رد: معتمد المذهب الشافعى
أنا اعتمدت على كلام ابن حجر وعدم تصريح أحد بانتقاد ابن حجر فى هذا مما يرجح كفة القاعدة ويدل على أنه إن وجد خلاف فيكون خلافاً ضعيفاً فهذه القاعدة تلقاها جماهير متأخري علماء الشافعية بالقبول جيلاً بعد جيل
كنتُ انتهيتُ من الأسئلة بناءً على جوابكم السابق باعتمادكم الإجماع الذي نقله ابن حجر ، أما وقد اخترتم بعد ذلك اعتماد ابن حجر وعدم تصريح أحد من النقاد بمخالفته فقد عاد الإشكال المذكر سابقاً مع الإجماع ، وهو:
هل معتمدكم هو تقليد ابن حجر خاصة بحيث لو كان صرح كثير من النقاد بخلافه لم يتغير اعتمادكم على كلامه ، أم أنكم اعتمدم كلامه لموافقهة النقاد وعدم تصريح أحد بخلافه ، بحيث لو وجد الخلاف من كثير من النقاد لما اعتمدتم على قوله؟
واختصاراً أفترض أنا الجوابين ، أي :
إن قلتم : اعتمدنا تقليد ابن حجر لعدم التأهل ـ مثلاً ـ وموافقة النقاد وعدم نقل الخلاف مما يستأنس به ، فلو خالف أكثر النقاد لم يؤثر ذلك في اعتمادنا كلام ابن حجر تقليداً له.
قلنا : فهلا قلدتم الشافعي رأساً ولو مع عدم التأهل كما قلدتم ابن حجر مع عدم التأهل ، فإن تقليد المجتهد المطلق أولى من تقليد المقلد ولو كان مجتهد فتوى للاختلاف فيه. فيكون قول الشافعي هو المرجح الأساس. ولا يحسن أن يكون عدم التأهل مرة مانعاً ومرة غير مانع لغير موجب سوى محض التقليد.
وإن قلتم : بل اعتمدنا قول ابن حجر حيث وافقه النقاد ولم يخالفوه ، ولو كانوا خالفوه ـ ولو بشرط كون المخالف أكثرهم ـ لما قلدناه فيما ذهب إليه.
كان هذا احتجاجاً بعدم المخالف ، وهو دون الاحتجاج بالإجماع الذي ذهبتم إليه أولاً ، فإن كنتم ترون في أنفسكم الأهلية لترجيح الأقوال أو اعتمادها بناءً على الأدلة كعدم العلم بالمخالف ـ على فرض كونه دليلاً ـ فقد كان ينبغي الإحتجاج بنصوص الشافعي حيث وافقها الأجماع أو لم يُعلم له مخالف.
وإذا جاز الترجيح اعتماداً على عدم العلم بالمخالف ، جاز الترجيح بغيره من باب أولى ، فإن عدم العلم بالمخالف ليس بإجماع ولا حجة في المذهب ، بخلاف ما إذا وجدتَ قولاً للشافعي يصرح المحققين بأنه موافق للقياس أو للنصوص أو للإجماع ، فكيف يترك هذا لأجل مخالفة زيد أو عبيد من الناس.
وإن كان المعتمد فلان لأنه أكثر صواباً ، فلا شك أن الشافعي أكثرهم صواباً بحيث لم يغلطوه ـ مذهباً ـ إلا في مسائل قليلة ، رجعوا فيها إلى أقوال أخرى له أيضاً.
فإن قيل : لستُ أهلاً للترجيح بنصوص الشافعي بالنظر إلى الأدلة .
قلنا : لا يصح أن يقال : أنا أهل لذلك مع ابن حجر ولستُ بأهل مع غيره.
هذا الذي ذكرناه كله على سبيل التنزل ، وإلا فقد نصوا على أن المفتي لا يرجح قول الشافعي القديم على الجديد ولا الوجه الذي هو قول المجتهد المنتسب على النص ، فضلاً عن ترجيح قول مجتهد الفتوى على النص. ولم يفرقوا بين متأهل وغيره.
كما أن ابن حجر صرح أن هذه القاعدة الإلزامية تلزم المتأهلين للترجيح ، فإن عبارته "الذي أطبق عليه المحققون أن المعتمد ما اتفقا عليه ، فإن اختلفا
ولم يوجد لهما مرجح ..." الذي لا يرجح ما علاقته بوجود المرجح وعدمه.
هذا والمخالف فيه هذه الدعوى موجود كما قدمناه في موضوعنا (
مخالفات المحققين) ، وقد نقلنا عن ابن الصلاح ـ وتابعه النووي ـ أن المفتي بمجرد النقل له أن يفتي بمذهب غير مذهب إمامه ـ بشروطه طبعاً ـ فإن جاز خروجه عن المذهب بالكلية ، فكيف يلزم بتقليد مجتهد فتوى ، بل من هو دونه.
وغير ذلك مما ليس هذا أوان بسطه.
والله سبحانه أعلم