د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
وماذا عن طالب الأطروحة؟
أكثرنا في "الملتقى" من نقد "منهجية الدراسات"، وعرجنا على "الأستاذ البريفسور في مهب الريح"، واستشهدنا بـ "أطنان الورق"؟ وتأسفنا على "الإملال والروتين"، وأنفنا من "مكرور" الطرح.
ولكن يبقى سؤال يطرح نفسه!
يقول هذا السؤال: وماذا عن طالب الأطروحة؟
يعني: ما شاء الله تبارك الله، أنتم مائة في المائة، وكأن الأمر محجوز عند رئيس القسم ومجلسه فلو حللتم محلهم لصلح عليه أمر الدنيا والآخرة؟
لعلكم نسيتم أو تناسيتم إن لم يكن قد تبخر من أجهزة الذاكرة لديكم:
أن طالب الأطروحة هو جوهر الرسالة.
وأن طالب الأطروحة هو الحافر الأول، وهو العامل الثاني، وهو المنتج الأخير.
كل ما تذكروه عنا وعن مجالسنا نقركم عليه، ونصدقكم في كثير منه، ولكن أنتم ما هي نواقصكم؟
أليس الباحث هو "الماكينة" المحركة للبحث؟
هب أن مشينا مع كل ما تحلمون به، فما عساكم تفعلون؟
إن المجلس برئيسه وأعضائه، إن الكلية بعميدها وعمدها، إن مرشد الخطة، ومشرف الرسالة، كل هؤلاء وضعوا من أجلك أنت، لو فرضنا أسوء الاحتمالات، لو حملناهم الشرَّ إلى أقصاه، فلا يتجاوزن كونهم عوائق، وعلائق.
إن مثل تجهيزنا للأنظمة وإعداد اللوائح، هو كمثل شق الطرق ولا سيارات مارة، ومثل بناء المطارات، ولا طائرات قارة، ومثل العشب الأخضر، فما عساه يفعل والعنز مريضة! يا حسرة!
يا سادة؛ إن أكبر مشكلة في "الأطروحة" هو الباحث نفسه! هو الطالب نفسه!
فهو من ترفع الأمة به رأساً تارة، ومن تطرحه وأطروحته جلداً تارة!
لا يمل الأساتذة المشرفون عن قص معاناتهم مع هؤلاء الباحثين، وإذا كان الباحث لا يحسن انتخاب موضوع يقضي فيه مشروع عمره، وإذا كانت مصائب الدهر تجتمع عنده من أجل صناعة خطة في عدة ورقات فما يقدر إلا على نسخ خطط السابقين مع تغيير ما يلزم من الاسم والرقم الجامعي ونحوه.
ما رأيكم في الظاهرة التي فشت فشو النار في الهشيم، وهي بناء الأطاريح على البحث النصي في المكتبة الشاملة!
فلو كان موضوعه عن أحكام "التعليق" لبحث عن كلمة "التعليق"، وما قدِّر أن تخرج له من نتائج فهي مادة رسائله بعينها وأنفها!!
إذا كان الباحث لا يحسن ترتيب المسائل بحسب الأبواب الفقهية فبأي شيء سيفلح؟
يا هذا، إنه لا يحسن ترتيب المسائل! إنه لم يدرس العلم من أصوله فعلى أي شيء يفرع؟ وإلى أي شيء يضيف؟ يا لبكر! يا لتغلب!
يحدثني أحد المشرفين: أنه أشار مرة على طالبه أن يغير العبارة لأنها ركيكة، فجاءه بالعبارة وقد جعلها هكذا: الفصل الأول: تغير العبارة لأنها ركيكة! فما كان من المشرف إلا أن خرج عن طوره وأخرجه من مكتبه! فقد أعصابه، وما عادت تستحمل.
إن المشرفين يعانون من سوء كتابة الباحثين، فهم لا يحسنون نظم الكلام المرتب، لا يعرفون كيف يكتبون.
فتغدو ملاحظات المشرف قاصرة على فك الرموز وحل الطلاسم في ترجمة المكتوب إلى ما يمكن أن يفهم وإلى ما يمكن أن يقرأ!
إن من لا يعرف أن يخرج الحديث، ولا أن يرتب الأقوال، ولا أن يستخلص النتائج كيف يجوز أن يكون خريج هذه الدرجات؟ كيف يصير هذا حمَّال أطاريح؟
إن أكبر مشكلة يعانيها البحث الأكاديمي المعاصر هو ضعف "الباحث نفسه"، وينبغي أن تكون الحلول جذرية من "تأهيل الباحثين" أولاً، ولو من خلال دورات مكثفة، ثم انتخاب "موضوعات تناسبهم" في أطرٍ محددة في زوايا معينة.
أما الواقع الآن فهو تضييع لوقت الباحث، وتحميله فوق طاقته، وتضييع لمقدرات الأمة وتبديد لطاقات رجالها.
وكنتُ أقول لو أنهم أرسلوهم إلى بعض البلاد للدعوة إلى الإسلام فربما يكون أنفع لهم ولأمتهم.
أما أن يضيفوا، فهو لغوٌ وباطلٌ.
أقترحت على بعض المدرسين في مجالس الأقسام بعض المشاريع العلمية فصرح لي بأن الباحثين لا ينشطون لها، لا من ناحية النشاط الجمسي، ولا من ناحية القدرة العلمية، فقلت: لا تعدمون في كل دفعة من باحث متمكن، فقال: قد، وقد لا يكون، فربما جاءت الدفع المتوالية، وما عندك أحد يا شيخ!!
وقد تذكرت شيئا، فمن العلامات المقلقة أن الباحث الأكاديمي صار "كسولاً" بالمرة!!
فهو لا يريد موضوعاً مقلقاً يحوجه إلى بحث وتفتيش، وإن كان يريده في نفس الوقت "فلتة العصر" فهو يريد الحسناء، على بغل، وبأرخص مهر.
ويتعلل بأن الأبحاث الأكاديمية هي مرحلة وظيفية لنيل الدرجة، وما ينبغي عليه أن يضيع زمانه في التكلف لها، وأنهم لا يستحقون أن يبذل لهم أي جهد، فهم لا يقدرون النوابغ أمثاله.
وعمره ضاع، الماجستير ثلاث أربع سنوات، والدكتوراه ضعفها، يا رجلُ، بالله عليك، كم بقي من عمرك العلمي؟
فطالب الماجستير إذا عرضت عليه موضوعاً قال: لا، هذا نجعله في الدكتوراه لأني أكون نضجت واستويت!
وإذا استوى ونضج ولم يبق إلا أن يحترق وصار قاب قوسين أو أدنى من أن يكون دكتوراً أجل "فلسفاته النظرية" إلى أبحاث الترقية؛ لأن الوقت لا يسع لفضيلته!!
وأخيرا أقول:
إن المشكلة الأساسية الجوهرية في الأطاريح العلمية تكمن في نقطتين اثنتين:
1- أن الباحثين غير مؤهلين للبحث العلمي.
2- غياب الدور المؤسسي المرتب.
التعديل الأخير: