رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي
جزاك الله تعالى يا أم طارق مزيدا من الفقه والتفقه، ونفع بك...ولي تعقيب على بعض ماورد في الدرس أعلاه
أولا:
[FONT="]وذهب بعض الأصوليين، قيل هم بعض المتكلمين، وقيل بعض الشافعية، إلى أن السبب هو أول الوقت فقط، فإذا أخر الواجب عنه كان قضاء لا أداء، ولكن هل يأثم المكلف بهذا التأخير؟ خلاف بين أصحاب هذا المذهب، فذهب بعضهم إلى التأثيم، وذهب آخرون إلى عدم التأثيم.
[FONT="]وهذا المذهب يعني التسوية بين الواجب الموسع والواجب المضيق، أو إلغاء الواجب الموسع من أصله، وقد استدل أصحاب هذا المذهب بحديث النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT="]: (الصلاة في أول الوقت رضوان الله، وفي آخره عفو الله)، فإن العفو لا يكون إلى عن ذنب، ولو كان آخر الوقت سببا في الوجوب لما كان أداء الصلاة فيه ذنبا يستوجب العفو من الله تعالى، فدل ذلك على أن أول الوقت هو السبب، وتأخيره عنه قضاء وذنب يستوجب العفو من الله تعالى. [/FONT]
[FONT="]وأجيب عن هذا الدليل بأن أقصى ما يفيده الحديث الشريف أن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل من أدائها في آخره، وأن ترك الأفضل مخالفة تستحق العفو من الله تعالى، فيحمل الحديث عليها، ولا يمكن أن يصل هذا التقصير إلى درجة العقوبة، وإلا لصرح الشارع بها كما صرح بالعقوبة المترتبة على إخراج الصلاة عن وقت، ولكنه لم يصرح بالعقوبة، فكان ذلك دالا على الوقت الأفضل فقط، وليس ذلك محل خلاف، إنما الخلاف على الوقت الذي هو سبب الوجوب، وهذا ما ليس في الحديث دلالة عليه.
الحديث أخرجه الترمذي في سننه[/FONT][/FONT][FONT="] كتاب الصَّلاة ، باب ما جاء في الوقت الأَوَّل من الفضل1/516 رقم[/FONT][FONT="]171[/FONT][FONT="] [/FONT] والحديث المستدل به فيه يعقوب بن الوليد، وهذا قد كذبه الإمام أحمد وسائر الحفاظ
[FONT="][1][/FONT]، وقال ابن حبان:" ما رواه إلا يعقوب، وكان يضع الحديث على الثقات.." وحديث هذه صفته لا يصح الاحتجاج به لإثبات ما ذهبوا إليه.
أضف إلى هذا بأن أقصى ما يفيده الدليل – لو صح- وهو كما تفضلت بذكره أن أداء الصلاة في أول الوقت أفضل من أدائها في آخره، وأن تقصير المكلف عن الأداء الأفضل للواجب مخالفة تستحق العفو من الله تعالى، ويؤيد ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال – لما سأله بعض الصحابة: أي الأعمال أفضل؟-" الصلاة على وقتها".
[FONT="] ثانيا:فمن ذهب إلى أنه -أي الأداء -من تقسيمات العبادة المؤقتة مطلقا واجبة كانت أو غير واجبة عرَّف الأداء بأنه فعل العبادة في وقتها المحدد لها شرعا أولاً، أو ما فعل في وقته المقدر له شرعا أولاً....و[/FONT][FONT="]اختلف الفقهاء في تعريف القضاء كاختلافهم في تعريف الأداء، لأنه نقيضه، فأصحاب التعريف الأول للأداء عرفوا القضاء بأنه: (ما فعل بعد وقته المقدر له شرعا أولا استدراكا لما سبق له وجوب) فشمل ذلك تأخير الواجب عن وقته عمدا أو سهوا، كما شمل التأخير عن الوقت مع التمكن من الأداء، كالمسافر مثلا، أو مع عدم التمكن منه كالمريض والحائض والنائم.
الملاحظ أن التقييد ب"[/FONT][FONT="]استدراكا لما سبق له وجوب" [/FONT][FONT="]في التعريف الوارد للقضاء هنا أخرج النوافل بعد أن كانت مشمولة في التعريف الأول للأداء.. [/FONT][FONT="][/FONT][FONT="]فمثلا البيضاوي الشافعي المذهب، كان المفروض أن يعرف القضاء بما يشمل الواجب والنفل، لأن النوافل تقضى على مذهبه، لكنه قيد التعريف بما يفيد تخصيص القضاء بالواجب، فكان القضاء عنده :هو الإتيان بالعبادة بعد خروج وقتها المعين شرعا، بشرط أن يوجد في الوقت سبب وجوبها. ففي المنهاج:"وإن وقعت بعده([/FONT][FONT="]أي[/FONT][FONT="] العبادة بعد الوقت) ووجد فيه سبب وجوبها فقضاء"، وما ذكر هنا تعليقا ينطبق على تعريف ابن الحاجب من المالكية الذي عرف القضاء بأنه" ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق له الوجوب مطلقا"[/FONT]
[FONT="][1][/FONT][FONT="].والحاصل أنه قد اتفق التعريفان الأولان للقضاء وإن اختلفا في تعريف الأداء.
ثالثا:
[/FONT]
[FONT="]التعريف الثالث[FONT="]: [/FONT]
[FONT="]هذا التعريف جامع شامل لكل المأمورات، سواء أكان الأمر فيها على سبيل الوجوب أو على سبيل الندب أو على سبيل الإباحة، وهو يشمل المأمورات المؤقتة وغير المؤقتة على حد سواء، كما يدخل فيه ما كان من حقوق الله تعالى وما كان من حقوق العباد، لذلك كان التعريف المرجح لدى جماهير الأصوليين، لشموله وصدقه على كل أفراده. [/FONT][/FONT]
[FONT="]وهذا رأي عامة الحنفية[/FONT]
(1)[FONT="] وليس جماهير الأصوليين... إلا أن المراد عند أغلبهم المأمور به على الوجوب لا غيره[/FONT]
[FONT="][1][/FONT] [FONT="]وعلى هذا فان التعارض ظاهر بين ما يفيده التعريف الاصطلاحي للقضاء القاصر على الواجب فقط دون النفل، وبين ما هو متفق عليه في المذاهب الأربعة بأن القضاء يجري في سنة الفجر، وان اختلف في قضاء بعض النوافل.[/FONT]
[FONT="]فائــدة :[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]قال الرازي في المحصول: "والفعل لا يسمى
قضاء إلا إذا وجد سبب وجوب الأداء مع أنه لم يوجد الأداء ، ثم القضاء على قسمين: [/FONT]
[FONT="] أحدهما ما وجب الأداء فتركه وأتى بمثله خارج الوقت فكان قضاء وهو كمن ترك الصلاة عمدا في وقتها ثم أداها خارج الوقت. [/FONT]
[FONT="] وثانيهما ما لا يجب الأداء وهو أيضا قسمان: [/FONT]
[FONT="] أحدهما أن يكون المكلف ممن لا يصح منه الأداء، والثاني أن يصح منه ذلك. [/FONT]
[FONT="] أما الذي لا يصح منه الأداء فإما أن يمتنع ذلك عقلا كالنائم والمغمى عليه فإنه يمتنع عقلا صدور فعل الصلاة منه، وإما أن يمتنع ذلك منه شرعا كالحائض فإنه لا يصح منها فعل الصوم لكن لما وجد في حقها سبب الوجوب ـ وهو شهود الشهرـ وإن لم يوجد وجوب الأداء سمي الإتيان بذلك الفعل خارج الوقت قضاء .[/FONT]
[FONT="] وأما الذي يصح ذلك الفعل منه وإن لم يجب عليه الفعل، فالمقتضي لسقوط الوجوب قد يكون من جهته كالمسافر فإن السفر منه وقد أسقط وجوب الصوم، وقد يكون من الله تعالى كالمريض فإن المرض من الله وقد أسقط وجوب الصوم. [/FONT]
[FONT="] ففي جميع هذه المواضع اسم القضاء إنما جاء لأنه وجد سبب الوجوب منفكا عن الوجوب لا لأنه وجد وجوب الفعل[/FONT][FONT="][1][/FONT][FONT="]، وبمعنى أوضح: إن الشيء الذي ليس بواجب هو أداء العبادة حال العذر، أما جعلها واجبة في الذمة فهو واجب لاشك فيه يستدرك فعلها بالقضاء.[/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] ـ المحصول للرازي 1/149،150 بتصرف بسيط.[/FONT]
[FONT="][/FONT]
http://www.feqhweb.com/vb/#_ftn1[FONT="][/FONT]
(1) [FONT="]انظر[/FONT] [FONT="]فواتح[/FONT] [FONT="]الرحموت[/FONT] [FONT="] 1/85-86، والعضد 1/232.[/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - قال النسفي من الحنفية في تعريف الأداء:"هو تسليم عين الواجب بالأمر" المنار (مع فتح الغفار) 1/40[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - المنهاج (مع نهاية السول)1/64-65، و[/FONT][FONT="]مختصر ابن الحاجب 1/232[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]
[/FONT][FONT="][/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - المنهاج (مع نهاية السول)1/64-65، و[/FONT][FONT="]مختصر ابن الحاجب 1/232[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - المنهاج (مع نهاية السول)1/64-65، و[/FONT][FONT="]مختصر ابن الحاجب 1/232[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT] [FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]