العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

هل نعد العقل والفطرة من طرق كشف المقاصد ؟

إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
ذكر المصنفون في علم مقاصد الشريعة طرق معرفة المقاصد.
قال الشيخ جمال الدين عطية :
(( وقد تجاهلوا جميعاً ما قرره السابقون على الشاطبي من دور العقل والفطرة في معرفة المصالح والمفاسد في حالة غياب النص )).
ينظر: نحو تفعيل مقاصد الشريعة ، ص16، ط1، المعهد العالمي للفكر الاسلامي.
ثم ذكر كلام ابن سينا في كتاب (النجاة) ، وكلام الجويني في (البرهان)، وكلام ابن عبد السلام في (قواعد الاحكام) فيما يخص دور العقل.
وذكر كلام ابن تيمية في (نقض المنطق)، وكلام ابن القيم في (اعلام الموقعين).
ثم كلام الشاطبي، وكلام علال الفاسي، وكلام ابن عاشور، واخيرا كلام الخادمي.
السؤال الاول:
ان كون احكام الشريعة الاسلامية موافقة للفطرة، لايلزم منه ان تكون الفطرة طريقا من طرق معرفة الاحكام، وكذلك كون مقاصد الشريعة الاسلامية موافقة للفطرة، لايلزم منه ان تكون الفطرة طريقا من طرق معرفة المقاصد.
بيانه:
ان مقاصد الشريعة جاءت موافقة لمعان كثيرة، لكن هذا المعاني لاتصلح طرقا لكشف المقاصد.
امثلة:
مثال1:
مقاصد الشريعة جاءت موافقة للعدل.
لكن لايصلح العدل ان يكون طريقا من طرق كشف المقاصد.
مثال2:
مقاصد الشريعة جاءت موافقة للسماحة.
لكن لاتصلح السماحة ان تكون طريقا من طرق كشف المقاصد.
وهكذا ...
فقل مثل ذلك في الاوصاف الاخرى التي جاءت الشريعة على وفقها مثل: الحرية، الكرامة الانسانية، الاستخلاف في الارض، العالمية، الشمولية،......الخ
وهكذا الشان مع العقل.
فهو اداة لفهم النص.
وليس مصدرا للاحكام.
وكذلك الفطرة.
الاحكام موافقة لها
وهي ليست طريقا من طرق كشف المقاصد.
هذا فيما يتعلق بالسؤال الاول.
السؤال الثاني:
اذا كان ابن تيمية وابن القيم يقصدان مثل قصد المؤلف لم يبق وجه لايراد كلامه اعلاه، وان قصدا قصدا يختلف عن قصد المؤلف فكيف يستشهد بكلامهما ؟
السؤال الثالث:
ألم يتكلم ابن عاشور عن دور الفطرة في كتابه مقاصد الشريعة الاسلامية (ص259) دار النفائس، تحقيق الميساوي،ط2 ؟
ويبدو ان تعبيره ادق ، اذ قال:
(( ابتناء المقاصد على وصف الشريعة الاسلامية الاعظم وهو الفطرة)) ص259، ثم اردف ذلك قائلا في ص (268): (( السماحة اول اوصاف الشريعة واكبر مقاصدها)).
وهذا يتفق تماما مع ما قلناه من ان الفطرة والسماحة من اوصاف الشريعة الكثيرة التي جاءت على وفقها، وليست من طرق كشف المقاصد.
السؤال الثالث:
لو جعلنا الفطرة من طرق كشف المقاصد فأي فطرة نرجع اليها، والى اي فطرة عالم سنحتكم عند الاختلاف؟ هل هي فطرة العلماء، ام العوام، ام طلبة العلم؟
ومن الذي يحدد صاحب الفطرة السليمة؟
ومن له الحق في ذلك بحيث يمتلك صلاحية يحدد ان العالم الفلاني نرجع الى فطرته؟
ام المقصود ان كل انسان يرجع الى فطرته ؟
فهذا ترك للعوام واهواءهم.
وان كان المقصود بالفطرة هي ذلك المعنى العام الذي لايوجد الا في الاذهان فكيف نرجع اليه وهو امر ذهني؟
والامور الذهنية لاتوجد في الخارج الا على شكل اعيان في عالم نرجع الى فطرته في الخارج؟
وان كان المقصود هو الاذهان فكيف يتم تفعيل ذلك (تطبيقا)؟
اذن وصف الفطرة هو امر عام مشترك ذهني لايمكن ان نجعله طريقا من طرق كشف المقاصد لانه ان كان امرا ذهنيا فهذه امور ذهنية لاوجود لها في الخارج الا على شكل افراد ان كان امرا وجوديا في الخارج فالى اي فطرة نرجع اي من هو الفرد او الجماعة التي نرجع الى فطرتها ومن يحدد افراد هذه الجماعة ؟ الخ الاسئلة التي تتطلب الاجابة عليها لكي يصح ان نجعل الفطرة من طرق كشف المقاصد.
ويقال في العقل مثما قيل في الفطرة.
خلاصة القول:
الشريعة جاءت موافقة للعقل والفطرة.
هذا شئ
وكون العقل والفطرة من وسائل كشف المقاصد شئ اخر.
هذا ما افهمه
والله اعلم
وانا سعيد بفوائدالاخوة الكرام
فلست هنا الا للاستفادة وربما الافادة.
والحمد لله رب العالمين
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله ، والصلاة والسلام على المصطفى . أما بعد :
الجدل في إدراك العقل والفطرة للمقاصد يَرْتَدُّ للجدل في التحسين والتقبيح العقلي : بين الذين يقولون بإدراك العقل للحُسْن ، ولابد من حكم يوافقه ، وبين الذين ينفون إدراك العقل للحُسْن ، وأن الحكم للشارع ، وبين من يقول بإدراك العقل للحُسْن ، ولكن الحكم بخطاب الشارع .
لابد من تصور انفكاك جهة دَرْك العقل للحُسْن عن جهة كون الحكم بخطاب الشرع ، والعقل منه الغزيزي ، وهو من الفطرة ، فهو حاسَّة فطرية كباقي الحواس الأخرى ، وهذه كلها طريقٌ للمعرفة ، والتي منها معرفة حُسْن الجمال في الصورة والملمس والمذاق والسماع والرائحة ، ومنها القضايا العقلية الفطرية ، وأما العقل المكتسَب فهو يكتسِب صحته بالاستناد للعقل الغريزي الفطري ، والحُسْن أيضاً يُعْرَف بالنقل ، لكن لا يلغي باقي المعرِّفات ، فالعلاقة بينها هي التكامل والانسجام ؛ لأن الذي خَلَق هو الذي شَرَع ، لكن جهة الحكم الشرعي وكذا مقاصده تُعْرَف بطريق الشرع وحده ، لكن الجهات الأخرى مراعاةٌ ، حتى في جهة الحكم الشرعي ومقاصده ؛ لأجل أنها مُعَرِّفات للحسن ... وجميع ما قيل في معنى الحُسْن من معاني يَرْتَدُّ للمصلحة ، فَيَسْري ما تقدم ذكره في الحُسْن – في المصلحة ... هذا من جانب .
من جانب آخر : في جهة الحكم الشرعي ومقاصده ، في دلائلهما : فيما أُحِيل على المصلحة المرسلة والعرف في معرفة الأحكام الشرعية :
أما المصلحة المرسلة فتعريف الأمارات الشرعية إنما هو من حيث الجنس القريب أو البعيد أو الأبعد ، أما من حيث عين الشيء فهو محال على العقل أو على العقول الكثيرة عبر الأزمان المتطاولة ، وهو مقتضَى العرف ، فتعريف الجزئي بكونه مندرج في جنس أعلى إنما هو بالعقل ، وتعريف الجنس الأعلى بكونه معتبر في الشريعة إنما هو بالنقل ؛ هذا ضرب . وضرب آخَر فإنه قد يكون الجنس الأعلى استفيد تكونه بالنظر العقلي من تفاصيل الجزئيات الشريعة ، فهذه التفاصيل تعريفها بالنقل ، والرابطة بينها تعريف بالعقل .
أما العرف فقد أُحِيلت عليه معرفة أحكامٍ كثيرة ، والعُرْف هو تَكَرار عقليٌ مُسْتَحْسَن لعقولٍ كثيرة ، فاطَّرَد ، فأصبح عُرْفاً ، فالإحالة على تعرفته تعريف نقلي ، وبيان ذلك بمقدمتين : هذا عُرْف . وهو مُحَكَّمٌ في هذا المجال . فالأولى تعريفٌ عُرْفي ، والثانية تعريفٌ نقلي .
ويقرب الأمران : المصلحة المرسلة والعرف - في حالة الاكتفاء بمجرد المناسبة ، التي هي الإخالة ، في حالة الاكتفاء بعدم المعارضة للأصول الشريعة ، والتي منها : المسكوت عنه ، أو مرتبة العفو ، فلا تعريف نقلي إلا عدم المعارضة ، وإنما الإعمال لتعريف العقل هنا أكثر ، وبيان ذلك بمقدمتين : هذا مصلحة . وهي معتبرة شرعاً . فالأولى تعريف عقلي ، والثانية تعريف نقلي ، لكن بالجنس الأبعد الذي هو مطلق المصلحة .
ويتصل بهذا : تحقيق المناط ، فالعلة في أغلبها اشترك في تعريفها عقل ونقل ، أما في تحقيق وجودها في الواقع فإن التعريف بذلك أغلبه عقلي وحسي وتجارب وخبرات ، وبيان ذلك بمقدمتين : هذا مسكر . وهو محرم . فالأولى تعريفٌ بغير النقل . والثانية تعريفها نقلي .
ولو ارتفعنا عن العلة في تحقيقها إلى الحكم الشرعي وإلى القضايا الكلية الشرعية في تحقيق كل ذلك في الواقع : بالنظر في أوصاف الواقعة والواقع ، وتأثيرها في منع التحقيق وإنزال الحكم الشرعي أو هي أوصاف طردية ، فمعرفة الواقع يكون بتعريف أغلبه عقلي ، ومنه قوانين علم النفس والاجتماع ومراكز استشراف الواقع الحالي والمستقبل ، أما التأثير في المانعية فما قيل في جهة الحكم الشرعي ومقاصده ، في دلائلهما يقال هنا .
وهذا الذي أذْكُر هو مما أحسبه أنه يدخل في فهم العلاقة بين : الواقعية والمعيارية في ضوء مقولة المقاصد ، لكني لا زلتُ عاجزاً عن دَرْكها بكل تفاصيلها ، وأتمنى من الباحثين إفادتي في هذا الموضوع .
أخوكم : فيصل الذويبي .
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
ملخص كلامك هو في :
1- لهذه المسالة علاقة بمسالة التحسين والتقبيح العقليين.
2- للعقل دور في (المصالح المرسلة والعرف) وهما من مباحث المقاصد.
3- للعقل دور في تحقيق المناط.
هذه اهم النقاط الاساسية.
وما يهمني هو قولك: (( جهة الحكم الشرعي وكذا مقاصده تعرف بطريق الشرع وحده )).

بارك الله بالشيخ فيصل.
 
إنضم
3 يوليو 2010
المشاركات
53
الكنية
أبو عمر
التخصص
أصول الفقه
المدينة
الطائف
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
أستاذي العزيز الشيخ أبوعبدالله المصلحي ، إن عبارتي هي :"لكن جهة الحكم الشرعي وكذا مقاصده تُعْرَف بطريق الشرع وحده ، لكن الجهات الأخرى مراعاةٌ ، حتى في جهة الحكم الشرعي ومقاصده ؛ لأجل أنها مُعَرِّفات للحسن".
ولذلك مثال :سيد يأمر عبده بأن يطيع فلان فيما يأمره به ، فالعبد يعتبر فلاناً جهةً لتعريفه بالأوامر ، وجهة اعتباره لذلك هي من سيده .وحينئذ لا يمكن أن يقال بنفي جهة تعريف الأوامر من فلان ، ويصح القول بأن جهة اعتبار التعريف من السيد .
 

حفيظة مبارك

:: متخصص ::
إنضم
25 أبريل 2010
المشاركات
5
التخصص
شريعة وقانون
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
نشكركم على هذا التوضيح، غير أن الملاحظ من خلال كتابات الشاطبي أنه أغفل دور العقل في معرفة المصالح ...في حين نجد ابن القبم وشيخه ابن تيمية قد أدلوا بدلوهم في هذا المقام بتحقيق منقطع النظير، يراجع: مفتاح دار السعادة، مدارج السالكين، فصول من أصول الفقه (المسائل الأصولية من خلال كتابات ابن تيمية).
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
يبدو لي ان ابن تيمية (رحمه الله) عندما تكلم عن موضوع الفطرة في (الاستقامة) و(الرد على المنطقيين) اراد الرد على الفلاسفة ومن تبعهم من اهل الكلام القائلين بان دليل اثبات الوحدانية هو دليل الحدوث، وان اثبات الصانع لهذا العالم لايتم الا عن طريق براهينهم وطرقهم الكلامية والفلسفية.
فبين لهم ان هناك طرقا اخرى لاثبات الوحدانية، ومنها : الفطرة.
فالفطرة عند ابن تيمية طريق من طرق المعرفة.
ولذلك شرح اية الميثاق....الخ
الذي اريد قوله:
ان سياق الكلام عن الفطرة بوصفها طريقا من طرق المعرفة عند ابن تيمية (رحمه الله) انما هو في مجال الالهيات.
ومعلوم ان مباحثها من جهة (المسائل والدلائل) تختلف عن مباحث اصول الفقه.
لذلك لا أرى صحة الاستدلال بكلام ابن تيمية (رحمه الله)على جعل الفطرة مسلكا من مسالك معرفة المقاصد.
والله اعلم.
 
إنضم
25 يونيو 2008
المشاركات
1,762
الإقامة
ألمانيا
الجنس
ذكر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
ألمانيا
المدينة
مونستر
المذهب الفقهي
لا مذهب بعينه
ير أن الملاحظ من خلال كتابات الشاطبي أنه أغفل دور العقل في معرفة المصالح
هذا لأن الشاطبي يرى أن لا تحسين ولا تقبيح في العقل....
ثم إنه يقول إن العقل إن نظر فمن وراء الشرع فقط....

******
قال الشيخ جمال الدين عطية :
(( وقد تجاهلوا جميعاً ما قرره السابقون على الشاطبي من دور العقل والفطرة في معرفة المصالح والمفاسد في حالة غياب النص )).
أولا ما الفطرة؟
وما العقل؟
وأتصور أن البحث في أمر العقل أجدى....
وهو ليس عندي إلا تنشئة ، فلا نجعل ما في الشريعة شبه محكوم بما هو صنيعة البيئة والتجارب

ثم من قال إن مصلحة من المصالح لا يدل عليها نص؟

ولشيخ الاسلام ابن تيمية كلاما رائقا في توضيح هذا المعنى.... .

 

د. سعيد بن متعب القحطاني

أستاذ أصول الفقه بجامعة الملك خالد
إنضم
7 يوليو 2008
المشاركات
32
التخصص
أصول الفقه
المدينة
أبها
المذهب الفقهي
الحنبلي
[وأتصور أن البحث في أمر العقل أجدى....
وهو ليس عندي إلا تنشئة ، فلا نجعل ما في الشريعة شبه محكوم بما هو صنيعة البيئة والتجارب

(ينبغي التفريق بين العقل الوهبي - مناط التكليف - والعقل الكسبي مناط الرشد بارك الله فيك
وكلامك منصب على العقل الكسبي)

ثم من قال إن مصلحة من المصالح لا يدل عليها نص؟

ولشيخ الاسلام ابن تيمية كلاما رائقا في توضيح هذا المعنى.... .

(ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام رائق000) هذا هو الصواب00
[/quote]
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله في الشيوخ الكرام
ولي بعض الإضافة على ما ذكر الشيوخ فأقول :
أولاً : ما المراد بالفطرة ؟
أصل الفطرة في اللغة الشق والإبراز والابتداء والخلق والاختراع قال تعالى : " فاطر السماوات والأرض " وقال : " ومالي لا أعبد الذي فطرني " .
والمراد بالفطرة عند العلماء الخلقة والقوة الغريزية أو الجبلة الموجودة في المخلوق التي تفيد قبول شيء ما هذا المعنى العام .
وأما الفطرة المذكور في نصوص القرآن والسنة في نحو قوله تعالى : " فطرة الله التي فطر الناس عليها " وقوله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة " فالمراد بها الإسلام عند عامة السلف وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما وثمة أقوال أخرى ساقها ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار وابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل وابن القيم في شفاء العليل وأطالوا في مناقشتها .
فالمخلوق مفطور على الإقرار بالخالق وفطرته موجبة مقتضية لدين الإسلام لقربه ومحبته فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المعارض .
كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من الأغذية والأشربة فيشتهي اللبن الذي يناسبه ويغذيه وهذا من قوله تعالى : " ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى " وقوله : " الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى " فهو سبحانه خلق الحيوان مهتديا إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره ثم هذا الحب والبغض يحصل فيه شيئا فشيئا بحسب حاجته .
إذا علم هذا فإن الإنسان مفطور على ما ينفعه من المصالح وما يضره وهو يحصل شيئا فشيئا حسب الحاجة والتجربة .

ثانياً :
الفطرة أمر ضروري غير مكتسب ويعني وجود علوم ضرورية فطرية في خلق الإنسان تتقبل العلوم النظرية .

ثالثاً :
الفطرة كالعقل من حيث قدرتها على إمكانية معرفة المصلحة من المفسدة أحيانا إجمالا وأحيانا تفصيلا لكن هذا لا يعني أنها تحكم شرعا بالوجوب والتحريم ولا ترتب الثواب والعقاب على ذلك .

رابعاً :
نفرق بين معرفة المصلحة والمفسدة وبين معرفة مقاصد الشارع فالمصلحة والمفسدة يمكن معرفتهما بالعقل والفطرة لكن معرفة قصد الشرع طريقه السمع فقط .
نعم مقاصد الشارع تؤول إلى المصالح والمفاسد جلبا ودفعاً لكن ذلك لا يعرف إلا عن طريق السمع فإثبات مقاصد الشارع هو خبر عن الله بأنه أراد كذا ولم يرد كذا وهذا لا يعلم إلا بالوحي وإلا كان ذلك قولا على الله بغير علم والسمع يشمل النص بالأمر والنهي أو التعليل أو الاستقراء أو السكوت الذي هو في حكم البيان .
وحيث تكلم العلماء عن إدراك العقل والفطرة فهم يعلقونه بالمصالح والمفاسد وحيث تكلموا عن المقاصد أحالوا ذلك إلى أحد الطرق الشرعية ومن تدبر كلام العلماء ظهر له ذلك .
ودور الفطرة بعد ذلك تصديق السمع واطمئنانها له ومحبته وأصبح معروفا لها غير منكر ومن ثم قيل إن من سمات المقاصد كونها على الفطرة فالمقصود أنها وافقت الفطرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والله سبحانه خلق عباده على الفطرة التي فيها معرفة الحق والتصديق به ومعرفة الباطل والتكذيب به ومعرفة النافع الملائم والمحبة له ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة . فما كان حقا موجودا صدقت به الفطرة وما كان حقا نافعا عرفته الفطرة فأحبته واطمأنت إليه . وذلك هو المعروف وما كان باطلا معدوما كذبت به الفطرة فأبغضته الفطرة فأنكرته . قال تعالى : ( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ) . والإنسان كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( أصدق الأسماء حارث وهمام ) فهو دائما يهم ويعمل لكنه لا يعمل إلا ما يرجو نفعه أو دفع مضرته ولكن قد يكون ذلك الرجاء مبنيا على اعتقاد باطل إما في نفس المقصود : فلا يكون نافعا ولا ضارا وإما في الوسيلة : فلا تكون طريقا إليه . وهذا جهل . وقد يعلم أن هذا الشيء يضره ويفعله ويعلم أنه ينفعه ويتركه ؛ لأن ذلك العلم عارضه ما في نفسه من طلب لذة أخرى أو دفع ألم آخر جاهلا ظالما حيث قدم هذا على ذاك " مجموع الفتاوى ( 4 / 32 )
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
فإثبات مقاصد الشارع هو خبر عن الله بأنه أراد كذا ولم يرد كذا وهذا لا يعلم إلا بالوحي وإلا كان ذلك قولا على الله بغير علم والسمع يشمل النص بالأمر والنهي أو التعليل أو الاستقراء أو السكوت الذي هو في حكم البيان .
حصرتَ اثبات مقاصد الشارع بالوحي
ثم قلت ان السمع يشمل النص والتعليل والاستقراء.
فهل الوحي نفس السمع؟ او يختلف؟
فان كان نفسه فكيف ادخلت التعليل والاستقراء ضمن الوحي والمعلوم لدى كل مسلم ان الوحي هو القران والسنة فقط؟
وان كان السمع غير الوحي فهذا مناقض(لايعلم الا بالوحي) ؟
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل

ثالثاً :
الفطرة كالعقل من حيث قدرتها على إمكانية معرفة المصلحة من المفسدة أحيانا إجمالا وأحيانا تفصيلا لكن هذا لا يعني أنها تحكم شرعا بالوجوب والتحريم ولا ترتب الثواب والعقاب على ذلك .

جيد من سيادتكم هذا .. إنكار التحسين والتقبيح العقليين خَطَل .. العقل يحسن ويقبح .. لكنْ لا يترتب على تحسينه أو تقبيحه وجوب شرعي أو تحريم شرعي .. ومن ثم, لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب

ولابن تيمية كلام كثير طيب في المسألة جمعتُ منه الكثير في كراساتي الخاصة .. يسر الله تنسيقه لطرحه
 
إنضم
17 نوفمبر 2009
المشاركات
439
التخصص
باحث إسلامي
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
مستقل

إثبات مقاصد الشارع هو خبر عن الله بأنه أراد كذا ولم يرد كذا وهذا لا يعلم إلا بالوحي وإلا كان ذلك قولا على الله بغير علم والسمع يشمل النص بالأمر والنهي أو التعليل أو الاستقراء أو السكوت الذي هو في حكم البيان .


تعليل الأحكام .. واستقراء النصوص .. عملان عقليان بامتياز .. فكيف ننكر معرفة المقاصد عن طريق العقل ومسلكان من مسالك الكشف عنها عقليان (ويمكن تسمية العقل ههنا : بالعقل المؤمن المسدد) .. وللتفصيل مقام آخر
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
حصرتَ اثبات مقاصد الشارع بالوحي
ثم قلت ان السمع يشمل النص والتعليل والاستقراء.
فهل الوحي نفس السمع؟ او يختلف؟
فان كان نفسه فكيف ادخلت التعليل والاستقراء ضمن الوحي والمعلوم لدى كل مسلم ان الوحي هو القران والسنة فقط؟
وان كان السمع غير الوحي فهذا مناقض(لايعلم الا بالوحي) ؟

أولاً :
الوحي والسمع والنقل والشرع والنص كلها الفاظ متقاربة في المعنى تطلق عند العلماء على ما يقابل دليل العقل .
ثانياً :
التعليل والاستقراء داخلان في الوحي والنقل والسمع والشرع لأنهما مأخوذان من نص الكتاب أو السنة إما لفظاً أو معنى بل حتى السكوت مع أنه ليس نطقا هو في معرض الحاجة إلى البيان بيان فهو داخل تحت الوحي .
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
ماذا تقصد بالوحي فقط؟

الوحي هو الشرع وهو السمع وهو نص الكتاب والسنة أي دلالة النصوص على المقصد الشرعي لفظاً أو معنى فيدخل في ذلك النص الصريح بلفظه ويدخل التعليل والاستقراء المأخوذ من تتبع عدد من النصوص بلفظها أو معناها .
فالوحي فقط أي النصوص بالطرق المذكورة هي التي تدلنا على مقصد الشارع لأن مقصد الشارع لا يعلم إلا من جهته .
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
من المعلوم من الدين بالضرورة ان الوحي هو القران العظيم لذي نزل به جبريل الامين على خاتم الانبياء والمرسلين
ومعه السنة لقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى)
وهذا معلوم لدى جميع المسلمين
والقول بان التعليل والاستقراء يدخلان ضمن الوحي المنزل على رسول الله
قول يستتاب صاحبه
فان تاب والا قتل
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
من المعلوم من الدين بالضرورة ان الوحي هو القران العظيم لذي نزل به جبريل الامين على خاتم الانبياء والمرسلين
ومعه السنة لقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى)
وهذا معلوم لدى جميع المسلمين
والقول بان التعليل والاستقراء يدخلان ضمن الوحي المنزل على رسول الله
قول يستتاب صاحبه
فان تاب والا قتل


ما هو استنادكم في إطلاق هذا الحكم الخطير؟؟!!
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
مسائل التعليل والاستقراء افكار بشرية ارضية قال بها بعض البشر من علماء المسلمين وقد خالفهم فيها علماء اخرون
القول بان هذه الافكار نزل بها جبريل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
فهذا كفر بواح صراح
فهو بعينه القول بتحريف القران زيادة او نقصان
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بارك الله فيكم يا أبا عبد الله لا تستعجل يا أخي الكريم
سأبين لك أن التعليل من الوحي وسأذكر لك بعض الأمثلة من الكتاب والسنة تدل على ذلك :
أولاً : التعليل في القرآن :
1 - يقول تعالى : " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الرض فكأنما قتل الناس جميعاً "
2 - وقال تعالى : " فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في ازواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً "
3 - وقال تعالى : " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم " .
4 - وقال تعالى : " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله "
5 - وقال تعالى : " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقل على عقبيه "
6 - وقال تعالى : " ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مسكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره "
7 - وقال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "
8 - وقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "

ثانياً : التعليل في السنة :
1 - قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " متفق عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .
2 - وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه " متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
3 - وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تقتل نفس ظلماً غلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل " متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه .
4 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : ألا تتزوج بنت حمزة ؟ قال : " إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة " متفق عليه .
5 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم عضو من لحم صيد فرده فقال : " إنا لا نأكله إنا حرم " رواه مسلم .
6 - وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال إنه كان حريصا على قتل صاحبه " متفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه .
7 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فدعا بجريدة فكسرها فوضع على كل قبر منها كسرة فقيل له : يا رسول الله لم فعلت هذا قال : " لعله أن يخفف عنهما ما لم تيسبا " متفق عليه .
8 - وقال صلى اللله عليه وسلم : " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً
يقول ابن القيم رحمه الله - مبيناً وجود التعليل في نصوص الكتاب والسنة - : " ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة فتارة يذكر لام التعليل الصريحة وتارة يذكر المفعول لأجله الذي هو المقصود بالفعل وتارة يذكر من أجل الصريحة في التعليل وتارة يذكر أداة كي وتارة يذكر الفاء وأن وتارة يذكر أداة لعل المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق وتارة ينبه على السبب يذكره صريحا وتارة يذكر الأوصاف المشتقة المناسبة لتلك الأحكام ثم يرتبها عليها ترتيب المسببات على أسبابها ...." مفتاح دار السعادة ( 2 / 22 )
 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
الى الأخ ابو حازم:
حتى لاندخل في جدل جديد لاطائل من ورائه فأقول:
1- هذه النصوص من الكتاب والسنة معلومة عندي ان شئت ذكرت لك المزيد.
2- أسلوبك في النقل وكأنك تتكلم مع مبتدئ لايفقه في المقاصد شيئاً ، فلا تضطر المقابل الى بيان ما اطلع عليه وقراه وكتبه من البحوث في المقاصد ، فتدخله رغما عنه في الثناء على النفس والتبجح والعجب .... وهو لايرغب بذلك.
3- عندما اطلب منك النقول والمصادر تقول لي انتظرها في رسالتي التي ستطبع، وعندما لا أكون بحاجة الى النقول تأتيني بها وكأني لا اعرفها ولا اعرف مظانها.
4- قضية الإكثار من النقول دون سبر جوهر المسالة ويكون للباحث فيها قول نابع من اقتناعه وليس من اعتناقه فقط لاجدوى كبيرة فيها لان ذلك أصبح ميسورا في وجود النت والحواسيب فالمزايدة بكثرة النقولات دون دراسة ليس من فعل الباحثين بل من شيمة الكتاب والصحفيين وقد ملأوا الدنيا باسم المحققين ولم يشموا رائحة التحقيق بعمرهم.
5- ليس المقصود ان نبتدع بل المقصود ان نؤصل بعقلية ثاقبة في المسالة ولو كان معك نقل واحد فقط فهو خير من سيل من النقولات يعقبها : قلت: ..... في سطر واحد، فهذا اشبه بالفرّاش الواقف على مدرسة وهو لم يتعلم بل تلقف كلمات يرددها من التلاميذ اثناء خروجهم..
6- العلماء ليسوا صنعا في المانيا ولا في الصين ولا في المريخ... فلا بد من التفريق بين احترام العلماء وتقديس العلماء.
7- لانريد ان نكون رويبضة نتكلم فيما لانحسن مثل كتاب العصر المنفتحين!! والحداثيين!! ولا نريد ايضا ان نكون من المقلدة.
8- كما ان التقليد الاعمى في الفقه مذموم فكذلك في اصول الفقه لمن كان مستطيعا على النظر، وما فائدة الدراسة طوال هذا العمر اذا بقينا في حفرة التقليد ومستنقع نقل الاقوال فقط دون الصعود الى معالي التمحيص والبحث والمقارنة والردود والتعقب..
9- صحيح أن السلفية قائمة على قول الامام احمد: لاتقل قولا ليس لك فيه إمام، لكن هذا لايعني الوقوع في اسر النقل فقط ، فالامام احمد نفسه انظر الى اجتهاده ولو اقتصر على النقل دون البحث لما صار مجتهدا.
10- لذلك انصحك وانصح كل من كان على شاكلتك في طريقة البحث وعرض المسائل ان تترك هذه الطريقة وتنقل من طور كثرة المنقولات الى طور الفحص والسبر ولو اقتصرت على نقل او نقلين ثم بحثت فيهما خير من سرد الاقوال فقط ، وهذه الطريقة هي طريقة الباحثين المصريين فانظر الى المؤلفات الاتية: نظرية الاباحة عند الاصوليين لمدكور- الادلة المختلف فيها للبغا- تعليل الاحكام لشلبي- نظرية الضرورة للزحيلي- ...... تجد فيها طريقة البحث الصحيحة وفيها النفس الاصولي المختلف عن النفس الاصولي المنتشر في الخليج الذي يقتصر على سرد المنقولات مع بعض التحليلات ولهذا انبهر الناس عندكم بمعالم الجيزاني، وهو متواضع امام تلك الكتب.
11- البحث في اصول الفقه يختلف عن البحث في الاعتقاد فلا نمزج بينهما فنسير على وتيرة واحدة.
12- وحتى لا اتمادى اكثر فانتقل من غير شعور من طور المباحثة الى طور الارشاد والتعليم والحال انك لست من تلامذتي، فاقول: على الاخ عندما يدخل الى الملتقى هنا ان لايرى نفسه ذا شان وانه اعلم من غيره فان الله مطلع على قلبه وناظر اليه فان راى ذلك منه سقط من عين الله ، ولن تنفعه علومه ومحفوظاته وبحوثه... وطلاب العلم الصادقين من جنود الله ، ولا يعلم جنود ربك الا هو... فالقلب القلب... وهي تظهر على فلتات الكلمات... وما ابرئ نفسي... فرمي المقابل بالاستعجال (مدح النفس بالتروي بصورة غير مباشرة) مما لاينبغي.
وحذار من الاغترار بكون فلان وفلان مشرف او مراقب او... فهذه الالقاب مهنية بحتة وليست علمية وهي نقد بهرج في سوق العلم.
زيننا الله بالتقوى، وكلأنا في الآخرة والأولى، اللهم متعنا باتباع السنة والقران، واتمم علينا عافيتك بكمال الإيمان، وافتح على قلوبنا فهم علوم الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

 
أعلى