صفاء الدين العراقي
::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
- إنضم
- 8 يونيو 2009
- المشاركات
- 1,649
- الجنس
- ذكر
- التخصص
- .....
- الدولة
- العراق
- المدينة
- بغداد
- المذهب الفقهي
- شافعي
تم الفراغ منه بتاريخ 23-7-2018
حمله في كتاب من هنا
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=24479&p=160742#post160742
حمله في كتاب من هنا
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=24479&p=160742#post160742
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد...
فإن من أجلّ وأنفس ما صنفه العلماء هو ما خطته يد الإمام بقية السلف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد اشتملت كتبه على تحقيقات عالية في علوم دقيقة عجز عن مثلها فحول العلماء والله يختص بفضله من يشاء.
ومن ذلك ما كتبه في الرد على الفلاسفة فقد أجاد فيه وأفاد وأتى بالعجب العجاب، ولكنه قد خفي أكثره وغمض على كثير من الفضلاء من المنشغلين بالفقه والسنة لا بسبب تعقيد في كلام الإمام ولكن لعدم تصور المسألة من أصلها.
فرأيت أن أعلق تعليقات خفيفة على مواطن من كلامه بحسب ما يفتح الله به، والله الموفق.
تعريف الفلسفة لغة
الفلسفة كلمة معربة من أصل يوناني هو: ( فيلاسُوفيّا ) وفيلا تعني محبة وسوفيا تعني الحكمة أي محبة الحكمة، والفيلسوف هو محب الحكمة وأصله اليوناني هو فيلاسوفوس.
قال الشيخ الإمام: والفلسفة لفظ يوناني ومعناها محبة الحكمة والفيلسوف في لغتهم محبّ الحكمة. الصفدية- ج2- ص323.
تعريف الفلسفة اصطلاحا
الفلسفة ويقال لها الحكمة أيضا لها تعريفان أحدهما بالمعني العلمي والثاني بالمعنى العملي.
فأما تعريفها بالمعنى العلمي فهو: علم بأحوال الموجودات الخارجية على ما هي عليه في الواقع بقدر الطاقة البشرية.
بمعنى أن يبذل الإنسان جهده بالبحث عن الكون وما فيه ليحصل له العلم بها علما مطابقا للواقع فيدرس الفيلسوف علم النبات والحيوان والطب والفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلك وغيرها فكلها من الفلسفة والحكمة.
وتنقسم الفلسفة إلى فلسفة نظرية وفلسفة عملية.
فالنظرية تضم الطبيعيات والرياضيات والإلهيات ( ما يتكلمون فيه عن خالق الكون وصفاته وأبحاث الوجود كتقسيم الوجود إلى قديم لم يسبق بعدم وحادث مسبوق بالعدم، وكتقسيمه إلى واجب الوجود مستغن في وجوده عن الفاعل وهو الله سبحانه وتعالى وممكن يحتاج إلى فاعل وهو ما عدا الله )
والعملية تضم علم الأخلاق ( يتعلق بالشخص ) وعلم تدبير المنزل ( يتعلق بالعائلة ) وعلم السياسة ( يتعلق بالمجتمع ).
وأما علم المنطق فبعضهم أخرجه من الفلسفة وجعله مقدمة لدراسة الفلسفة، وبعضهم أدرجه فيها كابن سينا.
وأما العلوم الأدبية كالنحو والصرف فليست من الفلسفة لأنها علوم تواضعية اصطلاحية.
قال الشيخ الإمام: وأكثر المصنفين فى الفلسفة -كابن سينا- يبتدىء بالمنطق ثم الطبيعي والرياضي، أو لا يذكره ثم ينتقل إلى ما عنده من الإلهي. وتجد المصنفين فى الكلام يبتدئون بمقدماته فى الكلام: في النظر والعلم والدليل- وهو من جنس المنطق- ثم ينتقلون إلى حدوث العالم واثبات محدثه، ومنهم من ينتقل إلى تقسيم المعلومات إلى الموجود والمعدوم وينظر فى الوجود وأقسامه كما قد يفعله الفيلسوف فى أول العلم الإلهي.
فأما الانبياء فأول دعوتهم شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله. مجموع الفتاوى – ج2- ص 23.
والفلاسفة يبتدئون بالأقل شرفا فالطبيعيات أقلها منزلة لأنها تبحث في عالم الأجسام والمادة والرياضيات أشرف منها لأنها تبحث في الأعداد والأشكال وهي مستغنية عن المادة كتصور الأعداد والأشكال من مربع ومستطيل ومثلث ودائرة فكلها مستغنية عن الأجسام ثم العلم الإلهي وهو أشرفها.
قال الشيخ الإمام: إن تقسيمهم العلوم إلى الطبيعي وإلى الرياضي وإلى الإلهي وجعلهم الرياضي أشرف من الطبيعي والإلهي أشرف من الرياضي هو مما قلبوا به الحقائق.
فإن العلم الطبيعي وهو: العلم بالأجسام الموجودة في الخارج ومبدأ حركاتها وتحولاتها من حال إلى حال وما فيها من الطبائع، أشرف من مجرد تصور مقادير مجردة وأعداد مجردة.. الرد على المنطقيين- ص 133.
فتحصل أن الفلسفة تضم المنطقيات- على رأي- والطبيعيات والرياضيات والإلهيات والأخلاقيات والأسريات والسياسات.
وأهم ما فيها عند الفلاسفة هو الإلهيات ويسمونها الفلسفة الأولى والعلم الأعلى والعلم الإلهي ويعرفونها بأنها: علم يبحث فيه عن الأحوال العامة للوجود.
فيعرفون الوجود ثم يقسمونه إلى الأقسام الكلية الشاملة كتقسيم الوجود إلى واجب وممكن وقديم ومحدث وعلة ومعلول ( فالعلة كالنار والمعلول كالحرارة ).
وقولهم العامة احتراز عن الأحوال الخاصة فإن بحث الفلسفة الأولى إنما هو عن الوجود العام المشترك الذي ينقسم إلى واجب وممكن وغيره وليس عن موجود خاص فلا يبحث عن أحوال الجسم مثلا لأنها لا تشمل غير الأجسام وإنما هو بحث الطبيعيات لكن يبحث عن أحوال ومحمولات عامة تحمل على الوجود يندرج فيها الجسم وغيره، ولذلك يقولون في تعريفه أيضا هو: علم يبحث في الموجود من حيث هو موجود، أي بنحو مطلق لا بنحو خاص من حيث إنه جسم أو مادة أو نبات أو حيوان أو إنسان.
فموضوع هذا العلم هو الموجود من حيث هو موجود.
والفلسفة الأولى أي الإلهيات هي الفلسفة بإصطلاح المتأخرين.
وأما تلك العلوم فقد أخرجت من الفلسفة وصارت تبحث مستقلة في العلوم فلم يعد الطب مثلا جزء من الفلسفة كما كان في السابق.
فتحصل أن الفلسفة بمعناها العام القديم تشمل العلوم جميعا عدا العلوم الأدبية الوضعية، وأما بمعناها الخاص الذي استقر الأمر عليه فهي تضم مبحثين:
الأول: مبحث الوجود وتقسيماته الكلية.
الثاني: مبحث الباري سبحانه وصفاته.
قال الشيخ الإمام: و يسمونه ( أي الإلهيات ) الفلسفة الأولى والحكمة العليا لكونهم يتكلمون فيه على الأمور الكلية العامة كالوجود وانقسامه إلى جوهر و عرض ( الموجود إما أن يكون قائما بنفسه وهو الجوهر أو قائما بغيره وهو العرض فالجوهر هو الأجسام والأعراض هي الصفات فمثلا الإنسان جوهر لأنه قائم بنفسه ليس قائما بمحل ولونه عرض لأنه يقوم بالجسم وكذا صوته ورائحته وكذا علمه وكرمه صفات وأعرض لا توجد في الخارج طافية في الفضاء لوحدها بل تحتاج إلى محل تقوم فيه فهي أعراض ) وعلة ومعلول وقديم وحادث وواجب و ممكن. الرد على البكري- ج2 – ص 581.
وقال: وهو الوجود العام الكلي الذي ينقسم الى جوهر وعرض وهذا الوجود هو عندهم موضوع العلم الأعلى الناظر في الوجود ولواحقه وهي الفلسفة الأولى والحكمة العليا عندهم. مجموع الفتاوى- ج9- ص 274.
التعديل الأخير: