رد: لو وجه هذا الاعتراض هل يصلح هذا جوابا عنه ؟
نقول نعم ولكن لفظ السيادة قد يشمل مالا يشمله لفظ نبينا فلفظ نبينا او رسولنا خاص بنا نحن البشر العاديين ولا يكون مشتملا للأنبياء أما لفظ سيدنا فيشمل الكل ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم )
وهو شامل للأنبياء وغيرهم من البشر
فقط من باب المجاراة ، لو قلنا : (سيد الثقلين) لكان أكمل لإدخاله الجن في التفضيل ، فإن قوله صلى الله عليه وسلم (سيد ولد آدم) لا تشملهم.
ولو قال
سيد الخلق) لكان أكمل ، لأن المقرر عند المحشين أنه أفضل من جميع الخلق حتى الملائكة.
ولفظ السيادة مفرداً لا يفيد الاختصاص بالفضل الثابت بها ، لقوله صلى الله عليه وسلم قال (قوموا لسيدكم) لسعد ابن معاد ، فبان احتياجنا لزيادة سيد الخلق مع ما فيها من تمام الفائدة في إفراد الفضل له.
ثم إن لفظ (سيد) لا تعطي باقي الفضائل ، كالفضل الثابت بالرسالة بل ولا بالنبوة ، لأن سعد بن معاذ سيد وليس بنبي ولا رسول ، فيكون قولنا : (سيدنا محمد نبيك ورسولك) أتم فائدة.
على أن الرسالة تختلف والنبوة لا تفيد اختصاصه بالفضل لمشاركة الرسل له فيها، لكن لما كانت الرسالة تختلف من نبي لآخر ، وقد فضل الله نبينا بأنه جعل رسالته إلى الناس كافة، فقد كان ينبغي أن نقول : (سيدنا محمد نبيك ورسولك إلى الناس كافة).
على أن من ميزاته صلى الله عليه وسلم أن الله جعله رسولاً إلى الإنس والجن ، فيكون الأكمل أن نقول : (سيدنا محمد نبيك ورسولك إلى كافة الثقلين).
ولكن وكما ذلك الباجوري وغيره ، فإن رسالته لم تكن قاصرة على الإنس والجن، بل جعل رسالته شاملة للملائكة ، فيكون الأكمل أن نقول (سيدنا محمد نبيك ورسولك إلى العالمين) بنية العوالم كافة، ولكن الناس تتفاوت في فهم معنى العالم ، وحمله على كل ما سوى الله مختص بالمتكلمين ، فيكون التنيص أكمل : (سيدنا محمد نبيك ورسولك إلى الإنس والجن والملائكة).
وهكذا دواليك، وقد كنت أنوي الإستمرار لكن تعبت.
أما نفس القاعدة اتباع الأدب أفضل من الإمتثال فيها إشكال في الجملة من حيث أن إعمالها إما أن يكون حيث لم يكن ثمة نص أصلاً يقتضي الإمتثال عام أو خاص أو حيث كان ذلك ، وعلى الثاني فليس من الأدب أصلاً ترك الإمتثال، بل نفس إيراد القاعدة حيث كان ثمة نص عموماً مشعر بقلة الأدب لما فيها من اتهام للشارع الحكيم بإخلاء أحكامه الشرعية من تمام الأدب حتى يحتاج المتأدب إلى استدراكه.
ولعله لذلك استشكله الإمام الإسنوي وتردد فيه فيما يظهر.
وللبدر الشوكاني رسالة حسنة في هذا الباب ضمن (الفتح الرباني) 11/ 5811.
والمسألة التي نحن فيها جاءت فيها نصوص أبانت عن كيفية التشهد وكيفية الصلاة ولم يرد فيها زيادة لفظ السيادة فلو أننا أعدنا السؤال:
هل النص الشرعي خالي من الأدب المستدرك بذكر لفظ الزيادة؟
فإن قيل : فلعله صلى الله عليه وسلم تركها تواضعاً.
قلنا : يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم) فهل يقال : ما تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قالها ؟
ثم هب أن الترك تواضع ، فإنه صلى الله عليه وسلم مأمور بتليغ الشريعة لا ينقص منها ولا يزيد ولو تواضعاً وإلا كان في ذلك اتهام له بعدم تمام التبليغ.
فإذا لم يبلغ هذه اللفظة فقد علمنا بيقين أنها ليست من الشرع المأمور بتبليغه.
فيعود السؤال : هل الشرع الذي بلغه صلى الله عليه وسلم لنا في شأن التشهد خالٍ من الأدب بحيث يستدرك بزيادة سيدنا فيه؟
أما من جهة المذهب ، فليس قولاً منقولاً ولا قولاً لأحد من أصحاب الوجوه ، وقد جاء عنهم ما يخالفه من جهة الظاهر ، وذلك أنهم نصوا على أفضل كيفيات التشهد ولم يذكروا من ضمنها لفظ السيادة ، ومن كلام أئمتنا : (المسألة الداخلة في العموم كالمنصوص عليها) فإذاً يدخل في عموم تفضيلهم صيغ معينة على غيرها ، تفضيلها على التشهد بهذه الزيادة.
كما أن نفس هذه القاعدة ، اتباع الأدب أفضل من الأمتثال ، تفيد أن أئمتنا الأوائل اختاروا الإمتثال لعدم ذكرها للفظ السيادة ، إلا أن يقال : غفلوا عنها. وما أدري أين الأدب في هذا.
والخير في الإتباع وترك الإبتداع.
والله سبحانه أعلم