العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ليس عندي إلا المتن المخطوط وأرفقت الصحيفة المطلوبة
كثير من نسخ الشرح متوفرة على الشبكة ضمن مخطوطات المكتبة الأزهرية إن اهتدي إليها
وذلك عسر لأن أرقامها غير مرتبة ولا توافق ما في نفس الأمر
 

المرفقات

  • PDFImages.pdf
    3.6 MB · المشاهدات: 0

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

فيها اختلاف واضح عن النسخة المطبوعة ولكنه قوى ظني بأن تلك الزيادة باللون الاحمر غير ثابتة.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس السابع والعشرون بعد المائة- التعادل والتراجيح

الترجيح


أولا: الترجيح هو: تقوية أحد الدليلين المتقابلين بوجه من وجوه الترجيح التي سيأتي بعضها. وقد تقدّم أنه لا تعارض بين القطعيين وكذا بين قطعي وظني عقليين، فعليه إنما يجري الترجيح بين الظنيين وبين القطعي والظني النقليين.
ويجب العمل بالراجح ولا يجوز العمل بالمرجوح سواء أكان الرجحان قطعيا أم ظنيا أي سواء كان المرجح يفيد اليقين أم الظن.
والمتأخر من النصين المتعارضين ناسخ للمتقدم سواء نقل المتأخر تواترا أم آحادا.
فإن قيل: فيلزم من ذلك إسقاط القطعي الذي هو المتواتر بالآحاد الذي هو ظني وهو لا يجوز.
قلنا: إن القطعي حينما عورض صار دوام معناه ظنيا فلا يقطع بأن الشارع أراد به الدوام فالقطع في معناه لا ينافي الظن في دوامه فحينئذ لا يلزم إسقاط القطعي بالآحاد لأن الدوام غير قطعي.
ثانيا: أول ما يبدأ به المجتهد عندما يرى التعارض بين النصوص هو:
1- الجمع بين النصوص كتخصيص العام بالخاص وتقييد المطلق بالمقيد وحمل كل من النصين على حالة غير حالة الثاني.
مثاله: حديث الترمذي وابن ماجه وغيرهما: أيما أهابٍ دُبغ فقد طهرَ. مع حديث أبي داود والترمذي وغيرهما: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. فجمعوا بينهما بحمل الثاني على غير المدبوغ.
وهذا شامل لما لو كان التعارض فيه بين كتاب وسنة فلا يقدم أحدهما على الآخر إذا أمكن الجمع بينهما. وقيل: يقدم الكتاب، وقيل: تقدم السنة.
2- فإن لم يمكن الجمع بينهما فيبحث عن تاريخ ورودهما وهنا ثلاث صور:
الأولى: أن يعلم المتقدم منهما والمتأخر فحينئذ يكون المتأخر ناسخا للمتقدم.
الثانية: أن يعلم تقارنهما معا فيرجح بينهما إن أمكن فإن لم يمكن فيتخير بينهما.
الثالثة: أن يجهل المتقدم منهما والمتأخر أي لم يعلم بينهما تقدم ولا تقارن فإن كان الحكم قابلا للنسخ بأن لم يكن في باب العقائد وجب الرجوع إلى غيرهما؛ لأنه يجوز في كل واحد منهما أن يكون هو المتأخر فيكون ناسخا لحكم المتقدم، وأن يكون هو المتقدم فيكون منسوخا بالآخر ولذا لا يُقبل الترجيح لاحتمال أن يكون للمتقدم المنسوخ فإن لم يجد غيرهما توقف.
وإن لم يكن قابلا للنسخ فيصار إلى الترجيح إن امكن فإن لم يمكن فيتخير الناظر بالقول بمدلول أحدهما.

( شرح النص )​

والترجيحُ تقويةُ أحدِ الدليلينِ، والعملُ بالرَّاجحِ واجبٌ في الأصحِّ، ولا ترجيحَ في القطعيّاتِ، والمتأخِّر ناسِخٌ وإنْ نُقِلَ بالآحادِ، والأصحُّ أنَّ العملَ بالمتعارضينِ ولو من وجهٍ أولى من إلغاءِ أحدِهما، وأنَّهُ لا يُقَدَّمُ الكتابُ على السُّنَّةِ ولا عكسُهُ، فإنْ تعذّرَ العملُ فإنْ عُلِمَ المتأخِّرُ فناسِخٌ وإلا فإنْ لم يتقارنا وقَبِلا النسخَ طلبَ غيرَهما، وإلا يخيَّرُ إنْ تعذَّرَ الترجيحُ.
....................................................
( والترجيحُ تقويةُ أحدِ الدليلينِ ) بوجه من وجوه الترجيح الآتي بعضها، فيكون أحد الدليلين راجحا والآخر مرجوحا ( والعملُ بالرَّاجحِ واجبٌ ) وبالمرجوح ممتنع سواء أكان الرجحان قطعيا أم ظنيا ( في الأصحِّ ) وقيل: لا يجب العمل إن كان الرجحان ظنيا كالترجيح بكثرة الرواة فلا يعمل بواحد منهما لفقد المرجح القطعي كتقديم النص على القياس، وقيل: يخير بينهما في العمل إن كان الرجحان ظنيا ( ولا ترجيحَ في القطعيّاتِ ) إذ لا تعارض بينها، وإلا لاجتمع المتنافيان كما مر، وكذا لا ترجيح في القطعي مع الظني غير النقليين أخذا مما مر ( والمتأخِّرُ ) من النصين المتعارضين ( ناسِخٌ ) للمتقدم منهما إن قبلا النسخ آيتين كانا أو خبرين أو آية وخبرا ( وإنْ نُقِلَ ) المتأخر ( بالآحادِ ) فإنه ناسخ فيعمل به لأن دوامه بأن لا يعارض مظنون، ولبعضهم احتمال بالمنع، لأن الجواز يؤدي إلى إسقاط المتواتر بالآحاد في بعض الصور ( والأصحُّ أنَّ العملَ بالمتعارضينِ ) ولو كان أحدهما سنة والآخر كتابا ( ولو من وجهٍ ) أي ولو كان العمل بذلك من وجه دون وجه آخر كتخصيص العام بخاص وتقييد المطلق بالمقيد ( أولى من إلغاءِ أحدِهما ) بترجيح الآخر عليه، وقيل: لا يكون أولى فيصار إلى الترجيح مثاله خبر: أيما إهاب دبغ فقد طهر. مع خبر: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. الشامل للإهاب المدبوغ وغيره، فحملناه أي الإهاب على غير المدبوغ الخاص به عند كثير- قال في المصباح المنير: الإهاب الجلد قبل أن يدبغ- جمعا بين الدليلين، وتقدم بيان بسط الحمل في آخر مبحث التخصيص ( و ) الأصح ( أنَّهُ لا يُقَدَّمُ ) في ذلك ( الكتابُ على السُّنَّةِ ولا عكسُهُ ) أي ولا السنة على الكتاب، وقيل: يقدم الكتاب لخبر معاذ المشتمل على أنه يقضي بكتاب الله، فإن لم يجد فبسنة رسول الله ورضى رسول الله بذلك. رواه الترمذي وغيره، وقيل: يقدم السنة لقوله تعالى: لتبين للناس. مثال تعارض الكتاب والسنة: قوله صلى الله عليه وسلّم في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. مع قوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرما.. إلى قوله أو لحم خنزير. وكل منهما يشمل خنزير البحر، فحملنا الآية على خنزير البر المتبادر إلى الأذهان جمعا بين الدليلين فيحل خنزير البحر ( فإنْ تعذّرَ العملُ ) بالمتعارضين بأن لم يمكن بينهما جمع ( فإنْ عُلِمَ المتأخِّرُ ) منهما في الواقع ولم ينس ( فناسِخٌ ) للمتقدم منهما ( وإلا ) أي وإن لم يعلم ذلك بأن تقارنا أو جهل الناظر التأخر أو المتأخر أو علمه ونسى ( فإنْ لم يتقارنا ) بأن جهل الناظر إلخ ( وقبِلا النَّسخَ طلبَ ) الناظر ( غيرَهما ) لتعذر العمل بواحد منهما، فإن لم يجد غيرهما توقف ( وإلا ) بأن تقارنا وبأن لم يقبلا النسخ ( يخيَّرُ ) الناظر بينهما في العمل ( إنْ تعذَّرَ الترجيحُ ) فإن لم يتعذر طلب مرجحا.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ما المراد بالمجتهد هنا؟
1- الاسفرايني صحح النووي أنها بياء واحدة.
2- المقصود بالمجتهد هو الذي يرجح بين أقوال إمامه وهو المسمى بمجتهد الفتيا.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا قلتم في باب التخصيص:

( وهو ) أي الشرط اللغوي ( تعليقُ أمرٍ بأمرٍ كلٌّ منهما في المستقبَلِ أو ما يدُلُّ عليهِ ) من صيغة نحو أكرم بني تميم إن جاءوا أي الجائين منهم، بمعنى أن الشرط يراد به أحد معنيين إما نفس التعليق المعنوي أو الصيغة اللفظية أي إن جاءوا في المثال السابق.

ما المراد بنفس التعليق المعنوي؟ هل هو أن يكون في الكلام معنى هذا التعليق دون الصيغة اللفظية للشرط؟ وإن كان كذلك فهل من مثال؟
المقصود هو أن الشرط نفس التعليق الذي يفهم في الذهن وقيل هو نفس اللفظ الدال على التعليق، فبعضهم قال الشرط اللغوي هو: تعليق أمر بأمر كل منهما في المستقبل، ومنهم من عرفه فقال هو: اللفظ الدال على تعليق أمر بأمر كل منهما في المستقبل.
فإذا أردنا أن نعرف الشرط ماذا نقول: هل نقول هو: اللفظ الدال على تعليق أمر بأمر أو نقول هو: تعليق أمر بأمر.
مجرد تدقيق.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثامن والعشرون بعد المائة- التعادل والتراجيح

المرجحات بحسب السند


المرجحات كثيرة جدا بعضها بين الأخبار وبعضها بين الأقيسة أو غيرها، والمرجحات بين الأخبار قد تكون بالنظر إلى السند أو المتن أو إلى أمور خارجية أو غير ذلك.
والمرجحات بحسب السند كثيرة منها:
1- علو الإسناد، أي ما كانت مراتب الرواة فيه أقل، لأنه كلما كان الإسناد عاليا كلما كان احتمال الخطأ فيه أقل.
2- فقه الراوي ومعرفته باللغة والنحو، لقلة احتمال الغلط ممن كان متصفا بذلك.
3- ورعه وضبطه وفطنته ويقظته وعدم بدعته وشهرة عدالته؛ لأن الوثوق بمن كان كذلك أكثر.
ولو كان أحد الخبرين المتعارضين روي باللفظ، والثاني روي بالمعنى لكن راويه أرجح بواحد من هذه الستة كورعه أو ضبطه قدم المروي بالمعنى لترجحه بما ذكر من حال راويه.
4- كون الراوي مزكّى بالاختبار من المجتهد فيرجح على المزكى عنده بالأخبار لأن العيان أقوى من الخبر.
5- مَن كان مزكوه أكثر فيقدم على من كان مزكوه أقل.
6- معروف النسب على مجهول النسب لشدة الوثوق بالأول.
7- من صرّح بتزكيته فيقدم على من لم يصرح بتزكيته بل أخذت من الحكم بشهادته أو من العمل بروايته لأن الحكم والعمل بالمروي قد يبنيان على الظاهر من غير تزكية.
8- الحافظ لمرويه على غيره كأن يروي عن كتاب أو تلقين الغير له.
9- الخبر المذكور معه سببه على غير المذكور معه سببه لاهتمام راوي الأول به.
10- من يعول على الحفظ فيقدم على المعول على الكتابة لاحتمال أن يزاد في كتابه أو ينقص منه.
11- ظهور طريق روايته كالسماع بالنسبة للإجازة فيرجح المسموع على المجاز.
12- سماعه بلا حجاب فيرجح المسموع بلا حجاب بينه وبين شيخه على المسموع بحجاب لبعده عن الاشتباه.
13- خبر الذكر على الأنثى والحر على العبد.
14- خبر أكابر الصحابة على غيرهم لملازمتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
15- رواية من تأخر إسلامه، لظهور تأخر خبره.
16- رواية من تحمل بعد البلوغ على من تحملها قبله؛ لأن الأولى يقل احتمال الغلط فيها بالنسبة إلى الثانية.
17- رواية غير المدلس على المدلس؛ لأن الوثوق بالأولى أكثر.
18- رواية من كان له اسم واحد على من كان له اسمان فأكثر؛ لاحتمال الاشتباه في الثانية.
19- رواية من كان مباشرا لما رواه على من نقل إليه بالواسطة.
20- رواية صاحب الواقعة فإنه أعرف بها من غيره.
21- الخبر المروي باللفظ على المروي بالمعنى؛ لسلامة الأولى من احتمال الخلل إلا إذا كان الراوي أفقه أو أفطن أو أورع كما تقدم.
22- رواية من لم ينكر شيخه تلك الرواية عنه
؛ لأن الظن بصحتها أقوى مما أنكرها.
23- الخبر المذكور في الصحيحين البخاري ومسلم أو في أحدهما على ما ورد في غيرهما؛ لأن الأمة تلقتهما بالقبول سلفا وخلفا.

( شرح النص )​

مسألَةٌ يُرَجَّحُ بكثرةِ الأَدِلَّةِ والرواةِ في الأصحِّ، وبعلوِ الإسنادِ، وفقهِ الراوي، ولغتِهِ، ونحوِهِ، وورعِهِ، وضبطِهِ، وفِطنتِهِ وإنْ رُوِي المرجوحُ باللفظِ، ويقظتِهِ، وعدمِ بدعتهِ، وشهرةِ عدالتِهِ، وكونِهِ مُزكّىً بالاختبارِ أو أكثرَ مزكِّينَ، ومعروفَ النَّسَبِ، قيل: و مشهورَهُ، وصريحَ التزكيةِ على الحكمِ بشهادتِهِ والعملِ بروايتِهِ، وحفظِ المروي، وذكرِ السببِ، والتعويلِ على الحفظِ دونَ الكتابةِ، وظهورِ طريقِ روايتِهِ، وسماعِهِ بلا حجابٍ، وكونِهِ ذكرًا وحرًا في الأصحِّ، ومِن أكابرِ الصحابةِ، ومتأخِّرَ الإسلامِ في الأصحِّ، ومتحملًا بعدَ التكليفِ، وغيرَ مُدَلِّسٍ، وغيرَ ذي اسمينِ، ومباشرًا وصاحِبَ الواقِعَةِ، وراويًا باللفظِ ولم ينكرْهُ الأصلُ، وفي الصحيحينِ.
......................................................................
( مسألَةٌ يُرَجَّحُ بكثرةِ الأَدِلَّةِ و ) بكثرة ( الرواةِ في الأصحِّ ) لأن كثرة كل منهما تفيد القوة، وقيل: لا ترجيح بذلك كالبينتين حيث لا تقدم شهادة الأربعة أو الثلاثة مثلا على شهادة الاثنين، وفرق بأن مقصود الشهادة فصل الخصومة لئلا تطول فضبطت بنصاب خاص بخلاف الدليل، فإن مقصوده ظن الحكم والمجتهد في مهلة النظر، وكلما كان الظن أقوى كان اعتباره أولى ( وبعلوِ الإسنادِ ) في الأخبار أي قلة الوسائط بين الراوي الحديث للمجتهِد وبين النبيّ صلى الله عليه وسلّم ( وفقهِ الراوي ولغتِهِ ونحوِهِ ) لقلة احتمال الخطأ مع واحد من الأربعة بالنسبة إلى مقابلاتها وهي: نزول الإسناد، وعدم فقه الراوي، وعدم معرفته باللغة، وعدم معرفته بالنحو ( وورعِهِ، وضبطِهِ، وفِطنتِهِ وإنْ رُوِي ) الخبر ( المرجوحُ باللفظِ ) والراجح بواحد مما ذكر بالمعنى ( ويقظتِهِ، وعدمِ بدعتهِ، وشهرةِ عدالتِهِ ) لشدة الوثوق به مع واحد من الستة بالنسبة إلى مقابلاتها ( وكونِهِ مُزكّىً بالاختبارِ ) من المجتهد، فيرجح على المزكى عنده بالأخبار لأن العيان أقوى من الخبر ( أو ) كونه ( أكثرَ مزكِّينَ، ومعروفَ النَّسَبِ، قيل: و مشهورَهُ ) لشدة الوثوق به والشهرة زيادة في المعرفة والأصح لا ترجيح بها، وقال الزركشي الأقوى الأول أي يرجح بشهرة النسب لأن من ليس مشهور النسب قد يشاركه ضعيف في الاسم ( و ) يرجح بـ ( صريحَ التزكيةِ على الحكمِ بشهادتِهِ والعملِ بروايتِهِ ) فيرجح خبر من صرّح بتزكيته على خبر من حكم بشهادته، وخبر من عمل بروايته في الجملة- أي أن يكون الشخص حكم بشهادته أو عمل بروايته من غير وقوف على تفصيل الأمر هل كان ذلك بعد تزكية له أم لا - لأن الحكم والعمل قد يبنيان على الظاهر بلا تزكية ( وحفظِ المروي ) فيرجح مروي الحافظ له على مروي غيره الراوي له بنحو تلقين لاعتناء الأول بمرويه ( وذكرِ السببِ ) فيرجح الخبر المشتمل على سببه على ما لم يشتمل عليه لاهتمام راوي الأول به ( والتعويلِ على الحفظِ دونَ الكتابةِ ) فيرجح خبر المعوّل على الحفظ فيما يرويه على خبر المعوّل على الكتابة لاحتمال أن يزاد في كتابه أو ينقص منه، واحتمال النسيان والاشتباه في الحافظ كالعدم، والفرق بينه وبين حفظ المروى السابق أن ما هنا على ماهو الشأن والعادة من غير اطلاع على الحال فى المروي المعين بخصوصه بخلاف ما سبق فإنه مفروض فيما اذا علم حال المروى المعين بخصوصه وأن أحدهما رواه عن حفظ والآخر عن كتابة ( وظهورِ طريقِ روايتِهِ ) كالسماع بالنسبة إلى الإجازة، فيرجح المسموع على المجاز، وقد مرّ بيان طرق الرواية ومراتبها آخر الكتاب الثاني ( وسَماعِهِ بلا حجابٍ ) ويرجح المسموع بلا حجاب على المسموع من وراء حجاب لأمن الأول من تطرق الخلل في الثاني ( وكونِهِ ذكرًا وحُرًّا في الأصحِّ ) فيهما فيرجح خبر كل منهما على خبر غيره، لأن الذكر أضبط من غيره في الجملة والحر لشرف منصبه يحترز عما لا يحترز عنه غيره، وقيل: يرجح خبر الذكر في غير أحكام النساء بخلاف أحكامهنّ، لأنهنّ أضبط فيها، وقيل: لا ترجيح بالذكورية ولا بالحرية ( و ) كونه ( مِن أكابرِ الصحابةِ ) أي رؤسائهم فيرجح خبر أحدهم على خبر غيره لشدة ديانتهم وقربهم مجلسا من النبيّ صلى الله عليه وسلّم ( و ) كونه ( متأخرَّ الإسلامِ ) فيرجح خبره على خبر متقدم الإسلام ( في الأصحِّ ) لظهور تأخر خبره، وقيل: عكسه لأن متقدم الإسلام لأصالته فيه أشد تحرزا من متأخره ( و ) كونه ( متحملًا بعدَ التكليفِ ) ولو حال الكفر لأنه أضبط من المتحمل قبل التكليف ( وغيرَ مدلسٍ ) لأن الوثوق به أقوى منه بالمدلس المقبول وهو مدلس السند بخلاف مدلس المتون فلا يقبل أصلا، وتقدم بيانه في الكتاب الثاني ( وغيرَ ذي اسمينِ ) لأن صاحبهما يتطرق إليه الخلل بأن يشاركه ضعيف في أحدهما ( ومباشرًا ) لمرويه ( وصاحِبَ الواقعةِ ) المروية، لأن كلاً منهما أعرف بالحال من غيره، فالأوّل كخبر الترمذي عن أبي رافع: أنه صلى الله عليه وسلّم تزوج ميمونة حلالا قال وكنت الرسول بينهما. مع خبر الصحيحين عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلّم تزوّج ميمونة وهو محرم. فإن ابن عباس لم يكن حاضرا وإنما سمع القصة، والثاني كخبر أبي داود عن ميمونة: تزوّجني النبيّ صلى الله عليه وسلّم ونحن حلالان بسَرِف. مع خبر ابن عباس المذكور ( وراويًا باللفظِ ) لسلامة المروي باللفظ من تطرق الخلل في المروي بالمعنى ( و ) كون الخبر ( لم ينكرْهُ ) الراوي ( الأصلُ ) فيرجح خبر الفرع الذي لم ينكره أصله وهو شيخه بأن قال: ما رويته على الخبر الذي أنكره شيخه؛ لأن الظن الحاصل من الأول أقوى ( و ) كونه ( في الصحيحينِ ) أو في أحدهما، لأنه أقوى من الصحيح في غيرهما، وإن كان على شرطهما لتلقي الأمة لهما بالقبول.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس التاسع والعشرون بعد المائة- التعادل والتراجيح

المرجحات بحسب المتن


1- يرجح القول على الفعل والفعل على التقرير؛ لأن القول أقوى دلالة على التشريع من الفعل، والفعل أقوى دلالة من التقرير.
2- الخبر الفصيح على غير الفصيح؛ لأن هذا يحتمل أن يكون مرويا بالمعنى. أما زائد الفصاحة فلا يقدّم على الفصيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يخاطب من لا يفهم الزائد في الفصاحة، ويرجح ما ورد بلغة قريش على غيرها؛ لأن الوارد بغيرها يحتمل أن يكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل، ويقدم الخبر المدني على المكي لتأخره عنه.
3- المشتمل على زيادة على ما لم يشتمل عليها؛ لما في الأول من زيادة علم، وذلك كتقديم رواية من روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة العيد في الركعة الأولى سبعا على من روى أنه كبّر أربعا رواهما أبو داود.
4- الخبر المشعر بعلو النبي صلى الله عليه وسلم على غير المشعر بذلك لتأخره فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل بازدياد.
5- ما ذكر فيه الحكم مع العلة على ما فيه الحكم فقط لأن الأول أقوى في الاهتمام بالحكم من الثاني.
مثاله: خبر البخاري: من بدّل دينه فاقتلوه مع خبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان. فقد اشتمل الأول على الحكم وهو القتل والعلة وهي الردة، واشتمل الثاني على الحكم فقط وهو النهي عن القتل.
وإذا تعارض خبران مشتملان على الحكم والعلة معا فيقدم الخبر التي تقدم ذكر علته على حكمه لأنه أدل على ارتباط الحكم بالعلة من عكسه وهو تقديم الحكم على العلة، مثل: أن يقال: إذا أحدثت فتوضأ فهو مقدم على توضأ إذا ضحكت في الصلاة.
6- ما اشتمل على تهديد أو تأكيد على ما لم يشتمل على ذلك؛ لأن المشتمل يدل على اهتمام الشارع به.
7- العام عموما مطلقا يقدم على العام ذي السبب؛ لأن ذا السبب يحتمل أن يكون مقصورا على السبب، بخلاف المطلق فإنه أقوى في دلالته على العموم إلا في صورة السبب لأنها قطعية الدخول كما سبق.
ولا منافاة بين ما هنا وما تقدم من تقديم الخبر المذكور معه سببه؛ لأن الكلام هنالك على الخبرين الخاصين، والكلام هنا على الخبرين العامين.
8- الخبر الذي فيه عام شرطي مثل من وما الشرطيتين يقدم على النكرة المنفية؛ لأن الأول يفيد التعليل بخلاف الثاني. وتقدم النكرة المنفية على باقي صيغ العموم، ويقدم الجمع المعرّف باللام أو بالإضافة على مَن وما غير الشرطيتين كالاستفهاميتين؛ لأن الجمع المعرّف أقوى في إفادة العموم إذْ يمتنع تخصيصه إلى الواحد بخلافهما.
ويقدم الجمع المعرّف باللام أو الإضافة ومَن وما غير الشرطيتين على المفرد المعرّف بأل أو الإضافة كالإنسان لاحتماله العهد.
9- العام الذي لم يخصص يقدم على ما خصّص لضعف الثاني بالخلاف في حجيته.
10- العام الأقل تخصيصا يقدم على العام الأكثر تخصيصا.
11- ما دلّ بالاقتضاء يقدّم على ما دلّ بالإشارة أو الإيماء وما دلّ بالإشارة على ما دلّ بالإيماء، ويقدم ما دلّ بالإشارة أو الإيماء على ما دلّ بالمفهوم موافقة أو مخالفة.
12- ما دلّ بالموافقة على ما دلّ بالمخالفة؛ للاختلاف في حجية الثاني.

( شرح النص )​

والقولُ فالفعلُ فالتقريرُ، ويرجَّحُ الفصيحُ وكذا زائِدُ الفصاحةِ في قولٍ، والمشتملُ على زيادةٍ في الأصحِّ، والوارِدُ بلغةِ قريشٍ، والمدنيُّ، والمشعِرُ بعلوِّ شأنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وما فيهِ الحكمُ مع العِلَّةِ وما قُدِّمَ فيه ذِكرُها عليهِ في الأصحِّ، وما فيهِ تهديدٌ أو تأكيدٌ، والعامُّ مطلقًا على ذي السببِ إلا في السببِ، والعامُّ الشرطِيُّ على النكرةِ المنفيّةِ في الأصحِّ وهيَ على الباقي، والجمعُ المعرّفُ على مَن وما وكلُّها على الجنسِ المعرّفِ، وما لم يُخَصَّ والأقلُّ تخصيصًا، والاقتضاءُ فالإيماءُ فالإشارةُ ويرجَّحانِ على المفهومينِ، وكذا الموافقةُ على المخالَفةِ.
.................................................................
( والقولُ فالفعلُ فالتقريرُ ) فيرجح الخبر الناقل لقول النبي على الناقل لفعله، والناقل لفعله على الناقل لتقريره، لأن القول أقوى في الدلالة على التشريع من الفعل لأن الفعل محتمل للتخصيص به صلى الله عليه وسلّم، والفعل أقوى من التقرير لأن الفعل وجودي محض بخلاف التقرير فإنه سكوت، وهو محتمل لما لا يحتمله الفعل فقد يكون سكوت المتكلم لأغراض عديدة ( ويرجَّحُ الفصيحُ ) على غيره لتطرق الخلل إلى غيره باحتمال أن يكون مرويا بالمعنى ( وكذا زائِدُ الفصاحةِ ) على الفصيح ( في قولٍ ) مرجوح، لأنه صلى الله عليه وسلّم أفصح العرب فيبعد نطقه بغير الأفصح فيكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل، والأصح لا لأنه صلى الله عليه وسلّم ينطق بالأفصح والفصيح، لا سيما إذا خاطب به من لا يعرف غيره، وقد كان يخاطب العرب بلغاتهم ( و ) يرجح ( المشتملُ على زيادةٍ ) على غيره ( في الأصحِّ ) لما فيه من زيادة العلم، وقيل يرجح الأقل، وبه أخذ الحنفية لاتفاق الدليلين عليه كخبر التكبير في العيد سبعا مع خبر التكبير فيه أربعا رواهما أبو داود. والأولى منه عندهم للافتتاح فتكبيرات العيد عندهم ثلاثة ( والواردُ بلغةِ قريشٍ ) لأن الوارد بغيرها يحتمل أن يكون مرويا بالمعنى فيتطرق إليه الخلل ( والمدنيُّ ) على المكي لتأخره عنه، والمدني ما ورد بعد الهجرة أي سواء كان فى المدينة أو فى مكة أو في غيرهما والمكي قبلها، وهذا أولى من القول بأن المدني ما نزل بالمدينة، والمكي ما نزل بمكة ( والمشعِرُ بعلوِّ شأنِ النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ) لتأخره عما لم يشعر بذلك ( وما ) ذكر ( فيهِ الحكمُ مع العِلَّةِ ) على ما فيه الحكم فقط، لأن الأول أقوى في الاهتمام بالحكم من الثاني كخبر البخاري: من بدّل دينه فاقتلوه. مع خبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلّم نهى عن قتل النساء والصبيان. نيط الحكم في الأول بوصف الردّة المناسب ولا وصف في الثاني، فحملنا النساء فيه على الحربيات ( وما قُدِّمَ فيهِ ذِكرُها عليهِ ) أي ذكر العلة على الحكم على عكسه أي ما ذكرت فيه العلة بعد الحكم ( في الأصحِّ ) لأنه أدل على ارتباط الحكم بالعلة من عكسه، وقيل: عكسه أي يرجح ما أخر فيه ذكر العلة عن الحكم؛ لأن الحكم إذا تقدم تطلب نفس السامع العلة، فإذا سمعتها ركنت ولم تطلب غيرها، والوصف إذا تقدم تطلب النفس الحكم فإذا سمعته قد تكتفي في علته بالوصف المتقدم إذا كان شديد المناسبة كما في: والسارق.. الآية. وقد لا تكتفي به بل تطلب علة غيره كما في: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا.. الآية. فيقال: تعظيما للمعبود بالقيام بين يديه على طهارة ( وما فيهِ تهديدٌ أو تأكيدٌ ) على الخالي عن ذلك، فالأول كخبر البخاري عن عمار: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلّم. فيرجح على الأخبار المرغبة في صوم النفل، والثاني كخبر أبي داود: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل. مع خبر مسلم: الأيم أحق بنفسها من وليها. أي الثيب أحق بتزويجها نفسها بحسب ظاهره ( والعامُّ ) عموما ( مطلقًا على ) العام ( ذي السببِ إلا في السببِ ) أي يرجح على العام ذي السبب فى غير صورة السبب؛ لأن الثاني باحتمال إرادة قصره على السبب-كما قيل بذلك- دون المطلق في القوّة إلا في صورة السبب فهو فيها أقوى لأنها قطعية الدخول على الأصح كما مر ( والعامُّ الشرطيُّ ) كمن وما الشرطيتين ( على النكرةِ المنفيَّةِ في الأصحِّ ) لإفادته التعليل دونها، وقيل: العكس لبعد التخصيص فيها بقوّة عمومها دونه، ويؤخذ من ذلك ترجيح النكرة الواقعة في سياق الشرط على الواقعة في سياق النفي ( وهيَ على الباقي ) من صيغ العموم كالمعرّف باللام أو الإضافة لأنها أقوى منه في العموم، لأنها تدل عليه بالوضع في الأصح كما مرّ، وهو إنما يدل عليه بالقرينة اتفاقا ( والجمعُ المعرّفُ ) باللام أو الإضافة ( على من وما ) غير الشرطيتين كالاستفهاميتين، لأنه أقوى منهما في العموم لامتناع أن يخص إلى الواحد دونهما على الأصح في كل منهما كما مرّ ( وكلُّها ) أي الجمع المعرف ومن وما ( على الجنسِ المعرّفِ ) باللام أو الإضافة لاحتماله العهد بخلاف من وما فلا يحتملانه، وبخلاف الجمع المعرّف فيبعد احتماله له ( وما لم يخصَّ ) على ما خص لضعف الثاني بالخلاف في حجيته بخلاف الأول، ولأن الثاني مجاز، والأول حقيقة وهي مقدمة عليه قطعا، وقال الأصل كالصفيّ الهندي، وعندي عكسه أى أن ماخص يرجح على ما لم يخص؛ لأن ما خص من العام هو الغالب والغالب أولى من غيره ( والأقلُّ تخصيصًا ) على الأكثر تخصيصا لأن الضعف في الأقل دونه في الأكثر ( والاقتضاءُ فالإيماءُ فالإشارةُ ) لأن المدلول عليه بالأول مقصود يتوقف عليه الصدق أو الصحة، وبالثاني مقصود لا يتوقف عليه ذلك، وبالثالث غير مقصود كما علم ذلك من محله، فيكون كل منها أقوى دلالة مما بعده (ويرجَّحانِ ) أي الإيماء والإشارة ( على المفهومينِ ) أي الموافقة والمخالفة؛ لأن دلالة الأولين في محل النطق بخلاف المفهومين ( وكذا الموافقةُ على المخالفةِ ) في الأصح لضعف الثاني بالخلاف في حجيته بخلاف الأول، وقيل: عكسه.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

فإنْ عُلِمَ المتأخِّرُ فناسِخٌ وإلا فإنْ لم يتقارنا
على أنه يقضي بكتاب الله
بأن تقارنا أو جهل الناظر التأخر أو المتأخر أو علم ونسى ( فإنْ لم يتقارنا) بأن جهل الناظر الخ ( وقبِلا النَّسخَ طلبَ )
( وإلا ) بأن تقارنا وبأن لم يقبلا النسخ ( يخيَّرُ

وصريحُ التزكيةِ على الحكمِ بشهادتِهِ والعملِ بروايتِهِ، وحفظُ المروي، وذكرُ السببِ، والتعويلُ على الحفظِ دونَ الكتابةِ، وظهورُ طريقِ روايتِهِ، وسماعُهُ بلا حجابٍ، وكونُهُ ذكرًا وحرًا في الأصحِّ،
( أو ) كونه ( أو أكثرَ
( و ) يرجح بـ( صريحِ التزكيةِ
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثلاثون بعد المائة- التعادل والتراجيح

المرجحات بحسب المدلول والأمور الخارجية


أولا: الترجيح باعتبار مدلول الخبر يقع بأمور:
1- الناقل عن الأصل الذي هو البراءة الأصلية على المقرر له؛ لأن الأول فيه زيادة على الأصل بخلاف الثاني، وقيل: بالعكس.
مثاله: من مسّ ذكره فليتوضأ. مع خبر أنه صلى الله عليه وسلم سأله رجل مسّ ذكره: أعليه وضوء ؟ قال: لا إنما هو بضعة منك. رواهما أصحاب السنن.
2- الخبر المثبِت لشيء على الخبر النافي له؛ لاشتمال المثبت على زيادة علم، وقيل: بالعكس؛ لأن النافي اعتضد بالأصل.
3- الخبر المتضمن للتكليف على الانشاء؛ لأن الطلب به لتحقق وقوع معناه أقوى من الإنشاء، فقوله تعالى: والمطلقات يتربصن. أقوى من ليتربصن.
4- ما دلّ على الحظر على ما دلّ على الإيجاب؛ لأن الأول لدفع المفسدة، والثاني لجلب المصلحة والاعتناء بدفع المفسدة أشد.
4- ما دلّ على إيجاب الفعل على ما دلّ على جواز الترك بكراهة للاحتياط.
5- ما دل على الكراهة على ما دلّ على الندب لدفع اللوم في فعل المكروه.
6- ما دلّ على الندب على ما دلّ على الإباحة للاحتياط.
7- الخبر المعقول معناه على ما لم يعقل معناه؛ لأن الأول أدعى للانقياد وأفيد بالقياس عليه.
8- نافي العقوية على الموجب لها؛ لما في الأول من اليسر وعدم الحرج الموافق لقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر.
9- الحكم الوضعي على الحكم التكليفي؛ كأن يدل خبر على أن شيئا شرط لكذا، ويدل آخر على النهي عن فعل ذلك الشيء؛ لأن الأول لا يتوقف على الفهم والتمكن من الفعل بخلاف الثاني، وقيل: عكسه: لترتب الثواب على التكليفي دون الوضعي.
ثانيا: ترجيح الخبر بالأمور الخارجية يقع بأمور:
1- ما وافق دليلا آخر على ما لم يكن كذلك؛ لأن الظن بالأول أقوى. وسبق الترجيح بكثرة الأدلة.
2- ما وافق خبرا مرسلا أو قول صحابي أو عمل أهل المدينة أو أكثر العلماء؛ لقوة الظن فيما ذكر، وقيل: لا ترجيح بذلك لأنها ليست حججا.
3- ما وافق قول زيد في الفرائض فمعاذ فعلي، ومعاذ في أحكام غير الفرائض فعلي.
بمعنى أنه إذا وافق كل من المتعارضين قول صحابي ما فحينئذ يرجح في مسألة من مسائل الفرائض الموافق قول زيد بن ثابت، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لمعاذ فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي.
والمتعارضان في مسألة في غير الفرائض يرجح منهما الموافق قول معاذ فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعلي، وذلك لخبر ابن ماجه: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.

( شرح النص )​

والناقِلُ عنِ الأصلِ، والمثبِتُ في الأصحِّ، والخبرُ، فالحظرُ، فالإيجابُ، فالكراهةُ، فالندبُ، فالإباحةُ في الأصحِّ في بعضِها، والمعقولُ معناهُ، وكذا نافي العقوبةِ، والوضعيُّ على التكليفيِّ في الأصحِّ، والموافِقُ دليلًا آخرَ، وكذا مرسلًا أو صحابيّا أو أهلَ المدينةِ أو الأكثرَ في الأصحِّ، ويُرجَّحُ موافِقُ زيدٍ في الفرائضِ فمعاذٍ فعليٍّ، ومعاذٍ في أحكامِ غيرِ الفرائضِ فعليٍّ.
.................................................................
( و ) كذا ( الناقِلُ عن الأصلِ ) أي البراءة الأصلية على المقرر له في الأصح، لأن الأول فيه زيادة على الأصل بخلاف الثاني، وقيل: عكسه بأن يقدّر تأخر المقرر للأصل ليفيد تأسيسا كما أفاده الناقل فيكون المقرر ناسخا له، مثال ذلك خبر الترمذي: مَنْ مسّ ذَكَرَهُ فليتوضأ. مع خبره: أنه صلى الله عليه وسلّم سأله رجل مس ذكره أعليه وضوء قال لا إنما هو بضعة منك. ( و ) كذا ( المثبِتُ ) على النافي ( في الأصحِّ ) لما مرّ من أن فيه زيادة علم، وقيل: عكسه، وقيل هما سواء ( والخبرُ ) المتضمن للتكليف على الإنشاء لأن الطلب به لتحقق وقوع معناه أقوى من الإنشاء، فإن اتفق الدليلان خبرا أو إنشاء ( فالحظرُ ) على الإيجاب لأنه لدفع المفسدة والإيجاب لجلب المصلحة والاعتناء بدفع المفسدة أشد ( فالإيجابُ ) على الكراهة للاحتياط ( فالكراهةُ ) على الندب لدفع اللوم ( فالندبُ ) على الإباحة للاحتياط بالطلب ( فالإباحةُ في الأصحِّ في بعضِها ) أي المذكورات وهو تقديم كل من الحظر والإيجاب والندب على الإباحة، وقيل: العكس في الثلاث فتقدم الإباحة عليها لاعتضاد الإباحة بالأصل ( و ) الخبر ( المعقولُ معناهُ ) على ما لم يعقل معناه؛ لأن الأول أدعى للانقياد وأفيد بالقياس عليه ( وكذا نافي العقوبةِ ) في الأصح لما في الأول من اليسر وعدم الحرج الموافق لقوله تعالى: يريد الله بكم اليسر. وقوله: ما جعل عليكم في الدين من حرج. وقيل: عكسه لإفادة الموجب التأسيس بخلاف النافي ( و ) كذا الحكم (الوضعيُّ ) أي مثبته ( على ) مثبت ( التكليفيِّ في الأصحِّ ) لأن الأول لا يتوقف على الفهم والتمكن من الفعل بخلاف الثاني، وقيل: عكسه لترتب الثواب على التكليفي دون الوضعي ( و ) الدليل ( الموافِقُ دليلا آخرَ ) على ما لم يوافقه؛ لأن الظن في الموافق أقوى ( وكذا ) الموافق ( مرسلًا أو صحابيّا أو أهلَ المدينةِ أو الأكثرَ في الأصحِّ ) من العلماء على ما لم يوافق واحدًا مما ذكر ( في الأصحِّ ) لأن الظن فيه أقوى، وقيل: لا يرجح بواحد من ذلك لأنه ليس بحجة، وقيل: إنما يرجح بموافق الصحابي إن كان الصحابي قد ميزه نص فيما فيه الموافقة من أبواب الفقه كزيد في الفرائض ( ويرجَّحُ ) كما قال الشافعي فيما إذا وافق كل من الدليلين صحابيا، وقد ميز النص أحد الصحابيين في باب ( موافِقُ زيدٍ في الفرائضِ فمعاذٍ ) فيها ( فعليٍّ ) فيها ( ومعاذٍ في أحكامِ غيرِ الفرائضِ فعليٍّ ) في تلك الأحكام، فالمتعارضان في مسألة في الفرائض يرجح منهما الموافق لزيد، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعليّ، والمتعارضان في مسألة في غير الفرائض يرجح منهما الموافق لمعاذ، فإن لم يكن له فيها قول فالموافق لعليّ، وذلك لخبر: أفرضكم زيد، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وأقضاكم عليّ. فقوله: أفرضكم زيد على عمومه، وقوله: وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ يعني في غير الفرائض وكذا قوله وأقضاكم عليّ واللفظ في معاذ أصرح منه في علي فقدم عليه مطلقا في الفرائض وغيرها.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وما فيهِ تهديدٌ أو تأكيدٌ
والجمعُ المعرّفُ على مَن وما وكلِّها على الجنسِ
فيقال: تعظيما للمعبود بالقيام بين يديه على طهارة
( والجمعُّ المعرّفُ )
موافِقُ زيدٍ في الفرائضِ فمعاذٌ فعليٌّ، ومعاذٌ في أحكامِ غيرِ الفرائضِ فعليٌّ.
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الحادي والثلاثون بعد المائة- التعادل والتراجيح

الترجيح بالإجماعات والأقيسة

أولا: الترجيح بالإجماع على عدة أنحاء:
1- يرجح الثابت بالإجماع على الثابت بالنص؛ لأن النص يحتمل النسخ بخلاف الإجماع.
2- يرجح إجماع الصحابة على غيرهم؛ لأن الصحابة أعدل وأعلم بالدين، وكذا يرجح إجماع التابعين على إجماع من جاء بعدهم.
3- يرجح إجماع الكل الشامل للعوام على ما خالف فيه العوام؛ لضعف الثاني بالاختلاف في حجيته.
4- يرجح الإجماع الذي انقرض عصره على ما لم ينقرض عصره، والإجماع الذي لم يسبقه خلاف على الإجماع الذي سبقه خلاف.
فإن قيل: كيف يتصور تعارض إجماعين ؟ قلنا المعنى إذا ظُنَّ تعارض إجماعين قدم المتقدم منهما على من بعده أما تعارضهما في نفس الامر فمستحيل، مثاله: أن ينقل إجماع الصحابة على حكم وينقل إجماع التابعين على حكم آخر فيظن الناظر وجود التعارض بينهما فيقدم إجماع الصحابة.
مسألة: الأصح تساوي المتواترين من كتاب وسنة، فلا يرجح أحدهما على الآخر. والمقصود المتواتران اللذان دلالتهما ظنية. وقيل: يرجح الكتاب عليها، وقيل: ترجح السنة عليه.
ثانيا: الترجيح بالقياس على عدة أنحاء:
1- يرجح قياس على قياس بقوة دليل حكم الأصل أي المقيس عليه، فيقدم ما دل عليه بالمنطوق مثلا على ما دل بالمفهوم.
2- يرجح القياس الجاري على سننه بأن كان فرعه من جنس أصله على القياس غير الجاري على سننه.
مثاله: قياس أرش ما دون الموضحة على أرش الموضحة- أي المال الذي يدفع في الجناية على البدن بجرحه جرحا عميقا يتضح معه عظم الرأس أو الوجه- حتى تحمله العاقلة هو أولى من قياس أرش ما دون الموضحة على غرامات الأموال فلا تحمله العاقلة، لأن الأول من نفس الجنس فيكون أولى، وكما تقول: قياس الطهارة على الطهارة أولى من قياس الطهارة على ستر العورة.
ثالثا: ومن الترجيح بالقياس الترجيح بحسب علته ويقع على أنحاء:
1- ترجح علة ذات أصلين بأن عللا بها على ذات أصل واحد.
مثاله: إذا تنازعنا في أن يد السوم لِمَ توجب الضمان ؟- أي في المستام وهو الطالب شراء السلعة إذا أخذها من البائع فتلفت في يده-.
فقال الشافعي: علته أنه أخذٌ لغرض نفسه من غير استحقاق وعداه إلى المستعير فيضمن.
فقال الحنفي: بل علته أنه أخذٌ للتملك أي فلا يتعدى إلى المستعير.
فيشهد للشافعي في علته: يد الغاصب، ويد المستعير من الغاصب فإن يدهما يد ضمان.
ولا يشهد للحنفي إلا أصل واحد وهو يد السوم.
فالمراد بذات أصلين العلة المستنبطة من أصلين، وبذات الأصل العلة المستنبطة من أصل واحد بأن يرد من الشارع أمران تستنبط إحدى العلتين من كل منهما، وأمر آخر تستنبط العلة الأخرى منه، فإنه في المثال السابق ورد من الشارع تضمين الغاصب وتضمين المستعير منه، وكل منهما يستنبط منه أن العلة في ضمان مال الغير هي وضع اليد عليه ولو لغير تملك، وورد من الشارع تضمين المستام فيستنبط منه أن العلة هي وضع اليد للتملك، فتترجح العلة الأولى لاستنباطها من أصلين.
2- ترجح ما كانت علته ذاتية للمحل كالإسكار في الخمر على ما كانت علته حكمية كالحرمة والنجاسة فإنهما لا يعلمان إلا من الشرع.
3- ترجح العلة المركبة الأقل أوصافا على العلة الأكثر أوصافا؛ لأن الاعتراض على الأولى أقل.
4- ترجح العلة المقتضية احتياطا في الفرض على ما كانت لا تقتضيه.
مثاله: تعليل نقض الوضوء بملامسة النساء سواء بشهوة أو بدونها، فإنه أحوط من تعليله بالملامسة بشهوة؛ لأن الأول فيه احتياط للفرض كالصلاة.
5- ترجح العلة العامة الأصل بأن توجد في جميع الجزئيات؛ لأنها أكثر فائدة مما لا تعم.
مثاله: الطعم الذي هو عند الشافعية العلة في باب الربا فإنه موجود في البر قليله وكثيره بخلاف الكيل الذي هو العلة عند الحنفية فلا يوجد الكيل في قليله فجوزوا بيع الحفنة منه بحفنتين.
6- ترجح العلة المتفق على تعليل حكم الأصل فيها على ما اختلف في تعليله، أي إذا كان حكم الأصل في أحد القياسين متفقا على تعليله، والآخر مختلفا فيه كأن قيل: هو تعبدي فلا يعلل، رجح ما كان متفقا عليه على المختلف فيه.
7- ترجح العلة الموافقة لأكثر من أصل شرعي – قاعدة شرعية من قواعد الشريعة- على الموافقة لأصل واحد؛ لقوة الأولى بكثرة ما يؤيدها من الأصول.
8- يرجح ما كانت علته موافقة لعلة أخرى على ما كانت علته غير موافقة لعلة أخرى؛ لما في ذلك من اجتماع الأدلة.
وصورة المسألة: أن يوجد أصلان حكمهما مختلف لأحدهما علتان وللآخر علة واحدة ويتردد فرع بينهما لوجود العلل الثلاث فيه فهل يترجح إلحاقه بالأول أو بالثانى؟ الأصح الأول.

( شرح النص )​

والإجماعُ على النصِّ، وإجماعُ السابقينَ، وإجماعُ الكلِّ على ما خالفَ فيهِ العوامُّ، والمنقرضُ عصرُهُ على غيرِه، وكذا ما لم يسبقْ بخلافٍ في الأصحِّ، والأصحُّ تساوي المتواترينِ من كتابٍ وسنةٍ.
ويرجّحُ القياسُ بقوّةِ دليلِ حكمِ الأصلِ، وكونِهِ على سنَنِ القياسِ أي فرعُهُ مِن جنسِ أصلِهِ، وكذا ذاتُ أصلينِ على ذاتِ أصلٍ، وذاتيّةٌ على حكميّةٍ، وكونُها أقلَّ أوصافًا في الأصحِّ، والمقتضيَةُ احتياطًا في فرضٍ، وعامّةُ الأصلِ، والمتّفقُ على تعليلِ أصلِها، والموافقةُ لأصولٍ على الموافقةِ لواحدٍ، وكذا الموافقةُ لعلّةٍ أخرى
.
........................................................................
( و ) يرجح ( الإجماعُ على النصِّ ) لأنه يؤمن فيه النسخ بخلاف النص ( وإجماعُ السابقينَ ) على إجماع غيرهم فيرجّح إجماع الصحابة على إجماع من بعدهم من التابعين وغيرهم، وإجماع التابعين على إجماع من بعدهم، وهكذا لشرف السابقين لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلّم ولخبر: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. متفق عليه ( وإجماعُ الكلِّ ) الشامل للعوام ( على ما خالفَ فيهِ العوامُّ ) لضعف الثاني بالخلاف في حجيته على ما حكاه الآمدي ( و ) الإجماع ( المنقرضُ عصرُهُ على غيرِه ) لضعف الثاني بالخلاف في حجيته ( وكذا ما ) أي الإجماع الذي ( لم يسبقْ بخلافٍ ) على غيره ( في الأصحِّ ) لذلك، وقيل: عكسه لزيادة اطلاع المجمعين في الثاني على المآخذ، وقيل: هما سواء ( والأصحُّ تساوي المتواترينِ من كتابٍ وسنةٍ ) وقيل: يرجح الكتاب عليها لأنه أشرف منها، وقيل: ترجح السنة عليه لقوله تعالى: لتبين للناس ما نزل إليهم. أما المتواتران من السنة فمتساويان قطعا كالآيتين ( ويرجّحُ القياسُ ) على قياس آخر ( بقوّةِ دليلِ حكمِ الأصلِ ) كأن يدل في أحد القياسين بالمنطوق، وفي الآخر بالمفهوم، أو يكون في أحدهما قطعيا، وفي الآخر ظنيا لقوة الظن بقوة الدليل ( وكونِهِ ) أي القياس ( على سنَنِ القياسِ أي فرعُهُ مِن جنسِ أصلِهِ ) فيرجح على قياس ليس كذلك، لأن الجنس بالجنس أشبه فقياسنا ما دون أرش الموضحة على أرشها حتى تحمله العاقلة مقدم على قياس الحنفية له على غرامات الأموال حتى لا تتحمله ( وكذا ) ترجح علة ( ذاتُ أصلينِ ) مثلا بأن عللا بها ( على ذاتِ أصلٍ ) في الأصح، وقيل: لا كالخلاف في الترجيح بكثرة الأدلة، مثاله: وجوب الضمان بيد المستام عللناه بأنه أخذ العين لغرضه بلا استحقاق، كما علل به وجوب الضمان بيد الغاصب ويد المستعير، وعلله الحنفية بأنه أخذها ليتملكها ولم يعلل به نظير ذلك ( و ) كذا ترجح علة ( ذاتيّةٌ ) للمحل كالطعم والإسكار ( على ) علة ( حكميّةٍ ) كالحرمة والنجاسة في الأصح؛ لأن الذاتية ألزم من الحكمية إذْ الحكمية لا يعرفها إلا حملة الشرع، وقيل: عكسه لأن الحكم بالحكم أشبه مثلا قياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار مقدم على قياسه عليها بجامع النجاسة ( و ) كذا ( كونُها أقلَّ أوصافًا في الأصحِّ ) لأن القليلة أسلم بقلة الاعتراض عليها، وقيل: عكسه لأن الكثيرة أكثر شبها ( و ) ترجح ( المقتضيةُ احتياطًا في فرضٍ ) لأنها أنسب به مما لا تقتضيه، وذكر الفرض لأنه محل الاحتياط الواجب، إذ لا يحتاط في الندب وإن احتيط به كما مرّ في قولنا فالندب على الإباحة للاحتياط فهذا احتياط غير لازم، هذا مع أن الاحتياط قد يجري في غير الفرض، كما إذا شك هل غسل وجهه في الوضوء ثلاثا أو اثنتين فإنه يسنّ له غسلة أخرى وإن احتمل كونها رابعة احتياطا ( وعامَّةُ الأصلِ ) بأن يوجد في جميع جزئياته، لأنها أكثر فائدة مما لا يعم كالطعم الذي هو علة عندنا في باب الربا، فإنه موجود في البر مثلا قليله وكثيره، بخلاف الكيل الذي هو علته عند الحنفية فلا يوجد في قليله لإنه لا يكال القليل، فجوزوا بيع الحفنة منه بالحفنتين، والحفنة بفتح الحاء ملء الكفين ( و ) ترجح العلة ( المتّفقُ على تعليلِ ) حكم ( أصلِها ) المأخوذة منه لضعف مقابلها وهو المختلف في تعليل حكم أصلها بالخلاف فيه ( و ) العلة ( الموافِقةُ لأصولٍ ) أي قواعد شرعية ( على الموافقةِ لواحدٍ ) لأن الأولى أقوى بكثرة ما يشهد لها ( وكذا ) ترجح العلة ( الموافقةُ لعلّةٍ أخرى ) في الأصح، وقيل: لا كالخلاف في الترجيح بكثرة الأدلة.
 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

على غرامات الأول فلا تحمله
والمنقرضُ عصرَهُ على
أي فرعِهِ مِن جنسِ أصلِهِ
وكونُها أقلُّ أوصافًا في الأصحِّ
لضعف الثاني بالخلاف في حجتيه
.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثاني والثلاثون بعد المائة- التعادل والتراجيح

تكملة الترجيح بالعلل- الترجيح بالحدود


أولا: ومن الترجيح بحسب العلة ما يلي:
1- يرجح القياس الذي ثبتت علته بالإجماع القطعي فبالنص القطعي فبالإجماع الظني فبالنص الظني، يلي ذلك ما ثبتت علته بالإيماء فالسبر فالمناسبة فالشبه فالدوران، وقيل يقدم: الإيماء فالسبر فالدوران فالمناسبة فالشبه.
2- يرجح قياس المعنى على قياس الدلالة، لاشتمال الأول على المعنى المناسب بخلاف الثاني المشتمل على لازمه أو أثره أو حكمه كما سبق.
3- يرجح القياس غير المركب على القياس المركب سواء أكان مركب الأصل أو مركب الوصف، لضعف المركب بالاختلاف في قبوله كما سبق في شروط حكم الأصل.
4- يرجح الوصف الوجودي على العدمي، كقولنا في السفرجل
: مطعوم فكان ربويا كالبر، على قول الخصم: هو ليس بمكيل ولا موزون، ويرجح ما كان الوصف الوجودي فيه حقيقيا ثم ما كان عرفيا، ثم ما كان شرعيا. مثال تقديم الحقيقي على الشرعي قولنا: المني خلق آدمي كالطين، مع قول المخالف: مائع يوجب الغسل كالحيض.
يلي ذلك الوصف العدمي البسيط، يليه العدمي المركب، لضعف العدمي بالنسبة للوجودي، والمركب بالنسبة إلى البسيط، للخلاف فيهما.
5- يرجح ما كانت علته باعثة على ما كانت أمارة؛ لأن الأولى مناسبتها ظاهرة بخلاف الثانية، فالمراد بالباعثة هنا ذات المناسبة الظاهرة، وبالأمارة ما لم تظهر مناسبتها، وليس المراد بالباعثة المقابلة للمعرف والمؤثر في تعريف العلة. حاشية البناني.
6- يرجح ما كانت علته مطردة منعكسة على المطردة فقط، ثم المطردة فقط على المنعكسة فقط.
7- يرجح ما كانت علته متعدية على ما كانت علته قاصرة؛ لأنه أفيد بالإلحاق بها.
8- يرجح من العلتين المتعديتين ما كانت أكثر فروعا؛لأن استعمالاتها أكثر فهي أفيد.
ثانيا: عند تعارض الحدود والتعاريف الشرعية كحدود الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية وكذا حدود الصلاة والزكاة والربا ونحوها فيتم ترجيح بعض التعاريف على بعض بما يلي:
1- ما كان أعرف على الأخفى.
2- الذاتي على العرضي.
3- الصريح في معناه على الخفي.
4- الأعم على الأخص.
5- الموافق للمنقول سمعا ولغة على غير الموافق.
6- الحد الذي طريق اكتسابه راجح على ما لم يكن كذلك.
وهذه القواعد مهمة فلينتفع بها الطالب في الترجيح بين تعاريف العلماء.
ثالثا: المرجحات لا تنحصر فيما ذكر بل هي كثيرة جدا والعمدة فيها غلبة الظن بالرجحان.
وقدسبق في ثنايا الدروس كثير منها من ذلك: تقديم بعض مفاهيم المخالفة على بعض، وبعض ما يخل بالفهم على بعض كالمجاز على الاشتراك، وتقديم المعنى الشرعي على العرفي، والعرفي على اللغوي، إلى غير ذلك.

( شرح النص )​

وما ثبتَتْ عِلَّتُهُ بإجماعٍ فنصٍّ قطعيينِ فظنيينِ في الأصحِّ فإيماءٍ فسبرٍ فمناسبةٍ فشَبَهٍ فدورانٍ، وقيل: دورانٌ فمناسبةٌ، وقياسُ المعنى على الدلالةِ، وكذا غيرُ المركبِ عليهِ في الأصحِّ إنْ قُبِلَ، والوصفُ الحقيقيُّ فالعرفيُّ فالشرعيُّ الوجوديُّ فالعدميُّ قطعًا البسيطُ فالمركبُ في الأصحِّ، والباعثةُ على الأمارةِ، والمطّردةُ المنعكسةُ، فالمطّردةُ على المنعكسةِ، وكذا المتعدّيةُ والأكثرُ فروعًا في الأصحِّ.
ومن الحدودِ السمعيّةِ الأعرفُ على الأخفى، والذاتيُّ على العرضيِّ، والصريحُ، وكذا الأعمُّ في الأصحِّ، وموافِقُ نقلِ السمعِ واللغةِ، وما طريقُ اكتسابِهِ أرجحُ، والمرجِّحاتُ لا تنحصِرُ ومثارُها غلبةُ الظنِّ
.
..................................................................
( وما ) أي وكذا القياس الذي ( ثبتَتْ عِلَّتُهُ بإجماعٍ فنصٍّ قطعيينِ فظنيينِ ) أي بإجماع قطعي فنص قطعي فإجماع ظني فنص ظني ( في الأصحِّ ) لأن النص يقبل النسخ بخلاف الإجماع، وقيل: عكسه؛ لأن النص أصل للإجماع لأن حجيته إنما ثبتت به ( فإيماءٍ فسبرٍ فمناسبةٍ فشَبَهٍ فدورانٍ، وقيل: دورانٌ فمناسبةٌ ) وما قبلها وما بعدها كما مر أي فيقدم الإيماء فالسبر فالدوران فالمناسبة فالشبه، فكل من المعطوفات دون ما قبله، ورجحان كل من الإيماء، والمناسبة على ما يليه ظاهر من تعاريفها السابقة، ورجحان السبر على المناسبة بما فيه من إبطال ما لا يصلح للعلية والشبه على الدوران بقربه من المناسبة، ومن رجح الدوران عليها قال لأنه يفيد اطراد العلة وانعكاسها بخلاف المناسبة، ورجحان الدوران أو الشبه على بقية المسالك يؤخذ من تعاريفها ( و ) يرجح ( قياسُ المعنى على ) قياس ( الدلالةِ ) لاشتمال الأول على المعنى المناسب، والثاني على لازمه أو أثره أو حكمه كما علم ذلك في مبحث الطرد، وفي خاتمة القياس ( وكذا ) يرجح ( غيرُ المركبِ عليهِ ) أي على المركب ( في الأصحِّ إنْ قُبِلَ ) أي المركب لضعفه بالخلاف في قبوله المذكور في مبحث حكم الأصل فتقديم غير المركب عليه هو على فرض قبول المركب وتقدم أن الأصح عدم قبوله، وقيل: عكسه أي يرجح المركب على غيره لقوة المركب باتفاق الخصمين على حكم الأصل فيه ( و ) يرجح ( الوصفُ الحقيقيُّ فالعرفيُّ فالشرعيُّ ) لأن الحقيقي لا يتوقف على شيء بخلاف العرفي والعرفي متفق عليه بخلاف الشرعي كما مر ( الوجوديُّ ) مما ذكر ( فالعدميُّ قطعًا البسيطُ ) منه (فالمركّبُ في الأصحِّ ) لضعف العدمي والمركب بالخلاف فيهما، وقيل: المركب فالبسيط، وقيل: هما سواء ( والباعثةُ على الأمارةِ ) لظهور مناسبة الباعثة (
والمطّردةُ المنعكسةُ ) على المطردة فقط لضعف الثانية بالخلاف فيها فقد قيل باشتراط الانعكاس في العلة ( فالمطّردةُ ) فقط ( على المنعكسةِ ) فقط، لأن ضعف المنعكسة بعدم الاطراد أشدّ من ضعف المطردة بعدم الانعكاس ( وكذا ) ترجح ( المتعدّيةُ ) على القاصرة في الأصح لأنها أفيد بالالحاق بها، وقيل عكسه، لأن الخطأ في القاصرة أقل لكون المعلل فيها مكانا واحدا، وقيل: هما سواء لتساويهما فيما ينفردان به من الالحاق في المتعدية وعدمه في القاصرة أي ففي كل منهما جهة كمال ونقص ( و ) كذا يرجح ( الأكثرُ فروعًا ) من المتعديتين على الأقل فروعا ( في الأصحِّ ) وقيل: عكسه كما في المتعدية والقاصرة أي فمن رجح المتعدية رجح الأكثر ومن رجح القاصرة رجح الأقل، ولا يأتي القول بالتساوي هنا لانتفاء علته التي هي الانفراد بالتعدي في إحداهما والقصور في الأخرى وما يلزمه من وجود الكمال والنقص في كل منهما ( و ) يرجح ( من الحدودِ السمعيّةِ ) أي الشرعية ( الأعرفُ على الأخفى ) منها؛ لأن الأول أفضى إلى مقصود التعريف من الثاني ( والذاتيُّ على العرضيِّ ) لأن التعريف بالأول يفيد كنه الحقيقة بخلاف الثاني، قال العلامة العطار: قوله والذاتي أي باعتبار المعتبر، وليس المراد الذاتي حقيقة؛ لأن هذه الأمور اصطلاحية. اهـ حاشية العطار على الجمع ( والصريحُ ) من اللفظ على غيره بتجوّز أو اشتراك لتطرق الخلل إلى التعريف بالثاني ( وكذا ) يرجح ( الأَعمُّ ) على الأخصّ مطلقا ( في الأصحِّ ) لأن التعريف بالأعم أفيد لكثرة المسمى فيه، وقيل: عكسه أخذا بالمحقق في المحدود، أما الأعم والأخص من وجه فالظاهر فيهما التساوي، ولا يخفى أنه في المنطق لا بد من التساوي بين الحد والمحدود عموما وخصوصا ( و ) يرجح ( موافقُ نقلِ السمعِ واللغةِ ) لأن التعريف بما يخالفهما إنما يكون لنقل عنهما والأصل عدمه ( و ) يرجح ( ما ) أي الحد الذي ( طريقُ اكتسابِهِ أرجَحُ ) من طريق اكتساب حدّ آخر؛ لأن الظن بصحته أقوى منه بصحة الآخر، إذْ الحدود السمعية مأخوذة من النقل وطرق النقل تقبل القوّة والضعف ( والمرجِّحاتُ لا تنحصِرُ ) فيما ذكر هنا ( ومثارُها ) أي ضابطها ( غلبةُ الظنِّ ) أي قوّته وسبق كثير منها فلم نعده، منه تقديم بعض مفاهيم المخالفة على بعض، وبعض ما يخل بالفهم على بعض كالمجاز على الاشتراك، وتقديم المعنى الشرعي على العرفي، والعرفي على اللغوي في خطاب الشارع، ومن غير ما سبق: أرجحية ما يرجح به من التقديم بالتزكية بالحكم بشهادة الراوي على التزكية بالعمل بروايته، وتقديم من علم أنه عمل برواية نفسه على من علم أنه لم يعمل أو لم يعلم أنه عمل.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مثاله: إذا تنازعنا في أن يد السوم لِمَ توجب الضمان ؟- أي في المستام وهو الطالب شراء السلعة إذا أخذها من البائع فتلفت في يده-.
فقال الشافعي: علته أنه أخذٌ لغرض نفسه من غير استحقاق وعداه إلى المستعير فيضمن.
فقال الحنفي: بل علته أنه أخذٌ للتملك أي فلا يتعدى إلى المستعير.
فيشهد للشافعي في علته: يد الغاصب، ويد المستعير من الغاصب فإن يدهما يد ضمان.
ولا يشهد للحنفي إلا أصل واحد وهو يد السوم.
التمثيل به لترجيح ذات أصلين على ذات أصل واحد مشكل ذلك أن علة كل من الطرفين صالحة للتعليل بها في صورة النزاع وهي السوم فإما أن يكون من حق كل منهما جعل السوم أصلا له أو ليبحثا عن الأصول من الخارج
فعلى الأول للشافعي ثلاثة أصول: الغصب والإعارة والسوم وللحنفي أصل واحد وهو السوم
وعلى الثاني للشافعي أصلان: الغصب والإعارة وليس للحنفي شيء .
على أن هذا المثال في الأصل للإمام الغزالي في "المستصفى" وفي بعض نسخها "الرهن" بدلا من "السوم"
فيكون للشافعي أصلان: الغصب والإعارة وللحنفي أصل واحد هو الرهن.
فإيماءٌ فسبرٌ فمناسبةٌ فشَبَهٌ فدورانٌ
والباعثةُ على الأمارةِ المطّردةِ المنعكسةِ
في المخطوط بإثبات الواو "والمطردة المنعكسة" وهو أقرب لحله في الشرح
ذات المناسبة الظاهرة
لأن استعمالتها أكثر فهي أفيد
ورجحان السير على المناسبة
بين الحد والمحدود عموما وخصوصا
إنما يكون لنقل عنهما والأصل عدمه
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثالث والثلاثون بعد المائة- الاجتهاد والتقليد

الاجتهاد


أولا: الاجتهاد: استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل الظن بالحكم. بأن يبذل تمام طاقته في نظره في الأدلة بحيث تحس النفس بالعجز عن المزيد عليه.
والمجتهد هو الفقيه، والفقيه هو المجتهد، هذا هو الأصل ثم صار بعد ذلك يستعمل في فقهاء المذاهب غير المجتهدين.
وهو: البالغ العاقل فقيه النفس العارف بالدليل العقلي ذو الدرجة الوسطى عربية وأصولا ومتعلَّقا للأحكام من كتاب وسنة.
فالبالغ يخرج غيره لأنه لم يكتمل عقله حتى يعتبر رأيه، والعاقل يخرج المجنون، وقد اختلف العلماء في تفسير العقل: فقيل هو: ملكة يدرك بها المعلوم أي القوة النفسية التي يدرك بها الأشياء، فالعاقل هو: صاحب تلك الملكة، وقيل: العقل هو: نفس الإدراك ضروريا كان أو نظريا لا القوة التي يدرك بها، وقيل: العقل هو: إدراك العلم الضروري فقط، واستدرك بعضهم قائلا هو: إدراك بعض العلم الضروري، لكي لا يخرج أن يكون عاقلا من فقد الإدراك لبعض العلوم الضرورية كمن فقد حسا من حواسه الخمس، ولذا قالوا: من فقد حسا فقد علما.
وقولنا: فقيه النفس أي شديد الفهم بالطبع لمقاصد الكلام أي صار الفقه له سجية ملازمة لة وملكة قائمةبها يستطيع بواسطتها استنباط الأحكام، وقد اختلف العلماء فيمن أنكر القياس الذي هو باب الاجتهاد الأكبر هل يكون مجتهدا ؟ والصحيح أنه يكون مجتهدا، وقيل: لا يكون، وقيل: إن أنكر القياس الجلي لا يعتبر بخلاف الخفي.
وقولنا: العارف بالدليل العقلي أي بالبراءة الأصلية فيتمسك بها إلى أن يصرف عن ذلك صارف شرعي.
وقولنا: ذو الدرجة الوسطى عربية أي من نحو وصرف ومعان وبيان ولا يشترط التبحر فيها.
وقولنا: وأصولا أي أصول الفقه، وقولنا: متعلَّقا للأحكام أي ما تتعلق الاحكام به بدلالته عليها من كتاب وسنة، ولا يشترط الحفظ لنصوص الكتاب والسنة، كما لا يشترط في كونه صاحب درجة وسطى في النحو والصرف والمعاني والبيان والأصول أن يحفظ متنا لها ما دام عارفا بالمسائل.
ثانيا: يشترط لتحقق اجتهاد المجتهد ستة شروط هي:
1- كونه خبيرا بمواقع الإجماع وإلا فقد يخرقه بمخالفته له وخرقه حرام.
2- كونه خبيرا بالناسخ والمنسوخ ليقدم الأول على الثاني.
3- كونه خبيرا بأسباب نزول الآيات وأسباب ورود الاحاديث؛ فإن ذلك مما يعين على فهم المراد منها.
4- كونه خبيرا بالمتواتر والآحاد من الأخبار.
5- كونه خبيرا بالصحيح وغيره من حسن وضعيف.
6- كونه خبيرا بأحوال الرواة. ويكفي في زماننا الرجوع إلى كتب الأئمة من المحدثين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم فيعتمد في التعديل والتجريح قولهم.
ولا يشترط معرفة علم الكلام ولا تفاريع الفقه لأنها ثمرة الاجتهاد وكذا لا يشترط الذكورة والحرية، وكذا العدالة في الأصح فيجوز أن يكون الفاسق مجتهدا.
ويجب على المجتهد أن يبحث عما يعارض دليله من ناسخ أو مقيد أو مخصص أو غيرها. كما يجب أن يبحث عن اللفظ الوارد هل معه قرينة تعين المراد منه أو تصرفه عن ظاهرة؛ ليسلم ما يستنبطه من تطرق الخلل والخدش فيه.
( شرح النص )​
الكتابُ السابِعُ في الاجتهادِ وما معَهُ

الاجتهادُ استفراغُ الفقيهِ الوسعَ لتحصيلِ الظنِّ بالحكمِ، والمجتهدُ الفقيهُ وهوَ: البالِغُ العاقِلُ أي ذو ملكةٍ يُدرِكُ بها المعلومُ فالعقلُ الملكةُ في الأصحِّ فقيهُ النفسِ وإنْ أنكرَ القياسُ العارِفُ بالدليلِ العقليِّ ذو الدَّرجةِ الوسطى عربيةً وأصولًا ومتعلَّقًا للأحكامِ من كتابٍ وسنَّةٍ وإنْ لم يحفظْ متنًا لها، ويعتبرُ للاجتهادِ كونُهُ خبيرًا بمواقِعِ الإجماعِ والنَّاسِخِ والمنسوخِ وأسبابِ النزولِ والمتواترِ والآحادِ والصحيحِ وغيرِهِ وحالِ الرواةِ ويكفي في زمنِنا الرجوعُ لأئمةِ ذلكَ، ولا يعتبرُ علمُ الكلامِ وتفاريعُ الفقهِ والذكورةُ والحريّةُ وكذا العدالةُ في الأصحِّ وليبحثْ عنِ المعارِضِ.
...................................................................
( الكتابُ السابِعُ في الاجتهادِ ) المراد عند الإطلاق أعني الاجتهاد في الفروع باستنباطها من أدلتها التفصيلية فخرج مجتهد المذهب والفتيا وسيأتي بيانهما والقصد أن الاجتهاد ينصرف عند الإطلاق إلى المجتهد المطلق ( وما معَهُ ) من التقليد وأدب الفتيا وعلم الكلام المفتتح بمسألة التقليد في أصول الدين المختتم بما يناسبه من خاتمة التصوّف ( الاجتهادُ ) لغة افتعال من الجهد بالفتح والضم وهو الطاقة والمشقة واصطلاحا ( استفراغُ الفقيهِ الوسعَ ) بأن يبذل تمام طاقته في نظره في الأدلة ( لتحصيلِ الظنِّ بالحكمِ ) أي من حيث إنه فقيه فلا حاجة إلى قول ابن الحاجب شرعي، فخرج استفراغ غير الفقيه واستفراغ الفقيه لتحصيل قطع بحكم عقلي، والفقيه في الحد بمعنى المتهيىء للفقه مجازا شائعا، ويكون بما يحصله فقيها حقيقة، ولذا قال كالأصل ( والمجتهدُ الفقيهُ ) كما قالوا الفقيه المجتهد لأن ما صدقهما واحد ( وهوَ ) أي المجتهد أو الفقيه الصادق به ( البالِغُ ) لأن غيره لم يكمل عقله حتى يعتبر قوله ( العاقِلُ ) لأن غيره لا تمييز له يهتدى به لما يقوله حتى يعتبر ( أي ذو ملكةٍ ) أي هيئة راسخة في النفس ( يُدرِكُ بها المعلومُ ) أي ما من شأنه أن يعلم ( فالعقلُ ) هو هذه ( الملكةُ في الأصحِّ ) وقيل: هو نفس العلم أي الإدراك ضروريا كان أو نظريا، وقيل هو العلم الضروري فقط، وبعضهم عبر ببعض العلوم الضرورية وهو الأولى، لئلا يلزم أن من فقد العلم بمدرك لعدم الإدراك غير عاقل كم فقد البصر فقد فقد الإدراك بالألوان مثلا ( فقيهُ النفسِ ) أي شديد الفهم بالطبع لمقاصد الكلام، لأن غيره لا يتأتى منه الاستنباط المقصود بالاجتهاد ( وإنْ أنكرَ القياسُ ) فلا يخرج بإنكاره عن فقاهة النفس، وقيل يخرج فلا يعتبر قوله، وقيل لا يخرج إلا الجليّ فيخرج بإنكاره لظهور جموده ( العارِفُ بالدليلِ العقليِّ ) أي البراءة الأصلية والتكليف به في الحجية، كما مر أن استصحاب العدم الأصلي حجة فيتمسك به إلى أن يصرف عنه دليل شرعي ( ذو الدَّرجةِ الوسطى عربيةً ) من لغة ونحو وصرف ومعان وبيان، وإن كان أقسام العربية أكثر من ذلك كالعروض والقوافي( وأصولًا ) للفقه ( ومتعلَّقًا للأحكامِ ) بفتح اللام أي ما تتعلق هي به بدلالته عليها ( مِن كتابٍ وسنَّةٍ وإن لم يحفظْ ) أي المتوسط في هذه العلوم ( متنًا لها ) وذلك ليتأتى له الاستنباط المقصود بالاجتهاد، أما علمه بآيات الأحكام وأخبارها أي مواقعها وإن لم يحفظها فلأنها المستنبط منه، وأما علمه بالأصل فلأنه يعرف به كيفية الاستنباط وغيرها مما يحتاج إليه فيه، وأما علمه بالباقي فلأنه لا يفهم المراد من المستنبط منه إلا به، لأنه عربي بليغ ( ويعتبرُ للاجتهادِ ) لا ليكون صفة للمجتهد أي أن ما سبق هو بيان الصفات التي يجب توفرها فيمن يصح أن يوصف بأنه مجتهد وأما هنا فبيان ما يجب توفره للاجتهاد بالفعل فتأمل ( كونُهُ خبيرًا بمواقِعِ الإجماعِ ) وإلا فقد يخرقه بمخالفته وخرقه حرام كما مرّ لا عبرة به، ولا يشترط حفظ مواقعه، بل يكفي أن يعرف أن ما استنبطه ليس مخالفا للإجماع بأن يعلم موافقته لعالم أو يظن أن واقعته حادثة لم يسبق فيها لأحد من العلماء كلام ( والنَّاسِخِ والمنسوخِ ) لتقدم الأول على الثاني لأنه إذا لم يكن خبيرا بهما قد يعكس فيقدم المنسوخ على الناسخ فى العمل ( وأسبابِ النزولِ ) إذ الخبرة بها ترشد إلى فهم المراد ( والمتواترِ والآحادِ ) لتقدم الأول على الثاني، لأنه إذا لم يكن خبيرا بهما قد يعكس فيقدم الآحاد على المتواتر وهو لايجوز ( والصحيحِ وغيرِهِ ) من حسن وضعيف ليقدم كلا من الأولين على ما بعده، لأنه إذا لم يكن خبيرا بذلك قد يعكس فيقدم الضعيف على الصحيح والحسن في القبول ( وحالِ الرواةِ ) في القبول والرد ليقدم المقبول على المردود مطلقا، والأكبر والأعلم من الصحابة على غيرهما في متعارضين، لأنه إذا لم يكن خبيرا بذلك قد يعكس ( ويكفي ) في الخبرة بحال الرواة ( في زمنِنا الرجوعُ لأئمةِ ذلكَ ) من المحدثين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم، فيعتمد عليهم في التعديل والتجريح لتعذرهما في زمننا إلا بواسطة، وهم أولى من غيرهم، والمراد بخبرته بالمذكورات خبرته بها في الواقعة المجتهد فيها لا في جميع الوقائع ( ولا يعتبرُ ) لا في الاجتهاد ولا في المجتهد ( علمُ الكلامِ ) لإمكان استنباط من يجزم بعقيدة الإسلام تقليدا كما يعلم مما سيأتي ( و ) لا ( تفاريعُ الفقهِ ) لأنها إنما تمكن بعد الاجتهاد فكيف تعتبر فيه ( و ) لا ( الذكورةُ والحرّيةُ ) لجواز أن يكون للنساء قوّة الاجتهاد وإن كنّ ناقصات عقل، وكذا العبيد بأن ينظروا حال التفرغ من خدمة السادة ( وكذا العدالةُ ) لا تعتبر فيه ( في الأصحِّ ) لجواز أن يكون للفاسق قوّة الاجتهاد، وقيل: يعتبر ليعتمد على قوله، وتعقب بأنه لا تخالف بين القولين إذ اعتبار العدالة لاعتماد قوله لا ينافي عدم اعتبارها لاجتهاده، إذ الفاسق يعمل باجتهاد نفسه، وإن لم يعتمد قوله اتفاقا، ويجاب بأن العدالة اعتبرت بالنسبة لغير المفتي، أما المفتي فيعتبر فيه العدالة قطعا لأنه أخص فشرطه أغلظ ( وليبحثْ عن المعارِضِ ) كالمخصص والمقيد والناسخ، والقرينة الصارفة للفظ عن ظاهره ليسلم ما يستنبطه من تطرق الخدش إليه لو لم يبحث، وهذا أولى لا واجب ليوافق ما مر من أنه يتمسك بالعام قبل البحث عن المخصص على الأصح، ومن أنه يجب اعتقاد الوجوب بصيغة افعل قبل البحث عما يصرفها عنه وزعم الزركشي ومن تبعه أنه واجب، وأنه لا يخالف ما مر، لأن ذاك في جواز التمسك بالظاهر المجرد عن القرائن، والكلام هنا في اشتراط معرفة المعارض بعد ثبوته عنده بقرينه.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

التمثيل به لترجيح ذات أصلين على ذات أصل واحد مشكل ذلك أن علة كل من الطرفين صالحة للتعليل بها في صورة النزاع وهي السوم فإما أن يكون من حق كل منهما جعل السوم أصلا له أو ليبحثا عن الأصول من الخارج
فعلى الأول للشافعي ثلاثة أصول: الغصب والإعارة والسوم وللحنفي أصل واحد وهو السوم
وعلى الثاني للشافعي أصلان: الغصب والإعارة وليس للحنفي شيء .
على أن هذا المثال في الأصل للإمام الغزالي في "المستصفى" وفي بعض نسخها "الرهن" بدلا من "السوم"
فيكون للشافعي أصلان: الغصب والإعارة وللحنفي أصل واحد هو الرهن.
طيب فالإشكال وارد عليهم وليس علي كشارح لكلامهم ماذا تقترح هل نعدل المثال إلى الرهن وكيف نقرره برأيك؟
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

طيب فالإشكال وارد عليهم وليس علي كشارح لكلامهم ماذا تقترح هل نعدل المثال إلى الرهن وكيف نقرره برأيك؟
لا أدري
كتبت ذلك أملا أن أجد عندكم - حفظكم المولى - ما يدفع الإيراد
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

لا أدري
كتبت ذلك أملا أن أجد عندكم - حفظكم المولى - ما يدفع الإيراد
أنا نظرت في عجل هكذا: زيد يقول علة أ هو كذا وعمرو يقول هو كذا.
فزيد يقول يشهد لي ب وج، وعمرو يقول يشهد لي د.
هكذا هي صورة المسألة وهنا كما بيّنتَ حفظك الله أن المسألة ليست كذلك فلا يصلح أ الذي هو محل النزاع أن يشهد لعمرو أو زيد.
بما أن الإشكال وارد على كلام العلماء ولا جواب الآن فلنبقه على وضعه إلى أن يتأتى لنا تحقيقه إن شاء الله.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,648
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الرابع والثلاثون بعد المائة- الاجتهاد والتقليد

مجتهد المذهب وغيره


أولا: المجتهد المطلق هو من تقدم بيان حاله وثمة أنواع أخرى من المجتهدين ينتسب فيها صاحبها إلى مذهب المجتهد المطلق وهم:
1- مجتهد المذهب وهو: مَن كان قادرا على تخريج الوجوه على نصوص إمامه أو استنباطها من نصوص الشارع.
والوجوه هي: الأحكام التي يبديها على نصوص إمامه، ومعنى تخريج الوجوه على النصوص استنباطها منه، فيقوم بما يلي:
أ- استنباط ما سكت عنه إمامه بقياسه على ما نصّ عليه إمامه حين يجد فيها معنى ما نص عليه إمامه، سواء نص إمامه على ذلك المعنى أو استنبطه هو من كلامه.
ب- استخراج حكم المسكوت عنه من عموم أو قاعدة قررها الإمام.
ج- استنباط ما سكت عنه إمامه من نصوص الشارع مباشرة، لكن يتقيدون في استنباطهم منها بالجري على طريقة إمامهم في الاستدلال ومراعاة قواعده وشروطه فيه، وبهذا يفارقون المجتهد المطلق فإنه لا يتقيد بطريق غيره، ولا بمراعاة قواعده وشروطه فيه.
2- مجتهد الفتيا وهو: المتبحر في مذهب إمامه المتمكن من ترجيح قول على آخر من أقوال إمامه، أو وجه للأصحاب على آخر.
وهنا بحث مهم وهو: أن مجتهد الفتيا قد يستنبط من نصوص الشارع أيضا، لكن يتقيد بطريقة إمامه كما هو معلوم من تتبع أحوال من عدوهم من مجتهدي الفتيا كالنووي، بل قد يقع ذلك لمن هو دون مجتهد الفتيا كما يعلم من أحوال المتأخرين، وحملوا هذا على أنه اجتهاد مذهبي جزئي في بعض المسائل. أفاده المحقق العبادي في الآيات.
( ومنه يعلم أن ضبط مذهب لا سيما مذهب الحبر الإمام أبي عبد الله الشافعي القرشي -رحمة الله تعالى عليه- مع التجهز بعلوم الآلة والانشغال بأدلة الوحيين هو بوابة الاجتهاد الصحيح الذي جرى عليه الأئمة الأعلام ). تأمل يرحمك الله.
أما ضبط مسائل المذهب مع القصور في تقرير الأدلة هو من محض التقليد الذي ليس من الاجتهاد في شيء كما قرروه.
ثانيا: الصحيح جواز تجزئ الاجتهاد؛ فيجوز لمن له ملكة أن يجتهد في بعض المسائل الفقهية أو في بعض الأبواب.
ثالثا: اختلف الأصوليون هل يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالاجتهاد فيما لا نصّ فيه أو لا يجوز ؟
قال بعضهم: لا يجوز، وإذا عرضت له واقعة انتظر الوحي.
وقال آخرون يجوز، بل قد وقع.
وإذا قلنا: إنه صلى الله عليه وسلم يجتهد فهل يمكن أن يخطئ في اجتهاده ؟
قال بعضهم: لا يخطئ، وقال آخرون: يجوز أن يخطئ، ولكن الله سبحانه ينبهه على ذلك، ولا يقره على الخطأ.
والأصح جواز ووقوع الاجتهاد من الصحابة في زمنه صلى الله عليه وسلم.

( شرح النص )​

ودونَهُ مجتهِدُ المذهَبِ وهوَ: المتمكِّنُ مِن تخريجِ الوجوهِ على نصوصِ إمامِه، ودونَهُ مجتهِدُ الفتيا وهوَ المتبَحِّرُ المتمَكِّنُ مِن ترجيحِ قولٍ على آخرَ، والأصحُّ جوازُ تجزّئِ الاجتهادِ في بعضِ الأبوابِ، وجوازُ الاجتهادِ للنبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ووقوعُهُ، وأنَّ اجتهادَهُ لا يخطئُ، وأن الاجتهادَ جائزٌ في عصرِهِ وأنَّه وقَعَ.
.........................................................................
( ودونَهُ ) أي دون المجتهد المتقدم وهو المجتهد المطلق ( مجتهِدُ المذهَبِ وهوَ: المتمكِّنُ مِن تخريجِ الوجوهِ ) التي يبديها ( على نصوصِ إمامِه ) في المسائل ( ودونَهُ ) أي دون مجتهد المذهب ( مجتهِدُ الفتيا وهوَ المتبَحِّرُ ) في مذهب إمامه ( المتمَكِّنُ مِن ترجيحِ قولٍ ) له ( على آخرَ ) أطلقهما ( والأصحُّ جوازُ تجزّئِ الاجتهادِ ) بأن يحصل لبعض الناس قوة الاجتهاد ( في بعضِ الأبوابِ ) كالفرائض بأن يعلم أدلته وينظر فيها، وقيل: يمتنع لاحتمال أن يكون فيما لم يعلمه من الأدلة معارض لما علمه بخلاف من أحاط بالكل ونظر فيه، وردّ بأن هذا الاحتمال بعيد ( و ) الأصح ( جوازُ الاجتهادِ للنبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ووقوعُهُ ) لقوله تعالى: ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض. وقوله: عفا الله عنك لم أذنت لهم. عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك، والعتاب لا يكون فيما صدر عن وحي، فيكون عن اجتهاد، وقيل: غير جائز له لقدرته على اليقين بالتلقي من الوحي بأن ينتظره، وردّ بأن إنزال الوحي ليس في قدرته، وقيل جائز له وواقع في الآراء والحروب دون غيرهما جمعا بين الأدلة السابقة ( و ) الأصح ( أنَّ اجتهادَهُ ) صلى الله عليه وسلم ( لا يخطئُ ) تنزيها لمنصب النبوّة عن الخطأ في الاجتهاد، وقيل قد يخطىء لكن ينبه عليه سريعا لما مرّ في الآيتين، ويجاب بأن التنبيه فيهما ليس على خطأ بل على ترك الأولى إذ ذاك ( و ) الأصح ( أنَّ الاجتهادَ جائزٌ في عصرِهِ ) صلى الله عليه وسلّم، وقيل: لا للقدرة على اليقين في الحكم بتلقيه منه صلى الله عليه وسلّم، وردّ بأنه لو كان عنده وحي في ذلك لبلغه للناس، وقيل: جائز بإذنه، وقيل: جائز للبعيد عنه دون القريب لسهولة مراجعته، وقيل: جائز للولاة حفظا لمنصبهم عن استنقاص الرعية لهم لو لم يجز لهم بأن يراجعوا النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فيما وقع لهم بخلاف غيرهم ( و ) الأصح على الجواز ( أنَّه وقَعَ ) لأنه صلى الله عليه وسلّم حكّم سعد بن معاذ في بني قريظة فقال: تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم. فقال صلى الله عليه وسلّم: لقد حكمت بحكم الله. رواه الشيخان. وقيل: لم يقع للحاضر في قطره صلى الله عليه وسلّم بخلاف غيره، وقيل: بالوقف عن القول بالوقوع وعدمه.
 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ملازمة لة وملكة قائمةبها
أو تصرفه عن ظاهرة؛ ليسلم
يُدرِكُ بها المعلومُ فالعقلُ
وإنْ أنكرَ القياسُ
كمن فقد البصر فَقَدْ فقد الإدراك
معرفة المعارض بعد ثبوته عنده بقرينه.
وهنا بحث مهم وهو: أن مجتهد الفتيا قد يستنبط من نصوص الشارع أيضا، لكن يتقيد بطريقة إمامه كما هو معلوم من تتبع أحوال من عدوهم من مجتهدي الفتيا كالنووي، بل قد يقع ذلك لمن هو دون مجتهد الفتيا كما يعلم من أحوال المتأخرين، وحملوا هذا على أنه اجتهاد مذهبي جزئي في بعض المسائل.أفاده المحقق العبادي في الآيات.
هل معنى هذا أنها تنسب للمذهب؟
ثم إن قلنا تنسب فهل تعد وجوها أو ماذا؟
وإن قلنا لا تنسب فهل تعد اختيارات خارج المذهب؟
وإذا عدت اختيارات فالذي يظهر أن تعد من الاجتهاد الجزئي المطلق دون المذهبي ؟

الصحيح جواز تجزئ الاجتهاد
ذكروا شروط المجتهد - البالِغُ العاقِلُ فقيهُ النفسِ العارِفُ بالدليلِ العقليِّ ذو الدَّرجةِ الوسطى عربيةً وأصولًا ومتعلَّقًا للأحكامِ من كتابٍ وسنَّةٍ - فما الشرط منها لا يضر تخلفه في الاجتهاد الجزئي ؟
 
أعلى