العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
6 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ( إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا)وَلِمُسْلِمٍ(أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) وَلَهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ( إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ)
------------
بيان اختلاف ألفاظ الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم"إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا" أخرجه البخاري عن أبي هريرة وفي مسلم وغيره رواية بلفظ"سبع مرات"
ولمسلم"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب " وفي لفظ لمسلم زيادة "فليرقه" وفي رواية عبد الله بن مغفل المزني عند مسلم والنسائي وغيرهما : "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب" وعند الترمذي وفي رواية للشافعي عن أبي هريرة" أولاهن أو أخراهن بالتراب " ورواه البزار وغيره : " فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب" وعند أبي دواد رواية بلفظ "السابعة بالتراب " وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة بلفظ " يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا" (!)
تعليقات عامة على الروايات:-

-رواية "أولاهن بالتراب" هي الصحيحة ورواية "إحداهن" في إسنادها الجارود بن يزيد وهو متروك
-رواية "أولاهن أو أخراهن" شك من الرواي
-تميزت رواية عبد الله بن مغفل بقيد "وعفروه الثامنة بالتراب"
-لفظ "فليرقه" عند مسلم تفرد بها علي بن مسهر وأشار الإمام مسلم إلى إعلالها على طريقته
وقال النسائي: لا أعلم أحدا تابع علي بن مسهر على قوله: "فليرقه"
-رواية "أولاهن بالتراب " مرجحة بالأحفظية والأكثرية كما قال ابن حجر على رواية "السابعة بالتراب" التي عند أبي داود..وهذا واضح
- قال الدارقطني عن رواية" ثلاثًا أو خمساً أو سبعاً" : تفرد به عبد الوهاب عن إسماعيل وهو متروك
-هذا حديث خصب بالفوائد الحديثية إذا درست رواياته على التفصيل ,وفيه يظهر الرواية بالمعنى والشذوذ والاختلاف بين الوقف والرفع وغير ذلك ,وهو مما يظهر حسنة الإسلام واختصاص الأمة المحمدية بعلم الإسناد
وقد وضعت الروايات لأن لها تأثيرا على الترجيح الفقهي , ولأن الباب إذا لم تجمع طرقه لا يفهم على حقيقته



 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

شكر الله لكم..
بانتظار التتمة ..
جزاكم الله خير الجزاء.
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

أستاذي الفاضل/
عفوا..
لم تكمل المجالس الخمسة في السلسلة السادسة
http://www.feqhweb.com/vb/t8886
كيف ابتدأنا السلسلة السابعة؟!
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

لم أنتبه لذلك..! أعوضها هنا بزيادة الجلسات ..فلو غيرت العنوان هنا إلى (7) مجالس مجزية خيرا
وبارك الله فيكم وجزيت خيرا على حسن حرصك والمتابعة
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

فِيهِ مَسَائِلُ . الْأُولَى : الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ ظَاهِرٌ فِي تَنْجِيسِ الْإِنَاءِ لأن الأصل في الأمر الوجوب والأصل في إيجاب الشارع الغَسل قصد تطهير النجاسة ولما كان لا يلزم ذلك في كل حال قال : وَأَقْوَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ : الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ . وَهِيَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ ، إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ : أَنْ يُغْسَلَ سَبْعًا } فَإِنَّ لَفْظَةَ " طُهُورُ " تُسْتَعْمَلُ إمَّا عَنْ الْحَدَثِ ، أَوْ عَنْ الْخَبَثِ . وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ بِالضَّرُورَةِ . فَتَعَيَّنَ الْخَبَثُ1 . وَحَمَلَ مَالِكٌ هَذَا الْأَمْرَ وهو الغسل عَلَى التَّعَبُّدِ فهو على هذا غير معقول المعنى، لِاعْتِقَادِهِ طَهَارَةَ الْمَاءِ وَالْإِنَاءِ . وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ أَصْحَابُهُ بِذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ ، وَهُوَ السَّبْعُ وهذه أمارة على التعبد وهي العدد المخصوص لأن التطهير يحصل بزوال النجاسة دون اشتراط عدد و لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلنَّجَاسَةِ : لَاكْتَفَى بِمَا دُونَ السَّبْعِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ أَغْلَظَ مِنْ نَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ فلو كان علة معقولة المعنى لاقتضى ان يكون غسل العذرة مستوجباً فوق سبع. وَقَدْ اكْتَفَى فِيهَا بِمَا دُونَ السَّبْعِ وهذه أمارة أخرى. ولهم في ذلك أدلة أخرى2 وَالْحَمْلُ عَلَى التَّنْجِيسِ أَوْلَى . ؛ لِأَنَّهُ مَتَى دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَعَبُّدًا ، أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى ، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى أَوْلَى . لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَحْكَامِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى . وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يَكُونُ أَغْلَظَ مِنْ نَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ ، فَمَمْنُوعٌ عِنْدَ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهِ ، نَعَمْ لَيْسَ بِأَقْذَرَ مِنْ الْعَذِرَةِ ، وَلَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ التَّغْلِيظُ عَلَى زِيَادَةِ الِاسْتِقْذَارِ والمعنى أنه لا يلزم من كون الشيء إذا زاد استقذاره في الطبع أن يكون أنجس في الشرع . وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَعْنَى مَعْقُولًا قُلْنَا بِهِ وأصل المعنى هنا الأمر بالغسل(دون قيد العدد المعين) الدال في الغالب على قصد تطهير التنجيس وَإِذَا وَقَعَ فِي التَّفَاصِيلِ مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ وهو هنا تقييد عدد معين، لَمْ يَنْقُصْ لِأَجْلِهِ التَّأْصِيلُ . وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ 3 فَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ زِيَادَةُ التَّغْلِيظِ فِي النَّجَاسَةِ لَكُنَّا نَقْتَصِرُ فِي التَّعَبُّدِ عَلَى الْعَدَدِ أي أن التعبد يكون متعلقاً بالتقيد بلزوم سبع غسلات وَنَمْشِي فِي أَصْلِ الْمَعْنَى عَلَى مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى فيكون أصل الغسل معقولاً ارتباطُه بنجاسة لعاب الكلب،.
-------
1-قوله فتعين الخبث فيه نظر..لأنه ورد في الشرع استعمال الطهارة بمعنى التنظف والتنزه مما هو دون النجاسة كقوله صى الله عليه وسلم"السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب" من حديث عائشة رضي الله عنه ..فلو احترز وجعل الأمر أغلبياً لكان أولى
2-من ذلك مثلا
- قول الله تعالى:"فكلوا مما أمسكن عليكم" ولم يأمر بغسل مواضع إمساكها التي تختلط بلعابها،
-وما أخرجه البخاري تعليقاً فقال :وقال أحمد بن شبيب حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب قال :حدثني حمزة بن عبدالله عن أبيه قال :كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك
وأحمد بن شبيب شيخ البخاري ..وقوله"أبيه" هو ابن عمر رضي الله عنهما..فالإسناد صحيح لكن لما نزل عن شرطه قليلاً أخرجه بصورة التعليق على ماهو معلوم من أغراضه في إخراج المعلقات
3-منها مثلا تحريم الخمر لعلة الإسكار ,فلو فرض أن شخصا يتعاطى قليلاً منه ولايسكر ألبتة ,لم ينتف حكم التحريم ,ومنها الخلوة بالمرأة الأجنبية ,هو محرم لما يفضي إليه من محاذير ,فلو قال امرؤ أنا أخلو بهن لغرض التعليم ولا أفتتن..أو إنما أخلو بالقبيحات, بقي الأمر محرماً ,ومنها قصر الصلاة في السفر فإنه مشروع في الأصل لمعنى معقول وهو التخفيف ورفع المشقة..فلو فرض أن المشقة منتفية بالكلية كما لو سافر بطائرة لم يكن هذا مانعاً من الترخص به..فهذه وغيرها ..ترى أن الحكم معلل في أصله لكن قد يرد في بعض أفراد تفاصيل صوره ما يبقى الحكم على حاله حتى مع انتفاء العلة
والله أعلم
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

جزاكم الله خيرا.
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل
 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

أستاذي الفاضل:
أَيْضًا فَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَعْنَى مَعْقُولًا قُلْنَا بِهِ وَإِذَا وَقَعَ فِي التَّفَاصِيلِ مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ ، لَمْ يَنْقُصْ لِأَجْلِهِ التَّأْصِيلُ .
في نسختي :
(وأيضا فإذا كان أصل المعنى معقولا قلنا به ، وإذا وقع في التفاصيل ما لا يعقل : اتبعناه في التفصيل ، ولم ينقص لأجله التأصيل )
[وعلامات الترقيم من وضعي ، إذ نسختي ليس فيها علامات ترقيم مطلقا ! ].
1-قوله فتعين الخبث فيه نظر..لأنه ورد في الشرع استعمال الطهارة بمعنى التنظف والتنزه مما هو دون النجاسة كقوله صى الله عليه وسلم"السواك مطهرة للفهم مرضاة للرب" من حديث عائشة رضي الله عنه ..فلو احترز وجعل الأمر أغلبياً لكان أولى
من باب (نقل) المذاكرة :
ذكر المعلق في الهامش هذا الاعتراض و وأجاب عنه (بأن ألفاظ الشارع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حملت على الشرعية إلا إذا دل دليل على خلافه والله أعلم). ص26
وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ 3
3-منها مثلا تحريم الخمر لعلة الإسكار ,فلو فرض أن شخصا يتعاطى قليلاً منه ولايسكر ألبتة ,لم ينتف حكم التحريم ,ومنها الخلوة بالمرأة الأجنبية ,هو محرم لما يفضي إليه من محاذير ,فلو قال امرؤ أنا أخلو بهن لغرض التعليم ولا أفتتن..أو إنما أخلو بالقبيحات, بقي الأمر محرماً ,ومنها قصر الصلاة في السفر فإنه مشروع في الأصل لمعنى معقول وهو التخفيف ورفع المشقة..فلو فرض أن المشقة منتفية بالكلية كما لو سافر بطائرة لم يكن هذا مانعاً من الترخص به..فهذه وغيرها ..ترى أن الحكم معلل في أصله لكن قد يرد في بعض أفراد تفاصيل صوره ما يبقى الحكم على حاله حتى مع انتفاء العلة
هل هذا مرتبط بموضوع : (علة الحكم وحكمة الحكم) الذي يطرحه الأصوليون؟
شكر الله لكم وجزاكم خير الجزاء.
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

أود الإشارة إلى تغيبي لبضعة أيام معدودات لظروف طارئة ..والله يرعاكم
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

حفظكم الله أستاذنا الفاضل
نحن في انتظاركم
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

شكر الله للإدارة الكريمة والإخوة المرشحين الكرماء على حسن ظنهم..على اختيار الموضوع فائزاً مع تنبيه مهم:وهو أن فوز موضوع بالترشيح ونحو ذلك لا يعني أنه الافضل ونحو ذلك كما لا يخفى ..وقد كنت في الأيام الخالية في المستشفى وقد خرجت اليوم ولله الحمد..فنواصل ما شرعنا فيه بعون الله وتسديدة وشاكرا لك أختي الفاضلة انبثاق على اهتمامك الكريم وبورك فيك أختي الكريمة الدرة وجزاك الله خيرا على الدعاء الطيب
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

حول قاعدة المصنف : (مَتَى دَارَ الْحُكْمُ بَيْنَ كَوْنِهِ تَعَبُّدًا ، أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى ، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى أَوْلَى)
صاغ المؤلف هذه مصاغ القاعدة وبين توجيه ذلك : ( لِنُدْرَةِ التَّعَبُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَحْكَامِ الْمَعْقُولَةِ الْمَعْنَى)..وهذا مرادف لما لو قال :الأصل في الاحكام أنها معقولة المعنى, وإليك تعليقة يسيرة عليها:
1-الأحكام التعبدية يراد بها =الأحكام الشرعية التي لا يظهر فيها من معنى أو حكمة سوى معنى العبودية بمعنى امتحان طاعة العبد من عدمها
2-خلق الله الثقلين لعبادته "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" والعبادة يدخل فيها عموم (افعل ولا تفعل ) فهل خلقه إيانا لذلك وهو غني عنا معقول المعنى ؟ قد يقال:لا..فهذا من أفعال الله تعالى وهو سبحانه لا يسأل عما لا يفعل ولا يحاط به علماً,ولكن يصح أن يقال أيضاً:الله متصف بصفات كمال فظهور آثارها في الخارج أكمل من مجرد كونها صفاتٍ ذاتية بلا تجليات خارجية
3-لا يخلو أمر في الشرع من اشتماله على شق تعبدي وآخر معنوي..فالصلاة مثلا عبادة جليلة محضة ولكن من شرعها ينص على معنى مهم يتعلق بها وحكمة بالغة "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر "..والصوم كذلك "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وفسر بالحديث"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"..وهكذا ,ولكن تتفاوت الأعمال في نسبة الشق التعبدي إلى المعنوي أو العكس بحسب نظر الفقيه ومراده والزواية التي ينظر من خلالها, ومن هنا يقع الاختلاف بين العلماء في هذا, ولهذا تعقب الصنعاني المؤلف في دعواه ندرة الأحكام التعبدية بالنسبة لمعقولة المعنى..
3-قال الصنعاني : (دعوى كثرة ذلك ممنوع فإن الأحكام التعبدية أكثر ولنفرضه في مسألة أحكام الصلاة من تعيين أعدادها وانقسامها إلى ثنائية وثلاثية ورباعية وتعيين أوقاتها وجعل كل عدد لوقت وتعيين أذكارها وأعدادها ومحالها وكذلك الوضوء من تعدد أحكامه كالتثليث والاقتصار على الأعضاء المعروفة وغسل بعضها ومسح بعض وكذلك الزكاة..إلى أن يقول :وليس المراد من المعاني المعقولة إلا ما قادت النصوص ولو ظاهره إلى عللها وبواعثها لا ما يمكن تتبعه بالتبخيت والتخمين فإنه لا يبقى شيء أو لا يكاد إلا وأمكن التبخيت لعلته لكنه تهجم على الجناب المقدس وهجوم على تعليل أحكامه بلا ثبت ..) وهذه اللهجة الفقهية قريبة من طريقة ابن حزم رحمه الله تعالى في نظرته للتعليل
4-ويقول أبو حامد الغزالي رحمه الله : (عرف من دأب الشرع اتباع المعاني المناسبة دون التحكمات الجامدة ، وهذا غالب عادة الشرع)
5-ومن الاعتدال أن يقال: العبادات كاسمها يغلب عليها التعبّد كما أن الأصل في المعاملات أنها معللة بأمور معقولة المعنى وهذا حاصل رأي الشاطبي فقد قال : (الشارع غلّب في باب العبادات جهة التعبد، وفي باب العادات جهة الالتفات إلى المعاني، والعكس في البابين قليل ) وهو ما يفسر أن الأصل في العبادات ألا يدخلها القياس لأن القياس فرع العلة,لكن تسميتها تعبدية لا يعني أنه لاحكمة من ورائها سوى الامتثال والتكليف والعبادة بل ثم حكم كثيرة نعلم بعضها ويخفى بعضها
6-هناك ثمرة للخلاف بين توصيف الفعل بأنه تعبدي أو معنوي(وقد يداخله الاختلاف اللفظي الاصطلاحي ) ,وهو أمر بيّن لأن ما وصف بأنه من باب التعبد لا يتصور فيه اختلاف بخلاف المعقول فإن العلة مؤثرة على الحكم ثباتاً وتغيراً بحسب ثبات العلة وتغيرها, وهذا الحديث الذي نحن بصدده وقاعدة المالكية فيه مثال واضح عليه..فمن الأحكام ما علته ثابتة كتحريم الخمر والربا والميسر, ومنها ما يكون فيه مأخذ للتغير بحسب تغير الأحوال والظروف والأعراف ,من ذلك مثلا :سفر المرأة بغير محرم فإن من جوزه مخالفاً لظاهر النص "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم " ,كالمالكية والشافعية ,نظر إلى أن النص متعلق بحال عدم الأمن فمتى تحقق الأمن زالت علة المنع عندهم(مع استدلالهم بما ورد عن الصحابة أيضاً) وهذا الميدان الذي يتنافس فيه فرسان الفقه وفحول العلم,وقد يوصف الأمر بأنه معقول المعنى من وجه بتلمّس حكمته لكن يغلب عليه المعنى التعبدي كالوضوء ففيه معقولية التطهر والتنظف ويدل عليه الدعاء المشروع بعده"اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" , ولو كان ذلك هو الأمر كله لجاز أن يغني عن الوضوء أي تطهر كيفما كان وهو باطل باتفاق
7- ويصح أن يقال من زواية أخرى إن الشريعة كلها معللة في الجملة بحِكم متعلقة بمصالح العباد بما يشمل العبادات والمعاملات ,كالصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها بأدلة الكتاب والسنة, وما لم يظهر فيها المعنى في التفاصيل كان من باب التعبد المحض كلزوم مواقيت الصلاة المحدودة وعدة ركعاتها وصفتها فهو مما لابد لتحقيق الامتثال وإلا كان الأمر عبثاً بحسب أمزجة الناس وأهوائهم
قال العلامة ابن القيم : (ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة ، يعقله من يعقله ، ويخفى على من خفي عليه )وهذا حاصل ما يقوله شيخ الإسلام أيضاً
8-والحاصل أنه يمكن أن يخرج بالخلاصة فيقال:الشريعة كلها تعبد والشريعة كلها موضوعة لمصالح العباد فلا تعارض بينهما ألبتة وتتفاوت نسبة التعبدية والمعقولية التي ينبني عليها ثمرة بحسب "الحيثية" التي ينظر لها للأمر وبحسب القرائن المحتفة وبحسب المراد بمعنى التعبد فإن أريد به العلة الأصولية وهي ما علق الشارع الحكم عليه فحيثما وجدت وجد الحكم كالإسكار والزيادة في النقدية في القرض علة للتحريم فهذا يختلف عن الحكمة وهي الغاية التي قصدها الشارع من الحكم فهذه أوسع ,فعلى الأول يظهر معنى نقطة( 5) وعلى الثاني يظهر معنى نقطة(7) . وليس مجرد تسمية هذا تعبدا أو معقول المعنى مفضياً لاختلاف النتيجة الحكمية في كل حال..والله أعلم
 

بشرى عمر الغوراني

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
29 مارس 2010
المشاركات
2,121
الإقامة
لبنان
الجنس
أنثى
الكنية
أم أنس
التخصص
الفقه المقارن
الدولة
لبنان
المدينة
طرابلس
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

سبحان الله! اليوم بالذات كنتُ أتساءل ما الحكمة في كون التيمّم ضربتين فقط واحدة لليدين - أو للكفين عند البعض - وأخرى للوجه؟ ولمَ لم يكن المسح لباقي أعضاء الوضوء أي للرأس والرجلين أيضاً؟ وتساءلت هل للتيمم حكمة أم انه أمر تعبدي محض؟
فجزاكم الله خيراً حضرة الأخ الفاضل، قد أجبتم عن تساؤلاتي ووفيتم الإجابة.
منيب العباسي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام
ما معنى هذا القول لو سمحتم؟
4-ويقول أبو حامد الغزالي رحمه الله : (عرف من دأب الشرع اتباع المعاني المناسبة دون التحكمات الجامدة ، وهذا غالب عادة الشرع

قال العلامة ابن القيم : (ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة ، يعقله من يعقله ، ويخفى على من خفي عليه )وهذا حاصل ما يقوله شيخ الإسلام أيضاً
هل يقصد ابن القيّم أن أحكام الشريعة كلها لها حكمة عند الله تعالى قد نعلمها وقد نجهلها؟

 

انبثاق

:: مخضرم ::
إنضم
5 يونيو 2010
المشاركات
1,228
التخصص
الدراسات الإسلامية..
المدينة
بريدة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

شكر الله لكم وجزاكم خيرا
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

رد: السلسة السابعة : (5) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

في نسختي :
(وأيضا فإذا كان أصل المعنى معقولا قلنا به ، وإذا وقع في التفاصيل ما لا يعقل : اتبعناه في التفصيل ، ولم ينقص لأجله التأصيل )
[وعلامات الترقيم من وضعي ، إذ نسختي ليس فيها علامات ترقيم مطلقا ! ].
لا إشكال فالمعنى لم يختلف

من باب (نقل) المذاكرة :
ذكر المعلق في الهامش هذا الاعتراض و وأجاب عنه (بأن ألفاظ الشارع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حملت على الشرعية إلا إذا دل دليل على خلافه والله أعلم). ص26
هذا صحيح ..وقد يدل السياق على تقديم الحقيقة اللغوية كما في قول الله تعالى "وصل عليهم إن صلاك سكن لهم" يعني ادع لهم


هل هذا مرتبط بموضوع : (علة الحكم وحكمة الحكم) الذي يطرحه الأصوليون؟
أظن أجيب عن هذا السؤال بالدرس اللاحق..أليس كذلك؟
نفع الله بكم وسددكم
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

سبحان الله! اليوم بالذات كنتُ أتساءل ما الحكمة في كون التيمّم ضربتين فقط واحدة لليدين - أو للكفين عند البعض - وأخرى للوجه؟ ولمَ لم يكن المسح لباقي أعضاء الوضوء أي للرأس والرجلين أيضاً؟ وتساءلت هل للتيمم حكمة أم انه أمر تعبدي محض؟
فجزاكم الله خيراً حضرة الأخ الفاضل، قد أجبتم عن تساؤلاتي ووفيتم الإجابة.
-الصحيح أن التيمم ضربة واحدة لحديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه ,لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربةً واحدة..إلخ كما في الصحيح
-سؤالك عن ابن القيم :نعم
وفقكم الله ورعاكم
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ لِلنَّجَاسَةِ : فَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الْكَلْبِ . وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ نَجَاسَةُ فَمِهِ مِنْ نَجَاسَةِ لُعَابِهِ ، فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ فَمِهِ ، وَفَمُهُ أَشْرَفُ مَا فِيهِ . فَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ أَوْلَى 1. الثَّانِي : إذَا كَانَ لُعَابُهُ نَجِسًا - وَهُوَ عَرَقُ فَمِهِ - فَفَمُهُ نَجِسٌ . وَالْعَرَقُ جُزْءٌ مُتَحَلَّبٌ مِنْ الْبَدَنِ3 . فَجَمِيعُ عَرَقِهِ نَجِسٌ . فَجَمِيعُ بَدَنِهِ نَجِسٌ ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْعَرَقَ جُزْءٌ مِنْ الْبَدَنِ . فَتَبَيَّنَ بِهَذَا : أَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى النَّجَاسَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَمِ ، وَأَنَّ نَجَاسَةَ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ . وَفِيهِ بَحْثٌ4 . وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى نَجَاسَةِ الْإِنَاءِ الْوُلُوغُ . وَذَلِكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ نَجَاسَةِ عَيْنِ اللُّعَابِ وَعَيْنِ الْفَمِ ، أَوْ تَنَجُّسِهِمَا بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ غَالِبًا 5. وَالدَّالُ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ 6. فَلَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الْفَمِ ، أَوْ عَيْنِ اللُّعَابِ . فَلَا تَسْتَقِيمُ الدَّلَالَةُ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِ الْكَلْبِ كُلِّهِ . وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ : لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ تَنْجِيسَ الْفَمِ أَوْ اللُّعَابِ - كَمَا أَشَرْتُمْ إلَيْهِ - لَزِمَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ . وَهُوَ إمَّا وُقُوعُ التَّخْصِيصِ فِي الْعُمُوم7 أَوْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِه8 لِأَنَّا إذَا فَرَضْنَا تَطْهِيرَ فَمِ الْكَلْبِ بِمَاءٍ كَثِيرٍ ، أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ ، فَوَلَغَ فِي الْإِنَاءِ : فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ وُجُوبُ غَسْلِهِ أَوْ لَا . فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ وَجَبَ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ . وَإِنْ ثَبَتَ لَزِمَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِهِ . وَكِلَاهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ 9. وَاَلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِهِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ ، أَنْ يُقَالَ : الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالْغَالِبِ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ الصُّوَرِ نَادِرٌ10 ، لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ . وَهَذَا الْبَحْثُ إذَا انْتَهَى إلَى هُنَا يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ يَرَى أَنَّ الْغَسْلَ لِأَجْلِ قَذَارَةِ الْكَلْبِ
--------
(1)-[وَفَمُهُ أَشْرَفُ مَا فِيهِ . فَبَقِيَّةُ بَدَنِهِ أَوْلَى] : هذا قياسٌ مبنيٌ مقدمتُه على ماهو محل نزاع,فليس ثم نص يفيد أن فم الكلب أشرف مافيه ولا هو مقتضى العقل , فإذا صح أن فم الإنسان أشرف ما فيه لم يجز القياس عليه,
(2)-[- وَهُوَ عَرَقُ فَمِهِ - فَفَمُهُ نَجِسٌ] : تسمية اللعاب عرقاً لا يستقيم بل هو مغاير لمادة العرق
(3)-[وَالْعَرَقُ جُزْءٌ مُتَحَلَّبٌ مِنْ الْبَدَنِ] : وتسمية العرق متحلبا من البدن أي من جميعه فيه نظر فهو ماء فائض عن حاجة الجسم مشوب ببعض الأملاح تفرزه الغدد العرقية التي في الجلد
(4)-للفقهاء في نجاسة الكلب ثلاثة أقوال في الجملة:
أ-نجاسة جميع الكلب وهو قول الشافعية والحنابلة
ب-طهارة جميع الكلب بما يشمل فمه ولعابه ,وعليه المالكية

ج-نجاسة اللعاب ,وطهارة جلده وشعره ,قال بذا الحنفيّة ومن أئمة الاجتهاد العباقرة ابنُ تيمية
وأما بوله فقد حكي الإجماع على نجاسته وشذ داود الظاهري فقال بطهارة جميع الأبوال خلا بول الآدمي

(5)-[وَالدَّالُ عَلَى الْمُشْتَرَكِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْخَاصَّيْنِ] : يقول :عرفنا النجاسة بتقييد الحكم بالولوغ (وقيد الولوغ للغالب فلو لحس كان له نفس الحكم) والولوغ يكون بالفم المحتوي على اللعاب ,أو يكون لأجل :
(6)-[، تَنَجُّسِهِمَا بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ غَالِبًا] يعني :أن يكون نجاسة الفم لما يتعاطاه من النجاسات والأقذار في طعامه وما كان محتملا لأمرين فاكثر لم يكن دالا على اختصاص أحدها بالحكم
(7)-[وُقُوعُ التَّخْصِيصِ فِي الْعُمُومِ] : العموم هنا غسل ما ولغ فيه الكلب دون قيد أن يكون معزولا عن ملابسة النجاسات
(8)-[أَوْ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِدُونِ عِلَّتِهِ] : وهو حكم تنجيس الإناء مع تخلف علته كما سيأتي
(9)-[ إذَا فَرَضْنَا تَطْهِيرَ فَمِ الْكَلْبِ بِمَاءٍ كَثِير..إلخ]
معنى كلامه :هب أن أتيت بكلب ونظفت فمه بأقوى المعقمات,فهل سيقول أحد بأنه لو ولغ زال الحكم وأنه لا يغسل الإناء ؟! فإن تصورنا أنه قال به قال أي بعدم التنجيس فقد خالف النص وخصص عمومه دون مخصص لأن لفظ الكلب يعم جنس الكلاب
وإذ قال نعم يجب غسل ما ولغ فيه,فقد خالف موجب التعليل لتخلف العلة وهي أنه تنجس لتقذر فمه بالنجاسات, وكلا الأمرين مدفوع لمخالفة الأصل ,قال المؤلف في الإلمام : (إ
ذا فرضنا تطهير فم الكلب، أو ولوغ كلب لم يأكل النجاسة قبل الولوغ كجرو صغير، فإما أن يقال: لا يلزم غسل الإناء فيلزم التخصيص لأن لفظ الكلب عام، وإما أن يقال: إنه يلزم أن يغسل منه فيلزم ثبوت الحكم بدون علته لأنا نتكلم على تقدير عدم تنجيسه باستعمال النجاسة، ولا سبب حينئذ للغسل إلا التنجيس وقد انتفى) وأما ما قالوه عن تناول الكلب النجاسات فنادر فلا حكم له
وحيث انتهى البحث إلى هذه النقطة قوي قول من يرى أن العلة ليست هي التنجيس أو قال تعبدية كما المالكية..

 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

هل تحبذون ختم كل درس بسؤالات؟
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الْحَدِيثُ نَصٌّ 1فِي اعْتِبَارِ السَّبْعِ فِي عَدَدِ الْغَسَلَاتِ . وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ ، فِي قَوْلِهِ : يَغْسِلُ ثَلَاثًا . 2
[FONT=&quot]الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ زِيَادَةُ " التُّرَابِ " وَقَالَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ3 . وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِهِ الزِّيَادَةُ : فَلَمْ يَقُلْ بِهَا . وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ . وَقَالَ بِهَا غَيْرُهُ
-----------
1-"النص" في عرف الأصوليين له معنى خاص اصطلاحي يخالف مساغ اللغة ,والمشهور فيه عندهم أنه =مالا يحتمل إلا معنى واحداً. فهو غاية في الوضوح بحيث لا مجال فيه, في الأنظار كافة ,لحمله على معنى آخر [/FONT]

ويقابله الظاهر= ما احتمل معنيين أحدهما أرجح (أظهر ) من الآخر..
وعلى هذا فذكر النبي -صلى الله عليهم وسلم-التسبيعَ ,مثالٌ حسن على النص وفق هذا
وفي كلام المتقدمين كالشافعي لا يعرفون هذه الاصطلاحات فتراه يستعمل في الرسالة "النص" وهو عند من بعده من قبيل الظاهر
2-
احتج الحنفية لأبي حنيفة بما أخرجه الدارقطني من طريق عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم : في الكلب يلغ في الإناء أنه يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا. قال الدارقطني معقباً: (تفرد به عبد الوهاب عن إسماعيل وهو متروك الحديث وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد فاغسلوه سبعا وهو الصواب). وفيه علة أخرى فحتى لو لم يكن عبد الوهاب بن الضحاك متروك الحديث لضعّف الحديث من جهة إسماعيل بن عياش فإن هشام بن عروة مدنيٌّ ورواية إسماعيل عن الحجازيين فيها تخليط وضعف خلافا لروايته عن الشاميين فمستقيمة..
ومع هذا تجد بعض الحنفية يتكلف نصرة قول إمامه بشق الأنفس!, قال ابن الهمام رحمه الله تعالى في "فتح القدير" بعد أن ساق الرواية السابقة ما نصه: (رواه الدارقطني بسند صحيح عن عطاء موقوفا على أبي هريرة : أنه كان إذا ولغ في الإناء أهراقه ثم غسله ثلاث مرات . وحينئذ فيعارض حديث السبع ، ويقدم عليه لأن..إلخ )!
وهذا مردود من وجوه ,أذكر منها :
أ-
قال الدارقطني معلاً لهذه الرواية: "هذا موقوف ولم يروه هكذا غير عبد الملك عن عطاء"(فخالف الثقات ولم يتابع )
ب-أن الثابت عن أبي هريرة فتواه بالسبع من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
جـ-أن الموقوف لا يقدم على المرفوع في الأصل
د-والجمهور على أن العبرة بما روى الصحابي لا بما رأى ,خلافاً للحنفية فتراهم يعدون رأيه أو فتياه دليلاً على النسخ مثلاً أو على التأويل ( هذا مرجوح فإن النسخ من قول الصحابي لابد أن يكون مشفوعا بقرينة تجعل كلامه في حكم المرفوع ولمَ لا يقال مثلاً إنه غاب عنه الأثر حين أفتى ؟ ولكن قد يكون عمل الصحابي بشيء ظاهره بعض التقييد للحكم المطلق ونحو ذلك هو من باب فهمه لما روى فإن لم يخالفه من الصحابة أحد فهذا نعم له وجهه المعتبر..)
[FONT=&quot]3-الروايات التي عن أبي هريرة ليس فيها التتريب سوى من طريق محمد بن سيرين عنه ففيها ذكر التراب فكأن مالكا رجّح الأكثر , ولكن قبل أهل الحديث زيادة ابن سيرين لا لأجل قاعدة المتأخرين "الزيادة من الثقة مقبولة مطلقاً" فهذه أدخلت على علم الحديث لغطاً وإشكالاً كبيراً حين عُمل بها بإطلاق ولك أن تقول ألغت عند القائلين بها شرطاً من شروط صحة الحديث وهو انتفاء العلة لأن علم العلل قائم على مقارنة المرويات وما فيها من زيادات في الإسناد والمتن,فبطل علم العلل بهذا أو جُله! ,وهي(قاعدة المتأخرين) من أبرز معالم الفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في علم الحديث..وابن سيرين جبلٌ لا كالجبال وفي رواية عبدالله بن مغفل رضي الله عنه ذكر التراب أيضاً
سؤال الدرس:هات مثالا من كلام الإمام الشافعي في الرسالة أو غيرها على أنه يستعمل لفظ "النص" بمعنى الظاهر لاصطلاحي عن الأصوليين وبين ذلك؟
[/FONT]
 

منيب العباسي

:: متخصص ::
إنضم
17 يناير 2010
المشاركات
1,204
التخصص
----
المدينة
---
المذهب الفقهي
---
رد: السلسة السابعة : (7) مجالس في شرح عبارة ابن دقيق العيد في الإحكام

لم يجب أحد ..لا بأس..الحمدلله على كل حال..
 
أعلى