رد: (بحث) البنوك الإسلامية بين المحاولات والتحايلات !!!
- مثال على الخلل في تطبيق بيع المرابحة للآمر بالشراء:
ذكرنا بأن البيع في حد ذاته وبالشروط المذكورة صحيح لا غبار عليه، ولكن المشكلة تكمن في سوء تطبيق هذا النوع من البيوع. ومن أمثلة المخالفات في تطبيقه:
ما يحدث في بعض البلاد إذا أراد أحدٌ شراء سيارة مستعملة من "الحراج
[1]". فإن إجراءات الشراء تتم على الشكل التالي:
أولاً يذهب الشخص لسوق الحراج، فإذا رأى سيارة وأعجب بها: ماكس صاحبها حتى يحصِّل أدنى سعر. فإن فعل: اشترى ودفع "عربوناً " وأخذ السمسار عمولته، ويفترقان على أن يكون التسجيل للسيارة في الغد أو بعده.
والآن : من هو المالك الشرعي – لا القانوني – للسيارة ؟
إنه " المشتري "
ويذهب الاثنان بعدها إلى " البنك الإسلامي " لتتميم البيع هناك وقبض البائع ! الثمن.
فكيف يتم الاتفاق في البنك ؟ ومن الذي يبيع البنك ؟ وممن يشتري البنك ؟ وممن يشتري المشتري !! مرة أخرى ؟؟
الذي يحصل:
أن البنك يشتري السيارة من " البائع " !!!!! وهو لا يملك السيارة، وكف يملكها وهو الذي باعني إياها بالأمس ؟؟؟
ثم إذا اشترى البنك منه ! باعني إياها !!
وكيف يبيعني إياها وأنا مالكها الشرعي !؟
والنتيجة أن )
البنك اشترى ممن لا يملك ! والبائع باع ما لا يملك !! والمشتري اشترى ما يملك( !!!
هذا المثال صورة من صور تطبيق المرابحة للآمر بالشراء في بعض البلاد الإسلامية، ويظهر فيها مجموعة من المخالفات الشرعية التي تستلزم وتصحيحها، واقتراح صيغة صحيحة للتطبيق وفق الشروط والآلية التي توافق الشريعة الإسلامية.
إن المسؤولية تقع على عاتق اللجان والهيئات الشرعية في البنوك والمصارف بحيث لا تكتفي بوضع الخطط والآليات الصحيحة لهذا النوع من بيوع المرابحة فحسب، وإنما التأكد من التطبيق لهذه الآليات على الوجه الصحيح.
- سلبيات التعامل ببيع المرابحة والتوسع في تطبيقها:
مع تسليمنا بجواز هذا النوع من البيوع إذا استوفى الشروط المذكرة سابقاً في القرار المجمع عليه لمؤتمر المصرف الإسلامي. ولكن إجازة هذا النوع من البيوع بالإجماع جعله ينتشر في أنحاء العالم الإسلامي إلى حد أن أكثر المصارف اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة، إضافة إلى ظهور أخطاء في التطبيق. هذا كله جعل مجمع الفقهي الإسلامي يوصي بعد ذلك في دورة لاحقة
[2] البنوك الإسلامية بمحاولة الإقلال من بيوع المرابحة والتوسع في الصيغ الاستثمارية الأخرى من مضاربات ومشاركات وتأجير وخلافة، والتأكد من تطبيق هذا النوع من البيع بالطريقة الصحيحة. يقول القرار:
"يوصي المؤتمر في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء:
أولاً: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولاسيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
ثانياً: أن تدرس الحالات العملية لتطبيق المرابحة للآمر بالشراء لدى المصارف الإسلامية، لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر بالشراء".
- دور الإدارة الرشيدة في المصارف والرقابة الشرعية تجاه ما يحدث من سوء في التطبيق في أي معاملة بنكية:
- على الإدارة الرشيدة إذا رأت شيئاً تشك فيه أو معاملة جديدة لم يسبق للمصرف التعامل بمثلها أن تعرض الأمر على الرقابة الشرعية ، والتي بدورها تفتي في المسألة.
- كما أن على الرقابة الشرعية أن تتأكد من العمليات التي تتم، وتنظر في ملفات كل عملية إذا أمكن لترى الخطوات التي تمت سليمة أو لا، فإذا وجد الخطأ يصلح من البداية.
- وعلى المصارف لتجنب أخطاء التطبيق أن تضع خطوات عملية مفصلة لكل معاملة حتى يسير عليها الموظف فيتجنب الأخطاء.
- وعلى المصارف استحداث وظيفة المدقق الشرعي الداخلي الذي يتأكد من تطبيق الخطوات كاملة.
- التقليل من المرابحة قدر الإمكان:
وأخيراً وبعد أن رأينا المشاكل التي حدثت بسبب إجازة بيع المرابحة مع أنه حل كثيراً من المشاكل الاقتصادية نستنتج أن أحد أهم مشكلات الاقتصاد الإسلامي الآن هو عدم التمييز بين مجرد جواز المعاملة، وبين اتخاذ هذه المعاملة نهجاً اقتصادياً متبعاً. هذا الأمر نلحظه واضحاً في بيع المرابحة للآمر بالشراء والذي اتخذته البنوك الإسلامية أصلاً ووسيلة للتمويل، فأصبح سنة متبعة، وليس مجرد معاملة جائزة. وهذا الذي جعل أصوات كثير من العلماء ترتفع داعية إلى التقليل من المرابحة ما أمكن.
فهل من مجيب؟؟؟
_______________________________
[1] -الحراج: هو سوق البضائع المستعملة كما هو متعارف عليه في بلاد الخليج العربي.
[2]- جاء هذا في القرار رقم (3) لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة التي عقـدت في سلطنة بروناي (من 1 إلى 7 محرم 1414هـ )
انتهى المبحث الثاني من الفصل الثالث،،
وبقي علينا المبحث الأخير،،