.
وقيل: إنها موضوعة للمعنى الأعم منهما.
فأسد قيل: إنه موضوع لذلك الفرد الخارجي، وقيل إنه موضوع للمعنى المستحضر في الذهن، وقيل: إنه موضوع لهذه الحقيقة دون قيد وجودها في الذهن أو في الخارج.
تنبيه: ليس المقصود بكون الوضع للخارجي أن الواضع لم يستحضر المعنى ويتصوره قبل الوضع وإنما أريد أن المعنى المستحضر في ذهنه واسطة للوضع لا أنه الموضوع له فالمعنى غير مقصود بذاته. فافهم.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

شرح النص

قال الشيخ القاضي العلامة أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار عضد الدين الإيجي الشافعي المتوفي سنة 756 هـ رحمه الله:
هذهِ فائدةٌ تشتمِلُ على مقدمةٍ وتقسيمٍ وخاتِمةٍ.
المقدمةُ: اللفظُ قد يوضعُ لشخصٍ بعينِهِ، وقدْ يوضعُ لهُ باعتبارِ أمرٍ عامٍ وذلكَ بأنْ يُعقَلَ أمرٌ مشتركٌ بين مشخَّصاتٍ، ثم يقال: هذا اللفظُ موضوعٌ لكلِّ واحدٍ من هذه المشخَّصات بخصوصهِ بحيثُ لا يُفادُ ولا يفهَمُ إلا واحدٌ بخصوصِهِ دونَ القدرِ المشتركِ، فتعقّلُ ذلكَ الأمرِ المشترَكِ آلةٌ للوضعِ لا أَنَّهُ الموضوعُ لهُ فالوضعُ كليٌّ والموضوعُ لهُ مشخَّصٌ، وذلكَ مثلُ اسمِ الإشارةِ، فإنَّ هذا مثلا موضوعهُ ومسماهُ المشارُ إليهِ المشخصُ بحيثُ لا يقبلُ الشركةَ.
تنبيهٌ: ما هوَ مِنْ هذا القبيلِ لا يفيدُ التشخّصَ إلا بقرينةٍ معينةٍ لاستواءِ نسبةِ الوضعِ إلى المسمياتِ
.
......................................................................................................
لم يذكر البسملة في البداية لإتيانه بها لفظا على ما قيل ( هذهِ ) المشار إليه هو المؤلَّف الحاضر في العقل ( فائدةٌ ) في بيان الوضع، والفائدة في اللغة: ما حصلّته من علم أو مال أو غيرهما وفي اصطلاح العلماء: المصلحة المترتبة على الفعل من حيث إنها ثمرته ونتيجته، كمن يحفر بئرا ليحصل على الماء، فتحصيل الماء هو فائدة حفر البئر، وأفرد الفائدة مع أن المشار إليه فوائد للإشارة إلى كمال المناسبة بين أجزاء الرسالة حتى كأن الكلّ شيء واحد ( تشتمِلُ على ) ثلاثة أجزاء ( مقدمةٍ وتقسيمِ وخاتِمةٍ ) المقدمة هنا هي طائفة من الألفاظ تقدمت أمام المقصود الذي هو هنا التقسيم لارتباط له بها وتسمى مقدمة الكتاب، وتوجد مقدمة أخرى تسمى مقدمة العلم يذكرون فيها تعريف العلم وموضوعه وفائدته، والمصنف أراد هنا مقدمة الكتاب، وأما التنبيه الآتي فهو جزء من المقدمة ( المقدمةُ: اللفظُ قد يوضعُ لشخصٍ ) أي لشيء مشخص كزيد ( بعينِهِ ) أي باعتبار تعقله وتصوره بعينه وذاته لا باعتبار تعقله بأمر عام كوضع لفظ زيد لشخص معين، فالوضع خاص والموضوع له خاص ( وقدْ يوضعُ ) اللفظ ( لهُ ) أي للشخص ( باعتبارِ أمرٍ عامٍ ) أي باعتبار تعقله بأمر عام ( وذلكَ ) أي الوضع المشخص باعتبار أمر عام يتحقق( بأنْ يُعقَلَ أمرٌ ) عام ( مشتركٌ ) معناه ( بين مشخَّصاتٍ ثم يقال: هذا اللفظُ موضوعٌ لكلِّ واحدٍ من هذه المشخَّصات بخصوصهِ بحيثُ لا يُفادُ ولا يفهَمُ إلا واحدٌ بخصوصِهِ دونَ القدرِ المشتركِ، فتعقّلُ ) الواضع ( ذلكِ الأمرِ المشترَكِ ) هو ( آلةٌ للوضعِ لا أَنَّهُ ) أي المشترك هو ( الموضوعُ لهُ ) فإن الموضوع له هو الجزئيات لكنها لوحظت بأمر عام ( فالوضعُ كليٌّ والموضوعُ لهُ مشخَّصٌ ) ووصف الوضع بالكلية والعموم إنما هو باعتبار آلته ( وذلكَ ) أي اللفظ الموضوع لمشخص باعتبار أمر عام ( مثلُ اسمِ الإشارةِ، فإنَّ هذا مثلا موضوعهُ ومسماهُ ) أي معناه ( المشارُ إليهِ المشخصُ بحيثُ لا يقبلُ الشركة ) والحاصل أن معنى لفظ هذا هو كل مشار إليه مفرد مذكر معين نحو هذا الرجل وهذا الكتاب لوحظ ذلك المعنى بأمر عام هو: مفهوم المشار إليه المفرد المذكر، ونظيره لو قيل: كل حبشيّ أسود، فالحكم بالسواد إنما هو على زيد وعمرو وغيرهما من الأفراد وقد لوحظت واستحضرت تلك الأفراد بمفهوم وعنوان عام هو الحبشي.
هذا ( تنبيهٌ ما هوَ مِنْ هذا القبيلِ ) أي اللفظ الموضوع لمشخصات باعتبار أمر عام كأسماء الإشارة والأسماء الموصولة ( لا يفيدُ التشخّصَ ) أي التعين عن بقية الأفراد الموضوع لها ( إلا بقرينةٍ معينةٍ ) كالإشارة الحسية في أسماء الإشارة والعلم بمضمون الصلة في الأسماء الموصولة ( لاستواءِ نسبةِ الوضعِ إلى المسمياتِ ) أي لاستواء المسميات والمشخصات في نسبة الوضع إليها، فهذا موضوع ليدل على زيد أو عمرو أو بكر أو غيرهم من جزئيات المشار إليه المفرد المذكر وهذه الأفراد مستوية في وضع هذا لها، فكيف سيدلّ على واحد منها بعينه ؟ الجواب بواسطة القرينة بأن نشير إلى واحد منهم بعينه.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

التقسيمُ: اللفظُ مدلولُهُ إمَّا كليٌّ أَو مشخَّصٌ، والأولُ إمّا ذاتٌ وهوَ اسمُ الجنسِ، أَو حَدَثٌ وهوَ المصدرُ، أو نسبَةٌ بينهما، وذلكَ إمّا أَن يعتبرَ مِنْ طرفِ الذاتِ وهوَ المشتقُّ أَو من طرفِ الحدَثِ وهوَ الفعلُ، والثاني فالوضعُ إمَّا مشخَّصٌ أَو كليٌّ، والأولُ العلَمُ والثاني مدلولُهُ إمَّا معنىً في غيرِهِ يتعيّنُ بإنضمامِ ذلكَ الغيرِ إليهِ وهوَ الحرفُ أَو لا فالقرينةُ إن كانتْ في الخطابِ فالضميرُ وإنْ كانتْ في غيرِهِ فإمَّا حسيّةٌ وهوَ اسمُ الإشارةِ أَو عقليَّةٌ وهوَ الموصولُ.
......................................................................................................
( التقسيمُ: اللفظُ ) أي الموضوع ( مدلولُهُ ) أي المعنى الموضوع له ( إمَّا كليٌّ أَو مشخَّصٌ ) وإن شئت قل إما عام أو خاص لأن مدلول اللفظ إما أن يمتنع فرض صدقه على كثيرين فهو المشخص ويسمى جزئيا حقيقيا كزيد، أو لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين وهو الكلي كإنسان ( والأولُ ) أي اللفظ الذي مدلوله كلي ( إمّا ) مدلوله ( ذاتٌ وهوَ اسمُ الجنسِ ) أي الاسم الموضوع للدلالة على الحقيقة كرجل ( أَو ) مدلوله ( حَدَثٌ وهوَ المصدرُ ) كالضرب ( أو ) مدلوله ( نسبَةٌ بينهما ) أي بين الذات والحدث ( وذلكَ ) المذكور وهو النسبة ( إمّا أَن يعتبرَ مِنْ طرفِ الذاتِ ) أي بأن يلاحظ الذات أولا ثم ينسب لها الحدث ( وهوَ المشتقُّ ) كقائم فإذا قلتَ: جاءَ قائمٌ، يتخيل فيه شخصٌ قائمٌ فالمشتق دائما يجري على موصوف قبله لعدم استقلاله، ثم المشتق ينقسم بأن يقال: المشتق إما أن يعتبر قيام ذلك الحدث به من حيث الحدوث وهو اسم الفاعل كضارب أو الثبوت وهو الصفة المشبهة كفرِح أو وقوع الحدث عليه وهو اسم المفعول كمضروب أو كونة آلة لحصول الحدث وهو اسم الآلة كمِبرد أو مكانا لوقوع الحدث فيه وهو اسم المكان أو زمانا لوقوع الحدث فيه وهو اسم الزمان كمسعى أو يعتبر قيام الحدث به على وصف الزيادة على غيره وهو اسم التفضيل كأعلم ( أَو ) يعتبر ( من طرفِ الحدَثِ ) بأن يلاحظ الحدث أولا ثم ينسب لها الحدث ( وهوَ الفعلُ ) كضرب ويضرب واضرب، فالفرق بين ضارب وضرب مع أن كلا منهما يدل على حدث وذات أن المعتبر في ضارب هو الذات أولا فالواضع لاحظها أولا ثم نسب لها الحدث، وفي الفعل بالعكس ( والثاني ) أي اللفظ الموضوع لمعنى مشخص قسمان ( فالوضعُ ) أي وضع اللفظ لذلك المشخص ( إمَّا مشخَّصٌ ) بأن يكون الموضوع له مشخصا واحدا لوحظ بخصوصه بما يعينه ( أَو كليٌّ ) أي عام بأن يكون الموضوع له كلا من مشخصات متعددة لوحظت إجمالا بأمر كلي يعمها ( والأولُ ) أي اللفظ الموضوع لمشخص وضعا خاصا ( العلَمُ ) كزيد فإن الواضع استحضر لفظ زيد واستحضر معناه بمشخصاته التي تعينه من طول أو قصر وبياض أو سواد ثم وضع ( والثاني ) أي اللفظ الموضوع لمشخص وضعا عاما أربعة أقسام الحرف والضمير واسم الإشارة والاسم الموصول ( مدلولُهُ إمَّا معنىً ) حاصلا ( في غيرِهِ ) وهو المتعلق مثلا إذا قلت: سرتُ من البصرةِ إلى الكوفةِ،فمعنى مِنْ الابتداء الجزئي وهو الربط الخاص الذي بين السير والبصرة، والمتعلق هنا هو السير والبصرة أي العامل والمجرور، ولا يمكن تعقل معنى مِنْ بدونهما ( يتعيّنُ ) أي يحصل ذلك المعنى ( بإنضمامِ ذلكَ الغيرِ إليهِ وهوَ الحرفُ ) لأنه ليس معنى مِنْ مثلا هو الابتداء مطلقا بل هو الابتداء الجزئي الحاصل بين السير والبصرة فلا يفهم معناها إلا بإنضمام ذلك الغير إليها ولهذا يعرفون الحرف بأنه كلمة تدل على معنى في غيرها ( أَو لا ) يكون كذلك بأن كان معناه حاصلا في نفسه بدون انضمام أمر إليه فمثلا الذي وهو وهذا كل منها موضوع لذات زيد ولذات عمرو ونحوهما وهذه الذوات مستقلة بنفسها لا يتوقف تعقلها على تعقل غيرها لكن تلك الذوات مبهمة فتوضح بالصلة في الذي وبالمخاطبة في هو وبالإشارة الحسية في هذ، وإذْ قد عرفت من التنبيه المتقدم أن الألفاظ الموضوعة لمشخصات وضعا عاما تحتاج حين استعمالها في الجمل إلى قرينة لإفادة التعيين ( فالقرينةُ إن كانتْ في الخطابِ ) يعني المخاطبة التي هي توجيه الكلام للغير للإفهام فيتناول المتكلم والمخاطب والغائب، فمثلا لفظ أنا يحتاج إلى قرينة لتعيين المراد به فإذا وجهت الكلام لغيرك وقلتَ: أنا فعلتُ كذا، تعين المراد بأنا خصوص ذاتك ( فالضميرُ ) كأنا وأنت وهو ( وإنْ كانتْ ) تلك القرينة ( في غيرِهِ ) في زائدة أي وإن كانت القرينة غير الخطاب بمعنى المخاطبة ( فإمَّا حسيّةٌ ) بأن يشار إلى المراد بذلك اللفظ بعضو من الأعضاء المحسوسة كاليد ( وهوَ اسمُ الإشارةِ ) كهذا وذاك ( أَو عقليَّةٌ ) بأن يشار إلى المراد بذلك اللفظ بمضمون الصلة ( وهوَ الموصولُ ) كالذي والتي فمثلا لفظ الذي وضع لزيد وعمرو ونحوهما من الأفراد ولكن يتعين المراد منه عند الاستعمال بالصلة كأن تقول: جاءَ الذي كان معنا بالأمس، فيعرف المخاطب من هو المقصود. وحاصل ما ذكره المصنف في التقسيم هو: إن اللفظ مدلوله إما كلي أو جزئي، والكلي يشمل اسم الجنس والمصدر والمشتق والفعل، والجزئي يشمل العلم والحروف والضمائر وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

الخاتمةُ: تشتملُ على تنبيهاتٍ:
الأول: الثلاثةُ تشتركُ في أَنَّ مدلولاتِها ليستْ معاني في غيرِها وإن كانتْ تتحصَّلُ بالغيرِ فهيَ أسماءٌ لاحروفٌ.
الثاني: الإشارةُ العقليَّةُ لا تفيدُ التشخَّصَ فإنَّ تقييدَ الكليِّ بالكليِّ لا يفيدُ الجزئيةَ بخلافِ قرينةِ الخطابِ والحسِّ فلذلك كانا جزئيينِ وهذا كليا.
...........................................................................
( الخاتمةُ تشتملُ على تنبيهاتٍ ) مجموعها اثنا عشر تنبيها كما أن المقدمة اشتملت على تنبيه واحد. التنبيه ( الأول : الثلاثةُ ) أي الضمير واسم الإشارة والموصول ( تشتركُ في أَنَّ مدلولاتِها ليستْ معاني في غيرِها ) بل لها معان مستقلة بنفسها ( وإن كانتْ تتحصَّلُ ) أي تتعين وتتميز معانيها ( بالغيرِ فهيَ أسماءٌ لاحروفٌ ) وحاصل ما ذكره هو: أن هنالك فرقا بين الاحتياج إلى الغير لتعيين المعنى وتشخيصه وبين الاحتياج إلى الغير لإفهام المعنى، فالضمير واسم الإشارة والاسم الموصول لها معاني في نفسها مستقلة بالفهم ولكنها تحتاج إلى الغير وهو القرينة لتعيين المقصود، فمثلا أنا له معنى مستقل بالفهم هو المفرد المتكلم وهو يصدق على زيد أو عمرو أو هند أو غيرها من الأفراد فنحتاج إلى قرينة الخطاب لتعيين المراد منه، بخلاف الحرف كمِن فإنه لا معنى له يعقل بدون انضمام العامل والمجرور له. التنبيه ( الثاني: الإشارةُ العقليَّةُ ) التي ذكرها المصنف قرينة للاسم الموصول وهي الصلة ( لا تفيدُ التشخَّصَ فإنَّ تقييدَ الكليِّ بالكليِّ لا يفيدُ الجزئيةَ ) وهذه من القواعد العقلية التي يذكرونها في علم الكلام ( بخلافِ قرينةِ الخطابِ والحسِّ ) فإن كلا منهما يفيد التشخص فيفهم السامع منهما ما تمتنع فيه الشركة ( فلذلك كانا ) أي الضمير واسم الإشارة ( جزئيينِ وهذا ) أي الموصول ( كليا ) والمسألة تحتاج إلى بسط وبيان فنقول: إن الذي يسمع لفظ: أنا، هذا، الذي، مجردا عن القرائن لا يفهم منها إلا الأمر الكلي الذي هو آلة الملاحظة في وضعها فيفهم من أنا مطلق مفرد متكلم ومن هذا والذي مطلق مفرد مذكر، فلكي يتعين المراد منها ويتشخص نحتاج إلى قرينة، وإذا حاولنا أن نحلل ونتأمل طبيعة القرينة في هذه الثلاثة نجد أن بينها اختلافا، فالقرينة في اسم الإشارة وهي الإشارة الحسية باليد مثلا تعين وتشخص المراد قطعا فهي جزئية وكذا في الضمير فمثلا المتكلم إذا قال أنا فعلت كذا تشخص المتكلم، فمعناهما المفهوم عند إطلاق اللفظ مجردا عن القرائن كلي والقرينة فيهما جزئية فبانضمام الجزئي إلى الكلي يحصل التشخص، وأما الذي فمعناه المفهوم عند إطلاق اللفظ مجردا عن القرينة هو مطلق مفرد مذكر وهو كلي، وقرينته في جملة الصلة كلية أيضا لأننا إذا قلنا مثلا: جاءَ الذي قامَ أبوه، فقام أبوه إنما يدل على ثبوت قيام الأب لذات ما، وهذا المعنى كلي يمكن أن يصدق على زيد أو عمرو أو غيرهما، فصار مضمون الصلة كليا، وكلي+ كلي= كلي، فمثلا إذا أردنا أن نشخص إنسانا فقلنا: جاء الإنسان ذو البشرة البيضاء لم يتشخص وطوله 170 سم لم يتشخص وعمره 30 عاما لم يتشخص الزاهد الورع لم يتشخص وهكذا مهما أضفت من أوصاف تضيق بها الموصوف فإنه يبقى المدلول كليا يقبل الشركة ويمكن أن يصدق على أكثر من واحد ولذا قالوا تقيد الكلي بالكلي مرات كثيرة لا يفيد الجزئية، وهنا إشكال على المصنف وهو: أنك قد قدمتَ في التقسيم أن الموصول موضوع لمشخص فكيف جعلته هنا كليا ؟ الجواب: قد يكون عده هنا كليا على سبيل المجاز وذلك أن القرينة في الاسم الموصول ليست جملة الصلة فقط بل هي جملة الصلة مع الانحصار الخارجي، فإنك حينما تقول لشخص: جاءَ الذي قامَ أبوه، فإنك تشير بهذه الجملة إلى شخص يعرفه السامع بعينه ولذا كان الموصول جزئيا لا كليا، ولكن لو نظرنا إلى جملة الصلة مجردة عن الانحصار الخارجي فإنها كلية، فبهذا الاعتبار أعني النظر إلى مضمون الصلة مع قطع النظر إلى الانحصار الخارجي صح عد الموصول كليا لا أنه كليا حقيقة. والحاصل أن قرينة الموصول = مضمون الصلة+ الانحصار الخارجي، وبذا يحصل التشخص، فإن نظرنا إلى مضمون الصلة لوحده فهو كلي لا يفيد تشخيص الكلي.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

الثالثُ: علمتَ من هذا الفرقَ بينَ العلمِ والمضمرِ، وفسادَ تقسيمِ الجزئيِّ إليهما دونَ اسمِ الإشارةِ ظنًّا أَنَّ ذلكَ إنما يتعيّنُ بقرينةِ الإشارةِ ومدلولَ الضميرِ بالوضعِ.
الرابعُ: تبيّنَ لكَ مِن هذا أنَّ معنى قولِ النحاةِ: الحرفُ ما دلَّ على معنى في غيرِهِ، أنَّهُ لا يستقِلُّ بالمفهوميةِ بخلافِ الاسمِ والفعلِ.
الخامسُ: قدْ عرفتَ مِنَ الفرقَ بينَ الفعلِ والمشتقِّ أنَّ ضاربًا لا يَرِدُ على حدِّ الفعلِ فإنَّهُ ما دلَّ على حدثٍ ونسبةٍ إلى موضوعٍ وزمانِها.
........................................................................
التنبيه ( الثالثُ علمتَ من هذا ) أي مما سبق في مباحث التقسيم ( الفرقَ بينَ العلمِ والمضمرِ ) حيث صرح بخصوص المعنى وخصوص الوضع في العلم، وتعدد المعنى الخاص وعموم الوضع في المضمر ( و ) علمت أيضا ( فسادَ تقسيمِ الجزئيِّ إليهما ) أي إلى العلم والضمير ( دونَ اسمِ الإشارةِ ) كما فعله بعضهم ( ظنًّا ) أي بناء على ظن ( أَنَّ ذلكَ ) أي اسم الإشارة موضوع لأمر عام إلا أنه ( إنما يتعيّنُ بقرينةِ الإشارةِ ) الحسية في استعماله في معنى دون أصل الوضع ( و ) أَن ( مدلولَ الضميرِ ) يتعين ( بالوضعِ ) وحاصل ما ذكره هو: أنه قد ظهر الفرق بين العلم والضمير فإن كلا منهما قد وضع لخاص، ولكن العلم المعنى الموضوع فيه واحد فقط، وأما المعنى في الضمير فإنه وضع لمجموعة جزئيات على سبيل البدل فيصدق أنا على زيد أو عمرو أو بكر فالمعنى الخاص فيه متعدد ولذا احتاج لقرينة لتعيينه، وأما من جهة الوضع فالعلم وضعه خاص لملاحظته بخصوصه، والضمير وضعه بأمر عام وهو آلة الوضع كما سبق، وهذا الفرق كما يجري بين العلم والضمير يجري بين العلم واسم الإشارة والموصول والحرف، هذا أمر والأمر الثاني ظن البعض أن اسم الإشارة وكذا الموصول والحرف يختلف عن الضمير، فالضمير موضوع لجزئي كالعلم فيكون الموضوع له فيهما خاصا، وأما اسم الإشارة والموصول والحرف فإنها موضوعة لأمر عام ولكنها في الاستعمال في الكلام تتعين بقرائنها أما أصل وضعها فهو عام فمثلا اسم الإشارة لم يوضع لزيد وعمرو وبكر من المشار إليه المفرد المذكر بخصوصه بل وضع لمطلق المشار إليه المفرد المذكر، فالخلاصة هي أن الضمير واسم الإشارة والموصول والحرف موضوعة لخاص بوضع عام، وذهب بعضهم إلى أن الضمير وحده موضوع لخاص بوضع عام، وأما اسم الإشارة والموصول والحرف فموضوعة لعام بوضع عام. التنبيه ( الرابعُ: تبيّنَ لكَ مِن هذا ) أي من التقسيم المذكور ( أنَّ معنى قولِ النحاةِ: الحرفُ ما دلَّ على معنى في غيرِهِ، أنَّهُ لا يستقِلُّ ) أي لا ينفرد ( بالمفهوميةِ ) فيحتاج العامل والمجرور لإفهام معناه كما في سرتُ مِن البصرةِ ( بخلافِ الاسمِ والفعلِ ) فإن كلا منهما يدل على معنى مستقل منفرد في نفسه. التنبيه ( الخامسُ قدْ عرفتَ مِنَ الفرقَ بينَ الفعلِ والمشتقِّ أنَّ ضاربًا ) أي المشتق مثل ضارب ( لا يَرِدُ على حدِّ الفعلِ ) مثل يضرب ( فإنَّهُ ) أي الفعل ( ما دلَّ على حدثٍ ونسبةٍ إلى موضوعٍ ) أي إلى ذات وهو الفاعل ( وزمانِها ) أي النسبة، وحاصل ما ذكره هو: أن النحاة لما عرفوا الفعل بأنه: ما دل على معنى في نفسه مقترنا بأحد الأزمنة الثلاثة. أورد عليهم أن المشتق كضارب يصدق عليه هذ الحد مع أنه ليس بفعل فإنه يدل على معنى في نفسه في الزمن الحالي فإنهم قد صرحوا بأن اسم الفاعل حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال فلا يكون حد الفعل مانعا فكيف الجواب ؟ أجيب بأن الفعل ما دل على حدث ونسبة إلى ذات فالمعتبر فيه هو الحدث أولا، وأما المشتق فهو ما دل على ذات باعتبار حدث منسوب إليها فالمعتبر فيه أولا هو الذات كما سبق.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

السادسُ: ومنهُ يعلمُ الفرقُ بينَ اسمِ الجنسِ وعلمِ الجنسِ فإنَّ علمَ الجنسِ كأسامةَ وضعَ بجوهرِهِ لمعينٍ واسمَ الجنسِ كأسدٍ وضعَ لغيرِ معينٍ ثمَ جاءَ التعيّنُ وهو معنىً فيهِ منَ اللامِ.
السابعُ: الموصولُ عكسُ الحرفِ فإنَّ الحرفَ يدلُ على معنىً في غيرِهِ وتحصّلهُ بما هو معنىً فيهِ والموصولُ أمرٌ مبهمٌ يتعيَّنُ بمعنىً فيهِ.
الثامِنُ: الفعلُ والحرفُ يشتركانِ في أنهما يدلانِ على معنىً باعتبارِ كونِهِ ثابتًا للغيرِ ومِنْ هذهِ الجهةِ لا يثبتُ لهُ الغيرُ فامتنعَ الخبرُ عنهما.
........................................................................
التنبيه ( السادسُ: ومنهُ يعلمُ ) أي مما سبق في التقسيم ( الفرقُ بينَ اسمِ الجنسِ وعلمِ الجنسِ فإنَّ علمَ الجنسِ كأسامةَ وضعَ بجوهرِهِ ) أي بذاته لا بواسطة أمر خارج عنه كاللام ( لمعينٍ ) في الذهن ( واسمَ الجنسِ كأسدٍ وضعَ لغيرِ معينٍ ثمَ جاءَ التعيّنُ وهو معنىً فيهِ منَ اللامِ ) والحاصل أن الماهية المستحضرة في ذهن الواضع لها جهتان جهة عموم من حيث صدقها على كثيرين في الخارج، وجهة خصوص من حيث أنها حضرت في ذهن الواضع دون غيره وفي زمن معين فتصير بهذه القيود متشخصة فاسم الجنس وضع للماهية بالاعتبار الأول وعلم الجنس وضع للماهية بالاعتبار الثاني، فإن قيل: فالأسد معرفا باللام يدل على التعيين فما الفرق بين الأسد وأسامة ؟ قلنا: يكون الفرق حينئذ أن التعين جاء للأسد من اللام وأما التعين في أسامة فبجوهره وذاته. التنبيه ( السابعُ: الموصولُ عكسُ الحرفِ فإنَّ الحرفَ يدلُ على معنىً في غيرِهِ وتحصّلهُ ) وتعقله ( بما ) أي بذلك الغير الذي ( هو ) معنى الحرف ( معنىً فيهِ ) أي في الغير أي حاصل باعتباره، فإنك إذا قلت: سرتُ مِن البصرةِ فمعنى مِن وهو الابتداء الجزئي لا يحصل في الخارج ولا يتعقل في الذهن إلا بالغير وهو السير والبصرة ( والموصولُ أمرٌ مبهمٌ ) عند السامع ( يتعيَّنُ ) عنده ( بمعنىً ) أي بمفهوم الصلة الذي هو معنى حاصل وقائم ( فيهِ ) أي في الموصول، وحاصله أن هنالك فرقا بين الموصول والحرف مع أن كليهما وضع لمشخصات بوضع عام وهو أن الحرف معناه في غيره لا يعقل له معنى بدون ذلك الغير وأما الموصول فهو اسم له معنى مستقل بنفسه ولكنه غير معين فيفهم السامع من الذي مثلا شخص مفرد مذكر ولكنه لا يعلم عينه فيعين له بمضمون الصلة، فالصلة توضح الإبهام في الموصول لا أن الموصول لا يفهم له معنى إلا بالصلة، فالموصول معلوم من جهة ومجهول من جهة والصلة ترفع جهة الجهالة وأما الحرف فهو مجهول تماما لا يعقل له معنى إلا بواسطة الغير. التنبيه ( الثامِنُ: الفعلُ والحرفُ يشتركانِ في أنهما يدلانِ على معنىً باعتبارِ كونِهِ ثابتًا للغيرِ ) أي ثابتا باعتبار كونه آلة ومرآة لمشاهدة الغير كالابتداء الجزئي في سرت من البصرة بالنسبة للحرف، فمعنى مِن موضوع لمشاهدة حال الغير أي لوصف حال السير والبصرة أي كون السير مبتدأ والبصرة مبتدأ منها، وكالقيام الجزئي في قامَ زيدٌ بالنسبة للفعل أي أن النسبة المخصوصة الجزئية في الفعل موضوعة لمشاهدة حال الغير أي لوصف حال الحدث كالقيام وحال فاعله كزيد من حيث كون الحدث مسندا والفاعل مسندا إليه (
ومن هذهِ الجهةِ ) أي كون كل من مفهومي الفعل والحرف أمرا غير ثابتا في نفسه بل ثابتا لغيره ( لا يثبتُ لهُ ) أي للمذكور وهو الحرف والفعل ( الغيرُ فامتنعَ الخبرُ عنهما ) أي عن الحرف والفعل فلا يصلح كل منهما أن يكون مسندا إليه، وحاصله
هو بيان علة امتناع الحكم على الحرف والفعل فلماذا لا يصح أن يحكم عليهما بشيء أي لا يسند إليهما شيء ؟ الجواب هو أن صحة الحكم على الشي وبه موقوفة على ثبوته في نفسه أي استقلاله بالمفهومية ليتأتى إثبات الغير له نحو زيدٌ قائمٌ، وكل من مدلول الحرف والفعل غير مستقل بالمفهومية بل أمر ثابت للغير أي معرف لحال الغير، فمعنى مِن مثلا هو الابتداء الخاص الذي يكون آلة لملاحظة حال الغير وهو السير والبصرة مثلا أعني كون السير مبتدأ والبصرة مبتدأ منها، ومعنى ضربَ مثلا هو النسبة المخصوصة الجزئية فإنها معرفة لحال الحدث وحال الفاعل من كون الأول مسندا والثاني مسندا إليه، فلذا امتنع أن يخبر عنهما بشيء.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,649
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في علم الوضع سهلة وواضحة

التاسعُ: الفعلُ مدلولُهُ كليٌّ قدْ يتحققُ في ذواتٍ متعددةٍ فجازَ نسبتهُ إلى خاصٍ منها فيخبرُ بهِ دونَ الحرفِ إذْ تحصّلُ مدلولِهِ إنما هو بما يتحصلُ لهُ فلا يعقلُ لغيرِهِ.
العاشرُ: في ضميرِ الغائبِ وفي كليتهِ نظرٌ فتاملْ.
.......................................................................
التنبيه ( التاسعُ: الفعلُ مدلولُهُ كليٌّ ) فمثلا في الفعل الماضي مدلوله هو مطلق حدث في زمن مضى ونسبة إلى فاعل ( قدْ يتحققُ ) جزئياته كقام وضرب وأكل ( في ذواتٍ متعددةٍ ) كزيد وعمرو وهند ( فجازَ نسبتهُ إلى خاصٍ منها ) نحو قامَ زيدٌ
( فيخبرُ بهِ ) أي بالفعل عن شيء ( دونَ الحرفِ إذْ تحصّلُ مدلولِهِ ) أي تعقل مدلول الحرف في الذهن وتحققه في الخارج ( إنما هو بما ) أي بالمتعلق الذي ( يتحصلُ ) أي يلاحظ مدلول الحرف ( لهُ ) أي للمتعلق، والمعنى لأن تعقل وتحقق مدلول إنما هو بالتبعية للمتعلق كما في الابتداء الجزئي فإن تعقله وتحققه إنما هو بالتبع للسير والبصرة، فمعنى الحرف يلاحظ لأجل ذلك المتعلق فهو يلاحظ لا لذاته بل لأجل تعرف وإفادة حال ذلك المتعلق، وإذا كان مدلول الحرف غير مستقل في التعقل والتحقق ( فلا يعقلُ لغيرِه ) أي فلا يعقل ثبوته لغيره لما مر من أن الثبوت للغير فرع الاستقلال، فلا يخبر عن الحرف كما لا يخبر به. وحاصل ما ذكره المصنف في هذا التنبيه هو بيان الفرق بين الفعل والحرف فقد تقدم له في التنبيه الثامن أن الفعل والحرف لا يخبر عنهما، وأراد في هذا التنبيه التفريق بين الفعل في صحة الإخبار به، دون الحرف، وقد بدأ المصنف ببيان أن مدلول الفعل كلي وقد تقدم له نظير ذلك في المقدمة حين قسم المدلول الكلي إلى اسم الجنس والمصدر والفعل والمشتق، وفيه خلاف فالمشهور عند المتأخرين- وعليه جرينا في شرح أنواع الوضع- أن الفعل كالحرف مدلوله جزئي تعقل بأمر عام، فعند المتأخرين إن الواضع لاحظ ألفاظا متعددة بصيغة فعلَ مثلا ووضعها لجزيئات الحدث في زمان ماض منسوب إلى فاعل، وعند المتقدمين إنه قد وضع صيغة فعل على مطلق حدث في زمان ماض منسوب إلى فاعل، فكتب وضرب وأكل هي الموضوع له عند المتأخرين، والمفهوم العام هو الموضوع له عند المتقدمين وتلك الأمثلة إنما هو مصاديق له وليست موضوعا لها، فإذا علم هذا فالفعل مدلوله المطابق هو= حدث+ زمن معين+ نسبة إلى فاعل معين. والحدث مدلوله مستقل كالقيام والضرب والأكل والنسبة مدلولها -كما تقدم في التنبيه السابق- غير مستقل، فالفعل له جهتان: فبالنظر إلى اشتماله على النسبة التي هي غير مستقلة لم يصح الإخبار عنه، وبالنظر لاشتماله على الحدث الذي هو معنى مستقل يجوز نسبته إلى أي واحد من الذوات التي يتحقق فيها صح الإخبار به، وأما الحرف فهو غير مستقل تماما فلم يصح الإخبار به والإخبار عنه. التنبيه ( العاشرُ: في ضميرِ الغائبِ ) أي في تحقيق مفهومه هل هو كلي أو جزئي ( وفي كليتهِ نظرٌ ) أي وفي الحكم بكليته نظر يقتضي ضعف هذا القول ( فتاملْ ) حتى يظهر لك الراجح من الأقوال. وحاصله: إن الضمير له ثلاثة أقسام ضمير متكلم كأنا وضمير مخاطب كأنت وضمير غائب كهو، ثم إن ضمير الغائب تارة يعود إلى جزئي نحو: زيدٌ أكرمتُهُ، وتارة يعود إلى كلي نحو: جاءني إنسان فأكرمته، وفي ضمير الغائب مذهبان: الأول: وهو مذهب المصنف رحمه الله أن ضمير الغائب موضوع لكل واحد من المشخصات سواء كان جزئيا حقيقيا أو كليا فمثلا هو: وضع الواضع هذا اللفظ لكل واحد من الجزئيات المندرجة تحت مفهوم عام هو: كل مفرد مذكر غائب، ثم تلك المشخصات قد تكون جزئيا حقيقيا كزيد وقد تكون كليا كرجل، الثاني: وهو مذهب الجمهور أن ضمير الغائب موضوع للجزئيات الحقيقية المندرجة تحت ذلك المفهوم العام، وأما جاءني رجل فأكرمته فهو مجاز بتنزيله منزلة المشخص في التعيين.
 
أعلى