العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
§ اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:
الاتجاه الأول:
نجاسة المني والمذي،وهذه طريقة الحنفية([1])، والمالكية([2]).
الاتجاه الثاني:
طهارة المني ونجاسة المذي،وهذه طريقة الشافعية([3])، والحنابلة([4]).
الاتجاه الثالث:
طهارة المني والمذي، وهذه رواية عن أحمد، اختارها بعضُ أصحابه([5]) .
§
وحينئذ يظهر أن في المسألة نظرين:
النظر الأول:
هل تقف رواية عن أحمد بطهارة المذي أمام ما حكي في نجاسة المذي من إجماعات مشهورة؟
النظر الثاني:
أن القول المطرد بطهارة المني والمذي معا، أو بنجاستهما معاً أحظى قياساً، فما المذي إلا جزء من أجزاء المني، وهو من مقدماته، وما ذُكِرَ من الفروق بينهما في الوصف أو الحكم لا يكفي في المفارقة بينهما في باب الطهارة والنجاسة، والأدلة الشرعية ساوت بينهما في «التطهير» سواء كان ذلك بسبب النجاسة أو القذارة، وإن كان قد يقع الفرق بينهما في التخفيف، أو في طريقة التطهير.


([1]) تبيين الحقائق (1/69)، البناية شرح الهداية (1/712).

([2]) الذخيرة (1/206)،

([3]) المجموع (2/571، 572).

([4]) المغني (2/490)

([5])الانتصار في المسائل الكبار (1/552)، المغني (2/490)، بدائع الفوائد (4/1452).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.

أمنة محمد سعيد

:: مطـًـلع ::
إنضم
24 يونيو 2011
المشاركات
162
التخصص
الدراسات الإسلامية
المدينة
الشارقة
المذهب الفقهي
سني
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين.
أرجو من فضلكم أن تبينوا لي: كيف يكون المني طاهرا وقد أوجب علينا الغسل منه؟ فحتى البول وجب علينا الاحتراز منه ـ فقط ـ وليس الغسل هذا سؤال طرحه أحد الأشخاص وتمت الإجابة عنه :
الجواب :فقد سبق أن بينا أن الفقهاء تعددت أقوالهم في المني، فمنهم من قال بطهارته، ومنهم من قال بنجاسته، وأن كلا القولين له دليل، وقد قال به علماء أجلاء، وإن كنا نفتي في هذا الموقع بالقول بطهارته، كما فصلناه في الفتوى رقم:63403
وأما قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ {السجدة: 8}.
وكذا قوله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ {المرسلات: 20}.
فليس معنى مهين: نجس, فالمهين لغة يطلق ويراد به: الضعيف الذي لا يأبه به, ولذا قال ابن جرير في تفسير ـ مهين ـ في هذه الآية: من نطفة ضعيفة رقيقة
ومهين: فعيل من قول القائل: مهن فلان، وذلك إذا زلّ وضعف. هـ.
وذكر ذلك عن مجاهد وغيره
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: { أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ }. >
قال: أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قُدرَة البارئ عز وجل. هـ.
وقال ابن منظور في لسان العرب: ورجل مَهِينٌ من قوم مُهَناء أَي ضعيف.
وقوله عز وجل: خُلِقَ من ماءٍ مَهينٍ ـ أَي من ماء قليل ضعيف، وفي التنزيل العزيز: أَم أَنا خَيْرٌ من هذا الذي هو مَهِينٌ. هـ
فالحاصل: أن مهين لا تعني نجسا
وأما الاستدلال على نجاسته بوجوب الغسل منه: فهذا استدلال لا يصح, ولو كان الغسل واجبا لكون المني نجسا لوجب الغسل ـ أيضا ـ من خروج البول والمذي وسائر النجاسات, قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في بيان الحكمة من الأمر بالغسل من خروج المني دون البول ونحوه من النجاسات: الغسل من المني دون البول: إيجاب الشارع صلى الله عليه وسلم الغسل من المني دون البول، فهذا من أعظم محاسن الشريعة وما اشتملت عليه من الرحمة والحكمة والمصلحة، فإن المني يخرج من جميع البدن، ولهذا سماه الله سبحانه وتعالى ـ سُلالَةٍ ـ لأنه يسيل من جميع البدن.
وأما البول: فإنما هو فضلة الطعام والشراب المستحيلة في المعدة والمثانة فتأثر البدن بخروج المنى أعظم من تأثره بخروج البول، وأيضا فإن الاغتسال من خروج المنى من أنفع شيء للبدن والقلب والروح ـ بل جميع الأرواح القائمة بالبدن ـ فإنها تقوى بالاغتسال، والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني، وهذا أمر يعرف بالحس، وأيضا فإن الجنابة توجب ثقلا وكسلا، والغسل يحدث له نشاطا وخفة.
وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته ويخلف عليه ما تحلل منه وإنه من أنفع شيء للبدن والروح وتركه مضر، ويكفي شهادة العقل والفطرة بحسنه، وبالله التوفيق. هـ
مختصرا من إعلام الموقعين
والله أعلم.
نقلته للفائدة
 

فاطمة الجزائر

:: مشارك ::
إنضم
18 مايو 2011
المشاركات
204
الكنية
فاطمة الجزائر
التخصص
فقه وأصوله. فقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

جزاكم الله خيرا
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

[FONT=&quot]قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في شرح العمدة:[/FONT]
[FONT=&quot]اختلف العلماء في طهارة المني ونجاسته:[/FONT]
[FONT=&quot] فقال الشافعي وأحمد: [/FONT][FONT=&quot]بطهارته.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال مالك وأبو حنيفة[/FONT][FONT=&quot]: بنجاسته.[/FONT]
[FONT=&quot]والذين قالوا بنجاسته: اختلفوا في كيفية إزالته:[/FONT]
[FONT=&quot]فقال مالك[/FONT][FONT=&quot]: يغسل رطبه ويابسه.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال أبو حنيفة:[/FONT][FONT=&quot] يغسل رطبه، ويفرك يابسه.[/FONT]
[FONT=&quot]أما مالك: فعمل بالقياس في الحكمين، أعني نجاسته وإزالته بالماء، أما نجاسته: فوجه القياس فيه من وجوه:[/FONT]
[FONT=&quot]أحدها:[/FONT][FONT=&quot] أن الفضلات المستحيلة إلى الاستقذار في مقر تجتمع فيه: نجسة والمني منها، فليكن نجسا.[/FONT]
[FONT=&quot]وثانيها:[/FONT][FONT=&quot] أن الأحداث الموجبة للطهارة نجسة، والمني منها، أي من الأحداث الموجبة للطهارة.[/FONT]
[FONT=&quot]وثالثها[/FONT][FONT=&quot]: أنه يجري في مجرى البول، فينجس.[/FONT]
[FONT=&quot]وأما في كيفية إزالته:[/FONT][FONT=&quot] فلأن النجاسة لا تزال إلا بالماء، إلا ما عفي عنه من آثار بعضها، والفرد ملحق بالأعم الأغلب.[/FONT]
[FONT=&quot]وأما أبو حنيفة:[/FONT][FONT=&quot] فإنه اتبع الحديث في فرك اليابس، والقياس في غسل الرطب ولم ير الاكتفاء بالفرك دليلا على الطهارة، وشبهه بعض أصحابه بما جاء في الحديث من دلك النعل من الأذى، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - «إذا وطئ أحدكم الأذى بخفه أو بنعله، فطهورهما التراب» رواه الطحاوي من حديث أبي هريرة، فإن الاكتفاء بالدلك فيه لا يدل على طهارة الأذى.[/FONT]
[FONT=&quot]وأما الشافعي[/FONT][FONT=&quot]: فاتبع الحديث في فرك اليابس، ورآه دليلا على الطهارة، فإنه لو كان نجسا لما اكتفى فيه إلا بالغسل، قياسا على سائر النجاسات، فلو اكتفى بالفرك - مع كونه نجسا - لزم خلاف القياس، والأصل: عدم ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الحديث يخالف ظاهره ما ذهب إليه مالك[/FONT][FONT=&quot]: وقد اعتذر عنه بأن حمل على الفرك بالماء، وفيه بعد؛؛ لأنه ثبت في بعض الروايات في هذا الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت «لقد رأيتني، وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسا بظفري» وهذا تصريح بيبسه، وأيضا في رواية يحيى بن سعيد عن عميرة عن عائشة قالت «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان يابسا، وأغسله أو أمسحه إذا كان رطبا» شك الراوي.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا التقابل بين الفرك والغسل: يقتضي اختلافهما.[/FONT]
[FONT=&quot]والذي قرب التأويل المذكور - عند من قال به[/FONT][FONT=&quot] - ما في بعض الروايات عن عائشة: أنها قالت لضيفها الذي غسل الثوب «إنما كان يجزيك - إن رأيته - أن تغسل مكانه، وإن لم تره نضحت حوله، فلقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» فحصرت الإجزاء في الغسل لما رآه، وحكمت بالنضح لما لم يره، وهذا حكم النجاسات، فلو كان هذا الفرك المذكور من غير ماء: ناقض آخر الحديث أوله، الذي يقتضي حصر الإجزاء في الغسل، ويقتضي إجراء حكم سائر النجاسات عليه في النضح.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]إلا أن دلالة قولها "لأحكه يابسا بظفري":[/FONT][FONT=&quot] أصرح وأنص على عدم الماء مما ذكر من القرائن، من كونه مفروكا بالماء، والحديث واحد، اختلفت طرقه، وأعني بالقرائن: النضح لما لم يره، وقولها: " إنما كان يجزيك ".[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]ومن الناس من سلك طريقة أخرى في الأحاديث التي اقتصر فيها على ذكر الفرك، قال[/FONT][FONT=&quot]: هذا لا يدل إلا على الفرك من الثوب، وليس فيه دلالة على أنه الثوب الذي يصلي فيه، فيحمل على ثوب النوم، ويحمل الحديث الآخر الذي ذكره المصنف - وهو قولها " فيخرج إلى الصلاة، وإن بقع الماء في ثوبه " - على ثوب الصلاة، ولا يقال: إذا حملتم الفرك على غير ثوب الصلاة، فأي فائدة في ذكر ذلك؟ ؛ لأنا نقول: فائدته بيان جواز لبس الثوب النجس في غير حالة الصلاة.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه الطريقة قد تتمشى:[/FONT][FONT=&quot] لو لم تأت روايات صحيحة بقولها " ثم يصلي فيه " وفي بعضها " فيصلي فيه ".[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot] وأخذ بعضهم من كون الفاء للتعقيب[/FONT][FONT=&quot]: أنه يعقب الصلاة بالفرك، ويقتضي ذلك عدم الغسل قبل الدخول في الصلاة، إلا أنه قد ورد بالواو، وبثم أيضا في هذا الحديث، فإن كان الحديث واحدا فالألفاظ مختلفة، والمقول منها واحد، فتقف الدلالة بالفاء إلا لمرجح لها، وإن كانت الرواية بالفاء حديثا مفردا، فيتجه ما قاله.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]واعلم أن احتمال غسله بعد الفرك واقع، لكن الأصل عدمه[/FONT][FONT=&quot]: فيتعارض النظر بين اتباع هذا الأصل وبين اتباع القياس، ومخالفة هذا الأصل، فما ترجح منهما عمل به، لا سيما إن انضمت قرائن في لفظ الحديث تنفي هذا الاحتمال، فإذ ذاك يتقوى العمل به، وينظر إلى الراجح بعد تلك القرائن، أو من القياس.[/FONT]
 

أسامة أمير الحمصي

:: مطـًـلع ::
إنضم
20 مارس 2010
المشاركات
103
التخصص
هندسة
المدينة
حمص
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

من قال بطهارة المني فيلزمه القول بطهارة المذي, لأن المذي من أجزاء المني
و ألا يدل قول عمر رضي الله عنه: : " إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي فما أبالي ذلك " على طهارة المذي؟!
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

استشكال جيد، ويبقى حل الاستشكال؛ أولا ما صحة هذا الأثر؟
 
إنضم
27 يوليو 2010
المشاركات
12
الكنية
بو عمر
التخصص
فقه مقارن
المدينة
الأزهر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

المني أصل خلق الإنسان فكيف يكون نجسا؟؟!! والقول بطهارة المذي أيضا وجيهة وإن قال به بعض الفقهاء ..
 
إنضم
9 ديسمبر 2011
المشاركات
103
الكنية
ابو حماد
التخصص
في الحديث
المدينة
ميلسي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

المني أصل خلق الإنسان فكيف يكون نجسا؟؟
هذا الاستدلال غير جيد لان المني يتبدل اولا بالدم ثم بالمضغة فالمني بعد الانتقالات يصير انسانا فبهذا الاستدلال يجب ان الدم ايضا طاهر وماقال به الفقهاء الاربعة ولامن قال بطهارة المني فكيف يقولون بطهارة المني ونجاسة الدم وهما اصل خلق الانسان؟ مالفرق بينهما ؟
 

محمود علي طيبة

:: متابع ::
إنضم
31 ديسمبر 2011
المشاركات
15
الكنية
ابو علي
التخصص
علمي
المدينة
اللاذقية
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

في فتاوى الشبكة الإسلامية رقم الفتوى 49152 الخلاف في حكم المذي ثابت، والراجح نجاسته
تاريخ الفتوى : 07 ربيع الثاني 1425
السؤال
ما قولكم في هذا الموضوع وما هي مدى صحته؟
والثابت علميا أن المذي هو من إفرازات الجهاز التناسلي وليس البولي. وبالتالي فإن الأولى القول بطهارته قياسا على المني. أما عند المرأة فإن الأمر واضح لأنه يخرج من الفرج وليس من مخرج البول. وأما عند الرجل فالغدد التي تفرز المذي موجودة في القضيب في المجرى البولي التناسلي المشترك. لكن الذي يحدث عند الانتصاب هو أن غدة البروتستات تمنع البول تماما من الدخول إلى هذا المجرى. ويبدأ عمل هذه الغدد في تلك اللحظة بإفراز المذي، وهو سائل شفاف شديد اللزوجة. وتفيد قلويته الخفيفة في التخلص من أي بقايا لحامض البول في المجرى، حيث أن الحامض يقتل النطف المنوية بسرعة. لكن هذا ليس له أهمية حقيقية لأن هذه البقايا البولية قليلة جدا، في مقابل السائل المنوي الذي يخرج بكمية كبيرة وبسرعة عالية. على أن المذي له فائدتان مهمتان عند الرجل والمرأة:
1- ترطيب الأعضاء الجنسية لتسهيل الجماع.
2- تساعد -عندما يختلط بالمني- على التصاق النطف بالرحم. حيث أن المذي هو الذي يكسب المني لزوجته المعروفة.
فالمني هو خليط من عدة مواد، منها المذي نفسه. ونحن لا نتكلم عن استحالة من مادة لأخرى، لكن عن خلط بين مادتين أو عدة مواد. فإن كانت إحداهما نجسة كان الخليط نجسا. والمني يدخل في تركيبه المذي الذي يعطيه لزوجته، ويدخل في تركيبه عدة إفرازات أخرى إضافة للنطاف (المتولد من الخصيتين). والمذي هو الذي يعطي المني لزوجته المعروفة.
والفقهاء الذين يقولون بطهارة المني متناقضون في تلك الحالة، لأن الثابت المعروف أن المذي هو من مكونات المني. فقولهم بنجاسة المذي يلزمه القول بنجاسة المني، وإلا كان التناقض. والأدلة التي استفادوها لإثبات طهارة المني، تستعمل هنا للمذي كذلك. وهو أولى بالطهارة لمن ثبتت عنده طهارة المذي.
واحتجوا بأن سائر العلماء قد أجمعوا على نجاسة المذي، كما زعم النووي والشوكاني. وجوابنا هو قول الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: «من ادعى الإجماع فهو كاذب! لعل الناس اختلفوا. هذه دعوى بشر المريسي والأصم (إمامي المعتزلة). ولكن يقول لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغنا خلافهم». فما بالك لو علمت أن القائل بطهارة المذي هو الإمام أحمد بن حنبل نفسه؟ هل يقول مدعي الإجماع إن إمام أهل السنة في زمانه كافر أو ضال؟!
والقول عن الإمام أحمد بن حنبل في طهارة المذي، صححه ابن عقيل الحنبلي، واختاره أبو الخطاب في "خلافه"، وقدمه ابن رزين في "شرحه"، وجزم في "نهايته" و"نظمها". انظر على سبيل المثال "المغني"، و"المحرر في الفقه" (16)، و"الإنصاف" (1330)، وكثير من مراجع الحنابلة. لكن لما أعجزتهم الحجة بيان طهارة المذي قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (ص 104): «أما المذي، فيعفى عنه في أقوى الروايتين، لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه. فهو كالدم، بل أولى، للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه. وكذلك المني، إذا قلنا بنجاسته. وأما الودي، فلا يعفى عنه في المشهور عنه كالبول. وأما الدم، فيعفى عن يسيره رواية واحدة». فانظر كيف نقل الاختلاف في نجاسته وعلل ذلك.
قال ابن قدامة في المغني (1413): «وروي عن أحمد -رحمه الله- "أنه (أي المذي) بمنزلة المني" (أي كلاهما طاهر). قال -في رواية محمد بن الحكم- إنه سأل أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن المذي أشد أو المني؟ قال (الإمام): "هما سواء: ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط". وذكر ابن عقيل نحو هذا. وعلل بأن المذي جزء من المني، لأن سببهما جميعا الشهوة، ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني».
قال ابن حجر في الفتح: «وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: "إن المذي من أجزاء المني" رواية بطهارته. وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه». قلت: هذا تعقب ضعيف لأنه لم يقل أحد أن المذي كالمني، وإنما المذي جزء من أجزاء المني. فالقول بطهارة المني يقتضي القول بطهارة أجزائه ومنها المذي. أما إيجاب الغسل من المني فلا يفيد الغسل من المذي، لأنه مجرد جزء منه وليس كله. مع العلم أن ابن عقيل ليس أول من علل بهذا، بل سبقه أبو حفص البرمكي -وهو أقدم منه- إذ نقل عنه ابن القيم في بدائع الفوائد (4892): «يجزئ في المذي النضح لأنه ليس بنجس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "«ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء". فلما كان ماء الفحل طاهرا -وهو المني-، كان هذا مثله، لأنهما ينشآن من الشهوة».
فإن لم يعجبك قول هؤلاء العلماء فما تقول بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفقيه التابعين سعيد بن المسيب؟ فقد أخرج مالك في الموطأ في "باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي" (141): عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله، فقال: إني لأجد البلل وأنا أصلي، أفأنصرف؟ فقال له سعيد: «لو سال على فخذي، ما انصرفت حتى أقضي صلاتي». أي أن سعيد لا يرى المذي نجسا.
وروى عبد الرزاق في مصنفه (1160): #613 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن ابن المسيب (ثبت فقيه) قال: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي، فما أبالي ذلك». وقال سعيد، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر، ما أبالي ذلك». #614 عن الثوري (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد المسيب قال «لو سال على فخذي، ما انصرفت»، (قال يحيى) يعني المذي. #615 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن ابن عجلان (ثقة فقيه) قال سمعت عبد الرحمن الأعرج (ثبت فقيه) يقول: قال عمر -وهو على المنبر-: «إنه لينحدر شيء مثل الجمان أو مثل الخرزة، فما أباليه». أي أن سعيد بن المسيب قد اختار لنفسه مذهب عمر في طهارة المذي.
واحتجوا بأحاديث وردت بالباب:
أخرج البخاري (1105 #266): حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء، فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: «توضأ واغسل ذكرك».
وأخرج مسلم (1247 #303): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم، عن الأعمش، عن منذر بن يعلى -ويكنى أبا يعلى-، عن ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته. فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله، فقال: «يغسل ذكره ويتوضأ».
وحدثنا يحيى، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، أخبرني سليمان، قال: سمعت منذرا، عن محمد بن علي، عن علي رضي الله عنه أنه قال: استحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من أجل فاطمة، فأمرت المقداد فسأله فقال: «منه الوضوء».
وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا: حدثنا بن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عنا بن عباس قال: قال علي بن أبي طالب:رضي الله عنه أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضأ، وانضح فرجك».
فأصح الروايات هو أن «يغسل ذكره ويتوضأ». وقد جاء في إحدى روايات الحديث «يغسل أنثييه وذكره». قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1117): «رواه أبو عوانة في صحيحه من حديث عبيدة عن علي بالزيادة، وإسناده لا مطعن فيه». قلت: رواه إسحاق بن راهويه من هذا الطريق وليس فيه تلك الزيادة.
أخرج أبو داود (154) وابن الجارود (114) من طريق: (ثقة حافظ) قال ثني معاوية بن صالح (جيد) عن العلاء بن الحارث (فقيه جيد) عن حرام بن حكيم (جيد) عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل (وهو المني) وعن الماء (المذي) يكون بعد الماء (المني)، فقال: «وأما الماء بعد الماء: هو المذي. وكل فحل يمذي. فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك (أي خصيتيك)، وتوضأ وضوءك للصلاة». قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1117): «في إسناده ضعف، وقد حسنه الترمذي». قلت: لا أعلم فيه علة إلا جهالة حرام بن حكيم، وقد وثقه العجلي لكن لا عبرة به لإفراطه بتوثيق المجاهيل، ووثقه دحيم وغالبا توثيقه يفيد العدالة دون الضبط، وروى عنه جماعة.
قال المخالفون: الأصل في الأمر الوجوب، إلا بقرينة تصرفه عن الوجوب. قلنا: أما الأمر بغسله بالماء، فيحمل على الاستحباب. فكما أن المني قد شبهه ابن عباس بأنه كالبصاق والمخاط (أي في حكم إزالته)، فمن الأولى حمل ذلك على المذي كذلك قياسا على المني. قال إمام الأئمة ابن خزيمة في صحيحه (116): «باب ذكر الدليل على أن الأمر بغسل الفرج ونضحه من المذي أمر ندب وإرشاد، لا أمر فريضة وإيجاب».
ثم إن الحديث ليس صريحا حتى في غسل المذي. فهو لم يقل اغسل ما أصاب المذي من جسمك وثوبك. بل قال «واغسل ذكرك». وقد اختلف العلماء في فهم هذه الجملة. فمنهم من حملها على حرفيتها. ومنهم من قال أن كلمة ذكرك تشمل كل فرجه، أي ما تلوث بالمذي وما لم يتلوث.
قال المخالفون: لاشك أن سبب الأمر بغسل الذكر هو وجود المذي، وإلا ما الفائدة من الأمر بغسله؟ قلنا: قد أجاب علماء الأحناف عن هذا السؤال. إذ قال المحدث الطحاوي: «لم يكن الأمر بغسله، لوجوب غسله كله، بل ليتقلص فيبطل خروجه. كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد، يتفرق لبنه إلى داخل الضرع، فينقطع بخروجه». قلت: فيمتنع على هذا نجاسة المذي، لأن الأمر لا يكون لغسل ما أصاب المذي، وإنما الأمر لغسل كل الفرج لإطفاء الشهوة. وسبب إطفاء الشهوة ظاهر، وهو إيقاف المذي عن الخروج، حتى لا ينتقض الوضوء مرة أخرى. قال أبو المحاسن الحنفي في معتصر المختصر (114): «فالأمر بغسل الذكر، ليتقلص المذي وينقطع، كالأمر بنضح ضرع الثدي بالماء، لئلا يسيل اللبن. وليس بواجب. دل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترا من قوله "فيه الوضوء". فأخبر بالواجب. وفيه ما ينفي أن يكون فيه واجب سواء».
ثم إن القاعدة الأصولية تقول: «إن الجواب بعد السؤال لا يقتضي الوجوب». والمعنى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابه، ليس على الوجوب لأنه جاء بعد سؤال. ولا يدل على نجاسته أيضا، لأن سؤال المقداد، مثل سؤال من يسأل عن المخاط والبزاق وما هو مثله إذا وقع. وهنا أيضا مسألة المخاط وغيره: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحكها من المسجد وذكر أنه لا يغفر لمن فعلها حتى يزيلها، هل أمره ذلك لنجاستها؟!
ثم لما جاء المقداد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبره النبي صلى الله عليه وسلم بنجاسة المذي. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن عليا رضي الله عنه أرسل المقداد رضي الله عنه شاكيا يظن أن خروج المذي يوجب الغسل. فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه ما ذكر له. وفي نفس الحديث أمره أن يغسل ذكره ولم يأمره بغسل ثوبه. مع أن وقوع المذي على الثوب متحتم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن المذي مما تحتاجه الأمة فلو كان نجسا، لجاء لفظ النجاسة به صريحا.
لكن تصحيح القاعدة أن يقال: "إن ما كان جوابا لسؤال، لا يستلزم الوجوب". وفرق بين الاستلزام وبين الاقتضاء. فقولنا: لا يقتضي: معناه ليس من معانيه الوجوب، وقولنا: لا يستلزم معناه: لا يدل دائما على الوجوب. وهذا هو الصحيح، أن الجواب بحسب السؤال.
واحتجوا بحديث رواه أبو داود (154) من طريق: محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر منه الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إنما يجزيك من ذلك الوضوء». قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: «يكفيك بأن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه». وهذا حديث تفرد به ابن إسحاق، وفيه خلاف مشهور، والراجح أن لا يقبل منه ما تفرد به من أحكام.
إجمالا فإن أدلة طهارة المني كلها تنطبق على المذي. فلا يكون للقائلين بنجاسة المذي إلا حديث علي وهو غير واضح الدلالة. ومن المعلوم أنه إذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال، ورجعنا للأصل وهو طهارة الأعيان. فالذي تطمئن له النفس هو طهارة المذي. والمذي مما يصعب التنزه عنه أكثر من البول. وليس له جرم أو أثر ظاهر حتى يغسل أو يزال. ولم يعلق به بطلان صوم ولا حد ولا كفارة. وهو مقدمة لنزول المني وهو طاهر أيضا. بل إن الثابت طبيا أنه جزء من المني. والغدد التي تفرز المذي، تشترك في إفراز المني. والفرق أن المني فيه مكونات أكثر (كالنطاف مثلا!). لذا يطمئن القلب لطهارته.
والله أعلم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في حكم المذي ثابت، ومدعي الإجماع على نجاسته إما أن يكون مقصوده الاتفاق الواقع من الجمهور على نجاسته وهذا لا خلاف فيه، وإما أن تكون له حجة أخرى على دعواه، المهم أن نلتمس له أحسن المخارج ولا نشنع عليه.
أما ترجيح طهارته فلا نسلم به، ويكفي في الاستدلال على نجاسته الحديث الذي ذكره السائل وهو حديث حسنه الترمذي والشيخ الألباني، ومن المعروف أن الحديث الحسن يصلح للاحتجاج وهو نص في نضح ما أصابه المذي، وهذا يكفي المنصف ولا داعي للتكلف.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
 
إنضم
9 يناير 2012
المشاركات
2
التخصص
اقتصاد
المدينة
الرباط
المذهب الفقهي
مالكي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

شكر الله لك مجهودك
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

استشكال جيد، ويبقى حل الاستشكال؛ أولا ما صحة هذا الأثر؟
ما أحسَنَ إسنادَه. لولا اختلافهم في سماع سعيد بن المسيب من عمر رضي الله عنه، ولعل الراجح سماعه منه؛ فقد كان علي بن المديني يصحح سماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب.
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

من قال بطهارة المني فيلزمه القول بطهارة المذي, لأن المذي من أجزاء المني
و ألا يدل قول عمر رضي الله عنه: : " إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي فما أبالي ذلك " على طهارة المذي؟!

هذا موقوف على سعيد بن المسيب , وأما المرفوع إلى عمر فلفظه : إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر ما أبالي ذلك .
وهذا الأثر مشكل من وجهين :
الأول : أن القائلين بطهارة المذي مجمعون على أن خروجه ناقض للوضوء , وظاهر الأثرين أن خروجه ليس بناقض.
الثاني : أنه جاء عن عمر ما يعارضه , فقد روى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب :قال إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره وليتوضأ وضوءه للصلاة يعني المذي .
وإسناده صحيح .

 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

هذا موقوف على سعيد بن المسيب , وأما المرفوع إلى عمر فلفظه : إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر ما أبالي ذلك .
وهذا الأثر مشكل من وجهين :
الأول : أن القائلين بطهارة المذي مجمعون على أن خروجه ناقض للوضوء , وظاهر الأثرين أن خروجه ليس بناقض.
الثاني : أنه جاء عن عمر ما يعارضه , فقد روى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب :قال إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره وليتوضأ وضوءه للصلاة يعني المذي .
وإسناده صحيح .

شكر الله لك.
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

سيدي الكريم نرجو منك توضيح وترجيح القول ادا كان ابن المسيب وامير المؤمنين يقولان ماابال ولو سال على فخد ي فهدا معناه لا ينقظ الوضوء مع دلك انه الاجماع انهما ناقظان للوضوء
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

سيدي الكريم نرجو منك توضيح وترجيح القول ادا كان ابن المسيب وامير المؤمنين يقولان ماابال ولو سال على فخد ي فهدا معناه لا ينقض الوضوء مع دلك انه الاجماع انهما ناقضان للوضوء[ وكما تعلمون ان المصلي ادا تاكد بفساء او شيءا من هدا القبيل فوضوء ه ناقض والله اعلم
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

بارك الله فيكم
لي مداخلة صغيرة في السؤال المطروح أخيراً من الأخ عبد الحفيظ ، لا تتعجب من قول الفاروق وابن المسيب رضي الله عنهما ، ولا يناقض قولهما إجماع العلماء بنقضهما للوضوء ، لأن قولهما رضي الله عنهما يندرج تحت حكم صاحب السلس ، أو المستحاضة ، فإنهما يتوضآن لكل صلاة ، ولو سال بعد ذلك فلا أثر له إلا بدخول وقت صلاة جديد . والله أعلى وأعلم
 

أحمد ممدوح سعد

:: متابع ::
إنضم
2 سبتمبر 2013
المشاركات
22
التخصص
أصول الفقه
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

الكلوذاني عقد مبحثا كبيرا في الانتصار يقوي فيه طهارة المذي، وهذا على خلاف المستقر في معتمدات المذاهب المشهورة وحكي إجماعا.
 

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
I don't believe that majority is authority. Truth can be in minority. Our religion Islam is based on truth. Many sunni scholars agreed that madhi is impure according to the following Hadith but you have said that there is disagreement on the following hadith. I am asking that missing of transmitters is the reason to doubt the authenticity of the following Hadith? Narrated Sahl ibn Hunayf: I felt greatl y distressed by the frequent flowing of pre-ejaculatory fluid. For this reason I used to take a bath very often. I asked the Messenger of Allah about this. He replied: Ablution will be sufficient for you because of this. I asked: Messenger of Allah, what should I do if it smears my clothes. He replied: It is sufficient if you take a handful of water and sprinkle it on your dt.

I don't believe that majority is authority. Truth can be in minority. Our religion Islam is based on truth. Many sunni scholars agreed that madhi is impure according to the following Hadith but You have said that there is disagreement on the following hadith. I am asking that missing of transmitters is the reason to doubt the authenticity of the following Hadith?
Hadith:
Narrated Sahl ibn Hunayf: I felt greatly distressed by the frequent flowing of pre-ejaculatory fluid. For this reason I used to take a bath very often. I asked the Messenger of Allah about this. He replied: Ablution will be sufficient for you because of this. I asked: Messenger of Allah, what should I do if it smears my clothes. He replied: It is sufficient if you take a handful of water and sprinkle it on your clothes when you find it has smeared it.
حياكم الله
المرجو التزام الكتابة باللغة العربية، وجزاكم الله خيراً
 

وسیم احمد

:: متابع ::
إنضم
14 فبراير 2021
المشاركات
3
الجنس
ذكر
الدولة
Pakistan
المدينة
Lahore
لا أعتقد أن الأغلبية هي السلطة. الحقيقة يمكن أن تكون أقلية. ديننا الإسلام يقوم على الحقيقة. وقد اتفق غالبية علماء السنة وليس جميعهم على نجاسة المذي في الحديث التالي. قلتم أن هناك خلافًا على الحديث التالي. أسأل أن عدم وجود المرسلات هو سبب الشك في صحة الحديث التالي؟ الحديث: روى سهل بن حنيف: شعرت بضيق شديد من كثرة تدفق السائل قبل القذف. لهذا السبب كنت أستحم كثيرًا. سألت رسول الله صلی ‌اللہ ‌علیہ ‌وسلم عن هذا. فأجاب: يكفيك الوضوء لهذا. قلت: يا رسول الله فماذا أفعل إذا تلطخ ثيابي؟ فأجاب: يكفي أن تأخذ حفنة من الماء ورشتها على ثيابك إذا وجدتها ملطخة
رد: اتجاهات الفقهاء في مسألة طهارة المني والمذي ثلاثة:

في فتاوى الشبكة الإسلامية رقم الفتوى 49152 الخلاف في حكم المذي ثابت، والراجح نجاسته
تاريخ الفتوى : 07 ربيع الثاني 1425
السؤال
ما قولكم في هذا الموضوع وما هي مدى صحته؟
والثابت علميا أن المذي هو من إفرازات الجهاز التناسلي وليس البولي. وبالتالي فإن الأولى القول بطهارته قياسا على المني. أما عند المرأة فإن الأمر واضح لأنه يخرج من الفرج وليس من مخرج البول. وأما عند الرجل فالغدد التي تفرز المذي موجودة في القضيب في المجرى البولي التناسلي المشترك. لكن الذي يحدث عند الانتصاب هو أن غدة البروتستات تمنع البول تماما من الدخول إلى هذا المجرى. ويبدأ عمل هذه الغدد في تلك اللحظة بإفراز المذي، وهو سائل شفاف شديد اللزوجة. وتفيد قلويته الخفيفة في التخلص من أي بقايا لحامض البول في المجرى، حيث أن الحامض يقتل النطف المنوية بسرعة. لكن هذا ليس له أهمية حقيقية لأن هذه البقايا البولية قليلة جدا، في مقابل السائل المنوي الذي يخرج بكمية كبيرة وبسرعة عالية. على أن المذي له فائدتان مهمتان عند الرجل والمرأة:
1- ترطيب الأعضاء الجنسية لتسهيل الجماع.
2- تساعد -عندما يختلط بالمني- على التصاق النطف بالرحم. حيث أن المذي هو الذي يكسب المني لزوجته المعروفة.
فالمني هو خليط من عدة مواد، منها المذي نفسه. ونحن لا نتكلم عن استحالة من مادة لأخرى، لكن عن خلط بين مادتين أو عدة مواد. فإن كانت إحداهما نجسة كان الخليط نجسا. والمني يدخل في تركيبه المذي الذي يعطيه لزوجته، ويدخل في تركيبه عدة إفرازات أخرى إضافة للنطاف (المتولد من الخصيتين). والمذي هو الذي يعطي المني لزوجته المعروفة.
والفقهاء الذين يقولون بطهارة المني متناقضون في تلك الحالة، لأن الثابت المعروف أن المذي هو من مكونات المني. فقولهم بنجاسة المذي يلزمه القول بنجاسة المني، وإلا كان التناقض. والأدلة التي استفادوها لإثبات طهارة المني، تستعمل هنا للمذي كذلك. وهو أولى بالطهارة لمن ثبتت عنده طهارة المذي.
واحتجوا بأن سائر العلماء قد أجمعوا على نجاسة المذي، كما زعم النووي والشوكاني. وجوابنا هو قول الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: «من ادعى الإجماع فهو كاذب! لعل الناس اختلفوا. هذه دعوى بشر المريسي والأصم (إمامي المعتزلة). ولكن يقول لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغنا خلافهم». فما بالك لو علمت أن القائل بطهارة المذي هو الإمام أحمد بن حنبل نفسه؟ هل يقول مدعي الإجماع إن إمام أهل السنة في زمانه كافر أو ضال؟!
والقول عن الإمام أحمد بن حنبل في طهارة المذي، صححه ابن عقيل الحنبلي، واختاره أبو الخطاب في "خلافه"، وقدمه ابن رزين في "شرحه"، وجزم في "نهايته" و"نظمها". انظر على سبيل المثال "المغني"، و"المحرر في الفقه" (16)، و"الإنصاف" (1330)، وكثير من مراجع الحنابلة. لكن لما أعجزتهم الحجة بيان طهارة المذي قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (ص 104): «أما المذي، فيعفى عنه في أقوى الروايتين، لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه. فهو كالدم، بل أولى، للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه. وكذلك المني، إذا قلنا بنجاسته. وأما الودي، فلا يعفى عنه في المشهور عنه كالبول. وأما الدم، فيعفى عن يسيره رواية واحدة». فانظر كيف نقل الاختلاف في نجاسته وعلل ذلك.
قال ابن قدامة في المغني (1413): «وروي عن أحمد -رحمه الله- "أنه (أي المذي) بمنزلة المني" (أي كلاهما طاهر). قال -في رواية محمد بن الحكم- إنه سأل أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن المذي أشد أو المني؟ قال (الإمام): "هما سواء: ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط". وذكر ابن عقيل نحو هذا. وعلل بأن المذي جزء من المني، لأن سببهما جميعا الشهوة، ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني».
قال ابن حجر في الفتح: «وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: "إن المذي من أجزاء المني" رواية بطهارته. وتعقب بأنه لو كان منيا لوجب الغسل منه». قلت: هذا تعقب ضعيف لأنه لم يقل أحد أن المذي كالمني، وإنما المذي جزء من أجزاء المني. فالقول بطهارة المني يقتضي القول بطهارة أجزائه ومنها المذي. أما إيجاب الغسل من المني فلا يفيد الغسل من المذي، لأنه مجرد جزء منه وليس كله. مع العلم أن ابن عقيل ليس أول من علل بهذا، بل سبقه أبو حفص البرمكي -وهو أقدم منه- إذ نقل عنه ابن القيم في بدائع الفوائد (4892): «يجزئ في المذي النضح لأنه ليس بنجس، لقوله صلى الله عليه وسلم: "«ذاك ماء الفحل، ولكل فحل ماء". فلما كان ماء الفحل طاهرا -وهو المني-، كان هذا مثله، لأنهما ينشآن من الشهوة».
فإن لم يعجبك قول هؤلاء العلماء فما تقول بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفقيه التابعين سعيد بن المسيب؟ فقد أخرج مالك في الموطأ في "باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي" (141): عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله، فقال: إني لأجد البلل وأنا أصلي، أفأنصرف؟ فقال له سعيد: «لو سال على فخذي، ما انصرفت حتى أقضي صلاتي». أي أن سعيد لا يرى المذي نجسا.
وروى عبد الرزاق في مصنفه (1160): #613 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن ابن المسيب (ثبت فقيه) قال: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي، فما أبالي ذلك». وقال سعيد، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر، ما أبالي ذلك». #614 عن الثوري (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد المسيب قال «لو سال على فخذي، ما انصرفت»، (قال يحيى) يعني المذي. #615 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن ابن عجلان (ثقة فقيه) قال سمعت عبد الرحمن الأعرج (ثبت فقيه) يقول: قال عمر -وهو على المنبر-: «إنه لينحدر شيء مثل الجمان أو مثل الخرزة، فما أباليه». أي أن سعيد بن المسيب قد اختار لنفسه مذهب عمر في طهارة المذي.
واحتجوا بأحاديث وردت بالباب:
أخرج البخاري (1105 #266): حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء، فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فسأل فقال: «توضأ واغسل ذكرك».
وأخرج مسلم (1247 #303): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم، عن الأعمش، عن منذر بن يعلى -ويكنى أبا يعلى-، عن ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته. فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله، فقال: «يغسل ذكره ويتوضأ».
وحدثنا يحيى، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، أخبرني سليمان، قال: سمعت منذرا، عن محمد بن علي، عن علي رضي الله عنه أنه قال: استحييت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من أجل فاطمة، فأمرت المقداد فسأله فقال: «منه الوضوء».
وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا: حدثنا بن وهب، أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عنا بن عباس قال: قال علي بن أبي طالب:رضي الله عنه أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «توضأ، وانضح فرجك».
فأصح الروايات هو أن «يغسل ذكره ويتوضأ». وقد جاء في إحدى روايات الحديث «يغسل أنثييه وذكره». قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1117): «رواه أبو عوانة في صحيحه من حديث عبيدة عن علي بالزيادة، وإسناده لا مطعن فيه». قلت: رواه إسحاق بن راهويه من هذا الطريق وليس فيه تلك الزيادة.
أخرج أبو داود (154) وابن الجارود (114) من طريق: (ثقة حافظ) قال ثني معاوية بن صالح (جيد) عن العلاء بن الحارث (فقيه جيد) عن حرام بن حكيم (جيد) عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل (وهو المني) وعن الماء (المذي) يكون بعد الماء (المني)، فقال: «وأما الماء بعد الماء: هو المذي. وكل فحل يمذي. فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك (أي خصيتيك)، وتوضأ وضوءك للصلاة». قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1117): «في إسناده ضعف، وقد حسنه الترمذي». قلت: لا أعلم فيه علة إلا جهالة حرام بن حكيم، وقد وثقه العجلي لكن لا عبرة به لإفراطه بتوثيق المجاهيل، ووثقه دحيم وغالبا توثيقه يفيد العدالة دون الضبط، وروى عنه جماعة.
قال المخالفون: الأصل في الأمر الوجوب، إلا بقرينة تصرفه عن الوجوب. قلنا: أما الأمر بغسله بالماء، فيحمل على الاستحباب. فكما أن المني قد شبهه ابن عباس بأنه كالبصاق والمخاط (أي في حكم إزالته)، فمن الأولى حمل ذلك على المذي كذلك قياسا على المني. قال إمام الأئمة ابن خزيمة في صحيحه (116): «باب ذكر الدليل على أن الأمر بغسل الفرج ونضحه من المذي أمر ندب وإرشاد، لا أمر فريضة وإيجاب».
ثم إن الحديث ليس صريحا حتى في غسل المذي. فهو لم يقل اغسل ما أصاب المذي من جسمك وثوبك. بل قال «واغسل ذكرك». وقد اختلف العلماء في فهم هذه الجملة. فمنهم من حملها على حرفيتها. ومنهم من قال أن كلمة ذكرك تشمل كل فرجه، أي ما تلوث بالمذي وما لم يتلوث.
قال المخالفون: لاشك أن سبب الأمر بغسل الذكر هو وجود المذي، وإلا ما الفائدة من الأمر بغسله؟ قلنا: قد أجاب علماء الأحناف عن هذا السؤال. إذ قال المحدث الطحاوي: «لم يكن الأمر بغسله، لوجوب غسله كله، بل ليتقلص فيبطل خروجه. كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد، يتفرق لبنه إلى داخل الضرع، فينقطع بخروجه». قلت: فيمتنع على هذا نجاسة المذي، لأن الأمر لا يكون لغسل ما أصاب المذي، وإنما الأمر لغسل كل الفرج لإطفاء الشهوة. وسبب إطفاء الشهوة ظاهر، وهو إيقاف المذي عن الخروج، حتى لا ينتقض الوضوء مرة أخرى. قال أبو المحاسن الحنفي في معتصر المختصر (114): «فالأمر بغسل الذكر، ليتقلص المذي وينقطع، كالأمر بنضح ضرع الثدي بالماء، لئلا يسيل اللبن. وليس بواجب. دل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم متواترا من قوله "فيه الوضوء". فأخبر بالواجب. وفيه ما ينفي أن يكون فيه واجب سواء».
ثم إن القاعدة الأصولية تقول: «إن الجواب بعد السؤال لا يقتضي الوجوب». والمعنى أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل ما أصابه، ليس على الوجوب لأنه جاء بعد سؤال. ولا يدل على نجاسته أيضا، لأن سؤال المقداد، مثل سؤال من يسأل عن المخاط والبزاق وما هو مثله إذا وقع. وهنا أيضا مسألة المخاط وغيره: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحكها من المسجد وذكر أنه لا يغفر لمن فعلها حتى يزيلها، هل أمره ذلك لنجاستها؟!
ثم لما جاء المقداد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبره النبي صلى الله عليه وسلم بنجاسة المذي. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن عليا رضي الله عنه أرسل المقداد رضي الله عنه شاكيا يظن أن خروج المذي يوجب الغسل. فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه ما ذكر له. وفي نفس الحديث أمره أن يغسل ذكره ولم يأمره بغسل ثوبه. مع أن وقوع المذي على الثوب متحتم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ثم إن المذي مما تحتاجه الأمة فلو كان نجسا، لجاء لفظ النجاسة به صريحا.
لكن تصحيح القاعدة أن يقال: "إن ما كان جوابا لسؤال، لا يستلزم الوجوب". وفرق بين الاستلزام وبين الاقتضاء. فقولنا: لا يقتضي: معناه ليس من معانيه الوجوب، وقولنا: لا يستلزم معناه: لا يدل دائما على الوجوب. وهذا هو الصحيح، أن الجواب بحسب السؤال.
واحتجوا بحديث رواه أبو داود (154) من طريق: محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر منه الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إنما يجزيك من ذلك الوضوء». قلت: يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: «يكفيك بأن تأخذ كفا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه». وهذا حديث تفرد به ابن إسحاق، وفيه خلاف مشهور، والراجح أن لا يقبل منه ما تفرد به من أحكام.
إجمالا فإن أدلة طهارة المني كلها تنطبق على المذي. فلا يكون للقائلين بنجاسة المذي إلا حديث علي وهو غير واضح الدلالة. ومن المعلوم أنه إذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال، ورجعنا للأصل وهو طهارة الأعيان. فالذي تطمئن له النفس هو طهارة المذي. والمذي مما يصعب التنزه عنه أكثر من البول. وليس له جرم أو أثر ظاهر حتى يغسل أو يزال. ولم يعلق به بطلان صوم ولا حد ولا كفارة. وهو مقدمة لنزول المني وهو طاهر أيضا. بل إن الثابت طبيا أنه جزء من المني. والغدد التي تفرز المذي، تشترك في إفراز المني. والفرق أن المني فيه مكونات أكثر (كالنطاف مثلا!). لذا يطمئن القلب لطهارته.
والله أعلم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخلاف في حكم المذي ثابت، ومدعي الإجماع على نجاسته إما أن يكون مقصوده الاتفاق الواقع من الجمهور على نجاسته وهذا لا خلاف فيه، وإما أن تكون له حجة أخرى على دعواه، المهم أن نلتمس له أحسن المخارج ولا نشنع عليه.
أما ترجيح طهارته فلا نسلم به، ويكفي في الاستدلال على نجاسته الحديث الذي ذكره السائل وهو حديث حسنه الترمذي والشيخ الألباني، ومن المعروف أن الحديث الحسن يصلح للاحتجاج وهو نص في نضح ما أصابه المذي، وهذا يكفي المنصف ولا داعي للتكلف.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
 
أعلى