رد: مدارسة كتاب الرائد في علم الفرائض
فـوائـد
فائدة1: لا ترث النساء بالولاء إلا من أعتقن، أو أعتقه من أعتقن، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: « ميراث الولاء للكُبْر من الذكور، ولا يرث النساء من الولاء، إلا ولاء من أعتقن، أو أعتقه من أعتقن » رواه ابن أبي شيبة. وعن علي، وعبد الله، وزيد بن ثابت t: أنهم كانوا يجعلون الولاء للكبر من العصبة، ولا يورثون النساء إلا ما أعتقن، أو أعتق من أعتقن. رواه البيهقي. والمراد بـ (الكُبْر): الكبر في الدرجة، والقرب، دون السن.
فائدة2: الولاء لا يوْرَث، لأنه لو كان مورثًا لاشترك في استحقاقه الرجال والنساء، كسائر الحقوق، كما أنه لايباع، ولا يوهب، ولا يوقف، ولا يوصى به لأنه كالنسب، وفي الصحيحين عن ابْنِ عُمَرَ t قال: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ. فالولاء معنى يورث به كالقرابة، فعلى هذا لا ينتقل الولاء عن المعتِق بموته، فإذا مات المولى قبل عبده: لم ينتقل الولاء لعصبته، بل هو سبب يورث به، فهو صفة ثابتة، تثبت للمعتِق ولعصبته في الحال، بمجرد العتق، إلا أن بعضهم مقدم على بعض كالنسب، روي ذلك عن جمهور الصحابة، والتابعين، وبه قال الأئمة الأربعة. فلو أعتق رجل عبدًا ثم مات، وخلف (ابنين)، ثم مات أحدهما وخلف (ابنا)، ثم مات العتيق: فميراثه لابن المعتِق، دون ابن ابنه. وكذا لو ترك (أخوين) وقد كان أعتقد عبدا، ثم مات أحدهما وترك (ابنًا)، ثم مات العتيق: فميراثه لأخي المعتِق دون ابن أخيه.
فائدة3: اعلم أنه لا ميراث لعصبة عصبة المعتق، إذا لم يكونوا عصبة للمعتق، كـ: (ابن عم ابن المعتِقة) فإنه لا يرث لأنه ليس بعصبة للمعتقة، وإن كان عصبة لابنها، فإن لم يكن له وارث بنسب أو ولاء: فماله لبيت المال، لا لابن عم ابن المعتِقة، بهذا قال الأئمة الأربعة.
فائدة4: إذا كان أبو الفرع مجهول النسب، وأمه عتيقة، فلا ولاء عليه لأحد، لأن من شروط تبعية ولاء الفرع: ألا يكون أحد أبويه حر الأصل كما تقدم، ومجهول النسب محكوم بحريته لأن الأصل في ألآدميين الحرية وعدم الولاء، وكذا إن كانت أمه مجهولة النسب، وأبوه عتيق: لا ولاء عليه أيضاً.
فائدة5: سبب الولاء: هو زوال الملك عن الرقيق بعتق، أو تعاطي سببه. فكل من أعتق عبداً أو أمَة، منجزاً، أو معلقاً فوجد المعلق عليه، أو دبَّره أو استولدها فعتقا عليه بالموت، أو عتق عليه بالكتابة، أو بتمثيل به، أو التمس من مالك عتق عبده على مال فأجابه، أو أعتق نصيبه من مشترك فسرى العتق إلى باقيه، أو ملك قريبه فعتق عليه، أو أعتق بعوض نحو: أنت حر على أن تخدمني سنه، أو اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حالّ، أو كان بسبب وصية، كما لو أوصى بعتق عبده فأعتقه الورثة، أو أعتقه سيده في زكاة، أو نذر، أو كفارة، أو أعتق شخصٌ عبده عن غيره بإذنه، أو أعتقه على أنه سائبة بأن قال: أنت سائبة لله تعالى، وأراد به العتق، أو أنت حر لا ولاء لي عليك، ففي جميع هذه الصور يثبت الولاء له، ولو اختلف دينهما.
فائدة6: لو أعتق رجلٌ عبده عن غيره، من غير إذنه، أو أعتقه عن ميت: فإن ولاءه لمن أعتقه، إلا إذا أعتق وارث عن ميت في واجب عليه، ككفارة ظهار، أو وطء، أو قتل، وللميت تركة: فإن ولاءه للميت، لوقوع العتق عنه لحاجة الميت إلى إبراء ذمته، لأن الوارث كالنائب عن الميت في أداء ما عليه. وإن تبرع وارث أو غيره بعتقه عن الميت في واجب عليه، ولا تركة للميت: أجزأه العتق عنه، والولاء للمعتِق.
فائدة7: اختلف في الذين يعتقون على الشخص بدخولهم في ملكه:
فذهب الشافعية: إلى أن الذين يعتقون على الشخص بدخوله في ملكه هم: عمودا النسب.
وذهب المالكية: إلى أنهم عمودا النسب، والإخوة والأخوات مطلقًا.
وذهب الحنفية، والحنابلة: إلى أنهم كل ذي رحمٍ محرم، وهو الذي لو قدر أحدهما ذكرًا والآخر أنثى، حرم نكاحه عليه للنسب، لا من حرم عليه لرضاع أو مصاهرة. لحديث الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: « مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ » رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وفي لفظ لأحمد: « فَهْوَ عَتِيقٌ ».
فائدة8: كما يثبت الولاء لواحد، يثبت للاثنين فأكثر، بحسب العتق. والله أعلم.
مسائل:
1- توفي عن (أبي المعتِق، ومعتِق الأب).
2- توفي عن (معتِق أبي المعتِق، ومعتِق المعتِق).
3- ابن وبنت ملكا أباهما فعتق عليهما، ثم ملك الأبُ عبدًا وأعتقه، ثم مات الأب ثم عتيقه، وليس للعتيق من الورثة إلا الابن والبنت المتقدم ذكرهما.
بين الوارث في كل مسألة مع التعليل.
والثالثة من أصاب فيها فقد فاق 70 قاضيا، وفقكم الله لكل خير.