العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفوائد المقتطفة من المذكرة المطولة في فقه الجنايات للشبيلي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفوائد المقتطفة
من المذكرة المطولة
في فقه الجنايات
للشبيلي


فوائد من مذكرة فقه الجنايات للشبيلي:
يختلف الفقهاء المتقدمين عن القانونيين والمعاصرين في تناول كتاب الجنايات والقصاص
فالفقهاء المتقدمون يقسمون هذا الكتاب إلى قسمين:
1- كتاب الجنايات: وهو التعدي الواقع على الإنسان وأعضائه ومنافعه.
2- كتاب الحدود: وهي أفعال محرمة لحق الله كالزنا وشرب الخمر والسرقة
أما القانونيون فإنهم يتناولون هذا الباب بتقسيمه إلى قسمين:
1- الجرائم.
2- العقوبات.
..........................
ذكر الشيخ يوسف الشبيلي مناسبة ترتيب الأبواب الفقهية ص 3
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
القول الأول:
أن الجماعة تقتل بالواحد ، إذا كان كل فعل كل واحد منهم يصلح لقتله

وهذا القول إجماع الصحابة ، وقال به الأئمة الاربعة.
.....
فهذه أقوال الصحابة ولا يعرف لهم مخالف فكانت إجماعا، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن قدامة وابن القيم وغيرهما.
القول الثاني:
أن الجماعة لا تقتل بالواحد، وإنما تجب عليهم دية واحدة وهذا رأي ابن الزبير والزهري وابن سيرين والظاهرية وهو رواية عن الإمام أحمد .

القول الثالث:
أنه يقتل منهم شحص واحد ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية ، وهو مروي عن معاذ وابن الزبير والزهري.
والراجح من هذه الأقوال:
هو القول الأدلة لقوة أدلته ولأنه إجماع الصحابة.

لعل تحصيل إجماع الصحابة في هذه المسألة يحتاج إلى تحرير ومراجعة، فهنا ذكر الشيخ يوسف حفظه الله أن من أقوى أدلة القول الأول هو إجماع الصحابة عليه ثم ركن عليه في الترجيح.

بينما نجده نسب القول الثاني إلى ابن الزبير رضي الله عنه.

ونسب القول الثالث إلى معاذ وابن الزبير أيضاً رضي الله عن الجميع.

فنحتاج إلى التحقق من صحة هذه النسبة لأنها إن صحت خدشت في الإجماع المحكي عن الصحابة

وإن لم تصح بقي الإجماع المحكي سالما من هذا الإيراد.

كما أننا بحاجة إلى تحرير رأي ابن الزبير رضي الله عنه حيث حكي عنه رأيان في المسألة ، هذا والله أعلم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ومع أن أصحاب القول الأول متفقون على أن الجماعة تقتل بالواحد إلا أنهم اختلفوا في ضابط ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول وهو أضيقها:
ما عليه المذهب الحنفي والشافعي وأحد الوجهين في مذهب أحمد:
أنه يشترط لثبوت القصاص: أن يكون فعل كل واحد منهم لو استقل موجبا للقصاص وإلا فلا قصاص، أما إن لم يكن موجبا للقصاص كما لو ضربه كل منهم بآلة لا تقتل غالبا فمات من ذلك، فلا قصاص حتى ولو كان بينهم تواطؤ على قتله.
وإن كان فعل بعضهم مزهقا دون البعض: فالقصاص على من كان فعله مزهقا فقط، ويرجع في تحديد ذلك إلى أهل الخبرة وإذا لم تتميز أفعالهم فلم يعرف المزهق من غير المزهق فلا قصاص عليهم جميعا.
قال في الدر المختار: ويقتل جمع بمفرد إن جرح كل واحد جرحا مهلكا لأن زهوق الروح يتحقق بالمشاركة لأنه غير متجزئ وإلا لا.
وعلى هذا القول فلا أثر للتمالؤ إذا لم يكن فعل الجاني قاتلا.
القول الثاني: وهو أوسع من سابقه:
وهو التفرقة بين المتمالئين وغير المتمالئين:
وهذا القول هو المشهور عند الحنابلة وأحد القولين في مذهب مالك.
فأصحاب هذا القول يفرقون بين:
1- الاجتماع على الاعتداء إذا كان عن ممالأة وتواطؤ على القتل.
2- أو كان عن غير تواطؤ.
1* فإن كان بينهم تواطؤ على قتله: فيقتلون جميعا وإن لم يكن فعل الواحد منهم موجبا للقصاص اعتبارا لأفعالهم بمنزلة الفعل الواحد.
2* أما إن لم يكن بينهم تواطؤ: فيأخذون بنفس التفصيل السابق في القول الأول، فتقتل الجماعة بالواحد بشرط أن يكون فعل كل واحد منهم لو استقل موجبا للقصاص.
والقول الثالث: وهو أوسعها على الإطلاق: وهو أحد القولين في مذهب مالك:
فيرون: أن الجماعة إذا قتلوا واحدا فعليهم القود جميعا إذا ضربوه عمدا عدوانا سواء تميزت أفعالهم أو لم تتميز، وسواء كان فعل الواحد منهم مزهقا أو لم يكن كذلك، وسواء أكانت جنايتهم عن تمالؤ وتواطؤ أم لم تكن فيقتلون جميعا المباشر منهم والمتسبب والردء والمعين.
ومن خلال الأقوال الثلاثة السابقة تتضح القاعدة لكل مذهب في قتل الجماعة بالواحد، وهي قواعد مطردة في جميع الصور:
فالأحناف والشافعية والرواية الأخرى عند الحنابلة:
يشترطون لإيجاب القصاص أن يكون فعل كل واحد من الجناة لو استقل موجبا للقصاص وإلا فلا.
والحنابلة: يتفقون مع القول الأول في حال عدم التواطؤ، أما مع عدم التواطؤ فيكفي مجرد الاشتراك في مباشرة القتل ولو لو لم يكن الفعل موجبا للقصاص.
والمالكية: يثبتون القصاص بمجرد الإعانة على الجناية بمباشرة أو تسبب أو غير ذلك.
تنبيه: لا فرق في الأحكام السابقة بين ما إذا كانت أفعال الجناة وقعت في وقت واحد أو كانت على التعاقب، إلا في مسألتين من مسائل التعاقب وقع فيهما الخلاف بين الأئمة وسيأتي الإشارة إليهما في المسألتين الرابعة والخامسة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة الثانية:
لا يعتبر في وجوب القصاص على المشتركين التساوي في سببه، فلو جرحه أحدهما جرحا والآخر مئة أو أوضحه أحدهما وشجه الآخر آمة فمات، كانا سواء في القصاص والدية لما يلي:
1- لأن اعتبار التساوي يفضي إلى سقوط القصاص عن المشتركين إذ لا يكاد جرحان يتساويان من كل وجه.
2- ولأن الجرح الواحد يحتمل أن يموت منه دون المائة كما يحتمل أن يموت من الموضحة دون الآمة.
3- ولأن الجراح إذا صارت نفسا سقط اعتبارها فكان حكم الجماعة كحكم الواحد ألا ترى أنه لو قطع أطرافه كلها فمات وجبت دية واحدة كما لو قطع طرفه فمات.
المسألة الثالثة:
إذا اشترك جماعة في قتل واحد فأحب الولي أن يقتل أحدهم ويأخذ من الباقين نصيبهم فله ذلك.
مثل:
أن يشترك ثلاثة فيعفو الولي عن اثنين فيأخذ منهما ثلثي الدية ويقتص من أحدهم، أو يعفو عن واحد فيأخذ ثلث الدية ويقتص من الآخرين.
ومثل ذلك:
لو اشترك في الجناية شخصان لا يجب القصاص على أحدهما كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر، أو عاقل ومجنون في قتل شخص ، فللولي أن يقتل الكافر أو العاقل ويأخذ من الآخر نصف الدية.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الاشتراك في القتل بالمباشرة على وجه التعاقب:
يأخذ الاشتراك في القتل على وجه التعاقب مثل الأحكام السابقة في الاشتراك على وجه الاجتماع إلا في مسألتين:
الأولى: إذا كان فعل أحدهما لا تبقى معه الحياة.
والثانية: إذا كان فعل الثاني قاطعا لسراية الأول.
وفيما يلي بيان حكم هاتين المسألتين:
المسألة الرابعة:
إذا اشترك اثنان في القتل على وجه التعاقب فينظر:
1-فإن كان بينهما تواطؤ على قتله فيقتلان جميعا، على الرواية السابقة في المذهب.
2-وإن لم يكن بينهما تواطؤ فينظر:
أ*- فإن كان فعل كل منهما قد تبقى معه الحياة فعلى التفصيل السابق في مسألة الاجتماع.
ب*- وإن كان فعل أحدهما لا تبقى معه الحياة فينظر:
أ*) فإن كان فعل الأول لا تبقى معه الحياة كما لو قطع حشوته أي معدته أو مريأه أو ودجيه ثم ضرب الآخر عنقه فالقاتل هو الأول ولا قصاص على الثاني لأن فعل الأول أخرجه عن حكم الحياة ، وعلى الثاني التعزير ، كما لو جنى على ميت، وإن عفا الولي إلى الدية فهي على الأول وحده.
ب*) وإن كان جرح الأول تبقى الحياة معه، ولا يفضي إلى الموت ، مثل شق البطن من غير إبانة الحشوة أو قطع طرف ثم ضرب عنقه آخر، فالثاني هو القاتل لأنه لم يخرج بجرح الأول عن حكم الحياة، فيكون الثاني هو المفوت لها فعليه القصاص في النفس والدية كاملة إن عفا عنه، ثم ينظر في جرح الأول فإن كان موجبا للقصاص كقطع الطرف فالولي مخير بين قطع طرفه والعفو عن ديته مطلقا ، وإن كان لا يوجب القصاص كالجائفة ونحوها فعليه الأرش، وإنما جعل عليه القصاص لأن الثاني بفعله قطع سراية الأول، فصار كالمندمل الذي لا يسري. قال ابن قدامة : لا أعلم في ذلك مخالفاً.
أ*- وإن كان جرح الأول تبقى معه الحياة مستقرة إلا أنه يفضي إلى الموت لا محالة، مثل خرق المعى، أو أم الدماغ، فضرب الثاني عنقه، فالقاتل هو الثاني لأنه فوت حياة مستقرة وقتل من هو في حكم الحياة بدليل أن عمر رضي الله عنه لما جرح دخل عليه الطبيب فسقاه لبنا ، فخرج يصلد فعلم الطبيب أنه ميت، فقال: اعهد إلى الناس، فعهد إليهم وأوصى وجعل الخلافة إلى أهل الشورى، فقبل الصحابة عهده، وأجمعوا على قبول وصاياه وعهده، فلما كان حكم الحياة باقيا كان الثاني مفوتا لها فكان هو القاتل كما لو قتل عليلا لا يرجئ برء علته.
قال أبو فراس:
أشكل علي حكم الصورة الأخيرة، ولعلي بحاجة لتبين حكم المسألة إلى مراجعة وبحث، والسؤال قبل ذلك: هل هذا الحكم هو محل وفاق أم أن في المسألة أقولا أخرى؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة الخامسة:
إذا كانت جناية الثاني قاطعة لسراية جناية الأول:
مثل:
ما إذا قطع رجل يده من الكوع ثم قطعها آخر من المرفق ثم مات فقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: قول الحنفية:
أن القاتل هو الثاني وحده، ولا قصاص على الأول في النفس: لأن قطع الثاني قطع سراية قطعه ومات بعد زوال جنايته فأشبه ما لو اندمل جرحه.
القول الثاني: قول المالكية:
إن قطعه الثاني عقيب قطع الأول قتلا جميعا ، وإن عاش بعد قطع الأول حتى أكل وشرب ومات عقيب قطع الثاني فالثاني هو القاتل وحده، وإن عاش بعدهما حتى أكل وشرب فللأولياء أن يقسموا على أيهما شاءوا ويقتلوه.
القول الثالث: قول الشافعية والحنابلة:
فقالوا: إن كانت جراحة الأول برأت قبل قطع الثاني، فالثاني هو القاتل وحده، وعليه القود، أو الدية كاملة إن عفا عن قتله وله قطع يد الأول، أو نصف الدية، وإن لم تبرأ فهما قاتلان، وعليهما القصاص في النفس، وإن عفا إلى الدية، وجبت عليهما.
وحجة هذا القول:
1- أهما قطعان لو مات بعد كل واحد منهما وحده لوجب عليه القصاص، فإذا مات بعدهما وجب عليه القصاص، كما لو كان في دين.
2- ولأن القطع الثاني لا يمنع جنايته بعده فلا يسقط حكم ما قبله كما لو كان في يدين.
وقالوا: لا نسلم زوال جنايته ولا قطع سرايته فإن الألم الحاصل بالقطع الأول لم يزل وإنما انضم إليه الألم الثاني فضعفت النفس عن احتمالهما فزهقت بهما فكان القتل بهما
ويخالف الاندمال فإنه لا يبقى معه الألم الذي حصل في الأعضاء الشريفة فاختلفا.
قال أبو فراس:
انقدح في ذهني سؤال عند قراءة هذه الأقوال الثالثة، وهو هل هناك في المسألة أقوال أخرى غير هذه الأقوال الثلاثة؟
وأكَّد لي صدق هذا السؤال، هو أن الشيخ يوسف الشبيلي حفظه الله لم يرجح في هذه المسألة، كعادته، ولم يحسم لنا رأيه، وإنما جاوزها إلى غيرها.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرع الثاني: الحال الثانية من حالات الاشتراك في الجناية.
اجتماع مباشر ومسبب:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:القاعدة العامة لكل مذهب في هذا الفرع:
والمذاهب من حيث التوسع والتضييق في هذا الفرع على الترتيب الآتي:
فقاعدة الأحناف : لا قصاص على المتسبب مطلقا، وإنما القصاص على المباشر فقط إذا توفرت فيه شروط القصاص، فإن لم تتوافر فيسقط القصاص.
وقاعدة الحنابلة: إذا اجتمع مباشر ومتسبب في جناية أو إتلاف فالمسؤولية على المباشر فقط، ولو كان فعل المتسبب يقتل بنفسه، لأن المباشرة تقطع حكم التسبب.
واستثنوا من هذه القاعدة مسألتين:
الأولى: إذا كان فعل المباشر لا يعد عدوانا لجهله بالحال أو خطئه أو لكونه غير مكلف، فالقصاص على المتسبب.
الثانية: مسألة الإكراه فأوجبوا القصاص عليهما معا لأن المباشرة ناشئة عن التسبب ومبنية عليها ، فأصبح فعل المباشر بمنزلة فعل المتسبب فوجب القود عليهما جميعا.
وسواء في ذلك أكانت المسؤولية قصاصا أو ضمانا عن جناية عمد أو خطأ أو شبه عمد أو إتلاف.
وعلى هذا فلاجتماع المباشر مع المتسبب ثلاث حالات سيأتي الإشارة إليها بعد قليل.
وقاعدة الشافعية: كالحنابلة باستثناء ما لو كان فعل المتسبب يقتل بنفسه فالقود عليهما جميعا.
وقاعدة المالكية: أن القود عليهما جميعا المباشر والمتسبب إذا فعلهما بقصد العدوان.
والصحيح في جميع ذلك هو التفصيل:
1- فإن لم يكن بين المباشر والمتسبب مواطأة فعلى التفصيل الذي ذكره الحنابلة.
2- أما إذا كانت الجناية أو الإتلاف عن مواطأة بين المباشر والمتسبب فالمسؤولية عليهما جميعا، ثم ننظر ما يترتب على تلك الجناية في حق كل منهما بحسب حاله وفعله، ولا يلزم من وجوب القود على أحدهما وجوبه على الآخر.
والأدلة على اشتراكهما في المسؤولية في حال المواطأة:
1- قول عمر رضي الله عنه: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به"، والتمالؤ أعم من أن يكون بالمباشرة فقد يكون بالتسبب والإعانة ونحو ذلك.
قال المطرزي: "تمالئوا: تعاونوا، ومنه: ولو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم .
وأصل ذلك العون في الملء ثم عم."
2- ولأن الجناية مركبة من فعلهما جميعا لأنه لولا المتسبب ما قدر المباشر على قتله، فالقتل حاصل بفعلهما فيكونان شريكان فيه.
وبناء على ذلك:
1- لو ألقاه في لجة وهو لا يجيد السباحة فجاء حوت فالتقمه، فلا قصاص في رأي الأحناف، وعليه القصاص على رأي الجمهور وهو الصحيح لئلا يذهب دمه هدرا.
2- ولو أنهشه كلبا عقورا أو حيا فكالمسألة السابقة.
3- ولو تواطآ على أن يحفر أحدهما بئرا يغلب على الظن موته فيها، والآخر يلقيه فيها:
فلا قصاص على أي منهما على رأي الأحناف.
أما على رأي الشافعية: والحنابلة فالقصاص والضمان على الملقي.
وعلى رأي المالكية وهو الصحيح: القصاص والضمان عليهما معا لتواطئهما.
فإن كانت البئر غير مهلكة في الغالب لسهولة الخروج منها، فمات من ذلك فعليهما مسؤولية القتل شبه العمد.
4- وإن كان الحافر أو الملقي في المسألة السابقة صغيرا والآخر كبيرا أو كان أحدهما مسلما والآخر كافرا وكان القتيل غير مسلم فعلى الكبير والكافر القصاص، وعلى الآخر نصف الدية.
5- حفر بئرا متعديا ثم جاء آخر فألقى غيره فيه من غير مواطأة مع الأول فعلى الملقي القصاص أو الدية.
6- ولو أمسك رجلا لآخر فقتله، فإن كان عن تواطأ بينهما على قتله فعليهما القصاص معا، وإلا فعلى القاتل القصاص، وعلى الممسك نصف الدية المغلظة لأن جنايته شبه عمد.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
فقاعدة الأحناف : لا قصاص على المتسبب مطلقا، وإنما القصاص على المباشر فقط إذا توفرت فيه شروط القصاص، فإن لم تتوافر فيسقط القصاص.
وقاعدة الحنابلة: إذا اجتمع مباشر ومتسبب في جناية أو إتلاف فالمسؤولية على المباشر فقط، ولو كان فعل المتسبب يقتل بنفسه، لأن المباشرة تقطع حكم التسبب.
واستثنوا من هذه القاعدة مسألتين:
الأولى: إذا كان فعل المباشر لا يعد عدوانا لجهله بالحال أو خطئه أو لكونه غير مكلف، فالقصاص على المتسبب.
الثانية: مسألة الإكراه فأوجبوا القصاص عليهما معا لأن المباشرة ناشئة عن التسبب ومبنية عليها ، فأصبح فعل المباشر بمنزلة فعل المتسبب فوجب القود عليهما جميعا.
وسواء في ذلك أكانت المسؤولية قصاصا أو ضمانا عن جناية عمد أو خطأ أو شبه عمد أو إتلاف.
وعلى هذا فلاجتماع المباشر مع المتسبب ثلاث حالات سيأتي الإشارة إليها بعد قليل.
وقاعدة الشافعية: كالحنابلة باستثناء ما لو كان فعل المتسبب يقتل بنفسه فالقود عليهما جميعا.
وقاعدة المالكية: أن القود عليهما جميعا المباشر والمتسبب إذا فعلهما بقصد العدوان.
والصحيح في جميع ذلك هو التفصيل:
1- فإن لم يكن بين المباشر والمتسبب مواطأة فعلى التفصيل الذي ذكره الحنابلة.
2- أما إذا كانت الجناية أو الإتلاف عن مواطأة بين المباشر والمتسبب فالمسؤولية عليهما جميعا، ثم ننظر ما يترتب على تلك الجناية في حق كل منهما بحسب حاله وفعله، ولا يلزم من وجوب القود على أحدهما وجوبه على الآخر.
-----------------------------

ولو تواطآ على أن يحفر أحدهما بئرا يغلب على الظن موته فيها، والآخر يلقيه فيها:
فلا قصاص على أي منهما على رأي الأحناف.
أما على رأي الشافعية: والحنابلة فالقصاص والضمان على الملقي.
وعلى رأي المالكية وهو الصحيح: القصاص والضمان عليهما معا لتواطئهما. .

1- الشيخ يوسف الشبيلي حفظه الله اختار التفصيل في المسألة.
2- التفصيل الذي اختاره ينقسم إلى حالين:
اختار في أحدهما:
مذهب الحنابلة وهو إذا لم يكن هناك مواطأة.
واختار في الحال الثانية:
وهو ما إذا كان هناك موطأة أن المسؤولية عليهما جميعا، ثم ينظر ما يترتب على تلك الجناية في حق كل منهما بحسب حاله وفعله، ولا يلزم من وجوب القود على أحدهما وجوبه على الآخر.
وبالتأمل في هذا الاختيار في هذه الحال:
نجد أن الشيخ الشبيلي حفظه الله لم يختر مذهب الإمام مالك رحمه الله في الحال الأخرى
لأن الإمام مالكا رحمه الله يذهب إلى أن القود عليهما جميعا، بينما يذهب الشيخ الشبيلي أن المسؤولية عليهما جميعا وأنه لا يلزم من وجوب القود على أحدهما وجوبه على الآخر.
ولذا كنتيجة أولية نجد أنه اختار قولا يجمع بين مذهب الحنابلة في حال وبين مذهب مالك في حال ومذهب ثالث لم يذكره في حال ثالثة.
4- ثم ذكر الشيخ الشبيلي حفظه الله جملةً من الصور، منها الصورة التي أوردتها في الاقتباس، وهو ما إذا حفر أحدهما بئرا وألقاه الآخر، وكان ذلك عن تواطأ.
فإنه هنا رجح مذهب الإمام مالك في أن القود عليهما جميعا، وذكر أن قول الإمام مالك رحمه الله في هذه المسألة هو الصحيح.
وهنا نجد أن الشيخ يوسف حفظه الله رجح مذهب الإمالك في هذه المسألة وهو أن القود عليهما جميعا، لكن مع الانتباه إلى أن الإمام مالكا رحمه الله يذهب إلى أن القود عليهما جميعا سواء كان ذلك تواطأ أو لم يكن عن تواطأ.
بينما وافقه الشيخ الشبيلي في حكم هذه المسألة لأنه كان عن تواطأ.
والسؤال:
هو أنا نجد أن الشيخ حفظه الله وافق الحنابلة في حال وهو عدم التواطأ، ووافق المالكية في الحال الأخرى وهو حال التواطأ.
بينما لم نعرف معنى التفصيل الذي صار إليه في الترجيح الذي ذكره أولا وهو عدم لزوم وجوب القود على أحدهما وجوبه على الآخر
كما أنه لم يذكر في الصور ما يحقق هذا المعنى من الترجيح، إضافة إلى أنه لم يميز قائله.
إذا وكخلاصة لما سبق:
نجد أن الشيخ يوسف الشبيلي حفظه الله في الصور التي طبق عليها مذاهب الأئمة في المسألة والترجيح الذي صار إليه.
لم يجاوز مذهب الحنابلة والمالكية في الحالين السابقة.
بينما في الترجيح النظري لم يكن ترتيبه على هذا الوجه وإنما كان على وجه آخر لم يظهر أثره في الصور التي طبق عليها الحكم في المسألة، هذا والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة الثانية: حالات اجتماع المباشرة والتسبب عند الأصحاب:
وقد اشار إلى هذه الحالات ابن رجب في القواعد:
الحال الأولى: أن تكون المسؤولية على المباشر وحده:
وهذه هي الأصل في اجتماع المباشر والمتسبب وضابط هذه الحال أن يكون الفعل المباشر متعديا من غير إكراه ، ولها صور متعددة:
1-مسألة الحافر والدافع:
إذا حفر واحد بئرا عدوانا ثم دفع غيره فيها آدميا معصوما أو مالا معصوما فسقط فتلف فالقصاص أو الضمان على الدافع وحده.
2-مسألة البينة الكاذبة:
وقد تقدمت وأن القصاص والضمان على المباشر العالم بكذب البينة.
3-مسألة القفص:
لو فتح قفصا عن طائر فاستقر بعد فتحه فجاء آخر فنفره على المنفر وحده.
4- مسألة الإلقاء من شاهق:
فإذا ألقي رجل من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقتله، فالقصاص على من قتله لأنه فوت حياته قبل المصير إلى حال يئسوا فيها من حياته، فأشبه ما لو رماه إنسان بسهم قاتل فقطع آخر عنقه قبل وقوع السهم به أو ألقى عليه صخرة فأطار آخر رأسه بالسيف قبل وقوعه عليه، ولأن الرمي سبب والقتل مباشرة فانقطع حكم السبب، كالدافع مع الحافر، الجارح مع الذابح.
وبهذا قال الشافعي: إن رماه من مكان يجوز أن يسلم منه.
وإن رماه من شاهق لا يسلم منه الواقع ففيه وجهان:
أحدهما: كقول الحنابلة.
والثاني: الضمان عليهما بالقصاص والدية عند سقوطه لأن كل واحد منهما سبب للإتلاف.
قال أبو فراس:
التفصيل الذي ذكره الشيخ يوسف الشبيلي عن الشافعية غير وارد مع مذهب الحنابلة رحمهم الله لأنهم أعني الحنابلة يقولون كذلك أنه إن رمي من مكان يجوز أن يسلم منه فالقود على الثاني، فهي مسألة خارج محل النزاع على أقل تقدير بين الحنابلة والشافعية، وإنما الكلام فيما إذا رمي من مكان شاهق في حال لا يسلم منه عادة، وهذا القيد قد ذكره الشيخ في معرض بيان رأي الحنابلة.
ولهذا لا يظهر لي – والعلم عند الله - صحة التفصيل الذي ذكره الشيخ عن الشافعية في معرض مقارنته مع مذهب الحنابلة؛ لأن غايته إقحام صورة أجنبية عن مورد النزاع، مع ما فيه من تطويل وتشتيت للذهن.
-------
الحال الثانية : أن تكون المسؤولية على المتسبب وحده:
وضابط هذه الحال:
أن يكون المتسبب متعديا بفعله ، والمباشر غير متعدي أو أنه ليس من أهل الضمان أصلا ، ولها صور متعددة:
1- لو قدم إليه طعاما مسموما عالما به فأكله وهو لا يعلم بالحال فالقاتل هو المقدم، وعليه القصاص أو الدية.
2- لو قتل الحاكم حدا أو قصاصا بشهادة ثم أقر الشهود أنهم تعمدوا الكذب فالضمان والقود عليهم دون الحاكم.
3- لو ألقاه في لجة مهلكة فالتقمه حوت، أو في مسبعة مربوطا فافترسه أسد.
الحال الثالثة: أن تكون المسؤولية عليهما معا:
وذلك حال الإكراه ، وقد اختلف أهل العلم على النحو الآتي:
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مسألة الإكراه:
إذا أكره مكلف مكلفا آخر على معصوم فقتله، فللعلماء في هذه المسألة أربعة أقوال:
القول الأول:
(مالك وأحمد والصحيح من مذهب الشافعية): أن القصاص يجب على المكرِه والمكرَه معا لأن الحامل أي المكرِه: تسبب في القتل بمعنى يفضي إليه غالباً
ولأن المباشر أي المكرَه: قتل المجني عليه ظلما لاستيفاء نفسه، فأشبه ما إذا اضطر للأكل فقتله ليأكله، والقول بأنه ملجأ غير صحيح لأنه يستطيع أن يمتنع عن القتل ولكنه لم يفعل إبقاء لنفسه.
القول الثاني:
(أبو حنيفة) : أن القصاص يجب على الحامل دون المباشر:
1- لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
2- ولأن الحامل هو القاتل معنى وإن كان المباشر هو الذي قتل صورة لأنه بمنزلة الآلة.
القول الثالث:
(زفر) أن القصاص على المباشر – أي المكرَه – فقط لأنه هو الذي باشر القتل، والمباشرة تقطع حكم السبب.
القول الرابع:
(أبو يوسف) لا قصاص على أي منهما. لأن الآمر غير مباشر. والقصاص لا يجب على المتسبب مع المباشر وأما المباشر فهو مكره.
والراجح: هو القول الأول لقوة أدلته.
وقول أصحاب القول الثاني: إن المكرَه بمنزلة الآلة غير صحيح فإن الآلة لا اختيار لها ولا تأثم بخلاف المكرَه فإنه يأثم، وقد أقدم على القتل باختياره فإنه قصد استبقاء نفسه بقتل غيره، ولا خلاف في أنه يأثم.
والدليل على أن الآمر قاتل : أنه تسبب إلى قتله بما يفضي إليه غالبا فوجب عليه القصاص كما لو أنهشه كلبا عقورا.
وبناء عليه:
فتأخذ هذه المسألة حكم الاشتراك في الجريمة على التفصيل السابق من حيث عفو الأولياء عن البعض أو عن الجميع أو المطالبة بالقصاص منهما جميعا.
ومثل ذلك:
ما لو أكرهه على نفسه فقتلها، فهو قاتل لنفسه، ويجب القصاص على المكرِه لما تقدم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مسألة الأمر بالقتل:
إذا أمر شخص آخر بقتل إنسان فهل يجب القصاص على الآمر أم المأمور أم عليهما معا؟
لهذه المسألة تفصيل على النحو الآتي:
الحال الأولى: أن يكون المأمور كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل.
فالقصاص على القاتل بلا خلاف لأنه قاتل ظلما فوجب عليه القصاص كما لم يؤمر.
الحال الثانية: أن يكون المأمور صغيرا أو مجنونا أو جاهلا لا يعلم بتحريم القتل:
كما لو كان ناشئا في غير بلاد الإسلام، وقال له: إن ذلك الشخص مبتدع أو ظالم مستوجب للقتل فاذهب فاقتله ( فإن كان مثله لا يجهل تحريم ذلك كما لو كان ناشئا في بلاد الإسلام فهذا من الحال الأولى ).
فالقصاص في هذه الحال على الآمر لأنه توصل إلى قتله بشيء يقتل غالبا ، والصبي والمجنون والجاهل بالتحريم بمنزلة الآلة إذ لا يصح القصاص منهم لأن الصبي والمجنون ليسا من أهل القصاص، والجاهل بحرمة القتل له شبهة تمنع القصاص، وإذا لم يجب عليهم القصاص وجب على الآمر لأنه المتسبب كما لو أنهشه حية فقلته.
فإن دفع إلى صبي أو مجنون آلة تقتل غالبا ولا تعطى لمثله عادة ولم يأمره بقتل أحد ققتل بها فهو قتل خطأ تجب فيه الدية والكفارة عليهما جميعا.
الحال الثالثة: إذا كان الآمر هو السلطان:
1- فإن كان المأمور يعلم أن المأمور بقتله لا يستحق القتل فالقصاص عليه لأنه غير معذور في فعله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنما الطاعة في المعروف) .
2- وإن لم يعلم ذلك فالقصاص على الآمر دون المأمور لأن المأمور معذور لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر أنه لا يأمر إلا بالحق.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الحال:
وجوب القصاص عليهما جميعا لأن الإمام لا يطاع حتى يعلم جواز ما أمر به، ويمكن أن يحمل كلامه على ما إذا كان الإمام معروفا بالظلم والإفساد في الأرض وعدم تطبيق شرع الله، فلا يجوز تنفيذ أمره في مثل هذه الحال إلا إذا عرف المأمور جواز ما أمر به. والله أعلم.
قال أبو فراس:
قول ابن تيمية رحمه الله أدق من المعنى الذي نقله عنه الشيخ يوسف الشبيلي، فابن تيمية رحمه الله يفرق بين طاعة أئمة الجور وطاعة أئمة العدل.
فأئمة العدل يطاعون إلا فيما يعلم أنه معصية.
بينما أئمة الجور لا يطاعون إلا فيما يعلم أنه طاعة.
وقد سبق تناول رأي ابن تيمية رحمه الله في موضوع:
ضوابط ومسائل في الطاعة لـ د. عبدالعزيز العبداللطيف
على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=671

---
ويبدو أن سبب نقل الشبيلي عن ابن تيمية الإطلاق في وجوب القصاص عليهما جميعا، والإطلاق في أن الإمام لا يطاع حتى يعلم جواز ما أمر به.
هو إطلاق ابن تيمية فيما نقل عنه في الفتاوى المصرية أو الفتاوى الكبرى، وهو موجود بنصه كذلك في اختيارات ابن تيمية للبعلي حيث قال ابن تيمية رحمه الله:
( قال في المحرر : لو أمر به يعني القتل سلطان عادل أو جائر ظلما من لم يعرف ظلمه فيه فقتله فالقود والدية على الآمر خاصة.
قال أبو العباس : هذا بناء على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول وفيه نظر بل لا يطاع حتى يعلم جواز قتله وحينئذ فتكون الطاعة له معصية لاسيما إذا كان معروفا بالظلم فهنا الجهل بعدم الحل كالعلم بالحرمة.
وقياس المذهب: أنه إذا كان المأمور ممن يطيعه غالبا في ذلك أنه يجب القتل عليهما وهو أولى من الحاكم والشهود [فإنه]([1) سبب [يفضي](2) غالبا فهو أقوى من المكره.)(2)
نستفيد من هذا النقل فوائد:
1- أن ابن تيمية رحمه الله اعتبر أن القول بأن السلطان إذا أمر بالقتل ظلما من لا يعرف ظلمه فيه فإن القود والدية على الآمر وهو السلطان: هو قولٌ مبني على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول.
2- استدرك ابن تيمية رحمه الله على الأصل الذي بنى عليه القول السابق، وهو طاعة السلطان في القتل المجهول، وقال: بل إنه لا يطاع حتى يعلم جواز قتله.
3- ثم ذكر ابن تيمية رحمه الله أن هذا القول يتأكد إذا كان السلطان معروفا بالظلم، فإن الجهل حينئذ بعدم الحل كالعلم بالحرمة.
4- ظاهر إطلاق ابن تيمية رحمه الله في هذا الموضع يدل على أن السلطان لا يطاع مطلقا حتى يعلم أنه طاعة.
5- هذا الإطلاق يخالف تفصيل ابن تيمية رحمه الله المذكور والمكرر في كثير من كتبه ورسائله.
6- المعول والله أعلم على المحكم من كلام ابن تيمية رحمه الله، وهو التفصيل بين أئمة العدل وأئمة الجور.
7- إذا اعتبرنا هذا التفريق من كلام ابن تيمية رحمه الله فإننا نحمل كلامه في هذا الموضع من وجود القود عليهما جميعا، فيما إذا كان السلطان ظالما أو معروفا بالظلم، دون ما إذا كان الإمام عادلا ولا يأمر في العادة إلا بالحق.
8- مع ملاحظة أن ابن تيمية رحمه الله لم يصرح في هذا الموضع بوجوب القود عليهما ، وإنما بنى القول بوجب القود على الآمر فقط على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول، ثم نظَّر رحمه الله الأصل الذي بني عليه، وجزم بأنه لا يطاع حتى يعلم جواز قتله.
9- يعتور كلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى وفي الاختيارات كثير من النقص ، ويظهر بالرجوع إلى كلام ابن تيمية رحمه الله المفصل أن ما ذكر في بعض هذه الكتب لاسيما الاختيارات لا يؤدي المعنى المطلوب من كلام ابن تيمية رحمه الله على وجهه وتمامه.
9- وقع في حاشية ابن قاسم خطأ آخر في النقل من كلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الموضع، فنقل ابن قاسم أن ابن تيمية رحمه الله يبني المسألة على القول بوجوب طاعة السلطان، وهذا يعني أن طاعة السلطان مختلف فيها، فمنهم من قال بوجوب طاعته ومنهم من قال بخلاف ذلك، وبالرجوع إلى مصدر النقل تبين كما سبق أن ابن تيمية رحمه الله إنما بنى المسألة على وجوب طاعة السلطان في القتل المجهول لا مطلقا.

-----------------------------------

(1)زيادة من الاختيارات بتحقيق أحمد الخليل.

2) تصحيح من الاختيارات بتحقيق أحمد الخليل.

3) )الفتاوى الكبرى - (ج 5 / ص 521)، الاختيارات العلمية ص 417
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة السادسة:
لو اشترك في القتل اثنان أو أكثر لا يجب القصاص على أحدهم كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر ، أو الأب وأجنبي في قتل الولد، أو حر وعبد في قتل عبد، أو اشترك مجنون وعاقل أو صغير وبالغ أو مخطئ وعامد.
ففي المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: الأحناف ورواية عن أحمد:
إنه لا قصاص على واحد منهم.
وحجتهم: لأنه قتل تركب على موجب وغير موجب فينتفي القصاص عنهما جميعا.
القول الثاني: الشافعية والمشهور عن الحنابلة:
التفصيل بين ما إذا كان امتناع القصاص في أحدهما لوجود مانع أو لقصور في السبب:
1- فإن كان امتناع القصاص في حق أحدهما لوجود مانع فيه: أي لمعنى فيه من غير قصور في السبب (الفعل) فيجب القصاص على شريكه، كما لو اشترك مسلم وكافر في قتل كافر، أو الأب وأجنبي في قتل الولد، أو حر وعبد في قتل عبد، فِإن القصاص لا يجب على المسلم والأب والحر، ويجب على الذمي والأجنبي والعبد، لأن امتناع القصاص عن المسلم لإسلامه وعن الأب لأبوته وعن الحر لحريته وانتفاء مكافأة المقتول له، وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعله، ولا إلى شريكه فلم يسقط القصاص عنه.
2- أما إذا كان امتناع القصاص في أحدهما لمعنى في فعله: أي لقصور في السبب كما لو اشترك كبير وصغير أو عاقل ومجنون أو عامد ومخطئ فالصحيح في المذهب أنه لا قصاص عليه لأنه شارك من لا مأثم عليه في فعله فلم يلزمه قصاص.
القول الثالث: (المالكية):
يجب القصاص على من تحققت فيه شروط وجوب القصاص لأنه شارك في القتل العمد العدوان فيمن يقتل به لو انفرد بقتله فوجب عليه القصاص، ولأن القصاص عقوبة تجب عليه جزاء لفعله، فمتى كان فعله عمدا عدوانا وجب القصاص عليه ولا ننظر إلى فعل شريكه بحال.
وهذا القول هو الصحيح: لأنه شارك في القتل عمدا عدوانا فوجب عليه القصاص لأن الإنسان إنما يؤخذ بفعله لا بفعل غيره.

المسألة السابعة:
إذا أمسك إنسان إنسانا ليقتله فلا خلاف في وجوب القصاص على القاتل.
وأما الممسك فإن لم يعلم أن القاتل يقتله فلا شيء عليه، لأنه متسبب والقاتل مباشر فيسقط حكم المتسبب.
وإن أمسكه ليقتله، فقد اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر:
لا قصاص على الممسك لأنه غير قاتل ولأن الإمساك سبب غير ملجئ فإذا اجتمعت معه المباشرة كان الضمان على المباشر.
القول الثاني: مالك ورواية عن أحمد:
القصاص عليهما جميعا، لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله، وبإمساكه تمكن من قتله، فالقتل حاصل بفعلهما فيكونان شريكان فيه.
وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقد سئل رحمه الله عن رجلين قبض أحدهما على واحد والآخر ضربه فشلت يده؟ فأجاب : الحمد لله. هذا فيه نزاع. الأظهر أنه يجب على الاثنين القود إن وجب وإلا فالدية عليهما.
القول الثالث: المشهور في مذهب أحمد وقول عطاء وربيعة:
أن القاتل يقتل ويمسك الممسك حتى يموت. وهو من مفردات المذهب.
لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: (إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك) . رواه الدارقطني موصولا ومرسلا، وصححه ابن القطان، ورجاله ثقات إلا أن البيهقي رجح المرسل.
والراجح التفصيل:
فإن كان بينهما مواطأة على قتله فيقتلان جميعا، وأما إذا أمسكه أحدهما عدوانا لا بنية القتل فجاء الآخر فقتله قصدا، ثم ادعى الممسك أنه لم يقصد قتله ولم يعلم بنية القاتل فجنايته تعد شبه عمد لأنه قصد الاعتداء دون القتل ويعاقب تعزيرا بالحبس ، وأما الحديث فلا يصح ، وعلى فرض ثبوته فيمكن توجيهه بما ذكر، والله أعلم.
قال أبو فراس:
يظهر والله أعلم أن المسألة السابقة والتي ذكر فيها الخلاف قد حرر فيها موضع النزاع وهو محل التواطؤ وفيها تكلم أهل العلم بالأقوال السابقة، ولذا فإن التفصيل الذي ذكره الشيخ يوسف الشبيلي حفظه الله لا يعدو أن يكون من باب إقحام صورة إلى محل النزاع ثم حصل بالتفصيل الذي ذكره فرزه عن محل المسألة، وهو بعبارة أخرى استسلاف صورة أجنبية ثم يتم إقصاؤها بالتفصيل الذي ذكره.
وهذه الطريقة من التفصيل ترد كثيرا حتى من بعض أعيان المحققين من أهل العلم، وأحيانا يكون منزعه ليس فوات إدراك هذا المعنى من تحديد محل النزاع، وإنما الرغبة في تفصيل الصورة وتمييزها فهو ترجيح واختيار مضاف إليه فرز وتمييز وإعلام، والله أعلم.
------------
الأمر الآخر: يبدو أن هذه المسألة متدلية من الخلاف في الحكم إذا ما اجتمع مباشر ومتسبب، وإن كان الإمام أحمد رحمه الله خالف في هذه المسألة أصله ولعل ذلك بسبب أنه قد ثبت عنده الحديث الوارد في الباب.

المسألة الثامنة:
إذا دل غيره على شخص ليقتله وهو يعلم أنه سيقتله فلا قصاص على الدال وإنما عليه التعزير فقط لأنه أعان على الجريمة.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة التاسعة:
قتل الواحد بالجماعة:
اختلف أهل العلم فيما إذا قتل واحد جماعة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: (لأبي حنيفة ومالك) يقتل بالجماعة ليس لهم إلا ذلك وإن طلب بعضهم الدية فليس له وإن بادر أحدهم فقتله، سقط حق الباقين.
وحجتهم:
أن الجماعة لو قتلوا واحدا قتلوا به، فكذلك واحد قتل، كالواحد بالواحد.
القول الثاني: (للشافعي) لا يقتل إلا بواحد، سواء اتفقوا على طلب القصاص أو لم يتفقوا.
واحتجوا بأمرين:
الأول: بأنه إذا كان لكل واحد استيفاء القصاص، فاشتراكهم في المطالبة لا يوجب تداخل حقوقهم، كسائر الحقوق.
أجيب:
بأنه محل تعلق به حقان، لا يتسع لهما معا، رضي المستحقان به عنهما، فيكتفي به، ولأنهما رضيا بدون حقيهما فجاز، كما لو رضي صاحب الصحيحة بالشلاء.
والثاني: القياس على القتل الخطأ، إذ تتعدد فيه الديات بتعدد الأنفس، ولا تتداخل.
أجيب:
بأن موجب الجناية في القتل الخطأ متعلق بالذمة، والذمة تتسع لحقوق كثيرة.
القول الثالث: (لأحمد) التفصيل، فإذا قتل واحد بجماعة فلا يخلو الأمر:
1- إما أن يطالب الأولياء كلهم بالقصاص فيقتل بهم جميعا.
2- وإما أن يطلبوا كلهم الدية فيلزمهم ديات بعددهم.
3- وإما أن يطلب أولياء بعضهم القصاص والبعض الدية، فيقتل بمن طلب القصاص، وتلزمه ديات من طلب الدية.
ومثل ذلك:
القصاص فيما دون النفس كما لو قطع رجل بيميني رجلين فإن اتفق هذان الشخصان على طلب القصاص فتقطع يمناه لهما معا، وإن طلبا الدية فتلزمه ديتان، وإن طلب أحدهما القصاص دون الآخر فتقطع يمناه بمن طلب القصاص وتلزمه دية الآخر.
وحجتهم:
1- حديث أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( فمن قتل له قتيل ، فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل) رواه أبو داود والنسائي.
فظاهر هذا أن أهل كل قتيل يستحقون ما اختاروه من القتل أو الدية، فإذا اتفقوا على القتل وجب لهم، وإن اختار بعضهم الدية وجب له بظاهر الخبر.
2- وقياسا على القتل الخطأ والجناية على الأطراف فإن موجبهما من الديات لا يتداخل بتعدد الأنفس المزهقة إذ يجب ديات بعدد الأنفس بالاتفاق.
3- ولأنه إذا علم أن القصاص واجب عليه بقتل واحد، وأن قتل الثاني والثالث لا يزداد عليه حق، بادر إلى قتل من يريد قتله، وفعل ما يشتهي فعله، فيصير هذا كإسقاط القصاص عنه ابتداء مع الدية.
----------------
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة العاشرة: الاشتراك في الجناية على ما دون النفس:
إذا اشترك جماعة في جريمة توجب القصاص فيما دون النفس، كما لو اشتركوا في قطع عضو أو جرح موجب للقصاص فقد اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول:
أن حكم ذلك كالاشتراك في القتل، أي يجب القصاص عليهم جميعاً.
وبه قال مالك والشافعي وأحمد.
ويشترط لوجوب القصاص عليهم: أن يشتركوا فيه على وجه لا يتميز فعل أحدهم عن فعل الآخر، إما بأن يشهدوا عليه بما يوجب قطعه كذبا ، أو يلقوا عليه صخرة فتقطع يده، أو رجله أو يضربوه بسكينة ضربة واحدة ...
أما إن قطع كل واحد منهم من جانب أو ضرب كل واحد منهم ضربة فانقطعت بمجموع الضربات فلا قصاص لأن كل واحد منهم لم يقطع اليد، إذا علم تواطؤهم، فإنهم يقطعون جميعا.
القول الثاني:
لا قصاص على أي منهم.
وبه قال الزهري وابن المنذر . قال ابن قدامة: "ويتعين ذلك وجها في مذهب أحمد لأنه روي عنه أن الجماعة لا يقتلون بالواحد."
وهذا هو رأي الأحناف بناء على قاعدتهم الآتية في أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فيشترط للقصاص فيها التساوي في أرشها.
أدلة القول الأول:
1- جميع الأدلة السابقة في قتل الجماعة بالواحد، لأنه أحد نوعي القصاص، فتؤخذ الجماعة بالواحد كالأنفس.
2- ما روي: أن شاهدين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل بالسرقة، فقطع يده، ثم جاءا بآخر ، فقال: هذا هو السارق وأخطأنا في الأول. فرد شهادتهما على الثاني، وغرمهما دية الأول، وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما.
فأخبر: أن القصاص على كل واحد منهما لو تعمدا قطع يد واحدة.
واستدل أصحاب القول الثاني:
بأن الأطراف لا تؤخذ بطرف واحد: لأن الأطراف يعتبر التساوي فيها بدليل أنا لا نأخذ الصحيحة بالشلاء ولا كاملة الأصابع بناقصتها، ولا أصيلة بزائدة ولا زائدة بأصيلة ولا يمينا بيسار ولا يسارا بيمين، فإذا امتنع القصاص للتفاوت في الأوصاف فامتناعه للتفاوت في العدد من باب أولى.
وأجابوا عن القياس على القصاص في الأنفس: بأن القصاص في الأنفس يختلف عن القصاص في الأطراف في أمرين:
1- بأن التساوي في الأنفس غير معتبر بدليل أننا نأخذ الصحيح بالمريض ، وصحيح الأطراف بمقطوعها وأشلها.
نوقش:
بأن التساوي فيها معتبر كذلك فلا نأخذ مسلما بكافر ولا حرا بعبد، وأما أخذ صحيح الأطراف بمقطوعها، فلأن الطرف ليس هو من النفس المقتص منها، وإنما يفوت تبعا، ولذلك كانت ديتهما واحدة بخلاف اليد الناقصة والشلاء مع الصحيحة فإن ديتهما مختلفة.
2- ولأن قتل الجماعة بالواحد يقع كثيرا فوجب القصاص زجرا عنه، كي لا يتخذ وسيلة إلى كثرة القتل، والاشتراك في الجناية على ما دون النفس لا يقع إلا في غاية الندرة فلا حاجة إلى الزجر عنه فضلا عن أن النفس أشرف من الأطراف فلا يلزم من القصاص بإتلافها القصاص فيما هو دونها في الشرف.
والراجح: هو القول الأول لقوة أدلته.
------------------
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرع الثالث: الحال الثالثة من حالات الاشتراك في الجناية:

اجتماع متسببين فأكثر


إذا اجتمع أكثر من متسبب في الجناية فحكمهم ما لو كان المتسبب واحدا فمتى كان فعلهم من الحالات التي يتحمل فيها المتسبب المسؤولية الجنائية فيتحملون ذلك على السواء بنفس التفصيل السابق في اجتماع المباشرين للقتل:


1- فإن كانت جناية كل منهم عن غير تواطؤ بينهم، فيشترط لإيجاب القصاص أن يكون فعل كل واحد منهم لو استقل موجبا للقصاص وإلا فلا.


2- وإن كانت عن تواطؤ فيكفي مجرد الاشتراك في التسبب بالقتل ولو لم يكن الفعل موجباً للقصاص.

ومن أمثلة ذلك:
أ*- لو أقيم القصاص على شخص بناء على بينة كاذبة ، وكان ولي الدم والقاضي يعلمان بكذبها، فيجب القصاص عليهم جميعا إذا كان المباشر للقصاص غير عالم بذلك.
ب*- ولو حفر مجموعة بئرا مهلكة بقصد أن يقع فيها شخص فعليهم القود جميعاً.
ت*- ولو أتلف شخص مكابح سيارة آخر وهو سيسير بطريق مستوية وقام آخر بتغيير عداد السيارة بما يوهمه أنه يسير بسرعة منخفضة ولم يكن ذلك عن تواطؤ بينهما فتسبب ذلك في حادث له فمات، فجناية كل منهما شبه عمد.
مسألة الإعانة في حال التمالؤ على القتل:
اختلف أهل العلم في حكم الممالئ على القتل من دون أن يباشره كما لو كان ربيئة أو حارسا للأبواب على قولين:
القول الأول: لا قصاص إلا على المباشر فقط ويعزر من عداه.
وهذا هو القول الجمهور من الأحناف والشافعية والحنابلة.
لأن حكم المباشر يقطع حكم التسبب والإعانة.
القول الثاني: يرى المالكية القصاص على من باشر القتل ، وعلى المتمالئ أيضا بشرطين:
الأول: أن يكون حاضرا في محل الجناية أو على مقربة منه.
والثاني: أن يكون بحيث لو استعين به في القتل أعان، وإذا لم يباشره أحد المتمالئين باشره الآخر.
وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، قال رحمه الله مستدلا على ذلك:
"ومذهب مالك في المحاربين وغيرهم إجراء الحكم على الردء والمباشر كما اتفق الناس على مثل ذلك في الجهاد.
ومن نازعه في هذا سلم أن المشركين في القتل يجب عليهم القود فإنه متفق عليه من مذهب الأئمة كما قال عمر: ( لو تمالأ أهل صنعاء لقتلتهم به ) فإن كانوا كلهم مباشرين فلا نزاع وإن كان بعضهم غير مباشر لكنه متسبب سببا يفضي إلى القتل غالبا كالمكره وشاهد الزور إذا رجع والحاكم الجائر إذا رجع فقد سلم له الجمهور على أن القود يجب على هؤلاء كما قال علي رضي الله عنه في الرجلين اللذين شهدا على رجل أنه سرق فقطع يده ثم رجعا وقالا : أخطأنا قال: "لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما"
فدل:
على أن قطع الأيدي باليد وعلى وجوب القود وعلى شاهد الزور. والكوفيون يخالفون في هذين...ومعلوم أن قول من جعل المتعاونين على الإثم والعدوان مشتركين في العقوبة أشبه بالكتاب والسنة لفظا ومعنى ممن لم يوجب العقوبة إلا على نفس المباشر.
وقال أيضاً:
"إذا اشتركوا في قتل معصوم بحيث إنهم جميعا باشروا قتله وجب القود عليهم جميعا، وإن كان بعضهم قد باشر، وبعضهم قائم يحرس المباشر ويعاونه، ففيها قولان:
أحدهما: لا يجب القود إلا على المباشر وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بحيث إنه لا بد في فعل كل شخص أن يكون صالحا للزهوق.
والثاني: يجب على الجميع وهو قول مالك وإن كان قتله لغرض خاص مثل أن يكون بينهم عداوة أو خصومة أو يكرهونه على فعل لا يبيح قتله فهنا القود لوارثه.
 
التعديل الأخير:

أبو عبد الباري المدني

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
7 يونيو 2008
المشاركات
16
التخصص
التفسير وعلوم القرآن
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
همم بل قمم

همم بل قمم

(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، أسأل الله الكريم بفضله أن يمن عليك بالمزيد من فضله وأن يبارك في جهودك أخي الكريم الأستاذ فؤاد يحيى هاشم فشكراً لك على ما حلَّيت به هذه المذكرة المهمة من تقيرب وتهذيب
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
(لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، أسأل الله الكريم بفضله أن يمن عليك بالمزيد من فضله وأن يبارك في جهودك أخي الكريم الأستاذ فؤاد يحيى هاشم فشكراً لك على ما حلَّيت به هذه المذكرة المهمة من تقيرب وتهذيب

بارك الله فيك وكثر من أمثالك ، ونفع بك وجعلك مباركا أينما كنت

ما أحوجنا إلى مثل هذه الوقفات الصادقة في المؤازرة والمساندة والمصابرة والمرابطة على طلب العلم.

 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفصل الثاني


العقوبات المقدرة على الجناية على النفس


المبحث الأول:
أولاً: القصاص:

المطلب الأول: الحكمة من مشروعية القصاص.
======================
المطلب الثاني: أدلة مشروعية القصاص في الأنفس.
======================

المطلب الثالث: شروط وجوب القصاص:
يشترط لوجوب القصاص أربعة شروط:
الشرط الأول: أن تكون الجناية عمدا محضا.
قال ابن قدامة: "أجمع العلماء على أن القود لا يجب إلا في العمد."
الشرط الثاني: عصمة المقتول:
فإن كان مهدر الدم كالحربي والمرتد والزاني المحصن والمحارب الذي تحتم قتلها فلا قصاص على القاتل ولا دية ولا كفارة سواء أكان مسلما أو ذميا.
وحكى بعض الشافعية وجها:
أن على القاتل القود لأن قتله إلى الإمام فيجب القود على على من قتله كمن عليه القصاص إذا قتله غير مستحق.
===========
مسألة: إذا قتل القاتلَ شخصٌ آخر، فيأتي أجنبي فيقتص من القاتل بغير إذن؟
قولان:
الأول:
أنه يقتص منه وهذا قول الجمهور.
وأدلتهم:
1- أن المقتول لم يتحتم قتله لاحتمال عفو أحد الأولياء عن القصاص فشرط القصاص اتفاق الأولياء على الأخذ به.
2- أن دمه مستحق لأولياء القتيل الأول فلم يبح دمه لغيرهم، وهو شيء يستحقونه على سبيل المعاوضة أي عوضا عن قتيلهم، فهذا كما لو كان له دين فاستوفاه غيره!
القول الثاني:
أنه لا قصاص على القاتل الثاني، وهو مروي عن قتادة.
وحجته:
القياس على قتل الزاني المحصن والمرتد، بجامع أن القتيل في كل منهما مباح الدم.
ويرد هذا القياس بأنه قياس مع الفارق، لأن الزاني والمرتد ونحوهم متحتم قتلهم بخلاف القاتل فإنه غير متحتم.
والراجح هو القول الأول.
=============
قال أبو فراس:
مع وجاهة أدلة الأولين وضعف مآخذ الآخرين إلا أنه يبدو لي أن هناك شبهة قوية تمنع من القصاص من القاتل الثاني:
وذلك أنه من غير المستعبد – بل هو أمر وارد بقوة – أن يظن القاتل الثاني أن القاتل الأول قد أهدر دمه بقلته فجاز قتله، وقد يكون ذلك مباغته حين قتل فيقتله في نفس اللحظة.
وأدلة الأولين وإن كانت قوية من جهة النظر وأنه ليس للثاني أن يقتص من القاتل وإنما هو حق مختص بأولياء المقتول، إلا أن هذه المعاني جائز أن يذهل أو يجهل عنها القاتل الثاني حين قتل القاتل الأول.
هذا أمر، الأمر الآخر أن هذا الفعل وإن كان خطئا إلا أن قتل القاتل لا يساوي قتل من لم يقتل، فهو إن كان يجوز أن يعفو أولياء المقتول فإنه يجوز كذلك أن يطالبوا بالقصاص، وإذا كان الأمر كذلك فإن القاتل الثاني قد صادف محلا مترددا بين العصمة وغير العصمة.
فإذا انتهينا إلى هذين المعنيين ظهر لنا أن القصاص من القاتل الثاني يعرض دونه نوع شبهة.
ويبقى السؤال : هل يدرأ القصاص بالشبهات كما هو الحال في الحدود؟.
=========================================
مسألة: لو طلب أولياء القتيل الأول بالدية فهل لهم ذلك؟
فيه خلاف:
فالشافعية والحنابلة:
يرون أنهم يستحقون الدية لأن الواجب في القتل أحد شيئين:
1- القصاص.
2- أو الدية.
فإذا تعذر أحدهما لفوات محله وجب الآخر.
وقال الأحناف:
ليس للورثة حق الدية لفوات المحل.
وقال المالكية:
من قتل رجلا فعدا عليه أجنبي فقتله عمدا، فدمه لأولياء القتيل الأول، ويقال لأولياء القتيل الثاني: أرضوا أولياء القتيل الأول، وشأنكم بقاتل وليكم في العفو أو القتل، فإن لم يرضوهم فلأولياء القتيل الأول قتله أو العفو عنه.
والراجح:
هو قول المالكية لما فيه من العدل حيث لم يجتمع على شخص واحد عقوبتان ولم يهدر حق أي منهم.
=================
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الشرط الثالث: التكليف:

فلا قصاص على مجنون أو صبي.
مسألة: جناية السكران:
اختلف العلماء في حكم إقامة القصاص على من قتل عمدا حال سكره على قولين:
الأول: أنه يقتص منه وهو مذهب الجمهور.
واستدلوا:
1- أن الصحابة رضوان الله عليهم أقاموا سكره مقام قذفه، فأوجبوا عليه حد القذف، فلولا أن قذفه موجب للحد عليه لما وجب الحد بمظنته، فقد جاء في الموطأ أن عمر رضي الله عنه استشار الناس في شأن شارب الخمر فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن الشارب إذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون جلدة، أرى أن تجلده ثمانين، فأعجب ذلك عمر وجعل عقوبته ثمانين جلدة.
فإذا وجب حد القذف على الشارب فالقصاص المتمحض حق آدمي أولى.
قال أبو فراس:
هذا الاستدلال يعترض دونه أمور منها:
· أن الافتراء مما يكثر وقوعه من السكران الثمل بخلاف القصاص فاقترقا.
· أن الكلام هو في الحكم المترتب على تعدي السكران لا على عقوبة السكران.
· أن الراجح عند المحققين من أهل العلم هو أن عقوبة السكران من باب التعزير فيجوز فيه الاجتهاد ، ومن هذا الباب كلام علي رضي الله عنه، أما القصاص فهو حق للمجني عليه أو أولياؤه يثبت بشرطه، فترجع المسألة إلى تحقيق اشتراط انتفاء السكر لثبوت القصاص.
----------------
2- ولأن في ذلك سدا للذريعة إذ لو لم يجب القصاص والحد لأفضى إلى أن من أراد أن يعصي الله شرب ما يسكره ثم قتل وزنى وسرق ولا يلزمه عقوبة ، فيصير عصيانه سببا لسقوط العقوبة عنه.
القول الثاني:
أنه لا يقتص منه وهو وجه في مذهب الحنابلة.
واستدلوا:
1- بالقياس على المجنون فإن كلا منهما زائل العقل.
ويناقش:
بأن هذا قياس مع الفارق فإن السكران فقد عقله باختياره بخلاف المجنون.
2- وبالقياس على الطلاق فإن السكران لا يقع طلاقه.
ويناقش:
بأن القتل يفارق الطلاق:
أ‌- فإنه قول والقتل فعل.
ب‌- ولأن الطلاق يمكن إلغاؤه بخلاف القتل.
ت‌- ولأن إلزامه بالطلاق يترتب عليه إلحاق الضرر بمن لم يرتكب المعصية وهو الزوجة والأولاد.
3- ولما ثبت في البخاري أن حمزة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل: وهل أنتم إلا عبيد أبي، ولم يقم النبي صلى الله عليه وسلم عليه حد الردة.
ويناقش:
بأن هذا كان قبل تحريم الخمر فلا يصح الاستدلال به. وبأنه قول والقتل فعل، والفعل أشد.
والراجح:
هو القول الأول لقوة أدلته.
فأما إن تناول شيئا يزيل العقل على وجه مباح كالبنج فقتل فلا قصاص عليه لأنه معذور، حكمه حكم المجنون، فهو قتل خطأ.
=========================
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
=========================
الشرط الرابع: التكافؤ بين المقتول وقاتله حال الجناية:
ومعنى التكافؤ:
أن يتساوى الجاني والمجني عليه في الدين والحرية أو الرق، فيقل الحر المسلم بالحر المسلم ذكرا كان أو أنثى.
صور عدم التكافؤ:
الصورة الأولى: قتل المسلم بالكافر:
لا خلاف بين أهل العلم أن الكافر يقتل بالمسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي الذي رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها، ولأنه إذا قتل بمثله فبمن هو فوقه أولى.
واختلفوا في قتل المسلم بالكافر على قولين:
القول الأول:
للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: أن المسلم لا يقتل بالكافر.
استدلوا بما يلي:
1- ما روى البخاري عن أبي جحيفة قال: "قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟
قال: لا ، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا من القرآن، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟
قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".
2- وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن علي رضي الله عنه مرفوعا:
"المؤمنون تتكأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده"
وهو في المسند وسنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
ووجه الدلالة في أمرين:
1- قوله "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" فمفهوم أن الكافر لا يكافئ المسلم فلا يقتل به.
2- قوله: "ولا يقتل مؤمن بكافر".
وأجاب الأحناف:
بأن المراد بالكافر الحربي بقرينة قوله: "ولا ذو عهد في عهده".
3- وبقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}
ولو كان للكافر أن يقتص من المسلم لكان في ذلك أعظم سبيل.
4-وبقوله تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة}
ووجهه: أن الفعل الواقع في سياق النفي يتضمن النكرة فهو في قوة لا استواء فيعم كل أمر إلا ما خص.
5- ولما روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه:
أن مسلما قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان فلم يقتله وغلظ عليه الدية.
قال ابن حزم: هذا في غاية الصحة فلا يصح شيء غير هذا إلا ما رويناه عن عمر أنه كتب مثل ذلك أن يقاد به ثم ألحقه كتابا فقال: لا تقتلوه ولكن اعتقلوه.
6-ولأنه منقوص بالكفر فلا يقتل به المسلم.

القول الثاني:
يقتل المسلم بالذمي خاصة.
وهذا رأي النخعي والشعبي والأحناف
واستدلوا لذلك:
1- بالعمومات الدالة أن النفس تقتل بالنفس.
2- ما روى الدارقطني والبيهقي عن ابن البيلماني مرسلا:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد مسلما بذمي، وقال: "أنا أحق من وفى بذمته".
3- وبقوله في حديث علي وعمرو بن شعيب: "ولا ذو عهد في عهده" ووجهه أنه معطوف على قوله "مؤمن" فيكون التقدير: ولا ذو عهد في عهده بكافر كما في المعطوف عليه.
والمراد بالكافر المذكور في المعطوف هو الحربي فقط بدليل جعله مقابلا للمعاهد، لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي كما قيد في المعطوف، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا، فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافر حربي ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي، وهو يدل بمفهومه على أن المسلم يقتل بالكافر الذمي.
4- وبما أخرجه الطبراني: "أن عليا أتي برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة، فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك وقرعوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي، وعرضوا عليه ورضيت، قال: أنت أعلم، من كان في ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا".
5- ولأن الذمي معصوم الدم عصمة مؤبدة فيقتل به قاتله كالمسلم.
6- ولأن المسلم يقطع إن سرق من مال الذمي، والمستأمن، فقتله بهما أولى؛ لأن الدم أعظم حرمة من المال.
والراجح القول الأول لقوة أدلته وصراحتها.
أما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:
1- أما العمومات فهي مخصوصة بأحاديث الفريق الأول.
2- أما حديث ابن البيلماني فهو ضعيف جدا، قال الإمام أحمد: ليس له إسناد. وقال الدراقطني: يرويه ابن البيلماني، وهو ضعيف إذا أسند فكيف إذا أرسل.
3-وأما دليلهم الثالث فيجاب عنه من عدة أوجه:
الوجه الأول:
بأن هذا مفهوم صفة، والخلاف في العمل به مشهور بين أئمة الأصول، ومن جملة القائلين بعدم العمل به الحنفية فكيف يصح احتجاجهم به.
الوجه الثاني:
بأن الجملة المعطوفة، وهي قوله "ولا ذو عهد في عهده" لمجرد النهي عن قتل المعاهد فلا تقدير فيها أصلا.
ورد :
بأن الحديث مسوق لبيان القصاص لا للنهي عن القتل، فإن تحريم قتل المعاهد معلوم من ضرورة أخلاق الجاهلية فضلا عن الإسلام.
وأجيب عن هذا الرد بثلاثة أوجه:
الأول: أن التقدير خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا لضرورة ولا ضرورة هنا.
والثاني: بأن الأحكام الشرعية إنما تعرف من كلام الشارع، وكون تحريم قتل المعاهد معلوم من أخلاق الجاهلية لا يستلزم معلوميته في شريعة الإسلام كيف والأحكام الشرعية جاءت بخلاف القواعد الجاهلية، فلا بد من معرفة أن الشريعة الإسلامية قررته.
والثالث: أن السبب في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بقوله "ولا يقتل مسلم بكافر" ما ذكره الشافعي في الأم حيث قال:
وخطبته يوم الفتح بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لو قتلت مسلما بكافر لقتلته به"، وقال: "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده."
فأشار بقوله: "لا يقتل مسلم بكافر" إلى تركه الاقتصاص من الخزاعي بالمعاهد الذي قتله، وبقوله: "ولا ذو عهد في عهده" إلى النهي عن الإقدام إلى ما فعله القاتل المذكور.

الوجه الثالث:
بأن الصحيح عند المحققين من النحاة أن مقتضى العطف مطلق الاشتراك لا الاشتراك من كل وجه فلا يلزم اشتراك المعطوف والمعطوف عليه إلا في الحكم الذي لأجله وقع العطف وهو هنا النهي عن القتل مطلقا من غير نظر إلى كونه قصاصا أو غير قصاص فلا يستلزم كون إحدى الجملتين في القصاص أن تكون الأخرى مثلها حتى يثبت ذلك التقدير المذكور.

د- وأما دليلهم الرابع فمع كونه قول صحابي ففي إسناده أبو الجنوب الأسدي وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني.
وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ أنه لا يقتل مسلم بكافر ] كما في حديث الباب، والحجة إنما هي روايته.
وروي عن الشافعي في هذه القضية أنه قال: ما دلكم أن عليا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويقول بخلافه.
هـ - وأما كون الذمي معصوما فلا يلزم منه مكافأته للمسلم، وقياسه على المسلم غير صحيح لثلاثة أمور:
الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد الاعتبار.
الثاني: أن قياس الذمي على المسلم ليس أولى من قياسه على الحربي بل إن قياسه على الحربي أقرب بجامع أن كليهما كافر مخلد في النار.
الثالث: أن الله تعالى فرق بينهما، كما قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} وقال: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} فكيف نصح بعد ذلك أن نكافأ بينهما؟.
------------------------------------
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مسائل:
المسألة الأولى:
يقتل الذمي بالذمي سواء اتفقت أديانهم أو اختلفت لأنهم متكافئون في العصمة بالذمة ونقيصة الكفر ولو اختلفت ديتهما، وقد نص على ذلك أحمد في النصراني يقتل بالمجوسي إذا قتله، قيل: فكيف يقتل به، وديتهما مختلفة؟ فقال: أذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بامرأة. يعني أنه قتله بها مع اختلاف ديتهما.
================================

المسألة الثانية:
يقتل الذمي بالمسلم بالإجماع ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي الذي رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها. متفق عليه
ولأنه إذا قتل بمثله فبمن فوقه أولى.
================================

المسألة الثالثة:
يقتل المرتد بالمسلم والذمي، ويقدم القصاص على القتل بالردة لأنه حق آدمي وإن عفا عنه ولي القصاص فله دية المقتول، فإن أسلم المرتد فهي في ذمته، وإن قتل بالردة أو مات، تعلقت بماله.
وقال بعض الشافعية: لا يقتل المرتد بالذمي، ولا يقطع طرفه بطرفه لأن أحكام الإسلام في حقه باقية بدليل وجوب العبادات عليه ومطالبته بالإسلام.
والصحيح: القول الأول لأنه كافر، فيقتل بالذمي كالأصلي.
وقولهم: إن إحكام الإسلام باقية غير صحيح فإنه قد زالت عصمته وحرمته، وأما مطالبته بالإسلام فهو حجة عليهم فإنه يدل على تغليظ كفره...
================================

المسألة الرابعة:
إذا قتل مسلم كافرا على سبيل المحاربة فإنه يقتل به على الصحيح من أقوال أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة قتل المسلم بالكافر:
"القول الثالث: لا يقتل به إلا في المحاربة، فإن القتل فيها حد لعموم المصلحة فلا تتعين فيه المكافأة بل يقتل فيه الحر، وإن كان المقتول عبدا...[ أو ] ذميا.
وهذا قول أهل المدينة والقول الآخر لأحمد وهو أعدل الأقوال وفيه جمع بين الآثار المنقولة في هذا الباب أيضاً."
 
أعلى