العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في فقه الجنايات والحدود 1

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه سلسة من الدروس الخاصة بفقه الجريمة والعقوبة في الإسلام بعنوان
"فقه الجنايات والحدود"
استخلصتها من كتاب
(التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي)
لعبد القادر عودة
ومن مذكرات الدكتور يوسف الشبيلي
(فقه الجنايات) و(فقه الحدود)
المنشورة على موقع فضيلته على الانترنت
وسوف أقوم بنشرها في حلقات متتالية حتى يسهل على طالب العلم استيعابها والاستفسار عما أشكل عليه، وليقوم المتخصصون من أهل العلم بالتعليق والإثراء.
ولن أخوض في دقائق المسائل ولا في الخلافات الفقهية، وإنما سأكتفي بأصول المسائل المتفق عليها بين أهل العلم قدر الإمكان.

أسال الله العلي العظيم أن تكون هذه الدروس واضحة ومفيدة لمن يقرأها أو يطلع عليها.
وأن يكتب الأجر والمثوبة لمن قام بكتابتها وترتيبها.

 
إنضم
4 فبراير 2010
المشاركات
785
التخصص
شريعة
المدينة
------
المذهب الفقهي
اهل الحديث
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

عملٌ شاقٌ ومرهقٌ
جزاكِ اللهُ خيراً
***
الايام تطوى .. والاجر يبقى
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

جزاكم الله خيرا على هذا الإبداع في العرض والتنسيق...
وأعانكم الله على الإتمام...

عملٌ شاقٌ ومرهقٌ
جزاكِ اللهُ خيراً
***
الايام تطوى .. والاجر يبقى

الإخوة الأفاضل:
جزانا الله وإياكم خير الجزاء،،
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الصورة الخامسة : الخنق :
والمقصود: أن يمنع خروج نفسه بأي وسيلة كان فهذا إن فعل به ذلك مدة يموت في مثلها غالبا فمات فهو عمد فيه القصاص ، وإن فعله في مدة لا يموت في مثلها غالبا فمات فهو شبه عمد.
ويلحق بالخنق: أن يعصر خصيتيه عصرًا شديدًا في وقت يموت فيه الإنسان غالبًا.
وإن خنقه وتركه مثلا حتى مات ففيه القود لأنه مات من سراية جنايته فهو كالميت من سراية الجرح وإن تنفس وصح ثم مات فلا قود لأن الظاهر أنه لم يمت منه فأشبه ما لو اندمل الجرح ثم مات .
والأحناف: يرون أن القتل بالخنق شبه عمد دائمًا بناء على قاعدﺗﻬم بأن العمد لابد بأن يكون بآلة معدة للقتل .
بينما المالكية: يرون أنه عمد مطلقًا لأﻧﻬم لا يعترفون بالقتل شبه العمد أساسًا .
والراجح هو القول الأول.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الصورة السادسة : حبسه ومنع الطعام والشراب عنه :
ويلحق بمنع الطعام والشراب منع وسائل التدفئة أو التبريد .
ويشترط لهذه الصورة شرطان :
الشرط الأول : أن يحبسه مدة يموت فيها غالبًا ، وهذه المدة تختلف باختلاف الناس والزمان والأحوال، وإن كان في مدة لا يموت في مثلها غالبا فهو عمد الخطأ .
وإن شككنا فيها لم يجب القود لأننا شككنا في السبب ولا يثبت الحكم مع الشك في سببه لاسيما القصاص الذي يسقط بالشبهات .
الشرط الثاني : أن لايستطيع المحبوس الاستغاثة أو الطلب فإن كان قادرًا على الاستغاثة والطلب فلم يفعل حتى مات فدمه هدر .
وذهب الحنفية: إلى أن الحابس لاشيء عليه لأن الموت حدث بالجوع لا بالحبس ، والحبس ليس أداة معدة للقتل عادة .
أما المالكية: فيرون أنه عمد مطلقًا .

  • مسألة: يلحق ﺑﻬذه الصورة أيضًا ما إذا أخذ من شخص طعامه وشرابه في مفازة وليس حوله أحد يستنجد به ، أو أخذ دابته وظل يمشي على قدميه حتى مات فهو قتل عمد .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الصورة السابعة : القتل بالسم :
وللقتل بالسَم- بفتح السين في الأصح خمس صور :
1- الصورة الأولى: أن يسقيه سَمَّا إكراهًا أو يطعمه شيئا قاتلا فيموت به فهو عمد موجب للقود إذا كان مثله يقتل غالبا.
2- الصورة الثانية: أو يخلطه بطعام ويقدمه إليه فيأكله أو يهديه إليه ، ففيه القود.
3- الصورة الثالثة: أو يخلطه بطعامه الذي يأكله في العادة دون أن يقدمه إليه ،ولم يعلم بذلك الآكل ،
فاختلف الفقهاء في هذه الصورة على
قولين :

القول الأول
: قال الشافعي في المشهور:لا قود عليه.
وحججهم :
أ- لأن أنس بن مالك روى أن يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ب- ولأنه أكله مختارا فأشبه ما لو قدم إليه سكينا فطعن ﺑﻬا نفسه.

والقول الثاني: عليه القود، وهذا مذهب الحنابلة.
وحججهم:
1- لأن أبا سلمة قال في آخر حديث اليهودية: ( فمات بشر بن البراء فأمر ﺑﻬا النبي صلى الله عليه وسلم فقتلت. ) أخرجه أبو داود.
2- ولأن هذا يقتل غالبا ويتخذ طريقا إلى القتل كثيرا فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه.
وأجابوا عن أدلة الشافعية:
-أما حديث أنس: فيجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها قبل أن يموت بشر بن البراء فلما مات أرسل إليها النبي صلى الله عليه وسلم فسألها فاعترفت فقتلها فنقل أنس صدر القصة دون آخرها ويتعين حمله عليه جمعا بين الخبرين .
-وفارق تقديم السكين: لأﻧﻬا لا تقدم إلى إنسان ليقتل ﺑﻬا نفسه إنما تقدم إليه لينتفع ﺑﻬا وهو عالم بمضرﺗﻬا ونفعها فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عالم به .

4- الصورة الرابعة: أن يخلط السم بطعام نفسه ويتركه في مترله فيدخل إنسان فيأكله فينظر :
أ- فإن كان قد دخل بغير إذنه: فليسعليه ضمان بقصاص ولا دية لأنه لم يقتله وإنما الداخل قتل نفسه فأشبه ما لو حفر في داره بئرا فدخل رجل فوقع فيها وسواء قصد بذلك قتل الآكل مثل أن يعلم ظالما يريد هجوم داره فترك السم في الطعام ليقتله فهو كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللص إذا دخل ليسرق منها .
(فائدة) : يمكن أن يستنبط مما ذكره الفقهاء هنا ما لو أدار حول سور بيته أسلاكًا كهربائية لحماية البيت من اللصوص ، فتسببت في قتل شخص تسلق السور بغير إذنه فلا ضمان على صاحب البيت سواء كان المتسلق سارقًا أو متطفلا.
ب- أما إن دخل الدار بإذنه فأكل الطعام المسموم بغير إذنه: فهذا من القتل بالتسبب ، أي من الخطأ ، وفيه الدية مخففة إن كان صاحب الدار قد فرط في حفظ الطعام عنه ، أما إن لم يقع منه تفريط فلا ضمان.

5- الصورة الخامسة: أن يخلطه بطعام رجل أو يقدم إليه طعاما مسموما و يخبره بسمه فأكله لم يضمنه لأنه أكله عالما بحاله فأشبه ما لو قدم إليه سكينا فوجأ ﺑﻬا نفسه.


مسألة :
إن سقى إنسانا سما أو خلطه بطعامه فأكله ولم يعلم به وكان مما لا يقتل مثله غالبا فمات فهو شبه عمد ، وإن ثبت أنه قاتل ، فقال لم أعلم أنه قاتل فعليه القود لأن السم من جنس ما يقتل به غالبا فأشبه ما لو جرحه وقال لم أعلم أنه يموت منه .
وذهب الحنفية: إلى أن القتل بالسم شبه عمد مطلقًا.
أما المالكية: فيرون أنه عمد مطلقًا .
والصحيح: قول الشافعية والحنابلة .
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الصورة الثامنة: القتل بالتسبب:
فإذا تسبب في قتل معصوم بشيء يقتل غالبا ففيه القود.
وللقتل بالتسبب عدة صور:
1- الصورة الأولى من حالات اللقتل بالتسبب:
إذا شهدت عليه بينة بما يوجب قتله من زنا محصن أو ردة لا تقبل معها التوبة أو قتل عمد ثم رجعوا أي الشهود بعد قتله، وقالوا: عمدنا قتله، فيقاد بهذا كله ونحوه.
ومثال الردة التي لا تقبل معها التوبة:
الزنديق والساحر على إحدى الروايتين في مذهب أحمد.
أما إن شهدت البينة بردة تقبل معها التوبة قضاء فلا قصاص إذ بإمكان المتهم أن يتوب ويدرأ عن نفسه الحد.
والأدلة على ذلك:
1-دليل من الأثر:
ما روى القاسم بن عبد الرحمن أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل أنه سرق فقطعه ثم رجعا على شهادتهما، فقال عليه: "لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما" وغرمهما دية يده."
1-دليل من النظر:
لأنهم توصلوا إلى قتله بما يقتل غالبا فوجب عليهم القصاص كالقتل بالمحدد.
وهذا هو قول الجمهور.
والقول الثاني لأبي حنيفة:
لا قود؛ لأنه بسبب غير ملجئ فلا يوجب القصاص كحفر البئر.
والصحيح ما ذهب إليه للجمهور للأدلة السابقة.


مسألة:
ما الحكم لو كان القاضي عالما أيضاً بكذب البينة؟
وكذا لو كان ولي الدم أو الوكيل بالقتل عالما أيضا بكذبها، فممن يقتص؟

الجواب:
ذكر أهل العلم قاعدة في هذا الباب فقالوا:
"ويختص بالقصاص مباشر للقتل عالم بأنه ظلم ثم ولي عالم بذلك، وبينة وحاكم علموا".
فعندنا أربعة أطراف:
1- الوكيل بالقتل "السياف".
2- ولي الدم "ورثة القتيل".
3- القاضي.
4- البينة.
وعلى هذا:
- فالوكيل أو ولي الدم أيهما باشر القتل:
فعليه القصاص دون البقية بإجماع أهل العلم.
- فإذا باشر الولي القتل بنفسه وهو عالم بكذب البينة:
فعليه القصاص وحده حتى ولو كان القاضي والبينة يعلمون أنه يقتل ظلما.
- ولو وكل الولي شخصا ليتولى القتل وهو عالم بكذب البينة:
فعليه القصاص دون البقية (الولي والقاضي والبينة حتى وإن كانوا يعلمون أيضا)
والقاعدة عند أهل العلم:
"أنه متى اجتمع مباشر ومتسبب وأمكن تضمين المباشر فإن المباشرة تقطع حكم التسبب، ويجب أن يعزر البقية".
- فإن كان المباشر للقتل لا يعلم:
فيقتص من جميع من تسبب في القتل دون المباشر.
- فلو كان المباشر هو ولي الدم وهو لا يعلم بكذب البينة:

فينظر:

1- فإن تبين أن القاضي والشهود كانوا يعلمون أنه يقتل ظلما:
فيقتص من القاضي والشهود جميعا لأن البينة بدون حكم القاضي لا توجب القتل، وحكم القاضي لا يمكن أن يصدر بدون بينة.
2- ولو وكل ولي الدم شخصا بالقتل وكان الوكيل (السياف) لا يعلم بكذب البينة:

فينظر:

أ‌- فإن كان ولي الدم والقاضي والشهود يعلمون أنه يقتل ظلما فيقتص منهم جميعا – أي ما عدا السياف – لأنهم اشتركوا في قتله، أما القاضي والشهود فلما سبق، وأما ولي الدم فلأن القصاص وقع بطلبه.
ب‌-
وإن كان بعضهم يعلم دون البعض فيقتص من العالم منهم دون كان جاهلا.

2- الصورة الثانية من حالات القتل بالتسبب:
الإكراه.

3- الصورة الثالثة من حالات القتل بالتسبب:

الأمر بالقتل:
وسيأتي الحديث عن هاتين الحالتين بمشيئة الله تعالى في مبحث الاشتراك في الجناية.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الصورة التاسعة : القتل بالسحر:
إذا وضع لشخص سحرا في طعام أو شراب أو عقد له عقدا فمات المسحور بسببه فهو قتل عمد لأنه شيء يقتل غالبا.
وفي القتل بالسحر عدة مسائل:
1- المسألة الأولى: تعريف السحر:
السحر لغة: كل ما لطف وخفي سببه.
وشرعاً: يقول ابن قدامة: السحر عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطئها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين.

2- المسألة الثانية : ثبوته:
السحر ثابت في القرآن والسنة.....
من القرآن:
1- قول الله تعالى:"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما ُأنزل على الملكين..".
2- قوله تعالى في قصة موسى:"وجاءُوا بسحر عظيم"
ومن السنة:
1- ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:"اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها السحر.
2- ما جاء في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم: " ُأصيب بالسحر".

3- المسألة الثالثة: طرق تحضير الساحر للجني:
الساحر يحضر الجان ليؤذي بهم ابن آدم، ولهذا فإن كثيرا من الأمراض النفسية والعضوية بما يكون سببها من أذية الجن لبني آدم عن طريق السحر أو غيره.
وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في دم الاستحاضة: "أكثر ما يموت من أمتي من الطعن والطاعون
قالو: الطاعون نعرفه فما الطعن؟
قال: طعن أعدائكم من الجن."
ومن طرق تحضير الجان التي ذكرها من لهم خبرة في ذلك:
- الإقسام بالجني.
- الذبح للجني.
- الطريقة السفلية، وهي أن يطلب الجني من الساحر أن يكتب آيات الله في حذائه ويلبسه لكي يكفر بالله.....
- طريقة النجاسة......
ومن العلامات التي يعرف بها الساحر ما يلي:
1- أن يسأل المريض عن اسمه واسم أمه.
2- أن يطلب الساحر أن يأخذ أثرا من آثار المريض مثل شعره أو ملابسه.
3- أن يطلب حيوانا ليذبحه.
4- كتابة الطلاسم.
5- أن يعطي المريض أشياء ليدفنها بيده.
6- أن يعطي الساحر المريض أوراقا ليحرقها بيده.

4- المسألة الرابعة:حكم السحر:
ذهب جمهور أهل العلم:
إلى أن الساحر كافر مطلقا أيا كان سحره ويقتل ردة، وقد ثبت عن ثلاثة من الصحابة قتل الساحر من غير استفصال.
القول الثاني: هو رأي الشافعي رحمه الله:
وهو أن السحر إن كان بأشياء كفرية فهذا كفر يقتل به الساحر ردة، أما إذا لم يكن بأشياء كفرية مثل أن يكون بأدوية ونحو ذلك فهذا لا يكفر، فإذا لم يقتل بسحره أحد فلا يقتل، أما إذا قتل بسحره أحدا فإنه يقتل قصاصا.
الراجح والله أعلم:
قول الجمهور أن الساحر كافر مطلقا لأنه لا يتصور أن يفعل الساحر ما يفعل إلا بالتقرب إلى الشياطين.

5- المسألة الخامسة: حكم حل السحر عن المسحور:

حل السحر بسحر مثله محرم لما ثبت في الحديث: "النشرة من عمل الشيطان".
حل السحر بالرقية والتعويذات والدعوات المباحة...فهذا حكمه جائز.

6- المسألة السادسة:
القتل بالسحر:
تقدم أن من صور القتل العمد عند الجمهور القتل بالسحر.
فإذا قتل الساحر بسحره شخصا فهل يقتل الساحر حدا أم قصاصا؟
ذلك أنه اجتمع في هذه الصورة حقان: حق الله وهو قتله ردة، وحق الآدمي وهو قتله قصاصا، فأيهما يغلب: حق الله أم حق الآدمي؟
والفرق بينهما:
أنه إن قيل:
إنه يقتل حدا فإنه يقتل بالسيف، ولا يمكن أولياء القتيل من قتله، أما لو قلنا: يقتل قصاصا فإن تمكن أولياء القتيل من الاستيفاء بأنفسهم فإنهم يمكنون من ذلك.
والصحيح هو التفصيل:
1- فإن طلب أولياء المقتول القصاص فإنه يقدم حق الآدمي فيقتل قصاصا لا حدا لأمرين:
الأول: لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة بخلاف حقوق الله فإنها مبنية على المسامحة.
الثاني: ولأن في قتله قصاصا استيفاء لحق الله ولحق أولياء المقتول، ذلك أن قتله قصاصا لا يفضي إلى تفويت حق الله لأن حق الله يتضمن أمرين: وهما العقوبة الدنيوية وهي إزهاق النفس والجزاء الآخروي، فإقامة القصاص عليه تؤدي الحق الدنيوي، ولا يؤدي إلى تفويت الحق الآخروي، وهذا بخلاف ما لو قتل ردة فإنه يؤدي إلى تفويت حق أولياء المقتول.
ولكن يلاحظ في هذه الحال:
بأنه وإن كان الواجب في القصاص هو المماثلة بأن يقتل الجاني بنفس الطريقة التي قتل بها المجني عليه إلا أنه في هذه الصورة لا يقتل بنفس الطريقة التي قتل بها المسحور لأنه كما يقول ابن القيم لا يمكن أن يقتص منه بمثل ما فعل لكونه محرما لحق الله فهو كما لو قتله باللواط وتجريع الخمر فإنه يقتص منه بالسيف.
2- وإن طلب أولياء المقتول الدية فإنه يقتل ردة ويعطى أولياء المقتول الدية، فيجتمع على الجاني العقوبة من وجهين لأن قتله ردة لا يبطل حق الأولياء في الدية.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

مسألة: القتل بالعين:
العين حق ولها تأثير على الإنسان فمنها ما يقتل ومنها ما يمرض ومنها ما يمنع عن الإنسان الخير أو يوقعه في البلاء.
ومن الأدلة على العين:
قوله تعالى: {و إن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر" أي يحسدونك بأبصارهم}
قال غير واحد من المفسرين في تفسير هذه الآية:
إنه الإصابة بالعين فأرادوا أن يصيبوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه قوم من العائنين وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته.
وكان طائفة منهم تمر به الناقة والبقرة السمينة فيعينها ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم وآتنا بشيء من لحمها فما تبرح حتى تقع.
وقالت طائفة أخرى منهم ابن قتيبة:
ليس المراد أنهم يصيبونك بالعين كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن الكريم نظرا شديدا بالعداواة والبغضاء يكاد يسقطك .
قال:
ويدل على صحة هذا المعنى أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن الكريم، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهة فيحدون إليه النظر بالبغضاء.
ولا مانع من حمل الآية على كلا المعنيين إذ العين كما يكون سببها الإعجاب قد يكون سببها الحسد، فالكفار كانوا ينظرون إليه نظر حاسد شديد العداوة فهو نظر يكاد يزلقه لولا حفظ الله وعصمته فهذا أشد من نظر العائن بل هو جنس نظر العائن.

  • اختلف الناس في حقيقة العين على مذاهب متعددة:
1- فأبطلت طائفة أمر العين وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، يقول ابن القيم: وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل ومن أغلظهم حجابا وأكثفهم طباعا وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس وصفاتها وتأثيراتها.
2- وقالت طائفة: إن العائن إذا تكيف نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيتضرر قالوا: ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك.
3- وقالت فرقة أخرى: قد أجرى الله العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا وهذا مذهب منكري الأسباب والتأثيرات.
4- وقال ابن القيم: إن هذا التأثير بواسطة تأثير الأرواح ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة وإنما التأثير للروح والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وخواصها فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينا ولهذا أمر الله سبحانه ورسوله أن يستعيذ من شره وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية وأشبه الأشياء بهذا الأفعى فإن السم كامن فيها بالقوة فإذا قابلت عدوها انبعث منها قوة غضبية وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما تؤثر في طمس البصر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأبتر ذي الطيفتين من الحيات إنهما يلتمسان البصر ويسقطان....
ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره.

  • أنواع العين:
1- العين المعجبة: وهذه لا يكاد يسلم منها أحد، لأنها تصدر بسبب الإعجاب ولهذا شرع التبريك إذا رأى الإنسان ما يعحبه.
2- العين الحاسدة: وهذه لا تصدر إلا من ضعيف الإيمان ومن نفس خبيثة.
قال ابن القيم:
إذا عرف الرجل بالأذى بالعين ساغ بل وجب حبسه وإفراده عن الناس ويطعم ويسقى حتى يموت . ذكر ذلك غير واحد من الفقهاء، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف لأن هذا من نصيحة المسلمين ودفع الأذى عنهم."
فإن لم يندفع أذاه بالسجن وظل يقذف بشره خارج السجن فللإمام أن يقتله تعزيراً.

  • علاج العين:
- الاستقامة على طاعة الله.
- المحافظة على الأوراد الشرعية.
- الرقية الشرعية لمن أصابته العين.
- التبريك وقول: ما شاء الله.
- أخذ أثر من العائن : فيؤمر بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره واختلف فيه فقيل: إنه فرجه وقيل: إنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده.
- ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه:
ذكر البغوي في شرح السنة: أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين.
ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي سودوا نونته ، والنونة النقرة التي تكون في ذن الصبي الصغير. أراد سودوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين.

  • مسألة :
هل القتل بالعين يوجب القصاص؟
اختلف أهل العلم في ذلك، وسبب اختلافهم:
أن القتل بالعين أمر خفي، فقد يكون موت المعيون وقع اتفاقا وليس بسبب العين، وعلى أقل الأحوال فالأمر محتمل وليس ثمت يقين.
وأصح الأقوال في المسألة:
ما ذهب إليه جمع من محققي أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم:
وهو التفصيل بين ما إذا كان العائن قاصدا مختارا للقتل وهو يعلم أن عينه تقتل، وبين من حصلت منه الجناية بالعين من غير قصد ولا اختيار.
فالأولى فيها القصاص دون الثانية.
يقول ابن القيم رحمه الله:
"إن كان ذلك بغير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه وعليه الدية وإن تعمد وقدر على رده وعلم أنه يقتل به ساغ للوالي أن يقتله بمثل ما قتل به فيعينه إن شاء كما عان هو المقتول ، وسألت شيخنا أبا العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن القتل بالحال هل يوجب القصاص، فقال: للولي أن يقتله بالحال، كما قتل به.
فإن قيل:
فما الفرق بين القتل بهذا وبين القتل بالسحر حيث توجبون القصاص به بالسيف؟
قلنا :
الفرق من وجهين:
أحدهما : أن السحر الذي يقتل به هو السحر الذي يقتل مثله غالباً ولا ريب أن هذا كثير في السحر وفيه مقالات وأبواب معروفة للقتل عند أربابه.
الثاني: أنه لا يمكن أن يقتص منه بمثل ما فعل لكونه محرماً لحق الله ، فهو كما لو قتله باللواط وتجريع الخمر فإنه يقتص منه بالسيف" .


  • مسألة :
القصاص من العائن:
فالمشروع في القصاص كما سيأتي هو المماثلة، فهل ينسحب هذا الحكم على القتل بالعين أيضاً.
فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقتل بالسيف ، وهذا القول ضعيف ، والصحيح أنه يقتل بمثل ما قتل به ما أمكن ذلك، فيؤتى بعائن مثله، ويطلب منه أن يعينه ، وهذا اختيار ابن تيمية وابن القيم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الولي والصوفي: "إذا قتل معصوما بحالهما المحرمة فعليهما القود بمثل حالهما كقتل العائن بعين مثله".
*******************************************************************

انتهينا من النوع الأول من أنواع القتل
وفي الدرس التالي سوف نتحدث عن النوع الثاني وهو: (القتل شبه العمد)


 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

النوع الثاني: القتل شبه العمد:

القتل شبه العمد: هو أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيجني عليه بآلة لا تقتل غالباً.
ويكون ذلك:
1- إما بقصد العدوان عليه.
2- أو لقصد تأديبه فيسرف فيه.
ويكون ذلك إما بقصد العدوان عليه ، أو لقصد تأديبه فيسرف فيه ،كالضرب بالسوط والعصا والحجر الصغير والوكز باليد ،
وسائر مالا يقتل غالبًا إذا قتل ، فكل هذا شبه عمد لأنه قصد الضرب دون القتل.
ويسمى : عمد الخطأ، وخطأ العمد فإنه عمد الاعتداء وأخطأ في القتل.
فهذا لا قود فيه وديته مغلظة.
أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القتل العمد:
القتل شبه العمد يشبه القتل العمد في أمر ويختلف عنه في أمرين:
فهو يشبهه في:
أن الجاني فيهما كليهما قصد العدوان.
ويختلف عنه في:
1- نوع القصد: ففي القتل العمد لا بد أن يقصد الجاني القتل، أما في شبه العمد فيقصد مجرد الاعتداء.
2- الآلة: فالآلة المستخدمة في القتل العمد تقتل غالبا، أما المستخدمة في القتل شبه العمد فهي لا تقتل غالباً.

أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين القتل الخطأ:
القتل شبه العمد يشبه الخطأ في أمر ويختلف عنه في أمرين:
فهو يشبه القتل الخطأ في:
أن الجاني فيهما كليهما لم يقصد القتل.
ويختلف عنه في:
1- القصد: فلا بد في القتل شبه العمد من قصد العدوان، بخلاف القتل الخطأ.
2- الآلة: فالآلة المستخدمة في القتل شبه العمد لا بد أن تكون غير قاتلة، أما الآلة المستخدمة في القتل الخطأ فقد تكون قاتلة كالبندقية يقتل بها شخصا خطأ وقد تكون غير قاتلة.

أمثلة للأداة في القتل شيه العمد :
1- قد يكون بغير أداة كاللطم ، والرفس واللكم اليسير في غير مقتل ، والعض .
2- وقد يكون بأداة مادية كالحجر الصغير والعصا .
3- وقد يكون بأثر نفسي، كأن يشهر عليه سيفًا أو يصوب عليه بندقية دون أن يرميه ، فيموت رعبًا ، أو يصيح
بغافل فيموت ، أو أن يدليه من شاهق أو يفزع امرأة حاملاً .
4- وقد يكون الجاني متسببًا كأن يطلب إنسانًا بسيف ونحوه فيسقط ويموت .
5- وقد يكون بالترك مثل من يحبس شخصًا مدة لا تقتل غالبًا .

الخلاف فيه:
اختلف أهل العلم في القتل شبه العمد على قولين:
1- قول المالكية:
قالوا: إن القتل إما عمد أو خطأ وليس ثمت شبه عمد، وجعلوا حالات شبه العمد عمدا أوجبوا فيها القصاص.
أدلتهم:
قالوا: إن الله لم يذكر في كتابه إلا العمد والخطأ: "وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئاً.....ومن يقتل مؤمنا متعمدا ....."
فمن زاد قسما ثالثاً فقد زاد في النص.
ودليلهم من النظر:
إن القاتل في القتل شبه العمد قصد الجناية فهو إذا عمد.
ونوقش:
بأنه إنما يشبه من ناحية قصد الجناية كما أنه يشبه الخطأ من ناحية أنه لم يقصد القتل، فليس إلحاقه بأي النوعين بأولى من الآخر.

2- قول الجمهور:
الأحناف والشافعية والحنابلة ذهبوا إلى إثبات القتل شبه العمد.
الأدلة:
1- الدليل الأول:
عن أبي هريرة رضي الله قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها،
فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها. متفق عليه.

غرة عبد: قيمة عدل وهي خمس من الإبل.
عاقلتها: عصبتها.
أوجه الدلالة:
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب فيه الدية ولو كان عمدا كما يقول المالكية لذكر القصاص.
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها، والعاقلة لا تحمل عمدا بإجماع العلماء.

2- الدليل الثاني:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل شبه العمد مغلظ مثل قتل العمد ولا يقتل صاحبه" رواه أحمد وأبو داود.
عقل: أي دية.
وهو يدل على القتل شبه العمد من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه شبه العمد ولم يسمه عمدا ولا خطأ.
الوجه الثاني: أنه بين أن ديته مغلظة مثل دية العمد فدل على أنه قسم ثالث غير العمد.
الوجه الثالث: أنه قال: "ولا يقتل صاحبه" والقتل العمد يقتل صاحبه بالإجماع.

3- الدليل الثالث:

عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد ( وفي رواية ) عمد الخطأ (وفي رواية) خطأ العمد،
قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها)
رواه الخمسة إلا الترمذي.

أجاب المالكية:
بأن الحديث ضعيف، قال الباجي: "هذا الحديث غير ثابت رواه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف عن القاسم وابن ربيعة عن ابن عمر ، ولم يلق القاسم ابن عمر."
ورد:
بأن الحديث بشواهده ومتابعاته يرتقي إلى رتبة الاحتجاج ، ولهذا قال ابن القطان: هو صحيح ولا يضره الاختلاف، وصححه ابن حبان كذلك.

4- الدليل الرابع:
الآثار المروية عن جمع من الصحابة بإثباته كعمر وابن عمر وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت وغيرهم، وقول الصحابة حجة ما لم يخالف.


ومن هذه الأدلة يتبين أن القول الراجح هو إثبات القتل شبه العمد كما هو رأي الجمهور.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

النوع الثالث: القتل الخطأ

تعريف القتل الخطأ: أن يفعل ما له فعله فيصيب آدميا معصوما لم يقصده فيقتله.

أدلته:
- قوله تعالى: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا}
- ومن السنة عن محمود بن لبيد قال: {اختلفت سيوف المسلمين على اليمان أبي حذيفة يوم أحد ولا يعرفونه فقتلوه فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين}. رواه أحمد.
- وقد أجمعت الأمة: على ثبوت القتل الخطأ من حيث الجملة.

حكمه:
القتل الخطأ لا قود فيه باتفاق الفقهاء، وإنما فيه الدية المخففة والكفارة:
والأصل في وجوب الدية والكفارة قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا}
وسواء كان المقتول مسلما أو كافرا له عهد لقول الله تعالى: {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة}
وأما كونه لا قصاص فيه:
1- فلأن الله تعالى أوجب به الدية، ولم يذكر قصاصا.
2- ولما روى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه} رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم، وهو حديث حسن .
3- ولأنه لم يوجب القصاص في عمد الخطأ ففي الخطأ أولى.

أنواع القتل الخطأ:
بعض الفقهاء كالأحناف وبعض الحنابلة يقسمون القتل الخطأ إلى قسمين:
1- قتل خطأ محض.
2- قتل في معنى القتل الخطأ، أي يجري مجرى الخطأ.

النوع الأول: الخطأ المحض:
وهو ما قصد فيه الجاني الفعل دون الشخص، ولكنه أخطأ في فعله أو في ظنه.
فمثال الخطأ في الفعل: يرمي صيدا فيخطئه ويصيب آدمياً.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن هذا من الخطأ.
ومثال الخطأ في الظن: أن يرمي شخصا على ظن أنه مهدر الدم فإذا هو معصوم، أو يرمي ما يحسبه حيوانا فإذا هو معصوم، ومن هذا النوع أيضاً: أن يقتل مسلما في دار الحرب يظن أنه كافر.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة – الأخيرة – على قولين، وفيما يأتي بيانهما:

مسألة: إذا قتل مسلماً في دار الحرب ظاناً أنه كافر:
أو يرمي إلى صف الكفار ويصيب مسلما أو يتترس الكفار بسلم ويخاف على المسلمين إن لم يرمهم فيرميهم فيقتل المسلم.
فقد اتفق أهل العلم على أن هذا خطأ، لا يوجب قصاصا؛ لأنه لم يقصد قتل مسلم فأشبه ما لو ظنه صيد فبان آدمياً.
واتفقوا على أن فيه الكفارة على القاتل.
ثم اختلفوا في وجوب الدية على قولين:
القول الأول:
أن هذا القتل تجب به الدية والكفارة، وهو قول مالك والشافعي ورواية في مذهب أحمد.

الأدلة:
1- قوله تعالى: { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله }
2- وقال عليه الصلاة والسلام: ( ألا إن في قتيل خطأ العمد ، قتيل السوط والعصا مائة من الإبل ).
3- ولأنه قتل مسلما خطأ فوجبت ديته، كما لو كان في دار الإسلام.
القول الثاني:
أن هذا القتل لا تجب به دية، وإنما يجب فيه الكفارة فقط.
وروي هذا عن ابن عباس ، وبه قال عطاء وعكرمة وقتادة والأوزاعي والثوري وأبو ثور وأبو حنيفة، وهو المذهب عند الحنابلة.
الأدلة:
1- قال تعالى:{فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة} ولم يذكر دية وهذا ظاهر في أنها غير واجبة، وهذا يدل أنه لا يدخل في عموم الآية التي احتج بها الفريق الأول، ويخص بها عموم الخبر الذي رووه.
2-
في صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا من المشركين فلما رفعت عليه السيف قال: لا إله إلا الله، فقتلته ، فوقع ذلك في نفسي، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: قال: لا إله إلا الله وقتلته؟ فقلت: إنما قالها خوفا من السلاح، فقال: أفلا شققت عن قلبه لتنظر أقالها أم لا؟ فلم يزل يرددها علي تمنيت أني أسلمت يومئذ.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يد القتيل.
-------------------
النوع الثاني: القتل الذي يجري مجرى الخطأ: وهو ما لا قصد فيه إلى الفعل ولا إلى الشخص.
وهذا قد يكون مباشرة أو تسببا ، فالأول كالنائم ينقلب على طفل بجواره فيقتله، والثاني كمن يحفر بئرا أو يترك حائطه المائل دون إصلاح ، أو يريق ماءً في الطريق فيموت بذلك معصوم.
فحكم هذا القتل كحكم النوع الأول فلا قصاص فيه وفيه الدية المخففة والكفارة.

ومما سبق يتبين أن القتل الخطأ ينقسم باعتبارات مختلفة:

- فقد يكون خطأ محظا.
- وقد يكون مما يجري مجرى الخطأ المحض.
- وقد يكون مباشرة.
- وقد يكون تسببا.
- وقد يكون فعلا كما سبق.
- وقد يكون تركا مثل أن يترك كلبا عقوراً فيقتل معصوماً.
- وقد يكون بوسيلة :
أ‌- مادية كما سبق.
ب‌- أو معنوية كما لو صاح بحيوان ففزع عاقل فمات.
------------------------------
مسائل في القتل الخطأ:
- المسألة الأولى: عمد الصبي والمجنون خطأ:
الأدلة على ذلك:
1- قوله عليه الصلاة والسلام: "رفع القلم عن ثلاثة...."رواه أحمد وأبو داود.
2- الإجماع: قال ابن قدامة: "لا خلاف بين أهل العلم في أنه لا قصاص على صبي ولا مجنون، وكذلك كل زائل العقل بسبب يعذر فيه كالنائم والمغمى عليه."
3- ولأنهم ليس لهم قصد صحيح.

- المسألة الثانية:
ليس كل خطأ يتسبب به الإنسان يتحمل مسؤوليته. فالقتل الخطأ لا يترتب عليه أثره ولا يتحمل الإنسان مسؤوليته إلا إذا فرط أو تعدى:
والتفريط: هو أن يترك أمرا كان عليه فعله شرعا أو عرفا.
والتعدي: أن يفعل محظورا يحرم عليه إتيانه شرعا أو عرفا.
وهذا هو الأصل العام في هذا الباب، وهاهنا قاعدتان تبنيان هذا الأصل:
القاعدة الأولى: إذا كان الفعل غير مأذون فيه شرعا وأتاه الفاعل دون ضرورة ملجئة فهو تعد من غير ضرورة وما تولد منه يسأل عنه الفاعل سواء أكان مما يمكن التحرز عنه أو لا يمكن.
القاعدة الثانية: كل ما يلحق ضررا بالغير يسأل عنه فاعله أو المتسبب فيه إذا كان يمكن التحرز عنه ، ويعتبر أنه تحرز إذا لم يهمل أو يفرط في الاحتياط والتبصر فإذا كان لا يمكن التحرز إطلاقا فلا مسؤولية.

وتتضح هاتان القاعدتان بالأمثلة:
1- لو أن سيارة تمشي في الطريق حاملة حديدا فسقطت من السيارة على إنسان فقتلته ، فالسائق مسؤول عن قتله لأنه يستطيع أن يتحرز ويحتاط، ولكن الغبار والحصى الذي يثيره مشي السيارة في الطريق إذا جاء في عين إنسان فأتلفها فلا يسأل عنها السائق لأن إثارة الغبار والحصى مما يمكن التحرز منه.
2- إذا سرق سيارة أو قادها بدون رخصة أو بدون أوراق الملكية أو كانت سنه دون السن القانونية ونحو ذلك فاصطدم بآخر فقتله فيتحمل مسؤولية قتله حتى وإن كان الجاني جميع أسباب السلامة في القيادة وسار بسرعة قانونية متبعا للأنظمة ، والسبب أنه تعدى بقيادته دون ضرورة ، أما لو كان ثمة ضرورة لتلك القيادة مثل أن يضطر لإيصال شخص للمستشفى عاجلا ولا يحمل رخصة القيادة فهو غير متعد حينئذ.
3- ذكر الفقهاء أن الأضرار التي تحدثها الدابة يتحملها قائدها مثلما لو وطئت إنسانا أو كدمته أو صدمته أما الأضرار التي تحدثها في مؤخرتها فلا يتحمل القائد مسؤولياتها مثلما لو نفخت برجلها أو ذنبها إنسانا فمات، لأن هذا لا يمكن التحرز منه بخلاف ما في المقدمة.
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "والعجماء جبار" أي نفخ الدابة برجلها جبار لا مسؤولية في حقه، ويقاس على ذلك ما تقضي به عامة الأنظمة الوضعية من أن الحوادث التي تلحق السيارة من المؤخرة يتحملها قائد السيارة الخلفية وهذا موافق للرأي الشرعي.
4- من أوقف سيارته في مكان ممنوع فتسبب في مقتل إنسان فإن صاحب السيارة يتحمل مسؤولية ذلك ، أما لو أوقفها في مكان مسموح فلا مسؤولية عليه.
5- من أحدث شيئا غير مأذون له كمن أخرج جناحا أو شرفة فعثر به عاثر فمات ، أو رش ماء في الطريق فزلق به إنسان فمات فعليه المسؤولية ، وكذا لو قصر في إزالة شيء يجب عليه إزالته فوقع فيه إنسان فمات فعليه الضمان، مثل أن يقصر في إزالة الثلج من عتبة داره إذا كان النظام يلزمه ذلك أو يكون جداره مائلا فيتمادى في إصلاحه، أو تكون أسلاك الكهرباء مكشوفة ونحو ذلك.
6- إذا اعترضه وهو يقود سيارته شخص فمات، فينظر:
أ‌- إن كان قائد السيارة متعديا أو مقصرا في قيادته فعليه الضمان مطلقا، مثل أن يقود السيارة من غير تصريح أو يكون مسرعا في قيادته أو كانت مكابح السيارة ضعيفة.
ب‌- فإن كان يقول السيارة بصورة نظامية ، فإن كان اعتراض القتيل بعيد بحيث يتمكن القائد من إيقاف السيارة فلم يوقفها فعليه المسؤولية.
ت‌- أما إن كانت المسافة يسيرة لا يتمكن من إيقاف السيارة فليس عليه المسؤولية.
7- إذا انقلبت سيارة بركابها فهلكوا فعلى قائد السيارة المسؤولية إن كان قد فرط مثل أن تكون الإطارات قديمة أو تعدى مثل أن يكون مسرعا، فإن لم يكن كذلك فليس عليه مسؤولية.

- المسألة الثالثة: من قصد فعلا محرما فقتل آدمياًً:
وصورة ذلك أن يقصد قتل بهيمة محترمة أو آدميا معصوما فيصيب غيره فيقتله.
وهذا القتل قد يكون ناتجا عن خطأ في شخص المجني عليه أو عن خطأ في شخصيته:
فمثال الخطأ في شخصه: أن يقصد الجاني قتل شخص معين فيصيب غيره (فهذا خطأ في الفعل)
ومثال الخطأ في شخصيته: أن يقصد الجاني قتل شخص على أنه زيد وهو معصوم فتبين أنه عمرو. فهذا خطأ في الظن.
وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن هذا من الخطأ لأنه لم يقصد قتله.
وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحد القولين في مذهب أحمد ، وهو الذي قدمه في المغني وهو مقتضى كلام صاحب المحرر.
القول الثاني:أن هذا عمد لكونه قصد فعلا محرما قتل به إنسانا.
وهذا مذهب المالكية ، قال في الإنصاف: وهو منصوص الإمام أحمد رحمه الله قاله القاضي في روايتيه. وهو ظاهر كلام الخرقي ...."
والأرجح والله أعلم:
التفصيل:
فإن كانت حرمة نفس القتيل في نفس درجة حرمة المقصود بالقتل ، كما لو كان كلاهما مسلما معصوم الدم فالجناية عمد لأنه لا فرق بين أن تقع الجناية على زيد أو على عمرو.
أما إن كانت نفس القتيل أقل حرمة من المقصود بالقتل كما لو استهدف شاة أو نصرانيا فأصاب مسلما فقتله الجناية شبه عمد لأن الجاني قصد الاعتداء ولم يقصد القتل ولوجود الشبهة الدارئة لثبوت القصاص.
------------------------------------------------


والآن انتهينا من أنواع الجناية على النفس
وسوف ننتقل للحديث عن "العقوبات المقدرة على الجناية على النفس"
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 مايو 2010
المشاركات
159
التخصص
مقاصد الشريعة
المدينة
حلب
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

اتمنى على مدام ام طارق ان تقف وقفة عند حد الردة وتناقش موضوعه بشكل يرد الشبهات ويبين هل القتل بسبب الردة حد ام عقوبة تعزيرية
وتقف عن الايات التي تكلمت عن المرتدين ولم تبين عقوبتهم الدنيوية وما السر في ذلك
ومع وجود حركة ردة شبه يومية في عهد الرسول المدني سجلها القرأن ووقف عندها , فهل مارس النبي حد الردة وقام بقتل المرتدين
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

اتمنى على مدام ام طارق ان تقف وقفة عند حد الردة وتناقش موضوعه بشكل يرد الشبهات ويبين هل القتل بسبب الردة حد ام عقوبة تعزيرية
وتقف عن الايات التي تكلمت عن المرتدين ولم تبين عقوبتهم الدنيوية وما السر في ذلك
ومع وجود حركة ردة شبه يومية في عهد الرسول المدني سجلها القرأن ووقف عندها , فهل مارس النبي حد الردة وقام بقتل المرتدين
بارك الله فيكم يا شيخ طارق
مراد أختنا الفاضلة أم طارق جمع هذه الدروس على هيئة مذكرة لأبرز مسائل الجنايات والحدود.
أما طلبكم فبالإمكان إفراده بموضوع مستقل عن هذه الدروس وفقكم الله.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

العقوبات المقدرة على الجناية على النفس

العقوبات المقدرة على القتل العمد:
وهذه العقوبات هي:
1. القصاص
2. الدية
3. الكفارة - على رأي بعض الفقهاء -
4. التعزيز
5. الحرمان من الوصية
6. الحرمان من الميراث

أولاً: القصاص:

1: الحكمة من مشروعية القصاص:
شرع الله القصاص لحكم عظيمة ومقاصد سامية ومن أهم حكم القصاص :
1. حماية المجتمعات من الجريمة ، وردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين.
2. تحقيق العدل والانتصار للمظلوم ، بتمكين ورثة القتيل من أن يفعلوا بالقاتل مثل ما فعل بمورثهم .
3. التوبة على القاتل ، وتطهيره من الذنب الذي اقترفه ، فإن القصاص والحدود عامة كفارة لأهلها وإن لم يتوبوا من الذنب.

2: أدلة مشروعية القصاص في الأنفس:
من الكتاب :
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى .. } وقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ..} الآية .
ومن السنة :
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ من قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يفتدي وإما أن يقتل } رواه الجماعة لكن لفظ الترمذي : " إما أن يعفو وإما أن يقتل "
وعن أبي شريح الخزاعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
{ من أصيب بدم أو خبل (والخبل : الجراح) فهو بالخيار بين إحدى ثلاث : إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

3- شروط وجوب القصاص:
يشترط لوجوب القصاص أربعة شروط:
الشرط الأول: أن تكون الجناية عمدا محضا:
قال ابن قدامة: "أجمع العلماء على أن القود لا يجب إلا في العمد."

الشرط الثاني: عصمة المقتول:

فإن كان مهدر الدم كالحربي والمرتد والزاني المحصن والمحارب الذي تحتم قتلها فلا قصاص على القاتل ولا دية ولا كفارة سواء أكان مسلما أو ذميا.
وحكى بعض الشافعية وجها:
أن على القاتل القود لأن قتله إلى الإمام فيجب القود على على من قتله كمن عليه القصاص إذا قتله غير مستحق.
===========
مسألة: إذا قتل القاتلَ شخصٌ آخر، فيأتي أجنبي فيقتص من القاتل بغير إذن؟
قولان:
الأول:
أنه يقتص منه وهذا قول الجمهور.
وأدلتهم:
1- أن المقتول لم يتحتم قتله لاحتمال عفو أحد الأولياء عن القصاص فشرط القصاص اتفاق الأولياء على الأخذ به.
2- أن دمه مستحق لأولياء القتيل الأول فلم يبح دمه لغيرهم، وهو شيء يستحقونه على سبيل المعاوضة أي عوضا عن قتيلهم، فهذا كما لو كان له دين فاستوفاه غيره!
القول الثاني:
أنه لا قصاص على القاتل الثاني، وهو مروي عن قتادة.
وحجته:
القياس على قتل الزاني المحصن والمرتد، بجامع أن القتيل في كل منهما مباح الدم.
ويرد هذا القياس بأنه قياس مع الفارق، لأن الزاني والمرتد ونحوهم متحتم قتلهم بخلاف القاتل فإنه غير متحتم.
والراجح هو القول الأول.
=================
مسألة: لو طلب أولياء القتيل الأول بالدية فهل لهم ذلك؟
فيه خلاف:
فالشافعية والحنابلة:
يرون أنهم يستحقون الدية لأن الواجب في القتل أحد شيئين:
1- القصاص.
2- أو الدية.
فإذا تعذر أحدهما لفوات محله وجب الآخر.
وقال الأحناف:
ليس للورثة حق الدية لفوات المحل.
وقال المالكية:
من قتل رجلا فعدا عليه أجنبي فقتله عمدا، فدمه لأولياء القتيل الأول، ويقال لأولياء القتيل الثاني: أرضوا أولياء القتيل الأول، وشأنكم بقاتل وليكم في العفو أو القتل، فإن لم يرضوهم فلأولياء القتيل الأول قتله أو العفو عنه.
والراجح:
هو قول المالكية لما فيه من العدل حيث لم يجتمع على شخص واحد عقوبتان ولم يهدر حق أي منهم.
=================
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الشرط الثالث: التكليف:
فلا قصاص على مجنون أو صبي.
مسألة: جناية السكران:
اختلف العلماء في حكم إقامة القصاص على من قتل عمدا حال سكره على قولين:
القول الأول: أنه يقتص منه وهو مذهب الجمهور.
واستدلوا:
1- أن الصحابة رضوان الله عليهم أقاموا سكره مقام قذفه، فأوجبوا عليه حد القذف، فلولا أن قذفه موجب للحد عليه لما وجب الحد بمظنته، فقد جاء في الموطأ أن عمر رضي الله عنه استشار الناس في شأن شارب الخمر فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن الشارب إذا سكر هذى وإذا هذى افترى، وحد المفتري ثمانون جلدة، أرى أن تجلده ثمانين، فأعجب ذلك عمر وجعل عقوبته ثمانين جلدة.
فإذا وجب حد القذف على الشارب فالقصاص المتمحض حق آدمي أولى.
2- ولأن في ذلك سدا للذريعة إذ لو لم يجب القصاص والحد لأفضى إلى أن من أراد أن يعصي الله شرب ما يسكره ثم قتل وزنى وسرق ولا يلزمه عقوبة ، فيصير عصيانه سببا لسقوط العقوبة عنه.

القول الثاني:
أنه لا يقتص منه وهو وجه في مذهب الحنابلة:
واستدلوا:
1- بالقياس على المجنون فإن كلا منهما زائل العقل.
ويناقش:
بأن هذا قياس مع الفارق فإن السكران فقد عقله باختياره بخلاف المجنون.
2- وبالقياس على الطلاق فإن السكران لا يقع طلاقه.
ويناقش:
بأن القتل يفارق الطلاق:
أ‌- فإنه قول والقتل فعل.
ب‌- ولأن الطلاق يمكن إلغاؤه بخلاف القتل.
ت‌- ولأن إلزامه بالطلاق يترتب عليه إلحاق الضرر بمن لم يرتكب المعصية وهو الزوجة والأولاد.
3- ولما ثبت في البخاري أن حمزة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل: وهل أنتم إلا عبيد أبي، ولم يقم النبي صلى الله عليه وسلم عليه حد الردة.
ويناقش:
بأن هذا كان قبل تحريم الخمر فلا يصح الاستدلال به. وبأنه قول والقتل فعل، والفعل أشد.
والراجح: هو القول الأول لقوة أدلته.
فأما إن تناول شيئا يزيل العقل على وجه مباح كالبنج فقتل فلا قصاص عليه لأنه معذور، حكمه حكم المجنون، فهو قتل خطأ.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

الشرط الرابع: التكافؤ بين المقتول وقاتله حال الجناية:
ومعنى التكافؤ:
أن يتساوى الجاني والمجني عليه في الدين والحرية أو الرق، فيقتل الحر المسلم بالحر المسلم ذكرا كان أو أنثى.
صور عدم التكافؤ:
1- الصورة الأولى: قتل المسلم بالكافر:
لا خلاف بين أهل العلم أن الكافر يقتل بالمسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل اليهودي الذي رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها، ولأنه إذا قتل بمثله فبمن هو فوقه أولى.
واختلفوا في قتل المسلم بالكافر على قولين:
القول الأول:

للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: أن المسلم لا يقتل بالكافر.
استدلوا بما يلي:
1- ما روى البخاري عن أبي جحيفة قال: "قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي غير القرآن؟
قال: لا ، والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا من القرآن، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟
قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر".
2- وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي من وجه آخر عن علي رضي الله عنه مرفوعا:
"المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد بعهده"
وهو في المسند وسنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

ووجه الدلالة في أمرين:

1- قوله "المؤمنون تتكافأ دماؤهم" فمفهوم أن الكافر لا يكافئ المسلم فلا يقتل به.
2- قوله: "ولا يقتل مؤمن بكافر".
===============================
القول الثاني:
يقتل المسلم بالذمي خاصة. وهذا رأي النخعي والشعبي والأحناف
واستدلوا لذلك:
1- بالعمومات الدالة أن النفس تقتل بالنفس.
2- ما روى الدارقطني والبيهقي عن ابن البيلماني مرسلا:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد مسلما بذمي، وقال: "أنا أحق من وفى بذمته".
3- وبقوله في حديث علي وعمرو بن شعيب: "ولا ذو عهد في عهده" ووجهه أنه معطوف على قوله "مؤمن" فيكون التقدير: ولا ذو عهد في عهده بكافر كما في المعطوف عليه.
والمراد بالكافر المذكور في المعطوف هو الحربي فقط بدليل جعله مقابلا للمعاهد، لأن المعاهد يقتل بمن كان معاهدا مثله من الذميين إجماعا فيلزم أن يقيد الكافر في المعطوف عليه بالحربي كما قيد في المعطوف، لأن الصفة بعد متعدد ترجع إلى الجميع اتفاقا، فيكون التقدير: لا يقتل مؤمن بكافر حربي ولا ذو عهد في عهده بكافر حربي، وهو يدل بمفهومه على أن المسلم يقتل بالكافر الذمي.
4- وبما أخرجه الطبراني: "أن عليا أتي برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة، فقامت عليه البينة، فأمر بقتله، فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك وقرعوك، قال: لا، ولكن قتله لا يرد علي أخي، وعرضوا عليه ورضيت، قال: أنت أعلم، من كان في ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا".
5- ولأن الذمي معصوم الدم عصمة مؤبدة فيقتل به قاتله كالمسلم.
6- ولأن المسلم يقطع إن سرق من مال الذمي، والمستأمن، فقتله بهما أولى؛ لأن الدم أعظم حرمة من المال.
والراجح القول الأول لقوة أدلته وصراحتها.

أما ما استدل به أصحاب القول الثاني فيجاب عنه بما يلي:

1- أما العمومات فهي مخصوصة بأحاديث الفريق الأول.
2- أما حديث ابن البيلماني فهو ضعيف جدا، قال الإمام أحمد: ليس له إسناد. وقال الدراقطني: يرويه ابن البيلماني، وهو ضعيف إذا أسند فكيف إذا أرسل.
3-وأما دليلهم الثالث فيجاب عنه من عدة أوجه:
الوجه الأول:
بأن هذا مفهوم صفة، والخلاف في العمل به مشهور بين أئمة الأصول، ومن جملة القائلين بعدم العمل به الحنفية فكيف يصح احتجاجهم به.
الوجه الثاني:
بأن الجملة المعطوفة، وهي قوله "ولا ذو عهد في عهده" لمجرد النهي عن قتل المعاهد فلا تقدير فيها أصلا.
الوجه الثالث:
بأن الصحيح عند المحققين من النحاة أن مقتضى العطف مطلق الاشتراك لا الاشتراك من كل وجه فلا يلزم اشتراك المعطوف والمعطوف عليه إلا في الحكم الذي لأجله وقع العطف وهو هنا النهي عن القتل مطلقا من غير نظر إلى كونه قصاصا أو غير قصاص فلا يستلزم كون إحدى الجملتين في القصاص أن تكون الأخرى مثلها حتى يثبت ذلك التقدير المذكور.
4- وأما دليلهم الرابع فمع كونه قول صحابي ففي إسناده أبو الجنوب الأسدي وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني.
وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ أنه لا يقتل مسلم بكافر ] كما في حديث الباب، والحجة إنما هي روايته.
وروي عن الشافعي في هذه القضية أنه قال: ما دلكم أن عليا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويقول بخلافه.
5 - وأما كون الذمي معصوما فلا يلزم منه مكافأته للمسلم، وقياسه على المسلم غير صحيح لثلاثة أمور:
الأول: أنه قياس في مقابلة النص فهو قياس فاسد الاعتبار.
الثاني: أن قياس الذمي على المسلم ليس أولى من قياسه على الحربي بل إن قياسه على الحربي أقرب بجامع أن كليهما كافر مخلد في النار.
الثالث: أن الله تعالى فرق بينهما، كما قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}{لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} وقال: فكيف نصح بعد ذلك أن نكافأ بينهما؟

فائدة : يقتل الذمي بالذمي سواءً اتفقت أدياﻧﻬم أو اختلفت ، فيقتل النصراني باليهودي واﻟﻤﺠوسي ، لأﻧﻬم متكافئون في العصمة بالذمة ونقيصة الكفر فجرى مجرى القصاص بينهما كما لو تساوى دينهما.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

2- الصورة الثانية: قتل الحر بالعبد:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن الحر لا يقتل بالعبد مطلقا، سواء كان في ملكه، أو في ملك غيره.
وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.

واستدلوا:
1- أولاً: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...} [البقرة/178]
فمفهوم الآية أن الحر لا يقتل بالعبد.
نوقش هذا الاستدلال من وجهين:
أ‌- بأنه استدلال بالمفهوم، والنصوص الدالة على قتل الحر بالعبد استدلال بالمنطوق مثل قوله تعالى: {النفس بالنفس}
والقاعدة عند الأصوليين أن المنطوق مقدم على المفهوم.
ب‌- أنه لو صح هذا الاستدلال فإنه يلزم ألا يقتل الذكر بالأنثى ولا العكس، وهو خلاف الإجماع.
2- ثانياً:ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "من السنة ألا يقتل حر بعبد"
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقتل حر بعبد" رواه الدارقطني.

نوقش هذا الاستدلال بما يلي:
بأن هذه الأحاديث ضعيفة لا تنهض للاحتجاج بها، أما حديث علي ففيه جابر الجعفي وهو متروك، وحديث ابن عباس فيه جويبر وغيره من المتروكين، قاله ابن حجر في تلخيص الحبير.
3- ثالثاً: الإجماع على أن الحر لا يقطع طرفه بطرف العبد مع التساوي في السلامة فيقاس على ذلك قتل النفس.
ويناقش هذا الاستدلال:
بعدم التسليم بصحة الإجماع فقد روي عن ابن أبي ليلى أن القصاص واجب بين الحر والعبد في جميع الجراحات التي نستطيع فيها القصاص.
4- رابعاً: أن العبد لا يكافئ الحر فإنه منقوص بالرق، بدليل أن دية الحر كاملة، أما دية العبد ففي قيمته.
ويناقش هذا الاستدلال من وجهين:
أ‌- أن هذا قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار.
ب‌- أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ومع ذلك فإنه يقتل بها.
=======================================
القول الثاني:
أن الحر يقتل بالعبد مطلقا سواء كان في ملكه أو ملك غيره، وهذا هو رأي النخعي وداود الظاهري.
استدلوا بما يلي:
1- أولاً:بعموم النصوص القاضية بأن النفس تقتل بالنفس مطلقا....
نوقش هذا الاستدلال:
بأن هذه النصوص مخصوصة بأدلة الفريق الأول.
ويجاب عن ذلك:
بأن أدلة التخصيص غير ثابتة كما تقدم فيبقى الحكم على عمومه.
2- ثانياً:{ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} فأخبر تعالى أنه وجب القصاص لأن فيه حياة لنا، وذلك شامل للحر والعبد لأن صفة أولي الألباب تشملهم جميعا، فإذا كانت العلة موجودة في الجميع لم يجز الاقتصار بحكمها على بعض دون بعض.
3- ثالثاً: ما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه." رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
نوقش هذا الدليل من وجهين:
1- بأن الحديث ضعيف لأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا ثلاثة أحاديث وليس هذا منها، فهو حديث منقطع ومما يؤيد ذلك أن الحسن كان يفتي بخلافه فإنه يقول: "لا يقتل الحر بالعبد".
ويجاب عن هذا:
1- بأن رواية الحسن عن سمرة مختلف فيها، وقد قال علي بن المديني: إن سماعه منه صحيح، والحديث حسنه الترمذي.
2- قال ابن القيم: إن كان حديث الحسن عن سمرة محفوظا، وقد سمعه الحسن منه كان قتله تعزيرا إلى الإمام بحسب ما يراه من المصلحة.
ويجاب عن ذلك:
3- بأن هذا خلاف ظاهر الحديث، فإن ظاهره أن قتله قصاص لا تعزير بدليل قوله: "ومن جدع جدعناه"، وزاد النسائي: "ومن خصى عبده خصيناه".
4- رابعاً: ولأن العبد آدمي معصوم فيقتل بالحر كقتل الحر بالحر.
====================================
القول الثالث:
أن السيد لا يقتل بعبده ويقتل الحر بعبد غيره. وهذا مذهب الأحناف.
واستدلوا على قتل الحر بالعبد بأدلة الفريق الثاني، واستدلوا على استثناء بما في ملكه بما يلي:
1- ما روي عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقاد المملوك من مولاه، والوالد من ولده". رواه الدارقطني.
ويجاب عن ذلك:
بأنه حديث ضعيف بل منكر فإن في إسناده عمر بن عيسى الأسلمي وهو منكر.
2- وعن علي أن رجلا قتل عبدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم مائة ونفاه عاما ومحا اسمه من المسلمين ولم يقده به.
ويجاب عنه أيضا:
بأنه حديث ضعيف، قال أحمد: ليس بشيء ، وضعفه أبو حاتم وابن حجر.
3- ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: من قتل عبده جلد مائة وحرم سهمه من المسلمين. وفي رواية : أنهما كان لا يقتلان الحر بالعبد.
والراجح – والله أعلم – أن الحر يقتل بالعبد مطلقا لقوة أدلة الفريق الثاني.
 
إنضم
29 مايو 2010
المشاركات
159
التخصص
مقاصد الشريعة
المدينة
حلب
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

أعرضت كتب الفقه والابحاث الاكاديمية مؤخرا عن ذكر مسائل العبيد لانتهاء الرق
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

أعرضت كتب الفقه والابحاث الاكاديمية مؤخرا عن ذكر مسائل العبيد لانتهاء الرق
هذا صحيح
وهي مسائل شرعية قد يأتي موجبها في زمن كما تخلف في هذا الزمن.

وأتذكر أني سألت أحد كبار الأساتذة في الدراسات العليا عن مسألة بهذا الخصوص فحار فيها؛ لقلة تعاطي هذه المسائل!
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

هذا صحيح
وهي مسائل شرعية قد يأتي موجبها في زمن كما تخلف في هذا الزمن.
وأتذكر أني سألت أحد كبار الأساتذة في الدراسات العليا عن مسألة بهذا الخصوص فحار فيها؛ لقلة تعاطي هذه المسائل!

بارك الله فيكم
كثيرا ما يقال هذا الكلام
والجواب عنه ما قلتم
كذلك بعض المسائل التي قصِّر في العمل بها من بعض الأمة كالجهاد مثلا
فسوف يأتي اليوم الذي يُرفع فيه علم الجهاد ويقتل فيه أهل الزيغ والإلحاد
فلا يترك تعلم مسائل الدين لعدم وجود العمل ببعضها لأن الفقه يصلح لكل زمان
فإن عدم العمل بها في بعض الأزمنة وجد في أخرى
والله أعلم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)

2- الصورة الثانية: قتل الحر بالعبد:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أن الحر لا يقتل بالعبد مطلقا، سواء كان في ملكه، أو في ملك غيره.
وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.
واستدلوا:
1- أولاً: قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ...}[البقرة/178]
فمفهوم الآية أن الحر لا يقتل بالعبد.
نوقش هذا الاستدلال من وجهين:
أ‌- بأنه استدلال بالمفهوم، والنصوص الدالة على قتل الحر بالعبد استدلال بالمنطوق مثل قوله تعالى: {النفس بالنفس}
والقاعدة عند الأصوليين أن المنطوق مقدم على المفهوم.
ب‌- أنه لو صح هذا الاستدلال فإنه يلزم ألا يقتل الذكر بالأنثى ولا العكس، وهو خلاف الإجماع.

أستأذن أختنا الأستاذة الفاضلة أم طارق في وضع هذا الرابط هنا.. لعل فيه فائدة :
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=6065
 
أعلى