العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

(دروس علمية) الأعيان الحيوانية من حيث حل أكلها وحرمته

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم

(( الأعيان الحيوانية من حيث حل أكلها وحرمته ))

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبة ومن اتبع هداه. أما بعد:

فهذا بحث متواضع في بيان حكم الأعيان الحيوانية من حيث حل أكلها وحرمته، وقد قسمت الموضوع إلى قسمين:

القسم الأول: الحيوان البري، وفيه عشر مسائل:
المسألة الأولى: حكم أكل لحم الخنزير.
المسألة الثانية: حكم أكل لحوم الخيل.
المسألة الثالثة: حكم أكل لحوم الْحُمُر الأهلية.
المسألة الرابعة: حكم أكل ماله ناب من السباع يفرِس به.
المسألة الخامسة: حكم أكل ما له مِخْلَب من الطيْر يصيد به.
المسألة السادسة: حكم أكل ما يأكل الجيف.
المسألة السابعة: حكم أكل ما يستخبث.
المسألة الثامنة: حكم أكل ما أُمِر بقتله.
المسألة التاسعة: حكم أكل ما نُهِي عن قتله.
المسألة العاشرة: حكم أكل ما تولد من مأكول وغيره.

القسم الثاني: حيوان المائي والبرمائي.

وسيكون عرض الموضوع في عدة حلقات، حتى لا يسأم القارئ من طول الموضوع.

تمهيد:
لقد كرم الله سبحانه وتعالى بني آدم، وسخر لهم ما في السموات وما في الأرض، وأباح لهم الطيبات من الرزق، فالأصل في الأطعمة الحل، لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }، وقوله: { وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ }، وقوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا }.

ثم إن الله سبحانه وتعالى بحكمته حرم بعض المطاعم لما اشتملت عليه من الضرر، ووبخ على ترك الأكل مما ذُكِر اسم الله عليه، بعد أن بيَّن لنا ما حَرَّم علينا، قال تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ }، فكل طعام لم يقم الدليل على تحريمه فهو حلال.

والمطاعم نوعان: نباتية وحيوانية، وأذكر هنا النوع الثاني. مقتصرا على بيان حكم أكل الأعيان الحيوانية من حيث هي، دون التعرض لما يعرض لهذه الأعيان من أوصاف طارئة ككونها ميتة أو جلالة أو مغصوبة، ولا لما يعرض لمتعاطيها من مخمصة واضطرار.

القسم الأول
الحيوان البري

المسألة الأولى: حكم أكل لحم الخنزير: يحرم أكله بالنص والإجماع، قال تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ }. ومن أسباب تحريم الخنزير: أنه يتغذى على القاذورات والنجاسات، ولاتصافه بالدياثة وكثير من الطباع الخبيثة، فالمتغذي به يكتسب من طباعه الخبيثة، ولما في تناوله من الضرر على الجسم.

فقد اكتشف الأطباء أن لحم الخنزير يحمل جراثيم وديدان شديدة الفتك، فإن عددا كبيرا من الجراثيم والطفيليات والبكتيريا تستوطن لحم الخنزير، وعندما يأكل الإنسان هذا اللحم فإن هذه الآفات تنتقل إليه.

يقول الدكتور ( RIZVI ): إن الخنزير أكبر حاضن للميكروبات، ويسبب أمراضا مميتة من بينها: الدزنتاريا، والتراكينوسس، ومرض الدودة الشريطية، والدودة المبرومة، ودودة الخطاف، وانسداد المرارة، واحتقان الرئة، والاختناق، وانسداد الأمعاء، ومرض البنكرياس الحاد، وتضخم الكبد، وارتفاع الحرارة، ويقلل نمو الطفل، ويسبب مرض التفوئيد، واضطرابات القلب، وحالات الإجهاض لدى النساء الحوامل، وحالات العقم عند الرجال والنساء، والموت المفاجئ. انظر كتاب أحمد صقر " الخنزير وأسباب تحريمه ".

ومن ناحية الدهن: فإن الدهن المتواجد في الخنزير غير قابل للتفكك والهضم في الأمعاء، وبالتالي فإنه يمتص على شكل دهن خنزيري ويترسب في جسم الإنسان، وبترسبه هذا، يصبح وكأنه جسم غريب، مما يترتب عليه أن جهاز المناعة في الجسم ينشط ليقاومه، فتنشأ الحساسية على شكل حكة أو ارتفاع في الحرارة أو شعور بالغثيان أو ارتفاع في ضغط الدم أو شعور بضيق في التنفس.

يقول الدكتور ( Parret ) في كتابه أمراض الأطعمة الحيوانية: إن لحم الخنزير هو أصعب لحم على الهضم، وهذا يعني بأن قيمته الغذائية متدنية. والله تعالى أعلم.
 

خالد محمد المرسي

:: مطـًـلع ::
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
101
التخصص
لم يحن وقته
المدينة
الاسكندرية
المذهب الفقهي
حيث مادار الدليل بفهم المتنورين
أنا سمعت قول ان لحم الخيل يُؤكل الا رأسها لشرف المقدمة فى مواجهة اعداء الله
فما تعليقك ؟
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
أنا سمعت قول ان لحم الخيل يُؤكل الا رأسها لشرف المقدمة فى مواجهة اعداء الله
فما تعليقك ؟
تخصيص الرأس بعدم الأكل، لم أطلع على قائل به، لكن قال ابن أبي جمرة: " سبب كراهة مالك لأكلها، لكونها تستعمل غالبا في الجهاد، فلو انتفت الكراهة لكثر استعماله [ أي الأكل ] ولو كثر لأدى إلى قلتها، فيفضي إلى فنائها، فيؤول إلى النقص من إرهاب العدو الذي وقع الأمر به في قوله تعالى: { وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ } (60) سورة الأنفال ". اهـ.

نقل ذلك ابن حجر في الفتح، ثم قال: " وهذا لا ينهض دليلا للكراهة، بل غايته أن يكون خلاف الأولى، ولا يلزم من كون أصل الحيوان حل أكله، فناؤه بالأكل ". اهـ.

وقال قبل ذلك: " يستفاد من قولها [ أي أسماء بن أبي بكر ]: " وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ " أن ذلك بعد فرض الجهاد، فيرد على من استند إلى منع أكلها بعلة أنها من آلات الجهاد ". اهـ.

فتبين بهذا أن من قال بكراهة أكلها لأجل الجهاد، مأخذه: الإبقاء عليها وعدم فنائها، لا لشرفها.

ثم لو ثبت عن بعض العلماء أنه قال بحل أكلها إلا الرأس لشرفه، فهذا تعليل ضعيف، مخالف لعموم الأحاديث الدالة على جواز أكل الخيل.

وأيضا أين التشريف في دفن الرأس وعدم انتفاع المسلمين بلحمه. والقاعدة العامة في باب الأطعمة: تحريم المطاعم الخبيثة، وإباحة المطاعم الطيبة. والله تعالى أعلم.

وشاكر الله لك أخي خالد على هذا المشاركة النافعة.
 
إنضم
14 يناير 2009
المشاركات
24
التخصص
الدراسات الاسلامية
المدينة
نورث كارولاينا
المذهب الفقهي
لا مذهب
بارك الله فيك وجزاك عني خير الجزاء
 

ابنة أحمد

:: متخصص ::
إنضم
11 ديسمبر 2008
المشاركات
76
التخصص
فــقه وأصـوله
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم، وأحسن إليكم .
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الدرس الثالث

المسألة الثالثة: حكم أكل لحوم الْحُمُر الأهلية:
في هذه المسألة قولان:

القول الأول: تحريم أكل الحمر الأهلية، وهو قول جمهور العلماء، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة وهو الراجح عند المالكية.

القول الثاني: يحل أكلها مع الكراهة، وهو قول للمالكية.

استدل الجمهور بأدلة منها:

1- حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً ... فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. متفق عليه.

2- حديث الْبَرَاء بن عازب رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِيَ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ. متفق عليه.

3- حديث سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا أَمْسَوْا يَوْمَ فَتَحُوا خَيْبَرَ أَوْقَدُوا النِّيرَانَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَامَ أَوْقَدْتُمْ هَذِهِ النِّيرَانَ؟ قَالُوا: لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، قَالَ: أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَاكْسِرُوا قُدُورَهَا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ: نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ ذَاكَ. متفق عليه.

4- حديث أَبي ثَعْلَبَةَ الخشني رضي الله عنه قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. متفق عليه.

واستدل القائلون بالكراهة بأدلة منها:

1- قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ } (145) سورة الأنعام. وقد جاء عن ابن عباس أنه يقول بظاهرها.

فروى البخاري بإسناده عن عَمْرو بن دينار قال: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ حُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَاكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ عِنْدَنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِنْ أَبَى ذَاكَ الْبَحْرُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ: { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا }.

2- حديث غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَتْنَا السَّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانُ الْحُمُرِ، وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ، فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ، يَعْنِي الْجَلَّالَةَ. رواه أبو داود، وقال الألباني: ضعيف الإسناد مضطرب.

3- ما ورد من التعليلات التي تدل على أن تحريم الحمر كان لسبب عارض: ككونها لم تخمس، أو لأنها جلالة تأكل العذرة، أو لخشية قلة الظهر.

فعن عبد الله بْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَانْتَحَرْنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتِ الْقُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْفِئُوا الْقُدُورَ فَلَا تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْنَا إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، قَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ. متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَهَى عَنْهَا الْبَتَّةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ.

وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا أَدْرِي إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهُ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. متفق عليه.

وقد أجيب عن هذه الأدلة:

بأن آية الأنعام مكية، وأحاديث التحريم يوم خيبر أي بعد الهجرة بأكثر من ست سنين، فنص الآية خبر عن الحكم الموجود عند نزولها، وليس فيها ما يمنع أن ينزل بعد ذلك غير ما فيها، وقد نزل بعدها في المدينة تحريم أشياء غير ما ذكر فيها، كالخمر، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة إلى آخره، فالاستدلال بهذه الآية على الحل إنما يتم فيما لم يأت فيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه، وقد تواردت الأخبار بذلك، والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل.

وأجيب عن قول ابن عباس: بأنه قال ذلك أولاً قبل أن يبلغه النهي، قال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: " والتحقيق أن ابن عباس أباحها أولا حيث لم يبلغه النهي، فسمع ذلك منه جماعة فرووا ما سمعوه، ثم بلغه النهي عنها فتوقف هل هو للتحريم أو لأجل كونها حمولة، فروى ذلك عنه الشعبي وغيره، ثم لما ناظره علي ابن أبي طالب جزم بالتحريم كما رواه عنه مجاهد ". اهـ.

وأجيب عن حديث غالب بن أبجر: بأن إسناده ضعيف، ومتنه شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، فالاعتماد عليها.

وأجيب عن التعليلات: بأنها مجرد احتمالات، وقد أزالها حديث أنس المتقدم حيث جاء فيه: " فإنها رجس " وكذا ما جاء في حديث سلمة من الأمر بغسل القدور، وهذا حكم المتنجس، فدل ذلك على تحريمها لعينها لا لمعنى خارج. والله تعالى أعلم.
 
إنضم
14 يناير 2009
المشاركات
24
التخصص
الدراسات الاسلامية
المدينة
نورث كارولاينا
المذهب الفقهي
لا مذهب
بارك الله فيك -
والذي يؤكد ايضا الفهم على انها حرمت لعينها وليس لمعنى خارج عنها مثل الحاجة اليها للركوب او ما شابه كونها كانت قد ذبحت في وقت مجاعة. وبالرغم من الحاجة الى أكل لحمها امر رسول الله صلى الله عليه وسلم باراقة ما في القدور. فقد ورد في صحيح مسلم "وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني قال سألت عبد الله بن أبي أوفى عن لحوم الحمر الأهلية فقال أصابتنا مجاعة يوم خيبر".... والامر الاخر انها لو نهى عن ذبحها للحاجة لركوبها لكان النهى موجها الى الحمر التى لم تذبح وليس للتى ذبحت ولكن النهي كان منصبا على المذبوح الذي في القدور.

والسؤال عندي - اذا كان حديث تحريم البغال ضعيف فهل تلحق البغال حكم اكل الخيل ام حكم الحمير الانسية؟

جزاكم الله خيرا واحسن اليكم
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
والسؤال عندي - اذا كان حديث تحريم البغال ضعيف فهل تلحق البغال حكم اكل الخيل ام حكم الحمير الانسية؟
سيأتي بيان ذلك في مسألة: حكم أكل الحيوان المتولد من مأكول وغيره، إن شاء الله تعالى.
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الدرس الرابع

المسألة الرابعة: حكم أكل ماله ناب من السباع يفترس به:

كالأسد والنَّمِر والفهد والذئب والدب والفيل والقرد والنمس. في هذه المسألة قولان للعلماء:

القول الأول: يحرم أكل كل ذي ناب من السباع ينهش به، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة.

القول الثاني: يكره أكله تنزيها، وبه قال المالكية.

استدل الجمهور بأدلة منها:

1- حديث أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ. متفق عليه.

2- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ. رواه مسلم.

واستدل المالكية:

بمفهوم قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ } (145) سورة الأنعام. فظاهر الآية الحصر، وأن ما عدا المذكور فيها حلال. وقد تقدم الجواب عن استدلالهم بهذه الآية.

واختلف القائلون بالتحريم في أنواع من الحيوانات هل يصدق عليها هذا الضابط أو لا، منها:

1- الضبع:

القول الأول: التحريم، وبه قال الحنفية. لأن للضبع نابا يصيد به.

ولحديث خُزَيْمَةَ بْن جَزْءٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ فَقَالَ أَوَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ. رواه الترمذي وابن ماجه، وضعفه الألباني، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.

قالوا: وما روي من إباحته فمحمول على ما قبل التحريم، فإن الأصل أنه متى تعارض نصان غُلِّب المحرِّم على المبيح.

القول الثاني: الكراهة، وبه قال المالكية.

القول الثالث: الإباحة، وبه قال الشافعية والحنابلة.

لحديث ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ قُلْتُ: آكُلُهَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ قُلْتُ: أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الضَّبُعِ فَقَالَ: هُوَ صَيْدٌ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ. رواه أبو داود وصححه الألباني.

2- الثعلب:

القول الأول: يحرم أكله، وبه قال الحنفية والحنابلة. لأن له نابا يصيد به.

ولحديث خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ أَحْنَاشِ الْأَرْضِ، مَا تَقُولُ فِي الثَّعْلَبِ؟ قَالَ: وَمَنْ يَأْكُلُ الثَّعْلَبَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الذِّئْبِ؟ قَالَ: وَيَأْكُلُ الذِّئْبَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ. رواه ابن ماجه، وضعفه ابن حجر والألباني.

القول الثاني: يكره أكله، وبه قال المالكية.

القول الثالث: يباح أكله وبه قال الشافعية ورواية عن أحمد، لأنه لا يتقوى بنابه، ولأنه من الطيبات.

3- ابن آوى: وهو فوق الثعلب ودون الكلب، رائحته كريهة.

القول الأول: يحرم أكله، وهو الأصح من مذهبي الشافعية والحنابلة، لأنه مستخبث، وله ناب يعدو به، ويأكل الميتة.

القول الثاني: يباح أكله، وهو رواية عند الحنابلة ووجه للشافعية، لأن نابه ضعيف.

4- الهر الأهلي والبري:

القول الأول: يحرم أكله بنوعيه، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، لأنه يعدو بنابه.

ولحديث جَابِرٍ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ وَثَمَنِهِ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وضعفه الألباني، وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

القول الثاني: يكره أكله بنوعيه، وبه قال المالكية.

القول الثالث: يحرم الأهلي ويحل الوحشي، وهو وجه للشافعية ورواية عن أحمد. لأنه حيوان ينقسم إلى أهلي ووحشي، فيحل الوحشي منه ويحرم الأهلي، كالحمار.

5 ، 6 ، 7- السنجاب والفَنَك والسَمُّور: الفَنَك: حيوان يؤخذ من جلده الفرو للينه. والسَمُّور: حيوان يشبه السِّنور. وهما نوعان من ثعالب الترك.

القول الأول: تحريم أكل هذه الثلاثة، وبه قال الحنفية والحنابلة، لأن لها نابًا.

القول الثاني: إباحة أكلها، وبه قال الشافعية، لأن العرب تستطيبها.

8- ابن عِرْس: وهو دويبه صغيرة تعادي الفأر، تدخل جحره وتخرجه.

القول الأول: يحرم أكله، وبه قال الحنفية والحنابلة، لأن كل شيء ينهش بأنيابه فهو من السباع.

القول الثاني: يباح أكله، وبه قال الشافعية، لأنه ليس له ناب قوي.

والله تعالى أعلم.
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الدرس الخامس

المسألة الخامسة: حكم أكل ما له مِخْلَب من الطيْر يصيد به: كالعُقاب والبازي والصقْر والشَاهين والحِدَأَة ونحوها.

القول الأول: تحريم أكل كل ذي مخلب من الطير يصيد به، وهو قول أكثر أهل العلم، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة.

لحديث ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ. رواه مسلم.

القول الثاني: إباحة أكل جميع الطير، حتى ذوات المخالب، وبه قال المالكية، إلا الوَطواط ( الخفاش ) فيكره على الراجح من مذهبهم.

لعموم قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ }. قال سحنون في المدونة: قلت: أرأيت الطير كُلَّهُ أَلَيْس لا يَرى مالك بأكله بأسًا, الرخم والعقبان والنسور والحِدَأ والغربان وما أشبهها ؟ قال: نعم, قال مالك: لا بأس بأكلها كلها، ما أكل الجيف منها وما لم يأكل, ولا بأس بأكل الطير كله. اهـ. وذلك لأنه لم يثبت عنده نص صريح في التحريم.

واختلف أصحاب القول الأول في بعض الطير هل يصدق عليها هذا الضابط أم لا، منها:

- البومة:
القول الأول: يحرم أكلها، وبه قال الشافعية والحنابلة.
القول الثاني: يحل أكلها، وبه قال الحنفية.

المسألة السادسة: حكم أكل ما يأكل الجيف: كالنسْر والرَّخَم والغراب الأَبْقَع. ( الرخم ): طائر يشبه النسر في الخلقة. ( الغراب الأبقع ): هو الذي فيه بياض وسواد.

ذهب الحنفية والحنابلة: إلى تحريم أكل ما يأكل الجيف، لخبث مطعمة، فيسري ذلك الخبث في لحمه، وقد قال تعالى: { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة.

وأما المالكية: فتقدم أنهم أباحوا جميع الطير، لمفهوم قوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } الآية. والله تعالى أعلم.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الدرس السادس

المسألة السابعة: حكم أكل ما يستخبث: كالحشرات من دِيدان وجعلان وخنافس وأوزاع وصَراصِر وحِرْبَاء وعِضَاه وفأر وحيَّات وعقارب وخُفَّاش وزُنْبُور ونحل ونمل وذباب وقَمْل وبراغيث ونحوها.

والأصل في هذه المسألة قوله تعالى: { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }. وقد اختلف الفقهاء في المراد بالخبائث على قولين:

القول الأول: أن المراد بالخبائث ما تستخبثه النفوس، وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة، قالوا: وليس المرد بالطيب والخبيث هنا: الحلال والحرم، لأن لو كان كذلك، لكان معناه: أُحِلَّ لكم الحلال، وحرم عليكم الحرام، وهذا ليس فيه بيان، وإنما المراد: ما تستطيبه وتستخبثه الطباع السليمة من أهل القرى والأمصار، فكل ما استخبثوه فهو حرام، وكل ما استطابوه فهو حلال، ولا عبرة بأهل البوادي من الأعراب الجفاة لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون كل ما وجدوه. ولهذا سئل بعضهم عما يأكلون ؟ فقال: ما دَبَّ وَدَرَجَ إلا أُمُّ حُبَيْنٍ، فقال: لتهن أُمُّ حُبَيْنٍ العافية. و( أُمُّ حُبَيْنٍ ): الخنافس الكبار.

إلا أن الحنفية والحنابلة: اعتبروا أهل الحجاز من أهل الأمصار، لأنهم هم الذين نزل عليهم الكتاب وخوطبوا به وبالسنة، فرجع في مطلق ألفاظها إلى عرفهم دون غيرهم.

قالوا: وما لا يعرفه أهل الحجاز ولا ذكر في الشرع: يرد إلى أقرب ما يشبهه في الحجاز. فإن لم يشبه شيئا منها: فهو مباح، لدخوله في عموم قوله تعالى: { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا } الآيَة.

وأما الشافعية: فاعتبروا استطابة أهل اليسار والطباع السليمة من أكثر العرب سكان البلاد والقرى. قالوا: وعلم بالعقل أنه لم يرد ما يستطيبه كل العالم، لاستحالة اجتماعهم على ذلك عادة، لاختلاف طبائعهم، فتعين أن يكون المراد بعضهم، والعرب بذلك أولى الأمم، إذ هم المخاطبون أولا، ولأن الدين عربي.

قالوا: فإن جُهِل اسم حيوان: سُئل العربُ عن ذلك الحيوان، وعُمِل بتسميتهم له مما هو حلال أو حرام، لأن المرجع في ذلك إلى الاسم، وهم أهل اللسان. فإن لم يكن له اسم عندهم: اعتبر بأشبه الحيوانات به في الصورة أو الطبع أو الطعم في اللحم. فإن تساوى أو فقد ما يشبهه: حل على الأصح.

القول الثاني: أن المراد بالخبائث في الآية: المحرمات بنص الشرع، وبه قال المالكية، قالوا: والطيبات هي المحللات، والخبائث هي المحرمات، ولا دخل لاستخباث الناس في التحريم، وإنما المرجع في ذلك إلى ما نص على تحريمه، وما لم ينص على تحريمه فهو حلال، وعليه أباحوا أكل الحشرات والفأرة والحية ونحوها، لقوله تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } الآية.

ولحديث التَّلِبِّ بن ثعلبة قَالَ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا. رواه أبو داود، وضعف إسناده الألباني. والله تعالى أعلم.

ويتبع في الدرس القادم إن شاء الله تعالى ذكر اختلاف أصحاب القول الأول في أعيان حيوانية هل هي من الخبائث أم لا ؟.
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
جزاكم الله خيراً، موضوع مميز..

لكن أتساءل أليست هناك تسمية أولى من قولكم: " الأعيان الحيوانية"؟
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
جزاكم الله خيراً، موضوع مميز..

لكن أتساءل أليست هناك تسمية أولى من قولكم: " الأعيان الحيوانية"؟

ربما يوجد، لكن غاب عني، فإن كان لديكم تسمية أخرى فأفيدوني بها. وجزاكم الله خيرا.
 
إنضم
22 مارس 2008
المشاركات
392
الكنية
أبو صهيب
التخصص
الفقه
المدينة
طيبة
المذهب الفقهي
حنبلي
نسب بعضهم جواز أكل الكلب إلى المالكية فما مدى صحة هذه النسبة؟
 

مجتهدة

:: متميز ::
إنضم
25 أبريل 2008
المشاركات
931
التخصص
فقه وأصول..
المدينة
000000
المذهب الفقهي
حنبلية على اختيارات الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-.
ربما يوجد، لكن غاب عني، فإن كان لديكم تسمية أخرى فأفيدوني بها. وجزاكم الله خيرا.

أنت أعلم بارك الله فيك..

لكن هذا المركب (الأعيان الحيوانية) أراه غريبا على الفقه إلا إذا كان موجوداً وغاب عني مع ما غاب!

ماأقرأه مثلاً، بهيمة الأنعام، كل ذي ناب أو مخلب، الحيوان المأكول أو غير المأكول..نحواً مما ذكرت..

أو الحيوان فقط، (الحيوان في الفقه من حيث حل أكله وحرمته)
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
نسب بعضهم جواز أكل الكلب إلى المالكية فما مدى صحة هذه النسبة؟

نعم المعتمد من مذهب المالكية الجواز مع الكراهة كغيره من السباع. وعندهم قول بتحريمه. انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2/117.
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الدرس السابع

اختلف القائلون بأن المراد بالخبائث ما تستخبثه النفوس، في أعيان حيوانية هل هي من الخبائث أم لا، منها:

1- القنفذ:
يباح أكله عند المالكية والشافعية، لأنه مستطاب، لا يتقوى بنابه، فيحل أكله كالأرنب.

ويحرم عند الحنفية والحنابلة، لأنه مما يستخبث لتغذِّيه بالحشرات. فعن عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْقُنْفُذِ ؟ فَتَلَا { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } الْآيَةَ، قَالَ: قَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَبِيثَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ كَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فَهُوَ كَمَا قَالَ مَا لَمْ نَدْرِ. رواه أحمد وأبو داود، وضعف إسناده ابن حجر والألباني.

2- النَّيص ( الدُّلدُل ): وهو عظيم القنافذ.
يباح عند المالكية والشافعية، لأنه من الطيبات.
ويحرم عند الحنابلة، لأنه مستخبث.

3- الوَبر: بسكون الباء وقيل بفتحها، وهو حيوان أصغر من الهر أكحل العين قصير الذنب.

يحرم عند الحنفية ورواية عن أحمد، لأنه يشبه الفأر.
ويباح عند المالكية والشافعية والحنابلة، لأنه يفدى في الإحرام والحرم ولأنه يأكل النبات كالأرنب.

4- اليربوع:
يحرم عند الحنفية ورواية عن أحمد، لأنه يشبه الفأر.
ويباح عند المالكية والشافعية والحنابلة، لأنه ليس من السباع، فنابه ضعيف، والعرب تستطيبه، ولأن عمر حكم بقتله بالحرم والإحرام بجفرة.

5- الضب:
يحرم أكله عند الحنفية.
ويباح عند الشافعية والحنابلة.

دليل الحنفية:
أن الضب من الحشرات والهوام، وأنه من الخبائث، وقد ورد النهي عنه في حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ. رواه أبو داود، وحسنه الألباني. قالوا: وما روي من أكله محمول على ابتداء الإسلام، قبل نزول { ويحرم عليهم الخبائث }.

دليل القائلين بالإباحة:
حديث بْن عَبَّاسٍ: أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَيْفُ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتْ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدَّمُ إِلَيْهِ طَعَامٌ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، قُلْنَ: هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ، فَلَمْ يَنْهَنِي. متفق عليه.

وعن ابْن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ سَعْدٌ، وَأُتُوا بِلَحْمِ ضَبٍّ، فَنَادَتْ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي. متفق عليه.

وفي رواية لهما عن ابن عمر قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الضَّبِّ، فَقَالَ: لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمِهِ.

6 ، 7 - الببغاء، والطاووس:
يحرمان في الأصح عند الشافعية، لخبثهما.
ويباحان عند الحنابلة ووجه للشافعية، لمنع كونهما من الخبائث.

8- الدود المتولد من طعام كخل وجبن وفاكهة:

القول الأول: يباح أكله تبعا لا استقلالا، حيا كان أو ميتا، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة.

ويجوز عند المالكية أيضا: أكله منفردا إذا ذُكي، كغيره مما لا نفس له سائلة. ويأتي بيان كيفية ذكاته قريبا إن شاء الله تعالى.

القول الثاني: يجوز أكله قبل نفخ الروح فيه لا بعده، وبه قال الحنفية، لأن اسم الميت إنما يطلق على من له روح.

فائدة: الجراد من الطيبات، ويباح أكله بإجماع أهل العلم، لحديث ابْن أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ. متفق عليه.

وميتته حلال عند الحنفية والشافعية والحنابلة، لحديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.

وقال المالكية: ما لا نفس له سائلة كالجراد وخشاش الأرض لا يباح إلا بذكاة، وذكاته: كل فعل يموت به، كقطع رأس أو جناح أو رجل أو إلقاء بماء حار، ولا بد من نية الذكاة وذكر اسم الله.

وأجابوا عن الحديث: بأن المراد بحل الميتة بالنسبة للجراد: عدم ضبط ذكاته، كغيره مما لا نفس له سائلة، وإن كان ظاهر الحديث استواءه مع السمك. والله تعالى أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
بوركتم يا شيخ هشام..
لم أرَ ذكراً للفيل هنا مع أنه مما حرم أكلَه جمع من العلماء للاستخباث.
 
أعلى