جزاك الله خيراً، وأحسن إليك
نجد أن من قال من الفقهاء بأن المبالغة في المضمضة توجب القضاء إنما قيدوا ذلك بما إذا دخل حلقه منه شيء، والكلام هنا على التحرير الفقهي على طريقة المدارسة دون النظر في الفتوى المبنية على الاحتياط أو التردد في المسألة.
وبناء عليه، فيبدو أن استعمال المعجون والغرغرة والمبالغة وأشباهها لا تفسد الصوم إلا إذا غلب على الظن مجاوزة شيء لحلقه، لا سيما أنها في الغالب لا يقصد به ما وراء أدنى الحلق على طريقة الشافعية ومن وافقهم. وأرجو الإفادة منكم في هذا.
لا سيما أن وصول شيء من الماء إلى الجوف لا ينفك عنه المبالغة غير المأذون فيها، ولا المضمضة المأذون فيها، وهذا لم يعول الشرع عليه في إفساد الصوم فيما يظهر.
جزاك الله خيرا يا أبا يوسف على هذه المدارسة الطيبة، وأنا أسعد الناس بها، وأعدك أني سأعملها إن شاء الله في التحرير الثاني للبحث قبل الطبع.
بالنسبة لمعجون الأسنان والمبالغة نعم لا تكون مفطرة لكن يجتنبها الصائم، لما سبق.
أما أن وصول شيء من الماء إلى الجوف لا ينفك غالباً من المبالغة في المضمضة فهذه تحتاج مراجعة فإن الأمر لو كان كذلك لما فرض الفقهاء المسألة فيما إذا وصل الماء من المبالغة، واكتفوا بحصول المبالغة ما دام أن الماء يصل إلى الجوف غالباً.
ولم يقل بهذا أحد كما سبق
أما وصول الماء من المضمضة من غير مبالغة، فالمقصود بها ما يبقى بعد المضمضة ويختلط بالريق، فقد ذكر المعاصرون أنهم لو جعلوا في ماء المضمضة مادة مشعة لظهرت في جوفه مما يؤكد تسرب شيء من المضمضمة ولم يلتفت الشارع إليه.
والمعاصرون بإزاء هذا القليل على طريقتين:
1- الترخيص فيما كان قليلاً جداً مثل ما يقع في بخاخ الربو وقطرة الأنف...
2- الترخيص فيما كان قليلاً جدا فيما استعمل في الفم أو الأنف.
ولا يخفى عليك أن الأدق هي الطريقة الثانية، وهي الموافقة لصورة المضمضة الشرعية، أما إدخال هذا القليل إلى الجوف فإنه يختلف عن المضمضة اختلافاً جوهرياً بأن هذا الداخل قصد إدخاله إلى الجوف، بينما الماء المتبقى من المضمضة لم يقصد إدخاله.
وعامة أهل العلم على حصول الفطر بالقليل، ما عدا الحنفية على تفصيل عندهم فيما كان قليلاً مما يكون بين الأسنان ولا يجد طعمه في حلقه، فإن وجد طعمه في حلقه كان دليلاً على أن الداخل ليس من القليل المرخص فيه.
وبهذا يتبين لك أن قول هؤلاء المعاصرين يرجع إلى قول الحنفية وإن لم يرتبوه على طريقتهم، وهي طريقة تخالف قول عامة أهل العلم.
نعم، يمكن أن يلحق بماء المضمضة ما يجد طعمه في حلقه مما يستعمل في الفم أو الأذن أو العين ما دام قليلاً ولم يقصد إدخاله إلى الجوف.
بالنسبة للغرغرة فسأتمهل في حكمها حتى أنتهي من تصورها تماماً، والذي يغلب على ظني الآن أنها لا تنفك غالبا من تسرب شيء مما غرغر به، فهي تتجاوز أدنى الحلق وتشتبك مع وسطه، وهو محل اختلف فيه الشافية أنفسهم، أما عند المالكية والحنابلة فالفطر متجه واضح ما دام أن المناط هو الحلق، وقد وصل إليه.
كما أن الشعور يبدأ بالتلاشي كلما استغرق الشيء المغرغر في الحلق، فهو في أظهره في أدنى الحلق، ثم يضعف في وسط الحلق، ولا يكاد يشعر به في أسفل الحلق.
فإن ثبت عدم لزوم تسرب شيء من الغرغرة وأمكن ضبط ذلك، كان حكمه المبالغة في الاستنشاق في المنع منه ، وعدم الإفطار به إلا إذا دخل الماء إلى جوفه.
على ما هو مرسوم في مسألة المبالغة في المضمضة أو الاستنشاق.
كما آمل من الإخوة أن يفيدوني بتصوير علمي لعملية الغرغرة لاسيما ما كان من جهة انسداد مجرى الشراب حال الغرغرة، وهو أمرٌ محتمل.