العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ولكن ما حال إذا دفع إليه أصله المسموع وهو غائب عن المجلس ؟
وسم الإمام السخاوي المناولة بسمات تميزها عن سائر أنواع الإجازة وتجعلها تعلو عليها وهي
- تشخيص للمروي المجاز به
- كون المجاز له في المناولة حاضرا
- مشافهة الشيخ له
وعلوها على الإجازة المجردة عنها في الأخيرين في حال كون المجاز له غائبا

فصورة دفع الأصل المسموع للغائب - على ما ذكره السخاوي - لا تعد من المناولة، وهل تعد من الكتابة ؟
قد يقال ذلك وهو أحد المحتملين لشراح كلام الحافظ في (النزهة) وعبارته:
( وإِذا خَلَت المُناولَةُ عن الإِذنِ لم يُعْتَبَرْ بها عندَ الجُمهورِ، وجَنَح مَن اعْتَبَرَها إِلى أنَّ مُناولَتَهُ إِيَّاهُ تقومُ مقامَ إرسالِهِ إليهِ بالكتابِ مِن بلدٍ إلى بلد.
وقد ذهب إلى صحةِ الرواية بالكتابة المجرَّدةِ جماعةٌ مِن الأئمة، ولو لم يُقْرَنْ ذلك بالإِذنِ بالرِّوايةِ، كأَنَّهُم اكْتَفَوْا في ذلك بالقرينةِ، ولمْ يَظْهر لي فرقٌ قويٌّ بينَ مناولةِ الشيخ مِن يده للطالب، وبينَ إِرسالِهِ إِليهِ بالكتابِ مِن موضعٍ إِلى آخَرَ، إِذا خَلا كلٌّ منهُما عن الإِذنِ ).

قال الملا القاري شارحها : (إليه بالكتابِ) أَي: كالبخاري أَو أصلٍ من الْأُصُول، أَو حَدِيث من الْأَحَادِيث (من بلد إِلَى بلد) مُتَعَلق بـ"إرْسَاله".
وَفِي حَاشِيَة التلميذ : قَالَ المُصَنّف: أَي: مَا كتبه الشَّيْخ وأرسله إِلَى الطَّالِب، وَالْمرَاد بِالْكتاب الشَّيْء الْمَكْتُوب وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بِالْكتاب أَي: كَمَا سَيَأْتِي.

أما النسبة المنطقية بينهما فلعلها التباين لما سبق أن ذكرتم من أن المناولة هي مناولة كتاب أو بعضه قد كتب مسبقا، والكتابة هي كتابة جديدة طارئة كتبت لمخصوص؛ فهذا الفرق هو قضية كلامهم وإن كان بعض صور المكاتبة تضمن المناولة ظاهرا كما في الكتابة لحاضر فنقول هي من المكاتبة قصدا والمناولة من ضرورياتها فهي تبع لها. والله أعلم .


 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وسم الإمام السخاوي المناولة بسمات تميزها عن سائر أنواع الإجازة وتجعلها تعلو عليها وهي
- تشخيص للمروي المجاز به
- كون المجاز له في المناولة حاضرا
- مشافهة الشيخ له
وعلوها على الإجازة المجردة عنها في الأخيرين في حال كون المجاز له غائبا

فصورة دفع الأصل المسموع للغائب - على ما ذكره السخاوي - لا تعد من المناولة، وهل تعد من الكتابة ؟
قد يقال ذلك وهو أحد المحتملين لشراح كلام الحافظ في (النزهة) وعبارته:
( وإِذا خَلَت المُناولَةُ عن الإِذنِ لم يُعْتَبَرْ بها عندَ الجُمهورِ، وجَنَح مَن اعْتَبَرَها إِلى أنَّ مُناولَتَهُ إِيَّاهُ تقومُ مقامَ إرسالِهِ إليهِ بالكتابِ مِن بلدٍ إلى بلد.
وقد ذهب إلى صحةِ الرواية بالكتابة المجرَّدةِ جماعةٌ مِن الأئمة، ولو لم يُقْرَنْ ذلك بالإِذنِ بالرِّوايةِ، كأَنَّهُم اكْتَفَوْا في ذلك بالقرينةِ، ولمْ يَظْهر لي فرقٌ قويٌّ بينَ مناولةِ الشيخ مِن يده للطالب، وبينَ إِرسالِهِ إِليهِ بالكتابِ مِن موضعٍ إِلى آخَرَ، إِذا خَلا كلٌّ منهُما عن الإِذنِ ).

قال الملا القاري شارحها : (إليه بالكتابِ) أَي: كالبخاري أَو أصلٍ من الْأُصُول، أَو حَدِيث من الْأَحَادِيث (من بلد إِلَى بلد) مُتَعَلق بـ"إرْسَاله".
وَفِي حَاشِيَة التلميذ : قَالَ المُصَنّف: أَي: مَا كتبه الشَّيْخ وأرسله إِلَى الطَّالِب، وَالْمرَاد بِالْكتاب الشَّيْء الْمَكْتُوب وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بِالْكتاب أَي: كَمَا سَيَأْتِي.

أما النسبة المنطقية بينهما فلعلها التباين لما سبق أن ذكرتم من أن المناولة هي مناولة كتاب أو بعضه قد كتب مسبقا، والكتابة هي كتابة جديدة طارئة كتبت لمخصوص؛ فهذا الفرق هو قضية كلامهم وإن كان بعض صور المكاتبة تضمن المناولة ظاهرا كما في الكتابة لحاضر فنقول هي من المكاتبة قصدا والمناولة من ضرورياتها فهي تبع لها. والله أعلم .

أحسنت يا أبا عبد الرحمن فلنقنع بما ظهر إلى أن ينكشف الحال أكثر بمزيد من النقولات إن شاء الله.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الخامس والسبعون- الإجماع

مسائل في الإجماع


أولا: لا بدَّ للإجماع من مستند من كتاب أو سنة أو قياس فإجماعهم يكشف عن تشريع لا أنهم المشرعون. وقيل: لا يكون عن قياس.
ثانيا: إذا اختلف المجتهدون في مسألة على قولين أو أكثر فخلافهم إما أن يستقر أو لا يستقر.
والخلاف المستقر هو: أن يمضي بعد الخلاف زمن طويل عرفا يعلم به أن كل قائل مصمم على قوله.
والخلاف غير المستقر هو: أن يمضي بعد الخلاف زمن قصير عرفا لا يتحقق معه تصميم كل قائل على قوله. فقد يرجعون عنه ويتفقون بعد اختلافهم.
ثالثا: إذا اختلف أهل عصر في مسألة على قولين فهل يجوز بعد ذلك الاتفاق على أحدهما؟ فيه تفصيل:
1- إذا حصل الاتفاق من قبل المختلفين أنفسهم بأن اختلفوا في مسألة ثم اتفقوا هم أنفسهم على أحد القولين المختلف فيهما فيصح الإجماع حينئذ سواء استقر الخلاف أم لم يستقر لجواز ظهور مستند جليّ يرفع الخلاف بينهم. وقد اتفق الصحابة على دفن رسول الله في بيت عائشة بعد أن اختلفوا في مكان دفنه. كما اتفقوا على خلافة أبي بكر بعد اختلافهم على الخليفة.
2- إذا حصل الاتفاق ليس من المختلفين أنفسهم بل ممن جاء بعدهم فينظر:
أ- إذا لم يستقر الخلاف فيجوز لمن بعدهم أن يتفقوا على ما اختلف به من قبلهم وصورة المسألة أن يختلف أهل عصر على قولين أو أكثر ثم يموتوا قبل أن يمضي زمن طويل يتحقق به خلافهم ثم يجمع من بعدهم على أحد القولين فيكون الزمن بين اختلاف الأولين وإتفاق الآخرين قصيرا عرفا لا يستقر معه الخلاف بمعنى أن المجتهدين الأوائل قد اختلفوا ولكنهم كانوا في مهلة النظر والتدقيق فلم يتحقق خلافهم وتثبت أقوالهم فماتوا في هذه المدة وجاء من بعدهم فظهر لهم قوة أحد القولين فأجمعوا عليه فهذا جائز.
ب- إذا استقر الخلاف فحينئذ لا يجوز لمن بعدهم الاتفاق على قول لأن اختلافهم المستقر ينبئ عن إتفاقهم على جواز الأخذ بكل من القولين، أي أنهم أجمعوا على الخلاف فلا يجوز الإجماع على خلاف الإجماع الأول.
رابعا: التمسك بأقل ما قيل في مسألة ما حق ومسلك صحيح عند عدم وجود دليل في المسألة؛ لأنه تمسك بما أجمعوا عليه مع ضميمة أن الأصل عدم وجوب الزائد.
مثاله: اختلاف العلماء في دية الذمي الواجبة على قاتله، فقيل: كدية المسلم، وقيل: كنصفها، وقيل: كثلثها، وقد أخذ الشافعي بالثلث لأنهم مجمعون على وجوب الثلث على أقل تقدير والأصل عدم وجوب الزائد وبراءة الذمة فأخذ بالثلث.

( شرح النص )​

وأنَّهُ قَدْ يكونُ عنْ قياسٍ وهوَ الأصحُّ فيهما، وأنَّ اتفاقَ السابقينَ غيرُ إجماعٍ وليسَ حُجّةً في الأصحِّ وأنَّ اتفاقَهم على أحدِ قولينِ قبلَ استقرارِ الخلافِ جائزٌ ولو مِن الحادِثِ بعدَ ذوي القولينِ وكذا اتفاقُ هؤلاءِ لا مَن بعدَهم بعدَهُ في الأصحِّ، وأنَّ التَّمسُّكَ بأقلِ ما قيلَ حَقٌّ، وأنَّهُ يكونُ في دينيٍّ ودنيويٍّ وعقليٍّ لا تتوقَّفُ صحتُه عليهِ ولغويٍّ، وأنَّهُ لا بدَّ لهُ مِنْ مُسْتَنَدٍ وهوَ الأصحُّ.
.............................................................................................
( و ) علم ( أنَّهُ ) أي الإجماع ( قدْ يكونُ عنْ قياسٍ ) لأن الاجتهاد المأخوذ في حد الإجماع لا بدّ له من مستند كما سيأتي، والقياس من جملته وذلك كإجماعهم على تحريم أكل شحم الخنزير قياسا على لحمه
( وهوَ الأصحُّ ) وقيل: لا يجوز أن يكون عن قياس ( فيهما ) أي ما ذكر هو الأصح في المسألتين وهما لا يشترط انقراض العصر وجواز استناد الإجماع إلى قياس ( و ) علم ( أنَّ اتفاقَ ) الأمم ( السابقينَ ) على أمة محمد صلى الله عليه وسلّم ( غيرُ إجماعٍ وليس حجةً ) في ملته ( في الأصحِّ ) لاختصاص دليل حجية الإجماع بأمته لخبر ابن ماجه وغيره: إن أمتي لا تجتمع على ضلالة. وقيل: إنه حجة بناء على أن شرعهم شرع لنا وسيأتي بيانه ( و ) علم ( أنَّ اتفاقَهُمْ ) أي المجتهدين في عصر ( على أحدِ قولينِ ) لهم أى كأن يقول جماعة منهم بحرمة شيء وأخرى بحله ثم اتفقوا على حرمته أو حله ( قبلَ استقرارِ الخلافِ ) بينهم بأن قصر الزمن بين الاختلاف والاتفاق ( جائزٌ ولو ) كان الاتفاق ( مِنَ الحادثِ ) أي ممن جاء ( بعدَ ذوي القولينِ ) بأن مات أهل العصر الأول أصحاب الخلاف ونشأ غيرهم وكانت المدة بين اختلاف الأولين واتفاق الآخرين قصيرة عرفا لا يستقر فيها خلاف وذلك لجواز أن يظهر مستند جلى يجتمعون عليه، وقد أجمعت الصحابة على دفنه صلى الله عليه وسلّم في بيت عائشة بعد اختلافهم الذي لم يستقر ( وكذا اتفاقُ هؤلاءِ ) أي ذوي القولين ( لا مَنْ ) جاء ( بعدهم بعدَه ) أي بعد استقرار الخلاف بأن طال زمنه فإنه جائز لا اتفاق من بعدهم ( في الأصحِّ ) وهذا ما صححه النووي في شرح مسلم، وقيل: لا لأن استقرار الخلاف بينهم يتضمن اتفاقهم على جواز الأخذ بكل من شقي الخلاف باجتهاد أو تقليد، فيمتنع اتفاقهم على أحدهما. قلنا: تضمن ما ذكر مشروط بعدم الاتفاق على أحدهما بعده فإذا وجد فلا اتفاق قبله، والحاصل أنه إن لم يستقر الخلاف فيجوز بعد اتفاق المختلفين أنفسهم أو من جاء بعدهم، وإن استقر الخلاف فيجوز للمختلفين أنفسم الاتفاق ولا يجوز لمن جاء بعدهم ( و ) علم ( أنَّ التَّمَسُّكَ بأقلِّ ما قيلَ ) من أقوال العلماء حيث لا دليل سواه ( حقٌّ ) لأنه تمسك بما أجمع عليه مع كون الأصل عدم وجوب ما زاد عليه كاختلاف العلماء في دية الذمي الكتابي، فقيل كدية المسلم، وقيل كنصفها، وقيل كثلثها فأخذ به الشافعي لذلك، فإن دل دليل على وجوب الأكثر أخذ به كغسلات ولوغ الكلب قيل إنها ثلاث، وقيل سبع ودل عليه خير الصحيحين فأخذ به ( و ) علم ( أنَّهُ ) أي الإجماع قد ( يكونُ في دينيٍّ ) كصلاة وزكاة ( ودنيويٍّ ) كتدبير الجيوش وأمور الرعية ( وعقليٍّ لا تتوقّفُ صِحّتُهُ ) أي الإجماع ( عليهِ ) كحدوث العالم ووحدة الصانع، فإن توقفت صحة الإجماع عليه كثبوت الباري والنبوة لم يحتج فيه بالاجماع وإلا لزم الدور وتوضيحه سيأتي قريبا ( ولغويٍّ ) ككون الفاء للتعقيب ( و ) علم ( أنَّهُ ) أي الإجماع ( لا بدَّ لهُ مِنْ مُسْتَنَدٍ ) أي دليل، وإلا لم يكن لقيد الاجتهاد المأخوذ في حده معنى ( وهُوَ الأصحُّ ) لأن القول في الأحكام بلا مستند خطأ، وقيل: يجوز حصوله بغير مستند بأن يلهموا الاتفاق على صواب. وخلاصة ما قيل في الإجماع في العقليات- أي في أمور العقائد- إننا لا يجوز أن نحتج على وجود الله سبحانه أو على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بإجماع الأمة للزوم الدور وهو باطل فإنه إذا قيل بمَ أثبتم وجود الله والنبوة لنبيكم ؟ وقلنا: بإجماع علمائنا المجتهدين. فسيقال: وبم ثبتت حجية إجماعهم. فنقول: بالكتاب والسنة. فيقال: وبم عرفتم نبوة من جاء بالكتاب والسنة ووجود الخالق الذي أرسله. فنقول: بالإجماع، فصار دورا باطلا. أما ما عدا القدر الذي يثبت به وجود البارئ وثبوت النبوة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيمكن أن يثبت بالإجماع لعدم لزوم الدور.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

لأن اختلافهم المستقر ينبأ عن إتفاقهم
وأنَّ اتفاقَهم على أحدِ القولينِ
وأنَّ التَّمسَّكَ بأقلِ
وأنَّهُ قدْ يكونُ في دينيٍّ
وأنَّهُ لا بدَّ له مِنْ مُسْتَنَدٍ
لأن الاجتهاد المأخوذ في حد القياس
كأن يقول جماعة منهم بحرمة شيىء
فإنه إذا قيل بمَّ أثبتم
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السادس والسبعون- الإجماع

الإجماع السكوتيّ


الإجماع نوعان:
أولا: الإجماع الصريح وله صور هي:
1- أن يعبر جميع المجتهدين عن آرائهم بصريح القول بما تتفق به كلمتهم.
2- أن يصرح بعضهم بالقول ويفعل البقية مقتضى القول. كأن يفتي بعضهم بحل شيء ويفعله بقيتهم.
3- أن لا يوجد تصريح بالقول ولكن يتفق الجميع على فعل شيء فيعلم جوازه.
ثانيا: الإجماع السكوتي وله صورتان:
1- أن يقول بعض المجتهدين قولا ويسكت الباقون عليه.
2- أن يفعل بعض المجتهدين فعلا ويسكت الباقون عليه.
ويشترط للإجماع السكوتي شروط هي:
1- أن يعلم الساكتون بالحكم، فإن لم يعلموا بالحكم فلا يعد سكوتهم إجماعا.
2- أن يكون السكوت مجردا عن إمارة الرضى والسخط، فإن اقترن بأمارة الرضى فهو إجماع قطعا، وإن اقترن بأمارة السخط فهو ليس بإجماع قطعا.
3- أن يكون الحكم اجتهاديا تكليفيا، فإن لم يكن الحكم اجتهاديا بل كان قطعيا، فالسكوت حينئذ لا يدل على شيء لبداهة المسألة فليست هي من الإجماع السكوتي الذي كلامنا فيه، وكذا لو لم تكن المسألة تكليفية: كما لو قيل: عمار بن ياسر أفضل من حذيفة بن اليمان فالسكوت لايدل على شيء.
4- أن يكون قد مضت مدة كافية عادة للنظر، فإن لم تمض فلا يعتبر سكوتهم إقرارا فلعلهم لا يزالون يقلبون المسألة وينظرون فيها.
ثالثا: اختلف العلماء في الإجماع السكوتي على أقوال منها:
1- هو ليس بإجماع ولا حجة يحتج بها.
2- هو حجة يحتج بها ولكنه ليس بإجماع؛ لأن الإجماع ينصرف عند الإطلاق إلى المقطوع فيه بالموافقة لكنه حجة؛ لأن سكوت الباقين علامة رضا إذا لم يكن هنالك مانع من إبداء المعارضة.
3- هو إجماع وحجة؛ لأن سكوت الباقين بعد علمهم تظن به الموافقة عادة.

( شرح النص )​

أمَّا السكوتيُّ بأن يأتيَ بعضُهُم بحكمٍ ويسكتَ الباقونَ عنهُ وقدْ عَلِموا به وكان السكوتُ مجردًا عن أمارةِ رِضًا وسُخْطٍ والحكمُ اجتهاديٌّ تكليفيٌّ ومضى مُهلةِ النَّظرِ عادةً فإجماعٌ وحُجَّةٌ في الأصحِّ.
.............................................................................................
( أمَّا السكوتيُّ بأن يأتيَ بعضُهُم ) أي بعض المجتهدين ( بحكمٍ ) وإتيانهم به قد يكون بالقول أو الفعل ولذا عبر بيأتي دون يقول ( ويسكتَ الباقونَ عنهُ وقدْ عَلِموا به ) خرج ما لو لم يعلم الساكتون بالحكم فليس من محل الإجماع السكوتي؛ لأن صورة الإجماع السكوتي تتحقق بأن ينتشر ويبلغ الحكم الجميع، ولكن هنا مسألة وهي: إذا قال بعض المجتهدين بحكم ولم ينتشر قولهم هذا ليبلغ جميع المجتهدين على وجه الأرض ولكن لم ينقل أي خلاف في المسألة فهل يدل عدم وجود الخلاف على أنه حجة -وإن لم نسمه إجماعا سكوتيا- أو لا ؟ فيه خلاف فقيل: حجة لعدم ظهور خلاف فيه، وقيل- وهو اختيار المصنف- ليس بحجة لأن الساكتين ربما لم يخوضوا في المسألة وينظروا فيها من الأصل فلعلهم إذا نظروا وجمعوا الأدلة قالوا بخلاف ما قاله الأولون ( وكان السكوتُ مجردًا عن أمارةِ رِضًا وسُخْطٍ ) خرج ما لو اقترن السكوت بأمارة الرضى فإجماع قطعا أو بأمارة السخط فليس بإجماع قطعا ( والحكمُ اجتهاديٌّ تكليفيٌّ ) خرج ما لو كان الحكم قطعيا لا اجتهاديا أو لم يكن تكليفيا نحو عمار أفضل من حذيفة أو عكسه -أي حذيفة أفضل من عمار- فالسكوت فيهما لا يدل على شيء ( ومضى مُهلةِ النَّظرِ عادةً ) خرج ما لو لم يمض زمن مهلة النظر عادة فلا يكون ذلك إجماعا ( فإجماعٌ وحُجَّةٌ في الأصحِّ ) لأن سكوت العلماء في مثل ذلك يظن منه الموافقة عادة، وقيل: ليس بإجماع ولا حجة لاحتمال السكوت لغير الموافقة كالخوف والمهابة والتردد في الحكم وعزي هذا للشافعي، وقيل: ليس بإجماع بل حجة لاختصاص مطلق اسم الاجماع عند هذا القائل بالقطعي أي المقطوع فيه بالموافقة وذلك بتصريح الكل وإن كان هو عنده إجماعا حقيقة كما يفيده كونه حجة عنده، وقيل: حجة بشرط انقراض العصر، وقيل: غير ذلك.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أليس (مضى) فعلا ماضيا؟
نعم مضى فعل ماض ولكنني حسبت أن المصنف تبع صاحب جمع الجوامع فلم أنتبه لعبارة اللب.
قال في جمع الجوامع: ( وفي كونه إجماعا تردّد مثاره أن السكوت المجرد عن إمارة رضًا وسخط مع بلوغ الكل ومضيِّ مهلةِ النظرِ ... ) فذكر مصدر الفعل مضى وهو المضي مجرورا فجعلته منصوبا بواو المعية لما لم يتأت الجر وبقيت مترددا في ذلك.
سأعدله إلى الفعل الماضي.
جزاك الله خيرا على المتابعة.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السابع والسبعون- الإجماع

تكملة مسائل الإجماع


أولا: الصحيح أن حصول إجماع المجتهدين ممكن عادة وهو واقع أيضا.
ثانيا: الصحيح أن الإجماع حجة شرعية، وأنه يحتج به وإن نقل إلينا آحادا بخبر الواحد. وقيل: لا يحتج به إلا أن ينقل نقلا متواترا.
ثالثا: الإجماع إما حجّةٌ قطعية وهو الإجماع الصريح لاتفاق العلماء المعتدّ بهم على أنه إجماع وإما حجة ظنية وذلك كالإجماع السكوتي فقد اختلف العلماء في حجيته.
رابعا: خرق الإجماع حرام لأن الله تعالى يقول: ( ومَن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ).
خامسا: يحرم إحداث قول ثالث حيث اختلف العلماء على قولين إذا أدى إحداثه إلى خرق إلاجماع السابق وإلا جاز.
مثال القول الثالث الذي يخرق الإجماع: اختلاف الصحابة في إرث الجد مع الأخ على قولين: قيل إن الجد يحجب الأخ، وقيل: إن الجد يشارك الأخ، فإذا جاء أحد وأفتى بأن الجد يسقط بالأخ فهو خارق لما اتفق عليه القولان من أن له نصيبا.
ومثال القول الثالث الذي لم يخرق الإجماع: أنهم قالوا في مسألة التسمية عند الذبح قولين: أحدهما: حلّ الذبيحة عند ترك التسمية مطلقا سواء ترك التسمية سهوا أم عمدا، وثانيهما: حرمتها مطلقا، فإحداث قول ثالث بحرمتها عند الترك عمدا لا سهوا مخالف للقولين المذكورين لكنه غير خارق؛ لأن المفرق بين السهو والعمد موافق لكل من الفريقين في بعض مقالته.
سادسا: إذا اختلف المجتهدون في مسألتين على قولين مع اتفاقهما على أن حكمهما واحد فلا يجوز إحداث تفصيل بالتفريق بين مسألة وأخرى إذا أدى التفصيل الجديد إلى خرق الإجماع وإلا جاز.
مثال التفصيل الذي يخرق الإجماع: أن لهم قولين في مسألة توريث العمة ومسألة توريث الخالة: أحدهما: توريثهما معا، وثانيهما: عدم توريثهما معا، فالقول بتوريث إحداهما دون الأخرى خرق لإجماعهم؛ لأن مَن ورّث فهو يورث بسبب كونهما مِن ذوي الأرحام، ومن منع فهو يمنع بسبب كونهما مِن ذوي الأرحام، فيلزم على القول بتوريث إحداهما دون الأخرى إحداث تعليل جديد لم يقله أحد.
ومثال التفصيل الذي لم يخرق الإجماع: أن لهم قولين في مسألة زكاة مال الصبي ومسألة الحلي المباح: أحدهما: وجوب الزكاة فيهما معا، والثاني: عدم وجوب الزكاة فيهما معا، فالقول بالوجوب في مال الصبي دون الحلي المباح- على ما ذهب إليه الإمام الشافعي- ليس خرقا للإجماع إذْ هو موافق لكل من الفريقين في بعض قوله؛ لأنهم لم ينصوا على اتحاد العلة في المسألتين.
سابعا: ليس مِن خرق الإجماع إظهار دليل على حكم لم يستدل به الأولون، أو إظهار تأويل لدليل كي يوافق غيره، أو إظهار علة لحكم غير ما ذكروه إذا لم يؤد ذلك إلى خرق الإجماع بأن صرح المجمعون على أنه لا دليل ولا تأويل ولا علة غير الذي ذكرناه.
مثال الدليل: كأن أجمعوا على أن الدليل على النية قوله تعالى: وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. ثم قال مجتهد: إن الدليل عليها قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
ومثال التأويل: كما اذا قال المجمعون فى قوله صلى الله عليه وسلم: وعفروه الثامنة بالتراب. رواه مسلم. إن تأويله ليوافق أكثر الروايات عدم التهاون بالسبع بأن ينقص عنها. فأوله مَن بعدهم بأن معناه: أن التراب لكونه من آلة الطهارة لما صحب الغسلة السابعة صار كأنه ثامنة.
ومثال العلة: كأن جعل المجمعون العلة فى الربا فى البر الإقتيات، وجعل آخرون بعدهم العلة فيه الإدخار.

( شرح النص )​

مسألةٌ: الأصحُّ إمكانُهُ، وأَنَّهُ حُجَّةٌ وإنْ نُقِلَ آحادًا، وأنَّهُ قطعيٌّ إِنِْ اتَّفَقَ المعتَبَرونَ لا إِنِ اختلفُوا كالسُّكُوتيِّ، وخَرْقُهُ حرامٌ، فَعُلِمَ تحريمُ إحداثِ ثالثٍ وتفصيلٍ إنْ خَرَقَاهُ، وأَنَّهُ يجوزُ إحداثُ دليلٍ أَو تأويلٍ أَو عِلَّةٍ إِنْ لمْ يَخْرِقْ.
...............................................................................
ما تقدّم هو في تفسير الإجماع وبيانه وهو لا يستلزم وقوعه فلذا بين في هذه المسألة أنه ممكن عادة ( مسألةٌ: الأصحُّ إمكانُهُ ) أي الإجماع، وقيل: لا يمكن عادة كاجماع الناس على أكل طعام واحد وقول كلمة واحدة في وقت واحد. قلنا: هذا لا جامع لهم عليه لاختلاف شهواتهم ودواعيهم، بخلاف الحكم الشرعي، إذْ يجمعهم عليه الدليل الذي يتفقون على مقتضاه ( و ) الأصح ( أَنَّهُ ) بعد إمكانه ووقوعه ( حُجَّةٌ ) شرعية ( وإنْ نُقِلَ آحادًا ) قال تعالى: ومن يشاقق الرسول.. الآية، توعد فيها على اتباع غير سبيل المؤمنين فيجب اتباع سبيلهم وهو قولهم أو فعلهم فيكون حجة، وقيل: ليس بحجة لقوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول. اقتصر على الرد إلى الكتاب والسنة. قلنا وقد دل الكتاب على حجيته كما مر آنفا فالرد إلى الإجماع رد إلى الكتاب، وقيل: ليس بحجة إن نقل آحادا لأنه قطعي فلا يثبت بخبر الواحد بخلاف ما نقل تواترا ( و ) الأصح ( أَنَّهُ ) بعد حجيته ( قَطْعِيٌّ ) في الحجية ( إِنِْ اتَّفَقَ المعتَبَرونَ ) مِن العلماء وهم القائلون بحجية الإجماع على أنه إجماع كالإجماع الصريح المنقول إلينا تواترا ( لا إِنِ اختلفُوا ) في أنه إجماع ( كالسُّكُوتيِّ ) فإنه ظني، وقيل: ظني مطلقا إتفق المعتبرون على أنه إجماع أو لا ( وخَرْقُهُ ) أي الإجماع القطعي وكذا الظني -عند من اعتبره لا عند من لم يعتبره- بالمخالفة ( حرامٌ ) للتوعد عليه بالتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين في الآية السابقة ( فَعُلِمَ ) من حرمة خرقه ( تحريمُ إحداثِ ) قول ( ثالثٍ ) في مسألة اختلف أهل عصر فيها على قولين ( و ) حرمة إحداث ( تفصيلٍ ) بين مسألتين لم يفصل بينهما أهل عصر ( إنْ خَرَقَاهُ ) أي إن خرق الثالث والتفصيل الإجماع بأن خالفا ما اتفق عليه أهل عصر، بخلاف ما إذا لم يخرقاه، وقيل: هما خارقان مطلقا دائما، مثال القول الثالث خارقا: ما قيل إن الأخ يسقط الجد، وقد اختلفت الصحابة فيه على قولين: قيل: يسقط بالجد، وقيل: يشاركه كأخ، فإسقاط الجدّ به خارق لما اتفق عليه القولان من أن له نصيبا، ومثاله غير خارق ما قيل: إنه يحل متروك التسمية سهوا لا عمدا، وعليه الحنفي، وقيل: يحل مطلقا وعليه الشافعي، وقيل: يحرم مطلقا، فالمفرّق بين السهو والعمد موافق لمن لم يفرق في بعض ما قاله، ومثال التفصيل خارقا: ما لو قيل: بتوريث العمة دون الخالة أو عكسه، وقد اختلفوا في توريثهما مع اتفاقهم على أن العلة فيه أو في عدمه كونهما من ذوي الأرحام، فتوريث إحداهما دون الأخرى خارق للاتفاق، ومثاله غير خارق: قولنا نحن الشافعية: إنه تجب الزكاة في مال الصبي دون الحليّ المباح، وقيل: تجب فيهما، وقيل: لا تجب فيهما، فالمفصل موافق لمن لم يفصل في بعض ما قاله ( و ) علم ( أَنَّهُ يجوزُ إحداثُ ) أي إظهار ( دليلٍ ) لحكم ( أو تأويلٍ ) لدليل ليوافق غيره ( أو علةٍ ) لحكم غير ما ذكروه من الدليل والتأويل والعلة لجواز تعدد الدليل والتأويل والعلة ( إنْ لمْ يَخْرِقْ ) ما ذكروه بخلاف ما إذا خرقه بأن قال المجمعون: لا دليل ولا تأويل ولا علة غير ما ذكرناه، وقيل: لا يجوز إحداث ذلك مطلقا لأنه من غير سبيل المؤمنين المتوعد على اتباعه في الآية. قلنا المتوعد عليه ما خالف سبيلهم لا ما لم يتعرضوا له كما نحن فيه.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السابع والسبعون- الإجماع

خاتمة مسائل الإجماع


أولا: أجمعت الأمة على امتناع ارتداد جميع الأمة الإسلامية في عصر من العصور لحديث ابن ماجه وغيره: لا تجتمع أمتي على ضلالة. فالارتداد لا يقع قطعا وإن كان العقل يجيزه فإن ساحة التجويز العقلي أكبر بكثير مما هو في الواقع.
ثانيا: لا يجوز أن تجهل الأمة كلها شيئا كلفت بالعمل به، وإن جاز أن تجهل شيئا لم يقع تكليفها به.
ثالثا: هل يجوز أن تفترق الأمة في مسألتين متشابهتين لهما نفس الحكم إلى فرقتين كل منهما يخطئ في مسألة ؟
كما في مسألة إرث العبد وإرث القاتل فالصواب أن كليهما لا يرث، فهل يجوز أن تذهب نصف الأمة إلى أن العبد يرث والقاتل لا يرث، ويذهب النصف الآخر إلى العكس وهو أن العبد لا يرث والقاتل يرث.
فإذا نظرنا إلى مجموع المسألتين فجميع الأمة أخطأت فيهما ولذا قال بعض العلماء إن هذا لا يجوز على الأمة.
وإذا نظرنا إلى كل مسألة على حدة فلم يخطئ الجميع ولذا قال بعض العلماء إن هذا جائز.
رابعا: الإجماع لا يضادّ إجماعا قبله وهذا علم من قولنا يحرم خرق الإجماع فإذا أجمعت الأمة في عصر من العصور على حكم فهو ملزم لكل الأمة إلى قيام الساعة فلا يجوز أن تجتمع الأمة بعد ذلك وتنقض الإجماع السابق.
خامسا: لا يجوز أن يعارض الإجماع دليل، لأن الدليل إن كان قطعيا فيستحيل معارضته الإجماع لأن الحجة القطعية لا تعارض الحجة القطعية أبدا، وإن كان الدليل ظنيا فلا يثبت أمام الإجماع.
سادسا: الإجماع لا بد له من مستند ولكن ليس بالضرورة أن ينقل مع الإجماع دليله وعليه فإذا وجد خبر يوافق مضمونه الإجماع فلا يدل هذا على أنه هو مستند المجمعين فقد يكون لهم مستند آخر لم نعلمه.
مثاله: كما إذا أجمعوا على وجوب النية في الصلاة فقد وافق إجماعهم خبر: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه. فهذه الموافقة لا تدل على أنهم مستندون في إجماعهم على الخبر المذكور. لكن إذا بحثنا واستقرأنا ولم نجد غير ذلك الخبر فالظاهر أنه هو مستند الإجماع مع بقاء نسبة احتمال أن يكون غيره وأننا لم نظفر به لأنه لم ينقل إلينا.
سابعا: الأمر المجمع عليه إن كان معلوما من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة فجاحده كافر قطعا، فإن لم يكن معلوما من الدين بالضرورة كفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة فلا يكفر جاحده، كما لا يكفر جاحد المجمع عليه من غير الامور الدينية.

( شرح النص )​

وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ ارتِدادُ الأمةِ سمعًا، لا اتفاقُها على جهلِ ما لم تُكَلَّفْ بهِ، ولا انقسامُها فِرقتينِ كلٌّ يُخْطِئُ في مسألةٍ، وأنَّ الإجماعَ لايضادُّ إجماعًا قبلَهُ وهوَ الأصحُّ في الكلِّ، ولا يُعَارِضُهُ دليلٌ وموافَقَتُه خبرًا لا تَدُل على أنَّهُ عنهُ لكنَّهُ الظاهِرُ إنْ لمْ يوجدْ غيرُهُ.
خاتِمَةٌ: جاحِدُ مُجْمَعٍ عليهِ معلومٍ من الدينِ ضرورةً كافرٌ إنْ كانَ فيهِ نصٌّ وكذا إنْ لم يكنْ في الأصحِّ
.
........................................................................................
( و ) علم من حرمة خرق الإجماع ( أَنَّهُ يَمْتَنِعُ ارتِدادُ الأمةِ ) في عصر ( سمعًا ) لخرقه إجماع من قبلهم على وجوب استمرار الإيمان، وقيل: لا يمتنع سمعا كما لا يمتنع عقلا اتفاقا ( لا اتفاقُها ) أي الأمة في عصر ( على جهلِ ما ) أي شيء ( لم تُكَلَّفْ بهِ ) بأن لم تعلمه كالتفضيل بين عمار وحذيفة فلا يمتنع إذ لا خطأ فيه لعدم التكليف به، وقيل: يمتنع ( ولا انقسامُها ) أي الأمة ( فِرقتينِ ) في كل مِن مسألتين متشابهتين ( كلٌّ ) من الفرقتين ( يُخْطِئُ في مسألةٍ ) من المسألتين كاتفاق إحدى الفرقتين على وجوب الترتيب في الوضوء وعلى عدم وجوبه في الصلاة الفائتة، والأخرى على العكس، فلا يمتنع نظرا في ذلك إلى أنه لم يخطىء إلا بعض الأمة بالنظر إلى كل مسألة على حدتها، وقيل: يمتنع نظرا إلى أنها أخطأت في مجموع المسألتين والخطأ منفي عنها بالخبر السابق ( و ) علم ( أنَّ الإجماعَ لايضادُّ إجماعًا ) أي لا يجوز انعقاده على ما يضاد ما انعقد عليه إجماع ( قبلَهُ ) لاستلزامه تعارض قاطعين، وقيل: يجوز إذ لا مانع من كون الأوّل مغيا بالثاني أي أن تكون مدة صلاحية الإجماع الأول إلى حين ظهور إجماع آخر ( وهوَ ) أى ما ذكر من المعلومات من حرمة إحداث ثالث وتفصيل فما بعدها ( الأصحُّ في الكلِّ ) أي كل من المسائل الست وهي: حرمة إحداث ثالث وتفصيل، وجواز إحداث دليل أو تأويل أو علة، وامتناع ارتداد الأمة، وجواز اتفاق الأمة على جهل ما لم تكلف به، وجواز انقسام الأمة فرقتين كلّ يخطئ في مسألة، وامتناع معارضة الإجماع لإجماع قبله ( ولا يُعَارِضُهُ ) أي الإجماع بناء على الأصح أنه قطعيّ ( دليلٌ ) قطعي ولا ظني، إذْ لا تعارض بين قاطعين لاستحالته، إذ التعارض بين شيئين يقتضي خطأ أحدهما، ولا بين قاطع ومظنون لإلغاء المظنون في مقابلة القاطع، أما الإجماع الظني فيجوز معارضته بظني آخر ( وموافَقَتُهُ ) أي الإجماع ( خبرًا ) أي حديثا ( لا تَدُلُّ ) تلك الموافقة ( على أنَّهُ ) أي الإجماع ناشئ ( عنهُ ) أي عن ذلك الخبر؛ لجوازِ أن يكون ناشئا عن غيره ولم ينقل لنا استغناء بنقل الإجماع عنه ( لكنَّهُ ) أي كونه عنه هو ( الظاهِرُ إنْ لمْ يوجدْ غيرُهُ ) بمعناه، إذ لا بد له من مستند كما مر، فإن وجد غيره فلا لجواز أن يكون الإجماع عن ذلك الغير، وقيل: موافقته له تدل على أنه عنه ( خاتِمَةٌ جاحِدُ مُجْمَعٍ عليهِ معلومٍ من الدينِ ضرورةً ) وهو ما يعرفه منه الخواص والعوام من غير قبول تشكيك كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر ( كافرٌ ) بلا خلاف ( إنْ كانَ فيهِ نصٌّ ) من كتاب وسنة لأن جحده يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلّم فيه ( وكذا إنْ لم يكنْ ) فيه نصّ جاحده كافر ( في الأصحِّ ) لما مر من كونه معلوما من الدين بالضرورة، وقيل: لا لعدم النص وخرج بالمجمع عليه غيره وإن كان فيه نص، وخرج بالمعلوم ضرورة غيره كفساد الحج بالوطء قبل الوقوف بعرفة، وإن كان فيه نص كاستحقاق بنت الابن السدس مع البنت لقضاء النبي صلى الله عليه وسلّم به، كما رواه البخاري. وخرج بالدين المجمع عليه المعلوم من غير الدين ضرورة كوجود بغداد، فلا يكفر جاحدها في المسائل الثلاثة المذكورة.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وبذا نكون قد انتهينا من ثلثي الكتاب تقريبا وبقي علينا الثلث أعاننا الله عليه بفضله.
والحمد لله رب العالمين.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

فالصواب أن كلاهما لا يرث
ولا يُعَارِضْهُ دليلٌ
معلومٍ من الدينِ بالضرورة
( وهوَ ) أى ما ذكر من المعلومات من حرمة إحداث ثالث وتفصيل فما بعدها ( الأصحُّ في الكلِّ ) أي كل من المسائل الست وهي: حرمة إحداث ثالث وتفصيل، وجواز إحداث دليل أو تأويل أو علة، وامتناع ارتداد الأمة، وجواز اتفاق الأمة على جهل ما لم تكلف به، وجواز انقسام الأمة فرقتين كلّ يخطئ في مسألة، وامتناع معارضة الإجماع لإجماع قبله
.
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وبذا نكون قد انتهينا من ثلثي الكتاب تقريبا وبقي علينا الثلث أعاننا الله عليه بفضله.
والحمد لله رب العالمين.

اللهم لك الحمد
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثامن والسبعون- القياس

مقدمة


أولا: القياس: حمل معلوم على معلوم لمساواته له في علة حكمه عند الحامل.
كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة بجامع الإسكار.
فقولنا: حمل معلوم على معلوم المقصود بالمعلوم الأول هو المقيس كالنبيذ والمقصود بالمعلوم الثاني هو المقيس عليه كالخمر، والمقصود بالحمل هو الإلحاق والتسوية بينهما في الحكم.
وقولنا: لمساواته له في علة الحكم أي لوجود علة الحكم كالإسكار في المقيس.
وقولنا: عند الحامِل أي أن المساواة في العلة هي عند الحامل والقائس وهو المجتهد، وقد يكون في الواقع ليست تلك علة الحكم فيكون القياس فاسدا، فعلم أن التعريف يشمل كل قياس شرعي عند المجتهد وإن كان لم يصب فيه حكم الله، فإن أريد تخصيص الحد بالقياس الصحيح فليرفع قيد عند الحامل لتكون المساواة واقعية لا بحسب ظن المجتهد فقط.
ثانيا: القياس حجة فيما يلي:
1- الأمور الدنيوية كالأغذية والأدوية، كقياس نفع هذا الدواء في معالجة مريض معين على مريض مثله، والبحوث العلمية والتكنولوجيا لا تستغني عن القياس.
2- الأمور الشرعية لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا بلا إنكار من أحد.
ثالثا: تستثنى أمور لا يحتج فيها بالقياس وهي:
1- الأمور العادية والخِلْقية، أي التي ترجع إلى العادة والخلقة. مثل: أقل الحيض وأكثره وكذلك النفاس والحمل ونحو ذلك. فإنها لا تثبت بالقياس؛ لأنها لا يدرك المعنى والعلة فيها بل يرجع فيها إلى قول من يوثق به وهي تختلف من شخص لآخر، فلا يقال مثلا: النفاس أقله يوم وليلة قياسا على الحيض.
2- بعض الأحكام الشرعية التي لا يدرك المعنى فيها، فليس كل الأمور الشرعية يجري القياس فيها؛ لأنه مبني على إدراك العلة في الأصل والفرع وحيث لم يعلم فلا قياس.
3- المنسوخ من الأحكام؛ إذْ بالنسخ ينتفي اعتبار الوصف الجامع فلا يمكن القياس حينئذ.
رابعا: إذا نص الشارع على علة حكم معين هل يكون نصه على العلة أمرا بالقياس فيجب إثبات نفس الحكم في كل موضوع وجدت فيه العلة أو لا ؟
مثاله: إذا قال الشارع: حرّمت الخمرَ لإسكارها. هل يكون تنصيصه على العلة في هذه المسألة دليلا على إيجاب قياس كل المواد المسكرة على الخمر في الحرمة أو ليس لوحده دليلا كافيا ؟
قيل: هو دليل على وجوب القياس.
وقيل: لا لأن الشارع قد يكون نصّ على العلة لبيان سبب تشريع الحكم ليكون أوقع في النفس وأدعى للامتثال.
وحاصل المسألة أنه لو لم يرد أمر من الشارع بالتعبد بالقياس لكنه في موضع نصّ على علة حكم فهل يكون ذلك أذنا منه في هذا القياس المخصوص وإعلاما منه بحجية القياس وإيجابا للعمل بموجبه أو لا؟
وفائدة هذه المسألة تظهر في أن أكثر مَن منع حجية القياس لم يخالف في الأخذ بالقياس في حالة النص بالعلة حتى لو لم يسمه قياسا. وأما الجمهور فرغم احتجاجهم بالقياس فلم يعتبروا صورة النص على العلة دليلا كافيا للاحتجاج بالقياس مع اعترافهم بأن أقوى صور القياس ما ثبتت علته بالنص.
والخلاصة أن التنصيص على العلة لا يكفي دليلا على حجية القياس.

( شرح النص )

الكتابُ الرابعُ في القياسِ

وهُوَ حمْلُ معلومٍ على معلومٍ لمساواتِهِ في علةِ حكمهِ عندَ الحامِلِ، وإنْ خُصَّ بالصحيحِ حُذِفَ الأخيرُ، وهوَ حجّةٌ في الأمورِ الدنيويةِ وكذا في غيرِها في الأصحِّ إلا في العاديَّةِ والخِلْقِيَّةِ، وإلا في كلِّ الأحكامِ، وإلا القياسَ على منسوخٍ فيمتنِعُ في الأصحِّ، وليسَ النصُّ على العلةِ أمرًا بالقياسِ في الأصحِّ
.
............................................................................................
لما فرغ من الكتاب والسنة والإجماع شرع في الدليل الرابع فقال: ( الكتابُ الرابعُ في القياسِ ) الفقهي ( وهُوَ ) لغة: التقدير والمساواة، يقال: قست الثوب بالذراع أي قدرته به، ويقال: فلان لا يقاس بفلان أي لايساوى به، واصطلاحا ( حمْلُ معلومٍ على معلومٍ ) أي إلحاقه به في حكمه
، والمقصود بالمعلوم هو الشيء الذي يمكن أن يعلم، فالقياس هو إلحاق شيء بشيء، ولكنه عبر بالمعلوم ولم يعبر بالشيء ليشمل الحد القياس في المعدومات فإن الشيء ينصرف للموجود والقياس يمكن أن يجري في الذهن بين شيئين معدومين ( لمساواتِهِ ) له ( في علةِ حكمهِ ) بأن توجد في الفرع المحمول ( عندَ الحامِلِ ) وهو المجتهد سواء وافق ما في نفس الأمر أو لا، بأن ظهر غلطه، فتناول الحد القياس الفاسد كالصحيح ( وإنْ خُصَّ ) المحدود ( بالصحيحِ حُذِفَ ) من الحدّ ( الأخيرُ ) وهو عند الحامل فلا يتناول حينئذ إلا الصحيح لانصراف المساواة المطلقة إلى ما في نفس الأمر والفاسد قبل ظهور فساده للمجتهد معمول به كالصحيح ( وهوَ ) أي القياس ( حجّةٌ في الأمورِ الدنيويةِ ) كالأغذية ( وكذا في غيرِها ) كالشرعية ( في الأصحِّ ) لعمل كثير من الصحابة به متكررا شائعا مع سكوت الباقين فيكون إجماعا، ولقوله تعالى: فاعتبروا. والاعتبار: قياس الشيء بالشيء، فيجوز القياس في ذلك، وقيل: لا يجوز ( إلا في العاديَّةِ والخِلْقِيَّةِ ) أي التي ترجع إلى العادة والخلقة كأقل الحيض أو النفاس أو الحمل وأكثره فيمتنع ثبوتها بالقياس في الأصح، لأنها لا يدرك المعنى فيها، بل يرجع فيها إلى قول من يوثق به، وقيل: يجوز لأنه قد يدرك المعنى فيها ( وإلا في كلِّ الأحكامِ ) فيمتنع ثبوتها جميعا بالقياس في الأصح؛ لأن منها ما لا يدرك معناه كوجوب دية الخطأ على العاقلة مع أنهم لم يقتلوا، وقيل: يجوز حتى إن كلا من الأحكام صالح لأن يثبت بالقياس بأن يدرك معناه ووجوب الدية على العاقلة له معنى يدرك، وهو إعانة الجاني فيما هو معذور فيه، كما يعان الغارم لأصلاح ذات البين بما يصرف إليه من الزكاة ( وإلا القياسَ على منسوخٍ فيمتنِعُ ) القياس فيه ( في الأصحِّ ) لانتفاء اعتبار الوصف الجامع بالنسخ، وقيل: يجوز فيه ( وليسَ النصُّ على العلةِ ) لحكم نحو: الخمر حرام لإسكارها ( أمرًا بالقياسِ ) أي ليس أمرا به، والقصد من هذه المسألة بيان أن هذا التنصيص على العلة لا يصلح أن يكون دليلا على حجية القياس ( في الأصحِّ ) وقيل: إنه أمر به.

 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



وهُوَ حمْلُ معلومٍ على معلومٍ لمساواتِهِ في علةٍ حكمهِ عندَ الحامِلِ


لم أفهم المراد بكلمة معلوم ؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

لم أفهم المراد بكلمة معلوم ؟
أضفت هذه الفقرة في الشرح وأرجو أن تكون كافية وإلا نبهني رجاء.
والمقصود بالمعلوم هو الشيء الذي يمكن أن يعلم، فالقياس هو إلحاق شيء بشيء، ولكنه عبر بالمعلوم ولم يعبر بالشيء ليشمل الحد القياس في المعدومات فإن الشيء ينصرف للموجود والقياس يمكن أن يجري في الذهن بين شيئين معدومين
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

عند الحامِل أي أن المساواة في العلة
وأما الجمهور فرغم احتجاجهم بالقياس
لمساواتِهِ في علةٍ حكمهِ
إلا في العاديَّةِ والخَلْقِيَّةِ
لما فرغ من الكتاب والسنة والإجماع شرع
.
 

باحثة في الفقه

:: متابع ::
إنضم
22 مارس 2017
المشاركات
12
الكنية
باحثة في الفقه
التخصص
فقه مقارن
المدينة
حلبا
المذهب الفقهي
شافعية
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

بارك الله بكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


أضفت هذه الفقرة في الشرح وأرجو أن تكون كافية وإلا نبهني رجاء.
والمقصود بالمعلوم هو الشيء الذي يمكن أن يعلم، فالقياس هو إلحاق شيء بشيء، ولكنه عبر بالمعلوم ولم يعبر بالشيء ليشمل الحد القياس في المعدومات فإن الشيء ينصرف للموجود والقياس يمكن أن يجري في الذهن بين شيئين معدومين

اتضحت أستاذنا
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس التاسع والسبعون- القياس

أركان القياس

أولا: أركان القياس أربعة:
1- الأصل وهو: الصورة المقيس عليها والتي نصّ الشارع على حكمها.
2- الثاني: الفرع وهو: الصورة المقيسة التي نبحث لها عن حكم.
3- حكم الأصل وهو: خطاب الله الوارد على الأصل والثابت بالكتاب أو السنة أو الإجماع.
4- العلة: وهي الوصف الجامع بين الأصل والفرع بوجوده فيهما، والتي بواسطتها سنعدِّي حكم الأصل إلى الفرع.
ثانيا: اختلف في تحديد الأصل على أقوال:
1- هو محلُ الحكمِ المشبّهُ بهِ أي هو الصورة التي ثبت لها الحكم أولا والتي يشبه بها الفرع فإن القياس قائم على التشبيه فالأصل هو المشبه به، والفرع هو المشبه، والعلة هي وجه الشبه، بعبارة أخرى الأصل هو المقيس عليه. وهو الأصح.
2- هو دليل الحكم.
3- نفس الحكم.
مثاله: قياس البيرة على الخمر لعلة الإسكار، فالأصل على القول الأول هو الخمر، وعلى القول الثاني فهو ما دل على تحريم الخمر وهو قوله تعالى: ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشطان فاجتنبوه )، وعلى القول الثالث هو الحرمة.
ثالثا: لا يشترط في الأصل ما يلي:
1- قيام دليل يدل على جواز القياس عليه بنوعه أو شخصه. وقيل: يشترط ذلك.
فمثلا البيع نوع له عقود كثيرة يشملها اسم البيع ولكل عقد منه له مسائل مخصوصه فلا يشترط إذا أردنا أن نقيس في مسألة من مسائل البيع أن يوجد دليل يدل على جواز القياس لا في شخص المسألة ولا في نوعها بأن يرد دليل على جواز القياس في البيوع، وكذا إذا أردنا أن نقيس في مسائل النكاح فلا يشترط أن يوجد دليل من الشرع على جواز القياس في تلك المسألة بخصوصها ولا في باب النكاح، بخلاف من اشترط فعنده لا بد من دليل، فمثلا إذا أردنا أن نقيس على مسألة من مسائل الطلاق فلا بد من وجود دليل على جواز القياس في باب النكاح.
2- الإجماع على وجود العلة في الأصل، فيصح القياس على أصل اختلف العلماء في وجود علته.
والاختلاف يكون في موضعين:
أ- في كون الأصل معللا أو لا أي تعرف له علة أو لا، كما لو قيس اللائط على الزاني في الحد، فاعترض الحنفية بأن القياس لا يجري في الحدود فهي غير معللة أصلا عندهم.
ب- في كون الأصل قد وجدت فية العلة أو لا، فلا يشترط اتفاقهم على أن العلة في الأصل هي كذا، كما في تحريم ربا الفضل في التمر والبر والشعير والملح ، فقيل: هي الكيل أو الوزن ولو لم تكن مطعومة، وقيل: هي الطعم فما ليس بمطعوم لايجري فيه الربا، وقيل: هي القوت والادخار.


( شرح النص )​

وأَركانُهُ أَربَعَةٌ: الأَوَّلُ الأَصلُ والأصحُّ أَنَّهُ مَحَلُ الحكمِ المشبَّهُ بهِ، وأَنَّهُ لا يُشتَرَطُ دالٌّ على جوازِ القياسِ عليهِ بنوعِهِ أَو شخصِهِ، ولا الِاتِّفاقُ على وجودِ العِلَّةِ فيهِ.
............................................................................
( وأَركانُهُ ) أي القياس ( أَربَعَةٌ ) مقيس عليه، ومقيس، ومعنى مشترك بينهما، وحكم للمقيس عليه يتعدّى بواسطة المشترك إلى المقيس ( الأَوَّلُ ) وهو المقيس عليه ( الأَصلُ ) أي يسمى به كما يسمى المقيس بالفرع كما سيأتي ( والأصحُّ أَنَّهُ ) أي الأصل المقيس عليه ( مَحَلُ الحكمِ المشبَّهُ بهِ ) أي المقيس عليه، وقيل هو حكم المحل، وقيل دليل الحكم ( و ) الأصح ( أَنَّهُ لا يُشتَرَطُ ) في الأصل المذكور ( دالٌّ ) أي دليل ( على جوازِ القياسِ عليهِ بنوعِهِ أَو شخصِهِ، ولا الِاتِّفاقُ على وجودِ العِلَّةِ ) المعينة ( فيهِ ) وقيل: يشترطان، فعلى اشتراط الأول لا يقاس في مسائل البيع مثلا إلا إذا قام دليل على جواز القياس فيه بنوعه أو شخصه، وعلى اشتراط الثاني لا يقاس فيما اختلف في وجود العلة فيه، بل لا بدّ من الاتفاق على ذلك بعد الاتفاق على أن حكم الأصل معلل بأن يتفقوا على أن علته كذا، وكل من القولين مردود بأنه لا دليل عليه.

 
التعديل الأخير:
أعلى