د. مختار بن طيب قوادري
:: متخصص ::
- إنضم
- 21 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 396
- الإقامة
- وهران- الجزائر
- الجنس
- ذكر
- التخصص
- الشريعة والقانون
- الدولة
- الجزائر
- المدينة
- سعيدة
- المذهب الفقهي
- مالكي
سبق لي أن تشرفت بتصفح بعض مصنفات ابن حزم رحمه الله فوجدت فيها علما غزيراّ، ومنهجا واضحا متبعا، فهو يسرد الأقوال بأدلتها، ويناقش الأدلة، ثم يتوصل إلى نتيجة.
ما أُخذ عليه رحمه الله وأرضاه هو حدة طبعه واستعماله لبعض الألفاظ التي لا تليق بمرتبة العلماء. لكن يأبى الله أن تكون العصمة إلا له، فرغم ما قيل عنه، يبقى ما تركه علما نافعا، فهو أفضل من فقه المذاهب الأربعة في بعض المسائل؛ كعلة تحريم الربا، ووجوب كتابة الديون، المناسب لعصرنا الذي ضعف فيه الوازع الديني، وهو دونها في كثير من المسائل؛ كالقول ببطلان عقد نكاح نطقت فيه البكر قائلة: رضيت بالزواج؛[1] لأن الأثر قال: "البكر تستأذن، وإذنها صماتها"، وقال جمهور الفقهاء بأن السكوت الوارد في الأثر الخاص بالبكر؛ بأنه لعلة الحياء فيها، ولذلك يعتبر السكوت دالا على الرضا، استثناء من القاعدة الفقهية "لاينسب لساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة بيان"، خلافا للثيب التي لها سابق معاشرة للرجال، لا تمنعها من إبداء رأيها في ذلك، فلو نطقت البكر برضاها بالزواج، فذلك يدل على الرضا من باب أولى، وهو متفق معها في أحكام لا تكاد تنحصر، وإن اختلفت طرائق الاستدلال؛ كتحريم ضرب الوالدين؛ بالقياس عند المتكلمين، وبدلالة النص في لغة العرب عند الظاهرية.
من قرأ بشكل خاص الإحكام في أصول الأحكام، والمحلى، وطوق الحمامة، ومن قرأ الفصل في الملل والنحل، وجمهرة أنساب العرب، لا شك أنه يقف أمام جبل شامخ في العلم. وليس من العلم التهكم من عالم، فذلك دليل السفاهة وقلة الأدب والغرور، فليتني أصيب معشار ما نال ابن حزم رحمه الله، ولو كان حيا لقبّلت رجليه؛ إكراما له وتبجيلا، وكذلك الشأن في داود الظاهري رحمه الله فيما نقل عنه من علم.
بيد أني إذا نظرت إلى المدرسة الظاهرية الحديثة أو ما يطلق عليها البعض بالظاهرية الجدد، فلا أجد هذا الأفق الواسع من العلم، ولا الإحاطة بعلم الاختلاف، وآداب الاختلاف، وحدود الاختلاف السائغ. وأجد الجرأة في إبداء الآراء السريعة؛ التي من حيث لا تريد، تهدم الشريعة. فتجد بعضهم يجنح إلى القول بأنه رأيه حق لا يقبل الخطأ، ورأي مخالفه خطأ لا يقبل الصواب. ولا يلبث أن يجرِّح بعضُهم بعضاً، فضلا عن تجريح غيرهم؛ لاختلافهم في مسائل فقهية أو حديثية محدودة. ويذكرني بعضهم بابن أبي ليلى رحمه الله فيما أُثر عنه أنه كفَّر الإمام مالك رضي الله عنه حينما تأول حديثا على غير ما رأى.
وبناء عليه، لا زلت لا أعرف للمدرسة الظاهرية الحديثة منهجا واضح المعالم، يجمع بين الحديث وبين الفقه، على نحو يجعله قابلا للتطبيق في بيئات معاصرة متباينة.
أرجو أن أكون وفقت فيما عرضت، وأردت به وجه الله وطلب الحقيقة، ومن كان لديه ملاحظات يفيدنا بها، فحيهلا، ومرحباً به.
[1] [مسألة إذن المرأة في النكاح]
1839 - مسألة: وكل ثيب فإذنها في نكاحها لا يكون إلا بكلامها بما يعرف به رضاها، وكل بكر فلا يكون إذنها في نكاحها إلا بسكوتها، فإن سكتت فقد أذنت ولزمها النكاح، فإن تكلمت بالرضا أو بالمنع أو غير ذلك، فلا ينعقد بهذا نكاح عليها: المحلى بالآثار:9/57، دار الفكر – بيروت، بدون طبعة وبدون تاريخ
التعديل الأخير بواسطة المشرف: