رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)
رد: دروس في فقه الجنايات والحدود (1)
ثالثاً: ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ
1- ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﻟﻠﻐﺔ : ﻣﺼﺪﺭ ﻣﺴﻤﻰ ﺑﻪ ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﺆﺩﻯ ﻭﺃﺻﻠﻬﺎ : ﻭﺩﻱ ، ﻛﺎﻟﻌﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻋﺪ.
ﻭﺍﺻﻄﻼﺣﺎ : ﺍﳌﺎﻝ ﺍﳌﺆﺩﻯ ﺍﱃ ﺍﺠﲏ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﻭﻟﻴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﺎﻳﺔ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻳﺸﻤﻞ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻭﺍﳌﻨﺎﻓﻊ.
ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ :
ﳎﲏ ﻋﻠﻴﻪ : ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﺃﻭ ﻭﻟﻴﻪ : ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ
ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﺎﻳﺔ : ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ خطأً ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ ﺃﻭ ﻋﻤﺪ ﻋﻔﻲ ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ﺇﱃ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻬﺎ
2- ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ :
ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻹﲨﺎﻉ :
ﺃ – ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ :
- ﻓﻤﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻓﻤﻦ ﻋﻔﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﺗﺒﺎﻉ ﺑﺎﳌﻌﺮﻭﻑ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ )) ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﳋﺒﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ .
- ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ : (( ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﳌﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ مؤمناً ﺇﻻ خطأً ، ﻭﻣﻦ ﻗﺘﻞ مؤمناً خطأً ﻓﺘﺤﺮﻳﺮ ﺭﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﻭﺩﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺇﱃ ﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ )) ، ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺍﳋﻄﺄ ﻭﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ ، ﻓﺄﻭﺟﺐ ﺍﷲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺗﻞ ﻭﻧﺪﺏ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺇﱃ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻬﺎ ، ﺣﻴﺚ ﲰﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺻﺪﻗﺔ .
ﺏ- ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ :
- ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ : (( ﻓﻤﻦ ﻗﺘﻞ ﻟﻪ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﲞﲑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﻦ – ﺍﳊﺪﻳﺚ)) ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ مراراً ، ﻓﻬﺬﺍ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
- ﻭﰲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺰﻡ ﰲ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﻗﺎﻝ : (( ﻭﰲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻞ )) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ ﰲ ﺍﳌﺮﺍﺳﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺧﺰﳝﺔ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﳉﺎﺭﻭﺩ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺃﲪﺪ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻫﻮ ﺍﻷﺻﻞ ﰲ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ : ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﰲ ﺻﺤﺘﻪ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﱂ ﻳﻘﺒﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺣﱴ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻧﻪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ : ﻫﺬﺍ
ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻳﺴﺘﻐﲏ ﺑﺸﻬﺪﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺷﺒﻪ ﺍﳌﺘﻮﺍﺗﺮ ﻟﺘﻠﻘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ . ﺃﻫـ
ﺟـ - ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻹﲨﺎﻉ :
ﻓﻘﺪ ﺃﲨﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﳌﻌﺼﻮﻣﺔ .
3- ثالثاً:
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺃﺗﻠﻒ إنساناً ﲟﺒﺎﺷﺮﺓ ﺃﻭ ﺗﺴﺒﺐ ﻭﻛﺎﻥ مفرطاً أو متعدياً ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ﻭﺇﻻ ﻓﻼ :
ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﳋﻄﺄ ، ﻭﺃﻥ ﺍﳌﺮﺟﻊ ﰲ ﲢﺪﻳﺪ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺍﱃ ﺍﻟﻌﺮﻑ ، ﻭﺳﺒﻖ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ المجني ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺃﻭ ﺫﻣﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺄﻣﻨﺎ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻫﺪﺍ ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﱃ (( ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻭﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﻓﺪﻳﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﺍﱃ ﺃﻫﻠﻪ )) ﻓﻌﱪ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﺑﺎﳌﻴﺜﺎﻕ .
-------------------------------
3- ﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺕ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ:
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﺐ
ﳚﺐ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴﺒﺐ ﻛﻤﺎ ﳚﺐ ﺑﺎﳌﺒﺎﺷﺮﺓ , ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ:
1- ﺍﻟﺘﺮﻭﻳﻊ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺫﻟﻚ:
1- ﻟﻮ ﻃﻠﺐ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺑﺴﻴﻒ ﻣﺸﻬﻮﺭ , ﻓﻬﺮﺏ ﻣﻨﻪ , ﻓﺘﻠﻒ ﰲ ﻫﺮﺑﻪ , ﺿﻤﻨﻪ , ﺳﻮﺍﺀ ﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺷﺎﻫﻖ , ﺃﻭ ﺍﳔﺴﻒ ﺑﻪ ﺳﻘﻒ , ﺃﻭ ﺧﺮ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﺃﻭ ﻟﻘﻴﻪ ﺳﺒﻊ ﻓﺎﻓﺘﺮﺳﻪ , ﺃﻭ ﻏﺮﻕ ﰲ ﻣﺎﺀ , ﺃﻭ ﺍﺣﺘﺮﻕ ﺑﻨﺎﺭ , ﻭﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﺻﺒﻴﺎ ﺃﻭ ﻛﺒﲑﺍ , ﺃﻋﻤﻰ ﺃﻭ ﺑﺼﲑﺍ , ﻋﺎﻗﻼ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻧﺎ .
2- ﻭﻟﻮ ﺷﻬﺮ ﺳﻴﻔﺎ ﰲ ﻭﺟﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﺩﻻﻩ ﻣﻦ ﺷﺎﻫﻖ , ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﺭﻭﻋﺘﻪ , ﺃﻭ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺩﻳﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﺻﺎﺡ ﺑﺼﱯ ﺃﻭ ﳎﻨﻮﻥ ﺻﻴﺤﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ , ﻓﺨﺮ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ ﺃﻭ ﳓﻮﻩ , ﻓﻤﺎﺕ , ﺃﻭ ﺫﻫﺐ ﻋﻘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺗﻐﻔﻞ ﻋﺎﻗﻼ ﻓﺼﺎﺡ ﺑﻪ , ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺩﻳﺘﻪ , ﲢﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ . ﻓﺈﻥ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﺪﺍ , ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ , ﻭﺇﻻ ﻓﻬﻮ ﺧﻄﺄ .
3- ﺇﺫﺍ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺇﱃ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻟﻴﺤﻀﺮﻫﺎ، ﻓﺄﺳﻘﻄﺖ ﺟﻨﻴﻨﺎ ﻣﻴﺘﺎ، ﺿﻤﻨﻪ ﺑﻐﺮﺓ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺚ ﺇﱃ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻐﻴﺒﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﻘﺎﻟﺖ : ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻬﺎ , ﻣﺎﳍﺎ ﻭﻟﻌﻤﺮ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﺫ ﻓﺰﻋﺖ , فضربها ﺍﻟﻄﻠﻖ , ﻓﺄﻟﻘﺖ ﻭﻟﺪﺍ , ﻓﺼﺎﺡ ﺍﻟﺼﱯ ﺻﻴﺤﺘﲔ , ﰒ ﻣﺎﺕ , ﻓﺎﺳﺘﺸﺎﺭ ﻋﻤﺮ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺄﺷﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻥ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ ﺷﻲﺀ , ﺇﳕﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺍﻝ ﻭﻣﺆﺩﺏ .
ﻭﺻﻤﺖ ﻋﻠﻲ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻤﺮ , ﻓﻘﺎﻝ : ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﺍﳊﺴﻦ ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﺮﺃﻳﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄ ﺭﺃﻳﻬﻢ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﰲ ﻫﻮﺍﻙ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺼﺤﻮﺍ ﻟﻚ, ﺇﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻴﻚ ; ﻷﻧﻚ ﺃﻓﺰﻋﺘﻬﺎ ﻓﺄﻟﻘﺘﻪ . ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻤﺮ : ﺃﻗﺴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺗﱪﺡ ﺣﱴ ﺗﻘﺴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻚ . ﻭﻟﻮ ﻓﺰﻋﺖ ﺍﳌﺮﺃﺓ ﻓﻤﺎﺗﺖ , ﻟﻮﺟﺒﺖ ﺩﻳﺘﻬﺎ ﺃﻳﻀﺎ. ﻭﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﰲ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳉﻨﲔ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻻ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﳌﺮﺃﺓ ; ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﻫﻼﻛﻬﺎ ﰲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ .
-----------------------
2-ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻭﻣﺘﺴﺒﺐ :
ﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺭﺟﻞ ﺣﺠﺮﺍ , ﻭﺣﻔﺮ ﺁﺧﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﻮﻗﻊ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﲔ , ﻓﻬﻠﻚ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ – ﺍﳌﺬﻫﺐ – ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ﺩﻭﻥ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﻮﺍﻃﺆ ; ﻷﻥ ﻭﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ﻛﺎﻟﺪﺍﻓﻊ ﻟﻪ , ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ ﻭﺣﺪﻩ .
ﻭﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺭﺟﻞ ﺣﺠﺮﺍ , ﰒ ﺣﻔﺮ ﻋﻨﺪﻩ ﺁﺧﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ , ﻓﻬﻠﻚ , ﻓﻴﻀﻤﻦ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ ; ﻷﻥ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋﻦ ﻓﻌﻠﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺯﻕ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺋﻊ ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻗﻒ , ﻓﺤﻞ ﻭﻛﺎﺀﻩ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻭﺃﻣﺎﻟﻪ ﺁﺧﺮ , ﻓﺴﺎﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ , ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ .
-----------------------
3- ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﳊﻔﺮ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﳊﻔﺮ :
1-ﺇﺫﺍ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻐﲑ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﺃﻭ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﰲ ﺫﻟﻚ ﺣﺠﺮﺍ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺪﺓ , ﺃﻭ ﺻﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﻗﺸﺮ ﺑﻄﻴﺦ ﺃﻭ ﳓﻮﻩ , ﻭﻫﻠﻚ ﻓﻴﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﺿﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﺑﻌﺪﻭﺍﻧﻪ ﻓﻀﻤﻨﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﲎ ﻋﻠﻴﻪ . ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺷﺮﻳﺢ , ﺃﻧﻪ ﺿﻤﻦ ﺭﺟﻼ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺟﻞ ﻓﻤﺎﺕ . ﻭﺭﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ.
2- ﻭﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺣﺠﺮﺍ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺪﺓ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﻓﻴﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﺪﺧﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺎﻟﻚ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻌﺪ , ﻭﺇﳕﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻫﻠﻚ ﺑﻌﺪﻭﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ , ﻭﻧﺼﺐ ﺃﺟﻨﱯ ﻓﻴﻪ ﺳﻜﻴﻨﺎ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻌﺜﺮ ﺭﺟﻞ ﺑﺎﳊﺠﺮ , ﻓﻮﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﲔ ﺃﻭ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻓﺮ ﻭﻧﺎﺻﺐ ﺍﻟﺴﻜﲔ , ﻟﺘﻌﺪﻳﻬﻤﺎ , ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻮﺍﺿﻊ ﺍﳊﺠﺮ ;
ﻻﻧﺘﻔﺎﺀ ﻋﺪﻭﺍﻧﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﲨﺎﻋﺔ ﰲ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ﺷﻲﺀ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ .
3- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻫﺎ . ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﰲ ﻣﻮﺍﺕ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ; ﻷﻧﻪ ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻫﺎ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻥ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ , ﺃﻭ ﻧﺼﺐ ﺷﺮﻛﺎ , ﺃﻭ ﺷﺒﻜﺔ , ﺃﻭ ﻣﻨﺠﻼ , ﻟﻴﺼﻴﺪ ﻬﺎ .
4- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ بئراً ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﻔﻴﻪ ﺗﻔﺼﻴﻞ :
i. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﻫﻠﻚ ﺑﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ . ﻭﺳﻮﺍﺀ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻴﻪ , ﺃﻭ ﱂ ﻳﺄﺫﻥ ; ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻹﺫﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻭﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ; ﻟﺘﻌﺪﻳﻪ .
Ii. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺍﺳﻌﺎ , ﻓﻴﻨﻈﺮ:
ﺃ- ﻓﺈﻥ ﺣﻔﺮ ﰲ ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ; ﻛﺬﻟﻚ .
ﺏ- ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﺿﺮﺭ ﻓﻴﻪ , ﻧﻈﺮﻧﺎ :
1) ﻓﺈﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ بها مطلقاً, ﺳﻮﺍﺀ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﻏﲑ ﺇﺫﻧﻪ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺇﻥ ﺣﻔﺮﻫﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ; ﻷﻥ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺃﻥ ﻳﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﲟﺎ ﻻ ﺿﺮﺭ ﻓﻴﻪ , ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺄﺫﻥ ﰲ ﺍﻟﻘﻌﻮﺩ ﻓﻴﻪ , ﻭﻳﻘﻄﻌﻪ ﳌﻦ ﻳﺒﻴﻊ ﻓﻴﻪ . ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
2) ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻟﻨﻔﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﳛﻔﺮﻩ ﻟﻴﱰﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ ﺍﳌﻄﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﺃﻭ ﻟﺘﺸﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺍﳌﺎﺭﺓ , ﻭﳓﻮﻫﺎ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃ ﻳ ﻀ ﺎﹰ ; ﻷﻧﻪ ﳏﺴﻦ ﺑﻔﻌﻠﻪ , ﻏﲑ ﻣﺘﻌﺪ ﲝﻔﺮﻩ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﺑﺎﺳﻂ ﺍﳊﺼﲑ ﰲ ﺍﳌﺴﺠﺪ . ﻭﻋﻦ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ;
ﻷﻧﻪ ﺍﻓﺘﺄﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﰲ ﺍﳊﻔﺮ ﺃﻧﻪ ﻣﱴ ﺣﻔﺮ ﺣﻔﺮﺓ ﺗﻀﺮ ; ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻬﺎ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﺗﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ , ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪﻯ . ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ ، ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﺗﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ ، ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
5-ﻭﺇﺫﺍ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﻣﻠﻚ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﻭﺿﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻓﺄﺑﺮﺃﻩ ﺍﳌﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻠﻒ ﺑﻪ , ﻓﻔﻴﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ;
ﺃﺻﺤﻬﻤﺎ: ﻳﱪﺃ ; ﻷﻥ ﺍﳌﺎﻟﻚ ﻟﻮ ﺃﺫﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺑﺮﺃﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻭﺃﺫﻥ ﻓﻴﻪ , ﺯﺍﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺍﻗﺘﺮﻥ ﺍﻹﺫﻥ ﺑﺎﳊﻔﺮ.
6-ﻭﺇﻥ ﺣﻔﺮ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﻓﻮﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﻪ , ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺩﺧﻞ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳊﺎﻓﺮ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻣﻨﻪ . ﻭﺇﻥ ﺩﺧﻞ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻭﺍﻟﺒﺌﺮ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ , ﻭﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺑﺼﲑ ﻳﺒﺼﺮﻫﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ; ﻷﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﻠﻚ ﻧﻔﺴﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻗﺪﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﻴﻒ , ﻓﻘﺘﻞ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﺃﻋﻤﻰ , ﺃﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﻇﻠﻤﺔ ﻻ ﻳﺒﺼﺮﻫﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ , ﺃﻭ ﻏﻄﻰ ﺭﺃﺳﻬﺎ , ﻓﻠﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻬﺎ ﺣﱴ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ .
-------------------------
4- ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺣﻜﻤﻪ ﻛﺤﻜﻢ ﺍﳊﻔﺮ ﻓﻴﻬﺎ , ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻭﺍﳋﻼﻑ , ﻓﺎﳌﺬﻫﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﱴ ﺑﲎ ﺑﻨﺎﺀ ﻳﻀﺮ ; ﺇﻣﺎ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﺃﻭ ﰲ ﻭﺍﺳﻊ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ , ﺃﻭ ﺑﲎ ﻟﻨﻔﺴﻪ , ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺪﻯ , ﻭﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻭﺇﻥ ﺑﲎ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﻭﺍﺳﻊ , ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﻻ ﻳﻀﺮ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻓﻴﻪ , ﻟﻨﻔﻊ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﻛﺒﻨﺎﺀ ﻣﺴﺠﺪ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻓﻴﻪ ﰲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻭﳓﻮﻫﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﺳﻮﺍﺀ ﰲ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺃﺫﻥ
ﻓﻴﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﱂ ﻳﺄﺫﻥ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ ﺃﻭ ﻭﺍﺳﻊ ﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﺎﺭﺓ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﲎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻟﻌﻤﻮﻡ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ.
2- ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺮﺝ ﺇﱃ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ ﺟﻨﺎﺣﺎ , ﺃﻭ ﺳﺎﺑﺎﻃﺎ , ﺃﻭ ميزاباً ، ﻓﺴﻘﻂ , ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ , ﻓﺄﺗﻠﻔﻪ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﳌﺨﺮﺝ ﺿﻤﺎﻧﻪ .
3- ﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺟﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺤﻪ ﺃﻭ ﺣﺎﺋﻄﻪ , ﺃﻭ ﺣﺠﺮﺍ , ﻓﺮﻣﺘﻪ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺷﻲﺀ ﺃﺗﻠﻔﻪ , ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻀﻤﻦ ﺇﺫﺍ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ ; ﻷﻧﻪ ﻧﺴﺐ ﺇﱃ ﺇﻟﻘﺎﺋﻬﺎ , ﻭﺗﻌﺪﻯ ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﲎ ﺣﺎﺋﻄﻪ ﻣﺎﺋﻼ .
------------------------
5- ﺿﻤﺎﻥ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ﻭﺍﻷﺟﲑ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﺇﻥ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﲑﺍ , ﻓﺤﻔﺮ ﰲ ﻣﻠﻚ ﻏﲑﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻷﺟﲑ ﺫﻟﻚ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺣﺪﻩ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﳊﻔﺮ , ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺟﺮﺓ ﻭﻻ ﻏﲑﻫﺎ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﻣﺮﻩ ﻏﲑﻩ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﻓﻘﺘﻞ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻌﻠﻢ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ; ﻷﻧﻪ ﻏﺮﻩ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺑﻪ, ﻛﺎﻹﰒ , ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﰲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﳓﻮﻩ.
2- ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮ ﺃﺟﲑﺍ ﻟﻴﺤﻔﺮ ﻟﻪ ﰲ ﻣﻠﻜﻪ ﺑﺌﺮﺍ , ﺃﻭ ﻟﻴﺒﲏ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ , ﻓﺘﻠﻒ ﺍﻷﺟﲑ ﺑﺬﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﺍﳌﺴﺘﺄﺟﺮ ; ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : { ﺍﻟﺒﺌﺮ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻭﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﺘﻠﻔﻪ , ﻭﺇﳕﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻷﺟﲑ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻌﻼ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺗﻠﻔﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﱪﻋﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﺟﲑ ﺻﺒﻴﺎ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻥ ﻭﻟﻴﻪ , ﻓﻴﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ , ﻣﺘﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﺗﻼﻑ ﺣﻖ ﻏﲑﻩ .
3- ﻭﺇﻥ ﺳﻠﻢ ﻭﻟﺪﻩ ﺍﻟﺼﻐﲑ ﺇﱃ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ , ﻟﻴﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺣﺔ , ﻓﻐﺮﻕ , ﻓﻘﻴﻞ : ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ ; ﻷﻧﻪ ﺳﻠﻤﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺤﺘﺎﻁ ﰲ ﺣﻔﻈﻪ , ﻓﺈﺫﺍ ﻏﺮﻕ ﻧﺴﺐ ﺇﱃ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﰲ ﺣﻔﻈﻪ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻗﻴﺎﺱ ﺍﳌﺬﻫﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﻪ ﳌﺼﻠﺤﺘﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺿﺮﺏ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﱯ ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻌﺘﺎﺩﺍ , ﻓﺘﻠﻒ ﺑﻪ . ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﺇﺫﺍ ﻏﺮﻕ , ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺑﺢ ﺷﻲﺀ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻔﺮﻁ , ﻷﻥ ﺍﻟﻜﺒﲑ ﰲ ﻳﺪ ﻧﻔﺴﻪ , ﻻ ﻳﻨﺴﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﰲ ﻫﻼﻛﻪ ﺇﱃ ﻏﲑﻩ .
-------------------------
6- ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺼﻮﻡ:
ﺇﻥ ﻗﺪﻡ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺇﱃ ﻫﺪﻑ ﻳﺮﻣﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ , ﻓﺄﺻﺎﺑﻪ ﺳﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﲑ ﺗﻌﻤﺪ , ﻓﻀﻤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﻛﺎﳊﺎﻓﺮ , ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﻣﻪ ﻛﺎﻟﺪﺍﻓﻊ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﻋﻤﺪ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ ﺭﻣﻴﻪ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮ , ﻭﺫﺍﻙ ﻣﺘﺴﺒﺐ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﺍﳌﻤﺴﻚ ﻭﺍﻟﻘﺎﺗﻞ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﺃﺣﺪ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﻣﻲ , ﻭﲢﻤﻠﻪ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻄﺄ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ .
------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﺃﻭ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ:
ﻭﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻣﻪ:
1- ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﻃﻌﺎﻡ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺑﻪ ﰲ ﺑﺮﻳﺔ , ﺃﻭ ﻣﻜﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ , ﻓﻬﻠﻚ ﺑﺬﻟﻚ , ﺃﻭ ﻫﻠﻜﺖ ﻬﻴﻤﺘﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺳﺒﺐ ﻫﻼﻛﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﱃ ﻃﻌﺎﻡ ﻭﺷﺮﺍﺏ ﻟﻐﲑﻩ , ﻓﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ , ﻓﻤﻨﻌﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻣﻊ ﻏﻨﺎﻩ ﻋﻨﻪ ﰲ ﺗﻠﻚ ﺍﳊﺎﻝ , ﻓﻤﺎﺕ ﺑﺬﻟﻚ , ﺿﻤﻨﻪ ﺍﳌﻄﻠﻮﺏ ﻣﻨﻪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ , ﺃﻧﻪ ﻗﻀﻰ ﺑﺬﻟﻚ , ﻭﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻴﻪ , ﺻﺎﺭ ﺃﺣﻖ ﺑﻪ ﳑﻦ ﻫﻮ ﰲ ﻳﺪﻩ , ﻭﻟﻪ ﺃﺧﺬﻩ ﻗﻬﺮﺍ , ﻓﺈﺫﺍ ﻣﻨﻌﻪ ﺇﻳﺎﻩ , ﺗﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﻫﻼﻛﻪ ﲟﻨﻌﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ , ﻓﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺃﺧﺬ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺷﺮﺍﺑﻪ ﻓﻬﻠﻚ ﺑﺬﻟﻚ . ﻭﻇﺎﻫﺮ ﻛﻼﻡ ﺃﲪﺪ , ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻌﻤﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻞ ﻣﺜﻠﻪ ﻏﺎﻟﺒﺎ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ;
ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻤﺪ .
2- ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﻏﲑﻩ مضطراً ﺇﱃ ﻃﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺷﺮﺍﺏ ، ﻭﱂ ﻳﻄﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ ،ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﳝﻨﻌﻪ , ﻭﱂ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻨﻪ ﻓﻌﻞ ﺗﺴﺒﺐ ﺑﻪ ﺇﱃ ﻫﻼﻛﻪ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺭﺃﻯ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﰲ ﻣﻬﻠﻜﺔ , ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺠﻪ ﻣﻨﻬﺎ , ﻣﻊ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ , ﱂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ , ﻭﻗﺪ ﺃﺳﺎﺀ .
-----------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺍﻟﻀﺮﺏ ﲟﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﱃ ﺍﳊﺪﺙ:
ﻣﻦ ﺿﺮﺏ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺣﱴ ﺃﺣﺪﺙ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻪ ، ﻋﻨﺪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺇﳕﺎ ﲡﺐ ﻹﺗﻼﻑ ﻣﻨﻔﻌﺔ ﺃﻭ ﻋﻀﻮ , ﺃﻭ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﲨﺎﻝ , ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳊﺪﺙ ﺭﳛﺎ ﺃﻭ ﻏﺎﺋﻄﺎ ﺃﻭ ﺑﻮﻻ . ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﳊﻜﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﻓﺰﻋﻪ ﺣﱴ ﺃﺣﺪﺙ .
ﻭﻋﻦ ﺃﲪﺪ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺜﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﲪﺪ : ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺪﻓﻌﻪ .
-----------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ خطأً:
ﻻ ﺧﻼﻑ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ عمداً ﻓﻬﻮ ﻫﺪﺭ . ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﺟﲎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ , خطأً ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ، ﻓﻔﻴﻪ ﻗﻮﻻﻥ:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ ﺇﻥ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﺃﻭ ﺃﺭﺵ ﺟﺮﺣﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻠﺚ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﺃﲪﺪ ; ﳌﺎ ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﺳﺎﻕ ﲪﺎﺭﺍ ﻓﻀﺮﺑﻪ ﺑﻌﺼﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻪ , ﻓﻄﺎﺭﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻈﻴﺔ , ﻓﺄﺻﺎﺑﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻓﻔﻘﺄﻬﺎ ﻓﺠﻌﻞ ﻋﻤﺮ , ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ , ﻭﻗﺎﻝ : ﻫﻲ ﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ , ﱂ ﻳﺼﺒﻬﺎ ﺍﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ . ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ , ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﻮﺭﺛﺔ , ﱂ ﳚﺐ ﺷﻲﺀ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻭﺍﺭﺛﺎ , ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻧﺼﻴﺒﻪ , ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺒﻪ , ﻭﻟﻪ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ .
ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ ﻫﺪﺭ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ، ﻭﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﲪﺪ ﰲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﳌﻌﺘﻤﺪﺓ .
ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ :
1- ﺃﻥ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﺍﻷﻛﻮﻉ ﺑﺎﺭﺯ ﻣﺮﺣﺒﺎ ﻳﻮﻡ ﺧﻴﱪ , ﻓﺮﺟﻊ ﺳﻴﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ , ﻓﻤﺎﺕ , ﻭﱂ ﻳﺮﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﻀﻰ ﻓﻴﻪ ﺑﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﻏﲑﻫﺎ , ﻭﻟﻮ ﻭﺟﺒﺖ ﻟﺒﻴﻨﻪ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
2- ﻭﻷﻥ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺇﳕﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺍﺳﺎﺓ ﻟﻠﺠﺎﱐ , ﻭﲣﻔﻴﻔﺎ ﻋﻨﻪ , ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﳉﺎﱐ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﳛﺘﺎﺝ ﺇﱃ ﺍﻹﻋﺎﻧﺔ ﻭﺍﳌﻮﺍﺳﺎﺓ ﻓﻴﻪ , ﻓﻼ ﻭﺟﻪ ﻹﳚﺎﺑﻪ . ﻭﻳﻔﺎﺭﻕ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﲑﻩ , ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﱂ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ , ﻷﺟﺤﻒ ﺑﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻟﻜﺜﺮﻬﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺗﻪ ﺑﻔﻌﻠﻪ ﻭﻓﻌﻞ ﻏﲑﻩ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺩﻳﺘﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻠﻪ .
--------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳋﺎﻣﺲ: ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ خطأً
ﻭﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ : ﺃﻥ ﻳﻬﻠﻚ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﳋﻄﺄ مشتركاً ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ .
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺴﺒﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻊ ﻏﲑﻩ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻓﻌﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﳌﺸﺘﺮﻛﲔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻨﺠﻨﻴﻖ ، وصورتها ﻛﺎﻵﰐ :
ﻟﻮ ﺭﻣﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺎﳌﻨﺠﻨﻴﻖ , ﻓﺮﺟﻊ ﺍﳊﺠﺮ , ﻓﺄﺻﺎﺏ ﺭﺟﻼ ﻣﻨﻬﻢ , ﻓﻌﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻔﺎﺭﺓ , ﻭﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻤﻦ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﺍﳊﺠﺮ ; ﻷﻧﻪ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺆﻣﻨﺔ , ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭﺓ ﺇﳕﺎ ﲡﺐ ﳊﻖ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﱃ , ﻓﻮﺟﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ , ﻛﻮﺟﻮﻬﺎ ﺑﺎﳌﺸﺎﺭﻛﺔ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻏﲑﻩ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ :
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻠﺚ ﺩﻳﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺔ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ; ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺲ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺧﻄﺄ , ﻓﻠﺰﻣﺘﻪ ﺩﻳﺘﻬﺎ , ﻛﺎﻷﺟﺎﻧﺐ . ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻨﺒﲏ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺘﲔ , ﰲ ﺃﻥ ﺟﻨﺎﻳﺔ ﺍﳌﺮﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺃﻫﻠﻪ ﺧﻄﺄ ﳛﻤﻞ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ .
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻥ ﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻧﺼﻔﲔ.
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﺃﻥ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﺳﺎﻗﻂ , ﻻ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﺃﺣﺪ ; ﻷﻧﻪ ﺷﺎﺭﻙ ﰲ ﺇﺗﻼﻑ ﺣﻘﻪ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻠﻪ. ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺻﺎﺣﺒﻴﻪ ﺛﻠﺜﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ .ﻗﺎﻝ ﺍﳌﺮﺩﺍﻭﻱ : ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺬﻫﺐ .أﻫـ. ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ أيضاً.
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺃﺻﺢ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ؛ ﻷﻥ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻣﺸﺎﺭﻙ ﰲ ﺍﻟﻘﺘﻞ , ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻤﻞ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻜﻴﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ.
ﻭﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ أيضاً ﻭﻗﺎﻝ : ﻗﺪ ﺭﻭﻱ ﳓﻮﻩ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺭﺿﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺑﻀﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﺼﺔ , ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻌﱯ : ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺛﻼﺙ ﺟﻮﺍﺭ ﺍﺟﺘﻤﻌﻦ ﻓﺄﺭﻥ , ﻓﺮﻛﺒﺖ ﺇﺣﺪﺍﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻖ ﺃﺧﺮﻯ , ﻭﻗﺮﺻﺖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﳌﺮﻛﻮﺑﺔ , ﻓﻘﻤﺼﺖ , ﻓﺴﻘﻄﺖ ﺍﻟﺮﺍﻛﺒﺔ , ﻓﻮﻗﺼﺖ ﻋﻨﻘﻬﺎ , ﻓﻤﺎﺗﺖ , ﻓﺮﻓﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﱃ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻀﻰ ﺑﺎﻟﺪﻳﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻠﻬﻦ , ﻭﺃﻟﻐﻰ ﺍﻟﺜﻠﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﺼﺔ ; لأنها ﺃﻋﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻧﻔﺴﻬﺎ . ﻭﻫﺬﻩ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﲟﺴﺄﻟﺘﻨﺎ. ﺍﻫـ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻠﻚ ﺷﺨﺺ ﰲ ﺣﺎﺩﺙ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﳋﻄﺄ مشتركاً ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﲔ ﻏﲑﻩ ، ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﲟﻘﺪﺍﺭ ﻧﺴﺒﺔ ﺧﻄﺄﻩ ، ﻭﺑﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﳌﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺗﺒﻌﻴﺾ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺴﺒﺒﲔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻨﺴﺒﺔ ﺧﻄﺄ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ.
ﻣﺴﺄﻟﺔ : ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﺮﻙ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﰲ ﻗﺘﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ خطأً ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ , ﻓﺎﻟﺪﻳﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﰲ ﺃﻣﻮﺍﳍﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺍﳌﺬﻫﺐ , ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ , ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ , ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﳌﻘﺘﻮﻝ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺪﺭﺍ ; ﻷﻧﻪ ﻻ ﳚﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺷﻲﺀ , ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺷﺮﻛﺎﺋﻪ ﺣﺎﻻ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺄﺟﻴﻞ ﰲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺕ ﺇﳕﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ , ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﲢﻤﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ; لأنها ﻻ ﲢﻤﻞ
ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ , ﻭﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻟﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺜﻠﺚ .
---------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ: ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ:
ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﻓﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺧﺮ ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﻀﻤﻨﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺭﻣﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺠﺮﺍ , ﰒ ﻳﻨﻈﺮ ; ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺪ ﺭﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻫﻮ ﳑﺎ ﻳﻘﺘﻞ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﳑﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﻞ ﻏﺎﻟﺒﺎ , ﻓﻬﻮ ﺷﺒﻪ ﻋﻤﺪ , ﻭﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﺧﻄﺄ , ﻓﺎﻟﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﳐﻔﻔﺔ . ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﻓﺪﻣﻪ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﺑﻔﻌﻠﻪ .
ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺭﺑﺎﺡ ﺍﻟﻠﺨﻤﻲ , ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﺩ ﺃﻋﻤﻰ , ﻓﻮﻗﻌﺎ ﰲ ﺑﺌﺮ ; ﺧﺮ ﺍﻟﺒﺼﲑ , ﻭﻭﻗﻊ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺒﺼﲑ , ﻓﻘﺘﻠﻪ , ﻓﻘﻀﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﻌﻘﻞ ﺍﻟﺒﺼﲑ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻳﻨﺸﺪ ﰲ ﺍﳌﻮﺳﻢ : ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ
ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﳌﺒﺼﺮﺍ ﺧﺮﺍ ﻣﻌﺎ ﻛﻼﳘﺎ ﺗﻜﺴﺮﺍ .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ: ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ : ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺼﲑ ; ﻷﻧﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻩ ﺇﱃ ﺍﳌﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻌﺎ ﻓﻴﻪ , ﻭﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻓﻌﻠﻪ ﻗﺼﺪﺍ ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ , ﺑﻐﲑ ﺧﻼﻑ , ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻭﻟﻮ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺳﺒﺒﺎ ﱂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﺑﻘﺼﺪﻩ . ﻟﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻭﺟﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﳎﻤﻌﺎ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻼ ﲡﻮﺯ ﳐﺎﻟﻔﺔ ﺍﻹﲨﺎﻉ .
ﻭﳛﺘﻤﻞ ﺃﻧﻪ ﺇﳕﺎ ﱂ ﳚﺐ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻷﻣﺮﻳﻦ :
ﺃﺣﺪﳘﺎ : ﺃﻧﻪ ﻣﺄﺫﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﻤﻰ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﺑﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺣﻔﺮ ﻟﻪ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﺈﺫﻧﻪ , ﻓﺘﻠﻒ ﻬﺎ .
ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻣﻨﺪﻭﺏ ﺇﻟﻴﻪ , ﻣﺄﻣﻮﺭ ﺑﻪ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮﺍ ﰲ ﺳﺎﺑﻠﺔ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻬﺎ ﺍﳌﺴﻠﻤﻮﻥ , ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻬﺎ .
------------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ: ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺘﺎﺑﻊ ﰲ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ :
ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﺪﺓ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﰲ ﺑﺌﺮ ، ﺃﻭ ﺯﺑﻴﺔ ﺃﺳﺪ ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻬﻠﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ جميعاً، ﻭﳍﺎ ﻋﺪﺓ ﺣﺎﻻﺕ :
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻷﻭﱃ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﻬﻢ ﺑﻐﲑ ﻭﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﳝﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ , ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺀ ﻳﻐﺮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ , ﺃﻭ ﺃﺳﺪ ﻳﺄﻛﻠﻬﻢ , ﻓﻠﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺿﻤﺎﻥ ﺑﻌﺾ ; ﻟﻌﺪﻡ ﺗﺄﺛﲑ ﻓﻌﻞ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﰲ ﻫﻼﻙ ﺑﻌﺾ , ﻭﺇﻥ ﺷﻜﻜﻨﺎ ﰲ ﺫﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ; ﻷﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﺬﻣﺔ ﻓﻼ ﻧﺸﻐﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻚ .
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :
ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﺭﺑﻌﺔ ، ﻓﺪﻡ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻥ ﻏﲑﻩ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎ , ﻭﺇﳕﺎ ﻫﻠﻚ ﺑﻔﻌﻠﻪ , ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ ﻋﻠﻴﻪ , ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻔﲔ , ﻭﺩﻳﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ . ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :
ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً ، ﻭﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﻭﺗﻔﺼﻴﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ :
ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﰲ ﺑﺌﺮ , ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺑﺂﺧﺮ , ﻓﻮﻗﻌﺎ ﻣﻌﺎ , ﻓﺪﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ , ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺇﻥ ﻣﺎﺕ ; ﻷﻧﻪ ﻗﺘﻠﻪ ﲜﺬﺑﺘﻪ . ﻓﺈﻥ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺑﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻤﺎﺗﻮﺍ ﲨﻴﻌﺎ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺘﻪ – ﺃﻱ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ – ﻓﻔﻴﻬﺎ ﻭﺟﻬﺎﻥ:
ﺍﻷﻭﻝ – ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ -: أنها ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ; ﻷﻧﻪ ﺟﺬﺑﻪ ﻭﺑﺎﺷﺮﻩ ﺑﺎﳉﺬﺏ , ﻭﺍﳌﺒﺎﺷﺮﺓ ﺗﻘﻄﻊ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺴﺒﺐ , ﻛﺎﳊﺎﻓﺮ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﺍﻓﻊ.
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ – ﻭﻫﻮ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ -: ﺃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﲔ ; ﻷﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳉﺎﺫﺏ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻓﺼﺎﺭ ﻣﺸﺎﺭﻛﺎ ﻟﻠﺜﺎﱐ ﰲ ﺇﺗﻼﻓﻪ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ، ﻓﻴﻨﻈﺮ : ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ; ﻷﻧﻪ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺘﻪ , ﻭﺇﻥ ﻫﻠﻚ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻘﺪ ﻫﻠﻚ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ:
ﺍﻷﻭﻝ : ﺃﻥ ﻳﺴﻘﻂ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻛﺎﳌﺼﻄﺪﻣﲔ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ –ﻭﻫﻮ ﺃﺭﺟﺤﻬﺎ-: ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ , ﻭﻳﻬﺪﺭ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ .
ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻭﺟﻮﺏ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ . ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﰐ ﰲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﳌﻨﺠﻨﻴﻖ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺑﻮﻗﻮﻋﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ , ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻠﺜﺎﻟﺚ , ﻓﺘﺠﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻳﻬﺪﺭ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﺍﳌﻘﺎﺑﻞ ﻟﻔﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﳚﺐ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﳚﺐ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ .
ﺇﻥ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺭﺍﺑﻌﺎ , ﻓﻤﺎﺕ ﲨﻴﻌﻬﻢ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﻳﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻏﲑﻩ ,
ﻭﰲ ﺩﻳﺘﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ; ﺃﺻﺤﻬﻤﺎ ; ﺃﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﳉﺬﺑﻪ . ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻠﻬﻢ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻔﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻭﺟﻪ ; ﺃﺣﺪﻫﺎ , ﺃﻧﻪ ﻳﻠﻐﻰ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﲡﺐ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻔﲔ . ﺍﻟﺜﺎﱐ – ﻭﻫﻮ ﺃﺻﺤﻬﺎ- : ﳚﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﻤﺎ ﺛﻠﺜﺎﻫﺎ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ , ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﳚﺐ ﺛﻠﺜﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﻟﻮﺭﺛﺘﻪ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳉﺎﺫﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺑﺎﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻭﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﳌﺬﻛﻮﺭﺓ ﰲ ﺍﻷﻭﻝ ﺳﻮﺍﺀ . ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻓﻔﻴﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﺟﻪ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ , ﻭﻭﺟﻪ ﺭﺍﺑﻊ , ﺃﻥ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﻜﻤﺎﳍﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ ; ﻷﻧﻪ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﳉﺬﺑﻪ , ﻓﺴﻘﻂ ﻓﻌﻞ ﻏﲑﻩ ﺑﻔﻌﻠﻪ . ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﳋﺎﻣﺲ – ﻭﻫﻮ ﺃﺻﺤﻬﺎ - ، ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﻬﺎ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ فعله ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﰲ ﻫﺬﻩ ﺍﳊﺎﻝ : ﺃﻥ ﺍﻷﺧﲑ ﺩﻳﺘﻪ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺑﺎﺷﺮ ﺟﺬﺑﻪ ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﺍﻩ ﻓﻴﻨﻈﺮ : ﻓﻤﻦ ﻣﺎﺕ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻪ ﻓﺪﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ . ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻮﺕ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﻭﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻋﻠﻴﻪ ، ﺃﻱ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺘﺎﱄ ﻭﺟﺬﺏ ﺍﻟﺘﺎﱄ ﳌﻦ ﺑﻌﺪﻩ ، ﻓﺘﻘﺴﻢ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﺑﻌﺪﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﳉﺬﺑﺎﺕ ﺍﳌﻀﻤﻮﻧﺔ ﻭﻳﻬﺪﺭ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ ، ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺒﻘﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ .
ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﲔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺍﻷﻭﻝ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻬﻤﺎ ﺛﻠﺜﺎﻫﺎ ﻭﻳﺴﻘﻂ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻞ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﻣﺎﺕ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﲜﺬﺑﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻪ ، ﻭﺟﺬﺑﺘﻪ ، ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﳌﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺛﻠﺜﺎ ﺍﻟﺪﻳﺔ ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻤﺎﺕ ﲜﺬﺑﺘﻪ ﻟﻠﺮﺍﺑﻊ ، ﻭﺟﺬﺑﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻟﻪ ﻓﻨﺼﻒ ﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ , ﻭﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﻨﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻌﻠﻪ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ.
ﺍﳊﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ( ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺰﺑﻴﺔ ):
ﺃﻥ ﳚﺬﺏ ﺑﻌﻀﻬﻢ بعضاً، ﻭﻳﻜﻮﻥ موتهم ﺑﻐﲑ ﻭﻗﻮﻉ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ , ﻭﺇﳕﺎ ﻷﻣﺮ ﰲ ﺍﻟﺒﺌﺮ , ﻛﺄﺳﺪ ﻭﳓﻮﻩ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻭﻗﻊ ﺃﺭﺑﻌﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﱐ , ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺟﺬﺏ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ , ﻓﻘﺘﻠﻬﻢ ﺍﻷﺳﺪ , ﻓﻼ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ , ﻭﺩﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﰲ ﺃﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ , ﻭﰲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﺍﳌﺮﺟﻮﺡ : ﻋﻠﻰ ﻋﻮﺍﻗﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺃﺛﻼﺛﺎ , ﻭﺃﻣﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﰲ ﺃﺭﺟﺢ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ , ﻭﰲ ﺍﻵﺧﺮ , ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﱐ ﻧﺼﻔﲔ .ﻭﺩﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻫﺪﺭ , ﻭﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺘﻪ ﺩﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﱐ .
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺰﺑﻴﺔ , ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺣﻨﺶ ﺑﻦ ﺍﳌﻌﺘﻤﺮ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﻝ: {ﺑﻌﺜﲏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﱃ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻓﺎﻧﺘﻬﻴﻨﺎ ﺇﱃ ﻗﻮﻡ ﻗﺪ ﺑﻨﻮﺍ ﺯﺑﻴﺔ ﻟﻸﺳﺪ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﺪﺍﻓﻌﻮﻥ ﺇﺫ ﺳﻘﻂ ﺭﺟﻞ ﻓﺘﻌﻠﻖ ﺑﺂﺧﺮ , ﰒ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺂﺧﺮ ﺣﱴ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺭﺑﻌﺔ , ﻓﺠﺮﺣﻬﻢ ﺍﻷﺳﺪ ﻓﺎﻧﺘﺪﺏ ﻟﻪ ﺭﺟﻞ ﲝﺮﺑﺔ ﻓﻘﺘﻠﻪ ﻭﻣﺎﺗﻮﺍ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺣﺘﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ , ﻓﻘﺎﻡ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﱃ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺄﺧﺮﺟﻮﺍ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻟﻴﻘﺘﺘﻠﻮﺍ , ﻓﺄﺗﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺌﺔ ﺫﻟﻚ , ﻓﻘﺎﻝ : ﺗﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﺘﻠﻮﺍ ﻭﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻲ ؟ ﺇﱐ ﺃﻗﻀﻲ ﺑﻴﻨﻜﻢ ﻗﻀﺎﺀ ﺇﻥ ﺭﺿﻴﺘﻢ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ , ﻭﺇﻻ ﺣﺠﺮ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺣﱴ ﺗﺄﺗﻮﺍ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﻴﻨﻜﻢ , ﻓﻤﻦ ﻋﺪﺍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﺣﻖ ﻟﻪ , ﺍﲨﻌﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﺒﺌﺮ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻠﻸﻭﻝ ﺭﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻷﻧﻪ ﻫﻠﻚ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻪ ﺛﻼﺛﺔ , ﻭﻟﻠﺜﺎﱐ ﺛﻠﺚ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﻟﻠﺜﺎﻟﺚ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﺪﻳﺔ , ﻭﻟﻠﺮﺍﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﺄﺑﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﺮﺿﻮﺍ ﻓﺄﺗﻮﺍ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﻣﻘﺎﻡ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻘﺼﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺼﺔ , ﻓﺄﺟﺎﺯﻩ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ } ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ. ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﺍﻟﺒﺰﺍﺭ , ﻗﺎﻝ : ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻳﺮﻭﻯ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺣﻨﺶ ﺿﻌﻴﻒ , ﻭﻗﺪ ﻭﺛﻘﻪ ﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻗﺎﻝ ﰲ ﳎﻤﻊ ﺍﻟﺰﻭﺍﺋﺪ : ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺭﺟﺎﻟﻪ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﳋﻄﺎﺏ : ﻓﺬﻫﺐ ﺃﲪﺪ ﺇﱃ ﺫﻟﻚ ﺗﻮﻗﻴﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
ﻭﺍﻷﺻﺢ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﺿﻌﻴﻒ.
-----------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ : ﺿﻤﺎﻥ ﺍﻟﻐﺎﺻﺐ:
ﻣﻦ ﻏﺼﺐ صغيراً ﻓﻤﺎﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﻏﲑﻩ ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﳌﺒﺎﺷﺮ ﻟﻠﻘﺘﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ، ﻭﺇﻻ ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﺻﺐ ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﰲ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ، ﻣﺜﻞ ﻟﻮ ﻬﺸﺘﻪ ﺣﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺻﺎﻳﺘﻪ ﺻﺎﻋﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﺕ ﲟﺮﺽ ، ﻭﳓﻮ ﺫﻟﻚ.
----------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ: ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺏ
ﻭﻓﻴﻪ ﻋﺪﺓ ﻣﺴﺎﺋﻞ:
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ: ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ :
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻠﻔﻪ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻭ ﻏﲑﻩ , ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﺘﻪ ; ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺃﻭ ﻣﺎﻝ . ﻭﺇﻥ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻳﺪ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﺭﻉ , ﻟﻴﻼ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ . ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﻣﺎﻟﻚ , ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ , ﻭﺃﲪﺪ ، ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺠﺎﺯ .
ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
1- ﲟﺎ ﺭﻭﻯ ﻣﺎﻟﻚ , ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻫﺮﻱ , ﻋﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﳏﻴﺼﺔ , ﺃﻥ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻠﱪﺍﺀ ﺩﺧﻠﺖ ﺣﺎﺋﻂ ﻗﻮﻡ , ﻓﺄﻓﺴﺪﺕ , ﻓﻘﻀﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ , ﻭﻣﺎ ﺃﻓﺴﺪﺕ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻓﻬﻮ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ . ﺭﻭﺍﻩ ﺃﲪﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ , ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﺍﻟﺪﺍﺭﻗﻄﲏ ﻭﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻭﺍﳊﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ , ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻪ ﻟﺜﺒﻮﺗﻪ ﻭﺍﺗﺼﺎﻟﻪ , ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﱪ : ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺮﺳﻼ , ﻓﻬﻮ ﻣﺸﻬﻮﺭ ﺣﺪﺙ ﺑﻪ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﺕ , ﻭﺗﻠﻘﺎﻩ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﳊﺠﺎﺯ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮﻝ .
2- ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﳌﻮﺍﺷﻲ ﺇﺭﺳﺎﳍﺎ ﰲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻟﻠﺮﻋﻲ , ﻭﺣﻔﻈﻬﺎ ﻟﻴﻼ , ﻭﻋﺎﺩﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﳊﻮﺍﺋﻂ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻬﺎﺭﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ , ﻓﺈﺫﺍ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻴﻼ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺑﺘﺮﻛﻬﻢ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﳊﻔﻆ , ﻭﺇﻥ ﺃﺗﻠﻔﺖ ﻬﺎﺭﺍ , ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺰﺭﻉ , ﻓﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ , ﻭﻗﺪ ﻓﺮﻕ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ , ﻭﻗﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﳊﻔﻆ ﰲ ﻭﻗﺖ ﻋﺎﺩﺗﻪ .
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ: ﻻ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﲝﺎﻝ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺃﰊ ﺣﻨﻴﻔﺔ .
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ :
ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﰲ ﺍﳊﺪﻳﺚ ﺍﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ:{ ﺍﻟﻌﺠﻤﺎﺀ ﺟﺮﺣﻬﺎ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻳﻌﲏ ﻫﺪﺭﺍ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:ﻣﻦ ﺍﻗﺘﲎ ﻛﻠﺒﺎ ﻋﻘﻮﺭﺍ ,
ﻓﺄﻃﻠﻘﻪ , ﻓﻌﻘﺮ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ , ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺔ , ﻟﻴﻼ ﺃﻭ ﻬﺎﺭﺍ , ﺃﻭ ﺧﺮﻕ ﺛﻮﺏ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻓﻌﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﻔﺮﻁ ﺑﺎﻗﺘﻨﺎﺋﻪ , ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﻐﲑ ﺇﺫﻧﻪ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻓﻴﻪ ; ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻌﺪ ﺑﺎﻟﺪﺧﻮﻝ , ﻣﺘﺴﺒﺐ ﺑﻌﺪﻭﺍﻧﻪ ﺇﱃ ﻋﻘﺮ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﻟﻪ . ﻭﺇﻥ ﺩﺧﻞ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﳌﺎﻟﻚ , ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺿﻤﺎﻧﻪ ; ﻷﻧﻪ ﺗﺴﺒﺐ ﺇﱃ ﺇﺗﻼﻓﻪ . ﻭﺇﻥ ﺃﺗﻠﻒ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺑﻐﲑ ﺍﻟﻌﻘﺮ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻭﻟﻎ ﰲ ﺇﻧﺎﺀ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﺃﻭ ﺑﺎﻝ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ﻣﻘﺘﻨﻴﻪ ; ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻻ
ﳜﺘﺺ ﺑﻪ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ : ﻭﺇﻥ ﺍﻗﺘﲎ ﺳﻨﻮﺭﺍ ﻳﺄﻛﻞ ﺃﻓﺮﺍﺥ ﺍﻟﻨﺎﺱ , ﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ , ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﻣﺎ ﺃﺗﻠﻔﻪ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ , ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﲔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺇﻥ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﺬﻟﻚ , ﱂ ﻳﻀﻤﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺟﻨﺎﻳﺘﻪ , ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﺇﺫﺍ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻋﻘﻮﺭﺍ . ﻭﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻌﻘﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻨﻮﺭ ﺣﺼﻞ ﻋﻨﺪ ﺇﻧﺴﺎﻥ , ﻣﻦ ﻏﲑ ﺍﻗﺘﻨﺎﺋﻪ ﻭﻻ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ , ﻓﺄﻓﺴﺪ , ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ; ﻷﻧﻪ ﱂ ﳛﺼﻞ ﺍﻹﺗﻼﻑ ﺑﺴﺒﺒﻪ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:ﻣﺎ ﺟﻨﺖ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺑﻴﺪﻫﺎ , ﺿﻤﻦ ﺭﺍﻛﺒﻬﺎ ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ , ﺃﻭ ﺟﺮﺡ , ﺃﻭ ﻣﺎﻝ , ﻷﻧﻪ ﳝﻜﻨﻪ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻛﺒﻬﺎ , ﺃﻭ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﲞﻼﻑ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ: {ﺍﻟﻌﺠﻤﺎﺀ ﺟﺮﺣﻬﺎ ﺟﺒﺎﺭ } ﻓﻬﻮ ﳏﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺪ ﻟﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻭﻣﺎ ﺟﻨﺖ ﺑﺮﺟﻠﻬﺎ , ﻓﻼ ﺿﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﱯ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : {ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺟﺒﺎﺭ } . ﻭﻷﻧﻪ ﻻ ﳝﻜﻨﻪ ﺣﻔﻆ ﺭﺟﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﳉﻨﺎﻳﺔ , ﻓﻠﻢ ﻳﻀﻤﻨﻬﺎ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ : ﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺖ ﺩﺍﺑﺘﻪ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ , ﻓﺰﻟﻖ ﺑﻪ ﺣﻴﻮﺍﻥ , ﻓﻤﺎﺕ ﺑﻪ , ﻓﻌﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺪﺍﺑﺔ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ , ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﻛﺒﺎ ﳍﺎ , ﺃﻭ ﻗﺎﺋﺪﺍ , ﺃﻭ ﺳﺎﺋﻘﺎ ﳍﺎ ; ﻷﻧﻪ ﺗﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺩﺍﺑﺘﻪ ﺍﻟﱵ ﻳﺪﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ , ﻓﺄﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺟﻨﺖ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﺃﻭ ﻓﻤﻬﺎ . ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﺗﺴﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﺯﻳﺘﻬﺎ ﻓﺘﺴﺒﺐ ﰲ ﻫﻠﻜﺔ ﺷﺨﺺ ، ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ .
-------------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮ: ﺳﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺍﳌﺄﺫﻭﻥ:
من ﺃﺩﺏ ﻭﻟﺪﻩ ، ﺃﻭ ﺍﻣﺮﺃﺗﻪ ﰲ ﺍﻟﻨﺸﻮﺯ ، ﺃﻭ ﺍﳌﻌﻠﻢ ﺻﺒﻴﻪ ، ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺭﻋﻴﺘﻪ ، ﻭﱂ ﻳﺴﺮﻑ ﻓﺄﻓﻀﻰ ﺇﱃ ﺗﻠﻔﻪ ، ﱂ ﻳﻀﻤﻨﻪ ، ﻷﻧﻪ ﺃﺩﺏ ﻣﺄﺫﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺷﺮﻋﺎﹰ .
-------------------------------
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﳊﺎﺩﻱ ﻋﺸﺮ: ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﺼﺎﺩﻡ:
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﻭﱃ: ﺇﺫﺍ ﺗﺼﺎﺩﻡ ﺭﺍﻛﺒﺎﻥ , ﻓﻤﺎﺗﺎ , ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ مسؤولاً ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﳊﺎﺩﺙ ، ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺩﻳﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ :
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﻳﺔ ﺍﻵﺧﺮ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻻ ﺗﻘﺎﺹ ﻫﺎﻫﻨﺎ ﰲ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ; ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﲑ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ ; ﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ . ﻭﺇﻥ ﺍﺗﻔﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺍﳊﻖ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻮﺍﺭﺛﺔ , ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺼﺎﺩﻣﲔ , ﺗﻘﺎﺻﺎ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ :
ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﺩﻳﺔ ﺍﻵﺧﺮ.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ.
ﻭﺣﺠﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ : ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﺑﻔﻌﻠﻬﻤﺎ ﲨ ﻴ ﻌ ﺎﹰ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻣﻨﻘﺴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﺮﺡ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ , ﻭﺟﺮﺣﻪ ﻏﲑﻩ , ﻓﻤﺎﺕ ﻣﻨﻬﻤﺎ.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﳌﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﰲ ﺍﳊﻮﺍﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﺼﺎﺩﻣﲔ ﲝﺴﺐ ﺧﻄﺄ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ.
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺻﻄﺪﻡ ﺭﺍﻛﺒﺎﻥ ﻓﺄﺗﻠﻒ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺩﺍﺑﺔ ﺍﻵﺧﺮ ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﲔ- ﻛﺎﻟﻘﻮﻟﲔ ﰲ ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ -:
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺿﻤﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ , ﻣﻦ ﺩﺍﺑﺔ , ﺃﻭ ﻣﺎﻝ, ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺎ ﻣﻘﺒﻠﲔ , ﺃﻭ ﻣﺪﺑﺮﻳﻦ . ﻷﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺻﺪﻣﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ, ﻓﻠﺰﻡ ﺍﻵﺧﺮ ﺿﻤﺎﻬﺎ , ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﲔ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺘﲔ , ﺗﻘﺎﺻﺘﺎ ﻭﺳﻘﻄﺘﺎ , ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ , ﻓﻠﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ , ﻭﺇﻥ ﺗﻠﻔﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﲔ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ , ﻭﺇﻥ ﻧﻘﺼﺖ ﻓﻌﻠﻴﻪ ﻧﻘﺼﻬﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﻷﺣﻨﺎﻑ ﻭﺍﳊﻨﺎﺑﻠﺔ.
ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﱐ : ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻧﺼﻒ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﺎ ﺗﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﺑﻔﻌﻠﻬﻤﺎ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻣﻨﻘﺴﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝ ﺍﳌﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ . ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺴﲑ, ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻭﺍﻗﻔﺎ , ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻗﻴﻤﺔ ﺩﺍﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻡ ﺍﳌﺘﻠﻒ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ . ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﻫﻮ ﺃﻭ ﺩﺍﺑﺘﻪ , ﻓﻬﻮ ﻫﺪﺭ ; ﻷﻧﻪ ﺃﺗﻠﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺩﺍﺑﺘﻪ . ﻭﺇﻥ ﺍﳓﺮﻑ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ , ﻓﺼﺎﺩﻓﺖ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺍﳓﺮﺍﻓﻪ , ﻓﻬﻤﺎ ﻛﺎﻟﺴﺎﺋﺮﻳﻦ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻬﻤﺎ . ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ﻣﺘﻌﺪﻳﺎ ﺑﻮﻗﻮﻓﻪ , ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﺎﺋﺮ ; ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻠﻒ ﺣﺼﻞ ﺑﺘﻌﺪﻳﻪ , ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ , ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻭﺿﻊ ﺣﺠﺮﺍ ﰲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ , ﺃﻭ ﺟﻠﺲ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ ﺿﻴﻖ , ﻓﻌﺜﺮ ﺑﻪ ﺇﻧﺴﺎﻥ .
ﺍﳌﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﳘﺎ ﻳﺴﲑ ﺑﲔ ﻳﺪﻱ ﺍﻵﺧﺮ , ﻓﺄﺩﺭﻛﻪ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻓﺼﺪﻣﻪ , ﻓﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﺪﺍﺑﺘﺎﻥ , ﺃﻭ ﺇﺣﺪﺍﳘﺎ , ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻼﺣﻖ ; ﻷﻧﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻡ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺼﺪﻭﻡ , ﻓﻬﻮ ﲟﱰﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻒ.