العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الفوائد المقتطفة من المذكرة المطولة في فقه الجنايات للشبيلي

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفوائد المقتطفة
من المذكرة المطولة
في فقه الجنايات
للشبيلي


فوائد من مذكرة فقه الجنايات للشبيلي:
يختلف الفقهاء المتقدمين عن القانونيين والمعاصرين في تناول كتاب الجنايات والقصاص
فالفقهاء المتقدمون يقسمون هذا الكتاب إلى قسمين:
1- كتاب الجنايات: وهو التعدي الواقع على الإنسان وأعضائه ومنافعه.
2- كتاب الحدود: وهي أفعال محرمة لحق الله كالزنا وشرب الخمر والسرقة
أما القانونيون فإنهم يتناولون هذا الباب بتقسيمه إلى قسمين:
1- الجرائم.
2- العقوبات.
..........................
ذكر الشيخ يوسف الشبيلي مناسبة ترتيب الأبواب الفقهية ص 3
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المالكية يعنونون للجنايات بكتاب: "الدماء والقصاص"

الجناية بمعناها العام عرفها ابن قدامة في المغني بقوله: هي كل فعل عدوان على نفس أو مال.
أدق تعاريف المذاهب الفقهية للجنايات هو تعريف الحنابلة وهو قولهم: التعدي على بدن الإنسان بما يوجب قصاصا أو مالا.
التعدي: هو مجاوزة الحق.
وهذا القيد يخرج الإتلاف المشروع مثل القصاص والدفاع عن النفس
وبهذا نعلم أن القتل ينقسم إلى قسمين:
قتل بحق: وهو القتل غير المضمون :
1- كالقتل قصاصا.
2- أو حدا.
3- أو دفاعا عن النفس.
4- وقتل العادل الباغي.
5- ويلحق به أيضا من حيث عدم الضمان قتل الباغي العادل.
، فجميع هذه الأنواع لا يترتب عليها قصاص ولا دية ولا كفارة ولا حرمان من إرث ولا وصية.
قتل بغير حق: وهو الجريمة الجنائية: ويترتب على هذا النوع أحكام الجناية.
.......................

التعدي والاعتداء بمعنى واحد.
وقيل بالفرق: فمن الاعتداء ما هو مشروع استدلالا بقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
والصحيح أنه لا فرق: فقد جاء النهي عن الاعتداء "ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين"
وإنما تشرع هذه الأعمال: إذا لم تكن على سبيل الإبتداء وإنما على سبيل المجازاة
خرج بقيد " على بدن": الاعتداء على الأعراض والممتلكات فلا يسمى جناية.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
التعدي على الأبدان على نوعين:
النوع الأول: الاعتداء على النفس
النوع الثاني: الاعتداء على ما دون النفس.
الاعتداء على النفس على ثلاثة أنواع:
1- القتل العمد.
2 - القتل شبه العمد.
3- القتل الخطأ.
التعدي على ما دون النفس يشمل على ثلاثة أنواع:
1- الشجاج والجراح.
2- إتلاف المنافع.
3- إتلاف الأعضاء.
خرج بقيد "الإنسان" التعدي على الحيوان والجماد فإنه لا يسمى جناية وإنما هو من باب الضمان.
قيد " بما يوجب قصاصا أو مالا "
الجريمة الجنائية إما أن توجب قصاصا أو مالا:
قصاصا: الجناية العمدية سواء كانت على النفس أو ما دونها.
مالاً: وهو الدية وذلك في حالة الخطأ أو شبه العمد أو العمد إذا عفا ولي القصاص.

وخرج بهذا القيد: الحدود فهي لا توجب قصاصا ولا مالا وإنما توجب الرجم أو الجلد أو القطع.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرق بين الجناية والجريمة في الاصطلاح الشرعي:
لفظ الجريمة في الاصطلاح الشرعي مرادف للفظ الجناية بمعناها العام ، فكلاهما بمعنى الذنب والخطيئة ، فمن ذلك قول الله تعالى : " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ".

أما لفظ الجناية بمعناه الخاص: فبينه وبين لفظ الجريمة عموم وخصوص مطلق ، إذ الجناية يقصد ﺑﻬا –على هذا المعنى - الجريمة العدوانية على بدن
الإنسان ، فهي أخص من مطلق الجريمة.
................
قال أبو فراس:
إذاً هناك ثلاث إطلاقات للجريمة:
1- الإطلاق اللغوي.
2- الإطلاق الشرعي.
3- الإطلاق الاصطلاحي.
يتفق الإطلاق اللغوي والشرعي للجريمة في المعنى: فكلاهما بمعنى الذنب والخطيئة.
ينفرد الإطلاق الاصطلاحي بمعنى خاص: وهو الجريمة العدوانية على بدن الإنسان.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الفرق بين الجناية والجريمة في القانون الوضعي :
يختلف معنى الجريمة في القوانين الوضعية عن معنى الجناية ، إذ تقسم الجريمة في كثير من القوانين إلى مراتب ، ولكل مرتبة مصطلح خاص، فأعلى تلك المراتب الجناية إذ يقصد ﺑﻬا الجريمة الجسيمة دون غيرها ، ثم يليها الجنحة ثم المخالفة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو فراس:
إذن الجناية في القانون الوضعي هي أعلى مراتب الجريمة، فالجريمة مراتب أعلاها الجناية.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تنقسم الجرائم باعتبارات متعددة :
أ- فمن حيث العقوبة المترتبة عليها تنقسم إلى :
-1 القصاص والدية ( العقوبة الجنائية )
-2 والحدود
-3 والتعازير
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
ب_ ومن حيث قصد الجاني تنقسم الجرائم إلى :
1 الجرائم المقصودة : وهي التي يتعمد فيها الجاني إتيان الفعل المحرم .
-2 الجرائم غير المقصودة : وهي التي تصدر من الجاني على سبيل الخطأ .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
التعدي على الأبدان على نوعين:
1- الاعتداء على النفس.
2- الاعتداء على ما دون النفس.

الاعتداء على النفس على ثلاثة أنواع:
1- القتل العمد.
2- القتل شبه العمد.
3- القتل الخطأ.

التعدي على ما دون النفس يشمل على ثلاثة أنواع:
1- الشجاج والجراح.
2- إتلاف المنافع.
3- إتلاف الأعضاء.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة أن القتل على ثلاثة أنواع.
الحنفية يقسمون القتل الخطأ إلى قسمين :
1- قتل خطأ.
2-ما جرى مجرى الخطأ .
وعلى هذا فتكون أقسام القتل عندهم أربعة ، وذهب إلى مثل ذلك بعض الحنابلة.
وبعض الحنفية يضيف إلى أقسام الخطأ قسمًا ثالثًا:
3- وهو القتل بالتسبب.
وعلى هذا فتكون الأقسام عندهم خمسة .
ويرى بعض أهل العلم أن هذه التقسيمات اصطلاحية والخلاف في كوﻧﻬا ثلاثة أو أربعة أو خمسة خلاف لفظي لايترتب عليه
حكم ، لأن النتيجة في النهاية واحدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موجب قتل الخطأ ثلاثة أمور :
-1 الدية المخففة.
-2 الكفارة.
-3 الحرمان من الميراث على المشهور من المذهب .
سواء كان ذلك خطأ محضًا أو جاريًا مجرى الخطأ ، وسواء كان بالمباشرة أو التسبب.

وموجب قتل شبه العمد أربعة أمور :
-1 الإثم.
-2 الدية المغلظة من بعض الأوجه.
3 - الكفارة .
-4 الحرمان من الميراث باتفاق المذاهب الأربعة.

وموجب قتل العمد ثلاثة أمور :
-1 الإثم.
-2 - القصاص ، أو الدية المغلظة ، أو المصالحة .
-3 الحرمان من الميراث إجماعًا إلا ما يحكى عن ابن المسيب وابن جبير وقول الخوارج بأنه لا يمنع ، وهو قول شاذ.
ولاتجب فيه كفارة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المرداوي في الإنصاف :
قال الزركشي: ولا نزاع أنه باعتبار الحكم الشرعي لا يزيد على ثلاثة أوجه:
1- عمد وهو ما فيه القصاص أو الدية.
2- و شبه العمد وهو ما فيه دية مغلظة.
3- وخطأ وهو ما فيه دية مخففة.
انتهى.
قلت ( القائل هو المرداوي ) :
الذي نظر إلى الأحكام المترتبة على القتل جعل الأقسام ثلاثة والذي نظر إلى الصور فهي أربعة بلا شك.

فالخلاف إذًا بين أصحاب هذا القول لفظي ، والخلاف الحقيقي مع قول المالكية الآتي .
وعند التحقيق: فإن الخلاف في كون القتل الخطأ قسمًا واحدًا أو اثنين أو ثلاثة لا يترتب عليه اختلاف في الحكم الشرعي عند الحنابلة ، وكذلك عند الأحناف بالنسبة لتقسيم القتل الخطأ إلى قتل خطأ محض ، وقتل يجري مجرى الخطأ ، فإن أحكامهما واحدة عندهم .
أما تقسيم القتل الخطأ عند الحنفية إلى قتل بالمباشرة وقتل بالتسبب فهذا ليس صوريًا إذ يترتب عليه اختلاف في الحكم ،
فالقتل بالمباشرة: فيه الكفارة والحرمان من الميراث.
بخلاف القتل بالتسبب: فلا كفارة فيه ولا يحرم المتسبب من الميراث على المشهور من المذهب الحنفي

القتل الخطأ عند الأحناف ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1 - قتل خطأٍ محض بالمباشرة.
2- قتل بالمباشرة يجري مجرى الخطأ.
فهذان القسمان لا يختلفان في الأحكام ففيهما الدية المخففة والكفارة والحرمان من الميراث.

3 - قتل بالتسبب :وهذا فيه الدية دون الكفارة ولا يحرم القاتل من الميراث.
والصحيح أن حكم القتل بالتسبب كالمباشرة

القول الثاني :
وهو المشهور من مذهب المالكية ، وهو أن القتل على نوعين فقط :
1- عمد
2- وخطأ
وليس ثمة شبه عمد ، فهم يجرون أحكام القتل العمد على القتل شبه العمد .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
القتل: هو إزهاق الروح بغير حق .

وينقسم إلى :
1 - إزهاق الإنسان لنفسه .
2 - إزهاق الإنسان لغيره .
نفس الانسان ليست ملكًا له وإنما هي ملك لخالقها وموجدها ، وهي أمانة عند صاحبها ، ولهذا لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه أو يغرر ﺑﻬا في غير مصلحة شرعية ، ولا أن يتصرف بشيء من أجزائها إلا بما يعود عليها بالنفع.
----------
أدلة تحريم القتل:
قال ابن العربي في تفسير هذه الآية : "قوله { ولا تقتلوا أنفسكم } : فيه ثلاثة أقوال :
الأول : لا تقتلوا أهل ملتكم .
الثاني : لا يقتل بعضكم بعضا .
الثالث : لا تقتلوا أنفسكم بفعل ما ﻧﻬيتم عنه قاله الطبري والأكثر من العلماء .
ثم قال - أي ابن العربي - :
وكلها صحيح والذي يصح عندي أن معناه : ولا تقتلوا أنفسكم بفعل ما ﻧﻬيتم عنه ، فكل ذلك داخل تحته.
-----------------
وذكر الإمام القرطبي: أن أهل العلم أجمعوا على أن المراد ﺑﻬذه الآية النهي عن أن يقتل الناس بعضهم بعضا ،وأن يتناول الرجل نفسه بالقتل .
ويدل على هذا المعنى: ما روى عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذ ات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكروا ذلك له فقال:
يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟
فقلت: ذكرت قول الله تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فتيممت ثم صليت.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل شيئا " أخرجه البخاري تعليقا ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدليل الثاني: على تحريم القتل:
قوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )
أي لاتلقوا أيديكم في التهلكة ، فالباء في " بأيديكم " زائدة ، التقدير تلقوا أيديكم ، ونظيره : " ألم يعلم بأن الله يرى " ، والمراد
بالأيدي هنا الأنفس ، أي ولا تلقوا أنفس كم إلى التهلكة ، وعبر بالأيدي عن الأنفس ، لأن أكثر أفعال النفس بالأيدي كقول الله تعالى : ( ذلك بما قدمت يداك )
وقيل : تقدير الآية : ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة .
وفي سنن الترمذي: عن أسلم أبي عمران قال: غزونا القسطنطينية وعلى الجماعة عبدالرحمن بن الوليد والروم ملصقوا ظهورهم بحائط المدينة فحمل رجل على العدو فقال الناس: مه مه لا إله إلا الله يلقي بيديه إلى التهلكة.
فقال أبو أيوب: سبحان الله أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه وأظهر دينه قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله عز وجل : (وأنفقوا في سبيل الله )الآية
والإلقاء باليد إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد .)
فلم يزل أبو أيوب مجاهدا في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية فقبره هناك .
فأخبرنا أبو أيوب: أن الإلقاء باليد إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله وأن الآية نزلت في ذلك .
قال ابن سعدي : والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين :
1 - ترك ما أمر به العبد إذا كان تركه موجبًا ، أو مقاربًا لإهلاك البدن أو الروح .
2 - فعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح .
فيدخل في ذلك أمور كثيرة منها :
- ترك الجهاد في سبيل الله ، أو النفقة فيه ، الموجب لتسلط الأعداء.
- وتغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخطور أو محل مسبعة.
- أو يصعد شجرًا أو بنيانًا خطرًا ، أو يدخل تحت شيء فيه خطر.
- الإقامة على معاصي الله واليأس من التوبة" ا.هـ
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ ﺑﻬا بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا " أخرجاه في الصحيحين.
يجأ : أي يطعن
والمراد بقوله "خالدًا مخلدًا ": أي أنه يستحق هذا الجزاء ، ولكن الله تعالى تكرم على عباده الموحدين أنه لايخلد موحدا في النار ، كما قال تعالى: ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة " أخرجه الجماعة.
ـــــــــــــــــــــــــ
وفي الصحيحين عن جندب بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان رجل ممن كان قبلكم وكان به جرح فأخذ سكينا نحر ﺑﻬا يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله عز وجل: عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن جابر قال { لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص فقطع ﺑﻬا براجمه فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يديه ، فقال له : ما صنع بك ربك ؟ قال : غفر لي ﺑﻬجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : ما لي أر اك مغطيا يديك ؟ قال : قيل لي : لن نصلح منك ما أفسدت ، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وليديه فاغفر } رواه أحمد ومسلم
البراجم : هي مقاطع الأصابع.
والاجتواء : أن يستوحش المكان ولا يناسبه.
المشاقص : جمع مِشَقص وهو السهم إذا كان نصله طويلاًا وعريضًا.
فشخبت : أي سال منها الدم
وهذا الحديث يدل على أن قاتل نفسه لا يخلد في النار ، وأن المراد بالخلود في الحديث السابق أن هذا جزاؤه لو أراد الله أن يعاقبه لكن الله تفضل على عباده بألا يخلد من لايشرك به .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله عليه الصلاة والسلام أيضًا (من حديث ابن عمر ): ( لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا )
و قال ابن عمر : ( إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله .) رواه البخاري.
يقول الإمام الشافعي : ولا شيء أعظم منه أي القتل بعد الشرك .
بل إن الله تعالى جعل قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعًا ، وإحياءها كإحياء الناس جميعًا ،كما قال تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا
على بني اسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )
وقد اختلف المفسرون في المراد بالتشبيه في الآية :
1 - فروي عن ابن عباس أنه قال : المعنى من قتل نبيا أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياه بأن شد عضده ونصره فكأنما أحيا الناس جميعا.
2 - وعنه أيضا أنه قال : المعنى من قتل نفسا واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا ، ومن ترك قتل نفس واحدة وصان حرمتها استحياها خوفا من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا.
3 - وعنه أيضا المعنى: فكأنما قتل الناس جميعا عند المقتول ، ومن أحياها واستنقذها من هلكة فكأنما أحيا الناس جميعا عند المستنقذ.
4 - وقال مجاهد : المعنى أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمدا جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ، يقول : لو قتل الناس جميعا لم يزد على ذلك ، ومن لم يقتل فقد حيي الناس منه.
5 - وقال ابن زيد : المعنى أن من قتل نفسا فيلزمه من القود والقصاص ما يلزم من قتل الناس جميعا ، قال : ومن أحياها أي من عفا عمن وجب له قتله.
وقاله الحسن أيضا ، أي هو العفو بعد المقدرة
6 - وقيل : المعنى أن من قتل نفسا فالمؤمنون كلهم خصماؤه ، لأنه قد وتر الجميع ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، أي يجب على الكل شكره.
وكل هذه المعاني متقاربة ، يقول ابن القيم رحمه الله مبيينًا وجه ال تشبيه في الآية :
إن هذا تشبيه ولايلزم من التشبيه أن يكون المشبه مثل المشبه به في كل شيء فإن من المعلوم قطعًا أن إثم من قتل مائة أعظم من إثم من قتل نفسًا واحدة ، فليس المراد التشبيه في مقدار الإثم والعقوبة وإنما في كون كل منهما :
1 - عاص لله ولرسوله ، مخالف لأمره متعرض لعقوبته.
2 - أﻧﻬما سواء في استحقاق القصاص.
3 - أﻧﻬما سواء في الجرأة على سفك الدم الحرام.
4 - أن كلا منهما يسمى فاسقًا عاصيًا بقتله نفسًا واحدة .
5 - أن الله جعل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد فإذا أتلف القاتل عضوًا واحدًا فكأنما أتلف جميع المؤمنين ومن آذى شخصًا واحدًا فكأنما آذى جميع المؤمنين .
وأما قوله سبحانه : ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ) فالإحياء يكون بالعفو عمن يستحق القصاص ، أو أن ينقذ شخصًا من هلكة كغرق ونحوه .)
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
والأدلة على أن القاتل ليس بكافر وأنه لا يخلد في النار كثيرة منها :
1 - قوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
2 - وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه
شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان )
والشاهد في قوله ( من أخيه ) فأثبت الله له وصف الأخوة وهي الأخوة الإيمانية مع أنه قاتل .
3 - وقوله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ..) الآية " فسمى الله الفئة العادلة والفئة الباغية مؤمنين ، إلى أن قال سبحانه " إنما
المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم " فسماهم الله مؤمنين ، وأبقى لهم وصف الأخوة الإيمانية .
4 - ويدل على ذلك أيضًا حديث جابر بن عبدالله المتقدم في قصة الطفيل بن عمرو فإنه نص على أن من قتل نفسه فإنه لايكفر ولايخلد في النار ، ولهذا بوب عليه النووي في صحيح مسلم " باب الدليل على أن من قتل نفسه لايكفر"
فإن قيل مالجواب عن النصوص المتقدمة التي تدل على أن القاتل مخلد في النار ؟
فنقول : اختلفت توجيهات أهل العلم لهذه النصوص :
1 - فقيل : المراد من استحل ذلك ، فإنه يصير باستحلاله للقتل كافرًا ، لأنه أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة.
لكن هذا الجواب ضعيف لأن المستحل كافر سواء قتل أم لم يقتل، والنصوص ورد ت فيمن ارتكب هذا الجرم لا فيمن استحله .
2 - وقيل : إن المراد بالخلود هنا المكث الطويل وليست الإقامة الأبدية ، لأن الخلود قد يطلق في لغة العرب ويراد به المكث الطويل ،
كما قد يراد به التأبيد.
وهذا الجواب ضعيف أيضًا لأن الأحاديث المتقدمة جاءت مقيدة بالتأبيد .
3- وقيل : إن هذه النصوص خرجت مخرج الزجر والتغليظ ولا يراد حقيقًة التخليد .
وهذا الجواب ضعيف أيضًا لأنه لا دليل عليه ، ولو قيل به لجاز تأويل جميع النصوص كذلك .
وقيل : هذا وعيد وإخلاف الوعيد لا يذم بل يمدح والله تعالى يجوز عليه إخلاف الوعيد ولا يجوز عليه خلف الوعد والفرق بينهما أن الوعيد حقه فإخلافه عفو وهبة وذلك موجب كرمه والوعد حق عليه أوجبه على نفسه والله لا يخلف الميعاد قالوا ولهذا مدح به كعب بن زهير رسول الله حيث يقول :
نبئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول
وتناظر في هذه المسألة أبو عمرو بن العلاء وعمرو بن عبيد فقال عمرو بن عبيد : يا أبا عمرو لا يخلف الله وعده وقد قال : (من
يقتل مؤمنا متعمدا) الآية فقال له أبو عمرو : ويحك يا عمرو من العجمة أتيت إن العرب لا تعد إخلاف الوعيد ذما بل جودا وكرما
أما سمعت قول الشاعر :
ولا يرهب ابن العم ما عشت صولتي ولا يختشى من سطوة المتهدد
وإني إن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
5 - وقيل : إن هذا هو جزاؤه وهو يستحق هذا الوعيد ولكن الله تكرم على عباده الموحدين ومنّ عليهم بعدم الخلود في النار كما قال تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
وهذا الجواب هو الصحيح وبه تجتمع الأدلة ،
يقول ابن القيم رحمه الله : ( هذه النصوص وأمثالها مما ذكر فيه المقتضى للعقوبة ولا يلزم من وجود مقتضى الحكم وجوده فإن الحكم إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء مانعه وغاية هذه النصوص الإعلام بأن كذا سبب للعقوبة ومقتض لها وقد قام الدليل على ذكر الموانع فبعضها بالإجماع وبعضها
بالنص فالتوبة مانع بالإجماع والتوحيد مانع بالنصوص المتواترة التي لا مدفع لها والحسنات العظيمة الماحية مانعة والمصائب الكبار المكفرة
مانعة وإقامة الحدود في الدنيا مانع بالنص ولا سبيل إلى تعطيل هذه النصوص فلا بد من إعمال النصوص من الجانبين . )
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المسألة الرابعة :
هل للقاتل عمدًا توبة :

لاخلاف بين أهل العلم على أن القاتل عمدًا إذا تاب فإن توبته لا تعفيه من عقوبة القصاص ، لأن القصاص حق الآدمي ، وهذا بخلاف
الحدود التي يغلب فيها حق الله كالزنى وشرب الخمر فإن الزاني وشارب الخمر تصح توبته فيما بينه وبين الله وإن لم يقم عليه الحد ،
ولايلزم أن يذهب إلى الحاكم ليقيم عليه الحد .
أما القاتل عمدًا فلا تصح توبته حتى يسلم نفسه إلى الحاكم ليقتص منه أو يدفع الدية فيما لو عفى أولياء الدم ، ومع ذلك فإذا سلم نفسه
فاقتص منه أو طولب بالدية فهل يبرأ فيما بينه وبين الله ؟
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين :
القول الأول :
أن القاتل عمدًا لا توبة له .
وهذا القول هو المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وإحدى الروايتين عن أحمد .
وأدلة هذا القول :
-1 الدليل الأول : قوله تعالى : ( ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا
عظيما )
ووجه الدلالة من الآية : أن هذا الوعيد خرج مخرج الخبر ، والأخبار لا يدخلها نسخ ولا تغيير .
وقد ناظر ابن عباس في ذلك أصحابه فقالوا:
أليس قد قال الله تعالى في سورة الفرقان : ( ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق " إلى أن قال : ("إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاﺗﻬم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) ،
فقال :كانت هذه الآية في الجاهلية ، وذلك أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وزنوا ، فأتوا رسو ل الله فقالوا :إن الذي تدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملناه كفارة فترل "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الآية " فهذه في أولئك وأما التي في سورة النساء ، وهي قوله تعالى : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاب عظيما )
فالرجل إذا عرف الإسلام وشرائعه ثم قتل فجزاؤه جهنم. رواه البخاري .
وقال زيد بن ثابت لما نزلت التي في الفرقان: ( والذين لا يدعون مع الله إلها...)
عجبنا من لينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت الغليظة بعد اللينة فنسخت اللينة وأراد بالغليظة هذه الآية التي في سورة النساء وباللينة آية الفرقان .
قال ابن عباس: آية الفرقان مكية وآية النساء مدنية نزلت ولم ينسخها شيء.
ويناقش هذا الاستدلال من ثلاثة أوجه :
الأول : أن الآية فيمن قتل ولم يتب ، أما من تاب فقد جاءت نصوص أخرى سيأتي بياﻧﻬا في أدلة القول الثاني تدل على أن القاتل تقبل توبته .
الثاني : أن المقصود بالوعيد هنا - كما تقدم - أن هذا هو جزاؤه وهو مستحق له إن جازاه الله وتحققت شروط هذه العقوبة وانتفت موانعها ، ومن الموانع لتلك العقوبة : التوحيد فإن الله منّ على عباده الموحدين بعدم الخلود في النار ، ومن الموانع كذلك التوبة ، فقد جاءت نصوص كثيرة تدل على أن الله يقبل التوبة من سائر الذنوب .
الثالث : أن دعوى النسخ لا دليل عليها ، وإذا أمكن الجمع بين النصوص فهو أولى من القول بالنسخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدليل الثاني: ( وهو دليل من النظر ) قالوا : ولأن التوبة من قتل المؤمن عمدا متعذرة إذ لا سبيل إليها إ لا باستحلاله أو إعادة نفسه التي فوﺗﻬا عليه إلى جسده إذ التوبة من حق الآدمي لا تصح إلا بأحدهما وكلاهما متعذر على القاتل فكيف تصح توبته من حق آدمي لم يصل إليه ولم يستحله منه .
نوقش هذا الاستدلال :بأن الله يوفي القتيل حقه ويعوضه في الآخرة كما سيأتي .

القول الثاني :
أن توبته مقبولة .
وهذا هو قول جماهير أهل العلم .
واستدلوا بما يلي :
الدليل الأول : عموم الآيات والأحاديث التي تدل على أن الله يقبل توبة التائبين: مثل قوله تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميع ًا إنه هو الغفور الرحيم)
الدليل الثاني : قوله سبحانه في وصف عباد الرحمن " والذين لايدعون مع الله إلهًا آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا ، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا ، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاﺗﻬم حسنات وكان الله غفورًا رحيما "
فهذه الآيات نص صريح وواضح في قبول توبة القاتل .
الدليل الثالث : ما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال له هل من تو بة قال لا فقتله فجعل يسأل فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت فناء بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه: أن تقربي وأوحى الله إلى هذه: أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له .
الدليل الرا بع : أن التوبة تصح من الكفر ، فمن القتل من باب أولى . فحتى الكافر المعاند المحارب لله ولرسوله يقبل الله توبته كما قال تعالى " وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ..إلى أن قال سبحانه : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )
ولما حكى الله مقولة الكافرين الذين قالوا : ( إن الله ثالث ثلاثة ) ، قال بعدها : ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم )، فإذا كان الإسلام ماحيًا للذنوب التي قبله مهما عظمت فكذا التوبة.
يقول ابن القيم رحمه الله : ( فإن هدم التوبة لما قبلها كهدم الإسلام لما قبله)

وهذا القول هو الصحيح ، ولكن يبقى النظر في القتيل ، كيف يستوفي حقه ، ويوجه ذلك ابن القيم رحمه الله بقوله : "التحقيق أن القتل تتعلق به ثلاثة حقوق :
- حق الله
- وحق للمقتول ( الموروث )
- وحق للولي
فإذا تاب القاتل من حق الله وسلم نفسه طوعا إلى الوارث ليستوفى منه حق موروثه سقط عنه الحقان وبقي حق الموروث لا يضيعه الله ويجعل من تمام مغفرته للقاتل تعويض المقتول لأن مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله والتوبة النصوح ﺗﻬدم ما قبلها فيعوض هذا عن مظلمته ولا يعاقب هذا لكمال توبته وصار هذا كالكافر المحارب لله ولرسوله إذا قتل مسلما في الصف ثم أسلم وحسن إسلامه فإن الله سبحانه يعوض هذا الشهيد المقتول ويغفر للكافر بإسلامه ولا يؤاخذه بقتل المسلم ظلما فإن هدم التوبة لما قبلها كهدم الإسلام لما قبله ، وعلى هذا إذا سلم نفسه وانقاد فعفا عنه الولي وتاب القاتل توبة نصوحا فالله تعالى يقبل توبته ويعوض المقتول "

فإن قيل : مالدليل على أن الله يعوض المقتول ؟
فالجواب : هو عموم النصوص الواردة في الكتاب والسنة في القصاص يوم القيامة ، ويفهم من هذه النصوص أن المظلوم يوم القيامة له حالان :
الحال الأولى : إما أن يقتص من ظالمه .
والحال الثانية : أو يعفو فيعوضه الله جزاء عفوه .
أو ًلا : الأدلة على الحال الأولى :
- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء .متفق عليه
ثانيًا : الأدلة على الحال الثانية :
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال له عمر : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما : يا رب خذ لي مظلمتي من أخي فقال الله :كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء قال يا رب فليحمل من أوزاري وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل من أوزارهم ، فقال الله للطالب : ارفع بصرك فانظر فرفع فقال : يا رب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ أي نبي
هذا أو لأي صديق هذا أو لأي شهيد هذا قال :لمن أعطى الثمن ،
قال: يا رب ومن يملك ذلك ؟قال أنت تملكه ، قال :بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ؟ قال : يا رب إني قد عفوت عنه ، قال الله :فخذ بيد أخيك وأدخله الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ا تقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين المسلمين " رواه الحاكم
والبيهقي في البعث من طريق عباد بن شيبة الحبطي عن سعيد بن أنس عنه ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد "
قال المنذري : كذا قال " أي الحاكم.

- وعن أبي هريرة مرفوعًا : ( من أخذ أموال الناس يريد أد اءها أدى الله عنه يوم القيامة ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله . ) رواه البخاري ،
ويقاس على الأموال الدماء أيضًا ، فإن القاتل إذا سلم نفسه تائبًا فقد قصد تأدية الحق لمستحقه حسب استطاعته .
تنبيه :
نقل ابن حجر عن ابن التين قوله : ( وحكي عن القاضي إسماعيل وغير ه أن قتل القاتل إنما هو رادع لغيره ، وأما في الآخرة فالطلب للمقتول قائم لأنه لم يصل إليه حق ،
قلت - القائل ابن حجر - : بل وصل إليه حق ، وأي حق ، فإن المقتول ظلمًا تكفر عنه ذنوبه بالقتل ، ثم استدل بما جاء في مسند أحمد وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السيف محاء للخطايا)
وعن ابن مسعود: ( إذا جاء القتل محا كل شيء ) رواه الطبراني "ا.هـ
والاستدلال بالحديث الذي أ شار إليه ابن حجر على هذه الحالة غير صحيح ، لأن الحديث إنما هو في الشهيد ، فإن أوله : ( الشهداء عند الله ثلاثة.).والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
القتل العمد : أن يقصد الجاني من يعلمه آدميًا معصومًا فيقتله بما يغلب على الظن موته به .

مسألة : هل المراد بالقصد قصد الاعتداء أم قصد القتل ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين :
القول الأول : أن المراد قصد القتل ، وهذا هو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة .
القول الثاني : أن المراد قصد الاعتداء ، وهذا هو قول المالكية ، فتكون الجريمة عندهم جريمة عمدية بمجرد قصد الجاني الاعتداء على اﻟﻤﺠني عليه ، وإن لم يقصد قتله .
وسبب الاختلاف في معنى القصد : أن المالكية لايعترفون بالقتل شبه العمد ، فعندهم شبه العمد نوع من العمد ، وهم يقسمون القتل إلى قسمين : خطأ ، وعمد فقط .
وسيأتي بيان الخلاف في المسألة وأن الراجح فيها هو قول الجمهور لعدة أدلة ، وعليه فإن الصحيح في معنى القصد هنا هو قصد القتل ، فلو قصد الجاني الاعتداء ولم يقصد القتل فهو شبه عمد وليس بعمد .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
مسألة :إذا أذن اﻟﻤﺠني عليه للجاني بقتله فهل هذا من العمد أم من شبه العمد أم من الخطأ ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه قتل عمد فيجب فيه القود أي القصاص ، وهذا قول المالكية .
وحجتهم : بأنه إذن في غير محله فكأنه غير موجود ، لأن الإنسان لا يملك نفسه فضلا عن أن يأذن لغيره أن يقتله .
القول الثاني : أنه شبه عمد ، وهذا قول الأحناف .
وحجتهم : أن قصد الاعتداء والقتل موجود ولكن وجود الإذن شبهة تمنع من إلحاقه بالقتل العمد .
القول الثالث : أن هذا القتل فيه الإثم ، ولا قصاص فيه ولا دية، وهذا هو قول الشافعية والحنابلة .
قال في الإنصاف : ( لو قال لغيره : اقتلني أو اجرحني، ففعل فدمه وجرحه هدر ، على الصحيح من المذهب ) ا.هـ.
وحجتهم : لأن القصاص والدية شرعا لحق اﻟﻤﺠني عليه وهو قد تنازل عن حقه .
والراجح: هو القول الأول لقوة أدلته ، وعليه فهذا القتل فيه القصاص أو الدية .
وكون اﻟﻤﺠني عليه قد أذن للجاني بقتله: لا يعد ذلك شبهة مانعة من القصاص ، لأنه يكفي لثبوت العقوبة علم الجاني بحرمة الفعل ولا يلزم معرفته بالعقوبة المترتبة على ذلك.
وكون اﻟﻤﺠني عليه قد تنازل عن حقه: لا يسقط بذلك ، لأن هذا الإسقاط إنما كان قبل السبب الموجب لهما - أي القصاص والدية- وإسقاط الحق قبل وجود سببه لا يصح .

فائدة :
ذكر أهل العلم قاعدة :
وهي أنه لايجوز تقديم الشيء قبل سببه ، ويجوز تقديمه بعد وجود سببه وقبل شرط وجوبه .
ولهذه القاعدة أمثلة ذكر ابن رجب بعضًا منها- ومن ذلك :
1- الطهارة ، سببها الحدث وشرط وجوﺑﻬا القيام للصلاة ، أي لا تجب إلا عند القيام للصلاة ، ومع ذلك يصح تقديمها قبل القيام للصلاة ، ولكن لايصح تقديمها قبل سببها وهو الحدث .
2. الصلاة ، سببها دخول الوقت ، وشرط وجوﺑﻬا تضايق الوقت عن فعلها ، فيصح تقديمها بعد سببها وقبل شرط وجوﺑﻬا.
3. الزكاة ، سببها امتلاك النصاب ، وشرط وجوﺑﻬا مضي الحول ، ويصح تعجيل الزكاة بعد امتلاك النصاب وقبل مضي الحول ، ولكن لايصح إخراجها قبل امتلاك النصاب .
4. كفارة اليمين ، سببها اليمين ، وشرط وجوﺑﻬا الحنث ، فيصح إخراجها قبل الحنث ، ولكن لايصح تقديمها على اليمين .
5. القصاص والدية ، فإن سببهما هو الجناية ، وشرط وجوﺑﻬما الموت ، فيصح العفو عنهما بعد وجود الاعتداء على اﻟﻤﺠني عليه أي وهو في طريقه إلى الموت ، ولكن لا يصح قبل الاعتداء .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الركن الثالث من أركان القتل العمد : الأداة :
وهو أهم أركان القتل العمد ، وأكثر أبحاث القتل العمد فيه ، لأن قصد القتل أمر باطن لا يمكن إثباته ، فيلجأ في إثباته إلى الأداة التي هي أمر ظاهر ، إذ الحقوق بين الناس لا يستند فيها على باطن الإنسان ، ولا يسأل عن نيته لأنه ربما كذب فأهدرت دماء ، وضيعت حقوق ، وإنما ينظر إلى واقع الحال وهو الأداة التي استخدمت في الإعتداء ، إذ الأداة يتحدد من خلالها ما إذا
كان الجاني قصد القتل فتكون الجناية قتل عمد ، أو أنه قصد مجرد الاعتداء ولم يقصد القتل فتكون شبه عمد .

قاعدة عامة في التفريق بين أنواع القتل الثلاثة :
إذا حصلت حالة قتل فثمت ثلاث احتمالات : إما أنه قتل عمد ، أو شبه عمد ، أو خطأ ، فإن تبين قصد الاعتداء في الجناية
فيستبعد الاحتمال الثالث ، ويبقى احتمالان : إما أنه عمد أو شبه عمد ، وهنا ننظر إلى الآلة المستخدمة في الجناية فإن كانت
تقتل غالبًا فعمد ، وإن كانت لا تقتل في الغالب فشبه عمد ، أما إن لم يتبين في الجناية قصد الاعتداء فهو قتل خطأ أيًا كانت
الآلة المستخدمة في القتل .
وقد استقرأ أهل العلم صور القتل العمد فوجدوها لاتخرج عن تسع صور .
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
المطلب الرابع : صور القتل العمد :
قبل الشروع في سرد صور القتل العمد ، يحسن التعرف على الملامح العامة في كل مذهب من المذاهب الأربعة وضوابطه في الأداة المستخدمة في القتل العمد ، فمن خلال استقراء نصوص أئمة المذاهب الأربعة يتبين أن لكل مذهب منحى خاصًا في تحديد الصور التي تدخل ضمن القتل العمد والتي لا تدخل ، وأن أشد تلك المذاهب المالكي ثم يليه الشافعي والحنبلي ثم يليهما
الحنفي .
وخلاصة اتجاهات الأئمة على النحو التالي :
1 - فالإمام مالك: لأنه لا يعترف بالقتل شبه العمد يعتبر القتل عمدًا ، مادام الفعل عمدًا وبقصد العدوان ، بصرف النظر عن الآلة: فلو اعتدى عليه بحجر صغير فقتله فهو قتل عمد ، يقتل به ، ولو لم يقصد قتله ، فهو لا يشترط في الآلة المستخدمة أي شرط إلا في جناية الأصل على فرعه فيشترط للقصاص تمحض قصد القتل بأن تكون الآلة المستخدمة مما يقتل غالبًا.
قال أبو فراس:
هذا الاستثناء عند المالكية يحتاج إلى مراجعة لمعرفة المقصود منه.
قال الدردير في الشرح الكبير : القتل الموجب للقصاص أن يقصد القاتل الضرب أي يقصد إيقاعه ولا يشترط قصد القتل في غير جناية الأصل على فرعه فإذا قصد ضربه بما يقتل غالبا فمات من ذلك فإنه يقتص له وكذا إذا قصد ضربه بما لا يقتل غالبا فمات من ذلك فإنه يقتص له منه أيضا ولذا بالغ عليه بقوله أي خليل - ( وإن بقضيب )
والشافعي وأحمد: يشترطان في الآلة شرطًا واحدًا وهو أن تكون مما يقتل غالبًا : كالسيف والحجر الكبير ، والإلقاء من مكان عال ونحو ذلك ، أما لو اعتدى عليه بآلة لا تقتل غالبًا كالعصا الصغيرة ، فمات ﺑﻬا فإن هذا شبه عمد وليس بعمد .
3 - أبو حنيفة: يشترط في الآلة شرطين :
الأول : أن تكون مما يقتل غالبًا.
والثاني : أن تكون معدة للقتل.
والآلة المعدة للقتل عنده: هي كل آلة جارحة أو طاعنة ذات حد لها مور في الجسم ، من أي شيء كانت ( حديد ، نحاس ، خشب ..) أو ما يعمل عمل هذه الأشياء في الجرح والطعن وهو النار والحديد وإن لم يكن محددًا .
وما سوى ذلك فليس بآلة قاتلة؛ فمن صور القتل العمد عنده : أن يطعن ه بالسيف أو بالسكين أو يرميه بالبندقية ، فهذه
الآلات تقتل غالبًا ، وهي معدة للقتل في عرف الناس ، لأﻧﻬا ذات نفوذ في البدن ، ومن ذلك أيضًا لو حرقه بالنار ، أو ضربه
بحديدة على رأسه من دون أن تنفذ في البدن ، فهذه أيضًا قتل عمد لأﻧﻬا وإن لم تكن ذات نفوذ إلا أن الحديد والنار من
الأدوات المعدة للقتل في عرف الناس .
أما لو ضربه بحجر كبير ، أو أرداه من جبل شاهق ، أو دهسه بالسيارة ، فليس بقتل عمد عنده لأن هذه الأدوات وإن كانت
تقتل غالبًا إلا أﻧﻬا غير معدة للقتل أصلا .
وسبب الخلاف بين أبي حنيفة من جهة ، والشافعي وأحمد من جهة أخرى :
أن أبا حنيفة: يرى أن عقوبة القتل العمد عقوبة متناهية في الشدة وهي القصاص ، وهذا يستدعي أن تكون جريمة العمد متناهية
في العمد بحيث يكون القتل عمدًا محضًا لا شبهة فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العمد قود " ، و "أل" في لفظ
العمد تفيد الاستغراق والحصر ، ولأن استعمال آلة غير معدة للقتل دليل على عدم قصد القتل ، وعلى أقل الأحوال فهو يفيد
الاحتمال والاحتمال شبهة والشبهة تمنع القتل .
أما الشافعي وأحمد: فيريان أن استعمال آلة تقتل غالبًا يعد دليلا كافيًا في قصد القتل .
ويمكن أن نلخص أدلة الفريقين على النحو الآتي:
أدلة الأحناف:
قول النبي صلى الله عليه وسلم : " العمد قود " رواه ابن أبي شيبة من حديث ابن عباس ، وهو في السنن بلفظ: " من قتل
عمدًا فهو قود " ، ووجه الدلالة : أن "أل" في لفظ العمد تفيد الاستغراق والحصر ، ومفهوم الحديث : لا قود إلا في العمد
الكامل (المحض).
-2 ولأن عقوبة القتل العمد عقوبة متناهية في الشدة وهي القصاص ، وهذا يستدعي أن تكون جريمة العمد متناهية في العمد
بحيث يكون القتل عمدًا محضًا لاشبهة فيه .
-3 ولأن استعمال آلة غير معدة للقتل دليل على عدم قصد القتل .
-4 وعلى أقل الأحوال فإن استعمال آلة غير معدة للقتل يفيد الاحتمال والاحتمال شبهة والشبهة تمنع القتل .
أدلة الجمهور:
-1 الأدلة الآتية في القتل بالمثقل ، فإن المثقل أداة لا تستخدم في القتل عادة ، مع ذلك أجرى فيه النبي صلى الله عليه وسلم
القصاص.
-2 ولأن اشتراط أن تكون الآلة معدة للقتل لا دليل عليه ، بل دلت النصوص الشرعية على خلافه
3- ولأن استعمال آلة تقتل غالبًا يعد دليلا كافيًا في قصد القتل، لأن غلبة الظن معتبرة في القصاص ، فالقتل يثبت بشهادة اثنين مع أن غاية ما تفيده هو غلبة الظن.
-4 ولأن الجناية بآلة غير معدة للقتل قد تكون في بعض صورها أدل على قصد القتل من الجناية بالمحدد.
والراجح هو قول الجمهور .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الصورة الأولى من صور القتل العمد :
القتل بالمحدد :
المسألة الأولى : تعريف المحدد :
المحدد : هو كل ماله مَور في البدن ، أي نفوذ وتفريق للأجزاء
فالقتل ﺑﻬذه الأدوات من القتل العمد باتفاق الفقهاء .
ولا خلاف بين أهل العلم على أنه إذا أحدث جرحًا كبيرًا ﺑﻬذه الأدوات فمات به فهو قتل عمد .
أما إن أحدث جرحًا صغيرة كالوخز بالإبرة ، أو بالشوكة ، فيفرق بين حالين :
الحال الأولى : أن يكون الجرح الصغير في مَقتَل بفتح التاء أي مكان قاتل فهذا عمد باتفاق الفقهاء ، مثل إدخال إبرة في القلب ، لأن هذا يقتل في الغالب .
الحال الثانية : أن يكون الجرح في غير مقتل ، كما لو وخزه بإبرة في فخذه فمات منها ، فهنا اختلف الفقهاء على قولين :
القول الأول : أنه قتل شبه عمد ، وهذا مذهب الحنفية ، وأحد الوجهين في المذهب .
والقول الثاني : أنه قتل عمد، وهذا قول الجمهور ، وعليه المذهب.
وتتأكد صورة العمدية على هذا القول فيما إذا بقي اﻟﻤﺠني عليه ضَمِنًا حتى مات لأن الظاهر أنه مات به.
وسبب الخلاف في هذه المسألة:
أن الأحناف يرون أن كون الأداة المستخدمة في القتلة من المحدد لا يعد ذلك كافيًا لتحقق العمدية ، بل لا بد من أن تكون الجناية على وجه يغلب على الظن حصول الموت ﺑﻬا ، فمناط الحكم عندهم هو غلبة الظن بحصول الموت به.
بينما يرى الجمهور أن مناط الحكم هو كونه محددًا ، بغض النظر عن حجم الجرح الذي أحدثه ، فعندهم أن الطعن بالمحدد بذاته يفيد غلبة الظن بحصول الموت به ، لأن ربط الحكم بغلبة الظن غير منضبط بخلاف ربطه بالمحدد فإنه منضبط .

استدل أصحاب القول الأول :
1 - بأن الإبرة ونحوها لا تستعمل في القتل عادة ، وهذه الجناية لا تقتل في الغالب ، وكونه مات بسبب الإبرة مستبعد ، وإنما حصل موته اتفاقًا
2 - ولأن هذه شبهة يدرأ ﺑﻬا القصاص ، لأن القصاص يدرأ بالشبهات .

واستدل أصحاب القول الثاني:
1 - بأن الظاهر من هذه الصورة أنه قصد القتل ، إذ الطعن بالمحدد يقتل غالبًا فيكون قتل عمد ولو كان بإبرة صغيرة .
2- ولأن المحدد لا يعتبر فيه غلبة الظن في حصول القتل به , بدليل ما لو قطع شحمة أذنه , أو قطع أنملته" اه من المغني
3 - ولأنه لما لم يمكن إدارة الحكم , وضبطه بغلبة الظن , وجب ربطه بكونه محددا , ولا يعتبر ظهور الحكمة في آحاد صور المظنة , بل يكفي احتمال الحكمة , ولذلك ثبت الحكم به فيما إذا بقي ضمنا , مع أن العمد لا يختلف مع اتحاد الآلة والفعل , بسرعة الإفضاء وإبطائه .اه من المغني
4 - ولأن في البدن مقاتل خفية , وهذا له سراية ومور , فأشبه الجرح الكبير" اه من المغني
والراجح والله أعلم: أنه إذا بقي ضمنًا حتى مات ففيه القود لأن الظاهر أنه مات به ، أما إذا مات في الحال فالراجح هو قول الأحناف ( القول الأول ) ، لأن الآلة المستخدمة لا تقتل في الغالب ، والظاهر أنه لم يمت منه وإنما حصل موته اتفاقًا.
المسألة الثانية : لو تمكن الجريح من آلة حادة قاتلة من مداواة نفسه ولكنه لم يفعل فمات، فهل الجناية قتل عمد ؟
الصحيح أﻧﻬا قتل عمد لأن تقصير اﻟﻤﺠني عليه في التداوي لا يعفي الجاني ، إذ الأداة قاتلة وقصد القتل موجود ، والمداواة ليست
طريقًا محققًا للشفاء ، وهذا لا يعفي اﻟﻤﺠني عليه أيضًا من الإثم .

المسألة الثالثة : لو قطع عضوًا من أعضائه فمات فهو قتل عمد ، حتى ولو كان العضو زائدًا لأنه قتل بمحدد ، ما لم يقطع
العضو الزائد بإذن صاحبه أو قطعه حاكم من صغير أو وليه ، فمات ، فلا يكون قتلا عمدًا لأن له فعل ذلك ، وقد فعله
لمصلحته فأشبه ما لو ختنه.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الصورة الثانية : القتل بالمثقل :
المثقل : هو ما يقتل لثقله وأثره على الجسد لا لنفوذه ، مثل إلقاء صخرة كبيرة أو الضرب بعصا كبيرة ، أو الدعس بالسيارة ، ونحوها .
وقد اختلف الفقهاء في القتل بالمثقل على قولين :
القول الأول : أنه شبه عمد إلا إذا كان بحديد وهذا مذهب أبي حنيفة .
واستدل بما يلي :
الدليل الأول : عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطوﻧﻬا أولادها. ) رواه الخمسة إلا الترمذي .
ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل قتيل السوط والعصا والحجر من القتل شبه العمد ولم يفرق بين الصغير منها والكبير .
الدليل الثاني : عن النعمان بن بشير مرفوعا { كل شيء خطأ إلا السيف ولكل خطأ أرش } . وفي لفظ { كل شيء سوى الحديدة خطأ ولكل خطأ أرش } أخرجه البيهقي .
وأجيب :
بأن الحديث مداره على جابر الجعفي وقيس بن الربيع , ولا يحتج ﺑﻬما .

الدليل الثالث: أن المثقل لا يستخدم في القتل عادة ولو كان كبيرًا .
أما دليلهم على استثناء الحديد فقالوا : إن الحديد وصفه الله تعالى بأن فيه بأسًا شديدًا في قوله سبحانه " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " ، وهو يستخدم للقتال في الجهاد فهو أداة معدة للقتل .

القول الثاني: الضابط عند هؤلاء أن ننظر إلى صورة القتل بالمثقل هل هي تقتل غالبًا أم لا ؟ فإن كانت تقتل غالبًا لكبر الآلة أو لطريقة الجناية فعمد وإلا فشبه عمد .
استدل أصحاب هذا القول على أن القتل بالمثقل من القتل العمد بما يلي :
1- الدليل الأول : عن أنس رضي الله عنه : ( أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين فقيل لها من فعل بك هذا فلان أو فلان حتى سمي اليهودي: فأومأت برأسها فجيء به فاعترف فأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض رأسه بحجرين. ) رواه الجماعة.
قال ابن القيم : ( وليس هذا قتلا لنقضه العهد ; لأن ناقض العهد إنما يقتل بالسيف في العنق )
الدليل الثاني : عن أبي شريح الخزاعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "فمن قتل له قتيل فهو بخير النظرين القود أو الدية " متفق عليه.
ووجه الدلالة :عموم الحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط في الأداة أن تكون محددة فسواء كان القتل بمحدد أو بمثقل ففيه القود .
3- الدليل الثالث : أن المقصود بالقصاص صيانة الدماء من الإهدار , والقتل بالمثقل كالقتل بالمحدد في إتلاف النفوس , فلو لم يجب به القصاص كان ذلك ذريعة إلى إزهاق الأرواح.
ورد الجمهور على استدلال الأحناف بحديث " ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد .. " بأن الحديث محمول على الحجر والعصا الصغيرين لاقترانه بالسوط ، والسوط صغير ، كما أن الغالب على العصا أن تكون صغيرة فيحمل الحديث على الحجر والعصا غير القاتل ، ومما يؤيد هذا المعنى حديث أنس المتقدم في الجارية التي رض رأسها بحجر ، ولا سبيل إلى الجمع إلا بأن يحمل حديث أنس على الحجر الكبير الذي يقتل غالبًا ، وحديث عبدالله بن عمرو على الحجر الصغير الذي لا يقتل في الغالب .

تنبيه :
غني عن البيان أن جميع ماذكر من القتل بالمثقل هو من القتل العمد عند المالكية ، لأﻧﻬم لا يشترطون في الآلة أي شرط فجميع الصور السابقة واللاحقة من القتل العمد عندهم .
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى