اعتراض على قياس
اعتراض على قياس
كيف يقيس بعض الأخوة صدر الأمة على اخر الزمان؟
أعني كيف طالب علم يسأل ماذا كان مذهب التابعين والصحابة؟
صدر الأئمة حالهم مختلف تماما عن حالنا اليوم.فهذه مقارنة ظالمة للسلف,أن تقارن الشمس بشمعة المصباح.هذا عصر لم يكن للسلف حاجة فيه الى وضع العلوم أصلا فضلا عن وضع المذاهب.أول من وضع علم العقيدة هو الامام أبي حنيفة في كتابه الفقه الأكبر وأول من وضع علم الأصول هو الامام الشافعي في الرسالة وأول من جمع كتابا صحيحا مدقق في الحديث هو الامام مالك في الموطأ.
فاين كانت هذه العلوم قبل أن يضعها الأئمة؟
اجابة هذا السؤال هي نفس اجابة :
اين كان الفقه قبل أن يضع الائمة المذاهب؟
في صدر الأمة كان الرجال كلهم علماء في اللغة العربية والأصول والسنة والعقيدة و...الى اخره.ولكن كانت في صدورهم وعقولهم مستقاة من مجالسة النبي والبيئة العربية والفطرة النقية والعقل السليم.ولكن العلوم لم تكن مدونة ولا مقسمة كما هي الان.فلم يكن يوجد شئ اسمه مثلا: كتاب الطهارة ثم باب الوضوء ثم فصل:أركان الوضوء ومستحباته. كل هذا كان بديهيا عندهم.
وكذا أصول الفقه وفروعه كانت في عقولهم ونفوسهم ولكن على مدارس مختلفة (مدرسة الرأي لابن مسعود ومدرسة الأثر لابن عمر) حتى جاء المجتهدين المطلقين ووضعوا المذاهب وقرروها.ثم تبعتهم الأمة كما تبعوا القراء العشر والنحاة.
فكيف تقيس-أخي الحبيب-أولئك السماء بمن في حضيض الجهل في عصرنا فلا يكاد يعرف المفعول به من الفاعل ولا يدري ما هو القياس بل قد لا يحسن الوضوء وقد تكون صلاته باطلة,لأنه عاش في مجتمعاتنا المعاصرة التي سقطت تحت وطأة التغريب والانسلاخ عند التدين؟!
كيف تسلط هذا الجاهل-وكثير منا كان هذا الرجل وقد يكون ما زال منه منه شئ-على الأدلة واختلاف العلماء هكذا من الدار الى النار؟
هو لا يعرف لغة ولا أصول ولم يتصور المسائل بل لم يسمع عنها
من قبل أصلا؟
ارفق به وبنفسك ابدأ بمتن مختصر جامع للمسائل على قول واحد في مذهب واحد ثم اقوال كثيرة في مذهب واحد ثم اقوال كثيرة في مذاهب كثيرة هكذا حتى ترتيب منطقي.
فصاحب المختصر الفقهي ليس شيعيا ولا رافضيا,وانما هو مؤمن تقي ثبت امام عالم ورع ثقة يستقي من مصادر التشريع ولكن يتجاوز مرحلة سرد الأدلة ويأتي الى الحكم مباشرة اختصارا على المبتدئ وليس نبذا للدليل-استغفر الله.
---
اختلاف المذاهب للمنتهى لا المبتدي,حتى كتب اختلاف المذاهب اسمها أو حجمها يوحي بأنها المنتهى:نهاية المقتصد,المجموع,المغني.حتى اسماءها توحي بالاستيعاب.
---
شروح الحديث لا ينكر أحد أهميتها لكن جهدها تكميلي وليس تأسيسي.فليس فيها تفريعات كتب الفقهاء والمامها بجميع الأدلة من قران وسنة واجماع وقياس ووو الى اخره.
فمثلا:اذا كان عندك انائين من المياه وتعلم ان أحدهما طاهر والاخر نجس ولكن لا تعلم أي واحد الطاهر وتريد أن تتوضأ للصلاة,فماذا تفعل؟
مثل هذه المسألة ونظائرها كثير كيف ستعلمها من شراح الحديث.يصعب أن تجدها وان وجدتها فسيقودك الى الحقيقة التالية:
المذاهب هي مصادر هذه الشروح كلها أصلا.
---
مذهب مالك ليس موطأه بل مذهب مالك هو فقهه الذي علمه للطلاب فدونوه ونقلوه في مثل (المدونة الكبرى) لابن سحنون.ثم على أساس أصول مالك وفروعه قام البناء الشامخ الذي شارك في بناءه الاف المالكية على مر الزمن.
---
وأريد أن أقول للأخوة للأخوة النافرين عن التمذهب لك في علماء الاسلام أسوة حسنة فقد تفقهوا على مدرسة المذهب. فلست أفقه ولا أعلم ولا أدرى ولا أهدى ولا أوعى بطريقة السلف في التفقه من التاليين:
ابن قدامة وابن القيم وابن تيمية الحنابلة
ابن حجر والنووي واللالكائي وابن خزيمة الشافعية
ابن عبد البر والقرطبي وابن العربي والشاطبي ومحمد الأمين الشنقيطي والطاهر ابن عاشور المالكية
الزيلعي وبدر الدين العيني وابن أبي العز الأحناف
فضلا عن أصحاب الأئمة الأربعة مثل:
أبو يوسف ومحمد بن الحسن أصحاب أبي حنيفة
أشهب وابن وهب وعبد الله ابن عبد الحكم أصحاب مالك
المزني والبويطي والربيع المرادي أصحاب الشافعي
صالح وعبد الله أبناءه والمروذي أصحاب أحمد
---
وعذرا للاطالة
والله ولي التوفيق.
---