المجموعة الثانية:
· القليل.
· ما بقي بين الأسنان.
· بخاخ الربو.
· الدخان.
· لا فرق في الأكل أو الشرب، أو ما كان في معناهما بين القليل والكثير:
فلو ابتلع شيئا يسيرا جدا كحبة سمسم أفطر به.
· وقع خلافٌ بين الجمهور والحنفية في ازدراد ما بين الأسنان عمداً:
فبعد أن أجمع أهل العلم على أن لا شيء على الصائم فيما يزدرده مما يجري مع الريق مما بين أسنانه مما لا يقدر على الامتناع منه اختلفوا بعد ذلك في بلعه ما بين أسنانه، فكان أبو حنيفة النعمان يقول: لا قضاء عليه، تشبيها لها بأجزاء الماء الباقية في فمه بعد غسل فمه للمضمضة، ومعلوم وصولها إلى جوفه، ولا حكم لها.
وفي قول سائر أهل العلم عليه القضاء، وهو الصواب إن شاء الله تعالى، واختلفوا بعد ذلك في لزوم الكفارة عليه أو عدم لزومها على سبيل ما اختلفوا فيه مما يجبر على الصائم في الأكل عامداً.
· الدخان:
o ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى الإفطار بالدخان الداخل إلى الجوف، وإن كان المالكية يكتفون بوصوله إلى الحلق، والحنابلة يقيدون الفطر به في القصد بإدخاله.
o بينما منع الشافعية من الإفطار بالدخان أو البخور؛ لأنه أثر، وليس بعين، وإنما الإفطار يكون بكل عين داخلة إلى الجوف، ومع هذا فقد جزم المتأخرون منهم بالإفطار بالدخان الحادث المصنوع من التبغ.
وفتاوى المعاصرين متضافرة على الفطر بالدخان (التبغ) إلا ما حكاه بعض أعضاء الجمع عن بعض المدمنين من الخلاف!.
o وبهذا يمكننا القول: إن هذا الدخان الحادث التبغ هو مفطر باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، أما البخور ونحوه فالجمهور على الفطر به دون الشافعية.
· بخَّاخ الربو:
ماهيته: آلة يستخدمها مريض الربو بهادواء سائل مصحوب بهواء مضغوط بغاز خامل يدفع الدواء من خلال جرعات هوائية يجذبهاالمريض عن طريق الفم، فيعمل كموسع قصبي تعود معه عملية التنفس لحالها الطبيعي.
هل يفسد الصوم؟
للمعاصرين في حكم استعماله للصائم اتجاهان اثنان:
الاتجاه الأول: عدم الفطر
الاتجاه الثاني: الفطر:
مستندات القول بالجواز:
1- أنه لا يشبه الأكل والشرب، وإنما هو هواء يشبه الدخان، وهو ليس بعين، وهذا لا يكون مفطرا عند الشافعية، فالإفطار إنما يكون عندهم بالعين لا بالأثر، كالهواء والدخان.
2- أن البخاخ يتبخر، ولا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية، ومهمته توسيع شرايينها التي تضيق بسبب الربو.
3- أن الداخل منه إلى المريء و المعدة قليل جداً، وهو يشبه القدر المعفو عنه من المتبقي من المضمضة والاستنشاق والسواك، وقد ذكر الأطباء أن السواك يحتوي على ثمانية مواد كيميائية، تقي الأسنان، واللثة من الأمراض، وهي تنحل باللعاب، وتدخل البلعوم، فإذا كان عُفي عن هذه المواد التي تدخل إلى المعدة؛ لكونها قليلة، وغير مقصودة، فكذلك ما يدخل من بخاخ الربو يعفى عنه للسبب ذاته.
4- أنه لا يقطع بدخول شيء منه، بل يبقى في محل شك، والأصل صحة الصيام، واليقين لا يزول بالشك.
والقول بعدم الفطر: هو اختيار اللجنة الدائمة، وابن عثيمين، وابن جبرين.
مستندات القول بالفطر:
1- أن بخاخ الربو يحتوي على مستحضرات طبية دواء (الفانتلين) + ماء + أوكسجين، فهو مادة مركبة من أجزاء خاصة، غير أجزاء الهواء المعتاد الذي يتنفسه الإنسان.
2- أنه داخل إلى الجوف من منفذ معتبر، والجمهور على اعتبار الدخان والبخور مفطرا إذا دخل إلى الجوف خلافاً للشافعية القائلين بعدم الإفطار بالدخان والبخور؛ لأنه أثر وليس بعين.
3- أن بخاخ الربو يدفع الدواء فينفذ به إلى ما وراء الحلق.
4- إن الدواء في هذه البخاخات وإن كان يراد منه الوصول إلى الرئتين فإن النسبة العظمى منه تتجاوز اللهاة وتصل إلى المعدة،وهذا الإرذاذ مادة لها جرم مؤثر، وليس صحيحاً أنها مجرد هواء وإلا لم يكن علاجاً فإن الهواء المجرد يتنفسه المريض وغيره.
5- أنه لا فرق في الإفطار بين القليل والكثير.
6- أنه لا يشترط عند عامة أهل العلم أن يكون الداخل مغذيا فلو بلع حصاة أو استف ترابا لكان مفطرا.
7- أن العلة التي علل بها العلماء فساد الصوم بوصول بخار القدر إلى الحلق وعدم فساده بوصول دخان الحطب، هي أن بخار القدر منعش ومغذ دون دخان الحطب، ولا شك أن صفة الإنعاش والغذاء متحققة في بخاخة الدواء فإلحاقها ببخار القدر في إفساد الصوم أولى من إلحاقها بدخان الحطب، ولا يقال: إن هواء البخاخة لا يتجه إلى المعدة وإنما يتجه إلى القصبة الهوائية...لأن مسار هواء البخاخة هو بعينه مسار بخار القدر...ولم يفرق العلماء في الإفطار بما وصل إلى الحلق بين أن يكون وصل من مدخل الطعام والشراب أو من غيرهما من المنافذ.
8- أما القول: بأنه أنه لا يقطع بدخول شيء إلى المعدة والأصل صحة الصوم، ولا يزول هذا اليقين بالشك، فإنه يُرَدُّ على هذا بأنه قد ثبت من الناحية الطبية أن الذي يصل إلى المعدة من الدواء يقارب الثمانين بالمائة والباقي يذهب إلى الجهاز التنفسي ، فلا يقال والحال هذه: إن وصول الدواء للمعدة مشكوكًا فيه ، فقد كان المزيل لليقين يقينٌ مثله.
والقول بوقوع الفطر ببخاخ الربو هو اختيار: الشيخ محمد المختار السلامي، والدكتور محمد جبر الألفي، وبه أفتت دار الإفتاء المصرية.
الرأي المختار:
هذه المسألة مترتبة على قضيتين اثنتين:
القضية الأولى:في معرفة ماهية بخاخ الربو هل حكمه حكم الدخان والبخور، أم أن مادته مشتملة على ذرات من السوائل فيكون حكمه حكم الشراب المتفق على الإفطار به.
القضية الثانية: النزاع بين الجمهور والشافعية في الإفطار بالبخور والدخان.
وترتيب المسألة كالتالي:
إذا تأكد أن بخاخ الربو مشتملٌ على مركبات من السوائل؛ فإن المعاصرين على طريقتين:
الطريقة الأول: اعتباره مفطراً، ولا عبرة بالقليل والكثير.
الطريقة الثانية: اعتباره غير مفطر، وأن هذه الذرات اليسيرة يتسامح بها نظير التسامح بما يبقى من المضمضة والاستنشاق.
والأقوى هي الطريقة الأولى: والفرق أن قليل المتبقي من المضمضة والاستنشاق لا يقع قصد إدخالها، ويتعذر التحرز منها، بخلاف قليل بخاخ الربو؛ فإنه يقصد إدخاله، إلى ما وراء الحلق، ولا نظر بعد ذلك في قصد وصوله إلى المعدة أو عدم قصده، فإن هذا القدر من القصد غير معتبر، والمعتبر هو قصد الإدخال إلى ما وراء الحلق، وهو الذي يناط به التكليف، أما ما بعد ذلك فهو خارجٌ عن نظر الشارع، ولا نظر فيه إلى قصد المكلف لأن تصرفه فيما بعد الحلق ليس بيده حتى يناط به قصده من عدمه.
وهذا الترتيب بناء على المذاهب الفقهية الأربعة، أما الجمهور فواضح؛ لأنهم يفطرون بجرم الدخان فضلاً عما اشتمل على سوائل وأدوية، أما الشافعية فإنه لا يثور قولهم في عدم الفطر بالدخان لأن الكلام هنا فيما اشتمل على غازات وسوائل وأدوية من أصناف المستحضرات الطبية.
وقد قرر بعض المعاصرين الإجماع على الفطر بكل مائع أو قابل للتحلل تجاوز الحلق وبلغ المعدة أو توقف في المرئ عند ازدراده.
لكن إذا نوزع في اشتمال بخاخ الربو على هذه المستحضرات الطبية السائلة والغازية، وأنه ما ثم إلا هواء:
فإنه حيئنذٍ يثور الخلاف بين الجمهور والشافعية، فالجمهور على اعتبار الدخان مفطرا لاشتماله على جرم، والشافعية لا يقع الإفطار بالدخان لأنه أثر لا عين.
والذي يبدو والعلم عند الله :
أن بخاخ الربو يقع به الفطر؛ وذلك لاشتمال الرذاذ على جرم مؤثر من السوائل التي نهي الصائم عن تناولها، والمنازعة بقلتها، أو بعدم قصد دخولها إلى المعدة ضعيف كما سبق.
ولا فرق في هذا بين البخاخ الفموي وبين الإرذاذ الذي يكون بالجهاز مع وضع كمامة على الأنف والفم:
فهذا كله يُفسد الصوم إذا تعمد استنشاقه، أما إذا لم يتعمد – كالطبيب المعالج أو الشخص الذي يساعد المريض على تناول العلاج – فلا يفسد صومه طالما لم يتعمد، ومثله مثل ما ثار من غبار الدقيق وجبس الجباسين.
ومثله أيضاً التداوي بالبخار:
فكل دواء محلول مائع ينقلب إلى بخار، ويدخله المريض إلى باطنه من منفذ الفم فهو مفطر، سواء كان تحوله إلى بخار بواسطة الحرارة أو بواسطة الأجهزة المخلخِلة، وقد نص الزرقاني أن إيصال بخار القدر يحصل به غذاء للجوف لأنه لما كان البخار تحول في تماسك جزئيات الماء إذ يتخلخل الماء بالحرارة ثم يتجمع عندما يعود إلى ما كان عليه.