العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
(بيع المرابحة للآمر بالشراء)


من المعاملات البنكية التي انتشرت في المصارف الإسلامية بسبب صدور فتاوى شرعية بجوازها عقد المرابحة. وهو أكثر العقود التي تمارسها كثير من البنوك الإسلامية إثارة للجدل، وذلك للشبه الكبير بينه وبين عقد الفائدة الربوية. فما معنى هذا العقد؟ وما هي مميزاته؟


  • تعريف عقد المرابحة:
هو أحد بيوع الأمانة في الشريعة الإسلامية، حيث يحدد ثمن البيع بناءً على تكلفة السلعة زائداً ربح متفق عليه بين البائع والمشتري[1].


  • المرابحة نوعان:

  1. المرابحة العادية أو الأصيلة: وصورتها أن تكون البضاعة عند التاجر (المرابح) فيأتي آخر ويقول: أريد أن أشتري منك هذه البضاعة بالثمن نفسه الذي اشتريت به مع ربح معلوم. فهنا المرابح يشتري لنفسه أولاً دون طلب مسبق ثم يعرضها للبيع مرابحة. وهذه الصورة هي المذكورة في كتب الفقه القديمة، وهي المطبقة في كثير من معارض السلع المعمرة أو المتاجر المتخصصة في نوع معين من السلع في مخازنها، حيث يذهب إليها المشتري ليستفيد من تنجيم الثمن، بالإضافة إلى تخصصها في هذا النوع من البيع.وهذه الصورة جائزة بإجماع العلماء ولا خلاف فيها ولا شبهة ، وقد كانت موجودة منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
  2. المرابحة للآمر بالشراء: وهي الصورة الموجودة اليوم في البنوك، والتي طورتها المصارف الإسلامية لتكون بديلاً شرعياً للقرض الربوي في كثير من الحالات. وصورتها أن يطلب المشتري من المرابح – فرداً كان أم مؤسسة- شراء سلعة معينة يحدد أوصافها على أن يشتريها بثمنها وزيادة ربح معلوم. وهذه الصورة تناسب المصارف ومؤسسات التمويل المالي.

  • الفرق بين النوعين:
إن الفرق بين نوعي المرابحة يظهر من التعريف ففي حين أن النوع الأول العادي الموجود قديماً والمبحوث في كتب الفقه القديمة هو نوع من التجارة يكشف فيها البائع للمشتري رأس ماله في السلعة الموجودة بحوزته، وذلك بحسب ما اشتراها أو بما قامت عليها ثم يضيف ربحاً مبيناً معلوماً. أما بيع المرابحة الذي تتعامل به المصارف الإسلامية فيبدأ من عند صاحب الحاجة الذي يأتي إلى المصرف لطلب شراء سلعة معينة ليست بحوزة المصرف، وذلك على أساس أن الطالب يعد بأن يشتري السلعة التي يطلبها من المصرف بما تقوم عليه من تكلفة زائداً الربح الذي اتفق عليه معه.


  • ومن هنا فقد عُرّف بيع المرابحة للآمر بالشراء بأنه:
"قيام البنك بتنفيذ طلب المتعاقد معه على أساس شراء الأول ما يطلبه الثاني بالنقد الذي يدفعه البنك كلياً أو جزئياً و ذلك في مقابل التزام الطالب بالشراء ما أمر به و حسب الربح المتفق عليه عند الابتداء "[2].
_________________________ ___
[1] - تعريف بيع المرابحة- بداية المجتهد ونهاية المقتصد، (لابن رشد)- ج 2- ص 229
[2] - المرابحة كما تجريها المصارف الإسلامية- مقال على موقع http://www.mostashar.com نقلاً عن كتاب "التطبيقات المصرفية لبيع المرابحة في ضوء الفقه الإسلامي –للدكتور عطية فياض
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

  • أساس ظهور صورة المرابحة للأمر بالشراء :
لم تكن هذه الصورة معروفه أساساً في التعامل قبل عام 1976 عندما أكتشف أحد الباحثين في قسم الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق – جامعة القاهرة – من خلال بحثه الذي كان يعده لنيل درجة الدكتوراه في موضوع " تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق و الشريعة الإسلامية"، وجاءت بداية الخيط من خلال مراجعة كتاب الأم للإمام الشافعي – رحمة الله علية- حيث ورد فيه: " و إذا أرى الرجلُ الرجلَ السلع فقال: اشتر هذه و أربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها بالخيار: إن شاء أحدث فيها بيعاً و إن شاء تركه". عندها قال الباحث: أنه وجد أن هذا الباب يسد حاجة الناس من باب أوسع بما يسدها باب المضاربة الشرعية لو كان هو المنفذ الوحيد للتمويل في نطاق عمل البنك الإسلامي، فقد كانت المضاربة التي هي صورة من صورة المشاركة بين رأس المال و عمل الإنسان هي المخرج الوحيد الذي كان يطرحه المفكرون الإسلاميون في العقد السادس و السابع من هذا القرن لحل مشكلة الاستثمار و التمويل الإسلامي، و لكن لم يقل هؤلاء المفكرون كيف يمكن أن يمول البنك الإسلامي بالمضاربة شخصاً يريد شراء سيارة لاستعماله الشخصي مثلاً أو أساساً لمسكنه حيث لا يوجد ربح أو تجارة[1].
هذه كانت بداية فكرة المرابحة المصرفية، أو المرابحة للآمر بالشراء والتي انتشرت اليوم حتى أصبحت أكثر المعاملات انتشاراً في كثير من البنوك الإسلامي كبديل شرعي للقرض الربوي.

  • مميزات بيع "المرابحة للآمر بالشراء":
تناسب هذه الصورة من المرابحة المصارف ومؤسسات التمويل المالي، وذلك من ثلاثة وجوه:

  1. أحدها: أنه لا يعقل أن يتاجر المصرف في جميع السلع، ولا يعقل أيضاً أن يتخصص في تجارة سلع معينة، وإلا لكان ذلك يضيق من دائرة نشاطه، كما لا يمكن – اقتصادياً- شراء جميع السلع و عرضها انتظاراً لما يصاحب ذلك من تكاليف ومجهودات كبيرة لدراسة الأسواق، ولوجود مخاطرة كبيرة تتمثل في عدم القدرة على تصريف البضاعة و تعطيل جزء من أمواله في المخزون السلعي، ولذلك كان من الأنسب له أن يشترى السلعة لمن يطلبها منه على أن يوكل تحديد السلعة ومواصفاتها للمشترى وتكون تبعة تصريف السلعة ومدى ملاءمتها اقتصادياً للسوق على عاتق المشترى.
  2. الثاني: لا يطلب من المصرف أو المؤسسة تدبير مخازن كبيرة لاستيعاب السلع التي يشتريها، حيث أنه يشترى بحسب الطلب.
  3. الثالث: لا يطلب من المصرف أو المؤسسة تأهيل كفاءات بشرية بتنفيذ هذه الصورة بعكس الصورة العامة أو الأصيلة للمرابحة؛ حيث يتطلب من المتجر أن تكون عنده كفاءات متخصصة في عمليات التسويق بيعاً أو شراء.
_________________________
[1] - المصدر السابق
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

الخطوات المتبعة في بيع المرابحة للآمر بالشراء:هناك حالتان لبيع المربحة للآمر بالشراء تبعاً لمكان البضاعة المطلوبة:
الحالة الأولى: بيع المرابحة في التجارة الداخلية: ويتكون من الخطوات التالية:

  1. يأتي العميل ويطلب من البنك أن يشتري له سيارة أو بضاعة، ويتعهد بأنه في حالة تنفيذ البنك هذه العملية أنه سيشتريها.
  2. يقوم البنك بشراء تلك البضاعة أو السيارة ويقبضها وتدخل في ملكية البنك.
  3. ثم يقوم البنك ببيع تلك البضاعة أو السيارة للعميل الآمر بالشراء بالثمن ونسبة ربح معلوم، فلنفرض أن البنك قد اشترى سيارة 100ألف فيبيعها له 110 آلاف مقسطة على أقساط شهرية أو نحو ذلك.
الحالة الثانية: بيع المرابحة في التجارة الخارجية: وتتم بالصورة التالية ‏ ‏: ‏

  1. ‏يتقدم العميل بطلب شراء بضاعة معينة من مصدر خارج‏ ‏البلد مشروط بالموافقة على البضاعة.
  2. ‏يفتح ‏المصرف ‏اعتماداً ‏مستندياً باسم ‏ ‏المصرف، ويحمل هذا الاعتماد شروطاً تحمل المعنى الآتي‏: أن ‏تتم عملية البيع بين المصدر والمصرف ‏في تاريخ استلام ‏المصرف أو البنك للبضاعة وموافقة العميل على هذه البضاعة بعد استلامها، ‏مع العلم بأن المصدر موافق على هذه الشروط.
  3. ‏يقوم المصدر بشحن البضاعة باسم المصرف‏ ‏وإرسال مستندات الشحن إلى المصرف.
  4. ‏عند وصول المستندات إلى ‏المصرف ‏يقوم بإخطار العميل بوصولها ويسلمها له مقابل كمبيالة مؤقتة لضمان حقوق المصرف.
  5. ‏يقوم العميل باستلام البضاعة نيابة عن المصرف ‏وفحصها وفي حالة قبولها يبلغ المصرف ‏بقبول هذه البضاعة.
  6. عند استلام ‏ ‏المصرف ‏موافقة العميل على هذه البضاعة يقوم بسداد ثمنها للمصدر.
  7. ‏‏يوقع ‏‏المصرف ‏والعميل عقد البيع، ويوقع العميل كمبيالة أو كمبيالات بثمن البضاعة مضافاً له المصاريف والربح المتحقق عليه
  8. ‏‏يخصم ‏‏المصرف ‏الكمبيالات من حساب العميل في تاريخ استحقاقها. ‏
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)


  • حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء:
لقد ثار الجدل حول هذا النوع من البيوع بين العلماء، فبعضهم رأى أنه لا يختلف عن القرض الربوي، وبعضهم رأى أنه بيع فقد بعض الشروط، وآخرون ذهبوا على أنه بيع صحيح استوفى كل الشروط. وكان الجدل أشد حول الوعد الذي يصدر من العميل للمصرف من حيث الإلزام أو عدمه[1]. فما السبب في هذا الخلاف؟
لعل الذين ذهبوا إلى أنه لا يختلف عن القرض الربوي رأوا أخطاء في التطبيق دفعتهم إلى هذا الرأي، غير أن الفتاوى التي صدرت جعلت لهذا البيع شروطاً متى التزم بها المصرف اتضح أنه بيع، ولا يمكن بحال أن يكون من الربا المحرم.

ولحسم هذه الخلافات انعقد مؤتمر للمصرف الإسلامي في الكويت في عام 1403هـ، الموافق 1983م، وبحث هذا النوع من البيوع باستفاضة، ثم قام بتوضيحه من خلال قراره[2] الجماعي الذي انتهى إليه والذي قرر فيه:
‏ ‏" أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق هو أمر جائز شرعا طالما أنه كانت تقع على المصرف ‏الإسلامي مسئولية الهلاك قبل التسليم وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي".
وقد أجمع المؤتمر على هذا الجزء من القرار ولكنه اختلف حول الإلزام بالوعد وإن كان قد ذهب أكثر العلماء المشاركين إلى جواز الإلزام، غير أن المؤتمر ترك موضوع الإلزام بعد ذلك لهيئة الرقابة الشرعية لكل مصرف، وظل الجدل قائماً إلى صدر قرار مجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي عام 1409هـ والذي أجاز الإلزام بالوعد لضمان حق الجميع.
كما رأى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز، بشرط ألا يحق للمصرف أن يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول‏.
هذا هو باختصار قرار المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي، ولقد كان لهذا المؤتمر أثر كبير في مسيرة المصارف الإسلامية.

  • شروط هذا البيع حتى يكون صحيحاً شرعاً، كما جاء في القرار:

  1. تملك السلعة.
  2. وحيازتها.
  3. ومسؤولية الهلاك قبل التسليم.
  4. وتبعة الرد بالعيب بعد التسليم.
ولا شك أن تحقق هذه الشروط لا يجعل هذا البيع يلتبس بالقرض الربوي، فشتان بين الاثنين.
وهكذا فإن بيع المرابحة بالشروط المذكورة جائز، ولكن لا يزال هناك من يرفضه ويورد الشبهات حوله. وهذا ليس إلا بسبب الممارسات الخاطئة التي تحدث في بعض البنوك عند تطبيقه.

  • من الشبهات على جواز بيع المرابحة للآمر بالشراء[3]:

  1. أولاً: ‏أن هذا العقد يتضمن بيع ما ليس عند الإنسان
  2. ثانياً: أن فيه ‏تأجيل البدلين
  3. ‏ثالثاً: ‏ ‏أنه بيع دراهم بدراهم والمبيع مرجأ أو أنه نوع من التورق
  4. رابعاً: ‏أن المالكية ‏منعوا الإلزام بالوعد في البيع
  5. خامساً: ‏أن هذا العقد يتضمن تلفيقاً غير جائز

  • وللرد على الشبهات:
أولاً: ‏إن هذا العقد لا ينطوى على بيع ما ليس عند الإنسان لأن عقد البيع الذي يتم مع المشترى إنما يتم بعد التملك الفعلي فضلا عن أن شبهة النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده ليست محل اتفاق.
‏ثانياً: ‏إن شبهة تأجيل البدلين ليست واردة لأن تمليك السلعة ‏(وهي أحد البدلين) ‏يتم في صورتي الثمن الحالي أو المؤجل.
ثالثاً: ‏ ‏التبادل في القرض على أساس التعامل ‏الربوي يقع بين الشيء ومثله كأن يعطي المرابي للمدين مائة ريال لأجل ثم يستردها عند الاستحقاق بمائة وعشرة، أما في البيع في المرابحة لأجل فإن التبادل يقع على أشياء مختلفة هي السلعة المبيعة والثمن (‏النقود).‏ ‏فكيف يعقل أن يقاس التعامل بالمرابحة على التعامل بالربا خصوصا وأنه بالرغم من تحديد الربح في المرابحة إلا أن هذا التحديد فيه إما تفويت الربح للمأمور بالشراء مقارنة بسعر السوق عند ارتفاع السعر أو تحقق خسارة للآمر عند حدوث العكس وهذا التأثر ناتج عن عرض وطلب البضاعة لا عن عرض وطلب النقود.
رابعاً: إن المنع (من لزوم الوعد بالبيع ‏) ‏ ‏عند ‏ ‏المالكية مشروط بشرطين لا يتحققان في هذه الحالة وهذان الشرطان هما:‏

  1. ‏أن يكون المطلوب منه السلعة من أهل العينة.
  2. ‏أن يكون طالب السلعة طلبها لينتفع بثمنها لا لعينها.
خامساً: إن هذا التلفيق وجد في بعض البنوك والشركات بسبب الخلل في التطبيق أما لو طبق هذا النوع من المرابحة وفقاً للشروط التي أقرها مجمع الفقه لما وجد هذا التلفيق.

_________________________
[1] - موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة- د. علي السالوس- ص600
[2] -- يمكن مراجعة نص القرار في الملحق رقم (2) – من هذا البحث
[3] - بيع المرابحة- إحسان بن محمد العتيبي- مقال على موقع صيد الفوائد على شبكة الانترنت www.saiid,net

 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

  • مثال على الخلل في تطبيق بيع المرابحة للآمر بالشراء:
ذكرنا بأن البيع في حد ذاته وبالشروط المذكورة صحيح لا غبار عليه، ولكن المشكلة تكمن في سوء تطبيق هذا النوع من البيوع. ومن أمثلة المخالفات في تطبيقه: ما يحدث في بعض البلاد إذا أراد أحدٌ شراء سيارة مستعملة من "الحراج[1]". فإن إجراءات الشراء تتم على الشكل التالي:
أولاً يذهب الشخص لسوق الحراج، فإذا رأى سيارة وأعجب بها: ماكس صاحبها حتى يحصِّل أدنى سعر. فإن فعل: اشترى ودفع "عربوناً " وأخذ السمسار عمولته، ويفترقان على أن يكون التسجيل للسيارة في الغد أو بعده.
والآن : من هو المالك الشرعي – لا القانوني – للسيارة ؟
إنه " المشتري "
ويذهب الاثنان بعدها إلى " البنك الإسلامي " لتتميم البيع هناك وقبض البائع ! الثمن.
فكيف يتم الاتفاق في البنك ؟ ومن الذي يبيع البنك ؟ وممن يشتري البنك ؟ وممن يشتري المشتري !! مرة أخرى ؟؟
الذي يحصل:
أن البنك يشتري السيارة من " البائع " !!!!! وهو لا يملك السيارة، وكف يملكها وهو الذي باعني إياها بالأمس ؟؟؟
ثم إذا اشترى البنك منه ! باعني إياها !!
وكيف يبيعني إياها وأنا مالكها الشرعي !؟
والنتيجة أن ) البنك اشترى ممن لا يملك ! والبائع باع ما لا يملك !! والمشتري اشترى ما يملك( !!!
هذا المثال صورة من صور تطبيق المرابحة للآمر بالشراء في بعض البلاد الإسلامية، ويظهر فيها مجموعة من المخالفات الشرعية التي تستلزم وتصحيحها، واقتراح صيغة صحيحة للتطبيق وفق الشروط والآلية التي توافق الشريعة الإسلامية.
إن المسؤولية تقع على عاتق اللجان والهيئات الشرعية في البنوك والمصارف بحيث لا تكتفي بوضع الخطط والآليات الصحيحة لهذا النوع من بيوع المرابحة فحسب، وإنما التأكد من التطبيق لهذه الآليات على الوجه الصحيح.

  • سلبيات التعامل ببيع المرابحة والتوسع في تطبيقها:
مع تسليمنا بجواز هذا النوع من البيوع إذا استوفى الشروط المذكرة سابقاً في القرار المجمع عليه لمؤتمر المصرف الإسلامي. ولكن إجازة هذا النوع من البيوع بالإجماع جعله ينتشر في أنحاء العالم الإسلامي إلى حد أن أكثر المصارف اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة، إضافة إلى ظهور أخطاء في التطبيق. هذا كله جعل مجمع الفقهي الإسلامي يوصي بعد ذلك في دورة لاحقة[2] البنوك الإسلامية بمحاولة الإقلال من بيوع المرابحة والتوسع في الصيغ الاستثمارية الأخرى من مضاربات ومشاركات وتأجير وخلافة، والتأكد من تطبيق هذا النوع من البيع بالطريقة الصحيحة. يقول القرار:
"يوصي المؤتمر في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء:
أولاً: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولاسيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
ثانياً: أن تدرس الحالات العملية لتطبيق المرابحة للآمر بالشراء لدى المصارف الإسلامية، لوضع أصول تعصم من وقوع الخلل في التطبيق وتعين على مراعاة الأحكام الشرعية العامة أو الخاصة ببيع المرابحة للآمر بالشراء".

  • دور الإدارة الرشيدة في المصارف والرقابة الشرعية تجاه ما يحدث من سوء في التطبيق في أي معاملة بنكية:
- على الإدارة الرشيدة إذا رأت شيئاً تشك فيه أو معاملة جديدة لم يسبق للمصرف التعامل بمثلها أن تعرض الأمر على الرقابة الشرعية ، والتي بدورها تفتي في المسألة.
- كما أن على الرقابة الشرعية أن تتأكد من العمليات التي تتم، وتنظر في ملفات كل عملية إذا أمكن لترى الخطوات التي تمت سليمة أو لا، فإذا وجد الخطأ يصلح من البداية.
- وعلى المصارف لتجنب أخطاء التطبيق أن تضع خطوات عملية مفصلة لكل معاملة حتى يسير عليها الموظف فيتجنب الأخطاء.
- وعلى المصارف استحداث وظيفة المدقق الشرعي الداخلي الذي يتأكد من تطبيق الخطوات كاملة.

  • التقليل من المرابحة قدر الإمكان:
وأخيراً وبعد أن رأينا المشاكل التي حدثت بسبب إجازة بيع المرابحة مع أنه حل كثيراً من المشاكل الاقتصادية نستنتج أن أحد أهم مشكلات الاقتصاد الإسلامي الآن هو عدم التمييز بين مجرد جواز المعاملة، وبين اتخاذ هذه المعاملة نهجاً اقتصادياً متبعاً. هذا الأمر نلحظه واضحاً في بيع المرابحة للآمر بالشراء والذي اتخذته البنوك الإسلامية أصلاً ووسيلة للتمويل، فأصبح سنة متبعة، وليس مجرد معاملة جائزة. وهذا الذي جعل أصوات كثير من العلماء ترتفع داعية إلى التقليل من المرابحة ما أمكن. فهل من مجيب؟؟؟
_________________________ ______
[1] -الحراج: هو سوق البضائع المستعملة كما هو متعارف عليه في بلاد الخليج العربي.
[2]- جاء هذا في القرار رقم (3) لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة التي عقـدت في سلطنة بروناي (من 1 إلى 7 محرم 1414هـ )
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

جزاك الله خيرا
إذا كان اعتماد البنوك "الإسلامية" على هذا البيع هو الشائع الآن، وهو يشكِّل المصدر الأساسي لأرباحها والذي يصل إلى نسبة 95% من الأرباح في بعض البنوك، ثم وَجَد مشايخ الاقتصاد الإسلامي أن إجازة هذا البيع الملفَّق من ثلاثة عقود: وعد ملزم وبيعتين في بيعة، قد أدَّى إلى انحسار، بل ربما تلاشي، ما ظل مُنظِّروا الاقتصاد الإسلامي منذ بأت الكتابة فيه يفاخرون به من ابتناء هذا الاقتصاد على المشاركة والمضاربة وتشجيع الاستثمار لا الاستهلاك خلافا للاقتصاد الرأسمالي الربوي ــ أقول: إذا كان ذلك كذلك أفلا يعد هذا مسوغا كافيا للقول بحظر هذا النوع من البيع أو حتى كراهته على الأقل، وإلزام البنوك "الإسلامية" بنسبة محددة من النشاط في هذا المجال مع إخضاعه لشروط إضافية في حال المقترض ونوعية السلعة المقترضة.
هذا النوع من البيع في رأيي هو أحد أكبر الأسباب التي جلبت السمعة السيئة لما يسمى بالبنوك "الإسلامية" لأنه فطريا وموضوعيا يؤدي إلى معظم نتائج الربا من قبيل:
1. تشجيع الاستهلاك الكمالي غالبا
2. تقليل الاستثمار عن طريق المشاركة باعتراف الجميع
3. زج الناس في دوامة الديون والاقتراض ثم الإفلاس أخيرا
4. تقليل مبدأ الإقراض الحسن (سُئل جعفر بن محمد الباقر : لم حرم الله الربا؟ قال: "لئلا يتمانع الناس المعروف")
5. الربح السهل والمضمون للأغنياء (مودعي البنوك والمساهمين فيها) الداعي إلى الكسل وعدم التدبر في أوجه الإنفاق للمال الذي يقوم به المقترضون.
والأضرار السابقة بدورها تقود إلى نفس المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يسببها الربا من ضعف الاقتصاد وتدهوره وزيادة الفقر والبطالة والجريمة...الخ.
ولعل ما نراه من أزمة عالمية اقتصادية في هذه الأيام هو نتيجة مباشرة للاقتراض المربح للمقرض الذي يغري المستهلك لسهولة الحصول عليه ثم يصعب عليه السداد بعد ذلك، على الصعيد الفردي والمجتمعي والدولي.
في رأيي المتواضع لا أرى في هذا البيع إلا حيلة على المراباة وصولا إلى الربح الوافر والسهل دون مخاطرة.
الذين أباحوا هذا العقد نظروا إليه من زاوية شكلية ضيقة وهي قضايا جزئية إجرائية في صورة المعاملة ولم ينظروا إليه من زاوية التأثير على النشاط الاقتصادي للفرد المسلم والدولة المسلمة بشكل عام، لذلك بعد إباحته المطلقة في بداية الأمر تراجعوا جزئيا وحثُّوا البنوك على الإقلال من الاعتماد عليه، وهي دعوة قاصرة غير ناجعة لأن البنك يهدف إلى الربح فإذا توفرت له طريقان: إحداهما تدر عليه ربحا وفيرا من غير تعب ومخاطرة كالتمويل عن طريق المرابحة وما شابهها من الصيغ المبتدعة، وأخرى تدر عليه ربحا غير مضمون مع تعب وتحرٍّ ودراسة جدوى كالمضاربة والمشاركة فسيفضل الطريق الأولى بلا ريب. ولذلك فإن دعوة المؤتمرين للبنوك الإسلامية بالحد من الاعتماد على المرابحة لم تلق صدى لديها.
إن أخطر شيء جرَّته هذه المعاملة ومثيلاتها، من وجهة نظري، هي استحلال كثير من المتدينين أكل "الربا" بعد أن كانوا لقرون مضت لا يقربونه ويبحثون عن أوجه حلال لا شبهة فيها لاستثمار أموالهم. وحتى بعد نشوء النظام البنكي الربوي كانوا يتصدقون بفوائد أموالهم، إن كان ثم، على الفقراء ولا يستحلون الربا.
أليس من الغريب حقا أن لا تمانع البنوك الربوية من التعامل بهذا العقد، فهي في أكثرها الآن تفتح أبوابا للتعامل معها عن طريق هذا العقد وأمثاله لأنه لا يشكل فارقا أساسيا مع العقود الربوية التي تجريها عادة ولا يصتدم مع المبدأ الرسمالي الربوي الذي بنيت على أساسه.
ومما ينبغي الإشارة إليه أن عقد المرابحة للآمر بالشراء بصورته الحالية لا يصح على مذهب منفرد من المذاهب، بل هو ملفق من مسائل مختلفة في كل مذهب. والحاصل أنه باطل صورة ومعنى وسيلة ونتيجة، والله أعلم.



 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

ومما ينبغي الإشارة إليه إلى أن عقد المرابحة للآمر بالشراء بصورته الحالية لا يصح على مذهب منفرد من المذاهب، بل هو ملفق من مسائل مختلفة في كل مذهب. والحاصل أنه باطل صورة ومعنى وسيلة ونتيجة والله أعلم.
جزاكم الله خيرا على هذا الإضافات والتوضيحات للمسألة وسلبياتها
ولكن أستاذنا الفاضل دعني أخاطبك بلسان الفرد الذي احتاج للتعامل بهذا النوع من البيوع
إذا أوقفنا هذا النوع من البيوع لأنه غير صحيح أو باطل
ودعونا البنوك الإسلامية إلى منعه لأنه على الأقل مكروه
فكيف نحل المشاكل الاقتصادية للبلادالمسلمة والتي من أهمها مشاكل الغلاء في المعيشة
فالرجل في بلادنا يسكن بيتا ويدفع إيجاره ثلاثين وأربعين سنة ثم يتركه لصاحبه، وهو بالطبع لا يملك ثمن بيت جديد (المرابحة حلت مشكلته وأصبح يدفع نفس المبالغ (الإيجار) ولكنه في النهاية يمتلك بيتا يبقى له ولأولاده من بعده)
وآخر أراد سيارة لا يملك ثمنها فلو استأجر سيارة سنين لن يتملكها بينما لو اشترى سيارة مرابحة سوف تدخل في ملكيته بعد سنتين
إن هذا النوع من المعاملات لم ينتشر في العالم الإسلامي ولم يجذب البنوك إلى التعامل به إلا بسبب زيادة طلب الناس. وإذا كانت البنوك مستفيدة ربحا سهلا ومضمونا فالناس مستفيدة كذلك بالتخلص من إجارات طويلة الأمد .
في ظل أوضاع الدول الاقتصادية، وغياب القرض الحسن، وعدم مساعدات الدول للأفراد لا نجد أمامنا إلا معاملات مثل هذه المعاملات
فإذا أردنا منعها للأسباب الاقتصادية التي ذكرتم والتي لا يختلف عليها اثنان علينا إيجاد البدائل للناس
فما الحل؟؟
خاصة وأن هناك من أجازها ،، والبنوك بالطبع سوف تتشبث بأي فتوى تجدها أمامها خاصة - وكما ذكنا سابقا في موضوع (البنوك الإسلامية)- أن بلادنا لا توجد فيها سلطة دينية شرعية أعلى من البنوك الإسلامية تلزمها على عمل شيء ، فاللجان الشرعية لا تزال وظائفها وصلاحياتها محدودة.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

جزاك الله خيرا أختي الكريمة
أولا: الشريعة الإسلامية هي جملة متكاملة من الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأعني بالتكامل أن تطبيق أي نظام من هذه الأنظمة مرتبط إلى حد كبير بالأنظمة الأخرى. وعليه فتطبيق نظام واحد من هذه الأنظمة بمعزل عن بعض أو كل الأنظمة الأخرى لن يأتي بالنتائج المرجوة من تطبيق الإسلام جملة وهي الحياة الطيبة الوادعة في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة للأفراد والجماعات.
ثانيا: النظام الاقتصادي الإسلامي هو جملة من الأنظمة الجزئية المترابطة والمتكاملة على نحو أشد منه من تكامل وترابط الأنظمة الإسلامية كما في النقطة الأولى. وعليه فإنها لا تُحقق نتائجها المرجوة، بل ربما تبوء بالفشل الذريع، عملياتُ التطبيق الجزئية للنظام الاقتصادي الإسلامي. والملاحظ عليه فيما يتعلق بالبنوك الإسلامية أنها عبارة عن عمليات تطبيق جزئية ـ أشبه ما تكون بعمليات زرع أعضاء سليمة في جسد مسرطن ـ في نظام رأسمالي بعيد عن الإسلام في رؤيته للثروة إنتاجا واستثمارا وتوزيعا، ومن هنا لم يكن غريبا أن تلجأ البنوك الإسلامية إلى أدوات رأسمالية في علاجها للمشكلات الاقتصادية للأفراد مع كسوها بلبوس إسلامي شكلي، وتبتعد إلى حد كبير عن تطبيق الأدوات الاستثمارية الإسلامية الأصيلة التي ليست محل خلاف ولا نقاش كالمضاربة والمشاركة والقرض السن والبيع الآجل ونحو ذلك.
والمقصود مما قدمناه أن "المعاناة الاقتصادية" التي يعيشها الناس هي نتيجة للغيبة شبه الكاملة للإسلام عن حياة المسلمين على الصعيد السياسي والاقتصادي والإعلامي، وعمليات الترقيع الشكلية والجزئية في هذه الأنظمة المستوردة الغريبة عن المنهج الإسلامي لن تفلح بتقديم الحلول التي يَعِد بها الإسلام. فالحل هو الإسلام ككل لا كأجزاء من هنا أو هناك. "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض...الآية".
وتأسيسا على هذا فإنا غير ملزمين كشرعيين بتقديم حلول إسلامية جزئية للمشكلات التي يعاني منها الناس كما تفضَّلتِ بذكره من مشكلة السكن ووسائل النقل وغيرها، لأن هذه الحلول قد يتيسر إيجاها وقد لا يمكن في ظل الظروف الراهنة لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بتطبيق أنظمة أخرى غير مفعلة جزئيا أو كليا ولا مجال لتفعيلها في ظل غياب الدولة الراعية للشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا ووحيدا للتشريع.
وفي رأيي إنه لا حل لمشكلة القروض الاستهلاكية في النظام الإاقتصادي الإسلامي إلا عن طريقين:
أحدهما: نظام البيع نسيئة، وهذا يتطلب من البنوك أن تمارس التجارة (مخاطرة) فتكون لها مستودعات ومخازن تبيع منها ما يكثر احتياج الناس إليه من سلع كأدوات البناء وبعض أنواع السيارات...الخ.
والآخر: نظام الإقراض الحسن. وهو أصل عتيد في الشريعة وردت فيه عشرات النصوص. ويمكن تعزيز هذا المبدأ بوسائل كثيرة أهمها:
1. فتح المجال للأوقاف النقدية في البنوك مع حملة إعلامية تقوم بها أجهزة الدولة ودعاتها لحث الأغنياء على المساهمة في هذه الأوقاف التي ترصد للإقراض الحسن.
2. قيام البنوك لا الأفراد بعمليات الإقراض مع توفير ضمانات كافية لعملية السداد.
3. قيام الدولة بعمليات الإقراض الحسن في المجالات الحيوية كالسكن والزواج.
4. تفعيل مبدأ تقويم الدين بالذهب ومطالبة المقترض بسداد القيمة. أو سداد النقود بعددها إضافة إلى نسبة التضخم حتى لا يحصل ظلم للمقرض.
وعلى أية حال فالقرض الحسن بصورته الطبيعية لن يكون إلا في الحاجات، بخلاف صيغ التمويل الربوية وشبه الربوية، لأن الناس تأنف بفطرتها عن إقراض المال لأغراض كمالية. وبهذا فإنه لن يؤدي إلى ما نشهده اليوم من تقاطر للناس، وبنسب مهولة حتى في الدول الغنية، على الاستهلاك الكمالي أو البذخي عن طريق الإقتراض الربوي وشبه الربوي. النظرية الكينـزية الرأسمالية القائمة على تشجيع الاستهلاك لدفع عجلة الاقتصاد وتمويل ميزانيات الدول بالعجز ثبت فشلها أخيرا، وما يشهده العالم الآن من انهيار أنظمة اقتصادية لدول عظمى نتيجة الدين وتمويل الميزانيات بالعجز، ثم سعي هذه الدول في تطبيق إجراءات تقشفية لكبح الإنفاق، خير برهان على ذلك.
والخلاصة فكما لا نستطيع أن نقول لمن لا يستطيع الزواج قد أبحنا لك الزنا أو نكاح المتعة (مختلف فيه وهو شبيه بالزنا مع فروق شكلية)، بل عليك بالصبر والاستعفاف فكذلك لا نستطيع أن نقول لمن لا يملك البيت والسيارة أبحنا لك الربا أو المرابحة للآمر بالشراء (مختلف فيه وهوشبيه بالربا مع فروق شكلية)، بل عليك بالصبر والاستعفاف. نعم إذا بلغ الأمر حد الضرورة كعلاج ونحوه جاز الربا وغيره. وقد أفتى بعضهم بجواز الربا للحاجة الأساسية أيضا كمسكن وتعليم وزواج لمن يخشى العنت تنزيلا للحاجة منزلة الضرورة وهذا محل نظر.
أن يأخذ المرء قرضا ربويا لحاجة شديدة كسكن لا أمل له بامتلاكه في المنظور البعيد ويستغفر الله تعالى أهون في نظري من أن يأخذ قرضا شبه ربوي (عن طريق المرابحة ونحوها) في حاجة كمالية كشراء سيارة جديدة أو أثاث فاخر أو موبايل جديد مع اعتقاده بأن ما فعله حلال.
سمعت في مقابلة في برنامج تلفزيوني محللا اقتصاديا غربيا مسلما ينتقد بشدة واقع البنوك الإسلامية فسأله الصحفي: إذن ما الحل؟ فقال له: إن الدولة الإسلامية عاشت ثلاثة عشر قرنا دون بنوك إسلامية فما كان الحل في تلك القرون هو الحل الآن.
والله أعلم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل على ما قدمت من تصوير واسع للمشكة الاقتصادية في عالمنا الإسلامي
وأوفقكم الرأي في حاجتنا إلى مشروع اقتصادي متكامل يحل جميع المشاكل الجزئية التي ظهرت من ترقيع الأنظمة الفاسدة بالمعاملات الإسلامية حتى ظهرت معاملات ممسوخة لا هي حلال ولا هي حرام
ولكن كون المرابحة للآمر بالشراء سببت مشكلة اجتماعية اقتصادية في مجتمعاتنا بسبب استسهال الناس لها واستفادة البنوك منها هل يجعلنا نجزم بحرمتها وتشبيهها بالربا وهي ليست من الربا
ما الذي يجعل البنك يشتري لك سيارة أو بيتا ويضع فيها مبلغا من المال دون أن يستفيد هو بالمقابل؟
هذا بنك أو دعنا نقول شركية وليس مؤسسة خيرية؟
ولو أنا اشتريت سيارة لأخي مثلا ونقلتها في ملكيتي وبعتها له بالتقسيط على سنتين بزيادة عن السعر الأصلي هل أكون قد تعاملت بالربا؟
ما أريد قوله أن المعاملة في أصلها بشروطها المتبعة لا يمكن أن نقول عنها أنها ربا لأن البنك هو من يتحمل المخاطر بعد شرائه للسلعة التي لا حاجة له بها
ربما أكون عدت للنقطة رقم واحد في النقاش
وأعتذر عن ذلك
ولكني أرى أن تشبيه المعاملة بالربا مخيف لأن جل المسلمين أصبحوا يتعاملون بها لصعوبة المعيشة ولا نستطيع أن نقنع الجميع بالصبر، فهذا ليس حلا وليس كل أحد يحسنه
ما ذكرتم من اقتراحات صحيحة وجيدة ولكن حتى نطبقها ما الحل؟؟؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

أختي الكريمة
إذا نظرنا إلى المشكلة بمنظار أوسع فإن هذا العقد ومثيلاته من الحيل الربوية إنما يسهم في تفاقم المشكلة لا في حلها، وذلك من وجهين:
أحدهما: الأضرار العامة على الاقتصاد الكلي للدولة كالربا تماما مما يسهم في زيادة البطالة والفقر ومن ثم كثرة حاجة الناس إلى الاقتراض لتوفير الاحتياجات الأساسية. ودفع الضرر العام في الشريعة مقدم على جلب الصالح الخاص.
والثاني: أن توفير التمويل السهل للناس من شأنه أن يوجد في المجتمع أنماطا استهلاكية ما كانت لتنشأ لولا هذا التمويل. وهذه الأنماط بدورها تشكل عبئا اجتماعيا على طبقة متوسطي الدخل وضعيفيه في المجتمع، لأن الناس عموما يقلد بعضهم بعضا في نمط الاستهلاك دفعا للشعور بالنقص أو نظرة الإزدراء من باقي أفراد المجتمع. وهذا بدوره يدفع إلى الاقتراض لا سيما إذا كان سهلا.
قديما لما لم تكن بنوك ولا اقتراض سهل. كانت حياة الناس تبنى على البساطة ولم يكن البيت ولا الزواج ولا الركوبة يشكل مشكلة كبيرة لا تحل إلا بالاقتراض كما هو هذه الأيام. والسبب الأساسي في ذلك هو عدم توفر التمويل السهل، ومن ثم كان الناس يكتفون بالقليل البسيط الذي يطيقون ولا يقترضون إلا للحاجات الشديدة (لأنهم لا يجدون من يقرضهم قرضا حسنا لغير حاجة). أما هذه الأيام ففي ظل توفر التمويل السهل الربوي وشبه الربوي صارت تتغير الأنماط الاستهلاكية للناس فلا يكتفون ـ بضغط من العرف السائد بسبب سهولة الاقتراض ـ ببيت متواضع ولا بسيارة متواضعة والمرأة لا تقبل إلا بمهر مثيلاتها اللاتي اقترض أزواجهن ليمدوهن بالهدايا والأثاث الفاخر ونحو ذلك.
والخلاصة هي أن انتشار الربا أثر تأثيرا بالغا في الأنماط الاستهلاكية للناس مما جعلهم، وهذا طبيعي، يغرقون في الاستهلاك التفاخري دون كابح من قلة السيولة بأيديهم. وأما العقود شبه الربوية فلم تأت بالكابح بل زادت الطين بلة لتقول لهؤلاء الذي لا يتعاملون بالربا ولا يسرفون في الإنفاق هلموا إلينا فإن لدينا طريقة حلالاً شكليا (حيلة) توفر لكم التمويل السهل لكي تكونوا على قدم سواء ـ في الاستهلاك ـ مع المتعاملين بالربا صراحة.
ليست لدي إحصائيات ولكني شبه متأكد بحسب ما أرى في المجتمع، أن الذين يقترضون من البنوك الإسلامية لبناء بيت أو نحو ذلك من الحاجات الأساسية ليسوا هم الكثرة الكاثرة في المجتمع، وحتى هؤلاء فقليل منهم من يقترض لبناء بيت متواضع في مكان متواضع يسد الحاجة بل الأمر يتعدى ذلك إلى ما يزيد على الحاجة ويدخل في حد الكماليات بل البذخ في كثير من الأحيان.
أما السيارة فليست ضرورة ولا حاجة إذا توفرت وسائل المواصلات. ووجود التمويل السهل في الدولة هو الذي يضعف شبكات المواصلات لأن نجاح هذه الشبكات مرهون بكثرة من يستقلونها، وإذا توفر التمويل السهل فكل الناس يشترون سيارات، حتى تجد في البيت الواحد ثلاث أو أربع سيارات كلها عن طريق القروض. الدول الغربية الآن تسعى جاهدة لتفعيل شبكات المواصلات لما فيها من منافع اقتصادية فيما يتعلق بتوفير الطاقة والمحافظة على البيئة وتقليل الحوادث وغير ذلك من المنافع المترتبة على قلة وجود السيارات على الشوارع.
وينبغي أن لا ننسى أن وجود التمويل السهل عن طريق الاقتراض البنكي الربوي وشبه الربوي هو أحد أكبر أسباب ارتفاع الأسعار في المجتمع وتضخم العملات لأنه كلما زاد عرض النقود قلت قيمتها وارتفعت أسعار السلع. ولذا نلاحظ أنه قبل عشرين سنة لم يكن صعبا على متوسط الدخل أن يدخر ليبني بيتا أما الآن فقد أصبح هذا صعبا جدا في ظل الغلاء الفاحش الذي هو أثر من آثار توفر الإقتراض السهل.
والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

الحل كما قلت هو في منع الربا وأشباهه من العقود التي توفر التمويل السهل، ومن ثم تنظيم طريقة حضارية مؤسسية للقرض الحسن لحل مشاكل الناس التي تقع في رتبة الحاجات كمسكن متواضع وزواج ونحو ذلك.
حل آخر هو أن تمارس البنوك العمل التجاري فتمتلك السلع الأساسية وتبيعها إلى الناس بالتقسيط.
هذا الحل بيد أصحاب القرار الدولة أو أصحاب البنوك الإسلامية.
أما الأفراد الذين يحتاجون للاقتراض في الحاجات الأساسية فلا حل لهم إلا الصبر، وهو نصف الإيمان، وذكر في القرآن عشرات المرات، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) قال تعالى في مشكلة عدم القدرة على الزواج فليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله وقال صلى الله عليه وسلم "...من لم يستطع منكم الباءة فعليه بالصوم" وهذا إرشاد إلى الصبر.
وحل آخر الاقتراض الربوي في الضرورات والحاجات التي تنزل منزلتها. وشخصيا، ولعلي أكون مخطئا، أُفضِّل الاقتراض الربوي لمواضع الضرورة والحاجة التي تنزل منزلتها على الاقتراض شبه الربوي (عقود الحيل كالعينة والتورق والمرابحة للآمر ونحوها) وذلك لثلاثة أسباب:
أحدها: المقترض يعلم أن هذا الاقتراض حرام ولذلك فهو يقتصر على الضرورة ولا يتوسع فيها بخلاف الأمر في العقود الأخرى.
والثاني: أن هذا يقلل من الزبائن المقترضين من البنوك الإسلامية مما يدفعها إلى التوجه نحو تمويل الاستثمار سعيا للربح دون الاستهلاك.
والثالث: أنهم لا يساهمون في خديعة أغنياء المسلمين المودعين أموالهم في البنوك الإسلامية ويتقاضون عليها فوائد بل يعطون هذه الفوائد لمرابين فاسقين سيعذبون بها في جهنم.
والله أعلم وأحكم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

حل آخر هو أن تمارس البنوك العمل التجاري فتمتلك السلع الأساسية وتبيعها إلى الناس بالتقسيط.
وهذا هو ما تقوم به البنوك في حالة المرابحة للآمر بالشراء
فهي تشتري السلعة وتمتلكها بعقد أول ثم تقوم تبيعها للعميل بالتقسيط


(عقود الحيل كالعينة والتورق والمرابحة للآمر ونحوها)
بيع العينة محرم ولم ينازع أحد في حكمه
والتورق كذلك صدرت فتوى من المجمع الفقهي بتحريمه ويمكن الاطلاع على الموضوع الأخير عن التورق وفيه المراحل التي مر بها إصدار الحكم
أما المرابحة للآمر بالشراء فما دامت شروط البيع الصحيح منطبقة عليها فكيف نحرمها لمجرد الشبه أو النية
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة يُشْكِلُ علي في هذا الموضوع العقد المعروف بـ (الوعد بالشراء) إذ لازمه اشتراط ابطال خيار المجلس ، وهو عندنا باطل لثبوته بالنص دفعاً للندامة.
والثاني : التغريم عند امتناع المشتري من الشراء ، بدعوى أنه مقابل تكاليف المعاملات الورقية وما شابه والتي تكبدها البنك لشراء السلعة ، مع أن البنك استفاد السلعة مقابل ما تكبده من خسائر ، فإن كانت السلعة تقابل خسائر البنك ، فأخذه غرامة مالية من الطالب للشراء مقابل ماذا ؟
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

وهذا هو ما تقوم به البنوك في حالة المرابحة للآمر بالشراء
فهي تشتري السلعة وتمتلكها بعقد أول ثم تقوم تبيعها للعميل بالتقسيط
فرق بين البيع بالتقسيط وبيع المرابحة للآمر بالشراء من حيث الشكل والأثر
أما من حيث الشكل فبيع التقسيط عقد واحد يؤجل فيه الثمن وهو جائز إجماعا إذا لم يختلف السعر الحال عن الآجل وخالف بعضهم في جوازه إذا تغير السعران. أما المرابحة للآمر بالشراء، فهو ثلاثة عقود في عقد واحد، حيث يقع التفاوض والاتفاق على هذه العقود الثلاثة دفعة واحدة ثم يقع التنفيذ متدرجا بحيث ينتهي في العقد الأخير في صورة بيع التقسيط. ولا يصح فقها النظر إلى هذه العقود الثلاثة كلا على حدة لأنها مرتبط بعضها ببعض ومشروط بعضها ببعض فكانت عقدا واحدا مركبا من ثلاثة عقود. والذي يجيز هذا العقد لجواز أجزائه بانفراد كلٍّ لا بد له أن يلتزم جواز بيع العينة؛ لأن العينة أيضا إذا نُظر إليه كأجزاء كان حلالا، وإنما نشأ التحريم عن التركيب، ولهذا فإن مثل هذه العقود المركبة تدخل، بجلاء، في عموم النهي عن بيعتين في بيعة والنهي عن بيع وسلف.

وأما من حيث الأثر فإن الكلفة والمخاطرة على البائع في حال بيع التقسيط أكبر منها بكثير في حال بيع الآمر بالشراء مما ينعكس على فرق السعر في البيعيين وهذا يعني وجود فرق كبير بين سعر السلعة حالة أو آجلة في بيع التقسيط فيما لو قام البنك بالعمل التجاري (شراء السلع مقدما كما يفعل أي تاجر)، وارتفاع السعر مهم في ثني الناس عن اللجوء إلى هذا الأمر إلا في الضرورات والحاجات الماسة. وعليه فبيع التقسيط لا يسهم كثيرا في انتشار الاستهلاك الكمالي كما هو الحال في الربا و أشباهه. والله أعلم.
أما المرابحة للآمر بالشراء فما دامت شروط البيع الصحيح منطبقة عليها فكيف نحرمها لمجرد الشبه أو النية
النية لها أثر كبير في التصرفات، ونظرية الباعث في العقود لها وزن وتطبيقات كثيرة في الفقه الإسلامي، وبيع العينة جائز من حيث الشكل لكنه حرام من حيث الباعث والأثر كلاهما.
وأنا لم أستند إلى مجرد النية في ترجيح القول بتحريم بيع المرابحة للآمر للشراء، وإنما للمآل والأثر والنتيجة، فقياسه على عقد الربا ليس قياسا شبهيا بل هو قياس علة أو مساواة حيث يشتركان في كل أو معظم المآلات الضررية على الاقتصاد الكلي، وإن لزمت عنهما منافع خاصة لبعض الأفراد، ولذلك بعد أن كان الكثيرون متحمِّسين لهذا العقد في بداية ابتداعه خف الحماس وبدأت تتعالى الصيحات بالحد منه وتقليله، وفي ظل الانهيار الذي نشهده مؤخرا للنظام الرأسمالي الربوي الاستهلاكي سنشهد في المستقبل مزيدا من الاستنكار من قبل منظري الاقتصاد الإسلامي لمثل هذا العقد. والله أعلم.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة يُشْكِلُ علي في هذا الموضوع العقد المعروف بـ (الوعد بالشراء) إذ لازمه اشتراط ابطال خيار المجلس ، وهو عندنا باطل لثبوته بالنص دفعاً للندامة.
والثاني : التغريم عند امتناع المشتري من الشراء ، بدعوى أنه مقابل تكاليف المعاملات الورقية وما شابه والتي تكبدها البنك لشراء السلعة ، مع البنك استفاد السلعة مقابل ما تكبده من خسائر ، فإن كانت السلعة تقابل خسائر البنك ، فأخذه غرامة مالية من الطالب للشراء مقابل ماذا ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا اعتراض على العقد من الجهة الشكلية الإجرائية وهو ينضم إلى اعتراضات أخرى كثيرة كالإلزام بالوعد، والبيع وشرط، والبيعتين في بيعة والبيع وسلف وربح ما لم يضمن ونحو ذلك مما يذكره المحرمون لهذا العقد. ولكن هذه المؤاخذات الشكلية، على أهميتها، تقصُر في نظري عن أهم علة للتحريم، وهي اشتراك هذا البيع مع عقد الربا شكلا ومضمونا. أما شكلا فإن محصلة هذا العقد اقتراض لمال مع دفعه إلى أجل مع زيادة، وأما مضمونا فكلاهما يؤدِّي إلى نفس النتائج الضررية على الاقتصاد التي يذكرها منظرو الاقتصاد الإسلامي كحِكَمٍ لتحريم الربا.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

ولذلك بعد أن كان الكثيرون متحمِّسين لهذا العقد في بداية ابتداعه خف الحماس وبدأت تتعالى الصيحات بالحد منه وتقليله، وفي ظل الانهيار الذي نشهده مؤخرا للنظام الرأسمالي الربوي الاستهلاكي سنشهد في المستقبل مزيدا من الاستنكار من قبل منظري الاقتصاد الإسلامي لمثل هذا العقد. والله أعلم.
جزاكم الله خيرا على توصيف القضية وأشكال عقودها
وكلامكم صحيح لا غبار عليه
ولكن كيف نرد على من يقول أنا آخذ بفتوى قرارات مجمعات الفقه الإسلامي التي أجازته والتي هي اجتهاد جماعي؟

بنظري القاصر أرى: بأنه ما دامت البنوك مستفيدة (وهي الطرف الأقوى)، وما دام الأفراد محتاجون (وهم الطرف الأضعف) ، ومادامت الفتاوى المبيحة موجودة فسوف تستمر هذه العقود إلا ما شاء الله
لذلك على الاقتصاديين الإسلامينن البحث عن البدائل لهذه العقود ذات الشبه والمساوئ والمخاطر العالية
أما أن ننصح الناس بالصبر والبحث عن المقرض قرضا حسنا فهذا لن يجدي
وأنا على يقين بأن كثيرين من الاقتصاديين المسلمين المخلصين يفكرون ويبحثون، وعدم وصول جهودهم إلينا لا ينفي وجودها
أسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه
إنه ولي ذلك والقادر عليه
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

وبيع العينة جائز من حيث الشكل لكنه حرام من حيث الباعث والأثر كلاهما.
أليس بيع العينة محرم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

أليس بيع العينة محرم بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
قصدت بالشكل: الصورة لأنه عبارة عن عقدي بيع في عقد واحد، وفيه تقابض وضمان لكنه يؤدي نفس نتيجة الربا، فإذا نظرنا إليه كأجزاء فلا يختلف عن البيع وإنما جاء التحريم من التركيب.
وينبغي أن يشار هنا أن الأحاديث التي رويت في العينة محل جدل بين أهل الحديث، فإذا صحت ولعله الأظهر، فيقاس عليها التورق والآمر بالشراء ونحوها والله أعلم.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

وينبغي أن يشار هنا أن الأحاديث التي رويت في العينة محل جدل بين أهل الحديث، فإذا صحت ولعله الأظهر، فيقاس عليها التورق والآمر بالشراء ونحوها والله أعلم.
ولماذا لا نقول أن من أوجدوا عقود التورق (لو طبقت بطريقة صحيحة غير مخادعة كالتي تحدث في الواقع) وعقود المرابحة فعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يخرج الصحابي من عقد ربوي إلى غير ربوي بإدخال سلعة ثالثة في الوسط، في الحديث المعروف:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه قَالَ: "جَاءَ بلاَلٌ إِلَى النَّبِي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيْنَ هَذَا؟" قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَقَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهٍ أَوَّهٍ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ"، متفق عليه

ما أريد قوله:
لماذا لا نستحدث عقود تحل مشاكل الناس في حدود الشرع ولا تضر الاقتصاد الوطني، لأننا إذا لم نقم بذلك قام به غيرنا
وسيجد المحتاج أعذاراً كثيرة للجوء إلى الحرام أو المشبوه
كالضرورات تبيح المحذورات
والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة
وهلم جراً،،،
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: بيع المرابحة للآمر بالشراء (معناه، حكمه، مميزاته، سلبياته)

ولماذا لا نقول أن من أوجدوا عقود التورق (لو طبقت بطريقة صحيحة غير مخادعة كالتي تحدث في الواقع) وعقود المرابحة فعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد أن يخرج الصحابي من عقد ربوي إلى غير ربوي بإدخال سلعة ثالثة في الوسط، في الحديث المعروف:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه قَالَ: "جَاءَ بلاَلٌ إِلَى النَّبِي صَلَى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيْنَ هَذَا؟" قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَقَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهٍ أَوَّهٍ، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ"، متفق عليه
هذا يستدل به أرباب الحيل دوما، والاستدلال به غير صحيح لأنه وارد في ربا الفضل لا ربا الديون، وربا الفضل لا تعلم له علة مناسبة (=مفسدته خفية) ولذلك عول الفقهاء في تحريمه على علل شبهية من الوزن والكيل والطعم والاقتيات ونحو ذلك.
وعليه فلا يستطيع أحد الزعم بأن الطريقة البديلة التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي تترتب عليها نفس آثار الطريقة المحرمة، لأن الآثار والعلة المصلحية من التحريم غير معلومة أصلا. وهذا لا ينطبق على حكم ربا الديون ذي العلل المصلحية الجلية.
أصل منع الحيل ينبثق عن أصل النظر في المآلات كما بينه الشاطبي، ولا نستطيع أن نحكم في فعل بأنه حيلة حتى ننظر في مآل هذا الفعل ومدى التقائه مع الفعل المحرم المحتال عليه في النتيجة والأثر. وهذا متيسر في ربا الديون لذلك حكمنا على بيع العينة بأنه حيلة بسهولة مع أنه من حيث الشكل ليس في صورة عقد ربوي بل عقدي بيع مركبين في عقد واحد. أما ربا الفضل فعلة تحريمه المصلحية مجهولة (حتى روي عن عمر رضي الله عنه: إن آخر ما أنزلت آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ولم يفسرها فدعوا الربا والريبة ) ولذا نقتصر فيه على الوارد ونجري ما كان فيه قياسا في معنى الأصل ونتوقف والله أعلم.
 
أعلى