العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟
وما هي الإشكالات المشهورة في المسألة؟

الموضوع للمباحثة.:eek:
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
أَمَّا شَارِبُ الْخَمْرِ فَيَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَحَدُّهُ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً، أَوْ ثَمَانُونَ جَلْدَةً. فَإِن جَلدَهُ ثَمَانِينَ جَازَ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَفِي الْإِجْزَاءِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ الثَّمَانُونَ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةَ تَعْزِيرٌ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الشُّرْبِ أَوْ إصْرَارِ الشَّارِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَلَ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعَزِّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَنْفِي الشَّارِبَ عَنْ بَلَدِهِ، وَيُمَثِّلُ بِهِ بِحَلْقِ رَأْسِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إنْ شَرِبَهَا فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إنْ شَرِبَهَا فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إنْ شَرِبَهَا فِي الثَّالِثَةِ، أَوْ الرَّابِعَةِ: فَاقْتُلُوهُ»، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الشَّارِبِ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُوجِبُونَ الْقَتْلَ؛ بَلْ يَجْعَلُونَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخًا؛ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ. وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ: إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ الشُّرْبِ إلَّا بِالْقَتْلِ جَازَ ذَلِكَ، كَمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي السُّنَنِ أَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَدَعُوا ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُمْ» . وَالْحَقُّ مَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ «رَجُلًا كَانَ يُدْعَى حِمَارًا، وَهُوَ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ فَكَانَ كُلَّمَا شَرِبَ جَلَدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَعَنَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: لَعَنَهُ اللَّهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: لَا تَلْعَنْهُ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ جُلِدَ مَعَ كَثْرَةِ شُرْبِهِ. أهـ

وقال:
وَأَمَّا حَدُّ الشُّرْبِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ}، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ الشَّارِبَ غَيْرَ مَرَّةٍ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ.
وَالْقَتْلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مَنْسُوخٌ. وَقِيلَ: هُوَ مُحْكَمٌ. يُقَالُ: هُوَ تَعْزِيرٌ يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ}، وَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ، وَضَرَبَ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ ثَمَانِينَ، وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ مَرَّةً أَرْبَعِينَ وَمَرَّةً ثَمَانِينَ.

فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: يَجِبُ ضَرْبُ الثَّمَانِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْوَاجِبُ أَرْبَعُونَ وَالزِّيَادَةُ يَفْعَلُهَا الْإِمَامُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا أَدْمَنَ النَّاسُ الْخَمْرَ أَوْ كَانَ الشَّارِبُ مِمَّنْ لَا يَرْتَدِعُ بِدُونِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مَعَ قِلَّةِ الشَّارِبِينَ وَقُرْبِ أَمْرِ الشَّارِبِ فَتَكْفِي الْأَرْبَعُونَ. وَهَذَا أَوْجُهُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا كَثُرَ الشُّرْبُ - زَادَ فِيهِ النَّفْيَ وَحَلْقَ الرَّأْسِ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ عَنْهُ، فَلَوْ غُرِّبَ الشَّارِبُ مَعَ الْأَرْبَعِينَ لِيَنْقَطِعَ خَبَرُهُ أَوْ عَزْلُهُ عَنْ وِلَايَتِهِ كَانَ حَسَنًا؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلَغَهُ عَنْ بَعْضِ نُوَّابِهِ أَنَّهُ تَمَثَّلَ بِأَبْيَاتِ فِي الْخَمْرِ فَعَزَلَهُ. أهـ

واستظهر في "منهاج السنة النبوية" ما وجهه هنا، وقال في موطن آخر منه:
وَقَدْ تَنَازَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الزَّائِدِ عَنِ الْأَرْبَعِينَ إِلَى الثَمَانِينَ:
-هَلْ هُوَ حَدٌّ يَجِبُ إِقَامَتُهُ؟
-أَوْ تَعْزِيرٌ يَخْتِلَفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ،
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَدٌّ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ، وَادَّعَى أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ مَا نُقِلَ مِنَ الضَّرْبِ أَرْبَعِينَ كَانَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ، فَكَانَتِ الْأَرْبَعُونَ قَائِمَةً مَقَامَ الثَمَانِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ جَائِزٌ، فَلَيْسَ بِحَدٍّ وَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمَا. وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ جَلَدَ الْوَلِيدَ أَرْبَعِينَ، وَقَالَ: جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ عُمَرُ فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فِي الْحُدُودِ، فَقَالَ ابْنُ عَوْفٍ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ» ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ الضَّرْبُ فِيهِ بِغَيْرِ السَّوْطِ، كَالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَالْأَيْدِي وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ، فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ صِفَةُ الضَّرْبِ مُقَدَّرَةً بَلْ يَرْجِعُ فِيهَا إِلَى الِاجْتِهَادِ، فَكَذَلِكَ مِقْدَارُ الضَّرْبِ، وَهَذَا لِأَنَّ أَحْوَالَ الشَّارِبِينَ تَخْتَلِفُ، وَلِهَذَا أَمَرَ أَوَّلًا بِقَتْلِ الشَّارِبِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مُحْكَمٌ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ تَعْزِيرٌ جَائِزٌ يُفْعَلُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الضَّرْبَ بِالثَّوْبِ لَيْسَ أَمْرًا مَحْدُودًا، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ، وَخِفَّتِهِ وَغِلْظَتِهِ، وَالنُّفُوسُ قَدْ لَا تَنْتَهِي فِيهِ عِنْدَ مِقْدَارٍ، فَرُدَّتْ أَكْثَرُ الْعُقُوبَةِ فِيهِ إِلَى الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلُّهَا مُقَدَّرًا، كَمَا أَنَّ مِنَ التَّعْزِيرَاتِ مَا يُقَدَّرُ أَكْثَرُهُ وَلَا يُقَدَّرُ أَقَلُّهُ.
وَأَمَّا قِصَّةُ قُدَامَةَ فَقَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ [وَغَيْرُهُ حَدِيثَهُ] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الْآيَةَ، وَإِنِّي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَجِيبُوا الرَّجُلَ، فَسَكَتُوا عَنْهُ. فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَجِبْهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عُذْرًا لِلْمَاضِينَ لِمَنْ شَرِبَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ، وَأَنْزَلَ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} حُجَّةً عَلَى النَّاسِ. ثُمَّ سَأَلَ عُمَرُ عَنِ الْحَدِّ فِيهَا، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِذَا شَرِبَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَاجْلِدْهُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ. فَفِيهِ أَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ بِالثَمَانِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ أَرْبَعِينَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، لَمَّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، وَأَنَّهُ أَضَافَ الثَمَانِينَ إِلَى عُمَرَ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَشَارَ بِالثَمَانِينَ، فَلَمْ يَكُنْ جَلْدُ الثَمَانِينَ مِمَّا اسْتَفَادَهُ عُمَرُ مِنْ عَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ فِي خِلَافَتِهِ ثَمَانِينَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْلِدُ تَارَةً أَرْبَعِينَ وَتَارَةً ثَمَانِينَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي، إِلَّا صَاحِبِ الْخَمْرِ، [فَإِنَّهُ] لَوْ مَاتَ لَوَدَيْتُهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّهُ لَنَا .
وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْأَرْبَعِينَ فَمَا دُونَهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ عَلِيٍّ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ. أهـ
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الشيخ الكريم، هات الخلاصة، حدية أو تعزيرية؟
حتى ننطلق في النقاش.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الخلاصة: أن ظاهر كلام ابن تيمية أنها حـد، والخلاف في الزائد على الأربعين والراجح أنه تعزير.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الخلاصة: أن ظاهر كلام ابن تيمية أنها حـد، والخلاف في الزائد على الأربعين والراجح أنه تعزير.
بارك الله فيكم، قول ابن تيمية أن عقوبة شارب الخمر أنها حد، هو مذهب الأئمة الأربعة وعليه عامة أهل العلم، وحكي فيه عدة إجماعات.
وخالف شخصيتان هما:
1- الشوكاني.
2- ابن عثيمين.
فقالا: إنها تعزيرية.
اترك المجال الآن للمشاركين للنظر في حقيقة هذا الخلاف أو أنه خلاف موهوم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

بارك الله فيكم، قول ابن تيمية أن عقوبة شارب الخمر أنها حد، هو مذهب الأئمة الأربعة وعليه عامة أهل العلم، وحكي فيه عدة إجماعات.
وخالف شخصيتان هما:
1- الشوكاني.
2- ابن عثيمين.
فقالا: إنها تعزيرية.
اترك المجال الآن للمشاركين للنظر في حقيقة هذا الخلاف أو أنه خلاف موهوم.

وأشار إلى هذا القول: الجزيري في "الفقه على المذاهب الأربعة" إذ يقول:
على أنك قد عرفت أن بعض العلماء يقول: إن عقوبة الشرب كلها من باب التعزير لا من باب الحد. أهـ
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

العلامة بكر أبو زيد في كتابه "الحدود والتعزيرات عند ابن القيم" قال:

يذكر ابن القيم رحمه الله تعالى اختياره من أن عقوبة الشارب حدية مقدرة لا تعزيرية مبيناً أن هذا هو خلاصة ما تدل عليه الأحاديث فيقول : (ومن تأمل الأحاديث رآها تدل على أن الأربعين حد والأربعون الزائدة عليها تعزير، وقد اتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم) .

ولعل ابن القيم رحمه الله تعالى اكتفى بهذه الخلاصة، ولم يورد النقاش على عادته لتكاثر النصوص على دلالته حتى حكى فيه الإجماع.

ولكن قد أثير الخلاف في هذه القضية، فلا بد إذا من تحرير الكلام فيها، لأنها من باب التأصيل في أحكام الخمر.
فإلى إيراد الإجماع ومناقشته من المخالف ثم مناقشة المخالف فما أورده.

حكاية الإجماع:
حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم على أن عقوبة شارب الخمر حدية مقدرة والخلاف إنما حصل في التقدير. وممن حكى الإجماع في هذا:
ابن حزم، والقاضي عياض ، وابن هبيرة ، وابن قدامة ، والحافظ ابن حجر ، والمرتضى في (البحر الزخار).

منزلة هذا الإجماع:
تعاقب على هذا الإجماع عالمان: الحافظ ابن حجر يدافع عنه ويؤيده، والعلاّمة الشوكاني يرفض هذا الدفاع وينقض هذا الإجماع. وإليك البيان:

تعقب الإجماع:
حكى الحافظ ابن حجر : أن الطبري، وابن المنذر، وغيرهما حكوا عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها وإنما فيها التعزير.

يتبع إن شاء الله
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

ناقش الشيخ بكر -رحمه الله- الأدلة في الباب ثم قال:

اعتراض الشوكاني ومناقشته:
انتصر الشوكاني للقول بأن عقوبة الخمر غير مقدرة. وادعى عدم التسليم بالإجماع، وأنه لم يأتِ رواية بالتقدير فقال: (والحاصل أن دعوى إجماع الصحابة رضي الله عنهم غير مسلمة. فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر وبعدها وردت به الروايات الصحيحة. ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على مقدار معين ... فالأولى الاقتصار على ما ورد عن الشارع من الأفعال وتكون جميعها جائزة) .

مناقشة:
يقدح الشوكاني في الإجماع المذكور بوجود الاختلاف المذكور: وهذا قدح غير وارد؛ لأن الاختلاف الحاصل إنما هو فيما زاد على الأربعين، أما الأربعين فلا خلاف فيها بدلالة فعل أبي بكر رضي الله عنه كما تقدم.
وأما قوله: (إنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على مقدار معيّن) فقد تقدم طرف من الأحاديث التي تنص على أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على أربعين، ومنها: حديث أنس عن مسلم في صحيحه.

إذاً فيكون تجويز جميع الأفعال المذكورة في النصوص: نفي للحدية المقدرة وفي ذلك إهدار للنصوص الواردة بالتقدير ونقض للإجماع على مقتضاها. والله أعلم.

الخلاصة:
إنا نرى ابن القيم رحمه الله تعالى يقرر في كتابه (زاد المعاد) ما دلت عليه النصوص واقتضاه الإجماع من أن عقوبة الخمر حدية مقدرة من الشارع صلى الله عليه وسلم، ويستدل على ذلك بمجامع النصوص الحديثية ويجيب عن أقواها في المعارضة وهو حديث علي رضي الله عنه، والله أعلم. أهـ
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

خلاصة ما تقدم كما يلي:
هل عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟
القول الأول: عقوبة حدية، وهذا مذهب الفقهاء الأربعة، وعليه عامة أهل العلم، وحكى فيه غير واحد من أهل العلم الإجماع.
القول الثاني: عقوبة تعزيرية، وهذا قولٌ حكاه ابن المنذر والطبري عن طائفة من أهل العلم، وانتصر له الشوكاني وابن عثيمين.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

هناك نقطة مهمة في معرفة كنه القول بالتعزير:
وذلك أن الشوكاني رحمه الله يقول إنها عقوبة غير مقدرة، وهذا ما يتوافق مع معنى "التعزير"، فالتعزير عقوبة غير مقدرة شرعاً.
بينما الطائفة التي حكى قولهم ابن المنذر في الأوسط يشترطون ألا يقل الضرب عن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو "أربعون"، وكذا قال ابن عثيمين رحمه الله.
وبما سبق نعرف:
أن المخالف الصريح للإجماع هو الإمام الشوكاني رحمه الله، وهو مع ذلك قوله مطرد مع المعنى التعزيري.
أما قول الطائفة التي حكاها ابن المنذر أو قول ابن عثيمين فإن قولهم وإن وصف بأنه قول بالتعزير إلا أنه لا يخالف قول عامة أهل العلم، والإجماع المحكي في المسألة إذ إنهم وإن أجمعوا على أن عقوبة الخمر هي حد فإنهم انقسموا بعد ذلك في عددها إلى قولين:
القول الأول: ثمانون جلدة، وهو مذهب جمهور الفقهاء.
القول الثاني: أربعون جلدة، وهذا مذهب الشافعي.
ثم اختلف الشافعية في جواز الزيادة إلى الثمانين تعزيرا والأصح عندهم الجواز.
وهذا هو نفسه قول ابن عثيمين والطائفة التي حكى قولها ابن المنذر.
------
وبه نعلم عدم دقة وصف هذا القول بأنه "تعزير"، فهو قول ينتظم في قول المجمعين على أن عقوبة شارب الخمر حد وليس بتعزير.
ثم كيف يكون تعزيرا، وهم قد حدوه بالأربعين، وجوزوا الزيادة عليه، أما التعزير فهو عقوبة غير مقدرة شرعاً.
---------
وبقيت لنا إشكالات كثيرة في المسألة:
- قول الشوكاني وإن كان مخالفاً للإجماعات المحكية إلا أن ظواهر النصوص تعضده، لاسيما أثر علي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحده ولم يسنه، وأن الضرب كان نحوا من أربعين، وكان الضرب بالجريد والنعال، وما كان محدوداً فلا يكون هكذا.
- قول الشافعي بأن الحد أربعون وجوازالزيادة تعزيرا إلى ثمانين، يشكل عليه أن الحدود لا يجوزالزيادة عليها كجلد الزاني والقاذف.
- كيف يجمع الصحابة على عدد خلاف العدد الذي ضرب به النبي صلى الله عليه وسلم شارب الخمر؟
- ما الجواب عن قول عبد الرحمن بن عوف: (أخف الحدود ثمانون)؟
فإنه يفيد أن عقوبة شار الخمر ليست حداً إذ كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين؟ ولم ينكر عليه أحدٌ من الصحابة؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

  • رأي الشوكاني:
قال في نيل الأوطار (7/ 170): الحاصل أن دعوى إجماع الصحابة غير مسلمة، فإن اختلافهم في ذلك قبل إمارة عمر وبعدها وردت به الروايات الصحيحة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الاقتصار على مقدار معين بل جلد تارة بالجريد وتارة بالنعال وتارة بهما فقط وتارة بهما مع الثياب وتارة بالأيدي والنعال، والمنقول من المقادير في ذلك إنما هو بطريق التخمين، ولهذا قال أنس: نحو أربعين، والجزم المذكور في رواية علي بالأربعين يعارضه ما سيأتي من أنه ليس في ذلك عن النبيصلى الله عليه وسلم سنة، فالأولى الاقتصار على ما ورد عن الشارع من الأفعال وتكون جميعها جائزة فأيها وقع فقد حصل به الجلد المشروع الذي أرشدنا إليه صلى الله عليه وسلم بالفعل والقول كما في حديث «من شرب الخمر فاجلدوه» وسيأتي، فالجلد المأمور به هو الجلد الذي وقع منه صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة بين يديه، ولا دليل يقتضي تحتم مقدار معين لا يجوز غيره.
لا يقال: الزيادة مقبولة فيتعين المصير إليها وهي رواية الثمانين؛ لأنا نقول: هي زيادة شاذة لم يذكرها إلا ابن دحية فإنه قال في كتاب وهج الجمر في تحريم الخمر: صح عن عمر أنه قال: لقد هممت أن أكتب في المصحف «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر ثمانين» . وقد قال الحافظ في التلخيص: إنه لم يسبق ابن دحية إلى تصحيحه. وحكى ابن الطلاع أن في مصنف عبد الرزاق «أنه صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر أربعين» وورد من طريق لا تصح أنه جلد ثمانين انتهى.
وهكذا ما رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أزهر «أنه صلى الله عليه وسلم أمر بجلد الشارب أربعين» فإنه قال ابن أبي حاتم في العلل: سأل أبي عنه فقال: لم يسمعه الزهري عن عبد الرحمن بل عن عقيل بن خالد عنه ولو صح لكان من جملة الأنواع التي يجوز فعلها، لا أنه هو المتعين لمعارضة غيره له على أنه قد رواه الشافعي عن عبد الرحمن المذكور: «أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشارب فقال: اضربوه، فضربوه بالأيدي والنعال» ومن ذلك حديث أبي سعيد عند الترمذي وقال: حسن، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بنعلين أربعين» وسيأتي ومما يؤيد عدم ثبوت مقدار معين عنه - صلى الله عليه وسلم - طلب عمر للمشورة من الصحابة، فأشاروا عليه بآرائهم، ولو كان قد ثبت تقديره عنه صلى الله عليه وسلم لما جهله جميع أكابر الصحابة.


 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الشيخان الفاضلان أبو فراس وأبو بكر بارك الله فيكما
يمكن تحديد أقوى حجج من يرى أنه لا حد فيه بما يلي :
1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم جلده بغير آلة الجلد كاالنعال ونحوها كما في الصحيحين من حديث انس ومسلم من حديث عقبة بن الحارث وفي صحيح البخاري من حديث السائب بن يزيد ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنهما أنهم كانوا يضربونه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والأردية ، والجلد له آلة عند اهل العلم وهي السوط .
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم جلده نحواً من أربعين كما في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه والحد عقوبة مقدرة بعدد لا يزاد فيه ولا ينقص وقوله " نحواً " أي قريباً من هذا العدد .
3 - قول علي رضي الله عنه : " ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه فى نفسى إلا صاحب الخمر لأنه إن مات وديته لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسنه " رواه مسلم
4 - أن عمر رضي الله عنه لما استشار الناس في شارب الخمر قال عبد الرحمن : " أخف الحدود ثمانون " فأمر به عمر رضي الله عنه .
وهذا يدل على عدم الحد من وجهين :
الأول : ان عمر استشار في حد الخمر ولو كان عنده حد مقدر من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لعمل به ولم يستشر الناس كما هو الحال في حد السرقة والزنى والقذف .
الثاني : أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : " أخف الحدود ثمانون " ولو كان للخمر حد لكان هو اخف الحدود إذ هو أربعون عند جماهير أهل العلم وقد أقر الصحابة عبد الرحمن بن عوف على قوله هذا فلو كان للخمر حد لقالوا : بل أخف الحدود أربعون .
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

§ رأي الشيخ ابن عثيمين:


عقوبة شارب المسكر من باب التعزير، الذي لا يُنْقص عن أربعين جلدة؛ لأن هذا أقل ما روي فيه، ولكن للحاكم أن يزيد عليه إذا رأى المصلحة في ذلك.


واستدلوا بالتالي:


أولاً: أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يذكر حده في القرآن.


ثانياً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يذكر حدَّه في السنة، بل قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه»([1]) ولم يحدَّه.


ثالثاً: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا أُتِي بالشارب قاموا إليه يضربونه بالجريد، والنعال، وطرف الرداء، والأيدي ، وما أشبه ذلك، ولو كان هذا حدّاً لا يُتجاوز لوجب ضبطه، وألا يكون كل من جاء ضَرَبَ.

رابعاً: أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لما تشاوروا في عهد عمر رضي الله عنه حين أكثر الناس من شربه، قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أخف الحدود ثمانون، فوافق على ذلك الصحابة؛ وجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: «أخف الحدود ثمانون» ، ونحن نعلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ضُرِبَ الشارب في عهده نحو أربعين، وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه أربعين، ولو كان حدّاً لكان أخف الحدود أربعين، ثم لو كان حدّاً ما استطاع عمر ولا غيره أن يتجاوزه، فالحد لا يمكن أن يزيده أحد، كما لا تزاد صلاة الظهر عن أربع، وصلاة المغرب عن ثلاث، وصلاة الفجر على اثنتين، أيضاً الحدود التي قدرها الله أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وأيضاً قوله: أخف الحدود ثمانون، يدل على أنه يجوز أن نتجاوز ما كان الشارب يُجْلَد إيَّاه في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان حدّاً ما جازت مجاوزته، ولا استشار عمر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في الزيادة، مع أنه كان ـ رضي الله عنه ـ معروفاً بالوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى.
خامساً: ما صح الحديث به عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ: «إذا شرب فاجلدوه» ، وذكر ذلك ثلاثاً، ثم قال: «فإن شرب الرابعة فاقتلوه»، وهذا دليل على أنه عقوبة تتدرج حتى تصل إلى القتل، ولو كان حدّاً محدوداً لكان الحد فيه لا يتغير.
وهذا هو الراجح عندي، وهو ظاهر كلام ابن القيم في إعلام الموقعين، وهو أنه تعزير لكن لا ينقص عن أقل تقدير وردت به السنة، وأما الزيادة فلا حرج في الزيادة إذا رأى الحاكم المصلحة في ذلك([2]).

([1]) أخرجه أحمد (4/96) ، وأبو داود في الحدود باب إذا تتابع في شرب الخمر (4482) ، والترمذي في الحدود باب ما جاء في شرب الخمر فاجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه (1444) ، وابن ماجه في الحدود باب من شرب الخمر مراراً.

([2]) الشرح الممتع (14/294، 295).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الشيخان الفاضلان أبو فراس وأبو بكر بارك الله فيكما
يمكن تحديد أقوى حجج من يرى أنه لا حد فيه بما يلي :
.
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ الكريم، القول بأنه تعزير قويٌ جداً من حيث الدليل، ضعيف جداً من حيث القائلين به!
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

§ رأي الشيخ ابن عثيمين:





وهذا هو الراجح عندي، وهو ظاهر كلام ابن القيم في إعلام الموقعين، وهو أنه تعزير لكن لا ينقص عن أقل تقدير وردت به السنة، وأما الزيادة فلا حرج في الزيادة إذا رأى الحاكم المصلحة في ذلك

هذا كلام ابن القيم في زاد المعاد (5/ 44):
ومن تأمل الأحاديث، رآها تدل على أن الأربعين حد، والأربعون الزائدة عليها تعزير اتفق عليه الصحابة رضي الله عنهم.
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

قال القاضي عياض: أجمعوا على وجوب الحد في الخمر واختلفوا في تقديره فذهب الجمهور إلى الثمانين وقال الشافعي في المشهور عنه وأحمد في رواية وأبو ثور وداود أربعين وتبعه على نقل الإجماع بن دقيق العيد والنووي ومن تبعهما.

وتعقب: بأن الطبري وبن المنذر وغيرهما حكوا عن طائفة من أهل العلم أن الخمر لا حد فيها وإنما فيها التعزير واستدلوا بأحاديث الباب فإنها ساكتة عن تعيين عدد الضرب وأصرحها حديث أنس ولم يجزم فيه بالأربعين في أرجح الطرق عنه ...

والجواب: أن الإجماع انعقد بعد ذلك على وجوب الحد لأن أبا بكر تحرى ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب السكران فصيره حدا واستمر عليه وكذا استمر من بعده وإن اختلفوا في العدد.

وجمع القرطبي بين الأخبار: بأنه لم يكن أولا في شرب الخمر حد وعلى ذلك يحمل حديث بن عباس في الذي استجار بالعباس ثم شرع فيه التعزير على ما في سائر الأحاديث التي لا تقدير فيها ثم شرع الحد ولم يطلع أكثرهم على تعيينه صريحا مع اعتقادهم أن فيه الحد المعين ومن ثم توخى أبو بكر ما فعل بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر عليه الأمر ثم رأى عمر ومن رافقه الزيادة على الأربعين إما حدا بطريق الاستنباط وإما تعزيرا .
فتح الباري (12/ 72، 73).
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

قال ابن حجر في الفتح:
قد استقر الإجماع على:
1- ثبوت حد الخمر.
2- وأن لا قتل فيه.
واستمر الاختلاف في:
1- الأربعين.
2- والثمانين.

 

مجاهد بن محمد بن عطا الله

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
25
الكنية
أبو دجانة
التخصص
تربية إسلامية
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

الاختلاف في: 1- الأربعين. 2- والثمانين.

ومما يعزز القول بأنه تعزيري هذا الاختلاف:
حيث أن الحد هو عقوبة مقدرة، والنصوص الواردة في المسألة تنتهي إلى أمرين: جلد أربعين، أو ثمانين، وهذا يعني أنها تعزيرية .. ولم يعرف أن حدًا واحدًا له عقوبتين مقدرتين.
ولو كانت حدية لكانت واحدة منهما.
ولما كان التعزيز: عقوبة غير مقدرة صار الأمر عائدًا إلى اجتهاد ولي الأمر في العقوبة.

والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

أرجو أخي الحبيب مجاهد أن تنظر المشاركة العاشرة والتعقب على القول بأنها تعزيرية بإطلاق. وجزيت خيراً
 

مجاهد بن محمد بن عطا الله

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
25
الكنية
أبو دجانة
التخصص
تربية إسلامية
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عقوبة شارب الخمر حدية أو تعزيرية؟

أرجو أخي الحبيب مجاهد أن تنظر المشاركة العاشرة والتعقب على القول بأنها تعزيرية بإطلاق. وجزيت خيراً

جزاك اللهُ خيرًا.
لعل المسألة هي بحاجة إلى المحدثين في الحكم على الأحاديث والآثار الواردة في المسألة، ثم النظر في المسألة مرةً أخرى.
لأنه لو ثبت أن حد الشرب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه أربعين جلدة، وثبتت زيادة عمر رضي الله عنه، فتكون زيادته تعزيرية -أي رأي الشافعية-.
لأنه لا يحل مخالفة ما قدره الشارع للحد!
وكذلك الرواية الواردة عن علي رضي الله عنه في المسألة، ما هو الحكم عليها؟
لأنها مهمة جدًا!
والله المستعان.
 
أعلى