العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إتحاف الأحبة الكرام بما اشتملت عليه الرحبية من أحكام

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .. نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين .. أما بعد :

فإن الله تعالى قد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستزيد من العلم فقال عز من قائل سبحانه : (( وقل رب زدني علما )) وحث النبيُ صلى الله عليه وسلم على طلب العلم فقال صلى الله عليه وسلم : (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )) ومدح الله تعالى العلماء في عدة مواضع من كتابه , منها قوله تعالى : (( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ .... )) الآيةَ .

فحري بالمسلم أن يبذل مابوسعه في طلب العلم وتحصيله ليرفعه الله درجات كما قال سبحانه : (( .... يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجاتٍ .... )) الآية َ .

ومن تلك العلوم التي ينبغي للمسم تعلمُها علم الفرائض وأحكام المواريث لاسيما أن هذا العلم قد زهد فيه حتى من بعض طلبة العلم ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم , وقد من الله تعالى علي بوضع تدريب على حل مسائل الفرائض عبر المنتدى الشرعي العام بملتقى أهل الحديث بعنوان ( مسألة فرضية ) فلقي قبولا واستحسانا من بعض الأعضاء وفقهم الله تعالى , لكن علت الهمة ببعضهم فطلب مني شرح هذا العلم مع أنني أعترف بأنني قد لاأكون أهلا لشرحه وقد يوجد من هو خير مني وأفضل , ولكن سأستعين الله تعالى في توضيح هذا العلم بما فتح الله به علي وتقريبه للأذهان بصورة ميسرة حتى ينتفع به الجميع إن شاء الله تعالى , ولقد آثرت أن أنقل هذا الشرح إلى هذا الملتقى التخصصي المبارك عسى الله أن يكون بداية لتحريك هذا الملتقى المبارك والذي يحتاج من أعضائه أن يعينوا على تقدمه ورقيه من خلال المشاركة الهادفة والبناءة , أسأل الله التوفيق للجميع .

علما أيها الأحبة أنني سأعتني بالجانب التطبيقي لأنه ثمرة كل علم , ولن أركز كثيرا على حل الألفاظ وشرح المعاني إلا ما تدعو إليه الحاجة , كذلك لن أتعرض لذكر الخلاف إلا أن أشير إليه إشارة إن دعت الحاجة إلى ذلك .

وسأضع في آخر كل درس بعض التمارين لحلها وجوبا لمن أراد إتقان هذا العلم وضبطه .

واللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل المتواضع خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به الجميع وأن يجعله ذخرا لي يوم ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه .






مقدمة : لابد أيها الأحبة قبل الشروع في صلب الموضوع من ذكر مقدمات أساسية مهمة لها تعلق كبير وصلة وثيقة بفهم هذا العلم العظيم , ألخصها فيما يلي :


أولا : شروط الميراث :

1- موت المورِّث حقيقة أو حكما .

2- حياة الوارث حقيقة أو حكما .

3- العلم بمقتضى الإرث . ( أي / بجهة الإرث ) .



ثانيا : أركانه :

1 - وارث .

2- مورِّث .

3- موروث .


ثاثا : الحقوق المتعلقة بتركة الميت بعد موته :

1- الزكاة والرهن والجناية .

2- مؤن تجهيز الميت بالمعروف .

3- الديون المرسلة في الذمة .

4- الوصية بالثلث فما دون إلا أن يجيز الورثة .

5- الإرث .


علما بأنه يوجد خلاف في تقديم بعضها في حالة ماإذا ضاقت التركة , والله تعالى أعلم .


أكتفي بهذا القدر ونكمل في درس قادم إن شاء الله تعالى .


تنبيه : ماذكر يجب حفظه وإتقانه ليسهل على المتعلم ضبط هذا العلم , وإن أمكن حفظ الرحبية فذاك أمر مطلوب .

وفقني الله تعالى وإياكم لما يحب ويرضى .



لازلتم مباركين يا أعضاء الملتقى .
 
التعديل الأخير:

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
لله درك أخي الحبيب الغالي مصطفى , والله لقد فرحت جدا عندما رأيت إرفاقك لجداول الحجب , فبارك الله فيك وشكر لك وجزاك عني وعن طلبة هذا العلم خير الجزاء ورفع قدرك وأعلى في الآخرة ذكرك ومنزلتك وجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة .

لا زلت مباركا موفقا مسددا لكل خير أخي الغالي الأستاذ مصطفى .

لا زلتم مباركين يا أعضاء الملتقى .


أتمنى منك أخي مصطفى أن تنقل شرحك لباب المشركة هنا حتى ينسب الحق إلى أهله .

أخوك ومحبك / خالد بن سالم باوزير
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
11
التخصص
العلوم الجيولوجية
المدينة
الإسكندرية
المذهب الفقهي
عام ، وأميل إلى الحنبلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخى الحبيب ، بارك الله فيك ولك وعليك ، ونفعنا مما افاء عليك به من علم ، وزادك بسطة فى العلم والحلم

وأحسب أن شرحه أفضل من شرحي

لا تغال فىّ اصلحك الله ، انما انا اهون من ذلك كله ، بل انا متطفل على موائد الكرام امثالكم

إلا أنك قد تجد أيها القارئ بعض الأخطاء الإملائية والنحوية

أما الإملائية ، فهى على غير قصد منى ، بل سبق قلم وقلة اعتناء ومراجعة ، فأبشرك اننى قد اجتزت صفوف الإملاء أيام الروضة بجدارة - :) ، وأما النحوية ، فلن ادعى إلماما أو تبحرا ، بل قل عن اخيك انه صاحب بضاعة مزجاة فى هذا الفن ، وبالكاد يعلم ما يتوكأ عليه ليفهم الناس مراده ، فلا تؤاخذنى بما جهلت ولا ترهقنى من امرى عسرا

فتجاوز واصفح

تجاوز الله عنكم ، وأقال عثراتكم ، كما أقلتم عثرة أخيكم

وكان بودي أن أنقح هذا الشرح قبل عرضه لأجرده من هذه الأخطاء بما فتح الله به علي

ليتك فعلت أخى الحبيب ، حتى يتم النفع ، ألم نتفق سويا على ان نجعل هذا الشرح فى ملف وورد بعد الإنتهاء منه ؟ ، فكان هذا وقته وسببه ، وسأكون اسعد الناس به ، فرحم الله إمرءا اهدى الىّ عيوبى

فاقبلوه هكذا واعفوا واصفحوا

لا ، اخى الحبيب ، لا ادعو اخوانى الكرام الى قبوله هكذا ، بل ادعوك لتقيم معوجه وتصحح سقيمه ، فهى أمانة العلم
،، والذى احمد الله اليك فيه بشدة هو دعواتك الكريمة بالعفو والصفح ،، عفا الله عنا وعنكم ، ورقنا وإياكم الحسنى وزيادة ، فشكر الله لكم ، ورزقنا وإياكم الفردوس الأعلى .


أتمنى منك أخي مصطفى أن تنقل شرحك لباب المشركة هنا

،،، عفوا ايها الشيخ الكريم ، ما انا بفاعل ذلك ، حتى تدثر سوءة أخيك ، وتستر عواره



وجزاكم الله خير الجزاء

ولا زلتم مباركين يا اهل الملتقى
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد :

الدرس التاســع

باب : المشتركة

قال الرحبي رحمه تعالى الله :-

وإن تجــد زوجا وأما ورثا ✻✻✻ وإخوة للأم حازوا الثلثا
وإخــوة أيضا لأم وأب ✻✻✻ واستغرقوا المال بفرض النصب
فاجعلهــــم كلهم لأم ✻✻✻ واجعل أباهم حجرا في اليم
واقسم على الإخوة ثلث التركة ✻✻✻ فهذه المسألة المشتركة.

هذه هي المسألة المشتركة ، وتُسمّى بالمُشرَّكة ، وبالحجرية واليمية والحمارية ،،
وأفرادها كالتالي :-

تُوفيت امرأة وتركت زوجا وأما ( أو جدة ) وإخوة أشقاء وإخوة لأم

فللزوج : النصف فرضا لعدم وجود الفرع الوارث

وللأم : السدس فرضا لوجود الجمع من الإخوة

وللإخوة لأم : الثلث فرضا

وللإخوة الأشقاء : الباقي تعصيبا

،،
والناظر في مجموع الفروض : نصف + سدس + ثلث = الواحد الصحيح ، أي كل التركة ، فلم يبق للإخوة الأشقاء شيءٌ , لأنهم يرثون المتبقي من أصحاب الفروض .

وللعلماء قولان في هذه المسألة :

،، ذهب فريق من العلماء إلى توزيع الإرث بالكيفية السابقة بتوريث الإخوة لأم وحرمان الإخوة الأشقاء لاستهلاك التركة كلها من أصحاب الفروض ، وكان هذا رأي عمر بن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – في أول قضائه ،،


،، وذهب الفريق الآخر إلى إشراك الإخوة الأشقاء في نصيب الإخوة لأم ، ومنهم الناظم رحمه الله تعالى ، وهو قضاء عمر في نفس المسألة آخرا بعد أن روجع من الإخوة الأشقاء ، بقولهم : هب أن أبانا كان حجرا فألقه في اليم ، أو هب أن أبانا كان حمارا ، يقصدون أن نسبهم إلى الأب لا ينبغي أن يكون سببا لحرمانهم من إرث أخيهم الشقيق الذي يدلون إليه بأمهم وأبيهم ، في حين أن إخوتهم لأم الذين يدلون إلى أخيهم الميت بالأم فقط يرثون الثلث من ماله ،، فقالوا لعمر – رضي الله تعالى عنه ،، اعتبر أبانا حمارا ، أو حجرا ، أو ألقه في اليم ، يقصدون اجعل نسبنا إليه كالعدم واعتبره كأن لم يكن ، ألسنا من أم واحدة ؟؟ !!

،، وروي عن زيد بن ثابت ، أنه قال لعمر - رضي الله تعالى عنهما ، أريت إن كان انتساب الإخوة الأشقاء للأب لا يزيدهم قربة إلى أخيهم الميت ، فلا يبعدهم منه فيرث إخوته من أمه وهم لا يرثون ؟ وقيل : إن القائل هم إخوة المتوفى

،، فقضى فيها عمر رضي الله تعالى عنه بإشراك الإخوة الأشقاء في نصيب الإخوة لأم ، ذكرهم وأنثاهم بالتساوي
،،، وحين رُوجع رضي الله تعالى عنه بأنه قد قضى في مسألة مشابهة بحرمان الإخوة الأشقاء في عام مضى , أجاب : ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي .

،،،، ومن أراد الاستزادة في مطالعة أقوال العلماء وأدلة الفريقين ، فعليه بهذا الرابط ففيه ما يكفي ويغني :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139507

فوائد :
.
• ظاهر النصوص تقتضي عدم تشريك الإخوة الأشقاء ، بينما روح النصوص ومقاصد الشريعة في العدل ومنع التحاسد والشحناء والبغضاء بين الإخوة ، تؤدي إلى القول بالتشريك .
• هذه المسألة هي مضرب الأمثال في إجماع الصحابة على حجية الاجتهاد كما ورد في كتب الأصوليين ، وأيضا ذكرها بعضهم كمثال لعمل الصحابة بالاستحسان ومشروعيته ، وأيضا بتغير حكم المجتهد في المسألة الواحدة دون نقيض .

والله تعالى أعلى وأعلم .

وانتهى هذا الباب إلى هنا ، وأرجو الأخ خالدا أن يتسلم المهمة من هنا ، وأدعو الله تعالى أن ييسر له عمله ، ويجعل له من أمره رشدا .


ملحوظة / هذا هو شرح أخي الأستاذ : مصطفى رضوان وقد قمت بتنقيحه وتغيير ما يلزم مع تصرف يسير جدا تلبية لرغبة أخي الحبيب الأستاذ : مصطفى .

وفقني الله تعالى وإياكم يا أعضاء الملتقى .
 
التعديل الأخير:

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
الدرس العاشر :


بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي في الله كما وعدتكم هاهو أوان الشروع في استكمال شرح الرحبية ونبتدي الآن بابا هو من أبواب الفرائض العويصة والتي تحتاج إلى تركيز وتصفية ذهن ولهذا قال الرحبي رحمه الله تعالى :-

ونبتدي الآن بما أردنا *** في الجد والإخوة إذ وعدنا

فألق نحو ما أقول السمعا *** واجمع حواشي الكلمات جمعا

وإنما أمر بالاستماع والإصغاء لأنه أمر مهم صعب المرام فقد كان السلف الصالح يتوقون الكلام فيه جدا , فقد روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال : (( من سره أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة )) . والجراثيم جمع جرثومة وهي الحجارة المحماة . نعوذ بالله من عذاب جهنم . وروي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال : (( سلونا عن عضلكم واتركونا من الجد لا حياه الله ولا بياه )) . وعضلكم جمع معضلة وهي المسألة المشكلة الصعبة التي لايهتدي لوجهها إلا عميق الفهم , نسأل الله أن يفهمنا ما دق من العلوم وأن يرزقنا البصيرة والفهم الصحيح . وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه ولعن من سبه وعاداه وبالشر قذفه ورماه قال : (( احفظوا عني ثلاثة أشياء : لا أقول في الجد شيئا , ولا أقول في الكلالة شيئا , ولا أولي عليكم أحدا )) .

ثم اعلم أيها المبارك أن ميراث الإخوة مع الجد لم يرد فيه شيء من الكتاب ولا من السنة , وإنما ثبت حكم ذلك باجتهاد الصحابة رضي الله تعالى عنهم , فمذهب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه ولعن من سبه وعاداه وبالشر قذف عرضه ورماه مذهبه هو وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وجماعة من الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم , ومن تبعهم كأبي حنيفة والمزني وابن سريج وابن اللبان وغيرهم رحمهم الله تعالى : أن الجد كالأب , فيحجب الإخوة مطلقا , وهذا هو المفتى به عند الحنفية , وهذا القول هو الأظهر عند التأمل فتأمل ياطالب العلم .

وأما مذهب الأئمة علي وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم : أنهم يرثون على تفصيل وخلاف , ومذهب الإمام زيد هو مذهب الأئمة الثلاثة ووافقهم على ذلك محمد و أبو يوسف صاحبا أبي حنيفة وهو مذهب الجمهور أيضا رحم الله تعالى سلفنا الصالح وأسكنهم فسيح الجنان وجزاهم عنا خير الجزاء .

ولكن هذا الخلاف إنما كان في زمن المجتهدين , وأما الآن فقد ضبط الحكم واستقر عند علماء الفرائض , لا يزاد فيه ولا ينقص عنه , والله تعالى أعلم .

قال الرحبي رحمه الله تعالى :

واعلم بأن الجد ذو أحوال *** أنبيك عنهن على التوالي

يقاسم الإخوة فيهن إذا *** لم يعد القسم عليه بالأذى

فتارة يأخذ ثلثا كاملا *** إن كان بالقسمة عنه نازلا

إن لم يكن هناك ذو سهام *** فاقنع بإيضاحي عن استفهام

وتارة يأخذ ثلث الباقي *** بعد ذوي الفروض والأرزاق

هذا إذا ما كانت المقاسمه *** تنقصه عن ذاك بالمزاحمه

وتارة يأخذ سدس المال *** وليس عنه نازلا بحال

اعلم أيها المبارك أن لتوريث الإخوة مع الجد عند القائلين به حالتين :

الحالة الأولى : أن يكون الإخوة أشقاء فقط أو من الأب فقط .

الحالة الثانية : أن يكون الإخوة من الصنفين معا وهي ماتسمى بمسائل المعادة وسيأتي الكلام عنها إن شاء الله تعالى في درس قادم إن كتب الله في العمر بقية .

بيان الحالة الأولى :

أن يكون مع الجد أحد الصنفين من الإخوة , أشقاء فقط , أو لأب فقط , فهنا نفرق في توريثهم بين أمرين :

الأمر الأول : ألا يكون معهم صاحب فرض , فيخير الجد عندها بين الأحظ له من مقاسمة الإخوة , كأنه واحد منهم , فيرثون جميعا بالتعصيب , وإذا وجد معه أخت فاللذكر مثل حظ الأنثيين , أو أخذ ثلث جميع المال إن كان هو الأحظ له , أو يتساوى له الأمران المقاسمة وثلث جميع المال , ولا يخلو ذلك من ثلاث صور :

الصورة الأولى : أن تكون المقاسمة للجد أحظ له من ثلث جميع المال , وضابطها : أن يكون الإخوة أقل من مثلي الجد , فيكونوا مثله , أو مثله ونصف مثله فما دون ذلك , وذلك محصور في خمس صور :

الأولى : أن يجتمع الجد مع أخت , فالمسألة من ثلاثة , حاصل عدد الرؤوس ( الجد برأسين , والأخت برأس واحد , تماما كالأخ مع أخته إذا اجتمعا ) , للأخت الثلث , وللجد الثلثان .

الثانية : أن يجتمع الجد مع أخ واحد , فالمسألة من عدد رؤوسهم : اثنان , للأخ نصفها واحد , وللجد نصفها واحد كما لو اجتمع أخوان شقيقان أو لأب في مسألة واحدة فالمال بين الأخوين الشقيقين أو لأب نصفان يقسم بينهما بالسوية في القسمة العادلة الشرعية .

الثالثة : أن يجتمع الجد مع أختين , فالمسألة من أربعة , للأخوات النصف اثنان , لكل واحدة الربع , وللجد النصف اثنان .

الرابعة : أن يجتمع الجد مع ثلاث أخوات , فالمسألة من خمسة , لكل واحدة منهن الخمس , وللجد خمسان , وهما أكثر من الثلث .

الخامسة : أن يجتمع الجد مع أخ وأخت , فالمسألة من خمسة , للأخ والجد لكل واحد منهما خمسان , وللأخت خمس واحد , فتأمل يارعاك الله .

الصورة الثانية : أن تكون المقاسمة مساوية لثلث جميع المال , فيأخذ الجد بأحدهما , وضابطها : أن يكون الإخوة الذين معه كمثليه , وذلك منحصر في ثلاث صور , وهي :

الأولى : أن يجتمع جد و أخوان , فالمسألة من ثلاثة , لكل منهم الثلث .

الثانية : أن يجتمع جد و أخ و أختان , فالمسألة من ستة , للأختين الثلث , وللأخ الثلث , و للجد الثلث .

الثالثة : أن يجتمع جد و أربع أخوات , فالمسألة من ستة , للجد سهمان , و للأخوات الأربع أربعة أسهم لكل واحدة منهن سهم واحد .

فائدة : يعبر لنصيب الجد بالثلث على الأظهر , لأن الأخذ بالفرض ما أمكن أولى من التعصيب , لقوة الفرض , وتقديم الإرث به على الإرث بالتعصيب .

الصورة الثالثة : أن يكون ثلث جميع المال أحظ للجد من المقاسمة , فيأخذه فرضا . وضابطها : أن يكون الإخوة الذين مع الجد أكثر من مثلي الجد , وليس لهذه الصور حصر , بل تتعدد أمثلتها , وأقلها : جد و أخوان و أخت , أو جد وخمس أخوات , أو جد و أخ و ثلاث أخوات , فما فوق ذلك .

فإذا اجتمع الجد - على سبيل المثال - مع خمس أخوات , فالمسألة من ثلاثة ( مخرج الثلث المفروض للجد ) , للجد الثلث واحد , والباقي سهمان للأخوات , وتصح المسألة من خمسة عشر , للجد منها خمسة أسهم ,
و للأخوات عشرة أسهم .

الأمر الثاني : أن يكون مع الجد و الإخوة صاحب فرض , فيرث الجد في بعض هذه الصور بالتعصيب كأنه واحد من الإخوة , ويتعين نصيبُ الجد الأحظُّ له معهم في هذه الحالة في واحد من سبعة أحوال , وهي :

الحالة الأولى : تعين المقاسمة , لأنها أحظ له من ثلث الباقي ومن سدس جميع المال , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة قدر النصف , و أن يكون مجموع الإخوة الذين مع الجد أقل من مثليه , كمن هلك عن : زوج , وجد , وأخ لغير أم , فيكون نصيبهم كالتالي : للزوج النصف , و يكون أصل المسألة من اثنين ( مخرج فرض الزوج ) له منها سهم واحد ويبقى سهم للجد و الأخ , لا يمكن أن ينقسم عليهما قسمة صحيحة , فتصح المسألة من أربعة , يكون للزوج بعد التصحيح سهمان , وللجد و الأخ لكل واحد منهما سهم واحد .

الحالة الثانية : تعين ثلث الباقي , لأنه أحظ له من المقاسمة ومن سدس جميع المال , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة أقل من النصف , و الإخوة الذين مع الجد أكثر من مثليه , كمن هلك عن : أم , وجد , وخمسة إخوة لغير أم , فيكون نصيبهم على النحو التالي :

للأم السدس , و يكون أصل المسألة من ستة ( مخرج فرض الأم ) , للأم منها سهم واحد , وتبقى خمسة أسهم ليس لها ثلث صحيح , فنأخذ مخرج الثلث ثلاثة , ونضربه في أصل المسألة , فتصح من ثمانية عشر , للأم منها ثلاثة أسهم , و للجد خمسة أسهم ( ثلث الباقي ) , وتبقى عشرة أسهم تقسم بين الإخوة بالسوية لكل واحد منهم سهمان .

الحالة الثالثة : تعين سدس المال , لأنه أحظ له من المقاسمة ومن ثلث الباقي , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة قدر الثلثين والإخوة الذين مع الجد أكثر من مثله بواحد ولو كان أنثى , كمن هلكت عن : زوج , وأم , وجد , وأخوين لغير أم , فيكون نصيب كل منهم كالآت :

أصل المسألة من ستة

للأم السدس سهم واحد

للزوج النصف ثلاثة أسهم

للجد السدس سهم واحد

للأخوين لغير أم سهم واحد

تصح المسألة من اثني عشر بعد ضرب عدد رؤوس الأخوين في أصل المسألة لأن بين عدد رؤوسهما وسهامهما تباينا فأخذنا كامل عدد رؤوسهما وضربناه في أصل المسألة فصحت من اثني عشر :

للأم منها سهمان

للزوج ستة أسهم

للجد سهمان

للأخوين لغير أم لكل واحد منهما سهم واحد

ومباحث الانكسار تشرح في بابها - إن شاء الله تعالى - .

الحالة الرابعة : أن تستوي له المقاسمة وثلث الباقي ويكونان أحظ له من السدس فيعطى أيهما , على أن التعبير له بالثلث أولى , لأنه فرض , وهو مقدم على التعصيب , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة أقل من النصف والإخوة الذين مع الجد مثليه , كمن هلك عن : أم , وجد , وأخوين لغير أم فيكون لكل منهم مايلي :

أصل المسألة من ستة وتصح من ثمانية عشر

للأم بعد التصحيح ثلاثة أسهم من ثمانية عشر

للجد خمسة أسهم وهو ثلث الباقي

للأخوين لغير أم لكل واحد منهما خمسة أسهم

لو تأملت المسألة جيدا أخي المبارك لو وجدت أن الجد هنا قد استوى له أمران : المقاسمة وثلث الباقي , فاشكر لذي الإيجاز والتنبيه .

الحالة الخامسة : أن تستوي له المقاسمة وسدس جميع المال ويكونان أحظ له من ثلث الباقي , فيعطى أيهما , على أن التعبير له بالسدس أولى , لأنه فرض , وهو مقدم على التعصيب , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة قدر الثلثين والإخوة الذين مع الجد مثله , كمن هلكت عن : زوج , وجدة , وجد , وأخ ش , فيكون لكل منهم ما يلي :

أصل المسألة من ستة

للزوج منها ثلاثة أسهم

للجدة سهم واحد

للجد سهم واحد

للأخ ش سهم واحد

لاحظ أخي جيدا أن الجد في المسألة : إن أخذ السدس فهو واحد من ستة أسهم , وإن قاسم الأخ فالباقي بعدالفروض اثنان , له سهم وللأخ سهم مثله , فيستويان له , فتأمل والله يوفقك لكل خير .

الحالة السادسة : أن يستوي له سدس المال وثلث الباقي ويكونان أحظ له من المقاسمة , فيعطى أيهما , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة قدر النصف والإخوة الذين مع الجد أكثر من مثليه , كمن هلكت عن : زوج , وجد , وثلاثة إخوة لغير أم , فيكون نصيبهم كما يلي :

أصل المسألة من اثنين مخرج فرض الزوج وتصح إما من اثني عشر إن أخذت بالسدس وإما من ستة إن أخذت بثلث الباقي ولك الخيار أخي الحبيب :

للزوج إما سنة أسهم إن جعلتها تصح من اثني عشر باعتبارك أخذت بالسدس وإما ثلاثة أسهم باعتبارك أخذت بثلث الباقي , فتأمل !

للجد إما سهمان وإما سهم واحد وفي كلا الحالين هما سدس جميع المال وثلث الباقي في آن واحد , فافطن لهذه النكتة ! والله يرشدك .

للإخوة الثلاثة إما أربعة أسهم وإما سهمان فكلا الحالين لا تنقسم عليهما فنأخذ كامل عدد رؤوسهما في الكلا الحالين لأنه في كلا الحالين يكون بين عدد رؤوسهم وسهامهم تباين فتصح المسألة إما من ستة وثلاثين وإما من ثمانية عشر فإن اعتبرت السدس صحت من الأول لأنك ستضرب الثلاثة في اثني عشر وإن اعتبرت ثلث الباقي صحت من الثاني لأنك ستضرب ثلاثة في ستة , وأترك لك القسمة بعد التصحيح فهي واضحة وجلية والله يتولاك ويرعاك .

الحالة السابعة وهي الأخيرة :

أن يستوي للجد الجميع إما المقاسمة أو سدس جميع المال أو ثلث الباقي , فيعطى أيهما , وضابطها : أن يكون الفرض الذي في المسألة قدر النصف والإخوة الذين مع الجد مثليه , كمن هلكت عن : زوج , وجد , وأخوين لغير أم , فيكون نصيبهم كما يلي :

أصل المسألة من اثنين وتصح من ستة إن اعتبرت المقاسمة أو ثلث الباقي ومن ستة إن اعتبرت السدس وفي كلا الأمرين ستجد أن الثلاثة تستوي للجد أعني : المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال , وأترك لك القسمة فقد بات الأمر واضحا لك أخي المبارك فاستعن بالله ولا تعجز وثق بخالقك ومولاك سبحانه وتعالى تصل إلى المقصود .

والله تعالى أعلى وأحكم وبالصواب أعلم .

أكتفي بهذا القدر وأسأل الله تعالى أن يعينني في وقت لا حق على إكمال ما تبقى من هذا الباب العويص اليسير على من يسره الله تعالى عليه .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .​
لا زلتم مباركين يا أعضاء الملتقى .
 

السرخسي

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
170
التخصص
عام
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
مالكي
جزاكم الله خير على الموضوع النفيس .. فالفرائض اول علم يفقد في في الأمة .
 

حمد بوجمعة

:: متخصص ::
إنضم
2 نوفمبر 2008
المشاركات
125
التخصص
شريعة
المدينة
جلفة
المذهب الفقهي
مالكي
جزاك الله خيرا أخي الحبيب ، وأرجو أن يوفقك الله في إكمال الشرح ويرزقك الصواب في القول والعمل
 
إنضم
14 فبراير 2009
المشاركات
6
الكنية
أبو حلا
التخصص
فقه مقارن
المدينة
المدينة المنورة
المذهب الفقهي
حنبلي
ما شاء الله يا شيخنا ..

أسأل الله أن ينفع بك .. وأن يجزيك خيرا على ما أفدتنا به .. لا حرمناك


تلميذك عادل الخديدي
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
بارك الله في الجميع .

الدرس الحادي عشر :

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا , وأنت تجعل الحَزن إذا شئت سهلا .

فوائد في ميراث الجد مع الإخوة من صنف واحد :

الفائدة الأولى :

يعطى الجد ثلث الباقي في بعض أحوال الجد , كالأمثلة السابقة , قياسا على الأم في المسألتين العمريتين , بجامع أن كلا منهما له ولادة , ولأنه لو لم يكن في المسألة صاحبُ فرض لأخذ ثلث المال , فإذا أخذ صاحب الفرض فرضه , أخذ الجد ثلث الباقي بعده , وما بقي فللإخوة لغير أم , ولا يأخذ الجد ثلث المال كاملا , إذ لو أخذه لأضر بالإخوة .

الفائدة الثانية :

يعطى الجد في بعض حالاته مع الإخوة السدس , لأنه إذا كان مع الولد أخذ السدس , لا ينقص عنه , والولد أقوى من غيره , فيأخذ السدس مع غيره ممن هو أضعف منه من باب أولى .

الفائدة الثالثة :

إذا استغرقت الفروض جميع المال , ولم يبق للجد شيء , فيسقط الإخوة , ويفرض للجد السدس , وتعول المسألة بقدر السدس , ويزاد في عول المسألة إذا احتيج إلى ذلك , وكذا لو بقي بعد الفروض أقل من السدس , فيسقط الإخوة , ويكمَّل للجد سدسُه , وتعول المسألة , ويستثنى من سقوط الإخوة الأختُ في المسألة الأكدرية الآتية إن شاء الله تعالى , ولا يسقط الجد , ولا ينقص عن السدس بغير عول بحال , والله تعالى أعلم .

أمثلة على الفائدة الثالثة :

لو هلكت امرأة عن : زوج , بنتين , جد , إخوة لغير أم , فيكون نصيبهم كالآت :

أصل المسألة من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر :

للزوج الربع ثلاثةُ أسهم

لللبنتين الثلثان ثمانيةُ أسهم

يبقى للجد سهم واحد وهو أقل من السدس ولا ينزل عن السدس بحال بغير عول ولهذا نفرضه له , فيكون له سهمان , وتعول المسألة إلى ثلاثة عشر , ويسقط الإخوة حينئذ .

المثال الثاني :

لو هلكت امرأة عن : زوج , بنت , ابن , أم , جد , أخ شقيق , فنصيب كل منهم كالآتِ :

أصل المسألة من اثني عشر وتعول إلى خمسة عشر :

للزوج الربع ثلاثة أسهم

للبنت النصف ستة أسهم

لبنت الابن السدس سهمان

للأم السدس سهمان

تعول المسألة إلى ثلاثة عشر , وبطبيعة الحال لن يبقى للجد شيءٌ والحالة هذه , وهو كما ذكرنا لا يسقط بأي حال من الأحوال , فنفرض له السدس , وهما سهمان , فتعول المسألة مرة أخرى إلى خمسة عشر بعد عولها الأول إلى ثلاثة عشر , وبلا شك يسقط الإخوة لما علم .

الفائدة الرابعة :

إذا لم يبق بعد الفروض إلا السدس فقط , فيسقط الإخوة , ويأخذ السدس المتبقي الجدُّ , إلا في المسألة الأكدرية الآتية إن شاء الله تعالى .

مثال على هذه الفائدة :

لو هلك رجل عن : بنت , بنت ابن , جدة , جد , أخ شقيق , فيكون نصيبهم كالآتِ :

أصل المسألة من ستة :

للبنت النصف ثلاثةُ أسهم

لبنت الابن السدس سهم واحد

للجدة السدس سهم واحد

يبقى سهم واحد وهو السدس نفرضه للجد , وبطبيعة الحال يسقط الإخوة , فاقنع بإيضاحي عن استفهامي , والله تعالى أعلم .

المسألة الأكدرية :

قال الرحبي رحمه الله تعالى :

والأخت لا فرض مع الجد لها * فيما عدا مسألة كملها

زوج وأم وهما تمامها * فاعلم فخير أم علامها

تعرف ياصاح بالأكدرية * وهي بأن تعرفها حَريَّة

فيفرض النصف لها والسدس له * حتى تعول بالفروض المجملة

ثم يعودان إلى المقاسمة * كما مضى فاحفظه واشكر ناظمه


لا حاجة لذكر سبب التسمية فقد ذكرت في مشروع المسائل الملقبة للأستاذ حمد بن جمعة أبي عبد الرحمن .

أركانها وقسمتها : أن يجتمع زوج , وأم , وجد , وأخت لغير أم , فنقسم المسألة كالآتِ :

1 - نعطي أصحاب الفروض فروضهم .

2 - يفرض للجد السدس وهو المتبقي بعد ذوي الفروض , ونفرض للأخت لغير أم النصف , فتعول المسألة .

3 - نجمع سهام الجد والأخت , ثم نقسمها بينهما , للذكر مثل حظ الأنثيين , إذ الجد معها كالأخ , ترث معه عصبة بالغير .

4 - نصحح المسألة , وذلك بضرب عدد الرؤوس ( 3 ) في عول المسألة ( 9 ) ليخرج المصح ( 27 ) , ثم نضرب كامل عدد الرؤوس في سهام الورثة , فيأخذ الجد ضعف نصيب الأخت لغير أم , والله تعالى أعلم .





الحالة الثانية من حالات اجتماع الجد مع الإخوة :

أن يكون مع الجد إخوة من الصنفين , أشقاء ولأب , ذكورا كانوا أم إناثا , وسواء كان معهم صاحب فرض أم لم يكن معهم , فهنا نفرق في توريثهم بين الأمور التالية :

الأمر الأول : أن يحتاج الإخوة الأشقاء إلى الإخوة لأب في تكميل مثلي الجد أو تكميل أقل من مثليه , وضابطها : أن يكون الباقي بعد أصحاب الفروض أكثر من الربع , ويكون الإخوة الأشقاء أقل من مثلي الجد , وتسمى بـ ( المعادَّة ) , لأن الأشقاء يعادون الجد بالإخوة لأب إذا احتاجوا إليهم , فإذا أخذ الجد نصيبه , رجع الإخوة الأشقاء على أولاد الأب فأخذوا ما بأيديهم , وإن كان الموجود شقيقة واحدة , أخذت كمال فرضها , وما بقي فلولد الأب .

ولقسمة المعادة نتبع الخطوات الآتية :

1 - نقسم المسألة على الورثة .

2 - يعد الإخوة لأب بمنزلة الإخوة الأشقاء , لا تحادهم في الإخوَّة من الأب , فيدخلون مع الإخوة الأشقاء في مزاحمة الجد .

3 - إذا أخذ الإخوة الأشقاء نصيبهم , يخرج الإخوة لأب من التركة و لا يأخذون شيئا , ويرجع نصيبُهم إلى الإخو الأشقاء , إلا إذا كان الموجود شقيقةً واحدةً , فإنها تأخذ كمال فرضها , وما بقي فلولد الأب , يقتسمونه بينهم , كما في المسائل الزيدية الشهيرة الآتية إن شاء الله تعالى .

مثال على المعادة :

لو هلك عن : جد , أخ شقيق , أخ لأب , فيكون نصيبهم كالآتِ :

أصل المسألة من ثلاثة عدد رؤوس الجد مع الأخوين لتعين المقاسمة هنا للجد :

للجد سهم واحد

يبقى سهمان يأخذ الأخ الشقيق سهما واحدا ويرجع بالسهم الآخر على الأخ لأب فيأخذه منه لأنه في الأصل يسقط به , فانظر كيف استطاع الأخ الشقيق أن يضر بالجد بِعدِّ الأخ لأب معه , مع أنه أصالةً لا يرث معه , وهذا من غرائب العلم , فسبحان الله الذي وسع علمُه كل شيء لا تخفى عليه خافية , والله تعالى أحكم وبالصواب أعلم .

أكتفي بهذا القدر وأكمل في وقت لا حق إن شاء الله تعالى .

وفقني الله تعالى وإياكم أحبتي !
 
التعديل الأخير:

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :

فقد بقيت بعض المباحث في باب الجد والإخوة على القول بتوريثهم معه , لكن لعلي أكتفي بهذا القدر , لأنني ذكرت في المقدمة أن الشرح سيكون مختصرا ومقتصرا على ما تضمنته الرحبية من أحكام , إلا أنني وجدت نفسي محتاجا إلى أن أفصل في هذا الباب لدقته , كما كنت أريد أن أعقد فصلا في نهاية الباب أذكر فيه أدلة الفريقين أعني : القائلين بالتوريث والقائلين بعدمه , لكن سيطول المقام , فلعله يكون في شرح آخر موسع إن شاء الله تعالى , وقد أشرت في بداية شرح هذا الباب إلى أن الصواب هو القول بعدم توريثهم معه , فمن أراد الاستزادة فعليه بالكتب المطولة , ومنها كتاب الخلاصة في علم الفرائض للشيخ الفاضل : ناصر الغامدي , والله ولي التوفيق .

ملحوظة : هذا الشرح منقول من كتاب الخلاصة مع بعض الإضافات اليسيرة , والباعث لي على هذا الأمر أنني لم أقف على كتاب تكلم في باب الجد والإخوة بهذا التفصيل الرائع الذي تراه إلا كتاب فضيلة الشيخ ناصر الغامدي - أحسن الله تعالى إليه - فنقلته لك أيها الحبيب لتحصل لك الفائدة وليسهل عليك عسر هذا الباب , وكنت سأعزو ما احتاج إلى عزو كهذا الباب بعد الفراغ من شرح المنظومة كاملة إبراء للذمة وتحقيقا للأمانة العلمية , لكن رأيت أن أعزو شرح هذا الباب خاصة بعد الفراغ منه لأنني نقلت كل ما ذكره الشيخ مع إضافات يسيرة كما ذكرت ذلك آنفا , وأما بقية العزو فسيكون بإذن الله تعالى بعد الفراغ من الشرح كاملا , والله المستعان .

أخوكم / أبو معاذ باوزير
 

خالد بن سالم باوزير

:: غفر الله له ولوالديه ::
إنضم
13 أغسطس 2008
المشاركات
646
الجنس
ذكر
الكنية
أبـو مـعـاذ
التخصص
الفقه
الدولة
المملكة العربية السعودية
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
الحنبلي
رب يسر بخير

الدرس الثاني عشر

باب الحساب

قال الرحبي رحمه الله تعالى :

وإن ترد معرفة الحساب ... لتهتدي به إلى الصواب

وتعرف القسمة والتفصيلا ... وتعلم التصحيح والتأصيلا

فاستخرج الأصول في المسائل ... ولا تكن عن حفظها بذاهل

فإنهن سبعة أصول ... ثلاثة منهن قد تعول

وبعدها أربعة تمام ... لا عول يعروها ولا انثلام

فالسدس من ستة أسهم يُرى ... والثلث والربع من اثني عشرا

والثمن إن ضم إليه السدس ... فأصله الصادق فيه الحدس

أربعة يتبعها عشرونا ... يعرفها الحساب أجمعونا

فهذه الثلاثة الأصول ... إن كثرت فروضها تعول

فتبلغ الستة عقد العشره ... في صورة معروفة مشتهره

وتلحق التي تليها بالأثر ... بالعول إفرادا إلى سبع عشر

والعدد الثالث قد يعول ... بثمنه فاعمل بما أقول

وجملته أيها المبارك أن أصولَ المسائل المتفقَ عليها في علم الفرائض سبعة أصول هي :

( 2 , 3 , 4 , 6 , 8 , 12 , 24 )

ثلاثة منها قد تعول وهي :

( 6 , 12 , 24 )

فالستة تعول أربع مرات على توالي الأعداد حتى تبلغ عقد العشرة ولا تزيد على ذلك , والصورة المذكورة في النظم هي ما تسمى بمسألة أم الفروخ لكثرة ما فرخت بالعول , وهاكها أيها الحبيب :

هالكة عن : زوج , أم , أختين لأب , أختين لأم

أصلها من ستة وتعول إلى عشرة

للزوج : 3 أسهم

للأم : سهم واحد

للأختين لأم سهمان

للأختين لأب 4 أسهم

فتلك عشرة كاملة

ثم الاثنا عشر تعول ثلاث مرات على توالي الإفراد إلى ثلاثة عشر , وإلى خمسة عشر , وإلى سبعة عشر

ثم الأربعة والعشرون ( العدد الثالث ) تعول مرة واحدة إلى سبعة وعشرين , وتسمى البخيلة لقلة عولها , وهذا واضح .

قال رحمه الله تعالى :

والنصف والباقي أو النصفان ... أصلهما في حكمهم اثنان

والثلث من ثلاثة يكون ... والربع من أربعة مسنون

والثمن إن يكن فمن ثمانيه ... فهذه هي الأصول الثانيه

لا يدخل العول عليها فاعلم ... ثم اسلك التصحيح فيها واقسم

وإن تكن من أصلها تصح ... فترك تطويل الحساب ربح

فأعط كلا سهمه من أصلها ... مكملا أوعائلا من عولها

وجملته أنه أراد بيان القسم الثاني من الأصول السبعة وهي الأربعة التي لا يعروها العول , وذلك بعد أن فرغ من بيان القسم الأول الذي يعروه العول , فكل مسألة فيها نصف وما بقي : كزوج وأخ ش أو لأب فأصلها من اثنين , للزوج النصف فرضا سهم واحد وللأخ الباقي سهم واحد أيضا , وكزوج وأخت ش أو لأب , للزوج النصف فرضا سهم واحد , وللأخت النصف فرضا أيضا سهم واحد .

وكل مسألة فيها ثلث وما بقي : كأم وأخ ش أو لأب , أو ثلثان وما بقي : كبنتين وأخ ش أو لأب , أو ثلث وثلثان : كأختين ش أو لأب مع أختين أو أخوين لأم , فأصلها من ثلاثة .

وكل مسألة فيها ربع وما بقي : كزوجة وأخ ش أو لأب , أو ربع ونصف وما بقي : كزوج وبنت وأخ ش أو لأب , فأصلها من أربعة .

وكل مسألة فيها ثمن ونصف وما بقي : كزوجة وبنت وعم , أو ثمن وما بقي : كزوجة وابن , فأصلها من ثمانية .

فهذه هي الأصول الثانية , أي : القسم الثاني من الأصول السبعة , وهذا القسم الثاني لا عول يعروه ولا انثلام , فلتعلم ذلك أيها الحبيب المبارك , فإذا علمته فاسلك فيها التصحيح واقسم , وفي بعض النسخ : تسلم , أي : تسلم من الخطإ عند القسمة , فقد تصح المسألة من أصلها , وقد تحتاج إلى ضرب , فإن كانت تصح من أصلها بأن انقسم كل فريق على عدد رؤوسه فيقتصر في القسمة على تأصيلها , مثال ذلك : هالك عن : أم , عمين ش أو لأب : أصلها من ثلاثة

للأم : سهم واحد

للعمين : سهمان

فهنا صحت من أصلها وهو ثلاثة على ما سبق بيانه , فأعطينا كلا من الورثة الموجودين سهمه كاملا من أصلها دون نقصان , والله المستعان .

وأما إذا كانت عائلة كما في مسألة أم الفروخ من القسم الأول الذي يعروه العول , فإنك تعطي كلا من الورثة سهمه عائلا من العول , فيحصل نقصان في نصيب كل وارث من المسألة العائلة , والله المستعان , فارجع إلى المثال وطبق عليه يجانبك الزلل بإذن الله تعالى .

هذا والله تعالى أحكم وبالصواب أعلم .

انتهى الدرس الثاني عشر بحمد الله تعالى

ويليه الدرس الثالث عشر , وأوله باب السهام

والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل .
 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: إتحاف الأحبة الكرام بما اشتملت عليه الرحبية من أحكام

جهودك مشكورة
وجزاكم الله خيراً
 
أعلى