العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
#للوصول إلى الفهرس اضغط#
هنا
# للوصول إلى الدروس على هيئة بي دي إف اضغط #
هنا
تم الانتهاء من شرح الكتاب كاملا بتاريخ 26-9-2011


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد....

فقد بدأت أكتب شرحا ميسرا على متن الورقات في علم أصول الفقه فرأيت أن أنشر ما كتبته كي يكون باعثا لي على الاستمرار في الكتابة ولأستفيد من التعليق عليه من قبل الإخوة وعسى أن يستفيد منها أحد فأقول وبالله أستعين.



بسم الله الرحمن الرحيم
" مقدمة "

أصول الفقه: قواعد يستخرِج بها الفقيه الحكم الشرعي في المسألة.

وفائدته: الوصول إلى الحكم الشرعي وذلك من خلال تطبيق تلك القواعد على النصوص الشرعية.
بمعنى أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية هما مصدرا التشريع ومنهما يعرف الحلال والحرام، ولكن ليس كل فرد من أمة الإسلام قادرا على استخراج الحكم الشرعي ومعرفة ما يريده الله منه بنفسه، فلا يتوقع من كل شخص كلما عرضت له مسألة يريد حكم الله فيها يفتح القرآن أو صحيح البخاري مثلا ويعرف الحكم بنفسه، ولذا كان هنالك أناس مخصوصون ينعتون بالفقهاء فهم القادرون على النظر في النصوص ومعرفة حكم الله ثم تبيينه للناس ليعملوا به.
والسؤال المهم هو كيف يستخرج الفقيه الحكم الشرعي من النصوص الشرعية؟
والجواب: من خلال مجموعة من القواعد العامة تسمى بأصول الفقه.
مثال: هنالك قاعدة أصولية تقول: ( الأمر يدل على الوجوب).
فإذا قال السيد لعبده افعل كذا فهنا قد أمره بفعل شيء فيجب عليه الامتثال فإذا لم يمتثل عرّض نفسه للعقاب.
فيأخذ الفقيه هذه القاعدة ويطبقها على النصوص الشرعية مثل قوله تعالى ( فإن لم تجدوا ماء فتيمموا ) فيقول الفقيه :
فتيمموا أمر.... والأمر يدل على الوجوب... إذاً فتيمموا يدل على الوجوب فيكون التيمم واجبا على من لم يجد الماء.
فوجوب التيمم هو الحكم الشرعي وقد استخرجه الفقيه من الآية القرآنية السابقة بواسطة تلك القاعدة الأصولية.
مثال: هنالك قاعدة أصولية تقول: ( النهي يدل على التحريم ).
فإذا قال السيد لعبده لا تفعل كذا فهنا قد نهاه عن فعل شيء ما أي يكون السيد قد حرّم عليه فعل ذلك فإذا فعل فقد عرّض نفسه للعقاب.
فيأخذ الفقيه هذه القاعدة ويطبقها على النصوص الشرعية مثل قوله صلى الله عليه وسلم:
( لا تأتوا النساءَ في أدبارِهن) رواه أحمد وغيره وهو صحيح.
فيقول الفقيه :
لا تأتوا النساء في أدبارهن نهي.... والنهي يدل على التحريم... إذاً لا تأتوا النساء في أدبارهن يدل على التحريم فيكون الوطء في الدبر حراما.
فحرمة الوطء في الدبر هو الحكم الشرعي وقد استخرجه الفقيه من الحديث السابق بواسطة تلك القاعدة الأصولية.

" التعريف الإضافي واللقبي "

قد مضى معنا في المقدمة بيان تعريف أصول الفقه وبيان فائدته ونريد هنا أن نعرِّف أصول الفقه بطريقة أخرى وهي تعريفه من جهتين:
الجهة الأولى: من حيث مفرداته أي قبل أن يصير اسما لهذا العلم المخصوص.
الجهة الثانية من حيث كونه اسما لهذا العلم.
أي أن ( أصول الفقه ) في الأصل لفظ مركب من كلمتين هما ( أصول ) و ( الفقه ) ثم أخذ هذا اللفظ المركب وجُعِلَ اسما لهذا العلم الذي ندرسه.
فتارة ننظر إلى هذا اللفظ من جهة مفرداته، وتارة ننظر إليه كاسم لهذا العلم.
وذلك نظير لفظ صلاح الدين فلو فرضنا أن شخصا قد سمي بهذا الاسم فتارة ننظر إلى هذا اللفظ على أنه اسم لشخص معين سواء أكان صالحا أو فاسقا.
و تارة ننظر إليه من جهة مفرداته وهي صلاح والدين أي قبل أن يصير اسما لذلك الشخص فنعرِّف كل لفظة على حدة.
فإذا علم هذا فالتعريف الأول لأصول الفقه أعني تعريف المفردات يسمى بالتعريف الإضافي، والتعريف الثاني يسمى بالتعريف اللقبي.
أولا: التعريف الإضافي: هنا عندنا كلمتان هما أصول والفقه، فالأصول جمع أصل ومعناه في اللغة هو ما يبنى عليه غيره، أي شي يبنى عليه شيء آخر سواء أكان ذلك الابتناء حسيا أو عقليا.
مثال: جذر الشجرة المستتر في الأرض هذا أصل لأنه ينبني عليه ساق الشجرة.
مثال آخر: أساس البيت وهو الذي يحفر نازلا في الأرض ويجعل فوقه البنيان يسمى أصلا لأن البنيان والجدران مبنية عليه.
فجذر الشجرة وأساس البيت كلاهما أصل حسي أي أمر محسوس مشاهد بالعين فأنت ترى بعينك أن ساق الشجرة لم يكن ليثبت على الأرض لولا الجذر المستتر في الأرض وكذا أساس البنيان ولهذا يسمى هذا الابتناء بالحسي.
مثال: الدليل أصل لأن الحكم مبني عليه وهذا الابتناء عقلي أي يعرف بالعقل ولا يحس.
مثلا قوله تعالى ( أقيموا الصلاة ) هذا دليلٌ، ووجوب الصلاة المستفاد من الآية هو الحكم فيكون أقيموا الصلاة أصلا لوجوب الصلاة.
ولا شك أن هذا الابتناء غير محسوس ومشاهد كما في مثال الشجرة والبيت بل يعرف بالعقل.
ثم الشيء الذي بني عليه غيره يسمى أصلا وذلك الغير المبني عليه يسمى فرعا.
فالفرع هو ما بني على غيره سواء أكان الابتناء حسيا أو عقليا.
فجذر الشجرة..... أصل، وساق الشجرة..... فرع.
وأساس البيت..... أصل، والبنيان ........... فرع.
والدليل........... أصل، والحكم............ فرع.
أما الأصل في اصطلاح العلماء فيراد به:
1- الدليل فيقولون الأصل في وجوب الصلاة هو قوله تعالى وأقيموا الصلاة أي الدليل على وجوب الصلاة.
2- القاعدة مثل قولهم الأصل أن كل فاعل مرفوع فهذه القاعدة أصل وفروعها تطبيقاتها مثل قام زيد وذهب عمرو ونحو ذلك.
فهذا ما يتعلق بتعريف الجزء الأول وهو الأصل، ولنبدأ بتعريف الجزء الثاني وهو الفقه فنقول:
الفقه في اللغة هو: الفهم يقال: فَقِهَ زيدٌ المسألةَ أي فَهِمَها.
وفي الاصطلاح هو: معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد.
ولنسلط الضوء على ألفاظ التعريف:
قولنا ( معرفة ) المعرفة الفهم والتعقل والإدراك.
قولنا ( الأحكام الشرعية) الأحكام جمع حكم ومعناه إثبات أمر لأمر أو نفي أمر عن أمر.
تقول زيد قائم فهذا حكم لأنك أثبت القيام لزيد.
وتقول زيد ليس بقائم فهذا حكم أيضا لأنك نفيت القيام عن زيد.
والأحكام قد تكون متلقاة من العقل مثل الواحد نصف الاثنين وتسمى بالأحكام العقلية.
وقد تكون متلقاة من الحس مثل النار حارقة وتسمى بالأحكام الحسية.
وقد تكون متلقاة من الشرع أي من القرآن والسنة مثل الصلاة واجبة والربا محرم.
فاحترزنا بكلمة الشرعية عن الأحكام العقلية والحسية لأن الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية لا العقلية ولا الحسية.
وقولنا ( التي طريقها الاجتهاد ) أي التي طريق معرفتها هو الاجتهاد.
والاجتهاد هو: بذل الفقيه كل وسعه للوصول إلى الحكم الشرعي.
فلا بد أن يبذل الفقيه طاقته وجهده بالفكر والتأمل والبحث كي يصل إلى حالة يعتقد فيها أن هذا هو حكم الله.
وعبارة ( التي طريقها الاجتهاد ) وصف للأحكام الشرعية نحترز به عن الأحكام الشرعية التي تعرف بغير اجتهاد.
مثال: الصلاة والصيام واجبان، والزنا والسرقة محرمان، هذه أحكام شرعية ولكن تعرف بغير اجتهاد لأنها مما يعرفه عامة الناس بسبب اشتهار تلك المسائل فلا تخفى على أحد لأنها مسائل قطعية وقع عليها الإجماع فلهذا لا تدخل هذه في تعريف الفقه.
أما المسائل الظنية التي حصل فيها خلاف بين الفقهاء وتحتاج إلى اجتهاد لكي تعرف فهي التي تدخل في تعريف الفقه.
مثل النية في الوضوء واجبة، وصلاة الوتر مستحبة، والنية في الليل شرط لصحة صوم رمضان ونحو ذلك من المسائل الخلافية التي يحتاج في معرفتها إلى جهد ونظر.
تنبيه: التعريف السابق للفقه هو اصطلاح بعض العلماء وبعضهم عرف الفقه بأنه: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين، واحترز بالمتعلقة بأفعال المكلفين عن المتعلقة باعتقادات المكلفين كالإيمان بالله واليوم الآخر فهذه تبحث في علم العقائد، وعلى هذا التعريف تدخل الأحكام القطعية كمعرفة وجوب الصلاة والأحكام الاجتهادية كمعرفة استحباب صلاة الوتر.
بقي أن يقال إنكم قلتم إن الأصل في اصطلاح العلماء يطلق على الدليل وعلى القاعدة فما هو المقصود من كلمة أصول في قولهم ( أصول الفقه) ؟
الجواب: يراد به هنا الدليل فمعنى أصول الفقه هو أدلة الفقه.
فهذا ما يتعلق بالتعريف الإضافي ولنبدأ بالتعريف اللقبي للأصول فنقول:
أصول الفقه: أدلة الفقه الإجمالية، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد.
فأدلة الفقه الإجمالية هي القواعد العامة التي يستنبط من خلالها الحكم الشرعي كالأمر يدل على الوجوب والنهي يدل على التحريم.
واحترزنا بقيد الإجمالية عن الأدلة التفصيلية مثل قوله تعالى أقيموا الصلاة فهذا دليل تفصيلي لأنه متعلق بمسألة معينة وهي فعل الصلاة.
فالأمر يدل على الوجوب قاعدة عامة تشمل كل أمر مثل الطهارة والصلاة والزكاة وغيرها.
فالدليل التفصيلي هو المتعلق بمسألة معينة... أقيموا الصلاة.
والدليل الإجمالي هو غير المتعلق بمسألة معينة... الأمر يدل على الوجوب، فإنه لا يتعلق بأمر معين.
والدليل التفصيلي يبحث عنه في الفقه لكي نعرف دليل المسألة.
أما الدليل الإجمالي فهو يبحث عنه في الأصول.
فوظيفة الأصولي هي توفير القواعد العامة ( الأدلة الإجمالية )
ووظيفة الفقيه هو أخذ تلك القواعد العامة التي وفرها له الأصولي وتطبيقها على النصوص الشرعية (الأدلة التفصيلية) لاستخراج الحكم الشرعي.
فالأصولي يصنع آلة الاستخراج، والفقيه يعمل بتلك الآلة.
وقولنا ( وكيفية الاستفادة منها ) أي كيفية الاستفادة من الأدلة عند تعارضها.
وهذا كلام يحتاج إلى توضيح فنقول:
إن الأدلة التفصيلية يحصل التعارض بينها بالنظر للظاهر فقط وهي في الحقيقة لا تعارض بينها بل بعضها يفسر البعض الآخر فيحتاج الأصولي إلى أن يذكر القواعد المتعلقة بكيفية رفع التعارض بين النصوص وهذا معنى قولنا في تعريف علم الأصول ( وكيفية الاستفادة منها ) أي كيفية استفادة الأحكام من الأدلة التفصيلية عند تعارضها بذكر القواعد الرافعة للتعارض.
مثال: قال الله تعالى ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ومعنى الآية إن المرأة إذا طلقها زوجها عليها أن تلزم العدة مدة 3 قروء أي 3 أطهار.
وقوله تعالى ( والمطلقات ) لفظ عام يشمل كل مطلقة سواء أدخل بها أم لم يدخل بها.
فعلى ظاهر هذه الآية من طلق امرأته قبل أن يدخل بها ويجامعها فعليها أن تلزم العدة 3 قروء بسبب عموم لفظ المطلقات.
ولكن جاءت آية أخرى تقول ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ).
ومعنى الآية إن الرجل إذا طلق زوجته قبل أن يمسها ويدخل بها فليس عليها عدة.
فحصل تعارض بين الآيتين في الظاهر إذْ الآية الأولى عامة تقول كل مطلقة عليها عدة.
والآية الثانية تقول إن المطلقة التي لم يدخل بها ليس عليها عدة.
فكيف يُرفع هذا التعارض؟
الجواب: من خلال قاعدة أصولية تقول ( الخاص يقدم على العام ) أي إذا جاء نص عام ونص خاص فإن النص الخاص يفسر النص العام ويخصصه.
فالآية الأولى ( والمطلقات يتربصن... ) عامة في كل مطلقة.
والآية الثانية (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم ... ) تتحدث عن المطلقة غير المدخول بها فهي خاصة بها أي لا تشمل كل مطلقة.
فنقول بما أن الخاص مقدم على العام فيكون الحكم هو:
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء إلا التي لم يدخل بها فليس عليها عدة.
وبذلك يزول الإشكال ويندفع التعارض وتتناسق النصوص.
فالفقيه رفع التعارض بين الآيتين من خلال قاعدة وفرها له الأصولي.
والخلاصة هي أن علم الأصول كما يتحدث عن القواعد العامة التي نستخرج بها الحكم الشرعي مثل الأمر يدل على الوجوب فهو يتحدث أيضا عن القواعد العامة التي ترفع التعارض بين النصوص مثل الخاص يقدم على العام.
ومعنى قولنا ( وحال المستفيد ) أي صفة المستفيد وهو المجتهد فيذكر في علم الأصول الصفات والشروط التي يجب توفرها في الفقيه الذي يستخرج الأحكام الشرعية من النصوص بنفسه.
وسمي المجتهد بالمستفيد لأنه هو الذي يستفيد الأحكام من النصوص أي يستخرجها منه.
فتلخص أن مباحث علم الأصول تنقسم إلى ثلاثة أجزاء هي:
أولا: الأدلة الإجمالية وهي القواعد العامة التي يستخرج بها الفقيه الحكم.
ثانيا: كيفية الاستفادة من الأدلة وذلك بمعرفة القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
ثالثا: صفات من يستخدم تلك القواعد ليستفيد بها الحكم الشرعي.
فلا يكتفي علم الأصول بإيضاح القواعد بل يوضح معها من يحق له استخدامها على النصوص لاستخراج الأحكام الشرعية، فلا يتوهم أن كل من اطلع على قواعد الأصول صار قادرا على معرفة الأحكام بنفسه حاله كحال الفقيه المجتهد بل يحق له ذلك متى توفرت فيه الصفات اللازمة لذلك.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

جزاكم الله خيرا واعتذر ان كان خرجت بالاسئلة عن الامر المقرر شرحه ولكن خلق الانسان عجولا والحليم امثالكم يعذر الجاهل واستفساري الان انشاء الله في موضوع ما ذكرتم وهو ان ما فهمته ان الايه ( حرمت عليكم الميتة والدم ) ان الدم لفظ عام وهذه الايه وردة في تحريم تحريمه وذكرتم غفرالله لكم في الاجابة عن استفساراتي جزاكم الله عني كل خير ما نصه (أما إذا لم يتعارض الخاص مع العام فيكون من باب التنصيص على فرد من أفراد العام للاهتمام به ومزيد الرعاية.مثل أكرم الرجال، ثم أقول أكرم زيدا فهنا لا يوجد تعارض أي تنافي بحيث يوجد إيجاب وسلب فالحكم في المثالين هو الإكرام فيكون هذا من باب التنصيص على زيد بأنه يكرم أي أكرم الرجال وخصوصا زيدا.) وهنا لا يوجد تعارض بل حرم الله الدم ثم وردة الايه الثانيه بتحريم الدم المسفوح فالحكم واحد في الايتين وهو التحريم فهل يقال انها من باب العنايه وذكر الاهم وجزاكم الله خيرا
هنا المسألة مختلفة عن مسألة أكرم الرجال وأكرم زيدا بيانه كالتالي:
أولا: هذه المسألة أعني مسألة الدم قد ذكرت في أمثلة المطلق وهو الدم والمقيد وهو الدم المسفوح والمطلق والمقيد لا يوجد تعارض بينهما في منطوق الحكم بخلافه في العام.
في العام والخاص يوجد حكم وما يضاده.
في المطلق والمقيد يوجد حكم على مطلق ويوجد نفس الحكم على مقيد.
مثل أكرم رجلا ثم أقول أكرم رجلا مؤمنا، ولا شك أن الرجل المؤمن فرد من مطلق الرجل.
فهذا ما يفرق به العام والخاص عن المطلق والمقيد.
ثانيا: ولعل هذا ما يزيل الأشكال لديك هو أن مسألة التنصيص على فرد من أفراد العام مفروضة في حالة انتفاء مفهوم المخالفة كما في الأعلام فحينما يقال أكرم زيدا فزيد هذا لا يتضمن مفهوما مخالفا لأنه لقب فلو قلت لك أكرم زيدا لا يفهم منه أنك لا تكرم عمرا أو عليا.
أما في حالة الدم المسفوح فالأمر مختلف لأن ( مسفوحا ) وصف يتضمن مفهوما مخالفا وهو غير المسفوح كالجامد.
فإذا علم هذا فإن بين المطلق والمقيد تناف في المفهوم المخالف بيانه كالتالي:
أكرم رجلا أي أي رجل مؤمنا أو كافرا......... أكرم رجلا مؤمنا... يفهم منه أنه لا تكرم رجلا كافرا
فصار المطلق يدل على إكرام الكافر والمقيد يدل بمفهومه على عدم إكرام الكافر فتعارضا فلرفع هذا التعارض يقدم المقيد على المطلق ونقول إن قصد المتكلم بعبارة ( أكرم رجلا ) هو المؤمن بدليل الكلام الثاني الصادر منه وهو أكرم رجلا مؤمنا.
وكذا قل في هذه الآية حرمت عليكم الميتة والدم أي كل دم مسفوحا أو غير مسفوح.
والآية الأخرى أو دما مسفوحا تفيد بمفهوم المخالفة عدم حرمة الدم غير المسفوح فتعارضا.
ولرفع هذا التعارض نحمل المطلق على المقيد.
والله أعلم.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

أنا في انتظار أخ أو أخت تحل التمارين كي أرفع الأجوبة والملف بعدها.
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

استخرج أحكام العدة بتطبيقالقواعد الأصولية على الأدلة الشرعية.
1-
قال الله تعالى: ( والمطلقات يتربصنبأنفسهن ثلاثة قروء) البقرة- 66.
2-
قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذانكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) الأحزاب- 49.
3-
قال الله تعالى: ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتمفعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق- 4.
4-
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتابه الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمةالتي تحيض من الطلاق: حيضتان. اهـ ص 123.
5-
قال تعالى: ( والذين يتوفون منكمويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ).البقرة- 234.
6-
عن المِسْوَرِبنِ مِخْرَمَةَ رضي الله عنه أن سُبَيْعَةَ الأسلميَّةَ نَفِسَتْ بعد وفاة زوجهابليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكِحَ فأذن لها فنكَحَتْ. رواهالبخاري.
7-
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمةالتي ليست بحامل من وفاة زوجها شهران وخمس ليال. اهـ ص 123.
الاحكام والله اعلم
- المطلقة فيما عدا الصور الاتيه تعتد ثلاثة قروء
- المطلقة قبل المساس ليس عليها عده فالايه الثانيه مخصصة للاولى
- عدة اليائسة والتي لم تحض ثلاثة اشهر فالاية الاولى عامة والاية الثالثة مخصصة لهذا العموم
- اولات الاحمال عدتها اذا طلقها زوجها بوضع الحمل فالاية الاولى عامة خصصت بالاية الثالثة
- عدة الامة التي لم تحض اذا طلقها زوجها حيضتان فالاية الاولى عامة وخصصت بالاجماع
- عدة المراة التى يتوفى عنها زوجها فيما عدى الصور الاتيه اربعة اشهر وعشرا بدليل عموم الاية الخامسه
- عدة المراة التي توفى عنها زوجها وهي حامل ان تضع الحمل لان الاية الخامسة عامه وخصصت باقرار النبي لسبيعة الاسلميه
- عدة الامة التي مات عنها زوجها شهران وخمس ليال فالايه الخامسة عامه خصصت بالاجماع
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

أستاذي الفاضل وهذه إجاباتي
وعلى الرغم من تقدم الأستاذ سالم جزاه الله خيراً بالحلول إلا أنني سوف أقدم أجوبتي دون الاطلاع على ما كتب رغبة في الاستفادة

استخرج أحكام العدة بتطبيق القواعد الأصولية على الأدلة الشرعية.
1- قال الله تعالى: ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) البقرة- 66.
2- قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) الأحزاب- 49.
3- قال الله تعالى: ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق- 4.
4- قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتابه الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمة التي تحيض من الطلاق: حيضتان. اهـ ص 123.
5- قال تعالى: ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ).البقرة- 234.
6- عن المِسْوَرِ بنِ مِخْرَمَةَ رضي الله عنه أن سُبَيْعَةَ الأسلميَّةَ نَفِسَتْ بعد وفاة زوجها بليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكِحَ فأذن لها فنكَحَتْ. رواه البخاري.
7- قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها شهران وخمس ليال. اهـ ص 123.

أقول وبالله التوفيق:
الآية الأولى عامة لأن لفظ (المطلقات) من ألفاظ العموم المعرف بأل الجنس فحكمها عام لجميع المطلقات بأن عدتهن ثلاثة قروء
ولكن هذا الحكم العام خصص بالآيات التالية:
الآية الثانية خصصت المطلقة التي لم يمسسها زوجها بأنها لا عدة لها
الآية الثالة خصصت المطلقة إذا كانت بنتا صغيرة لم تحض والمرأة الكبيرة التي انقطع حيضها فكانت عدتها ثلاثة أشهر
الآية الثالثة كذلك خصصت المطلقة الحامل فجعلت عدتها بوضع حملها
وفي الإجماع الذي نقله ابن المنذر في النقطة الرابعة تخصيص للقرآن بالإجماع في عدة الأمة المطلقة بجعلها حيضتين
أما الآية الخامسة فهي حكم عام بلفظ عام للمرأة التي توفي زوجها بأن جعل عدتها أربعة أشهر وعشراً
وفي الحديث النقطة الجملة السادسة تخصيص لعام الكتاب بالسنة بأن جعل عدة المتوفي عنها زوجها الحامل تنتهي بوضع حملها
أما الإجماع الذي نقله ابن المنذر فهو يخصص ما جاء في الكتاب من عدة المتوفي زوجها إذا كانت أمة بجعلها شهرين وخمس ليال

والله تعالى أعلم
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

جزاكما الله خيرا وبارك فيكما جواب موفق.
أنظرا لطفا في الحلول.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" تمارين "
استخرج أحكام العدة بتطبيق القواعد الأصولية على الأدلة الشرعية.
1- قال الله تعالى: ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) البقرة- 66.
2- قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) الأحزاب- 49.
3- قال الله تعالى: ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق- 4.
4- قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في كتابه الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمة التي تحيض من الطلاق: حيضتان. اهـ ص 123.
5- قال تعالى: ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ).البقرة- 234.
6- عن المِسْوَرِ بنِ مِخْرَمَةَ رضي الله عنه أن سُبَيْعَةَ الأسلميَّةَ نَفِسَتْ بعد وفاة زوجها بليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكِحَ فأذن لها فنكَحَتْ. رواه البخاري.
7- قال الإمام ابن المنذر رحمه الله في الإجماع: وأجمعوا أن عدة الأمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها شهران وخمس ليال. اهـ ص 123.
........................................................................................................
قوله تعالى ( والمطلقات ) أل هنا للاستغراق فيشمل كل مطلقة ولكن خص منه ما يلي:
أولا: الأمة فإن عدتها ليست ثلاثة قروء بل تعتد بقرأين بالإجماع كما حكاه ابن المنذر.
ثانيا: غير المدخول بها لقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ).
ثالثا: الحامل فعدتها ليست ثلاثة قروء بل بوضع الحمل لقوله تعالى ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ).
رابعا: الكبيرة الآيسة والصغيرة التي لم تحض فإن عدتهن 3 أشهر لقوله تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن ).
وقوله ( واللائي يئسن، واللائي لم يحضن ) لفظ عام لأن اللائي اسم موصول فيعم الحرة والأمة ولكن خص منه الأمة للإجماع على أن عدتها على النصف فتعتد الأمة شهرا ونصف الشهر.
قوله تعالى (يذرون أزواجا) (أزواجا ) لفظ مطلق لأنه جمع منكر فيدل على وجوب عدة الوفاة عن المرأة المتوفى عنها زوجها سواء أكانت حرة أم أمة وسواء أكانت حاملا أم غير حامل وسواء أكانت مدخولا بها أو غير مدخول بها وسواء أكانت صغيرة أم كبيرة.
ولكن إذنه صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية بالزواج بعد أن وضعت حملها بليال من وفاة زوجها قيّد الآية بغير الحامل.
وكذا هذا الحكم لا يشمل الأمة بل تلزم نصف عدة الحرة شهرين وخمسة أيام وهو ثابت بالإجماع فهو مقيد لإطلاق الآية.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

الدرس الرابع مع المخططات.
 

المرفقات

  • الدرس الرابع من شرح الورقات.rar
    176.6 KB · المشاهدات: 0

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" المنطوق والمفهوم "
إن المعنى يفهم من اللفظ من طريقين:
الأول: المنطوق.
الثاني: المفهوم.
فالمنطوق هو: المعنى الذي يدل عليه نفس اللفظ.
والمفهوم هو: المعنى الذي سكت عن بيانه اللفظ.
بمعنى أنه تارة تكون الألفاظ دالة على معاني منتزعة من نفس الألفاظ ، وتارة تكون الألفاظ دالة على معاني أخذت بالاستنباط من الألفاظ، أي أن المتكلم لم يصرح بالحكم ولكن السامع فهمه وانتزعه من الكلام.
فالمنطوق دلالته على اللفظ دلالة قوية لأنها مباشرة، بينما دلالة المفهوم هي أضعف لأنها دلالة غير مباشرة.
مثال ذلك أن تقول لابنك: إذا تخرجت من الجامعة بتقدير جيدٍ فلك عليّ سيارة.
فهنا هذه الألفاظ وضعت في اللغة لتدل على معنى واضح وهو: حينما يتحقق نجاحك بتقدير جيد فستحصل على سيارة جائزة مني.
فحينئذ يكون هذا المعنى منطوقا أي أن اللفظ قد نطق به.
ولكن يفهم من هذا اللفظ أمران آخران ينتزعان منه انتزاعا وهما:
1- إذا لم تحصل على تقدير جيد فلن تحصل على السيارة.
2- إذا حصلت على تقدير أعلى من جيد فسيتأكد استحقاقك للسيارة.
فلو أن الابن جاء لوالده بتقدير ممتاز فلا يقبل أن يقول له أنا قلت بالحرف الواحد: إذا تخرجت من الجامعة بتقدير جيد... وأنت تخرجت بتقدير ممتاز فليس لك عليّ شيء.
ونلاحظ أن المفهوم الأول مخالف وعكس المنطوق لأن المنطوق يقول ستحصل على سيارة والمفهوم المخالف يقول لن تحصل على سيارة فالحكمان متضادان ولهذا يسمى بمفهوم المخالَفَةِ.
والمفهوم الثاني موافق للمنطوق وهو الحصول على السيارة ولهذا يسمى بمفهوم الموافَقَةِ.
فصار المفهوم قسمين: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة.
ومفهوم الموافقة هو: أن يؤخذ الحكم من العلة التي يقصدها المتكلم.
كما في مثال التخرج السابق فإن الغاية والعلة المقصودة والمنشودة من كلام الوالد هي حمل الابن على التفوق، فإذا ثبت أن الأب يريد من الابن التفوق وكانت درجة الامتياز أعلى في التفوق من درجة الجيد لم يشك العاقل أن درجة الامتياز أولى بالحصول على السيارة، ولهذا يسمون هذا النوع من مفهوم الموافقة بمفهوم الموافقة الأولى لأن المفهوم أولى بالحكم من المنطوق.
وهنالك مفهوم موافقة آخر يسمى بمفهوم الموافقة المساوي وهو أن يكون الحكم المفهوم مساو للحكم المنطوق وليس أحدهما أولى من الآخر.
مثال ذلك أن يقول الوالد لولده خذ هذا المال وانتبه لا يضيع منك.
فالانتباه لئلا يضيع المال منه هو منطوق، وعدم إلقاء المال في الزبالة أو إتلافه هو المفهوم وهو مساو للمنطوق من جهة أن العلة من كلام الوالد هي المحافظة على المال سواء بعدم تضييعه أو بإتلافه.
مثال: قال الله تعالى: ( ولا تقل لهما أفّ ) وقد علمنا أن مطلق النهي للتحريم فالمنطوق هو يحرم قول أفٍّ للوالدين.
والعلة هي الإيذاء بأي قول أو فعل، فحرمة الضرب والشتم لهما تكون أولى بالتحريم من التأفف، فهذا مفهوم موافقة أولى.
مثال آخر: قال الله تعالى: ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) فحرمة أكل مال اليتيم منطوق، والعلة هي حماية أموال اليتامى فحينئذ يحرم أيضا حرق أموال اليتيم أو هدره أو إتلافه بأي طريقة كانت لأن نفس العلة متحققة في هذه الصور فتكون مفهوم موافقة مساو.
" أنواع مفهوم المخالفة "
مفهوم المخالفة هو: أن يؤخذ الحكم من تخلف قيد في الكلام.
مثل ما ذكرنا إذا تخرجت من الجامعة.. فهنا التخرج قيد وشرط في الحصول على السيارة فإذا انتفى هذا القيد فلن يحصل الحكم.
ومثل قول الله عزّ وجل: ( فتحرير رقبة مؤمنة ) فهنا قيّد الرقبة بالإيمان فيؤخذ أنه إذا انتفى وتخلف هذا القيد فلا يحصل الحكم ولهذا لا يصح عتق رقبة كافرة ولا تجزئ لان ذكر الأيمان مع الرقبة بمثابة الشرط لتطبيق الحكم، ومن الواضح أنه إذا تخلف الشرط تخلف المشروط فليفهم.
والقيد الذي يؤخذ منه مفهوم مخالف أربعة أنواع هي ( الشرط- الوصف- الغاية - العدد ).
1- الشرط اللغوي أي كل جملة مصدرة بأداة من أدوات الشرط مثل إن وإذا.
مثال: قال الله تعالى: ( وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهن ).
المنطوق= وجوب النفقة على المطلقة الحامل.
المفهوم المخالف= عدم وجوب النفقة على المطلقة غير الحامل.
2- الصفة أي كل ما يعد في المعنى وصفا للحكم سواء أكان يسمى نعتا في علم النحو أم غيره فكل قيد غير ما نذكره هنا من شرط وغاية وعدد يدخل في الوصف.
مثال: قال الله تعالى: ( فتحرير رقبة مؤمنة ).
المنطوق= وجوب تحرير رقبة مؤمنة.
المفهوم المخالف= منع تحرير رقبة كافرة.
3- الغاية أي أن يكون الحكم مقيدا بغاية ونهاية وأحرفه هي: حتى وإلى.
مثال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق ) رواه أبو داود وهو صحيح.
أي رفع التكليف عن الصبي إلى أن يبلغ وعن النائم إلى أن يستيقظ وعن المجنون إلى أن يعقل.
فالمنطوق= رفع القلم عن هؤلاء.
والمفهوم المخالف= عدم رفع القلم عن الصبي إذا بلغ والنائم إذا استيقظ والمجنون إذا عقل.
4- العدد، فإذا حدد الحكم في النص بعدد معين، فإن مفهوم المخالفة لهذا العدد هو عدم تطبيق الحكم في حالة كونه أقل أو أكثر.
مثال: قال الله تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ).
المنطوق= وجوب 100 جلدة على الزانية والزاني.
المفهوم= عدم جواز أقل من 100 جلدة أو أكثر.
أما اللقب فليس له مفهوم مخالف معتبر ولا يعد حجة في إثبات الأحكام الشرعية.
ونعني باللقب هو الاسم الجامد من الأعلام وأسماء الأشياء.
مثل: زيد وليلى وماء وسماء وأرض وجبل وسيارة وقلم ونحو ذلك.
فإذا قيل لك: أكرمْ زيدا، لم يفهم منه بالمخالفة أن لا تكرم عمرا وعليا.
وإذا قبل لك أبيح لك شرب الماء لم يفهم منه أن لا تشرب غيره من اللبن والعصير.
مثال: قال الله تعالى: ( محمد رسول الله ) لا يفيد أن غيره صلى الله عليه وسلم ليس برسول الله.
مثال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب, والفضة بالفضة, والبر بالبر, والشعير بالشعير والتمر بالتمر, والملح بالملح مثلاً بمثل، سواء بسواء يداً بيد, فمن زاد أو استزاد فقد أربا) رواه مسلم.
فالذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح أسماء للمواد فلا تدل على أنه لا يجري الربا بغيرها كالزبيب والذرة والعدس ونحوها.
" تقسيم المنطوق إلى نص وظاهر ومجمل "
كنا قد ذكرنا أن المعنى تارة يدرك من المنطوق وتارة يدرك من المفهوم.
وهنا نريد أن نبين أن المنطوق تارة لا يحتمل إلا معنى واحدا وتارة يحتمل معنيين هو في أحدهما أرجح من الآخر، وتارة يحتمل معنيين ليس أحدهما أرجح من الآخر.
فالذي لا يحتمل إلا معنى واحدا هو النص.
والذي يحتمل معنيين هو في أحدهما أرجح من الآخر هو الظاهر.
والذي يحتمل معنيين ليس أحدهما أرجح من الآخر هو المجمل.
أولا: النص وهو: لفظ لا يحتمل إلا معنى واحدا.
كالأعلام وأسماء الأعداد.
مثال: جاء زيد، فزيد لا يحتمل إلا معنى واحدا وهو شخص معين مسمى بهذا الاسم.
قال تعالى: ( محمد رسول الله ) فلا يحتمل هذا اللفظ إلا معنى واحدا وهو أن سيدنا محمد رسول من الله صلى الله عليه وسلم فيسمى نصا.
مثال: قال تعالى في الزناة: ( فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) فهذا اللفظ القرآني لا يحتمل إلا معنى واحدا وهو أن يجلد الزاني والزانية 100 جلدة لا تنقص ولا تزيد.
وحكم المنطوق هو دلالته على المعنى بشكل قطعي يقيني.
ثانيا: الظاهر وهو: لفظ يحتمل معنيين هو في أحدهما راجح.
كدلالة اللفظ على معناه الحقيقي فهو راجح فيه مع احتماله للمعنى المجازي وهو مرجوح فيه.
مثال: رأيت اليوم أسدا، فهو يحتمل معنيين الحيوان المفترس، والرجل الشجاع وهو راجح في المعنى الأول لأنه المعنى الحقيقي المتبادر من إلى الذهن.
مثال: قال الله تعالى: ( وجوه يومئذ ناظره إلى ربها ناظرة ) فقوله تعالى إلى ربها ناظرة يفيد أن أهل الجنة ينظرون بأعينهم إلأى الله يوم القيامة ويرونه رأي العين.
لأن النظر معناه الحقيقي المشاهدة بالعين، وقد قيل إن النظر معناه هنا مجازي وهو الانتظار أي تنظر تلك الوجوه ثواب الله، ولكن هذا المعنى مرجوح لأن المتبادر هو الحقيقة فيجب المصير إليها.
وهذا من جهة دلالة هذا اللفظ بخصوصه في هذه الآية على النظر الحقيقي وهو المعنى الظاهر لا المعنى المجازي وهو المرجوح.
أما مسألة رؤية الله سبحانه وتعالى رؤية حقيقة فهي مسألة قطعية من جهة مجموع الأدلة الشرعية على هذه المسألة فتنبه.
وحكم الظاهر أنه يجب العمل بالمعنى الراجح وترك المرجوح إلا إذا وجد دليل يصرف اللفظ من معناه الظاهر إلى معناه المرجوح فحينئذ يقال هو مؤول.
مثل: رأيت أسدا يحمل سيفا فإنه يسمى مؤولا، ويسمى ظاهرا بالدليل أي هو ظاهر بالنظر للقرينة مثل يحمل سيفا فقد دلتنا على أن المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع هو المراد من الكلام.
فالظاهر هو ظاهر بنفسه لا يحتاج إلى دليل كي يكون به ظاهرا.
أما المؤول فهو ظاهر بسبب الدليل ولاه لكان غير ظاهر.
ثم إن حمل اللفظ على المعنى المرجوح لا بد فيه من دليل وإلا كان فاسدا ولهذا يعرفون الدليل بأنه صرف اللفظ عن ظاهره لدليل.
ومن التأويل الصحيح حمل اللفظ العام على بعض أفراده أي تخصيصه، وبيان ذلك:
إن اللفظ العام يدل على كل أفراده دلالة ظاهرة ولكنه يحتمل التخصيص فحينما تجد لفظا عاما فإن حمله على عمومه هو الظاهر وإخراج بعض الأفراد منه حلاف الظاهر وهو تأويل يحتاج لدليل فإذا كان على التخصيص دليل كان هذا مؤولا وظاهرا بالدليل.
مثل قوله تعالى: ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) فلفظ المطلقات يشمل كل مطلقة ولو كانت غير مدخول بها، ولكن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) أخرج غير المدخول بهن.
ثالثا: المجمل وهو: لفظ يحتمل معنيين على السواء.
كدلالة اللفظ المشترك وهو ما وضع لمعنيين مثل كلمة العين فإنها تطلق ويراد بها العين الباصرة ويراد بها الماء ويراد بها النقد كالدينار وغير ذلك فإذا قال شخص رأيت عينا لا يدري السامع ماذا يقصد بالعين.
مثال: قال الله تعالى: ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ).
فالقرء لفظ مشترك وضع في اللغة لمعنيين هما: الطهر، والحيض.
فلا يعلم من نفس الآية ماذا يريد الله عز وجل هل يريد أن المطلقات عدتهن 3 أطهار أو 3 حيضات.
ولهذا تجد العلماء قد اختلفوا فمنهم من قال أراد الطهر ومنهم من قال أراد الحيض.
وحكم المجمل هو التوقف لأنه دلالته مبهمة فلا بد من البحث عن دليل يشخص المعنى المراد.
وأسباب الإجمال ثلاثة هي:
أولا: عدم معرفة المعنى المراد كما في اللفظ المشترك كالعين والقرء على ما بيناه.
ثانيا: عدم معرفة الصفة والكيفية المطلوبة للفعل مثل قوله تعالى: ( وأقيموا الصلاة ) فإن صفة الصلاة وكيفية أدائها مجهولة لان الصلاة نقلت إلى معنى شرعي لا تعرفه العرب قبل ورود الشريعة فحينئذ لا بد من دليل يبين الكيفية وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله.
ثالثا: عدم معرفة المقدار المطلوب مثل قوله تعالى ( وآتوا الزكاة ) فإن مقادير الزكاة التي تدفع لا تعرف وقد جاءت أدلة أخرى بينت المقدار.
ثم إن ذلك الدليل الذي يبين المعنى المراد يسمى المُبَيِّن.
فتعريف المبين هو: الدليل الذي يرفع الإجمال أي يزيل الغموض ويكشف عن المعنى المراد.
فقوله تعالى ( وأقيموا الصلاة ) مجمل من حيث الصفة وقد بينها النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا وقال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري فبفعله صلى الله عليه وسلم الصلاة أمامهم حصل البيان وزال الإجمال.
تنبيه: قد علم من تمثيلنا للمجمل بالصلاة أن الإجمال أمر نسبي إضافي كالإطلاق والتقييد فقد يكون الشيء بيّنا بالنظر إلى شيء ومجملا بالنظر إلى شيء آخر كالصلاة فإن معناها وهو تلك العبادة المعروفة بين فليس لفظ الصلاة كلفظ القرء ولكن بالنظر إلى صفتها حصل الإجمال، ومثل أن تقول لصاحبك أعط الفقير حقه فمعنى الحق واضح ولكن مقدار الحق مجمل فتنبه.
قاعدة: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
ومعناها أن إذا ورد نص مجمل في كتاب أو سنة وجاء فلابد قبل وقت العمل به أن يأتي البيان الرافع للإجمال وإلا لو حضر وقت الظهر مثلا وقال لهم ربنا: أقم الصلاة لدلوك الشمس ولم يحصل البيان من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف لهم أن يصلوا؟!.
ولهذا قال العلماء: إن تأخير البيان عن وقت الحاجة أي حاجة العمل بالمجمل لا يجوز لأنه يفضي إلى التكليف بما لا يقدر عليه الإنسان.
أما تأخيره قبل وقت العمل فجائز ولهذا قال الله تعالى: ( ولله على الناس حج البيت ) ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الحج إلا بعد أن حج وكان حجه بعد فترة طويلة من نزول الآية وحينما ذهب للحج قال: خذوا عني مناسككم. رواه مسلم.
ومن نماذج استدلال العلماء بالقاعدة الاستدلال على عدم حرمة الكلام وقت الخطبة وأن المستحب هو السكوت ولا يجب هو ما جاء في الصحيحين: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم جمعة إذ قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك الحال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه ودعا.
ووجه الاستدلال أنه لو كان الكلام محرما لبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يقره لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فلما لم يبين علم أن الكلام ليس محرما وأن الأمر بالسكون والإمام يخطب للاستحباب.
قاعدة: السكوت في مقام البيان يفيد الحصر.
أي إذا ورد خطاب من الشرع وهو يبين حكما لمسألة واقتصر في البيان على شيء فإن هذا الاقتصار دليل على الحصر إذْ لو كان هنالك شيء آخر لبينه فلمّا سكت عنه علمنا أنه غير مراد.
مثال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) . متفق عليه.
وجه دلالة الحديث على المقصود : أن الشارع أرشد عند العجز عن مؤن النكاح إلى الصوم ، ولو كان الاستمناء مباحاً لبينه في هذا الموطن ولكنه سكت عنه ، فدل ذلك على أنه حرام ، لأن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر .
مثال: قال الله تعالى:( فإن لم تجدوا ماء فتيمموا ).
فيه دليل على أنه لا يرفع الحدث إلا الماء بيانه كالتالي:
الأمر بالتيمم عند عدم وجود الماء للوجوب.
فلو رفع الحدث غير الماء المطلق لما وجب التيمم عند فقده لأنه قد اقتصر على ذكره في مقام بيان ما يصلح للتطهر به والاقتصار والسكوت في مقام البيان يفيد الحصر.
فإنه كان بالإمكان أن يقول فإن لم تجدوا ماء فاعدلوا إلى غيره أو فاقصدوا غيره من الطاهرات.
 

الدرَة

:: نشيط ::
إنضم
26 أكتوبر 2010
المشاركات
653
التخصص
الفقه
المدينة
..
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

بارك الله لكم في علمكم ، وجزاكم خيرا على سهولة شرحكم .
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" أفعال الرسول "
فعل النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم على أقسام هي: أولا: ما فعله بمقتضى الخِلقة البشرية أو العادة. مثل نومه وأكله وشربه وذهابه للحاجة فهذه أفعال تصدر من الإنسان وهو مضطر لها بحكم كونه بشرا. وقد يفعل بعض الأفعال الاختيارية بحكم العادة أو أعراف المجتمع المحيط به مثل كونه يحب بعض أنواع الطعام ويكره البعض أو يلبس لباسا معينا أو يمشي بطريقة معينة أو يسرح شعره بصفة معينة. فهذا القسم لا دلالة فيه على التشريع أي هو لم يفعله ليكون شرعا ولا نقول للناس افعلوا مثل فعله صلى الله عليه وسلم لأنه هذه الأمور ليست مطلوبة على وجه التشريع كالصلاة والصوم بل يفهم من فعله صلى الله عليه وسلم لها أنها مباحة لا ثواب فيها ولا عقاب. ولكن قد يستفاد منها التشريع إذا جاء قول يطلبها مثل الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال ولبس البياض من الثياب ونحو ذلك، ولكن نفس الفعل لم يدل على التشريع بل اقترانه بقول كشف لنا أن هذه الصفة يريدها الشرع. ثانيا: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه القربة والطاعة. مثل صلاته وصيامه وحجه ونحو ذلك. وهذا نوعان: 1- أن يدل الدليل على اختصاصه به مثل أنه كان يواصل الصوم أي لا يفطر عند المغرب ويبقى صائما ويجيء اليوم الثاني وهو أيضا لم يأكل أو يشرب حتى في السحور فمثل هذا قربة في حقه وطاعة في حقه صلى الله عليه وسلم ولكنه منهي عنه بالنسبة لبقية الأمة فهذا مختص به وقد دل على اختصاصه به ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تواصلوا، قالوا: إنك تواصل، قال: لست كأحد منكمإني أطعم وأسقى، أي أن الله يعطي بدني قوة الطعام والشراب. 2- أن لا يدل دليل على اختصاصه به فهذا لكل الأمة. وهذا هو الأصل أعني أن ما فعله صلى الله عليه وسلم لا يختص به بل هو عام لكل الأمة إلا إذا قام دليل الاختصاص فإن لم يقم قلنا بالعموم لكل الأمة لأن الله سبحانه وتعالى قال: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) ومعنى أسوة قدوة. ثم إن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم على وجه القربة ولم يختص به لا يخلو من حالين: أ- أن يعرف حكمه فهذا لا إشكال فيه مثل صلواته الخمس وصيامه رمضان فهذا واجب ليس بنفس الفعل بل بالأدلة الدالة على الوجوب ومثل السنن القبلية والبعدية للصلوات فهذه علم حكمها أنها للندب. ب- أن لا يعرف حكمه بل يأتينا فعل للنبي صلى الله عليه وسلم وليس عندا سوى هذا الفعل الذي هو على وجه القربة فعلى ماذا نحمله؟ الجواب: حصل خلاف بين العلماء على ثلاثة أقوال: القول الأول: يحمل على الوجوب من باب الاحتياط. وقد نوقش بأن الوجوب إنما يستفاد من الأوامر وهي ألفاظ فنفس الفعل لا يفهم منه الوجوب. القول الثاني: يحمل على الندب لأنه هو القدر المتيقن لأننا علمنا أن الفعل مطلوب على وجه القربة والمطلوب قد يكون واجبا وقد يكون مندوبا والأصل عدم الوجوب فنحمله على الندب أي أن الوجوب مشكوك فيه والندب متيقن لأنه أقل أحوال الطلب لأننا قدمنا أن طلب الفعل إما على وجه الوجوب أو الندب. القول الثالث: نتوقف فيه لأنه ليس عندنا ما يدل على الوجوب وليس عندا ما يدل على الندب فنتوقف. والقول الثاني هو اختيار كثير من العلماء. ولتلخيص هذه الأقسام نقول: فعل النبي صلى الله عليه وسلم إما على وجه القربة أو على غير وجه القربة. فإن كان على وجه القربة فإما أن يكون مختصا أو يكون غير مختص به. والذي لم يختص به فإما أن يعلم حكمه أو لا يعلم. فإن لم يعلم فيحمل على الندب وقيل على الوجوب وقيل نتوقف. والذي فعل على غير وجه القربة يدل على الإباحة. وقد علم من ذلك أن أفعاله صلى الله عليه وسلم دائرة بين الوجوب والندب والإباحة. ولا يفعل محرما أو مكروها. أما المحرمات فلأنه صلى الله عليه وسلم معصوم. وأما المكروهات ومنها خلاف الأولى فلأن المتقين من أفراد أمته يجتنبونها فكيف وهو صلى الله عليه وسلم أتقى الأتقياء. فإن قيل: ولكنه صلى الله عليه وسلم قد فعل بعض المكروهات كشربه الماء قائما فكيف الجواب؟ قلنا: إنها مكروهة في حقنا أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعلها ليبين الجواز فيكون بهذا الاعتبار مثابا.
" الإقرار "
الإقرار هو: فعل أو قول حصل عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره. فهذا الإقرار دليل على الجواز لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على باطل. فيكون إقراره على القول كقوله أي كأنه قال نفس هذا القول. ويكون إقراره على الفعل كفعله أي كأنه هو صلى الله عليه وسلم من فعله، وذلك لما ذكرنا أنه لا يقر أحدا على باطل. مثال القول: ما قاله أبو بكر رضي الله عنه في غزوة حنين لأحد الصحابة حينما حصل اختلاف في السلب ( أفلا يأخذ سلبه ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق أبو بكر. متفق عليه. مثال الفعل: أن خالد بن الوليد أكل الضَّب عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه. متفق عليه. والضَّب سحلية تعيش في الصحراء قد تكون بحجم الكف وقد تكبر حتى تصير بطول إنسان وهو نباتي. مسألة: ما حكم ما فعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في غير مجلسه فعلمه وأقره؟ الجواب: له نفس حكم ما فعل في مجلسه فيكون جائزا. وصورة المسألة أن يفل فعل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يشاهده ثم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فلانا فعل كذا فإذا أقره ولم ينكر دل على الجواز لأنه لا يقر على باطل. مثال: جاء في صحيح مسلم أن أبا بكر رضي الله عنه حلف في وقت غضب أن لا يأكل من طعام ثم أكل منه ثم أبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل من حنث في يمينه فلم ينكر عليه، فيدل على أنه يجوز بل يندب إذا حلف الإنسان على شيء ثم رأى غيره خيرا منه أن يحنث في يمينه ويكفر عنها.
" خلاصة الباب "
يستفاد المعنى من اللفظ بطريقين: المنطوق وهو: المعنى الذي يدل عليه نفس اللفظ. والمفهوم وهو: المعنى الذي سكت عن بيانه اللفظ. والمفهوم نوعان: مفهوم موافقة أولى ومساو. ومفهوم مخالفة بشرط أو وصف أو غاية أو عدد. أما مفهوم اللقب فليس بحجة. ثم المنطوق إما أن يكون نصا إن لم يحتمل إلا معنى واحدا أو ظاهرا إن احتمل معنيين هو في أحدهما أرجح من الآخر، أو مجملا إن احتمل معنيين على السواء. فإن حمل على المعنى المرجوح لدليل فهو مؤول. والذي يرفع الإجمال هو المبين. وفيه قاعدتان: أولهما: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ثانيهما: السكوت في مقام البيان يقتضي الحصر. وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم على ضربين: 1- أن تكون على وجه القربة. 2- أن تكون على وجه غير القربة. والذي على وجه القربة نوعان: 1- أن يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم فهذا معلوم حاله. 2- أن لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم فهذا اختلف فيه هل هو للوجوب أو الندب أو يتوقف فيه. وأما ما فعل على وجه غير القربة فيقتضي الإباحة. وإقراره صلى الله عليه وسلم على قول أو فعل يكون جائزا لأنه لا يقر على باطل. وما فعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بلغه ولم ينكره فيدل على الجواز أيضا.
" تعليقات على النص "
والمجمل: ما افتقر إلى البيان.
والبيان: إخراج الشيء من حيّز الإشكال إلى حيّز التجلي.
والنص: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.
وقيل: ما تأويله تنزيله.
وهو مشتق من مِنَصة العروس وهو الكرسي.
........................................................................................................
قوله ( والمجمل: ما افتقر إلى البيان ) هذا شروع في باب جديد، وما في التعريف واقعة على لفظ أي لفظ يفتقر إلى البيان، كلفظ القرء فإنه مجمل يحتمل الحيض والطهر ( والبيان: إخراج الشيء ) أي المجمل ( من حيز الإشكال ) أي من موضع الإشكال والإبهام ( إلى حيز التجلي ) أي إلى موضع الاتضاح فالمراد بالحيز هو الموضع، ويمكن تعريفه بعبارة أخصر وهو أن البيان رفع الإجمال.
( والنص: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا ) كثمانين في قوله تعالى فاجلدوهم ثمانين جلدة فإنها لا تحتمل غير هذا العدد، وما في التعريف واقعة على لفظ، وقد يراد بالنص في اصطلاح العلماء نفس ألفاظ الكتاب والسنة سواء أكانت قطعية الدلالة أو ظنية الدلالة ولذا نقول نصوص القرآن والسنة نعني الآيات والأحاديث بغض النظر عن مدلولها.
( وقيل ) هذا تعريف ثان للنص وأشار إلى ضعفه بقوله قيل ( ما تأويله تنزيله ) أي لفظ يحصل تفسيره بتنزيله أي بنزوله فيفهم المعنى المراد من نفس اللفظ من غير حاجة إلى دليل خارج عنه وذلك نحو قوله تعالى فصيام ثلاثة أيام فهذا اللفظ بمجرد نزوله يفهم معناه، والتعريف الأول أدق ولذا اختاره المصنف وذلك لأن الظاهر أيضا تأويله تنزيله فيفهم معناه الظاهر بمجرد سماعه ولا يتبادر الذهن إلى المعنى المرجوح وإن كان محتملا.
( وهو ) أي النص ( مشتق ) أي مأخوذ ( من منصة العروس أي الكرسي ) هذا بيان للمعنى اللغوي للنص ذكره كي تظهر المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، ومنصة العروس كرسي يوضع في موضع مرتفع وتجلس عليه العروسة، واللفظ الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا يكون مرتفعا فلذا سمي نصا.


والظاهر: ما احتمل معنيين أحدهما أظهر من الآخر.
ويؤول الظاهر بالدليل، ويسمى الظاهر بالدليل.

........................................................................................................
قال ( والظاهر ما احتمل ) أي لفظ احتمل ( معنيين أحدهما أظهر من الآخر ) مثل رأيت أسدا فإن معنى الحيوان المفترس هو الأظهر .
( ويؤول الظاهر بالدليل ) أي يحمل اللفظ على معناه المرجوح لدليل دل عليه نحو رأيت أسدا يحمل سيفا.
( ويسمى ) أي المؤول ( الظاهر بالدليل ) أي كما يسمى بالمؤول يسمى بالظاهر بالدليل فلا بد من تقييده بلفظ الدليل لأن الظاهر عند الإطلاق يحمل على الظاهر بنفسه من غير حاجة إلى دليل.


الأفعال
فعل صاحب الشريعة لا يخلو إما أن يكون على وجه القرب والطاعة أو غير ذلك.
فإن دليل على الاختصاص به، يحمل على الاختصاص.
وإن لم يدل لا يخصص به لأن الله يقول: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ).
فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا، ومن أصحابنا من قال: يحمل على الندب، ومنهم من قال يتوقف عنه.
فإن كان على وجه غير القربة والطاعة، فيحمل على الإباحة في حقه وحقنا.

........................................................................................................
قوله ( الأفعال ) هذا عنوان هذا المبحث والمقصود بالأفعال أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره.
( فعل صاحب الشريعة ) أي النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحب الشريعة يطلق ويراد به المشرع والحاكم وهو الله وحده، ويراد به المبلغ للشريعة وهو المعنى المراد هنا.
(لا يخلو إما أن يكون على وجه القرب والطاعة أو غير ذلك ) القربة والطاعة بمعنى واحد.
(فإن دليل على الاختصاص به، يحمل) ذلك الفعل ( على الاختصاص ) هذا تقسيم للفعل الذي على وجه القربة والطاعة مثال ما دل الدليل على الاختصاص به وصاله في الصوم.
( وإن لم يدل لا يخصص به لأن الله يقول: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ) وجه الاستدلال هو أن الله جعل النبي صلى الله عليه وسلم قدوة وهذا يقتضي أن أفعاله لا تختص به ليحصل الاقتداء، فهذا هو الأصل ولا يعدل عنه إلا لدليل.
( فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا ) المراد بالصاحب هم أصحاب المذهب الواحد والمصنف شافعي المذهب فالمقصود به هم الشافعية ووجه حمله على الوجوب عند هؤلاء البعض هو الاحتياط للعبادة (ومن أصحابنا من قال: يحمل على الندب) وهذا هو الأقوى عند كثيرين (ومنهم من قال يتوقف عنه) فلا يحكم بوجوب أو ندب.
( فإن كان على وجه غير القربة والطاعة ) كالأكل والنوم ( فيحمل على الإباحة في حقه ) صلى الله عليه وسلم ( وفي حقنا ) أي نحن معاشر أمته.


وإقرار صاحب الشريعة على القول الصادر من أحد هو قول صاحب الشريعة، وإقراراه على الفعل من أحد كفعله.
وما فعل في وقته في غير مجلسه، وعلم به، ولم ينكره، فحكمه حكم ما فعل في مجلسه.

........................................................................................................
( وإقرار صاحب الشريعة ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( على القول الصادر من أحد ) كقول أبي بكر بإعطاء القاتل سلب المقتول ( هو قول صاحب الشريعة ) أي كأنه قاله النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.
( وإقراره ) أي صاحب الشريعة ( على الفعل من أحد ) كأكل الضب في مجلسه ( كفعله ) أي كفعل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه.
( وما فعل في وقته ) أي في زمن حياة النبي صلى الله عليه وسلم ( وعلم به ) وهذا شرط وهو أن يعلم بهذا الفعل الذي حصل في زمانه ويبلغه ( ولم ينكره ) هذا شرط ثان ( فحكمه ) أي ذلك الفعل ( حكم ما فعل في مجلسه ) صلى الله عليه وسلم فيدل على الجواز كما في إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر حينما أخبره أنه حلف ثم نكث لما رأى النكث خيرا.

" تمارين 1 "
بين نوع المنطوق ونوع المفهوم في النصوص التالية:
1- قال الله تعالى: ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ).
2- قال تعالى: ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا).
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٌ ) رواه البخاري.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( في الحجم شفاء ) رواه أبو نُعَيْمٍ في الحِلية.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح.
" تمارين 2 "
بين نوع الفعل في النصوص التالية:
1- عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك. متفق عليه.
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل. متفق عليه 3- عن عبد الله بن عمر قال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيه . رواه البخاري .
4- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. متفق عليه.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

ها نحن نصل إلى نصف المتن بحمد الله.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" تمارين 1 "
بين نوع المنطوق ونوع المفهوم في النصوص التالية:
1- قال الله تعالى: ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ).
2- قال تعالى: ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا).
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاةٌ ) رواه البخاري.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( في الحجم شفاء ) رواه أبو نُعَيْمٍ في الحِلية.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح.
........................................................................................................
1- المنطوق هو وجوب قتال كل فئة باغية لغاية وهي أن تفيء إلى أمر الله وهو ظاهر في هذا المعنى من جهة أن هذا العموم ظاهر يحتمل التخصيص.
ومفهومه المخالف المأخوذ من قيد حتى تفيء أنه تترك الفئة الباغية بلا قتال بعد الفيء.
2- المنطوق وجوب إتيان النساء مهورهن وهو ظاهر في إفادة هذا الحكم لكل النساء لأن دلالة العام من الظاهر لا من النص، وكذا يفيد إباحة أخذ ما طابت به نفس الزوجة من مهرها.
ومفهومها المخالف بالشرط هو حرمة أخذ مهر النساء بدون طيب نفوسهن كأن يكرهها على أخذ مالها.
3- المنطوق هو في زكاة الغنم السائمة شاة إذا كانت من 40 إلى 120، وهذا نص في إفادة هذا العدد.
وهنا مفهوما مخالفة: أولاهما في الوصف وهو في سائمتها ومفهومه إذا لم تكن الغنم سائمة بل كانت معلوفة فلا زكاة فيها.
وثانيهما في الشرط وهو إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة، فمفهومه أنها إذا كانت أقل من أربعين فلا زكاة فيها وإذا كانت أكثر من 120 ففيها أكثر من شاة.
4- المنطوق هو في الحجامة شفاءٌ وهو ظاهر في إفادة الشفاء بكل حجامة.
والمفهوم هنا وهو ليس في غير الحجامة شفاء، والحجامة اسم لصنعة وهو لقب فلا حجة فيه.
5- المنطوق هنا الحكم بالبطلان على نكاح كل امرأة بغير ولي، وهذا المنطوق ظاهر الدلالة على كل امرأة لأنه يقبل التأويل بحمل العموم في أيما امرأة على البعض كما فعل بعض الفقهاء فحمله على الصغيرة دون الكبيرة وهذا التأويل غير مقبول عند الأكثر لأنه بلا دليل دل على التخصيص.
وهنا مفهوم مخالفة بالوصف وهو بغير إذنها وليها ومفهومه أنه إذا نكحت بإذن وليها فهو صحيح.
" تمارين 2 "
بين نوع الفعل في النصوص التالية:
1- عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك. متفق عليه.
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل. متفق عليه 3- عن عبد الله بن عمر قال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيه . رواه البخاري .
4- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. متفق عليه.

........................................................................................................
1- تسوكه صلى الله عليه وسلم للصلاة من الليل على وجه التقرب وهو مستحب لأن فعله للتعبد يدل على الندب ويشوص أي يدلك.
2- حبه صلى الله عليه وسلم للعسل والحلوى هو من العادات ولا يتعلق بها الاقتداء بل تدل على الإباحة.
3- لبسه صلى الله عليه وسلم للنعال السبتية من أفعال العادة ولا يتعلق بها الاقتداء بل تدل على الإباحة والنعال السبتية هي المتخذة من جلد البقر المدبوغ.
4- فعله صلى الله عليه وسلم هذا على وجه القربة وهو يدل على الندب وقد اختلف أهل العلم في وجوب صلاة الليل على النبي صلى الله عليه وسلم واتفقوا على عدم وجوبها على أمته.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

الدرس الخامس.
وبه نكون قد انتهينا من نصف المتن أعاننا الله على إتمام النصف الثاني على خير.
والحمد لله رب العالمين.
 

المرفقات

  • الدرس الخامس من شرح الورقات.rar
    119.2 KB · المشاهدات: 0
إنضم
29 ديسمبر 2008
المشاركات
29
التخصص
معلم
المدينة
حضرموت
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا العمل الطيب اسأل الله تعالى ان يكتبه في ميزان حسناتك
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

اللهم آمين.
جزاك الله خيرا.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" النسخ "
النسخ: إلغاء وحي سابق بوحي لاحق.
مثال: قال الله تعالى: ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج) نسخت بقوله تعالى: ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ).
تفيد الآية أن عدة المتوفى عنها زوجها هي حول أي سنة هجرية.
وتفيد الآية الثانية أن عدة المتوفى عنها زوجها هي أربعة أشهر وعشرة أيام.
والآية الثانية هي المتأخرة في النزول على النبي صلى الله عليه وسلم.
فهنا ألغت الآية الثانية المتأخرة في النزول حكم الآية الأولى المتقدمة في النزول وتسمى الآية المتأخرة الملغية لحكم الآية الأولى ناسخة والآية المتقدمة منسوخة فهذا هو النسخ.
" شروط النسخ "
أولا: أن يكون المنسوخ حكما شرعيا عمليا أي يكون متعلقا بأفعال المكلفين كالصلاة والصوم والزكاة والبيع والنكاح والعدة ونحو ذلك.
ولا يدخل النسخ الخبر والأحكام الاعتقادية والأحكام الأخلاقية.
مثال الخبر: الله أحد الله الصمد، لم يلد ولم يولد.. فهذه الأخبار لا يمكن أن يدخلها النسخ أبدا، وكذا كل الأخبار كأن يخبر عن نبي أو عن ملك أو عن حال الأمم السابقة فلا تنسخ أبدا.
ومثال الأحكام العقائدية: هو آمنوا بالله وبرسوله.
ومثال الأحكام الأخلاقية: وجوب الصدق وحرمة الكذب والحسد والبخل ونحو ذلك.
فهذه كلها لا يدخلها نسخ أبدا وإنما يدخل التشريعات.
ثانيا: أن يكون الناسخ والمنسوخ ثابتين بالنص.
أي لا ينسخ القياس أو الإجماع آية أو حديثا لأنه لا بد أن يكون الناسخ والمنسوخ وحيا.
ثالثا: أن يكون الناسخ متأخرا في نزوله عن المنسوخ.
وذلك لكي يمكن اعتبار الثاني ملغ للأول لأنها إذا نزلا معا أو كان الناسخ متقدما في النزول لم يمكن بحال اعتباره ناسخا لأن حقيقة النسخ لا تتحقق إلا بتقدم وتأخر.
رابعا: أن يكون بين الناسخ والمنسوخ تناقض.
كأن يكون أحدهما يحرم شيئا والآخر يبيحه أو بالعكس.
والقصد من هذا الشرط هو بيان أنه لا يمكن الجمع بين النصين فلذا نلجأ للنسخ.
كما في آيتي عدة المتوفى عنها زوجها فإحداهما تنص على مدة والأخرى تنص على مدة مغايرة.
" أقسام النسخ "
يقسَّم النسخ عدة تقسيمات باعتبارات مختلفة وهي:
أولا: تقسيمه باعتبار نوع المنسوخ وهو بهذا الاعتبار ينقسم إلى:
1- نسخ حكم فقط.
2- نسخ لفظ فقط.
3- نسخ حكم ولفظ معا.
مثال الأول: نسخ حكم آية عدة الحول فقد ألغي حكمها ولم يلغ لفظها لأنها لا تزال آية من القرآن من سورة البقرة تتلى إلى يوم الدين ويحصل ثواب قراءتها للقارئ.
مثال: الثاني: ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( كان فيما أنزل من القرآن آية الرجم فقرأناها ووعيناها وعقلناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده.. ) متفق عليه.
وهذه الآية كما جاء في موطأ مالك ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) فهذه آية من القرآن نزل بها جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من ضمن سورة الأحزاب كما ذكر بعض أهل العلم.
فهذه الآية نسخ لفظها ولم تعد من القرآن ولا تتلى ولكن بقي حكمها وهو الرجم.
مثال الثالث: آية الرضاعة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخت بخمس معلومات ).
فهذه آية من القرآن وهي ( عشر رضعات معلومات يحرمن ) ثم نسخ لفظها أي لم تعد من القرآن ونسخ حكمها بآية أخرى وهي ( خمس معلومات يحرمن ) فصار أن من رضع من امرأة خمس رضعات حرمت عليه وصارت أمه من الرضاعة، ثم نسخ لفظ الثانية وبقي حكمها.
وهذه أمثلة نادرة والكثير هو القسم الأول وهو نسخ الحكم فقط.
ونسخ الحكم بدوره ينقسم إلى قسمين:
أ- نسخ إلى بدل.
ب- نسخ إلى غير بدل.
مثال الأول: نسخ حكم العدة من الحول إلى 4 أشهر و10 أيام.
مثال الثاني: قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ).
تدل الآية على أن من أراد أن يناجي الرسول الله أي يحدثه سرا منعزلا عن الناس وجب عليه أن يقدم صدقة لله عز وجل كأن يدفعا مبلغا من المال.
ثم نسخ هذا الحكم بقوله تعالى ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذْ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله ). فألغيت الصدقة ولم يجعل بديلا عنها كأن يصوم يوما أو يصلي بعض ركعات قبل المناجاة.
ثم ما نسخ إلى بدل ينقسم ثلاثة أقسام هي:
أحدها: ما نسخ إلى بدل أغلظ.
ثانيها: ما نسخ إلى بدل مساو.
ثالثها: ما نسخ إلى بدل أخف.
مثال: الأول: قوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوما خير لكم إن كنتم تعلمون ).
دلت الآية على أن من كان يستطيع الصوم فله أن يفطر ويدفع فدية طعام مسكين وله أن يصوم وهو أفضل
ثم نسخ هذا الحكم بقوله تعالى: ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ).
فصار يجب على كل مستطيع أن يصوم ولا يجوز له أن يفطر ويطعم مسكين بدلا عنه.
وهنا هذا الحكم أغلظ لأنه في الآية الأولى: كان المسلم مخيرا بين أمرين، وفي الآية الثانية رفع التخيير وألزم بالصوم.
مثال الثاني: استقبال بيت المقدس في بداية الإسلام كان ثابتا بالسنة كما في الصحيحين.
ثم نسخ هذا الحكم بقوله تعالى: ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ..).
فهنا انتقل من بيت المقدس إلى الكعبة، واستقبال الكعبة مساو لاستقبال بيت المقدس بالنسبة لفعل المكلف.
ومثال الثالث: ما ذكرناه من آيتي العدة عن الوفاة.
فقد انتقل الحكم من لزوم العدة سنة إلى 4 أشهر و10 أيام وهذا أخف على المرأة.
ثانيا: تقسيمه باعتبار نوع الناسخ وهو ينقسم بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
1- نسخ كتاب بكتاب.
مثل ما ذكرناه من آيتي العدة عن الوفاة.
2- نسخ سنة بسنة.
مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) رواه مسلم.
فالحكم الأول تحريم زيارة القبور والحكم الثاني الناسخ جواز زيارة القبور، وكلا الحكمين ثبت بالسنة.
3- نسخ سنة بكتاب.
مثل ما ذكرناه من نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة بآية استقبال القبلة.
أما نسخ الكتاب بالسنة فهو غير واقع.
ثم إن السنة منها آحاد ومنها متواتر.
فالمتواتر هو: ما رواه جمع عن جمع يحيل العقل تواطئهم على الكذب.
مثل: أن هارون الرشيد كان أحد خلفاء بني العباس فهذا الأمر رواه وحدث به جمع من الناس عن جمع من الناس وكانوا من الكثرة بحيث يقول العقل: إن اتفاقهم على الكذب أمر محال، وذلك لاختلاف بلدانهم وأماكنهم مع عدم وجود الداعي إلى الكذب فمثل هذا يعد متواتر.
وكذا في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يرويه عنه صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة ويرويه عنهم جماعة من التابعين ويرويهم عنهم جماعة من تابع التابعين وهكذا.
بحيث يصل الناظر والمحدث إلى أن هذا الحديث لا شك ولا ريب في صدروه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري ومسلم وغيرهما من الأئمة.
أما حديث الآحاد فهو ما ليس بمتواتر.
مثل أن يروي الحديث واحد عن واحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو أكثر من واحد ولكن لا يبلغ مبلغ التواتر.
والحديث المتواتر يفيد القطع واليقين، وحديث الآحاد يفيد الظن الراجح في النفس، وكلما ازداد رواته الثقات كلما اطمأنت النفس.
فإذا علم أن السنة تنقسم إلى متواتر وآحاد فحينئذ ينقسم نسخ السنة بالسنة إلى أربعة أقسام محتملة عقلا وهي:
1- نسخ متواتر من السنة بمتواتر من السنة.
2- نسخ آحاد من السنة بآحاد من السنة.
3- نسخ متواتر من السنة بآحاد من السنة.
4- نسخ آحاد من السنة بمتواتر من السنة.
وهذه الحالات الأربع لم يذكروا لها أي مثال سوى نسخ الآحاد بالآحاد مثل حديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور وغيره.
أما البقية فليست بواقعة وحالة نسخ المتواتر بالآحاد رفضها كثير من العلماء لأن المتواتر قطعي فكيف ينسخ بظني وهو الآحاد!. والله أعلم.
فإذا رجعنا إلى الحالات الثلاث السابقة فنجد ما يلي:
1- نسخ الكتاب بالكتاب ( لا يكون فيه إلا نسخ متواتر بمتواتر ).
2- نسخ السنة بالسنة ( تحتمل أربع أقسام ذكرناها ولكن الواقع منها حالة واحدة وهي نسخ آحاد بآحاد )
3- نسخ السنة بالكتاب ( تحتمل حالتين أن تكون السنة المنسوخة متواترة وأن تكون آحاد والواقع هو نسخ سنة الآحاد) مثل نسخ استقبال بيت المقدس وهو حديث آحاد بآية قرآنية.
" طريق معرفة النسخ "
يعرف النسخ بطريقين هما:
أولا: دلالة اللفظ عليه.
مثل قوله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها. رواه مسلم.
فهذا لفظ صريح بوقوع النسخ.
ثانيا: معرفة تاريخ المتقدم والمتأخر.
مثال: عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أفطر الحاجم والمحجوم) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح.
والمعنى أن المحجوم وهو من عملت له الحجامة والحاجم وهو فاعل الحجامة لغيره كلاهما يفطر إذا كانا صائمين.
وهذا الحكم منسوخ بدليل ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ).
والثاني هو النسخ للأول لتأخره عنه بالزمن فإن ابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم محرما في حجة الوداع وهي سنة عشر من الهجرة.
وحديث شداد ابن أوس جاءت في بعض طرق الحديث أن احتجام النبي صلى الله عليه وسلم وقع في عام الفتح سنة ثمان للهجرة.
فحديث ابن عباس متأخر بسنتين فهو ناسخ لحديث شداد.
مسألة: في الفرق بين النسخ والتخصيص.
ربما يشتبه على البعض الفرق بين النسخ والتخصيص وبينهما فروق هي:
أولا: التخصيص تقليل بينما النسخ تبديل وهذا واضح.
أولا: التخصيص هو بيان أن المراد بالعام غير تلك الصورة الخاصة أي يمكن الجمع بينهما بينما في النسخ التناقض بين مدلوليهما واضح لا يتأتى معه الجمع.
ثانيا: التخصيص قد يكون بغير الوحي مثل القياس والإجماع بخلاف النسخ فلا يقع بغير وحي.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" التعارض بين الأدلة "
يراد بالتعارض بين الأدلة هو التنافي بين مدلولاتها.
وهو غير موجود في الأدلة الشرعية بحسب الحقيقة والواقع لأنها من عند الله سبحانه وتعالى.
وإنما يحصل التعارض للناظر فيها لقصور البشر، فالتعارض في الذهن لا في الواقع.
وإذا حصل هذا التعارض لزم الفقيه البحث عن وسيلة صحيحة لرفع هذا التعارض من ذهنه.
وهذه الوسيلة محصورة في ثلاث طرق مترتبة لا ينتقل إلى المرتبة التالية مع إمكان التي قبلها وهي:
( الجمع، ثم النسخ، ثم الترجيح ).
أولا: الجمع ومعناه: الجمع بين المتعارضين والتوفيق بين الدليلين.
وللجمع ثلاث طرق هي:
1- يحمل العام على الخاص.
2- يحمل المطلق على المقيِّد.
3- تأويل الدليلين بحمل كل منهما على حال بحيث لا يبقى تعارض بينهما.
مثال الحالة الأولى: قوله تعالى: ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) فيقتضي بعمومه أن المطلقة الحامل تلزم ثلاثة قروء.
وقال تعالى: ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) فدل على أن عدة الحامل المطلقة وضع الحمل فتعارض العام والخاص فنحمل العام على الخاص أي نستثني منه الصورة الخاصة.
وقد تكلمنا من قبل على العام والخاص.
ومثال الحالة الثانية: قوله تعالى: ( حرمت عليكم الميتة والدم ) فالدم مطلق يشمل المسفوح وغير المسفوح.
وقال تعالى: ( قل لا أجد فيما أوحيّ إليّ محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) فدل بمفهوم المخالفة أنه لا يحرم غير الدم المسفوح لأنه مقيد بصفة السفح، فتعارض المطلق والمقيد فنحمل المطلق على المقيد أي نستنسخ القيد ونضعه في المطلق فيرتفع التعارض لأنهما سيصيران مقيدين.
وقد تكلمنا من قبل على المطلق والمقيد.
ومثال الحالة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ) متفق عليه، فدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط.
وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة ) متفق عليه، فدل على جواز استدبار القبلة بالحاجة.
وقد جمع بينهما بحمل النهي على الفضاء وعدم الساتر، وحمل الجواز على البنيان ووجود الساتر.
" النسخ "
إذا لم نتمكن من الجمع بين الدليلين فننظر في التاريخ فإن كان أحد الدليلين متقدما في الزمن والآخر متأخرا في الزمن عملنا بالمتأخر لأن الظاهر أنه ناسخ للمتقدم.
مثال: عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أفطر الحاجم والمحجوم) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح.
وروى ابن عباس رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم ) رواه البخاري.
وحديث ابن عباس متأخر في الزمن عن حديث شداد ولم يمكن الجمع بينهما فحمل على أن الثاني ناسخ للأول.
وقد تقدم الكلام على النسخ مفصلا.
" الترجيح "
إذا لم نتمكن من الجمع بين الدليلين ولم نعرف المتقدم من المتأخر في الزمن كي نحمله على النسخ فحينئذ لم يبقى بأيدينا سوى الترجيح.
والترجيح هو: تقديم أحد الدليلين وترك الآخر، وهو تارة يكون من جهة النقل،وتارة من جهة المعنى.
فأما ما يكون من جهة النقل فهو خاص بالأحاديث النبوية، لأن القرآن نقل إلينا بالتواتر.
ولا نعني بالترجيح بالنقل أن يكون أحدهما صحيحا والآخر ضعيفا، لأنه لا تعارض أصلا بين صحيح وضعيف، لأن الضعيف لم يثبت فكيف يقوى على معارضة الثابت؟!.
وإنما نعني أن يكونا ثابتين من جهة الصنعة الحديثية، ولكن أحدهما أصح وأقوى سندا فحينئذ ما دمنا لم نستطع الجمع بينهما ولا القول بأن أحدهما نسخ الآخر ليس بأيدينا سوى أن نأخذ بالأقوى ونطرح الثاني.
مثال: ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم لا يعود ) رواه أبو داود والترمذي.
وجاء في رواية الخلفاء الراشدين وغيرهم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع منه ) متفق عليه.
فالحديث الأول ليس بقوة الثاني لأنه ورد من طرق متعددة وخرّج في الصحيحين فلذا نحكم بمدلول الثاني ونقول: إن من السنة رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه.
وأما ما يكون من جهة المعنى فمثل الترجيح بالأحوط.
فمثاله قوله تعالى: ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) فقوله تعالى ( أو ما ملكت أيمانكم ) يفيد حل ملك اليمين عموما ومنه صورة أن يجمع السيد بين أختين أمتين.
ولكن قوله تعالى في ذكر المحرمات من النساء ( وأن تجمعوا بين الأختين ) يفيد حرمة نكاح الأختين معا أي كل أختين حرتين أو أمتين.
فتعارضت الآيتين ولم يمكن الجمع بينهما ولا نعلم تاريخا للتقدم والتأخر فقدمنا مدلول وأن تجمعوا بين الأختين وحكمنا بحرمة الجمع بين أمتين معا لأنه أحوط وأبرأ للذمة.
" خلاصة الباب "
النسخ: إلغاء وحي سابق بوحي لاحق.
وشروطه أربعة:
1- أن يكون الناسخ والمنسوخ حكما شرعيا عمليا.
2- أن يكون الناسخ والمنسوخ ثابتين بالنص.
3- أن يكون الناسخ متأخرا في الزمن عن المنسوخ.
4- أن يكون بين الناسخ والمنسوخ تناقض.
ويقسّم النسخ باعتبارين: باعتبار المنسوخ وباعتبار الناسخ.
أولا: ينقسم النسخ باعتبار المنسوخ إلى :
1- نسخ حكم فقط.
2- نسخ لفظ فقط.
3- نسخ حكم ولفظ معا.
ثم نسخ الحكم نوعان:
أ- نسخ إلى بدل.
ب- نسخ إلى غير بدل.
ونسخ البدل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
* بدل أغلظ.
* بدل مساو.
* بدل أخف.
ثانيا: ينقسم النسخ باعتبار الناسخ إلى:
1- نسخ كتاب بكتاب.
2- نسخ سنة بسنة.
3- نسخ سنة بكتاب.
ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر ونسخ الآحاد بالمتواتر ونسخ الآحاد بالآحاد ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد.
والتعارض بين الأدلة يرفع بثلاثة طرق مترتبة:
1- الجمع بينهما إن أمكن.
2- أن ينسخ المتأخر المتقدم.
3- أن يرجح بينهما.
فإن لم يتمكن المجتهد من الترجيح توقف.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

مثل نسخ استقبال بيت المقدس وهو حديث آحاد بآية قرآنية.
أستاذنا الفاضل:
كيف يكون استقبال بيت المقدس حديث آحاد وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم سنتين إلى بيت المقدس؟؟؟ أليس من المتواتر العملي الذي شهده جمع من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

أستاذنا الفاضل:
كيف يكون استقبال بيت المقدس حديث آحاد وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم سنتين إلى بيت المقدس؟؟؟ أليس من المتواتر العملي الذي شهده جمع من الصحابة يستحيل تواطؤهم على الكذب.
نعم هو كذلك جزاك الله خيرا تم التصحيح في الملف الذي سيرفق إن شاء الله.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح الورقات شرح سهل وواضح.

" تعليقات على النص "
وأما النسخ فمعناه لغة الإزالة يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته.
وقيل معناه النقل من قولهم: نسختُ ما في هذا الكتاب أي نقلته.
........................................................................................................
بدأ المصنف بباب جديد من أبواب أصول الفقه وهو النسخ وتعرض أولا لتعريفه اللغوي ثم الشرعي فقال( وأما النسخ ) الذي هو أحد الأبواب المتقدم ذكرها في المقدمة ( فمعناه لغة الإزالة ) والإذهاب ( يقال ) في لغة العرب ( نسخت الشمسُ الظلَّ إذا أزالته ) فقريب طلوع الشمس تجد ظلا وعدم ضوء حتى إذا طلعت الشمس وارتفعت أزال ضوء الشمس هذا الظل، ويقال: نسخت الريح آثار القدم إذا أزالته من الأرض ومحته.
( وقيل معناه ) أي معنى النسخ ( النقل ) والتحويل ( من قولهم ) أي قول العرب ( نسختُ ما في الكتاب ) من كلام ( أي نقلته ) وحولته إلى صفحة أخرى قال تعالى: ( إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون ).
وهنا وقفات:
1- إن المصنف قال: ( وقيل معناه النقل ) فهذا تضعيف للقول الثاني وترجيح للقول الأول وهو الإزالة.
2- لا خلاف في أن النسخ في لغة العرب يستعمل بمعنى الإزالة وبمعنى النقل ولكن هل هو حقيقة في كلا المعنيين أو في المعنى الأول أو في المعنى الثاني؟
والجواب: إن مختار الكثيرين هو أنه حقيقة في المعنى الأول وهو الإزالة مجاز في المعنى الثاني وهو النقل وهذا هو الذي اختاره المصنف هنا.
3- النقل في قولهم ( نسخت ما في الكتاب ) هو نقل حكمي مجازي لأن النقل معناه أن تنقل الشيء من موضع إلى آخر كما تنقل الكتاب من مكتبة إلى أخرى أي تأخذه وتضعه في مكان آخر، وأما النسخ في الكتابة فأنت لا تنقل نقوش الكلمات من الكتاب إلى الصفحة بل تنقل أمثالها أي تكتب مثل ما كتب في الكتاب، والنقل الحقيقي هو أن تنتزع النقوش من الكتاب بحيث تختفي من الكتاب وتضعها في موضع آخر، فالفرق بين النقل الحقيقي والنقل المجازي هو عين الفرق بين كلمة ((cut التي بها تنقل النقوش حقيقة إلى موضع آخر وبين كلمة ((copy التي تنقل مثل النقوش المكتوبة فتنبه.


وحدُّهُ: هو الخطاب الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدِّم على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه.
........................................................................................................
( وحده ) أي تعريف الناسخ شرعا فالضمير في حده راجع إلى الناسخ لأن هذا التعريف يصدق على الناسخ لا على النسخ، فنفس الخطاب الدال على رفع الحكم هو الناسخ ورفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم بخطاب آخر على وجه لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه هو النسخ.
فإن قيل لم عدل عن تعريف النسخ إلى تعريف الناسخ مع أن الكلام على النسخ لأنه هو المذكور بقوله وأما النسخ.. ؟
والجواب: لإمكان أخذه بسهولة من حد الناسخ فهو عرّف الناسخ ومنه يعرف النسخ فلا إشكال.
( هو الخطاب ) أي الكلام واللفظ ( الدال على رفع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم ) أي هو الكلام والخطاب الثاني الرافع لحكم الخطاب الأول مثل آيتي عدة الوفاة.
وقوله ( الثابت بالخطاب ) وصف للحكم فالحكم المرفوع لا بد أن يكون ثابتا بنص من كتاب أو سنة وهذا القيد أخرج رفع الحكم الثابت بالبراءة الأصلية أي عدم التكليف بشيء لأنه قبل وجوب صوم رمضان مثلا لم يكن الصوم واجبا ثم جاء قوله تعالى كتب عليكم الصيام فهذا لا يسمى نسخا وإن كانت الآية رفعت حكما شرعيا وهو عدم وجوب الصوم وإباحة الفطر لأن هذا الحكم لم يثبت بخطاب شرعي أي لم تأت آية أو حديث يقول لا تصوموا أو لا يجب عليكم الصوم بل الحكم ثبت بالبراءة أي أن الأصل براءة ذمة المكلف من أي تكليف فلا صوم ولا صلاة ولا زكاة ولا حج لا يجب عليه شيء هذا هو الأصل ثم ترد النصوص لتثبت الأحكام فرفع الأحكام للبراءة الأصلية لا يسمى نسخا لأنها لم تثبت بخطاب.
وقوله ( على وجه ) أي على وصف هو أنه ( لولاه ) أي لولا وجود الخطاب الثاني ( لكان ) ذلك الحكم ( ثابتا ) أي غير مرفوع فلولا آية والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا لكان حكم العدة بالحول ثابتا غير مرفوع.وقوله ( مع تراخيه) أي مع تراخي الخطاب الرافع ( عنه) أي عن الخطاب المرفوع أي يتأخر عنه في الزمن.وهذا التعريف فيه طول وغير جامع لأنه لم يشمل رفع اللفظ كما في منسوخ التلاوة ولذا عدلنا عنه إلى إلغاء وحي سابق بوحي لاحق.


ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم، ونسخ الحكم وبقاء الرسم، ونسخ الأمرين معا.
والنسخ إلى بدل وإلى غير بدل.
وإلى ما هو أغلظ وإلى ما هو أخف.
ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب، ونسخ السنة بالكتاب، ونسخ السنة بالسنة.
ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر.
ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد.
........................................................................................................
ثم بدأ بتقسيم النسخ باعتبار نوع المنسوخ فقال (ويجوز نسخ الرسم ) أي كتابة الآية من المصحف فترفع ولا تكتب ولا تقرأ على أنها قرآن كما في الشيخ والشيخ إذا زنيا فارجموهما.. ( وبقاء الحكم ) فقد بقي حكم الرجم على المحصن مع رفع التلاوة.
( ونسخ الحكم وبقاء الرسم ) وهو الأكثر مثل آيتي عدة الوفاة.
( ونسخ الأمرين معا ) أي نسخ الرسم والحكم كما في عشر رضعات معلومات يحرمن نسخ لفظها وحكمها.
( والنسخ إلى بدل ) أي ويجوز نسخ الحكم إلى بدل كما في نسخ العدة بالحول إلى العدة بأربعة أشهر وعشر.
( وإلى غير بدل ) كما في نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول ولم يوضع بدل الصدقة شيء آخر.
( وإلى ما هو أغلظ ) في الحكم من المنسوخ كنسخ التخيير بين الصوم والصدقة في رمضان بوجوب الصوم.
( وإلى ما هو أخف ) كعدة الوفاة بأربعة أشهر وعشر وكذا ما هو مساو كاستقبال الكعبة بدل بيت المقدس.
ثم شرع في تقسيم النسخ باعتبار الناسخ فقال: ( ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ) مثل آيتي عدة الوفاة.
( ونسخ السنة بالكتاب ) مثل نسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالسنة بآية فول وجهك شطر المسجد الحرام، ( ونسخ السنة بالسنة ) مثل نسخ تحريم زيارة القبور وأما نسخ الكتاب بالسنة فلا يجوز.
(ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر) أي من الكتاب والسنة فينسخ القران بالقرآن وينسخ متواتر السنة بمتواتر السنة ولم يعلم له مثال.( ونسخ الآحاد بالآحاد وبالمتواتر ) مثال الآحاد حديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور وأما نسخ المتواتر بالمتواتر فكنسخ استقبال بيت المقدس الثابت بالتواتر بالقرآن.
( ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد ) لأن الآحاد دون المتواتر في القوة.


فصل
إذا تعارض نطقان فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين أو أحدهما عاما والآخر خاصا أو كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه.
فإن كانا عامين: فإن أمكن الجمع بينهما يجمع، وإن لم يمكن الجمع بينهما توقف إن لم يعلم التاريخ فإن علم التاريخ ينسخ المتقدم بالمتأخر.وكذلك إن كانا خاصين.
.......................................................................................................
هذا الفصل معقود لبيان كيفية رفع التعارض بين الأدلة وخلاصة ما ذكره المصنف أن الدليلين المتعارضين إما أن يكونا عامين أو خاصين أو أحدهما عاما والآخر خاصا أو كل واحد منهما عاما من وجه خاصا من وجه آخر، فإذا كانا عامين أو خاصين فرفع التعارض يكون بالجمع ثم النسخ ثم الترجيح، وإذا كان أحدهما عاما والآخر خاصا فرفع التعارض بالجمع فقط بتقديم الخاص على العام، وإذا كان كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه آخر فيخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر.
هذه خلاصته والأدق منه والأخصر أن يقال رفع التعارض يكون بالجمع ثم الترجيح ثم النسخ وتجعل تلك الأقسام الأربعة من كونهما عامين أو خاصين.. إلخ أمثلة لطرق رفع التعارض والله أعلم.
(إذا تعارض نطقان ) قد سبق في كلام المصنف تفسير النطق بقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مخرج لتعارض الفعلين بناء على أنه لا تعارض بينهما واختار بعض الأصوليين وقوع التعارض بين الفعلين وكذا بين القول والفعل فيحتاج إلى رفعه بوسيلة من وسائل الرفع.
( فلا يخلو إما أن يكونا عامين أو خاصين أو أحدهما عاما والآخر خاصا أو كل واحد منهما عاما من وجه وخاصا من وجه ) هذا إجمال وسيأتي التفصيل.
( فإن كانا عامين ) أي متساويين في العموم ( فإن أمكن الجمع بينهما جمع ) مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح فهو يقتضي إباحة كل جلد دبغ.
تعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) رواه أحمد وغيره وهو صحيح فهو يقتضي عدم إباحة الانتفاع بأي إهاب لأن إهاب نكرة وقع في سياق نهي فيعم.
وجمع بينهما بأن الإهاب في اللغة هو اسم للجلد الذي لم يدبغ فيباح الانتفاع بالإهاب إذا دبغ ولا يباح الانتفاع بالإهاب إذا لم يدبغ.


وكذلك إن كانا خاصين.
وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا فيخصص العام الخاص.
وإن كان أحدهما عاما من وجه وخاصا من وجه فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر.
........................................................................................................
(وإن لم يمكن الجمع بينهما توقف إن لم يعلم التاريخ ) أي توقف في العمل بالدليلين إن لم يظهر مرجح لأحدهما على الآخر فإن ظهر مرجح عمل به، ثم إن التوقف أمر نسبي فإنه قد يتوقف مجتهد بينما لا يتوقف آخر لظهور مرجح عنده، مثاله مسألة الجمع بين الأختين الأمتين فقد توقف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وقال حرمتهما آية وأحلتهما آية رواه مالك في الموطأ ورجح الفقهاء الحرمة للاحتياط.
(فإن علم التاريخ ينسخ المتقدم بالمتأخر) مثل آيتي عدة الوفاة.
والخلاصة هي أنه يلجأ للجمع ثم للنسخ إن علم التاريخ ثم للترجيح إن ظهر مرجح ثم التوقف إن لم يظهر له مرجح.
( وكذلك إن كانا خاصين ) فيلجأ إلى الجمع ثم النسخ ثم الترجيح ثم التوقف كما هو الحال في العامين.
(وإن كان أحدهما عاما والآخر خاصا فيخصص العام الخاص ) مثل قوله تعالى والمطلقات يتربصن... مع قوله وأولات الأحمال ... فالمطلقات عامة في كل مطلقة وأولات الأحمال خاصة في الحامل أي خصوصا إضافيا لأنها في نفسها عامة فإن أولات الأحمال جمع مضاف يقتضي العموم ولكن بالمقارنة مع المطلقات تكون خاصة كما كنا بيناه من قبل.
(وإن كان أحدهما عاما من وجه وخاصا من وجه ) أي يجتمعان في مثال وينفرد كل واحد منهما في مثال.
(فيخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر ) مثال ذلك أن يقال أكرم الرجال ثم يقال لا تكرم الكفار، ويراد بالكفار ما يشمل الكافر والكافرة، فالرجال والكفار يجتمعان في الرجال الكفار، وينفرد الرجال في الرجال المؤمنين، وينفرد الكفار في النساء الكافرات وحينئذ فبينهما عموم وخصوص من وجه.
فيجمع بينهما بأن نخص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر فنقول: أكرم الرجال إلا الكفار منهم ولا تكرم الكفار إذا كانوا رجالا فحينئذ لا بأس بإكرام المرأة الكافرة.
ومن الأمثلة الشرعية مثلوا له بقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه ) رواه ابن ماجة وهو ضعيف بزيادة الاستثناء وصحيح بدونها.
فالحديث الأول عام في المتغير وغيره ولكنه خاص بالقلتين، والثاني عام يشمل القلتين وما دونهما ولكنه خاص بالمتغير، فيجمع بينهما بتخصيص عموم كل منهما بخصوص الآخر فنقول إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث إلا إذا تغير، وإن الماء إذا بلغ قلتين لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه.
هذا إذا أمكن الجمع بينهما، أما إذا لم يمكن الجمع بينهما فنلجأ للترجيح بينهما.
مثال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ بدّل دينه فاقتلوه ) رواه البخاري.
وجاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهى عن قتل النساء ).
فالحديث الأول عام في الرجال والنساء ولكنه خاص بأهل الردة.
والحديث الثاني عام في النساء الحربيات- أي الكافرات غير المعاهدات- والمرتدات ولكنه خاص بالنساء.
فإذا أردنا الجمع بالطريقة السابقة قلنا من بدل دينه فاقتلوه إلا المرأة، ونهى عن قتل النساء إلا المرتدات.
فلم تفلح هذه الطريقة برفع التعارض لأنه يبقى التعارض قائما هل تقتل المرتدة أو لا؟
فلا تنفع طريقة أن نخصص عموم كل منهما بخصوص الآخر فنلجأ للترجيح وذلك إما أن يخص عموم الأول فقط بخصوص الثاني ويصير المعنى من بدل دينه فاقتلوه إلا النساء ويبقى عموم النهي عن قتل النساء على حاله بلا تخصيص، وإما أن يخص عموم الثاني فقط بخصوص الأول ويصير المعنى نهى عن قتل النساء إلا المرتدات ويبقى عموم من بدل دينه فاقتلوه على حاله بلا تخصيص.
وقد رجح أن المرأة المرتدة تقتل أي يعمل بعموم الحديث الأول ويكون النهي عن قتل النساء خاص بالحربيات وسبب الترجيح هو أن حديث النهي عن قتل النساء جاء لحفظ حق الغانمين فيبقى الأول على عمومه ويخص الثاني بالحربيات.
ثم أقول إن هذا التفصيل قليل الجدوى وقد خلت عنه كثير من المطولات فالأولى طرحه والاعتماد على رفع التعارض بالجمع ثم النسخ ثم الترجيح ثم التوقف بغض النظر عن نوع الأمثلة المتعارضة من حيث العموم والخصوص. والله أعلم.
" تمارين 1 "
بيّن موضع النسخ ونوعه في النصوص التالية؟
1- قال الله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) وقال تعالى: ( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين).
2- قال الله تعالى: عن الزانية ( فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت ) وقال تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحدا منهما مائة جلدة ).
3- ( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثًا ثم نهى عنها). رواه مسلم.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الماء من الماء ) رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) رواه البخاري.
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وادخروا ما بدا لكم ) رواه الترمذي.
" تمارين 2 "
بين طريقة الجمع بين النصوص المتعارضة الآتية؟
1- قال الله تعالى: ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) وقال تعالى: ( وقفوهم إنهم مسئولون ).
2- قال تعالى: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) متفق عليه.
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر، حتى تغيب الشمس) متفق عليه، وقال ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) متفق عليه.
 
أعلى