العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين،
إن علم أصول الفقه من أجل العلوم الإسلامية، وهو من العلوم التي تميز بها التشريع الإسلامي الذي لم يسبقه إلى مثله تشريع آخر،

ومن أهم بحوث علم أصول الفقه المباحث المتعلقة "بالحكم الشرعي" .
وسوف أخصص هذه السلسلة المباركة للحديث عن هذه المباحث
وذلك بالرجوع إلى كتب أصول الفقه المعاصرة والحديثة لوضوح عبارتها وسهولة تبويبها
وأخص بالذكر كتاب
[FONT=&quot]بحوث في علم أصول الفقه
[/FONT]
[FONT=&quot]أ.د. أحمد الحجي الكردي[/FONT]

*********************
أرجو من الله أن ينفع بهذه الدروس طلاب العلم وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم،
وأن يعفو عما يكون قد زل به القلم أو أخطأه الفكر.
والله تعالى من وراء القصد.

والحمد لله رب العالمين

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

[FONT=&quot]الدرس الثاني عشر[/FONT]
التقسيم الثالث للواجب: من حيث تعيين الملزم بفعله
[FONT=&quot]

[/FONT]​
[FONT=&quot]ينقسم الواجب من هذه الحيثية إلى قسمين: واجب على العين، وواجب على الكفاية. [/FONT]
1- [FONT=&quot]فالواجب على العين:[/FONT][FONT=&quot]ويسمى الواجب العيني، هو الواجب المتعلق بجميع أفراد المكلفين على وجه لا يتأدى إلا بفعل كل واحد منهم له. [/FONT]
2- [FONT=&quot]الواجب الكفائي:[/FONT][FONT=&quot]وهو الواجب المتعلق بجماعة المكلفين على وجه يتأدى فيه بفعل البعض منهم له، لحصول الغرض منه بفعل بعض المكلفين(1)، فإذا تركوه جميعا أثموا كلهم، لعدم حصول الواجب منهم. [/FONT]

[FONT=&quot]معنى هذا التقسيم ومنشأه: [/FONT]
[FONT=&quot]كل الواجبات التي شرعها الله جل شأنه الحكمة فيها شيئان، هما تربية البشرية جمعاء، وإقامة العدالة بينها، والتربية لا تتحقق إلا بالتزام كل واحد من المكلفين الواجبات التي شرعت له، لأن التربية أمر شخصي ذاتي لا يصلح أن يقوم فيه إنسان مقام آخر، كالقوة البدنية تماما، لا تتم لإنسان إلا إذا قام بالرياضة لها بنفسه، ولا يغني عن ذلك قيام غيره بها مهما كان ذلك الغير. [/FONT]
[FONT=&quot]أما إقامة العدالة وتأمين المصالح فتتحقق بفعل البعض دون الكل، لأن الغاية منها نوعية وليست شخصية، كالقضاء والجهاد، فإن الغاية منها إقامة العدالة بين الناس وكسر شوكة الأعداء ورد أذاهم. [/FONT]
[FONT=&quot]
لهذا كله انقسمت الواجبات إلى هذين القسمين، فما كان منها متعلقا بجانب التربية اعتبر واجب عين لا يتأدى فيه الواجب إلا بفعل كل إنسان مكلف له، فإذا ما تركه إنسان من المكلفين أثم لوحده، ولم يغن عنه قيام غيره به
. [/FONT]
[FONT=&quot]وما كان منها متعلقا بجانب العدالة ومصلحة المجتمع دون النظر إلى أفراد هذا المجتمع اعتبر واجب كفاية يتأدى فيه الواجب بفعل بعض المكلفين له، ويسقط الوجوب عن الباقين بذلك، فإذا تركوه جميعا أثموا كلهم لفوات المصلحة المترتبة على هذا الوجوب كليا. [/FONT]
[FONT=&quot]
وهذا التقسيم للواجب منطقي وضروري، ومجافاته جور وعبث، ذلك أن مصالح المجتمع كثيرة ومتعددة، لا يستطيع كل مكلف القيام بها جميعا، كالعلم والقضاء والجهاد والمهن كلها.. فإذا ما كان وجوبها عليه عينا كان تكليفا بما لا يطاق، وجورا ينزه التشريع الإسلامي عنه، ثم إن في تكليف المؤمنين جميعا به خروجا عن الحكمة التي يتصف الله سبحانه وتعالى بها، ذلك أن فيه جعل كل الناس علماء بالفقه وبالأصول وبالكيمياء والفيزياء والخياطة والتجارة.. وهو لا شك -على ما فيه من استحالة- عبث من العبث لعدم الحاجة إليه، والعبث لا يليق بأي تشريع فضلا عن التشريع الإسلامي الصادر من حكيم حميد(2)
. [/FONT]

[FONT=&quot]حكم الواجبين العيني والكفائي: [/FONT]
[FONT=&quot]اتفق الفقهاء على أن حكم الواجب العيني التزام كل مكلف به وعدم براءة ذمته منه إلا بالأداء شخصيا، وأن الواجب الكفائي حكمه براءة ذمة المكلفين به بفعل جماعة منهم له، على أن الثواب خاص بالجماعة التي قامت به دون غيرها، فإذا تركوه جميعا أثموا كلهم. [/FONT]

[FONT=&quot]محل تعلق الواجب الكفائي: [/FONT]
[FONT=&quot]واتفق الفقهاء أيضا على أن الواجب العيني متعلق بذمة المكلفين به جميعا، أما الواجب الكفائي فقد اختلف الفقهاء في متعلقة على أربعة مذاهب، هي: [/FONT]
1- [FONT=&quot]مذهب الجمهور من الفقهاء: وهو أن الخطاب في الواجب الكفائي متعلق بالكل الإفرادي، أي هو متعلق بكل فرد من أفراد المكلفين على حد سواء. [/FONT]
2- [FONT=&quot]وذهب آخرون: إلى أن الخطاب متعلق ببعض من الجماعة المكلفة به، وإليه مال صاحب المحصول. [/FONT]
3- [FONT=&quot]وذهب آخرون أيضا: إلى أن الخطاب متعلق ببعض من الجماعة معلوم عند الله تعالى ولا نعلمه نحن.[/FONT]
4- [FONT=&quot]وذهبت طائفة من الفقهاء: إلى أن الخطاب متعلق ببعض من الجماعة هم المشاهدون للشيء محل الواجب. [/FONT]

[FONT=&quot]الأدلــــــة: [/FONT]
[FONT=&quot]استدل الجمهور لمذهبهم بأدلة منها: [/FONT]
أ‌- نصوص كثيرة من القرآن الكريم والسنة الشريقة، منها قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:216)، وقوله صلى الله عليه وسلم[FONT=&quot]: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وهي كلها جاءت عامة فتشمل كل المكلفين دون التحديد بفئة معينة، ولا مخصص لهذا العموم، فلا يجوز العدول عنه. [/FONT]
[FONT=&quot]ب - اتفق الفقهاء على أن المكلفين لو تركوا الواجب الكفائي جميعا أثموا كلهم، والإثم دليل الوجوب، فدل ذلك على أن الوجوب متعلق بالجميع(3). [/FONT]
استدل أصحاب المذهب الثاني بأدلة منها[FONT=&quot]: [/FONT]
[FONT=&quot]أ - بأن الواجب الكفائي يسقط بفعل البعض بالاتفاق، ولو كان واجبا على الكل لم يسقط بفعل البعض كسائر العبادات، لأن الواجب إذا ما استقر في الذمة لم يسقط إلا بالأداء أو النسخ، ولا نسخ هنا لعدم قيام دليله، أما الأداء فمتفق على إجزاء البعض فيه عن الكل، فكان لا بد من اعتبار الوجوب متعلقا بالبعض فقط، ولما كان لا مرجح لبعض على غيره من أفراد الجماعة اعتبر الواجب متعلقا ببعض منهم. [/FONT]
[FONT=&quot]ب - اتفق الفقهاء على صحة التكليف ببعض مبهم، وهو مما يسمى بالواجب المخير على ما سيأتي، فكان تكليف بعض مبهم صحيحا قياسا عليه، أي إن أصحاب هذا المذهب قاسوا الإبهام في المكلف على الإبهام في المكلف به، بجامع وجود البعضية والإبهام في كل، ولما كان الأول محل اتفاق على جوازه وصحته، كان الثاني صحيحا قياسا عليه في نظرهم(4). [/FONT]
[FONT=&quot]ج - بعض الواجبات الكفائية جاءت فيها نصوص توجه الخطاب إلى جماعة مبهمة من المكلفين دون جميع المكلفين، من ذلك قوله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122)، فإن الخطاب متجه إلى طائفة فقط دون جميع المؤمنين، ولا فارق معتبرا بين الجهاد والتعليم وغيرهما من الواجبات على الكفاية، فدل ذلك على أن الخطاب في الواجب الكفائي متجه إلى بعض مبهم من المكلفين دون جميعهم قياسا على ذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]د - لو قلنا بتكليف الكل للزم منه العبث، ذلك أن بعض المكلفين إذا أتى بالواجب وزادوا عليه لإثبات أن البعض معين في علم الله، لأن الله عالم بكل شيء، فلا يصح أن يعتبر البعض المتعلق به الخطاب هنا مبهما مجهولا، فاعتبر بعضا معلوما له لذلك. [/FONT]
أما أصحاب المذهب الرابع[FONT=&quot]، [/FONT]
[FONT=&quot]فقد استدلوا أيضا بما استدل به أصحاب المذهب الثاني، وزادوا عليهم لإثبات أن البعض المخصوص بالخطاب هو من شاهد الفعل الذي تعلق الواجب به دون غيره، أن التكليف لا يصح إلا بما هو مقدور للمكلف، وتكليف الغافل عن الفعل تكليف بما هو غير مقدور، فكان الخطاب متعلقا بمن حضر الفعل أو علم به دون غيره، مثل صلاة الجنازة، فإنها واجبة على من جاور الميت أو علم به دون سائر المكلفين الذين لم يعلموا بذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد ناقش الجمهور أدلة القائلين باتجاه الخطاب في الواجب الكفائي إلى بعض المكلفين دون غيرهم بما يأتي: [/FONT]
أ‌- [FONT=&quot]ناقشوا الدليل الأول بأنه لا لزوم للنسخ، لأن سقوط الأمر قبل الأداء قد يكون للنسخ وقد يكون لانتفاء علِّية الوجوب، ولا نسخ هنا لحصول المقصود من إيجابه بإتيان واحد به، فيكون السقوط لزوال العلة الداعية إلى الوجوب لا لنسخ الوجوب، مثل الجهاد، علته دفع العدو، فإذا قام جماعة من الناس بدفعه سقط الوجوب عن الباقين لزوال علِّية الوجوب، فلا ضرورة للزوم النسخ هنا(5). [/FONT]
ب‌-[FONT=&quot]ونوقش الدليل الثاني بأن القياس باطل لمقابلته النصوص التي تقرر أن الواجب الكفائي واجب على الكل مثل قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:218)، وغيره. ثم هو على التسليم بعدم معارضته النصوص قياس مع الفارق، فإن تأثيم المبهم غير التأثيم بترك المبهم، إذ الأول غير معقول أما الثاني فهو معقول، بل هو محل اتفاق الفقهاء. [/FONT]
[FONT=&quot]ج- أما الاستدلال ببعض النصوص التي يتوجه فيها الخطاب ظاهرا للبعض، فإنه يجاب عنه بأن الخطاب فيها لم يتجه في الحقيقة إلى البعض، إنما هو متجه للكل حكما ضرورة عدم تعيين هذا البعض، ولكنه يسقط عن الباقين بعد فعل البعض له جمعا بين هذا الدليل والأدلة السابقة عليه التي استدل بها الجمهور لمذهبهم، هذا إلى جانب أن الخطاب لم يتجه أصلا في هذه الآية الكريمة وأمثالها إلى البعض، إنما المقصود منه تحريض المؤمنين على طلب العلم والجهاد بخروج بعضهم له. [/FONT]
[FONT=&quot]د- أما لزوم العبث فغير وارد أصلا، ذلك أن الأمر مقيد ضمنا بالسقوط عند أداء البعض له، بمعنى أن البعض إذا فعله سقط الوجوب عن الباقين ضرورة سقوط الإثم عنهم، فلم يبق في التكليف به عبث. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]لهذه الأدلة والمناقشات نرى أن مذهب الجمهور هو الأرجح الأقرب للواقع، وإن كان الخلاف من أصله نظريا أكثر منه عمليا، ولا ينتج عنه إلا بعض الآثار القليلة. [/FONT]

[FONT=&quot]انتقال الواجب الكفائي إلى واجب عيني: [/FONT]
[FONT=&quot] ينتقل الواجب الكفائي إلى واجب عيني في الحكم إذا ما تعين فرد معين أو جماعة معينة لأدائه دون غيرها، كمهنة الطب مثلا، إذا انحصرت في واحد معين لا يعملها غيره، أو مهنة الفتوى إذا عم الجهل بالأحكام كل الناس إلا فئة قليلة لا تكفي لسد حاجة الناس من بيان الحق لهم في مسائلهم وقضاياهم، فإنه في هذه الحال ينقلب الواجب في حق هذه الجماعة التي انحصر إمكان أداء الواجب بها من واجب كفائي إلى واجب عيني، ولا يسع واحدا منها أن يتأخر عن أداء الواجب، فإذا ما تأخر عنه إثم، ولم يغن عنه قيام غيره به، ما دامت الحاجة لا ترتفع بقيام ذلك الغير. [/FONT]
_________________________
(1)[FONT=&quot] حاشية السيد على شرح العضد: 1/234.[/FONT]
(2)[FONT=&quot] فواتح[/FONT] الرحموت[FONT=&quot] 1/63.[/FONT]
(3)[FONT=&quot] فواتح[/FONT] الرحموت [FONT=&quot] 1/63،والعضد 1/234. [/FONT]
(4) انظر فواتح الرحموت [FONT=&quot] 1/64،والعضد 1/234.[/FONT]
(5)[FONT=&quot] فواتح[/FONT] الرحموت [FONT=&quot] 1/63.[/FONT]
 
إنضم
18 أبريل 2011
المشاركات
6
الكنية
أبو وائل
التخصص
علوم شريعة
المدينة
دمشق
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

شكرا لك أختي أم طارق على هذه الدروس القيمة، وبارك الله في قلمك، ولكي تكون هذه الصفحة مفيدة أحب أن أطرح بعض الملاحظات قصدي منها شحن الأذهان، والاستفادة والإفادة، لعل ذلك يحسب لنا جميعا في ميزان حسناتنا، وهذه الملاحظات لضيق الوقت أرسلها بالتدريج.
الملاحظة الأولى: ما يرتبط بتعريف الحكم الشرعي الذي ابتكر علم الأصول لخدمته. مما ينبغي أن يلتفت إليه الباحث هو أن الحكم الشرعي جاء على اصطلاحات متعددة إن لم نلتفت إليها فربما يعترض على تعريف بما هو من خصائص تعريف آخر. فمثلاً التعريف الذي ذكرتيه للحكم الشرعي، والذي صُدّر بخطاب الشارع، فإنّ المقصود من الحكم بحسب هذا التعريف ـ وهو اصطلاح المشهور ـ ما يكشف عن الحكم الشرعي، وإلا فإن الحكم الشرعي باصطلاح آخر ليس هو الخطاب، وإنما ما يدل عليه الخطاب مما يقتضي التخيير والاقتضاء. والذي أريد أن أنبه عليه في هذه الملاحظة هو لزوم التفات الباحث الى الاختلاف في اصطلاح الحكم الشرعي، فإن الحكم الشرعي الذي ينقسم إلى سبعة أقسام باصطلاح الأحناف وإلى خمسة باصطلاح غيرهم هو مفاد الخطاب وليس الخطاب نفسه.
الملاحظة الثانية: ترتبط بما جاء في الدرس الثاني من محترزات التعريف، فلقد أجدتِ في ذلك ولكن عندي ملاحظة صغيرة ترتبط باحترازية (لفظ الجلالة) فيما يرتبط بالقياس، فإن القياس وإن كان مثبتاً للحكم عند من يقول به، إلا أن مجرد ذلك لا يكفي لإدخال الحكم المثبت به في خطاب الله تعالى إنْ لم يكن القياس وسيلة شرّعها الله تعالى لإثبات حكمه، فإن القياس ـ على القول به ـ يثبت حكماً غير موجود في الكتاب والسنة، فلا بدّ لإدراج هذا الحكم في خطاب الله من إثبات أن الله تعالى شرّع هذه الأداة (القياس) لاستخراج أحكامه المتجددة. وإلا فلن يكون الحكم الثابت في القياس داخلاً في تعريف الحكم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الدكتور الفاضل أحمد الأمجدي:
جزاكم الله خيراً على مروركم
أولاً:
حتى أنسب الفضل لأهله فإن هذه المذكرات رجعت فيها إلى كتب الأصول الفقهية المعاصرة وبالأخص كتاب الدكتور أحمد الكردي ( بحوث في علم أصول الفقه).
ثانياً: كم أسعد بملاحظات الأساتذة المتخصصين أمثالكم، وكما ذكرت للدكتورة أم صفاء في مشاركة سابقة فإن ملاحظاتكم هذه تثري الموضوع وتزيد من فوائده، كما أنها ستضاف إلى المذكرة التي سوف نعدّها من الدروس بعد الانتهاء منها لتكون إحدى إصدارات الملتقى.
أسأل الله لنا جميعا القبول والسداد
وأن ينفع بهذا العلم كل من يطلع عليه
ويجعله في موازين حسناتنا
إنه سميع مجيب
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

إخواني وشيوخي الأفاضل أنا ملتحق جديد إلى هذا الموقع المبارك وانا في الحقيقة طالب بكلوريس مبتدئ ومحب لعلم أصول الفقه ولكن أواجه إشكالات لعلكم تأخذون بيدي في المنتدى لأكون أخاكم الصغير الذي يتعلم منكم فمشكلتي في الأصول هوا إنني اقرأ القاعدة ثم أجد تطبيق الفقهاء مختلف لما هو مقرر وارد هذا إلى عدم فهمي للقاعدة وعند بعض المسائل التي لم افهما مع متابعتي لهذا الشرح المبارك
1- في الواجب الموسع جاء في الشرح (ثانيا :إذا سافر شخص في أول الوقت أو حاضت المرأة بعد دخول الوقت ومضى مقدار الفعل من أول الوقت فهل يجب الإتمام على المسافر وهل يجب القضاء على الحائض..
جمهور العلماء يقولون يجب الإتمام على المسافر ويجب القضاء على الحائض لأن كلا ًمن المسافر والحائض قد أدركا وقت الوجوب ووقت الوجوب عندهما هو أول الوقت ) ولكن نجد ان الجمهور في التطبيق يجوزون القصر والجمع إذا سافر الشخص بعد دخول وقت الصلاة وفارق عامر البنيان فكيف التوجيه في هذا جزأكم الله خيرا
2- الحائض يذكر العلماء كشيخ الإسلام ابن تيميه أنها لا تقضي إلا إذا أخرت الصلاة حتى ضاق عليها الوقت فحاضت فإنها تقضي وعلى القواعد الاصوليه أن من قال بهذا القول وهم الأحناف يقولون إن الصبي لو صلى في أول الوقت ثم بلغ في أخر الوقت فانهي يصلي وهذا لا يقول به شيخ الإسلام فكيف توجيه هذان القولان على الأصول
3- ذكر بعض العلماء أن الطلاق في حق الصبي من باب الأحكام الوضعية والذي لم افهمه أن النائم والسكران الذي زال عقله والمجنون لا يقع منهم الطلاق مع أن الأحكام الوضعية وترتب الأسباب على مسبباتها ليس هناك فرق بين النائم والصغير حسب فهمي القاصر
- فساعدوا أخاكم في بيان هذه الإشكالات وانا كما ذكر مبتدئ وفهمي قاصر في أصول الفقه ولكن إن شاء الله بتوجيهاتكم نلحق بالركب وجزاكم الله خير الجزاء
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الأخ الفاضل سالم:
حياك الله في هذا الملتقى المبارك بين إخوانك من طلاب العلم والأساتذة الكرام الذين لن يدخروا جهداً لمساعدتك والإجابة عن استفساراتك
-----------
* وحتى تتم الفائدة لكم ولجميع طلاب العلم سوف أفتتح موضوعاً جديدا
أنقل إليه أسئلتكم السابقة ليقوم أحد أساتذتنا المتخصصين بالإجابة عليها هناك.
أسأل الله للجميع التوفيق ،،،
------------------
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

اختي الفاضله جزاك الله خيرا وجعل ذلك في موازين حسناتك
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

استاذتي الفاضله اقترح لو يتم بعد ذكر الخلاف ذكر ثمرة الخلاف في الفروع الفقهيه لتكتمل الفائده جزاك الله خير الجزاء
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

ذكرت جزاك الله خير الجزاء وجعل هذا العمل في موازين حسناتك( ب - اتفق الفقهاء على أن المكلفين لو تركوا الواجب الكفائي جميعا أثموا كلهم، والإثم دليل الوجوب، فدل ذلك على أن الوجوب متعلق بالجميع(3). ما المقصود بكل المكلفين اعني انقاذ الغريق فرض كفايه فاذا لم يقم بانقاذه احد فهل الاثم هنا يكون على من حضر او علم ولم يقم بما يجب عليه من فعل الاسباب لانقاذ هذا الغريق ومساعدة على النجاه ام ان المقصود بالجميع ان من لم يعلم من المكلفين بامر هذا الغريق انه يلثم وجزاك الله خير الجزاء
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

ما المقصود بكل المكلفين اعني انقاذ الغريق فرض كفايه فاذا لم يقم بانقاذه احد فهل الاثم هنا يكون على من حضر او علم ولم يقم بما يجب عليه من فعل الاسباب لانقاذ هذا الغريق ومساعدة على النجاه ام ان المقصود بالجميع ان من لم يعلم من المكلفين بامر هذا الغريق انه يلثم وجزاك الله خير الجزاء
بل هو الأول - بارك الله فيكم- فكيف يؤاخذ شخص على ما لم يعلم ولم يشهد فالغائب هنا غير مكلف وإنما الإثم على من حضر وكان قادراً على الإنقاذ ولكنه لم يفعل.
 

ام صفاء

:: متخصص ::
إنضم
28 مارس 2011
المشاركات
20
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله تعالى ام طارق مزيدا من العلم النافع ونفع بك...
للإمام الشاطبي كلمات هي درر في فقه الواجب الكفائي أسوق بعضا من ذلك مع قليل تصرف فيه.. فقد تنبه رحمه الله تعالى الى تنوع مواهب الناس وتباين وتفاوت قدراتهم في الامور ، فقال:".. فترى واحدا قد تهيأ لطلب العلم وآخر لطلب الرياسة وآخر للتصنع ببعض المهن المحتاج إليها واخر للصراع والنطاح إلى سائر الأمور والواجب أن يربى كل امرئ على ما تهيأ له، حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه أو مال إليه.ويقول" وبذلك يتربى لكل فعل هو فرض كفاية قوم لانه سير أولا في طريق مشترك فحيث وقف السائر وعجز عن السير فقد وقف في مرتبة محتاج إليها في الجملة، وإن كانت به قوة زاد في السير إلى أن يصل إلى أقصى الغايات في المفروضات الكفائية وفي التي يندر من يصل إليها كالاجتهاد في الشريعة والإمارة فبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخرة.
فأنت ترى أن الترقي في طلب الكفاية ليس على ترتيب واحد ولا هو على الكافة بإطلاق ولا على البعض بإطلاق ولا هو مطلوب من حيث المقاصد دون الوسائل ولا بالعكس بل لا يصح أن ينظر فيه نظر واحد حتى يفصل بنحو من هذا التفصيل ويوزع في أهل الإسلام بمثل هذا التوزيع وإلا لم ينضبط القول فيه بوجه من الوجوه والله أعلم وأحكم .
وقال أيضا رحمه الله تعالى: (إنّ القيام بذلك الفرض-يعني فرض الكفاية- قيامٌ بمصلحة ٍ عامة هم مطلوبون بسدها على الجملة فبعضهم قادرٌ عليها مباشرة ً وذلك من كان أهلاً له والباقون وإن لم يقدروا عليها,قادرون على إقامة القادرين فمن كان قادراً على الولاية فهو مطلوب ٌ بإقامتها –ومن لا يقدرعليها مطلوبٌ بأمرٍ آخر هو إقامة ذلك القادر وإجباره على القيام بها-فالقادر إذاً مطلوبٌ بإقامة الفرض وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر,إذ لا يتوصل القادرإلى القيام إلا بالإقامة من باب مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ا.هـ.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الأستاذة الفاضلة ام صفاء:
بارك الله فيك وفي علمك
زادك علماً وفقهاً
أختي الكريمة هل لك في الاطلاع على الأسئلة التي جاءت في هذا الموضوع
http://www.feqhweb.com/vb/t10482
وإفادتنا من علمك الغزير إجابات وافية نافعة كالتي تقدمينها في تعقيباتك هنا
ولك منا جزيل الشكر والتقدير
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الاستاذه الفاضله ام طارق وفقك الله لك خير في الواجب الكفائي مثل الصلاة على الميت لو صلت عليها جماعات في اوقات مختلفه مثلا في المسجد وفي المقبره فهل نقول ان الواجب سقط بالجماعة الاولى والجماعة الثانيه صلاتهم عليها تعتبر من باب السنه ولها احكام السنه في الاجر وجواز قطع الصلاة .جزاك الله خير الجزاء واسكنك الفردوس من الجنه
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الأستاذ سعيد المحترم:
ما شاء الله
يظهر أنكم من المحبين لهذا العلم كما ذكرتم فأسئلتكم تدل على نباهة وتركيز عاليين
اعذرني إن تأخرت في الردود فأحيانا لا تكون الإجابة حاضرة عندي
وأحيانا أنتظر من هو أعلم مني للرد
وهذه من المسائل التي أرجو أن تجد من يجيب عليها من ذوي التخصص
جزيتم خيراً على إثراء الموضوع وتوسيع دائرة البحث فيه
وفتح الله لكم من أبواب العلم والخير
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

جزاك الله خيرا على هذا التشجيع واسال الله لكي ولجميع الاخوة والاخوات في هذا المنتدى المغفرة والجنه
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الدرس الثالث عشر
[FONT=&quot] [/FONT]
التقسيم الرابع للواجب: من حيث تعيُّن المطلوب به وعدمه
[FONT=&quot]ينقسم الواجب من هذه الحيثية إلى قسمين: واجب معين – وواجب مخير.[/FONT]
1- الواجب المعين:[FONT=&quot] وهو ما طلبه الشارع بعينه دون تخيير بينه وبين شيء آخر، مثل الصلاة والصوم، فإنهما معينان من قبل الشارع ولا يغني فعل أي شيء غيرهما عنهما، ولا يسقط الواجب إلا بفعلهما ذاتهما. [/FONT]
2- [FONT=&quot] الواجب المخير: ويسمى الواجب المبهم. وهو ما طلبه الشارع مخيّرا بين أمور عديدة يسقط الواجب بفعل واحد منها، مثل الكفارات، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب في الكفارة فعل واحد من ثلاثة أمور، هي: (الإطعام أو الكسوة أو الإعتاق) بحيث إن المكلف لو فعل واحدا منها اعتبر مؤديا للواجب. [/FONT]

الحكمة في هذا التقسيم:
[FONT=&quot]تقسيم الشارع الحكيم الواجب إلى معين ومخير تقسيم دقيق يقوم على حكمة بالغة ورحمة كبيرة بالأمة، فقد تعلق علم الله تعالى وإرادته بأن بعض المصالح لا تتحقق إلا بأفعال وأقوال معينة بحيث أن غيرها لا يحل محلها في تحقيق هذه المصلحة المرجوة منها، وأن بعضها الآخر يحصل بفعل واحد من أشياء متعددة على وجه التساوي. [/FONT]
[FONT=&quot]ولما كانت الأحكام معللة بمصالح العباد عند جماهير الفقهاء قسم الله تعالى الواجب إلى هذين القسمين، فما كان من المصالح متعلقا بواجب معين لا يتحقق بغيره جاء الأمر به معينا بهذا الواجب، وما كان من المصالح يتحقق بواحد من أمور متعددة على وجه المساواة جاء الأمر به مخيرا بين تلك الواجبات التي تتحقق المصلحة بواحد منها، تخفيفا عن المكلفين، ورفعا للحرج عنهم، وتحقيقا لمصالح العباد على الوجه الأكمل.[/FONT]
[FONT=&quot]محل تعلق الخطاب في الواجب المخير: [/FONT]
اتفق الفقهاء في الواجب المعين على أن الأمر فيه متعلق بعين الواجب المعين على وجه لا يسقط إلا بأدائه ذاته.
[FONT=&quot]أما الواجب المخير فقد اختلف الفقهاء فيه على محل تعلق الخطاب، أهو منصب أو متعلق بواحد من الأمور التي جاء التخيير بها، أم هو منصب على جميع تلك المخيرات، وانقسموا إلى مذاهب متعددة أهمها: [/FONT]
1- مذهب جمهور الفقهاء:[FONT=&quot] وهو أن الأمر في الواجب المخير منصب على فرد شائع من أفراد المأمورات المخير بينهما على وجه يحصل الواجب ويتأدى بفعل واحد منها، فإذا فعلها المكلف كلها أجر على واحد منها فقط، وإذا تركها جميعها أثم إثم ترك واحد منها أيضا. [/FONT]
2- وذهب جمهور المعتزلة[FONT=&quot]: إلى أن الأمر متعلق بجميع المأثورات المخير بينها، بحيث يثاب الإنسان عليها كلها لو فعلها جميعا، وإذا تركها جميعا أثم إثم تارك واحدة منها فقط. لأن الواجب يتأدى بفعل واحد منها تكرما من الله تعالى وفضلا منه، فكان الإثم إثما واحد لذلك. [/FONT]
[FONT=&quot]وقيل إن مذهب المعتزلة هو وجوب الجميع على سبيل البدل، فيكون مذهبهم مثل مذهب الجمهور لا فرق بينه وبينه، يبقي الخلاف صورياً، لكن المرجح أن مذهبهم هو الأول، ولذلك يكون خلافهم لمذهب الجمهور خلافا أصيلا له معنى واسع(1). [/FONT]
3- وذهب بعض الأصوليين: إلى أن الأمر متعلق بفرد من أفراد المأمورات معين عند الله سبحانه وتعالى، مبهم عندنا، يتعين بالفعل والأداء، فإذا أدى الحانث في يمينه الكسوة تعينت الكسوة للوجوب، وإذا أدى الإعتاق تعين الإعتاق عليه، وهكذا
[FONT=&quot]4- وذهب آخرون : إلى أن الواجب فرد معين من أفراد المخيرات، يتأدى الواجب به إذا فعل، كما يتأدى بغيره من أفراد المخيرات إذا فعل على طريق البدلية عنه. [/FONT]
----------------------
الأدلــة:

  • استدل الجمهور لمذهبهم بأدلة منها:
[FONT=&quot]أ) أنه لا مانع عقلاً من اعتباره كذلك، ذلك أنه لو قال إنسان لعبده: (اشتر لي خبزاً أو لحماً، أيهما فعلت اكتفيت به وأثبتك عليه، وان لم تشتر لي شيئاً عاقبتك، ولست أوجب عليك شراء كليهما، وإنما أطلب منك شراء واحد لا يعينه، بل أي واحد أردته أنت) كان كلامه معقولاً لا غبار عليه. [/FONT]
[FONT=&quot]ب) لا مانع شرعاً من وقوع ذلك، بل إن ذلك وقع فعلا، كخصال الكفارة، فإن الله سبحانه وتعالى قد خير الحانث في يمينه بين الإعتاق والإطعام والكسوة، ولا أدل على الجواز من الوقوع. [/FONT]
[FONT=&quot]ج) لا يجوز بحال اعتبار كل أفراد المخيَّر واجبة بالأمر، لأن ذلك إن كان مستساغاً في بعض الفروع فهو محال في فروع أخرى، مثل الأمامة، فإن نصب الإمام واجب مخير، ويجب على الأمة نصب واحد من أهل الحل والعقد لا على التعيين، ولكن لا يجوز لهم بحال نصب اثنين معا، لما في ذلك من المفاسد، ولو كان الواجب نصبهما على الجميع لجاز، ولكنه حرام بالاتفاق، فدل على أن الواجب إنما هو فرد واحد من أفراد المخير. [/FONT]
[FONT=&quot]د) أجمعت الأمة في خصال الكفارة على أن الواجب واحد منها لا كلها، والإجماع حجة قاطعة لا تجوز مخالفته(2).[/FONT]
[FONT=&quot]ه) لا يمكن أن يفهم من التخيير تعين أحد أفراد المخير دون غيره، لأن ذلك ينافي التخيير الذي صرحت النصوص به، ولا يمكن أن يفهم منه وجوب الكل لمنافاته التخيير كذلك، فوجب اعتبار وجوب البعض دون تعيين(3).[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
  • [FONT=&quot]واستدل أصحاب المذهب الثاني بما يأتي: [/FONT]
أ‌- بأنه لا يمكن تعليقه بفرد معين من أفراد المخير دون غيره، لعدم الدليل على ذلك وإذا امتنع التعيين كان الأمر معلقا بمجهول، والمجهول مستحيل الوقوع عقلا، والتكليف بمستحيل ممتنع ضرورة عدم القدرة على الإتيان به، فكان لا بد من القول بتعلق الأمر بجميع المأمور به المخيَّر.
ولكن الجمهور ناقشوا هذا الدليل بأنهم لا يسلمون أن غير المتعين هنا مجهول، بل إنه معلوم من حيث إنه واجب، وهو محصور في أفراد معينة، كخصال الكفارة، فإنها محصورة في ثلاثة، ثم إنه كان مجهولا من وجه، فإنه ليس واجبا من هذا الوجه، ويتأدى الواجب بفعل واحد من أفراده، فلم يكن مستحيلا لذلك.
ب‌-بأن القول بإيجاب فرد واحد فيه تناقض، لأن فيه اعتبار كل فرد من أفراد المخير واجبا وغير واجب في وقت واحد، ففي الكفارة إذا اعتبرنا الواجب العتق كان الإطعام والكساء غير واجبين، وإذا اعتبرنا الواجب الكساء كان العتق والإطعام غير واجبين، واجتماع النقيضين غير جائز عقلا.
لكن الجمهور ناقشوا ذلك بأنه لا تناقض هنا، لأن الواجب المخيَّر محدود فيه كل المتعينات التي هي أفراد الواجب، وذلك جائز، لأن محل الوجوب غير محل التخيير، كوجوب أحد النقيضين تماما، فإنه جائز، وكذلك هذا(4).
ج- بأن الوجوب في الواجب المخير كالوجوب في الواجب على الكفاية، وهناك اتفق الجمهور على أنه يشمل كل الأفراد، فيكون هنا كذلك قياسا عليه بجامع الإبهام في كل.
لكن الجمهور ردوا ذلك بإبطال القياس، لأسباب هي:

  1. أنه قياس في مواجهة النص، فإن النصوص صريحة في إيجاب واحد من أفراد المخير لا جميعه.
  2. [FONT=&quot]أنه قياس مع الفارق، وقد بيناه في دليل الواجب الكفائي.[/FONT]

  • واستدل أصحاب المذهب الثالث لمذهبهم:
بأن الله سبحانه وتعالى هو الموجب، وهو عالم مطلق لا يغفل عن شيء، فيلزم من ذلك علمه بالفرد الذي ارتبط الإيجاب به، فيكون الواجب واحدا معروفا لديه سبحانه، ونظرا لعدم علمنا بالواجب، ولفراغ الذمة بواحد من أفراد المخير، كان الواجب في حقنا هو المؤدى فعلا.
لكن الجمهور أجابوا عن ذلك، بأن الله تعالى يعلم الشيء على الوجه الذي أوجبه، فإذا أوجب واحدا من ثلاثة مثلا وجب أن يعلمه كذلك، وإلا لزام أن لا يكون عالما بما أوجبه(5).
ثم إن في تعيين الأمر المؤدي للوجوب تأخير للإيجاب عن الفعل، وهو محال، ذلك أن الإيجاب لا بد من تقدمه على الفعل ليكون ممكن الحدوث، إذ التكليف بمحال باطل، وفي تأخير الإيجاب على الفعل تعليق بمحال، فيكون باطلا لذلك(6).

  • واستدل أصحاب المذهب الرابع لمذهبهم:
بأن الواجب ما دام واحدا من أفراد المخير لزم أن يكون هذا الواحد معلوما لله تعالى، لإطلاق علمه، فإذا كان الواجب معلوما لله تعالى كان بالنسبة إليه بمثابة الواجب المعيَّن، ولذلك كانت إصابته تأدية للواجب عينا، وإصابة غيره من أفراد المخيَّر بدل عنه تخفيفا من الله تعالى، لعدم علمنا بعين الواجب.
ولكن الجمهور ردوا هذا الدليل، بأن علم الله تعالى تعلق بالتخيير، فلا يقصر على فرد معين دون غيره، ولمَّا كان الحكم كذلك كانت الأفراد كلها أصلا في أداء الواجب، ولا رجحان لواحد على آخر حتى يعتبر أصلا وغيره بدلا.
______________________
(1) انظر فواتح الرحموت 1/66.
(2)
العضد: 1/236، وفواتح الرحموت 1/67.
(3)
العضد: 1/237.
(4)
العضد: 1/236، وفواتح الرحموت 1/76.
(5)
انظر شرح العضد: 1/241.
(6)
انظر فواتح الرحموت [FONT=&quot] 1/66.[/FONT]
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

الاستاذه الفاضله ام طارق جزاك الله خيرا في موضع الاداء والقضاء ما اثر ذلك على النيه في العباده فمثلا الصلاه لو ان امرأه صلت الظهر بنية الاداء على ان الوقت لم يخرج ثم تبين لها بعد ذلك ان وقت الظهر قد خرج وان صلاتها قضاءاً فهل تؤثر نيه الاداء في صحة الصلاة جزاك الله خير الجزاء
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

أخي سالم :
ما يتبادر إلى الذهن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
وللتأكيد والتوضيح : وجدت هذه الفتوى تفصل في المسألة:
""إذا صلى الشخص المغرب- مثلاً- معتقدا أنه صلاها في وقتها ثم تبين أنه صلاها بعد أذان العشاء فإن صلاته صحيحة ولا يطالب بالقضاء, لأن نية الأداء تنوب عن نية القضاء مع عدم العلم, قال في منح الجليل ممزوجا بخليل ـ وهو مالكي: وتصح نية القضاء وعكسه إن اتحدت الصلاة ولم يتعمد بأن اعتقد بقاء الوقت فنوى الأداء وتبين خروجه, أو اعتقد خروج الوقت وتبين بقاؤه, فإن تعمد فلا تصح. انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع ـ وهو حنبلي: ويصح القضاء بنية الأداء وعكسه إذا بان خلاف ظنه, ذكره الأصحاب، ولا يصح القضاء بنية الأداء وعكسه أي مع العلم، وذكره في الإنصاف, وقال ابن تميم: فلا إعادة وجها واحدا""".انتهى.
______________
المصدر
 

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

هذه الفائده من مذكرتي الجامعيه
الامور المعينه المخير بينها قد يحرم على المكلف الجمع بينها وقد يباح الجمع وقد يستحب
1-ما يحرم الجمع بين الامور المحرم بينها اذا كان هناك امامين للامه فهذا واجب مخير لا يجوز الجمع بينهما بل يختار احدهما
2-ما يباح فيه الجمع بين الامور المخير بينها مثل ستر العوره بثوب بعد سترها فستر العوره واجب والمكلف مخير بسترها باي ثوب شاء متى تعددت هذه الثياب ويباح لها سترها باكثر من ثوب
3-ما يستحب الجمع فيه بين الامور المخير بينها مثل كفارة اليمين فانا نعلم ان الخطاب قد تعلق بها على سبيل التخيير بينها والواجب يسقط بفعل واحد منها ولكن يستحب له الجمع بين الاطعام والكسوة والعتق زيادة في طلب الثواب والله اعلم
وجزى الله الاستاذه ام طارق خير الجزاء
 

ام صفاء

:: متخصص ::
إنضم
28 مارس 2011
المشاركات
20
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
المالكي
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

جمهور العلماء يقولون يجب الإتمام على المسافر ويجب القضاء على الحائض لأن كلا ًمن المسافر والحائض قد أدركا وقت الوجوب ووقت الوجوب عندهما هو أول الوقت ، أما الحنفية فيقولون إن المسافر هنا لا يجب عليه الإتمام وإنما يجوز له القصر والحائض لا يجب عليها القضاء لأنهما أدركا أول الوقت فقط وسبب الوجوب عندهم متعلق بآخر الوقت.

السلام عليكم ورحمة الله
الكلام الذي سقته أعلاه يحتاج إلى تنقيح وتوضيح..ولعل في مايلي بيان ذلك:
[FONT=&quot]في حكم الذي سافر قبل أداء الصلاة بعد دخول وقتها فهل له أن يقصر؟[/FONT]
[FONT=&quot]إذا دخل وقت الصلاة على مقيم واشترط البعض أن يتمكن من فعلها ثم سافر قبل أدائها، ففي هذه الحالة قولان للعلماء:[/FONT]
[FONT=&quot]الاول: يجوز القصر وبه قال المالكية والشافعية وهو رواية عن الامام احمد وظاهر مذهب الحنفية[FONT=&quot][1][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]الثاني: لا يجوز القصر وهو رواية عن الامام احمد وبها اخذ اصحابه . [/FONT]
[FONT=&quot]فالمالكية والشافعية والحنابلة قالوا سبب وجوب الصلاة هو الجزء الاول من الوقت وهو سبب في وجوبها موسعا بمعنى انه يجب أداؤها في أي جزء من الوقت ما لم يتضيق الا في حق أهل الاعذار فالسبب هو الجزء الذي ادركوه من الوقت وهم الحائض والصبي والمجنون والكافر فمتى ادركوا جزء من الوقت وجبت الصلاة في حقهم[FONT=&quot][2][/FONT].[/FONT]
[FONT=&quot]وقال الحنفية السبب هو الجزء المتصل به الاداء، والا تعين الجزء الاخير مطلقا سببا للوجوب[FONT=&quot][3][/FONT][/FONT]
[FONT=&quot]أما المالكية والشافعية فبنوا رأيهم على سبب الوجوب وحال الاداء، فالصلاة تجب بأول الوقت غير أنها تجب موسعا، أي أن له أن يؤديها في أي جزء من الوقت ما لم يتضيق.[/FONT]
[FONT=&quot]فلو بني على سبب الوجوب فقط لما جاز له القصر، لانها وجبت بأول الوقت وهو مقيم، لكن لما كان الوجوب موسعا وأجاز له الشارع أن يؤدي في أي جزء من الوقت وقد كان حال الأداء مسافرا روعي حال الأداء.[/FONT]
[FONT=&quot]أما الحنفية فقد بنوا قولهم على رأيهم في سبب الوجوب، وهو الجزء المتصل بالأداء والمقيم الذي تلبس بالسفر عندما أدى الصلاة انعقد في حقه السبب، وهو مسافر فتعلقت في حقه صلاة المسافر.[/FONT]
[FONT=&quot]أما قول الحنابلة فهو مبني على النظر الى سبب الوجوب فقط، فلم يعتبر السفر العارض مغيرا، أي أن الصلاة وجبت في الحضر، فيلزم إتمامها كما وجبت[FONT=&quot][4][/FONT]، وفي هذا اعتبار لسبب الوجوب دون حال الاداء.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]واستدلوا لهذا بقياس المقيم الذي سافر بعد دخول الوقت على طاهر حاضت بعد دخول الوقت، فإنه روعي في حقها السبب وحده، فوجبت الصلاة عليها فلا تسقط بعد وجوبها بالحيض[FONT=&quot][5][/FONT]. وأجيب عن هذا بأنه قياس مع الفارق، فإن من طرأ عليها الحيض يعتبر في حقها السبب فقط، إذ لو اعتبر في حقها حال الأداء لسقطت عنها الصلاة بخلاف المسافر، فإن اعتبار حال الأداء فيه لا يسقط الصلاة بل بغيرها من الاتمام الى القصر، وبهذا اتضح الفرق بين مقيم سافر بعد دخول الوقت وطاهر حاضت بعده[FONT=&quot][6][/FONT].[/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]- الخرشي على خليل2/58 والمهذب مع المجموع 4/368والمغني2/209وبدائع الصنائع1/290[/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]- الموافقات1/152-155 ،الاحكام للامدي1/105-106، روضة الناظر لابن قدامة ص:18-19، المجموع3/68[/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]-كشف الاسرار 1/219-221[/FONT]

[FONT=&quot][4][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]- المغني 2/209.[/FONT]

[FONT=&quot][5][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]-المهذب مع المجموع4/368[/FONT]

[FONT=&quot][6][/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]-المهذب مع المجموع4/368[/FONT]
 

رائده

:: متابع ::
إنضم
10 يناير 2009
المشاركات
15
التخصص
شريعه
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
لايوجد
رد: سلسلة دروس في مباحث الحكم الشرعي

جزاكم الله خيرا
 
أعلى