العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أخي صفاء الدين العراقي لك مني باقة ود وإحترام ممزوجة بنسمات المحبة الأخوية لقد رسالتك على الخاص لكن لم أصل بعد الى عدد المشاركات المطلوبة لتواصل معكم على أي فإنه يسعدني ويثلج صدري أن أكاتبكم في هذا المقام أنا من متابعيكم ولقد أجدت وأفدت في دروسك التي كادت حروفها تنطق نيابة عنك بحسن إهتمامك لإصال العلم وتقريبه انا مبتدئ في مذهب مالك ومع ذلك أعجبني طرحك واسلوبك على فقه الشافعية ويا ليتك تختصر لنا متنا على غرار ما صنعته في مذهبك وتشرح لنا متنا كالمرشد المعين او العشماوية او الرسالة على تلكم الطريقة أنا لم أحصل بعد ابجديات العلم وانما متطفل ليس إلا وأخيرا أود منك ومن الأخوة نصيحة لي من أجل الضعف الذي يعتريني في الحفظ فأنا لحد الساعة لا أحفظ سوى أبيات الطاهرة من المرشد المعين و البيقونية وبعضا من الأجرومية فهل يمكنني أن أعوض الحفظ مثلا البفهم وحفظ بعض القواعد الكلية الجامعة أم لا بد من حفظ المتون المتنوعة وأسف على الإطالة جزاكم الله خيرا
حياك الله أخي وبارك الله فيك.
1- أنصحك أخي أن تمسك شرحا معاصرا من فقه المالكية وتقارنه بشرحي على الغاية فتأخذ رأس المسألة وحكمها من المالكية وتصوير المسائل من شرحي على الغاية كوني أسهبت في البيان.
أما أنني أكتب شيئا في فقه المالكية فلا أجد في نفسي الأهلية لذلك.
2- لا توقف طلبك للعلم بسبب الحفظ أكمل ولو لم تحفظ، هنالك كثير من الطلبة والشيوخ لا حفظ لهم يعتد به في المتون ومع هذا يستحضرون المسائل.
3- هنالك طريقة ذكرها الشيخ أبو مالك العوضي في الحفظ تقوم على أبحاث علمية وهي تبني على إجبار الدماغ على الحفظ من غير كبير عناء، فمثلا أنصحك أن تتفرغ للآجرومية شهرين أو ثلاثة وتعمل ألواحا أو أوراقا وتكتب قطعة صغيرة من المتن لنقل: ( بسم الله الرحمن الرحيم الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع وأقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ) وتكتبه في اللوح وتردده 100 مرة بصوت مسموع وتقرأ عليه شرحي من الآجرومية وتفهم الموضوع فيستغرق الأمر نصف ساعة أو أكثر، هذا يكفي ثم في الغد تراجع أولا ما كتبته في اللوح بقراءته 20 مرة ثم تكتب قطعة جديدة صغيرة وتقرأها 100 مرة كما فعلت في المرة الأولى، في اليوم الثالث تراجع اللوح الثاني فقط دون الأول وتكتب لوحا جديدا، والطريقة لها تواريخ معينة متى تراجع كل درس وهي مبنية على أن التكرار في حد معين يجبر الدماغ على الحفظ تلقائيا. أبحث عنها في محرك البحث وستجدها إن شاء الله.
فتح الله عليك.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الرابع والستون- السنة

الخبر المظنون صدقه


أولا: الخبر المظنون صدقه هو خبر الواحد وهو: ما لم ينتهِ إلى حد التواتر. سواء كان راويه واحدا أم أكثر.
ومن خبر الواحد ما يعرف بالمستفيض والمشهور وهو: الشائع بين الناس وقد صدر عن أصل. توضيحه:
إن الأصل المذكور هو السند فإذا ذاع الحديث وشاع بين الناس وكان قد صدر عن سند ينحصر من حيث العدد في اثنين أو أكثر فهو المستفيض وإن كان شائعا لا عن أصل فإنه مقطوع بكذبه.
وفي المستفيض أقوال:
1- من يجعله قسما من الآحاد وعليه فالقسمة ثنائية فالخبر إما آحاد وإما متواتر، ومن الآحاد المستفيض وغيره.
2- إن القسمة ثلاثية آحاد ومستفيض ومتواتر، والمستفيض هو: ما نقله عدد كثير يربو على الآحاد وينحط عن عدد التواتر. فالمستفيض رتبة متوسطة بين المتواتر والآحاد.
3- إنه والمتواتر بمعنى واحد.
وفي أقل عدد رواة المستفيض أقوال:
1- اثنان وهو قول الفقهاء.
2- ثلاثة وهو قول المحدثين.
3- أربعة وهو قول الأصوليين.
ثانيا: خبر الواحد العدل يفيد الظن الذي يوجب العمل، وقد يفيد العلم بقرائن تنضم إليه.
كما لو أخبر رجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء واحضار الكفن والنعش.
كذا مثلوا والحقيقة إن احتمال تزوير الحقيقة في مثل ذلك الموقف لا يزال قائما كما يحصل في عصرنا.
ثالثا: في وجوب العمل بخبر الواحد تفصيل:
1- فيجب العمل به في الفتوى والشهادة إجماعا.
أي يجب العمل إجماعا بما يفتي به المفتي وكذا الحاكم ولو كان واحدا وكذا ما يشهد به الشهود ولو كانوا آحادا.
2- ويجب العمل به في باقي الأمور الدينية والدنيوية في الأصح كالإخبار بدخول وقت الصلاة، وكإخبار طبيب بمضرة شيء أو نفعه.
ولو كان خبر الواحد يعارضه القياس فإنه يعمل بالخبر ولا يلتفت للقياس. وقيل: بالقياس إن لم يكن راوي الخبر فقيها.
وهنا مسألة: هل وجوب العمل بمقتضى خبر الواحد ثبت بالدليل السمعي أو بالدليل العقلي؟
فقيل: سمعا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث أفرادًا إلى القبائل والملوك، فلو لم يجب العمل بأخبارهم لم يكن واجبا على المبعوث إليهم أن يمتثلوا. وقيل: هو واجب سمعا وعقلا، وهو أنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الأحكام المروية بالآحاد ولا سبيل إلى ذلك.


( شرح النص )

وأَمَّا مظنونُ الصِّدقِ فخبرُ الواحدِ وهو: ما لم ينتهِ إلى التواترِ، ومنهُ المستفيضُ وهو: الشائعُ عن أصلٍ. وقد يسمى مشهورًا، وأقلُّهُ اثنانِ، وقيلَ: ما زادَ على ثلاثةٍ.
مسألةٌ: الأَصحُّ أَنَّ خبرَ الواحِدِ يُفيدُ العلمَ بقرينةٍ ويجبُ العملُ بهِ في الفتوى والشهادةِ إجماعًا، وفي باقي الأمورِ الدينيّةِ والدنيويةِ في الأصحِّ سمعًا، وقيلَ: وعقلًا
.
...................................................................................................
( وأَمَّا مظنونُ الصِّدقِ فخبرُ الواحدِ وهو: ما لم ينتهِ إلى التواترِ ) سواء أكان راويه واحدا أم أكثر أفاد العلم بالقرائن المنفصلة أو لا ( ومنهُ ) أي خبر الواحد ( المستفيضُ وهو: الشائعُ ) بين الناس ( عن أصلٍ ) بخلاف الشائع لا عن أصل فإنه مقطوع بكذبه ( وقد يسمى ) المستفيض ( مشهورًا ) فهما بمعنى واحد، وقيل: المشهور بمعنى المتواتر، وقيل: قسم ثالث غير المتواتر والآحاد ( وأقلُّهُ ) أي المستفيض أي أقلّ عدد راويه ( اثنانِ ) وهو قول الفقهاء ( وقيلَ: ما زادَ على ثلاثةٍ ) وهو قول الأصوليين، وقيل: ثلاثة وهو قول المحدثين. ( مسألةٌ: الأَصحُّ أَنَّ خبرَ الواحِدِ يُفيدُ العلمَ بقرينةٍ ) كما في إخبار رجل بموت ولده المشرف على الموت مع قرينة البكاء وإحضار الكفن والنعش، وقيل: لا يفيد العلم مطلقا أي مع قرينة أو لا، وعليه الأكثر من الأصوليين ( ويجبُ العملُ بهِ ) أي بخبر الواحد ( في الفتوى والشهادةِ ) أي ما يفتي به المفتي ويشهد به الشاهد بشرطه، وفي معنى الفتوى الحكم ( إجماعًا وفي باقي الأمورِ الدينيةِ والدنيويةِ في الأصحِّ ) وإن عارضه قياس كالإخبار بدخول وقت الصلاة أو بتنجس الماء وكإخبار طبيب أو غيره بمضرة شيء أو نفعه، وقيل: يمتنع العمل به مطلقا لأنه إنما يفيد الظن، وقيل: إن لم يعارضه قياس ولم يكن راويه فقيها، وإذا قلنا بأنه يجب العمل به فيجب ( سمعًا ) لأنه صلى الله عليه وسلّم كان يبعث الآحاد إلى القبائل والنواحي لتبليغ الأحكام، فلولا أنه يجب العمل بخبرهم لم يكن لبعثهم فائدة ( قيل: وعقلًا ) أيضا، وهو أنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الأحكام المروية بالآحاد ولا سبيل إلى القول بذلك.

 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الستون- السنة

مدلول الخبر


أولا: إذا قيل: زيدٌ قائمٌ، فالموضوع هو زيد والمحمول هو قائم والنسبة هي ثبوت القيام لزيد، وأما الحكم فهو الإذعان والجزم بثبوت النسبة أي الإذعان بثبوت القيام لزيد في الواقع.


مولانا لم أفهم الفرق بين ثبوت النسبة والحكم بثبوتها
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الخامس والستون- السنة

الخبر المظنون صدقه


أولا: إذا روى عدل عن عدل حديثا فكذّب الأصل الفرع، أي كذب المرويُّ عنه الراوي، كأن قال: ما رويتُ له هذا، وكان الراوي جازما كأن قال: رويت عنه هذا، فالمختارُ أن ذلك لا يسقط الخبرَ المروي؛ لاحتمال نسيان الشيخ، وكذلك لا تسقط عدالة هذا ولا ذاك. ومن أجل عدم سقوط عدالتهما لا ترد شهادتهما لو اجتمعا في شهادة على شيء. وقيل: يرد الخبر.
ثانيا: إذا روى العدل حديثا، وزاد فيه زيادة لم يروها غيره من العدول الذين شاركوه في رواية الحديث، فهذه المسألة تعرف بزيادة الثقة، مثالها: ما ورد في صحيح مسلم ( جُعلِت لنا الأرض مسجدا وطهورا ) رواه هكذا أكثر الرواة. ورواه مسلم أيضا عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة عنه صلى الله عليه وسلم: ( جعلت لنا الأرض مسجدا وتربتها طهورا ) فزاد أبو مالك وتربتها.
هذه صورة المسألة وفيها خلاف طويل وخلاصة ما قرره المصنف هو:
1- إن المجلس الذي سُمعت فيه هذه الرواية إما أن يعلم اتحاده- أي كان هنالك مجلس واحد بأن لم يحدث المروي عنه بذلك الحديث إلا مرة واحدة- أو يعلم تعدده، أو يجهل الحال بأن لم يعلم اتحاد المجلس ولا تعدده، فإن علم تعدد المجلس قبلت الزيادة؛ لاحتمال أن النبي صلى الله وعليه وسلم قالها في مجلس وسكت عنها في مجلس. وكذا تقبل إذا جهل الحال؛ لأن الغالب في مثل ذلك هو التعدد.
2- إن علم اتحاد المجلس فإن كان الذين سكتوا عن الزيادة ولم يرووها عددا لا يجوز عليهم أن يغفلوا عما زاده الواحد، أو كانت الزيادة يغفل مثلهم عنها ولكنها كانت مما تتوفر دواعي من سمعها على نقلها- ككونها تعلقت بأمر غريب عادة- فلا تقبل الزيادة في تلك الحال.
وإن لم يكن كذلك قبلت الزيادة بثلاثة شروط
:
أ- أن لا يكون الساكت عن الزيادة أضبط ممن رواها. فإن كان أضبط تعارض الخبران فيصار إلى الترجيح بينهما.
ب- أن لا يصرح الساكت عن الزيادة بنفيها بأن قال: ما سمعت هذه الزيادة، فإنه والحال ذلك يتعارض الخبران فيصار إلى الترجيح بينهما.
ج- أن لا تكون الزيادة تغير الإعراب والمعنى. فإن غيرت حصل التعارض فيصار للترجيح.
مثال ما غيرت الزيادة: حديث الصحيحين: ( فرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا مِن تمر.. ) فلو رُوي ( فرض رسول... نصفَ صاعٍ ) فلفظة نصف غيرت إعراب الصاع من النصب إلى الجر.
ثالثا: ما ذكرناه من زيادة الثقة صورته أن ينفرد راو عن عدد بزيادة، فماذا يكون الحال لو انفرد راو عن راو واحد بزيادة ؟
الجواب: تقبل الزيادة وإن علم اتحاد المجلس لأن مع راوي الزيادة زيادة علم.
رابعا: الراوي الواحد إذا روى الحديث تارة بدون زيادة، وتارة أخرى مع الزيادة قبلت الزيادة.
خامسا: يجوز حذف بعض الخبر عند أكثر العلماء، إلا إذا تعلّق بالمحذوف البعض الآخر، فهذا لا يجوز لإخلاله بالمعنى.
مثال ما لا يجوز حذفه ما ورد في حديث الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها. فلا يجوز حذف ( حتى يبدو صلاحها ).
ومثال ما يجوز حذفه ما في أبي داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته. فيجوز حذف ( الحل ميتته ) لأنه لا تعلق لأحد الحكمين بالآخر.

( شرح النص )​

مسألةٌ: المختارُ أنَّ تكذيبَ الأصلِ الفرعَ وهوَ جازِمٌ لا يُسقِطُ مَرْوِيَّهُ لأنَّهما لو اجتمعا في شهادةٍ لم تُرَدَّ.
وزيادةُ العدلِ مقبولةٌ إنْ لمْ يُعْلَمْ اتحادُ المجلِسِ وإلا فالمختارُ المنعُ إنْ كانَ غيرُهُ لا يَغْفُلُ مثلُهم عن مثلِها عادةً أو كانتْ الدواعي تتوفرُ على نقلِها فإنْ كانَ الساكِتُ أضبطَ أو صرَّحَ بنفيها على وجهٍ يقبلُ تعارضا.
والأصحُّ أنهُ لو رواها مرة وتركَ أخرى، أَو انفردَ واحدٌ عن واحدٍ قُبِلتْ، وأنَّهُ إنْ غيرتْ إعرابَ الباقي تعارضَا، وأنَّ حذفَ بعضِ الخبرِ جائزٌ إلا أنْ يتعلَّقَ به الباقي
.
.............................................................................................
( مسألةٌ: المختارُ أنَّ تكذيبَ الأصلِ الفرعَ ) فيما رواه عنه ( وهوَ جازِمٌ ) به كأن قال: رويت هذا عنه، فقال: ما رويته له (لا يُسقِطُ مَرْوِيَّهُ ) عن القبول وقيل: يسقطه؛ لأن أحدهما كاذب ويحتمل أن يكون هو الفرع فلا يثبت مرويه، قلنا: يحتمل نسيان الأصل له بعد روايته للفرع فلا يكون واحد منهما بتكذيب الآخر له مجروحا ( لأنَّهما لو اجتمعا في شهادةٍ لم تردَّ ) دليل على ترجيحه عدم سقوط مرويه ( وزيادةُ العدلِ ) فيما رواه على غيره من العدول ( مقبولةٌ إنْ لمْ يُعْلَمْ اتحادُ المجلِسِ ) بأن علم تعدده لجواز أن يكون النبي ذكرها في مجلس وسكت عنها في آخر، أو لم يعلم تعدده ولا اتحاده، لأن الغالب في مثل ذلك التعدد ( وإلا ) أي وإن علم اتحاده ( فالمختارُ المنعُ ) أي منع قبولها ( إنْ كانَ غيرُه ) أي غير من زاد ( لا يَغْفُلُ مثلُهم عن مثلِها عادةً أو كانتْ الدواعي تتوفرُ على نقلِها ) وإلا قبلت، وقيل: لا تقبل مطلقا لجواز خطأ من زاد فيها، وقيل: تقبل مطلقا، وهو ما اشتهر عن الشافعي، ونقل عن جمهور الفقهاء والمحدثين لجواز غفلة من لم يزد عنها ( فإنْ كانَ الساكِتُ ) عنها فيما إذا علم اتحاد المجلس ( أضبطَ ) ممن ذكرها ( أو صرّحَ بنفيها على وجهٍ يقبلُ ) كأن قال: ما سمعتها ( تعارضا ) أي خبر الزيادة وخبر عدمها، بخلاف ما إذا نفاها على وجه لا يقبل بأن مَحَّض النفي فقال: لم يقلها النبي صلى الله عليه وسلّم. فإنه لايقبل لأنه لم يصرح بنفي السماع فلعله قال ذلك بناء على ظنه هو واجتهاده أي أن نفي الزيادة كان بناء على ما بدا له، بخلاف نفي السماع المتقدم فإنه يقطع بنفي السماع لها ( والأصحُّ أنهُ لو رواها ) الراوي ( مرة وتركَـ ) ـها ( أخرى أو انفردَ ) بها ( واحدٌ عن واحدٍ ) فيما روياه ( قُبِلتْ ) وإن علم اتحاد المجلس لجواز السهو في الترك في المسألة الأولى وهي رواها مرة وتركها أخرى، ولأن مع راويها زيادة علم في المسألة الثانية وهي انفراد واحد عن واحد، وقيل: لا يقبل لجواز الخطأ فيها في الأولى، ولمخالفة رفيقه في الثانية ( و ) الأصح ( أنَّهُ إنْ غيرتْ ) زيادة العدل ( إعرابَ الباقي تعارضَا ) أي الخبران لاختلاف المعنى حينئذ كما لو روي في خبر الصحيحين: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلّم زكاة الفطر صاعا من تمر. نصف صاع، وقيل: تقبل الزيادة كما إذا لم يتغير الإعراب ( و ) الأصح ( أنَّ حذفَ بعضِ الخبرِ جائزٌ إلا أنْ يتعلَّقَ به الباقي ) فلا يجوز حذفه اتفاقا لإخلاله بالمعنى المقصود كأن يكون غاية أو مستثنى بخلاف ما لا يتعلق به الباقي فيجوز حذفه، لأنه كخبر مستقلّ، وقيل: لا يجوز لاحتمال أن يكون للضمّ فائدة تفوت بالتفريق مثاله حديث السنن في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. إذ قوله الحل ميتته لا تعلق له بما قبله.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مولانا لم أفهم الفرق بين ثبوت النسبة والحكم بثبوتها
حياك الله أخي.
إذا قال زيدٌ: عمرٌو ليس بنائم ؟ فهل هذه الجملة وضعت لتدل على نفي النوم عن عمرو كما هو المتبادر أي على نفي النسبة في الواقع، أو هي وضعت لتدل على نفي زيد لنوم عمرو أي على رأيه الشخصي وحكمه فإن كان الأول فالخبر مرتبط دائما بما في الواقع يحكي عنه فيكون وضع ليكشف عن الحقيقة الصادقة، وإن كان الثاني فالخبر دائما مرتبط بما في ذهن المخبر.
إذا لم يتضح فأرجو أن تحدد بالضبط ما هو المشكل ؟
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


حياك الله أخي.
إذا قال زيدٌ: عمرٌو ليس بنائم ؟ فهل هذه الجملة وضعت لتدل على نفي النوم عن عمرو كما هو المتبادر أي على نفي النسبة في الواقع، أو هي وضعت لتدل على نفي زيد لنوم عمرو أي على رأيه الشخصي وحكمه فإن كان الأول فالخبر مرتبط دائما بما في الواقع يحكي عنه فيكون وضع ليكشف عن الحقيقة الصادقة، وإن كان الثاني فالخبر دائما مرتبط بما في ذهن المخبر.
إذا لم يتضح فأرجو أن تحدد بالضبط ما هو المشكل ؟

الإشكال شيخنا : أني أفهم من " ثبوت النسبة " ما أفهمه من " الحكم بثبوت النسبة " ، فما أفهمه من " ثبوت النسبة " هو : تحققها ، وما أفهمه من " الحكم بثبوتها " هو : الحكم بتحققها !
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

( فرض رسول... نصفُ صاعٍ )
لأنَّهما لو اجتمعا في شهادةٍ لم تُرَدْ
وأنَّ حذفَ بعضَ الخبرِ
( أضبطُ ) ممن ذكرها
.
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا الكريم قلنا إن اسم الفاعل يكون حقيقةً في حال التلبس بالمعنى لا في حال النطق فقط. هل نقصد بذلك أن قوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } كان حالَ نطق النبي صلى الله عليه وسلم بالآية حقيقةً فيمن تلبس بالسرقة حال نطقه ومجازًا فيمن لم يتلبس بها لكن سرق بعد النطق ثم عندما تلبسوا بها صار حقيقةً فيهم أيضًا؟ يعني: الإطلاق مجازيّ إذا وقع التلبس بعد النطق ثم يصبح حقيقةً عند التلبس؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الإشكال شيخنا : أني أفهم من " ثبوت النسبة " ما أفهمه من " الحكم بثبوت النسبة " ، فما أفهمه من " ثبوت النسبة " هو : تحققها ، وما أفهمه من " الحكم بثبوتها " هو : الحكم بتحققها !
وهل تحقق الشيء هو عينه الحكم بتحققه؟!
دعك من كل هذا وانظر في هذا المثال:
اذهب إلى نار وقرب يدك منها ثم ابعد يدك عنها وقل: النار حارة، فهل تجد فرقا بين حرارة النار وبين الحكم بحرارتها. الفرق بينهما ضروري لكل أحد. فحرارة النار هو تحقق النسبة في الخارج، والحكم بتحققها هو ذلك العمل العقلي الذي تقوم به.
فلهذا قال العلماء حينما نقول: النار حارة، فهل هذا الخبر وضع ليدل ويشير على الحقيقة الخارجية الواقعية التي هي منشأ الآثار كحرق الأجسام، أو هو وضع ليدل ويشير على حكم الإنسان بالحرارة ذلك الحكم الذي هو حبيس الذهن والذي حينما يحكم به بينه وبين نفسه لا يحترق معه دماغه ؟ قولان.
أرجو أن يكون قد اتضح.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا الكريم قلنا إن اسم الفاعل يكون حقيقةً في حال التلبس بالمعنى لا في حال النطق فقط. هل نقصد بذلك أن قوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } كان حالَ نطق النبي صلى الله عليه وسلم بالآية حقيقةً فيمن تلبس بالسرقة حال نطقه ومجازًا فيمن لم يتلبس بها لكن سرق بعد النطق ثم عندما تلبسوا بها صار حقيقةً فيهم أيضًا؟ يعني: الإطلاق مجازيّ إذا وقع التلبس بعد النطق ثم يصبح حقيقةً عند التلبس؟
حياك الله أخي لماذا أنت متأخر هكذا؟
نعم التلبس هو معيار الحقيقة لا النطق فإذا قلتُ رشيد جائع وأنت لم تجع بعد فهذا مجاز فإذا تلبست بالجوع فإطلاق الوصف عليك ما دمت جائعا حقيقة لا قبل ذلك ولا بعده.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السادس والستون- السنة

زيادة الثقة في السند - حمل الصحابي الخبر على أحد معنييه


أولا: لو روى جماعة حديثا مرسلا بأن لم يذكر الصحابي ورواه واحد مسندا، أو رواه جماعة موقوفا ورفعه واحد فحكم هذه الزيادة كحكم الزيادة في المتن التي سبقت.
فيقال: إن علم تعدد مجلس السماع من الشيخ قُبِلَ الإسناد أو الرفع؛ لجواز أن يفعل الشيخ ذلك مرة دون أخرى، وكذا إن لم يعلم تعدد المجلس ولا اتحاده لأن الغالب فى مثل ذلك التعدد.
وإن اتحد ففيه تفصيل فيقال: إن كان مثل المرسلين أو الواقفين لايغفل عادة عن مثل الإسناد أو الرفع لم يقبل، وإلا قُبِلَ ما لم يكونوا أضبط، أو صرحوا بنفي الإسناد أو الرفع على وجه يقبل كأن قالوا: ما سمعنا الشيخ أسند الحديث أو رفعه فإنه يتعارض الصنيعان فيصار إلى الترجيح.
ثانيا: إذا روى الصحابي حديثا يحتمل معنيين فأكثر فحمله هو على أحدهما فهل يؤخذ بحمله لتعيين معنى الحديث ؟
فيه تفصيل كالتالي:
1- أن يكون المعنيان متنافيين كالقرء له معنيان متنافيان وهما: الطهر والحيض، ثم لو حمله الصحابي الذي روى حديث القرء على أحدهما فحينئذ يحمل الخبر عليه؛ لأن الظاهر أنه لا يحمله عليه إلا لقرينة تدل عليه لمشاهدته صاحب الشريعة.
2- أن يكون المعنيان غير متنافيين، ثم حمله الصحابي على أحد معنييه فحينئذ يكون كحمل المشترك على معنييه معا- وقد تقدمت المسألة في مباحث الكتاب- فنحمل الخبر على المعنيين معا، وإنما لم نأخذ بحمل الصحابي لأنه لا حصر في كلامه وإنما هو أخذ بمصداق من مصاديق ذلك المشترك فيحتمل أنه يقول بالآخر أيضا واقتصر على الأول لا لغرض الحصر بل للتمثيل، وذلك كلفظ العين فلو حمله على الجارية لم يمنع من حمله على الباصرة أيضا حملا للفظ المشترك على كلا معنييه.
3- أن يكون المعنيان غير متساويين بل أحدهما هو الظاهر كالحقيقة والمجاز، ثم حمله الصحابي الذي روى الحديث الذي فيه اللفظ الظاهر في أحد المعنيين على غير المعنى الظاهر كأن حمله على المجاز أو حمل الأمر على الندب وظاهره الوجوب فأكثر العلماء يحملونه على الظاهر ولا يأخذون بما حمله الصحابي عملا بظاهر الحديث ما لم تكن هنالك قرينة.

( شرح النص )​

ولَوْ أَسْنَدَ وأَرسَلُوا أو رفعَ ووقَفُوا فكالزيادةِ، وإذا حَمَلَ صحابيٌّ مَرْوِيَّهُ على أَحَدِ مَحْمَلَيهِ حُمِلَ عليهِ إِنْ تنافيا، وإلا فكالمشتركِ في حملِهِ على معنييهِ، فإنْ حَمَلَهُ على غيرِ ظاهرِهِ حُمِلَ على ظاهِرِهِ في الأَصحِّ.
.............................................................................................
( ولَوْ أَسْنَدَ وأَرسَلُوا ) أي أسند الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم واحد من رواته وأرسله الباقون بأن لم يذكروا الصحابي ( أو رفعَ ووقَفُوا ) أي رفع الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم واحد من رواته ووقفه الباقون على الصحابي ( فكالزيادةِ ) أي فالإسناد في المسألة الأولى والرفع في المسألة الثانية كالزيادة في المتن فيما مرّ من التفصيل- وكذا الخلاف- فيقال: إن علم تعدد مجلس السماع من الشيخ قُبِلَ الإسناد أو الرفع؛ لجواز أن يفعل الشيخ ذلك مرة دون أخرى، وكذا إن لم يعلم تعدد المجلس ولا اتحاده لأن الغالب فى مثل ذلك التعدد، وإن علم اتحاد المجلس ففيه تفصيل فيقال: إن كان مثل المرسلين أو الواقفين لايغفل عادة عن مثل الإسناد أو الرفع لم يقبل، وإلا قُبِلَ ما لم يكونوا أضبط، أو صرحوا بنفي الإسناد أو الرفع على وجه يقبل كأن قالوا: ما سمعنا الشيخ أسند الحديث أو رفعه فإنه يتعارض الصنيعان فيصار إلى الترجيح، ومعلوم أن التفصيل بين ما تتوفر الدواعي على نقله ولا تتوفر لا يمكن مجيئه هنا، كما أن التفصيل بين ما يغير الإعراب أو لا يغيره لا يمكن مجيئه هنا أيضا، ويعتبر تعدد مجلس السماع من الشيخ هنا كتعدد مجلس السماع من النبي صلى الله عليه وسلم ثَمَّ ( وإذا حَمَلَ صحابيٌّ مَرْوِيَّهُ على أَحَدِ مَحْمَلَيهِ حُمِلَ عليهِ إِنْ تنافيا ) كالقرء يحمله على الطهر أو الحيض، لأن الظاهر أنه إنما حمله عليه لقرينة، وتوقف الشيخ أبو إسحاق الشيرازي فقال في اللمع: فيه نظر أي لاحتمال أن يكون حمله لموافقة رأيه لا لقرينة. وخرج بالصحابي غيره، وقيل: مثله التابعي، والفرق على الأصح أن ظهور القرينة للصحابي أقرب ( وإلا ) أي وإن لم يتنافيا ( فكالمشتركِ في حملِهِ على معنييهِ ) أي فحكمه حكم المشترك المتقدم وقد تقدم أن الأصح أنه يحمل على كلا المعنيين فحينئذ يحمل المرويُّ على محمليه معا ولا يختص بحمل الصحابي إلا على القول بمنع حمل المشترك على معنييه فإن قلنا به فحينئذ يحمل عل ما حمله الصحابي ( فإنْ حَمَلَهُ ) أي حمل الصحابي مرويه فيما لو تنافى المحملان ( على غيرِ ظاهرِهِ ) كأن حمل اللفظ على معناه المجازى دون الحقيقي ( حُمِلَ على ظاهِرِهِ في الأَصحِّ ) اعتبارا بالظاهر، وفيه وفي أمثاله قال الشافعي: كيف أترك الحديث بقول من لو عاصرته لحججته، وقيل: يحمل على حمله لأنه لم يفعله إلا لدليل. قلنا: في ظنه وليس لغيره اتباعه فيه؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا فإن ذكر دليلاً عمل به، أما إذا لم يتناف المحملان فظاهرٌ حمله على حقيقته ومجازه بناء على الراجح من استعمال اللفظ فيهما.

 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وهل تحقق الشيء هو عينه الحكم بتحققه؟!
دعك من كل هذا وانظر في هذا المثال:
اذهب إلى نار وقرب يدك منها ثم ابعد يدك عنها وقل: النار حارة، فهل تجد فرقا بين حرارة النار وبين الحكم بحرارتها. الفرق بينهما ضروري لكل أحد. فحرارة النار هو تحقق النسبة في الخارج، والحكم بتحققها هو ذلك العمل العقلي الذي تقوم به.
فلهذا قال العلماء حينما نقول: النار حارة، فهل هذا الخبر وضع ليدل ويشير على الحقيقة الخارجية الواقعية التي هي منشأ الآثار كحرق الأجسام، أو هو وضع ليدل ويشير على حكم الإنسان بالحرارة ذلك الحكم الذي هو حبيس الذهن والذي حينما يحكم به بينه وبين نفسه لا يحترق معه دماغه ؟ قولان.
أرجو أن يكون قد اتضح.

اتضحت مولانا
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

حياك الله أخي لماذا أنت متأخر هكذا؟

معذرةً شيخنا فجاءتني ظروف فانشغلت لمدة. درست وعلّقت معكم إلى باب الأمر وهذه الإشكالات تأتيني عند المراجعة والتأمل ثانيًا. سأدرك ما فاتني بسرعة بإذن الله شيخنا الحبيب.
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وهل تحقق الشيء هو عينه الحكم بتحققه؟!
دعك من كل هذا وانظر في هذا المثال:
اذهب إلى نار وقرب يدك منها ثم ابعد يدك عنها وقل: النار حارة، فهل تجد فرقا بين حرارة النار وبين الحكم بحرارتها. الفرق بينهما ضروري لكل أحد. فحرارة النار هو تحقق النسبة في الخارج، والحكم بتحققها هو ذلك العمل العقلي الذي تقوم به.
فلهذا قال العلماء حينما نقول: النار حارة، فهل هذا الخبر وضع ليدل ويشير على الحقيقة الخارجية الواقعية التي هي منشأ الآثار كحرق الأجسام، أو هو وضع ليدل ويشير على حكم الإنسان بالحرارة ذلك الحكم الذي هو حبيس الذهن والذي حينما يحكم به بينه وبين نفسه لا يحترق معه دماغه ؟ قولان.
أرجو أن يكون قد اتضح.

ممكن شيخنا تطبق هذا على " قام زيد " ؟
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا، قلنا في باب المجاز: إذا قال السيد عن عبد له أكبر منه سنًا: «هذا ابني» فإن الحقيقة هنا مستحيلة إذ يستحيل أن يكون ابنه وهو أكبر منه سنّا، فيكون قوله لاغيًا ولا يترتب عليه أي حكم، لأن هذا الشخص القائل هو من آحاد الناس لا من الشارع فلا توجد ضرورةٌ إلى تصحيح كلامه بحمله على المجاز بل نعدُّه لغوًا من الكلام.

هل نقصد بهذا أننا لا نؤول الكلام بتأويل يترتب عليه حكم شرعي فلا نقول إنه قصد: «له عندي حكم الابن فيعتق» لكن نقول إنه أراد أن يقول فقط إنه مثل الابن في القرب والمودة؟ فلا يعني إلغاؤنا لكلامه أنه ليس فيه مجاز أصلًا وإنما يعني أننا لا نحمله على مجاز يترتب عليه حكم؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السابع والستون- السنة

مَن لا تقبل أو تقبل روايته


أولا: لا تقبل رواية كافر ولو علمنا تحرزه من الكذب؛ لأنه ليس بعد الكفر ذنب؛ ولأنه لا يؤمن كيده للإسلام، وإذا كان خبر الفاسق يرد لفسقه فالكافر من باب أولى. فالإسلام شرط.
إلا أن الكافر إذا أسلم وكان قد سمع شيئا أثناء كفره ثم أداه بعد إسلامه فإنه يقبل منه.
ثانيا: لا تقبل رواية المجنون سواء أطبق جنونه أم تقطّع. فالعقل شرط.
ثالثا: لا تقبل رواية الصبي مميزا كان أو غير مميز؛ لأنه لعدم تكليفه قد يقدم على الكذب؛ فلا يمكن الوثوق بخبره إلا أن الصبي إذا تحمّل شيئا في صباه ثم أداه بعد البلوغ قبل منه؛ إذْ الأصل فيه بعد البلوغ العدالة والضبط وأنه لا يروي إلا ما عقله وحفظه. فالبلوغ شرط.
رابعا: تقبل رواية المبتدع بشروط:
1- أن لا تكون بدعته مكفّرة.
2- أن يكون يحرّم الكذب.
3- أن لا يكون داعيا إلى البدعة. ولم يشترطه بعضهم لأن المدار على الصدق فإذا تحققنا صدقه فلا يضر دعوته لها لا سيما إذا لم يرو ما يقوي بدعته.
خامسا: تقبل رواية مَن ليس فقيها. وقال الحنفية: نقبل روايته إلا فيما خالف القياس، ونوقش بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رُبَّ حامِل فقهٍ ليس بفقيه. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
سادسا: تقبل رواية مَتساهل في غير الحديث، وهو من يروي كلام الناس وينقله وهو غير واثق من ثبوته على عادة أكثر الناس في التساهل، ولكنه غير متساهل في رواية الحديث فلا يروي إلا ما هو واثق فيه فهذا تقبل روايته.
سابعا: تقبل رواية المكثر من الرواية، وإن كانت مخالطته للمحدثين قليلة، لكن بشرط أن يكون تحصيله لما رواه ممكنا في المدة التي خالط فيها المحدثين، وإلا فلا تقبل لظهور كذبه في بعض غير معين منها.

( شرح النص )​

مسألةٌ: لايُقْبَلُ مُخْتَلٌ وكافرٌ في الأصحِّ وكذا صبيٌّ في الأصحِّ، والأصحُّ أنَّهُ يقبلُ صبيٌّ تَحَمَّلَ فَبَلَغَ فأَدَّى، ومبتدِعٌ يُحَرِّمُ الكذبَ وليسَ بداعيةٍ ولا يُكفّرُ ببدعتِهِ، ومَن ليسَ فقيهًا وإنْ خالفَ القياسَ، ومتساهِلٌ في غيرِ الحديثِ، ويقبَلُ مُكْثِرٌ وإنْ نَدَرَتْ مخالَطَتُهُ للمحدِّثينِ إنْ أمكنَ تحصيلُ ذلكَ القدرُ في ذلكَ الزمنِ.
.............................................................................................
( مسألةٌ: لايُقْبَلُ ) في الرواية ( مُخْتَلٌ ) في عقله كمجنون وإن تقطّع جنونه، وكمفيق من جنونه وأثّر في زمن إفاقته أي أنه قد أفاق من الجنون ولكن الجنون السابق قد أثر في عقله وإن لم يصر مجنونا فلا تقبل روايته إذ لا يمكنه التحرز عن الخلل ( و ) لا ( كافرٌ ) وإن علم منه التدين والتحرز عن الكذب، إذ لا وثوق به في الجملة، مع شرف منصب الرواية عن الكافر وهو لا يستحقه ( وكذا صبيٌّ ) يميز ( في الأصحِّ ) إذْ لا وثوقَ بهِ لأنه لعلمه بعدم تكليفه قد لا يحترز عن الكذب، وقيل: يقبل إن علم منه التحرز عنه، أما غير المميز فلا يقبل قطعا كالمجنون ( والأصحُّ أنَّهُ يقبلُ صبيٌّ ) مميز ( تَحَمَّلَ فَبَلَغَ فأَدَّى ) ما تحمله لانتفاء المحذور السابق، وقيل: لا إذ الصغر مظنة عدم الضبط ويستمر المحفوظ بحاله أي أنه قد حفظ حفظا غير دقيق وبقي في ذهنه على هذا الوصف إلى أن بلغ، ولو تحمل كافر فأسلم فأدّى أو فاسق فتاب فأدى قبل ( و ) الأصح أنه يقبل ( مبتدِعٌ يُحَرِّمُ الكذبَ وليسَ بداعيةٍ ولا يُكفّرُ ببدعتِهِ ) لأمنه من الكذب مع تأويله في الابتداع، بخلاف من لا يحرم الكذب أو يكون داعية بأن يدعو الناس إلى بدعته أو يكفر ببدعته كمنكر حدوث العالم والبعث، وعلم الله بالمعدوم وبالجزئيات فلا يقبل واحد من الثلاثة، وقيل: يقبل ممن يحرم الكذب وإن كان داعية لما مر وهو الذي رجحه الأصل، ومراده إذا لم يكفر ببدعته، وقيل: يقبل ممن يحرم الكذب وإن كفر ببدعته، وقيل لا يقبل مطلقا لابتداعه المفسق له ( و ) الأصح أنه يقبل ( مَن ليسَ فقيهًا وإنْ خالفَ القياسَ ) خلافا للحنفية فيما يخالف القياس قالوا لأن مخالفته ترجح احتمال الكذب، قلنا: لا نسلم لأن عدالته تمنعه من الكذب ( و ) الأصح أنه يقبل ( متساهلٌ في غيرِ الحديثِ ) بأن يتساهل في حديث الناس، ويتحرز في الحديث النبوي لأمن الخلل فيه بخلاف المتساهل فيه فيرد، وقيل: لا يقبل المتساهل مطلقا لأن التساهل في غير الحديث النبوي يجرّ إلى التساهل فيه ( ويقبلُ مكثِرٌ ) من الرواية ( وإنْ نَدَرَتْ مخالَطَتُهُ للمحدِّثينِ إنْ أمكنَ تحصيلُ ذلكَ القدرِ ) الكثير الذي رواه من الحديث ( في ذلكَ الزمنِ ) الذي خالطهم فيه فإن لم يمكن لم يقبل في شيء مما رواه لظهور كذبه في بعض لا نعلم عينه.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ممكن شيخنا تطبق هذا على " قام زيد " ؟
قيام زيد في الواقع أي وقوفه على قدميه واقفا شاخصا منتصب القامة هذا هو تحقق النسبة في الخارح، وحكمنا نحن ذلك الحكم الذي هو عمل دماغي منطبع في الذهن هو الحكم بتحقق النسبة، ومرة أخرى هل وضع هذا اللفظ قام زيد ليدل على الحقيقة الواقعية الخارجية التي هي منشأ الآثار كانتصاب القامة أو وضع ليدل على الحكم الذهني أي هل وضع لما في الخارج أو لما في الذهن.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا، قلنا في باب المجاز: إذا قال السيد عن عبد له أكبر منه سنًا: «هذا ابني» فإن الحقيقة هنا مستحيلة إذ يستحيل أن يكون ابنه وهو أكبر منه سنّا، فيكون قوله لاغيًا ولا يترتب عليه أي حكم، لأن هذا الشخص القائل هو من آحاد الناس لا من الشارع فلا توجد ضرورةٌ إلى تصحيح كلامه بحمله على المجاز بل نعدُّه لغوًا من الكلام.

هل نقصد بهذا أننا لا نؤول الكلام بتأويل يترتب عليه حكم شرعي فلا نقول إنه قصد: «له عندي حكم الابن فيعتق» لكن نقول إنه أراد أن يقول فقط إنه مثل الابن في القرب والمودة؟ فلا يعني إلغاؤنا لكلامه أنه ليس فيه مجاز أصلًا وإنما يعني أننا لا نحمله على مجاز يترتب عليه حكم؟
بل المجاز من أصله لاغ لاستحالة الحقيقة.
 
التعديل الأخير:
أعلى