العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كل عام أنتم بخير .. الحقيقة أنشأت هذا الموضوع لان بعض الاستفسارات التى طُرحت فيها كانت تشغلنى منذ مدة وأحب أن يكون عليها جواب والأمانة العلمية والانصاف ما أبحث عنه .. كنت وجدت أحد المواضيع فى منتدى مجلس الألوكة وهو هذا الموضوع :
http://majles.alukah.net/t13378/

وفيه تفسير الشيخ الألبانى للفظ المثناة فى الحديث بالمذاهب .. وحقيقة الشيخ الألبانى موقفه من المذاهب ليس موقف الرافض كما يشاع فالشيخ الحوينى يقول :
وكان من الأسئلة المهمة التي سألتها الشيخ في هذا اليوم سألته عن التمذهب؛ لأنه شاع بين الناس أن الشيخ ناصر الدين الألباني يحارب المذاهب الأربعة، ويحارب التقليد، وكانت -في الحقيقة- شائعة قوية جداً وصلتنا إلى مصر، وكنت أريد أن أعرف رأي الشيخ فيها، فلما تكلم الشيخ في هذه المسألة تكلم بكلام هو الذي عليه الأئمة الأربعة، فالشيخ ناصر لا يقول للمسلمين: لا تتمذهبوا وإنما يقول: لا تتخذوا المذهب ديناً، بمعنى: أن تجمد على المذهب، وإذا علمت الحق في غيره تقول: لا، أنا لا أخالف المذهب، فهذا هو الذي كان الشيخ ناصر ينكره، وقد أنكره العلماء المتقدمون، وتبرءوا من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم أحياءً وأمواتاً، وقالوا قولتهم المشهورة: ( إذا صح الحديث فهو مذهبي).
فالشيخ ناصر كان يقول: إذا كنت أنا شافعي المذهب، وظهر الحق في المسألة عند المالكية أو الحنابلة أو الحنفية، فليس معنى ذلك على الإطلاق أن أجمد على مذهبي وأقول: أنا شافعي ولا أخالف المذهب، وأترك الحق الذي قامت عليه الدلائل وأخالفه.
فالشيخ ناصر كان يحارب هذا أشد المحاربة، كما كان الأئمة المتقدمون أيضاً يحاربون هذا أشد المحاربة.


وهذه هى الاعتراضات فى الموضوع المشار الى رابطه عاليه منها مثلا :
هل توافقون الشيخ على هذا التوجيه للفظ -المثناة- الواردة في الحديث؟،يبدو لي أن كلامه صحيح ، خاصة وأنت تقرأ لكتب المذهب الحنفي والمالكي ( هل تعلمون أن للمالكية كتابا يسمونه مصحف المذهب، وهو الجامع لابن يونس، ) ، والحقيقة أن القاريء في غالب كتب المذاهب الفقهية يجد فيها الكثير من المسائل المخالفة للسنة الصحيحة ،يقول الشيخ / أبي أويس محمد بوخبزة الحسيني حفظه الله - في سلسلة لقاءات المجلس العلمي بموقع الألوكة ،اللقاء الثالث :

، وعن خدمة الفقه المالكي خدمة علمية يحتاج الأمر إلى جهود مضنية، ذلك أن المذهب المالكي أبخس المذاهب حظا من الاستدلال والتعليل ، فأهله قليلو العناية بالحديث والآثار بالنسبة لعلماء المذاهب الأخرى ولا سيما الشافعية ، فإنهم أوفر الفقهاء حظا من الحديث وعلومه ، لذلك تجد كتبهم الكبيرة منورة بأدلة الحديث والآثار ، أما المالكية فلا تكاد تجد عند متأخريهم دليلا صحيحا، فخدمة المذهب – والحالة هذه – تعني الرمي بثلث مسائله ، لأنها لا دليلا صحيحا عليها.


ويقول فى موضع آخر :
لا أقصد هذا ، فإن الكتب المذهبية هي من وسائل فهم أحكام ومقاصد الشرع ، ولا غنى لعالم فضلا عن طالب العلم -عنها ،ولكن الذي قصدته وقصده الشيخ الالباني -رحمه الله، فيما أظن- هو ذم تلك الكتب وما فيها من تعصب مقيت واستماتة أصحابها في الدفاع عن مذاهبهم بالتأويلات الباردة المخالفة لصريح النصوص ، ومن عالج تلك الكتب ونظر فيها علم علم اليقين أنها ما استكتب إلا لنصرة المذهب ، بل نجد لكل مذهب قواعد خاصة-ولا أقصد العامة- ينطلق منها لفهم النص، مثال :المذهب في قواعد المذهب لابن راشد القفصي المالكي ،المسند المذهب في ضبط قواعد المذهب لعظوم المالكي ...المجموع المذهب في قواعد المذهب للعلائي الشافعي.. كتاب أصول للكرخي الحنفي..وكثيرا ما تكون قواعد هذا المذهب مخالفةللمذهب الآخر ، كل حزب بما لديهم فرحون ,لا يفهم الإخوة أني ضد علم القواعد الفقهية ، بل أنا ضد هذا الأسلوب الهجين الذي تناولت به هذه الكتب مثل هذا العلم ، وقد ألف فيه كثير من المشايخ ولكن انطلاقا من الدليل مثل الشيخ السعدي وابن العثيمين ،فهذا علم لايستراب في نفعه ..
ولكن إذا طال الزمان وأشربت قلوب الناس حب شيء يعسرالإنكار عليهم ، حتى إذا قام عالم ينكر على الناس مثل هذه الكتب العجفاء- التي لاتنقي - إلا وقمع واضطهد ، وهل كره الغوغاء من العامة منهج السلف إلا من هذه الجهة ، وأجدني مضطرا أن أقول كما قال الشوكاني من قبل : هذه المذاهب أذهبها الله...

المصدر : http://majles.alukah.net/t13378/#ixzz2hvgDRqX3

ظللت الاعتراضات التى تستحق الرد عليها بالأحمر لانها ما يهمنى .. وأرغب فى الجواب بارك الله فيكم وبعض الكلام كما هو واضح تحامل ومبالغة شديدة

وابخاس لتراث الأمة الفقهى .. لكننا نركز على الاعتراضات الموضوعية التى سيقت ..​
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

في ذلك يقول العلاَّمة الألباني -رحمه الله- فيما ينقله عنه الشيخ محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي لمحمد العباسي (2/ 112): ومن الجدير بالذكر أن هذا هو رأي أستاذنا حفظه الله نفسه، فقد ذكر أكثر من مرة أن الواجب على الناس في زماننا هذه أن يبدأوا بتعلم الفقه على طريق احد المذاهب الأربعة، ويدرسوا الدين من كتبها، ثم يتدرجوا في طريق العلم الصحيح، بأن يختاروا كتابًا من كتب مذهبهم، ككتاب المجموع للنووي عند الشافعية، وكتاب فتح القدير لابن الهمام عند الحنفية، وغيرها من الكتب التي تبين الأدلة، وتشرح طريق الاستنباط، ثم يتركوا كل قول ظهر لهم ضعف دليله وخطأ استنباطه، ثم يتدرجوا خطوة ثالثة بأن ينظروا في كتب المذاهب الأخرى، التي تُناقش الأدلة أيضًا وتبين طريق الاحتجاج بها، ويأخذوا من هذه الكتب ما ظهر لهم صحته وصوابه، وهكذا. انتهى. فيرى شيخنا أن هذا هو السبيل الصحيح المُمكن سلوكه في هذا الزمان، لأن سلوك السبيل الواجبة التي كان عليها السلف الصالح طفرة غير مُمكن اليوم؛ لأنه لا يوجد في الناس علماء مجتهدون، يعلمونهم فقه الكتاب والسنة، ولذلك فليس أمام الناس إلا أحد سبيلين: فأما أن يُتركوا دون تعليم ولا تفقيه ويخبطوا في دينهم خبط عشواء، وإما أن يتعلموا دينهم ويتفقهوا في أحكامه عن طريق أحد المذاهب الأربعة. ولا شك أن هذا الطريق هو اخف ضررًا وأقل شرًّا من الطريق الأول، ولذلك ننصح به ونؤيده. اهـ.
ويقول محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي (1/ 62): والخلاصة؛ أننا لا نُمانع في الوقت الحاضر من دراسة الفقه على الطريقة المذهبية، ولكن بشرط واحد وهو عدم التعصب، فالتعصب المذهبي هو الذي نُحاربه ونكرهه. اهـ.
وقال الدكتور صلاح الصاوي في الثوابت والتغيرات ص(70) معلِّقًا على القولين السابقين: لا يظهر لي وجه ما ذهب إليه الشيخان الجليلان: الألباني والعباسي، من اعتبار دراسة طلبة العلم للفقه على الطريقة المذهبية في بداية طريق التعلم مع عدم التعصب، من الأمور المباحة استثناء على سبيل الضرورة! وهل كانت بداية طلب العلم عبر التاريخ إلا على هذا الوجه؟ بل ألا يتقيد أغلب طلبة الحديث اليوم باختيارات شيخنا الألباني حفظه الله ونفع بعلومه وترجيحاته العلمية حتى توشك أن تكون عندهم مذهب خامسًا، وماهم على ذلك بملومين ماداموا متبعين وغير متعصبين؟!. اهـ.
وقال حسن البنا فيما نقله عنه محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي (2/ 112): ولكل مُسلم لم يبلغ درجة النظر في ادلة الأحكام الفروعية، أن يتبع إمام من أئمة الدين، ويُحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم، حتى يبلغ درجة النظر. اهـ
فيُشرع دراسة الفقه على الطريقة المذهبية والأصولية بشرط عدم التعصب، وأن يترقى بعد ذلك بدراسة الفقه المُقارن، والمُقابلة بين دارك الأئمة، حتى يبلغ درجة الاستقلال بالنظر. والدليل على ذلك عمل من مضى من أهل العلم، وإجماع أهل العلم المُعاصرين، أو على الأقل لا يُعرف لذلك مُخالف من المُعاصرين. اهـ.
وجاء في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني -رحمه الله- ص(41/ 50) ..
والأصل إتباع الدليل، ولذلك نهى الأئمة وحرّموا الأخذ بكلامهم مُجردًا أو إذا خالف الدليل أحياءً كانوا أو أمواتًا، ومن المُفيد أن نسوق هُنا أقوال الأئمة في إتباع السنة وترك أقوالهم المُجردة أو المُخالفة لها، فلعل فيها عظة وذكرى لمن يُقلدهم تقليدًا أعمى وهو الذي عناه الطحاوي في قوله كما نقله ابن عابدين في رسم المُفتي (1/ 32) من مجموعة رسائله: "لا يُقلد إلا عصبي أو غبي".
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالته "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" (2/ 628): فإن قيل: فما تقولون في نهي الإمام أحمد وغيره من الأئمة عن تقليدهم وكتابة كلامهم، وقول الإمام أحمد: لا تكتب كلامي ولا كلام فلان وفلان، وتعلم كما تعلمنا. وهذا كثير موجود في كلامهم؟ قيل: لا ريب أن الإمام أحمد رضي الله عنه كان ينهى عن آراء الفقهاء والاشتغال بها حفظًا وكتابة، ويأمر بالاشتغال بالكتاب والسنة حفظًا وفهمًا وكتابة ودراسة، وبكتابة آثار الصحابة والتابعين دون كلام مَن بعدهم، ومعرفة صحة ذلك من سقمه، والمأخوذ منه والقول الشاذ المطرح منه، ولا ريب أن هذا مما يتعين الاهتمام به والاشتغال بتعلمه أولًا قبل غيره، فمن عرف ذلك وبلغ النهاية من معرفته -كما أشار إليه الإمام أحمد- فقد صار علمه قريبًا من علم أحمد، فهذا لا حجر عليه ولا يتوجه الكلام فيه، إنما الكلام في منع من لم يبلغ هذه الغاية، ولا ارتقى إلى هذه النهاية، ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير، كما هو حال أهل هذا الزمان، بل هو حال أكثر الناس منذ أزمان، مع دعوى كثير منهم الوصول إلى الغايات والانتهاء إلى النهايات، وأكثرهم لم يرتقوا عن درجة البدايات. اهـ.
وروى الطبراني في الأوسط (1718- مجمع البحرين) عن عروة بن الزبير أنه أتى ابن عباس فقال: يا ابن عباس طالما أضللت الناس. قال: وما ذاك يا عُريَّة؟ قال: الرجل يخرج محرمًا بحج أو بعمرة، فإذا طاف؛ زعمت أنه قد حل. فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك. فقال: أهما -ويحك- آثر عندك؛ أم ما في كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وفي أمته؟ فقال عروة: هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ومنك. قال ابن أبي مليكة: فخصمه عروة. اهـ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 234): وإسناده حسن. اهـ.

ويُنظر الرابط التالي:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=3056&page=3&p=100986&viewfull=1#post100986

والله أعلم.
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

هذا هو الصواب بإذن الله

ثانياً بالنسبة لتقليد المذاهب
نقلاً عن صفحة الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري

  • من مزالق بعض المعاصرين الذين نجوا من مزلق عدم التمذهب = التفريق في التمذهب بين التعبد والتعلم.. ففي التعلم ينصحون بالمذهبية بعد أن عركهم الزمان وصدمهم الواقع وما عرفوه عن ملكات أنفسهم ومشايخهم.. لكنهم في التعبد يأخذون بالراجح!
    وهذا المسلك غريب بعيد عن مسالك أهل العلم (سأكتب إن شاء الله شيئا عن وهم القول الراجح) فالمبتدئ وغير المتأهل للترجيح فرضه التقليد، وحينئذ فإنه يتمذهب ويحسن به ذلك في التعلم والعمل على السواء..

    أما أن يتمذهب بمذهب أحمد أو الشافعي مثلا في الدراسة، وبمذهب العلامة المعاصر في التعبد والعمل = فهذه من عجائب زماننا، وهو مما ضيع العلم والضبط؛ إذ لا يثبت العلم بدون عمل، ولا يرسخ في النفس قول يعتقد دارسه أنه مرجوح، وهذا مجرب ولا مرية فيه.
    فالقسمة ثلاثية في حق غير المتأهل: إما أن يقال له: اجتهد واعمل بما ترجح عندك.. وهذا غش له، وموقع له في الإثم العظيم وإن أصاب، وليس للمبتدئ نظر معتبر أصلا في الأدلة.
    وإما أن يقال: خذ بترجيحات شيخك.. وحينئذ فلا يقول عالم إن الأخذ بترجيحات الشيخ فلان تقليدا أولى من الأخذ بترجيحات أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة تقليدا! فما صنعنا إلا أن شوشنا عليه، ونقلناه من تقليد الفاضل إلى تقليد المفضول، وأوقعناه عمليا في سوء الظن بالأئمة.
    وإما أن يقال: خذ المذهب وتصوره جيدا، ثم اعرف الأدلة واطلع على البناء المحكم لتلك المدرسة، ثم إذا تأهلت فلك أن ترجح، ومع ذلك فلا يلزم أن يتأهل لذلك كل أحد.

    وهذه جادة أهل العلم المتقنين قديما وحديثا، وبها يرسخ العلم ويستقيم الفهم. والله أعلم. https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/417322201710939
وعن صفحة الشيخ أيضاً:
الداعون إلى مايسمى بالترجيح والأخذ بالراجح من الأقوال وعدم التقيد بالمذاهب = لديهم إشكالات من نواح عدة..منها: توهم أن قواعد الترجيح مطلقة ولا بد من المصير إليها، مع أن اختلاف المذاهب من الأساس هو اختلاف في قواعد الترجيح وفي فهم النصوص والجمع بين ما ظاهره التعارض منها.. وقواعد المذاهب في هذا مختلفة، فالترجيح سيختلف ولابد تبعا لذلك.. إذن ليس ثمة ما يُدْعى بالراجح مطلقا، بل الراجح لابد من تقييده بمذهب أو إمام وهكذا، وأهل كل مذهب إنما يقررون الراجح عندهم؛ بناء على قواعدهم وأصولهم. ونتج من هذا الترجيحُ الفوضوي الذي يكون بلا نظام ولا قواعد منضبطة مطردة، فخرجوا بالفقه من انتظام المذاهب التي حررها فحول الفقهاء إلى شيء سموه الراجح والأخذ بالدليل! وقد يعترض بعض هؤلاء على مثل الإمام أحمد بحديث صححه الشيخ الألباني، ولا يدري أن أحمد قد اطلع عليه وأعله!

أو يعترض عليه بأن الحديث ضعيف لأن صاحبنا لا يأخذ بالضعيف أبدا، وأحمد وسائر الأئمة المتبوعين يأخذ به بشروط!

ثم الواحد من هؤلاء لا يتعلم المذهب تعلما منهجيا صحيحا ويتأهل ومن ثم يخالفه؛ بل يتعلم الاعتراضات على المذهب أكثر من تعلم أدلة المذهب!
وقد مضت على هذه الدعاوى السنون والأعوام وتصرمت الأيام وتقلبت الأفهام؛ وبقيت كتب علماء المذاهب هي الجادة المطروقة والسبيل المقصودة، وذهبت أراء أولئك شذر مذر تتقلب مع الحوادث وتبنى على أصول يهدمونها هم أنفسهم في كل عقد من الزمان وربما أقل مرة أو مرتين!
وبقي الفقهاء ينيرون طريق السالكين بقوانين تختلف بحسب المذهب المتبع، لكنها تتفق في جديتها وصلابتها وقدرتها على حفظ شريعتنا من المتطفلين عليها ..
وفي الحقيقة كثر الكلام عن التمذهب هدمًا دون بناء يضاهي شواهق المتمذهبة، ما جعل طلاب الفقه حيارى، فإن استقام لهم باب اضطربت عليهم أبواب، وكم هو محزن أن يقابَل الفقه الذي بُني في قرون بكتبٍ لأفراد، هم في الغالب والأحسن من أحوالهم عالة على من يحذرون منهم !
وكل ما في الأمر محاولات خجولة، ولَبسٌ للأمور، وانتقال من تقليد الفاضل إلى تقليد المفضول.
كما أن من الإشكالات الخطيرة الخلط بين المقامات، فصار الطالب يخاطَب بما يخاطَبُ به أهل الاجتهاد .. فسلوك التمذهب ليس حائلا دون الترجيح والتحقيق حتى يكون المحققون قسيما للمتمذهبين حتى صار من نافلة القول أن يقول قائل: "هذا ما عليه الجمهور، وذهب المحققون إلى ..." ! لكن الشأن أن المبتدئ في الفقه ليس قِرنًا لأوساط الفقهاء بلهَ الكبار منهم، فينبغي أن يضبط المجال التداولي لمثل هذه المقررات، التي أبانت الأيام أن ضررها أقرب من نفعها.

ثم الفقه إنما هو ملكة تنال مع تراخي الزمان باستيفاء تصور الفقه تاما ثم معرفة أدلته.. ثم يصارُ بعدُ إلى الترجيح، ولكن الطريقة المسماة بـ (فقه الدليل) تطالب بتلقين الطلاب قواعد الترجيح ومسالك التحقيق مع فاتحة كل متن!
وليت "الراجحيِّين" على أقل تقدير كانوا أكثر تصالحا مع الإرث المذهبي، وجعلوا جهودهم على وفاقٍ مع أهل المذاهب، دون تمييز ظالم بين ما عليه أئمة المذاهب وما تدل عليه دلائل الوحي.
ويزداد الإشكال حين ينشأ ناشئ الفقه فينا على هذه "الوصايا الراجحيَّة" دون مطالعة ذاتية للكتب المذهبية، فيُصاب حينها بانتفاخ الدعاوى وضمور البراهين..
وها نحن نحاول جهدنا أن ندفع بكل ما أوتينا عن أبناء الجيل الحاضر الأخطار؛ فلا ينزلقون في متاهات الطرق وخصام السنين وصراع العقول والتوجهات ويظلون يدورون في حلقة مفرغة فلا يخرجون بكبير طائل ولا تجديد ولا تحقيق..
نعم؛ إن كل مذهب من المذاهب الأربعة فيه الخطأ والصواب، ولكن صوابه أكثر. وتقرير هذا معلوم لدى أهل العلم ضرورة.. ثم التمثيل للخطأ وأن أضع نفسي حاكما على المذهب ومنخلا له = فهذا هو الخطأ، وهو نفس ما يحذر منه مدعي الاجتهاد والترجيح لو تأمل؛ فمن الخطأ أن أخالفهم إلى ما أنهاهم عنه، وأقول: أخطأ أحمد مثلا في المسألة الفلانية. ولو فعلت فيغلب على ظني بل أجزم أنني أقرب للخطأ منه في الجملة لا في كل مسألة..

والمقصود: أن من تأهل للترجيح ودرس الفروع بأدلتها، وأصول الفقه بتوسع، وحصلت له الآلة، وحصّل مطلوب الاجتهاد في باب ما = فهذا يجتهد، لكن لايظن أن ترجيحاته أولى بالاتباع أو التقليد من ترجيحات الأئمة أو من اتباع مذهب ومعرفته بدليله، بل يبقى تقليد الأئمة الأربعة و التمذهب بمذاهبهم أرجح في حق الطالب، وترجيح صاحبنا إنما يلزم في حق نفسه. مع أن هذا النمط أصلا قليل جدا في زماننا، وقد ركب كثير من الجهال أبواب الفتوى باسم الاجتهاد الجزئي! ولم يفرقوا بين الاجتهاد الجزئي و(نصف الفقيه) الذي يفسد البلدان. والله المستعان.
https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/417332438376582


بالنسبة لغير المتأهل:

يجوز له أن يستفتى على أى المذاهب شاء أو من اتفق بشرط عدم تلقط الرخص فليس له النظر فى الأقوال الفقهية المختلفة للترجيح بينها بنفسه

كما يجوز له أيضاً الاجتهاد حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب (أو الأئمة أو لجان الفتوى) وأصحها أصلاً على قدر استطاعته فيقلده على التعيين

روضة الطالبين وعمدة المفتين للإمام النووى:

هل للعامى أن يقلد من شاء أم يبحث عن أسد المذاهب ، فيقلد أهله وجهان ، كالبحث عن الأعلم .

والثاني وبه قطع أبو الحسن إلكيا : يلزمه .

وهو جار في كل من يبلغ رتبة الاجتهاد من الفقهاء وأصحاب سائر العلوم ، لئلا يتلقط رخص المذاهب بخلاف العصر الأول ، ولم تكن مذاهب مدونة ، فيتلقط رخصها .

فعلى هذا يلزمه أن يختار مذهبا يقلده في كل شيء ، وليس له التمذهب بمجرد التشهي ، ولا بما وجد عليه أباه ، هذا كلام الأصحاب . والذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب ، بل يستفتي من شاء ، أو من اتفق ، لكن من غير تلقط للرخص .
ولعل من منعه لم يثق بعدم تلقطه .

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=95&ID=2063

لاحظ أن محل الخلاف بين العلماء فى لزوم التمذهب فقط (وجوبه) وليس فى جواز التمذهب (محل اتفاق)


قال الشيخ ابن جبرين: قد نقل كثير من العلماء الإجماع على جواز اتباع هذه المذاهب المدونة ، فقد نقله شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في كتاب مسودة بني تيمية عن الوزير ابن هبيرة ، كما نقله قبله صاحب البرهان فيه وابن الصلاح وأخيرا الدهلوي في الإنصاف


والله أعلم

q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد محمد عيسوى
لم أفهم تحذير مدعى الاجتهاد ماهو ولا مخالفتهم الى ما ينهاهم عنه
q.gif




الشيخ يقصد أن مدعى الاجتهاد يحذر من تقليد المذاهب (لأن قولها خطأ مرجوح بحسب رأيه) وفى نفس الوقت يدعو إلى تقليده هو فى الصحيح الراجح بحسب رأيه فقد نقل العامى من تقليد إلى تقليد

q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد عوض
وإما أن يقال: خذ بترجيحات شيخك.. وحينئذ فلا يقول عالم إن الأخذ بترجيحات الشيخ فلان تقليدا أولى من الأخذ بترجيحات أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة تقليدا! فما صنعنا إلا أن شوشنا عليه، ونقلناه من تقليد الفاضل إلى تقليد المفضول، وأوقعناه عمليا في سوء الظن بالأئمة.
q.gif




ثانياً معنى كلام الشيخ أن المجزوم بخطأه قليل وأكثر المسائل الخلاف فيها سائغ (خلاف معتبر) لا يمكن أن يُجزَم بالصواب فيها بل يغلب على ظن الفقيه رجحان قول من الأقوال

فالشيخ يحذر من الكلام بالقول الراجح المطلق الدال على أن الخلاف فى أغلب مسائل الفقه خلاف ضعيف غير معتبر (وهو غير صحيح)

والله أعلم


q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد عوض
توهم أن قواعد الترجيح مطلقة ولا بد من المصير إليها، مع أن اختلاف المذاهب من الأساس هو اختلاف في قواعد الترجيح وفي فهم النصوص والجمع بين ما ظاهره التعارض منها.. وقواعد المذاهب في هذا مختلفة، فالترجيح سيختلف ولابد تبعا لذلك.. إذن ليس ثمة ما يُدْعى بالراجح مطلقا، بل الراجح لابد من تقييده بمذهب أو إمام وهكذا، وأهل كل مذهب إنما يقررون الراجح عندهم؛ بناء على قواعدهم وأصولهم.
q.gif



q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد محمد عيسوى
نحن ما أمرنا أن نتبع أى مذهب الا مذهب الرسول صلى الله عليه وسلم
q.gif




الحاصل أنه لا يصح لعالم ولا لمجموعة من العلماء مهما بلغت درجتهم العلمية أن يصنفوا كتاباً فقهياً بعنوان (مذهب الرسول عليه الصلاة والسلام) لأنه لا يمكن الجزم بالصواب فى مسائل الخلاف المعتبر.

q2.gif
اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد محمد عيسوى
ان وجد أن مسألة مثلاً قد يكون واضحاً فيها الرجحان ولا تحتاج أن يكون الانسان قد بلغ مرتبة الاجتهاد كى يعرف فهذا وارد
q.gif




ما قاله ابن الصلاح هو الضابط فى هذا ويجب التزامه وهو ينطبق على كل المقلدين (وليس الشافعية فقط)

المجموع شرح المهذب للإمام النووى:
قال الشيخ أبو عمرو : فمن وجد من الشافعية حديثا يخالف مذهبه نظر إن كملت آلات الاجتهاد فيه مطلقا ، أو في ذلك الباب أو المسألة كان له الاستقلال بالعمل به . وإن لم يكمل وشق عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث . فلم يجد لمخالفته عنه جوابا شافيا ، فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي ، ويكون هذا عذرا له في ترك مذهب إمامه هنا ، وهذا الذي قاله حسن متعين والله أعلم .

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=14&ID=98

والله أعلم

والله أعلم
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

إضافة..
أقول: إن التمذهب لا يلزم منه التقليد والعكس صحيح، فكذا التقليد لا يلزم منه التمذهب، وينبغي اعتبار التفرقة بين درجة الإتباع أو النظر عند التمذهب وبين التقليد المحض الذي لا يكون إلا للعامي الذي لم يبلغ درجة النظر أصلًا -أقول العامي وليس طالب العلم أو المتمذهب-، فدرجة النظر فوق التقليد ودون الاجتهاد، ومن خلالها يكون الترجيح، فهي كالوسط بين الطرفين وذا ما يصح أن ينطبق على المتمذهب -لدى التمذهب عمومًا-.
وفيما يلي تفصيل لذلك:
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=3056&page=3&p=100986&viewfull=1#post100986
من موضوع: (ترك المذهب لقوة الدليل لا يخرج عن ربقة التقليد
)
قال الشيخ حامد العلي: الفقه لا يُمكن أن يتلقاه الطالب إلا بدراسة مذهب فقهي. اهـ.
وقال ابن قدامة: يجب على من ليس له أهلية الاجتهاد تقليد أحد أئمة المذاهب الأربعة. اهـ.
وقال ابن رجب: فإن قال أحمق متكلف/ كيف يحصر الناس في أقوال علماء متعينين ويمنع من الاجتهاد أو من تقليد غير أولئك من أئمة الدين؟؛ قيل له/ كما جمع الصحابة رضي الله عنهم الناس من القراءة بغيره في سائر البلدان، لما رأوا أن المصلحة لا تتم إلا بذلك، وأن الناس إذا تركوا يقرؤون على حروف شتى وقعوا في أعظم المهالك؛ فكذلك مسائل الأحكام وفتاوى الحلال والحرام، لو لم تضبط الناس فيها بأقوال أئمة معدودين؛ لأدى ذلك إلى فساد الدين.. فلا تقضي المصلحة غير ما قدره الله وقضاه من جمع الناس على مذاهب هؤلاء الأئمة المشهورين رضي الله عنهم أجمعين. اهـ.
وقال ابن هبيرة: الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة، وأن الحق لا يخرج عنهم. اهـ.
ويُفسر هذا؛ قوه شيخ الإسلام رحمه الله: وقول القائل/ لا أتقيد بأحد هؤلاء الأئمة الأربعة؛ إن أراد أنه لا يتقيد بواحد بعينه دون الباقين: فقد أحسن، بل هو الصواب من القولين. وإن أراد أني لا أتقيد بها كلها بل أخالفها؛ فهو مخطئ في الغالب قطعاً، إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة. اهـ.
وقال الألباني فيما ينقله عنه محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي لمحمد العباسي (2/ 112): ومن الجدير بالذكر أن هذا هو رأي أستاذنا حفظه الله نفسه، فقد ذكر أكثر من مرة أن الواجب على الناس في زماننا هذه أن يبدأوا بتعلم الفقه على طريق احد المذاهب الأربعة، ويدرسوا الدين من كتبها، ثم يتدرجوا في طريق العلم الصحيح، بأن يختاروا كتابًا من كتب مذهبهم، ككتاب المجموع للنووي عند الشافعية، وكتاب فتح القدير لابن الهمام عند الحنفية، وغيرها من الكتب التي تبين الأدلة، وتشرح طريق الاستنباط، ثم يتركوا كل قول ظهر لهم ضعف دليله وخطأ استنباطه، ثم يتدرجوا خطوة ثالثة بأن ينظروا في كتب المذاهب الأخرى، التي تُناقش الأدلة أيضًا وتبين طريق الاحتجاج بها، ويأخذوا من هذه الكتب ما ظهر لهم صحته وصوابه، وهكذا. انتهى. فيرى شيخنا أن هذا هو السبيل الصحيح المُمكن سلوكه في هذا الزمان، لأن سلوك السبيل الواجبة التي كان عليها السلف الصالح طفرة غير مُمكن اليوم؛ لأنه لا يوجد في الناس علماء مجتهدون، يعلمونهم فقه الكتاب والسنة، ولذلك فليس أمام الناس إلا أحد سبيلين: فأما أن يُتركوا دون تعليم ولا تفقيه ويخبطوا في دينهم خبط عشواء، وإما أن يتعلموا دينهم ويتفقهوا في أحكامه عن طريق أحد المذاهب الأربعة. ولا شك أن هذا الطريق هو اخف ضررًا وأقل شرًّا من الطريق الأول، ولذلك ننصح به ونؤيده. اهـ.
ويقول محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي (1/ 62): والخلاصة؛ أننا لا نُمانع في الوقت الحاضر من دراسة الفقه على الطريقة المذهبية، ولكن بشرط واحد وهو عدم التعصب، فالتعصب المذهبي هو الذي نُحاربه ونكرهه. اهـ.
وقال الصاوي في الثوابت والتغيرات ص(70) معلِّقًا على القولين السابقين: لا يظهر لي وجه ما ذهب إليه الشيخان الجليلان: الألباني والعباسي، من اعتبار دراسة طلبة العلم للفقه على الطريقة المذهبية في بداية طريق التعلم مع عدم التعصب، من الأمور المباحة استثناء على سبيل الضرورة! وهل كانت بداية طلب العلم عبر التاريخ إلا على هذا الوجه؟ بل ألا يتقيد أغلب طلبة الحديث اليوم باختيارات شيخنا الألباني حفظه الله ونفع بعلومه وترجيحاته العلمية حتى توشك أن تكون عندهم مذهب خامسًا، وماهم على ذلك بملومين ماداموا متبعين وغير متعصبين؟!. اهـ.
وقال حسن البنا فيما نقله عنه محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي (2/ 112): ولكل مُسلم لم يبلغ درجة النظر في ادلة الأحكا الفروعية، أن يتبع إمام من أئمة الدين، ويُحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم، حتى يبلغ درجة النظر. اهـ
فيُشرع دراسة الفقه على الطريقة المذهبية والأصولية بشرط عدم التعصب، وأن يترقى بعد ذلك بدراسة الفقه المُقارن، والمُقابلة بين دارك الأئمة، حتى يبلغ درجة الاستقلال بالنظر. والدليل على ذلك عمل من مضى من أهل العلم، وإجماع أهل العلم المُعاصرين، أو على الأقل لا يُعرف لذلك مُخالف من المُعاصرين. اهـ.

وجاء في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني رحمه الله ص(41/ 50) ..
والأصل إتباع الدليل، ولذلك نهى الأئمة وحرّموا الأخذ بكلامهم مُجردًا أو إذا خالف الدليل أحياءً كانوا أو أمواتًا، ومن المُفيد أن نسوق هُنا أقوال الأئمة في إتباع السنة وترك أقوالهم المُجردة أو المُخالفة لها، فلعل فيها عظة وذكرى لمن يُقلدهم تقليدًا أعمى وهو الذي عناه الطحاوي في قوله كما نقله ابن عابدين في رسم المُفتي (1/ 32) من مجموعة رسائله: "لا يُقلد إلا عصبي أو غبي".
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وقد روى عنه أصحابه أقوالًا شتى وعبارات متنوعة؛ كلها تؤدي إلى شئ واحد وهو: وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المُخالفة له:
1- "إذا صح الحديث فهو مذهبي" .
حاشية: [ابن عابدين في الحاشية (1/ 63)، وفي رسالته رسم المفتي (1/ 4) من مجدموعة رسائل ابن عابدين، والشيخ صالح الفلاني في إيقاظ الهمم ص(62) وغيرهم.
ونقل ابن عابدين عن شرح الهداية لابن الشحنة الكبير شيخ ابن الهمام ما نصه: "إذا صح الحديث، وكان على خلاف المذهب؛ عمل بالحديث، ويكون ذلك مذهبه، ولا يخرج مقلده عن كونه حنفيًّا بالعمل به، فقد صح عن أبي حنيفة أنه قال: "إذا صح الحديث فهو مذهبي" ، وقد حكى ذلك الإمام ابن عبد البر عن أبي حنيفة وغيره من الأئمة" .
قُلت: وهذا من كمال علمهم وتقواهم؛ حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها، وقد صرح بذلك الإمام الشافعي كما يأتي، فقد يقع منهم ما يُخالف السنة التي لم تبلغهم، فأمرونا بالتمسك بها، وأن نجعلها من مذهبهم رحمهم الله تعالى أجمعين] .
2- لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه" .
حاشية: [ابن عبدالبر في الانتقاء في فضائل الأئمة الفقهاء ص(145)، وابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 309)، وابن عابدين في حاشيته على البحر الرائق (6/ 293)، وفي رسم المفتي ص(29، 32)، والشعراني في الميزان (1/ 55) بالرواية الثانية، والرواية الثالثة رواها عباس الدوري في التاريخ لابن معين (6/ 77/ 1) بسند صحيح عن زفر، وورد نحوه عن أصحابه زفر ويوسف وعافية بن يزيد؛ كما في الإيقاظ ص(52)، وجزم ابن القيم (2/ 344) بصحته عن أبي يوسف، والزيادة في التعليق على الإيقاظ ص(65) نقلًا عن ابن عبد البر وابن القيم وغيرهما.
قُلت: فإذا كان هذا قولهم فيمن لم يعلم دليلهم؛ فليت شعري! ماذا يقولون فيمن علم أن الدليل خلاف قولهم، ثم أفتى بخلاف الدليل؟! فتأمل في هذه الكلمة؛ فإنها وحدها كافية في تحطيم التقليد الأعمى، ولذلك أنكر بعض المقلدة من المشايخ نسبتها إلى أبي حنيفة حين انكرت عليه إفتاءه بقول لأبي حنيفة لم يعرف دليله!] .
وفي رواية: "حرام على مَن يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي" .
زاد في رواية: "فإننا بَشَر، نقول القول اليوم ونرجع عنه غدًا" .
وفي أخرى: "ويحك يا يعقوب! -هو أبو يوسف- لا تكتب كل ما تسمع مني، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدًا، وأرى الرأي غدًا وأتركه بعد غد" .
حاشية: [قُلت: وذلك لأن الإمام كثيرًا ما يبني قوله على القياس، فيبدو له قياس أقوى، أو يبلغه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ به ويترك قوله السابق.
قال الشعراني في الميزان (1/ 62) ما مختصره: "واعتقادنا واعتقاد كل منصف في الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لو عاش حتى دوِّنت الشريعة، وبعد رحيل الحفاظ في جمعها من البلاد والثغور وظفر بها؛ لأخذ بها وترك كل قياس كان قاسه، وكان القياس قل في مذهبه كما قل في مذهب غيره بالنسبة إليه، لكن لما كانت أدلة الشريعة مفرقة في عصره مع التابعين وتابعي التابعين في المدائن والقرى والثغور؛ كثر القياس في مذهبه بالنسبة إلى غيره من الأئمة ضرورة؛ لعدم وجود النص في تلك المسائل التي قاس فيها؛ بخلاف غيره من الأئمة، فإن الحفاظ كانوا قد رحلوا في طلب الأحاديث وجمعها في عصرهم من المدائن والقرى، ودوَّنوها، فجاوبت أحاديث بعضها بعضًا، فهذا كان سبب كثرة القياس في مذهبه، وقلته في مذاهب غيره" .
ونقل القسم الأكبر منه أبو الحسنات في النافع الكبير ص(135)، وعلَّق عليه بما يؤيده ويوضحه، فليراجعه من شاء.
قُلت: فإذا كان هذا عذر أبي حنيف فيما وقع منه من المُخالفة للأحاديث الصحيحة دون قصد -وهو عذر مقبول قطعًا؛ لأن الله تعالى لا يُكلف نفسًا إلا وسعها- فلا يجوز الطعن فيه كما قد يفعل بعض الجهلة، بل يجب التأدب معه؛ لأنه إمام من أئمة المسلمين الذين بهم حُفِظَ هذا الدين، ووصل إلينا ما وصل من فروعه، وأنه مأجور على كل حال أصاب أم أخطأ، كما أنه لا يجوز لمعظميه أن يظلوا متمسكين بأقواله المُخالفة للأحاديث؛ لأنها ليست من مذهبه؛ كما رأيت نصوصه في ذلك، فهؤلاء في وادٍ وأولئك في واد، والحق بين هؤلاء وهؤلاء. (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)] .
3- "إذا قلت قولًا يُخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فاتركوا قولي" .
حاشية: [الفلاني في الإيقاظ ص(50)، ونسبه للإمام محمد أيضًا، ثم قال: "وهذا ونحوه ليس في حق المجتهد؛ لعدم احتياجه في ذلك إلى قولهم، بل هو في حق المقلد" .
قُلت: وبناءً على هذا قال الشعراني في الميزان (1/ 26): "فإن قلت: فّما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامي ولم يأخذ بها؟ فالجواب: الذي ينبغي لك أن تعمل بها؛ فإن إمامك لو ظفر بها، وصحَّت عنده؛ لربما كان أمرك بها؛ فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشريعة، ومن فعل ذلك؛ فقد حاز الخير بكلتا يديه، ومن قال: لا أعمل بحديث إلا إن أخذ به إمامي؛ فاته خير كثير كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب، وكان الأولى لهم العلم بكل حديث صح بعد إمامهم تنفيذًا لوصية الأئمة، فإن اعتقدنا فيهم أنهم لو عاشوا وظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم؛ لأخذوا بها، وعملوا بما فيها، وتركوا كل قياس كانوا قاسوه، وكل قول كانوا قالوه"] .
وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال:
1- "إنما أنا بشر أُخطئ وأُصيب، فانظروا في رأيي؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه" .
حاشية: [ابن عبد البر في الجامع (2/ 32) ، وعنه ابن حزم في أصول الأحكام (6/ 149) ، وكذا الفلاني ص(72)] .
2- "ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويُترك؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم" .
حاشية: [نسبه هذا إلى مالك هو المشهور عند المتأخرين، وصححه عنه ابن عبد الهادي في إرشاد السالك (1/ 227)، وقد رواه ابن عبد البر في الجامع (2/ 91)، وابن حزم في أصول الأحكام (6/ 145، 179) من قول الحكم بن عتيبة ومجاهد، وأورده تقي الدين السبكي في الفتاوى (1/ 148) من قول ابن عباس متعجبًا من حسنه، ثم قال: "وأخذ هذه الكلمة من ابن عباسٍ مجاهدٌ، وأخذها منهما مالك رضي الله عنه واشتهرت عنه" .
قُلت: ثم أخذها عنهم الإمام أحمد، فقد قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص(276): "سمعت أحمد يقول: ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويُترك؛ ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم"] .
3- قال ابن وهب: سمعت مالكًا سُئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء؟ فقال: ليس ذلك على الناس. قال: فتركته حتى خفَّ الناس، فقلت له: عندنا في ذلك سنة، فقال: وما هي؟ قُلت: حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمر بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه. فقال: إن هذا الحديث حسن، وما سمعت به قط إلا الساعة. ثم سمعته بعد ذلك يُسأل، فيأمر بتخليل الأصابع.
حاشية: [مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ص(31- 32)، ورواها تامة البيهقي في السنن (1/ 81)] .
وأما الإمام الشافعي رحمه الله؛ فالنقول عنه في ذلك أكثر وأطيب..
حاشية: [قال ابن حزم (6/ 118): "إن الفقهاء الذين قلَّدوا مبطلون للتقليد، وإنهم نهوا أصحابهم عن تقليدهم، وكان أشدهم في ذلك الشافعي، فإنه رحمه الله بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار، والأخذ بما أوجبته الحجة، حيث لم يبلغ غيره، وتبرأ من أن يُقّلَّدَ جملة، وأعلن بذلك، نفع الله به وأعظم أجره، فلقد كان سببًا إلى خير كثير"].
.. وأتباعه أكثر عملًا بها وأسعد، فمنها:
1- "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزُب عنه، فمهما قلتُ من قول، أو أصَّلتُ من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت؛ فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قولي" .
حاشية: [رواه الحاكم بسنده المتصل إلى الشافعي؛ كما في تاريخ دمشق لابن عساكر (15/ 1/ 3)، وإعلام الموقعين (2/ 363، 364) ، والإيقاظ ص(100)] .
2- "أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لم يحل له أن يدعها لقول أحد" .
حاشية: [ابن القيم (2/ 361)، والفلاني ص(68)] .
3- "إذا وجدتك في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوا ما قلت" .
وفي رواية: "فاتبعوها، ولا تلتفتوا إلى قول أحد" .
حاشية: [الهروي في ذم الكلام (3/ 47/ 1)، والخطيب في الاحتجاج بالشافعي (2/ 8)، وابن عساكر (1/ 9/ 15)، والنووي في المجموع (1/ 63)، وابن القيم (2/ 361) ، والفلاني ص(100)، والرواية الأخرى لأبي نُعيم في الحلية (9/ 107)، وابن حبان في صحيحه (3/ 284)- الإحسان، بسنده الصحيح عنه نحوه] .
4- "إذا صح الحديث فهو مذهبي" .
حاشية: [النووي في المصدر السابق، والشعراني (1/ 57) وعزاه للحاكم والبيهقي، والفلاني ص(107)، وقال الشعراني: "قال ابن حزم: أي: صح عنده أو عند غيره من الأئمة" .
قُلت: وقوله الآتي عقب هذا صريح في هذا المعنى، قال النووي رحمه الله ما مختصره: "وقد عمل بهذا أصحابنا في مسألة التثويب، واشتراط التحلل من الإحرام بعذر المرض وغيرهما مما هو معروف في كتب المذهب، وممن حُكِيَ عنه أنه أفتى بالحديث من أصحابنا: أبو يعقوب البويطي، وأبو القاسم الداركي، وممن استعمله من أصحابنا المحدثين: الإمام أبو بكر البيهقي وآخرون، وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث، ومذهب الشافعي خلافه؛ عملوا بالحديث وأفتوا به قائلين: مذهب الشافعي ما وافق الحديث. قال الشيخ أبو عمرو: فمن وجد من الشافعية حديثًا يُخالف مذهبه نظر؛ إن كملت آلات الاجتهاد فيه مطلقًا -أو في ذلك الباب أو المسألة- كان له الاستقلال بالعمل به، وإن لم تكمل وشَقَّ عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفه عنه جوابًا شافيًا؛ فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي، ويكون هذا عذرًا له في ترك مذهب إمامه هنا. وهذا الذي قال حسن متعين، والله أعلم" .
قُلت: وهناك صورة أخرى لم يتعرض لذكرها ابن الصلاح، وهي فيما إذا لم يجد من عمل بالحديث؛ فماذا يصنع؟ أجاب عن هذا تقي الدين السبكي في رسالة معنى قول الشافعي: إذا صح الحديث.. (3/ 102) فقال: "والأولى عندي اتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك الحديث منه؛ أيسعه التأخر عن العمل به؟ لا والله.. وكل واحد مُكلَّفٌ بحسب فهمه" .
وتمام هذا البحث وتحقيقه تجده في إعلام الموقعين (2/ 302، 370) ، وكتاب الفلاني المسمى إيقاظ همم أولي الأبصار، للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار، من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار. وهو كتاب فذ في بابه، يجب على كل محب للحق أن يرسده دراسة تفهم وتدبر] .
5- أنتم -الخطاب للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله- أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شئ يكون: كوفيًّا أو بصريًّا أو شاميًّا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا" .
حاشية: [رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ص(94- 95)، وأبو نُعيم في الحلية (9/ 106)، والخطيب في الاحتجاج بالشافعي (1/ 8)، وعنه ابن عساكر (1/ 9/ 15)، وابن عبد البر في الانتقاء ص(75)، وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص(499)، والهروي (2/ 47/ 2) من ثلاثة طرق عن عبدالله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أن الشافعي قال له:.. فهو صحيح عنه، ولذلك جزم بنسبته إليه ابن القيم في الإعلام (2/ 325)، والفلاني في الإيقاظ ص(152)، ثم قال: "قال البيهقي: ولهذا كثر أخذه -يعني: الشافعي- بالحديث، وهو أنه جمع علم أهل الحجاز والشام واليمن والعراق، وأخذ بجميع ما صح عنده من غير محاباة منه، ولا ميل إلى ما استحلاه من مذهب أهل بلده؛ مهما بان له الحق في غيره، وفيمن كان قبله من اقتصر على ما عهده من مذهب أهل بلده، ولم يجتهد في معرفة صحة ما خالفه، والله يغفر لنا ولهم. "] .
6- كل مسألة صح فيها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت؛ فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي" .
حاشية: [أبو نُعيم في الحلية (9/ 107)، والهروي (1/ 47)، وابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 363)، والفلاني ص(104)] .
7- إذا رأيتموني أقول قولًا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه؛ فاعلموا أن عقلي قد ذهب" .
حاشية: [رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ص(93)، وأبو القاسم السمرقندي في الأمالي كما في المنتقى منها لأبي حفص المؤدب (1/ 234)، وأبو نُعيم في الحلية (9/ 106)، وابن عساكر (1/ 10/ 15) بسند صحيح] .
8- "كل ما قلت؛ فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح؛ فحديث النبي أولى، فلا تقلدوني" .
حاشية: [ابن أبي حاتم ص(93)، وأبو نُعيم وابن عساكر (2/ 9/ 15) بسند صحيح] .
9- "كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني" .
حاشية: [ابن أبي حاتم ص(93- 94)] .
وأما الإمام أحمد؛ فهو أكثر الأئمة جمعًا للسنة وتمسكًا بها؛ حتى "كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي"؛
حاشية: [ابن الجوزي في المناقب ص(192)] .
ولذلك قال:
1- "لا تقلدني، ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا" .
حاشية: [الفلاني ص(113)، وابن القيم في الإعلام (2/ 302)] .
وفي رواية: "لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فَخُذ به، ثم التابعين بَعْدُ الرجلُ فيه مُخيَّرٌ" .
وقال مَرَّة: "الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مُخيَّرٌ" .
حاشية: [أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص(276، 277)] .
2- "رأي الأوزاعي، ورأي مالك، ورأي أبي حنيفة: كله رأي، وهو عندي سواء، وإنما الحجة في الآثار" .
حاشية: [ابن عبد البر في الجامع (2/ 149)] .
3- "من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو على شفا هَلَكةٍ" .
حاشية: [ابن الجوزي ص(182)] .
فتلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث، والنهي عن تقليدهم دون بصيرة، وهي من الموضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلًا ولا تأويلًا، وعليه؛ فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة؛ لا يكون مباينًا لمذهبهم، ولا خارجًا عن طريقتهم، بل هو متبع لهم جميعًا، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وليس كذلك من ترك السنة المتقدمة، والله تعالى يقول: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى? يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة النساء: الآية65] ، وقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة النور: الآية63] .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة، وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره، وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة؛ فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدي به من رأي رأي معظَّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا في الرد..
حاشية: [قُلت: حتى ولو على آبائهم وعلمائهم؛ كما روى الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 372) وأبو يعلى في مسنده (3/ 1317)- مصورة المكتب، بإسناد جيد رجاله ثقات عن سالم بن عبدالله بن عمر قال: "إني لجالس مع ابن عمر رضي الله عنه في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج؟ فقال ابن عمر: حسن جميل. فقال: فإن أباك كان ينهى عن ذلك؟ فقال: ويلك! فإن كان أبي قد نهى عن ذلك، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به؛ فبقول أبي تأخذ أم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: فقم عني" . وروى أحمد رقم(5700) نحوه، قضى سعد بن إبراهيم (يعني: ابن عبدالرحمن بن عوف) على رجل برأي ربيعة بن أبي عبدالرحمن، فأخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما قضى به، فقال سعد لربيعة: هذا ابن أبي ذئب، وهو عندي ثقة، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ما قضى به، فقال له ربيعة: قد اجتهد ومضى حكمك. فقال سعد: واعجًا! أنفذ قضاء سعد ولا أنفذ قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! بل أرد قضاء سعد ابن أم سعد، وأنفذ قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدعا سعد بكتاب القضية فشقه، وقضى للمقضي عليه].
لا بغضًا له؛ بل هو محبوب عندهم معظَّم في نفوسهم، لكن رسول الله أحب إليهم، وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره؛ فأمر الرسول أولى أن يُقدم ويُتبع، ولا يُمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورًا له،
حاشية: [قُلت: بل هو مأجور لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، فأخطأ؛ فله أجر واحد) . رواه الشيخان وغيرهما] .
بل ذلك المُخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف" .
حاشية: [نقله في التعليق على إيقاظ الهمم ص(93)] .
قُلت: كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر، وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة؟ بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها، أو أخذ بخلافها، ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح فيها انفرادًا واجتماعًا في مجلد ضخم؛ قال في أوله: "إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام، وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها؛ لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم" .
حاشية: [الفلاني ص(99)] .
اهـ.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالته "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" (2/ 628): فإن قيل: فما تقولون في نهي الإمام أحمد وغيره من الأئمة عن تقليدهم وكتابة كلامهم، وقول الإمام أحمد: لا تكتب كلامي ولا كلام فلان وفلان، وتعلم كما تعلمنا. وهذا كثير موجود في كلامهم؟ قيل: لا ريب أن الإمام أحمد رضي الله عنه كان ينهى عن آراء الفقهاء والاشتغال بها حفظًا وكتابة، ويأمر بالاشتغال بالكتاب والسنة حفظًا وفهمًا وكتابة ودراسة، وبكتابة آثار الصحابة والتابعين دون كلام مَن بعدهم، ومعرفة صحة ذلك من سقمه، والمأخوذ منه والقول الشاذ المطرح منه، ولا ريب أن هذا مما يتعين الاهتمام به والاشتغال بتعلمه أولًا قبل غيره، فمن عرف ذلك وبلغ النهاية من معرفته -كما أشار إليه الإمام أحمد- فقد صار علمه قريبًا من علم أحمد، فهذا لا حجر عليه ولا يتوجه الكلام فيه، إنما الكلام في منع من لم يبلغ هذه الغاية، ولا ارتقى إلى هذه النهاية، ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير، كما هو حال أهل هذا الزمان، بل هو حال أكثر الناس منذ أزمان، مع دعوى كثير منهم الوصول إلى الغايات والانتهاء إلى النهايات، وأكثرهم لم يرتقوا عن درجة البدايات. اهـ.
وروى الطبراني في الأوسط (1718- مجمع البحرين) عن عروة بن الزبير أنه أتى ابن عباس فقال: يا ابن عباس طالما أضللت الناس. قال: وما ذاك يا عُريَّة؟ قال: الرجل يخرج محرمًا بحج أو بعمرة، فإذا طاف؛ زعمت أنه قد حل. فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك. فقال: أهما -ويحك- آثر عندك؛ أم ما في كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وفي أمته؟ فقال عروة: هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ومنك. قال ابن أبي مليكة: فخصمه عروة. اهـ. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 234): وإسناده حسن. اهـ.

هذا، والله أعلم ورد العلم إليه أسلم.
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

جزاكم الله خيرا .. وماذا عن جواب الاعتراضات وهو سبب فتحى الموضوع ؟ .. مثلا استماتة أصحابها في الدفاع عن مذاهبهم بالتأويلات الباردة المخالفة لصريح النصوص

أو
، ومن عالج تلك الكتب ونظر فيها علم علم اليقين أنها ما استكتب إلا لنصرة المذهب ، بل نجد لكل مذهب قواعد خاصة-ولا أقصد العامة- ينطلق منها لفهم النص، مثال :المذهب في قواعد المذهب لابن راشد القفصي المالكي ،المسند المذهب في ضبط قواعد المذهب لعظوم المالكي ...المجموع المذهب في قواعد المذهب للعلائي الشافعي.. كتاب أصول للكرخي الحنفي..وكثيرا ما تكون قواعد هذا المذهب مخالفةللمذهب الآخر ، كل حزب بما لديهم فرحون
,
لا يفهم الإخوة أني ضد علم القواعد الفقهية ، بل أنا ضد هذا الأسلوب الهجين الذي تناولت به هذه الكتب مثل هذا العلم

أو الاعتراض على ألفاظ كمصحف المذهب أو كلامه عن مخالفة مسائل كثيره للسنة وأنها لا تنقى أى تلك الكتب .. الخ​
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

يا أخى طالب العلم هذا إما متأهل للترجيح فى باب ما أو مسألة ما (تجزؤ الاجتهاد) وإما غير متأهل
والمقصود: أن من تأهل للترجيح ودرس الفروع بأدلتها، وأصول الفقه بتوسع، وحصلت له الآلة، وحصّل مطلوب الاجتهاد في باب ما = فهذا يجتهد
مع أن هذا النمط أصلا قليل جدا في زماننا، وقد ركب كثير من الجهال أبواب الفتوى باسم الاجتهاد الجزئي! ولم يفرقوا بين الاجتهاد الجزئي و(نصف الفقيه) الذي يفسد البلدان. والله المستعان.



اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد محمد محمد عيسوى
ان وجد أن مسألة مثلاً قد يكون واضحاً فيها الرجحان ولا تحتاج أن يكون الانسان قد بلغ مرتبة الاجتهاد كى يعرف فهذا وارد


ما قاله ابن الصلاح هو الضابط فى هذا ويجب التزامه وهو ينطبق على كل المقلدين (وليس الشافعية فقط)

المجموع شرح المهذب للإمام النووى:
قال الشيخ أبو عمرو : فمن وجد من الشافعية حديثا يخالف مذهبه نظر إن كملت آلات الاجتهاد فيه مطلقا ، أو في ذلك الباب أو المسألة كان له الاستقلال بالعمل به . وإن لم يكمل وشق عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث . فلم يجد لمخالفته عنه جوابا شافيا ، فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي ، ويكون هذا عذرا له في ترك مذهب إمامه هنا ، وهذا الذي قاله حسن متعين والله أعلم .

http://library.islamweb.net/newlibra...bk_no=14&ID=98

لاحظ تقسيم ابن صلاح والنووى
إما كمال آلة الاجتهاد مطلقاً أو فى باب ما أو فى مسألة ما (تجزؤ الاجتهاد)
وإما عدم كمالها فيتعين التقليد
ولا توجد مرحلة وسط تسمى درجة النظر
وإذا كانت توجد هذه المرحلة أتمنى أن ينقلها لنا أحد من كتب أحد الأئمة
ولا أعتقدها توجد
فالترجيح بالأدلة الشرعية بين الأقوال الفقهية المختلفة فى مسألة ما هو عين الاجتهاد
والله أعلم
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

يا أخى ليس عن مسألة الاجتهاد بل الاعتراضات .. بارك الله فيك هذا تشتيت للموضوع​
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

يا أخى موضوعك قد صدرته بهذا الكلام للشيخ الألبانى فأردت التأكيد على أن كلام الأئمة المتقدمين الخاص بعدم تقليدهم موجه لمن كملت فيه آلة الاجتهاد سواء المطلق أو الجزئى وأن لفظة الراجح لا بد من نسبتها لإمام أو مذهب معين وليس إطلاقها ما دام الخلاف معتبر (سائغ) فعذراً على هذا التشعب
وكان من الأسئلة المهمة التي سألتها الشيخ في هذا اليوم سألته عن التمذهب؛ لأنه شاع بين الناس أن الشيخ ناصر الدين الألباني يحارب المذاهب الأربعة، ويحارب التقليد، وكانت -في الحقيقة- شائعة قوية جداً وصلتنا إلى مصر، وكنت أريد أن أعرف رأي الشيخ فيها، فلما تكلم الشيخ في هذه المسألة تكلم بكلام هو الذي عليه الأئمة الأربعة، فالشيخ ناصر لا يقول للمسلمين: لا تتمذهبوا وإنما يقول: لا تتخذوا المذهب ديناً، بمعنى: أن تجمد على المذهب، وإذا علمت الحق في غيره تقول: لا، أنا لا أخالف المذهب، فهذا هو الذي كان الشيخ ناصر ينكره، وقد أنكره العلماء المتقدمون، وتبرءوا من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم أحياءً وأمواتاً، وقالوا قولتهم المشهورة: ( إذا صح الحديث فهو مذهبي).
فالشيخ ناصر كان يقول: إذا كنت أنا شافعي المذهب، وظهر الحق في المسألة عند المالكية أو الحنابلة أو الحنفية، فليس معنى ذلك على الإطلاق أن أجمد على مذهبي وأقول: أنا شافعي ولا أخالف المذهب، وأترك الحق الذي قامت عليه الدلائل وأخالفه.
فالشيخ ناصر كان يحارب هذا أشد المحاربة، كما كان الأئمة المتقدمون أيضاً يحاربون هذا أشد المحاربة.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

يا أخى طالب العلم هذا إما متأهل للترجيح فى باب ما أو مسألة ما (تجزؤ الاجتهاد) وإما غير متأهل

...

لاحظ تقسيم ابن صلاح والنووى
إما كمال آلة الاجتهاد مطلقاً أو فى باب ما أو فى مسألة ما (تجزؤ الاجتهاد)
وإما عدم كمالها فيتعين التقليد
ولا توجد مرحلة وسط تسمى درجة النظر
وإذا كانت توجد هذه المرحلة أتمنى أن ينقلها لنا أحد من كتب أحد الأئمة
ولا أعتقدها توجد
فالترجيح بالأدلة الشرعية بين الأقوال الفقهية المختلفة فى مسألة ما هو عين الاجتهاد
والله أعلم
بارك الله فيكم.
لا أرى خلافٌ حقيقيٌّ بيننا -في مضمون المعنى العام، بغض النظر عن الاصطلاحات- بمشيئة الله تعالى.
بداية لا شك أن تجزؤ الاجتهاد من موارد الاجتهاد، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن منصب الاجتهاد لا يقبل التجزئة أصلًا، وأنه لا بد للاجتهاد في بعض المسائل من تحصيل مكنة الاجتهاد المطلق في جميع المسائل، وذلك لأن كل ما يقدر جهله به يجوز تعلقه بالحكم المفروض فلا يحصل له ظن عدم المانع، ولأن أكثر علوم الاجتهاد يتعلق بعضها ببعض، ويأخذ بعضها بحجز بعض، فإن نقصت لم يقتدر على شئ من الاجتهاد. قالوا: ولهذا يفتضح أمر من ادعى الاجتهاد في مسألة ما، عندما يناظره فيها المجتهد المطلق، ويورد عليه من المسالك والمآخذ ما لا يتعقله.
ولكن جمهور أهل العلم على جواز ذلك -كما تفضلتم-، وأن من تحصلت له رتبة الاجتهاد في بعض المسائل فإن له أن يجتهد فيها، وإن لم تحصل له هذه المكنة بالنسبة لغيرها، وإلا لزم أن يكون المجتهد عالمًا بجميع المسائل، وهو خلاف الواقع، فإن كثيرًا من المجتهدين، ومنهم مالك بن أنس وأحمد وغيرهما، قد سُئل في مسائل فأجاب في بعضها وأمسك عن بعضها الآخر.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى (20/ 212)-، حيث يقول: "والاجتهاد ليس هو أمرًا واحدًا لا يقبل التجزؤ والانقسام، بل قد يكون الرجل مجتهدًا في فن أو باب أو مسألة دون فن وباب ومسألة، وكل أحد فاجتهاده بحسب وسعه". اهـ.
ليس هذا محل كلامي، وإنما كلامي هو في عدم مساواة العامي المُقلّد بطالب العلم حيث يُجمع بينهم في درجة واحدة (التقليد) -وحتى لو افترق طالب العلم عن العامي بالاجتهاد الجزئي على كلام من قال بهذا فليس يُسمى "مُجتهدًا" على وجه الإطلاق وإنما بشكل مُقيّد وهو في درجة التقليد بوجه عام، كما سبق-، ولم أنفرد بهذا -أي بالتفرقة بين الإتباع والتقليد أو إفراد درجة خاصة بطلبة العلم اعتبارًا لقدرته على النظر في الأدلة والترجيح بينها-.
بل إن جماعة من العلماء على إفراد مرتبة طلبة العلم، وأصحاب القدرة على فهم الأدلة -ممن لم يبلغوا مبلغ الاستقلال بالنظر- باسم (الإتباع)؛ تمييزًا لها عن مرتبة الاجتهاد التي لم يرتفعوا إليها، ومرتبة العامية البحتة التي لم يهبطوا إليها.
فقد ورد في كلام ابن عبد البر وابن خويز منداد -وغيرهم- ما يدل على ذلك.
قال ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله (2/ 117) ما نصه: "باب فسا التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد والاتباع. التقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول ولا معناه". اهـ.
وقال أبو عبدالله بن خويز منداد: "كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح -يقصد في الأصول-، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في دين الله مسوغ والتقليد ممنوع". اهـ. راجع: الاجتهاد للسيوطي (102). ويظهر أن مراده "بدين الله" هي الأصول العقدية أو الفقهية لا الأحكام من الفروع الفقهية.
بل وهم على تفرقة كذلك بين الاجتهاد والاستدلال والتقليد والاتباع! .. خلافًا لبعضهم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فالذي يتأمل في عباراته لا يكاد يجد أثرًا لهذا التفريق، وتحرير ذلك يطول.
أما المقصر أو العوام -عمومًا- فليس من شأنهم النظر في جملة الأدلة والحجج والترجيح بينها بل هذا لمن بلغ مرتبة النظر والاستدلال - كما سبق.
وقال حسن البنا فيما نقله عنه محمد العباسي في بدعة التعصب المذهبي (2/ 112): ولكل مُسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفروعية، أن يتبع إمام من أئمة الدين، ويُحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم، حتى يبلغ درجة النظر. اهـ.

هذا، والله أعلم.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

يا أخى موضوعك قد صدرته بهذا الكلام للشيخ الألبانى فأردت التأكيد على أن كلام الأئمة المتقدمين الخاص بعدم تقليدهم موجه لمن كملت فيه آلة الاجتهاد سواء المطلق أو الجزئى وأن لفظة الراجح لا بد من نسبتها لإمام أو مذهب معين وليس إطلاقها ما دام الخلاف معتبر (سائغ) فعذراً على هذا التشعب
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالته "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" (2/ 628): فإن قيل: فما تقولون في نهي الإمام أحمد وغيره من الأئمة عن تقليدهم وكتابة كلامهم، وقول الإمام أحمد: لا تكتب كلامي ولا كلام فلان وفلان، وتعلم كما تعلمنا. وهذا كثير موجود في كلامهم؟ قيل: لا ريب أن الإمام أحمد رضي الله عنه كان ينهى عن آراء الفقهاء والاشتغال بها حفظًا وكتابة، ويأمر بالاشتغال بالكتاب والسنة حفظًا وفهمًا وكتابة ودراسة، وبكتابة آثار الصحابة والتابعين دون كلام مَن بعدهم، ومعرفة صحة ذلك من سقمه، والمأخوذ منه والقول الشاذ المطرح منه، ولا ريب أن هذا مما يتعين الاهتمام به والاشتغال بتعلمه أولًا قبل غيره، فمن عرف ذلك وبلغ النهاية من معرفته -كما أشار إليه الإمام أحمد- فقد صار علمه قريبًا من علم أحمد، فهذا لا حجر عليه ولا يتوجه الكلام فيه، إنما الكلام في منع من لم يبلغ هذه الغاية، ولا ارتقى إلى هذه النهاية، ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير، كما هو حال أهل هذا الزمان، بل هو حال أكثر الناس منذ أزمان، مع دعوى كثير منهم الوصول إلى الغايات والانتهاء إلى النهايات، وأكثرهم لم يرتقوا عن درجة البدايات. اهـ.
وهذا لا يُعارض ما تقصد لكن الاستدلال لا يكون من ذلك الوجه وإنما يؤخذ من غيره -أعني من ذلك الوجه الذي تفضلت به-، أما إطلاق الترجيح فلا يلزم نسبته لإمام إذا امتلك الطالب الآلية للترجيح عمومًا ووصل إلى درجة النظر، إذ هو الراجح عند من رجّحه وإنما يجوز له الاستئناس بمن وافقه في ذلك الترجيح -من حيث موافقه اجتهاده لاجتهادهم-؛ وذلك لأن الترجيح خاصٌّ بالمرجح ابتداءً، ولأنه لا يُعارض فقه الخلاف -كونه سائغًا- من ناحية كون الراجح في الأصول يُقابله المرجوح، وهكذا.

والله أعلم.
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

باختصار استفسارى هل تلك الاعتراضات صحيحة أم لا ولماذا ؟ وما وجه الجواب فى مسألة أنها لم تنقى من المساءل المخالفة للدلىل والاكتفاء بالتأوىل للتبرير

كذلك أن كتبهم أو كتب قواعد الفقه الخاصه بهم وضعت للانتصار لكل مذهب والرد على مخالفيه ولم تنطلق من الدليل أرجو الايضاح بارك الله فيكم​
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

الإمام أحمد يحث طلابه على الوصول إلى درجة الاجتهاد حتى لا يجمدوا على تقليده لما يراه فيهم من قدرتهم على الوصول إلى هذه الدرجة وهم فعلاً كانوا يقلدونه ويكتبون مسائله أمامه على الرغم من نهيه لهم عن ذلك لنقل علمه لمن بعدهم ولتقليده فيها حتى يصلوا هم لدرجة الاجتهاد
إنما الكلام في منع من لم يبلغ هذه الغاية، ولا ارتقى إلى هذه النهاية، ولا فهم من هذا إلا النزر اليسير، كما هو حال أهل هذا الزمان، بل هو حال أكثر الناس منذ أزمان، مع دعوى كثير منهم الوصول إلى الغايات والانتهاء إلى النهايات، وأكثرهم لم يرتقوا عن درجة البدايات.
الاجتهاد الوحيد الذى يسوغ لغير المتأهل هو الاجتهاد حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب (أو الأئمة أو لجان الفتوى مثلاً) وأصحها أصلاً فيقلده على التعيين

أخيراً لو كنتَ موافقاً على كلام ابن الصلاح الذى نقلته لك فلا خلاف بيننا فى المضمون بإذن الله
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

يا أخى ليس عن مسألة الاجتهاد بل الاعتراضات .. بارك الله فيك هذا تشتيت للموضوع​
بخصوص مُشاركة الأخ الكريم أحمد محمد عوض رقم 6# فهي موجّه لي. ونعتذر عن التشتيت غير المقصود للموضوع.

ولي عودة قريبًا بمشيئة الله تعالى،،

وأطلب منك فضلًا أن تتكرم بإيجاز ما لديك من اعتراضات في نقاط بشكل مختصر؛ هل هي من حيث التأويلات لبعض النصوص، أم هي من حيث انفراد مذهب بعينه بقواعد معينة، أم في التعصب المذهبي عمومًا..

وجزاكم الله خيرًا.
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

...
وجاء في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني رحمه الله ص(41/ 50) ..
...
..، قال النووي رحمه الله ما مختصره: "وقد عمل بهذا أصحابنا في مسألة التثويب، واشتراط التحلل من الإحرام بعذر المرض وغيرهما مما هو معروف في كتب المذهب، وممن حُكِيَ عنه أنه أفتى بالحديث من أصحابنا: أبو يعقوب البويطي، وأبو القاسم الداركي، وممن استعمله من أصحابنا المحدثين: الإمام أبو بكر البيهقي وآخرون، وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث، ومذهب الشافعي خلافه؛ عملوا بالحديث وأفتوا به قائلين: مذهب الشافعي ما وافق الحديث. قال الشيخ أبو عمرو: فمن وجد من الشافعية حديثًا يُخالف مذهبه نظر؛ إن كملت آلات الاجتهاد فيه مطلقًا -أو في ذلك الباب أو المسألة- كان له الاستقلال بالعمل به، وإن لم تكمل وشَقَّ عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفه عنه جوابًا شافيًا؛ فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي، ويكون هذا عذرًا له في ترك مذهب إمامه هنا. وهذا الذي قال حسن متعين، والله أعلم" .
قُلت: وهناك صورة أخرى لم يتعرض لذكرها ابن الصلاح، وهي فيما إذا لم يجد من عمل بالحديث؛ فماذا يصنع؟ أجاب عن هذا تقي الدين السبكي في رسالة معنى قول الشافعي: إذا صح الحديث.. (3/ 102) فقال: "والأولى عندي اتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك الحديث منه؛ أيسعه التأخر عن العمل به؟ لا والله.. وكل واحد مُكلَّفٌ بحسب فهمه" .
وتمام هذا البحث وتحقيقه تجده في إعلام الموقعين (2/ 302، 370) ، وكتاب الفلاني المسمى إيقاظ همم أولي الأبصار، للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والأمصار، من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار. وهو كتاب فذ في بابه، يجب على كل محب للحق أن يرسده دراسة تفهم وتدبر] .
..
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة، وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره، وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة؛ فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدي به من رأي رأي معظَّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا في الرد..
لا بغضًا له؛ بل هو محبوب عندهم معظَّم في نفوسهم، لكن رسول الله أحب إليهم، وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره؛ فأمر الرسول أولى أن يُقدم ويُتبع، ولا يُمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورًا له،
حاشية: [قُلت: بل هو مأجور لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد، فأصاب؛ فله أجران، وإذا حكم فاجتهد، فأخطأ؛ فله أجر واحد) . رواه الشيخان وغيرهما] .
بل ذلك المُخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف" .
حاشية: [نقله في التعليق على إيقاظ الهمم ص(93)] .
قُلت: كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر، وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة؟ بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها، أو أخذ بخلافها، ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح فيها انفرادًا واجتماعًا في مجلد ضخم؛ قال في أوله: "إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام، وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها؛ لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم" .
حاشية: [الفلاني ص(99)] .
اهـ.
http://feqhweb.com/vb/showthread.php?t=17582&p=122909&viewfull=1#post122909

والله الموفق.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,647
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

( الاعتراض على المذهب بمخالفة السنة الصحيحة )

هذا الاعتراض شائع في كتب الخلاف العالي، ولهذا قالوا كلٌ يؤخذ ويرد من قوله.
بل الإمام المطلبي أعلى من اجتمع فيه الفقه والحديث واللغة - أعلى الله مقامه- لم يسلم هو الآخر من مثل هذا الاعتراض من نفس أتباعه كالإمام النووي وغيره.
ولكن استغلال هذا الاعتراض لهدم التمذهب وإتباع الأئمة خطأ فاضح ومغالطة ظاهرة؛ لأن من عرف قول إمام في المسألة وعرف جميع أدلته، وعرف قول غيره من الأئمة وعرف أدلته وتبين له أن الأول قد خالف حديثا ثبت عنده صحة إسناده وثبت عنده سلامته من العلل الظاهرة والخفية وثبت عنده سلامته من الناسخ وسلامته من معارض راجح مع ما أوتى من سلامة الذهن ورجاحة العقل وثبوت الملكة والمعرفة بلغة العرب فهذا قد خرج عن تقليد أحد الإمامين إلى الأخذ بإجتهاد نفسه.
وإنما يتجه الاعتراض لو قلنا إن الأئمة معصومون أو أنهم لم يخالفوا الصواب في أي مسألة اجتهدوا فيها من يوم صاروا مجتهدين إلى أن توفاهم الله وهذا لا يقول به من يعي ما يقول.
فالحق وسط بين طرفين: بين تارك للمذهب ذاما له ومقبل على كتب المحدَثين معظما لها مع أنهم لم يبلغوا رتبة من سلفهم ولا قاربوا، وبين ملازم لمذهب إمامه معتقدا أن الحق فيه لا فيما سواه ومعرض عمن سواه زاهدا فيه لا يبالي بالسنة ولا بكتب الحديث ولا بأهلها.
والله أعلم.
 

أحمد محمد عوض

:: مخضرم ::
إنضم
4 مايو 2013
المشاركات
1,508
التخصص
صيدلة
المدينة
اسكندرية
المذهب الفقهي
شافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

إضافة سريعة مهمة بالنسبة لقول الإمام الشافعى: إذا صح الحديث فهو مذهبى
المجموع شرح المهذب للإمام النووى:

صح عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال : إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا قولي ، وروي عنه : إذا صح الحديث خلاف قولي فاعملوا بالحديث واتركوا قولي ، أو قال : فهو مذهبي ، وروي هذا المعنى بألفاظ مختلفة .
وهذا الذي قاله
الشافعي ليس معناه أن كل واحد رأى حديثا صحيحا قال : هذا مذهب الشافعي وعمل بظاهره ،
وإنما هذا فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب على ما تقدم من صفته أو قريب منه ، وشرطه : أن يغلب على ظنه أن الشافعي - رحمه الله - لم يقف على هذا الحديث أو لم يعلم صحته ، وهذا إنما يكون بعد مطالعة كتب الشافعي كلها ونحوها من كتب أصحابه الآخذين عنه وما أشبهها . وهذا شرط صعب قل من يتصف به ، وإنما اشترطوا ما ذكرنا ; لأن الشافعي - رحمه الله - ترك العمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها ، لكن قام الدليل عنده على طعن فيها أو نسخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك .

قال الشيخ
أبو عمرو - رحمه الله - : ليس العمل بظاهر ما قاله الشافعي بالهين ، فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل بما يراه حجة من الحديث ، وفيمن سلك هذا المسلك من الشافعيين من عمل بحديث تركه الشافعي - رحمه الله - عمدا ، مع علمه بصحته لمانع اطلع عليه وخفي على غيره ، كأبي الوليد موسى بن أبي الجارود ممن صحب الشافعي ، قال : صح حديث { أفطر الحاجم والمحجوم } ، فأقول : قال الشافعي : أفطر الحاجم والمحجوم ، فردوا ذلك على أبي الوليد ; لأن الشافعي تركه مع علمه بصحته ، لكونه منسوخا عنده ، وبين الشافعي نسخه واستدل عليه
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=14&ID=98



وهناك صورة أخرى لم يتعرض لذكرها ابن الصلاح، وهي فيما إذا لم يجد من عمل بالحديث؛ فماذا يصنع؟ أجاب عن هذا تقي الدين السبكي في رسالة معنى قول الشافعي: إذا صح الحديث.. (3/ 102) فقال: "والأولى عندي اتباع الحديث، وليفرض الإنسان نفسه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمع ذلك الحديث منه؛ أيسعه التأخر عن العمل به؟ لا والله.. وكل واحد مُكلَّفٌ بحسب فهمه" .

على حسب نظرى القاصر (وأنا ليس لمثلى أن يرد على مثل الإمام التقى السبكى ولكن أنقل لكم ما أراه والله أعلم)
مستحيل أن يكون الصواب فى مسألة فقهية قد غاب عن كل الأئمة المستقلين عبر العصور (وهذا وحده كاف) وليس هذا فقط بل الذى عرف الصواب فيها هذا الغير متأهل فيجب على هذا الغير متأهل أن يتهم فهمه بالضعف أو بحثه عن الجواب على الحديث بالتقصير ولا يأخذ بفهمه المجزوم بخطأه
وقد اشترط ابن الصلاح وأقره النووى أن يعمل به إمام مستقل فهما تعرضا لذكرها على عكس ما قاله الشيخ الألبانى عنهما (فهو شرط صرحا بلزوم وجوده حتى يعمل بهذا الحديث وإلا فلا يعمل به)
فهذا يعتبر خلاف بين النووى وابن الصلاح من جهة وبين التقى السبكى من جهة (إن صح النقل عن التقى السبكى)
وليست مسألة غفل عن ذكرها ابن الصلاح والنووى ثم تكلم فيها التقى السبكى كما قال الشيخ الألبانى

والله أعلم
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

جزاكم الله خيرا .. هذه هى النقاط بشكل مختصر وهى ليست اعتراضاتى :
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=17582&p=122912&viewfull=1#post122912

نبدأ بتناول الشطر الأول وهو :

استفسارى هل تلك الاعتراضات صحيحة أم لا ولماذا ؟ وما وجه الجواب فى مسألة أنها لم تنقى من المساءل المخالفة للدليل والاكتفاء بالتأويل للتبرير

 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

أخي الفاضل الحبيب/ أحمد محمد عوض

صدقني لا خلاف بارك الله فيك، فدعنا نعود إلى أصل الطرح حتى لا نتسبب في زيادة التشتيت -غير المقصود :)- للموضوع بنقاش خلاف معنوي فرعي.

،،
 
إنضم
3 يونيو 2013
المشاركات
307
التخصص
الاعلام
المدينة
المنيا
المذهب الفقهي
الشافعى
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

أخي الفاضل الحبيب/ أحمد محمد عوض

صدقني لا خلاف بارك الله فيك، فدعنا نعود إلى أصل الطرح حتى لا نتسبب في زيادة التشتيت -غير المقصود :)- للموضوع بنقاش خلاف معنوي فرعي.

،،
هو كان تشتيت بفوائد بالمناسبة :)
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: بعض الاعتراضات على أهل المذاهب .. (دعوة للمشاركة)

السلام عليكم

أخي الكريم/ أحمد محمد محمد عيسوي

جزاكم الله خيرا .. هذه هى النقاط بشكل مختصر وهى ليست اعتراضاتى :
http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=17582&p=122912&viewfull=1#post122912

نبدأ بتناول الشطر الأول وهو :

باختصار استفسارى هل تلك الاعتراضات صحيحة أم لا ولماذا ؟ وما وجه الجواب فى مسألة أنها لم تنقى من المساءل المخالفة للدلىل والاكتفاء بالتأوىل للتبرير

كذلك أن كتبهم أو كتب قواعد الفقه الخاصه بهم وضعت للانتصار لكل مذهب والرد على مخالفيه ولم تنطلق من الدليل أرجو الايضاح بارك الله فيكم​
وجزاك الله خيرًا وبارك فيك،،
هذه الاعتراضات لا تسلم إذا كان المقصود منها إلغاء التمذهب أو (إتباع) العلماء بالنسبة لطالب العلم -كما أشار الأستاذ. صفاء الدين العراقي في مشاركته 15#-، فلو كانت هكذا؛ فهي مردودة غير صحيحة، والجواب عليها من وجوه:
إحداها/ [فيما يخص التأويل].. أنه لا يصح وصف التأويلات الصالحة المُعتبرة للنصوص من اجتهاد بعض الأئمة بالتبريرات التي تهدف للانتصار لمذهب معين أو قصد مُخالفة الدليل تعمدًا؛ لأن غاية الاجتهاد هو بذل الجهد بتحقيق التحري لإصابة وجه الحق والصواب في المسألة الواحدة وليست غايته مُخالفة الدليل والتعصّب للمذهب! .. وتأويل نص مُعين عند أحدهم يُعلم منه أن هذا النص (عنده) غير صريح، لاتّفاقهم على أنه لا اجتهاد مع نص ولا تأويل لصريح، ولو كان هذا النص صريحًا عند غيره، فكون إمام يتعرّض لنص بتأويل يعني أنه ليس بصريح عنده، فلا يُعارض هذا عدم مُخالفة الدليل أو قصد التعصّب للمذهب ومجرد الانتصار له.
الثاني/ [بخصوص مُخالفة السنة الصحيحة].. أنه كذلك عندما يُخالف أحد الأئمة دليل صحيح يُعلم منه أنه لم يصح (عنده) ولا يعني بهذا أنه يقصد مُخالفته تعمّدًا مع ثبوته عنده لمُجرد الانتصار لمذهبه تعصّبًا! .. هذا وهم واضح، ولو كان كذلك لما وجدنا رجوع عن كثير الأقوال منهم ومُخالفتهم لبعض ما ورد في مذهبهم.
والأخير/ [بخصوص القواعد].. فلا يخفى على أحد أن المذاهب عبارة عن تطبيق للأصول على مُختلف الفروع، وكذا تفعيل لبعض القواعد في الفروع كذلك، فمثلًا المذهب الحنفي يعود إلى أصول الحنفية وينفرد عن الجمهور بقواعد عديدة كقاعدة النسخ بالزيادة عندهم مثلًا، والمذهب المالكي يعود إلى أصول المتكلمين -وكذلك المذهب الشافعي، والحنبلي- لكن ينفرد عن بقية المذاهب باعتبار حُجيّة عمل أهل المدينة مثلًا، وهكذا.. فهذا شأن المذاهب، ومعلوم أن هذه الأصول وتلك القواعد منطلقها الكتاب والسنة استنباطًا وليست هي خبط عشواء قد ابتدعها الأئمة أو استحدثها أصحاب المذاهب مثلًا! .. أما تلك الطائفة التي تُريد إلغاء المذاهب وتدعوا إلى إهدار اجتهادات الأئمة وتُريد حسم المسائل الخلافيّة السائغة وإلزام الناس بقول أوحد؛ فغلطها واضح وليس ذا من الفقه في شيء.
أقول: وهذا كلام مُجمل، ولو تعرّضنا لأمثلة تطبيقيّة لوجدنا مصداق ذلك، وأنا -إن تيسّر لي قريبًا- سأُحرّر موضوعًا عن تطبيق القواعد المُختلف فيها على مُختلف الفروع الفقهية وأثر ذلك الخلاف في المسائل، فالشاهد/ أنه لا يُعقل -ومن غير الإنصاف- أن يُقال أن مُنطلق التصنيفات الخاصة بتلك القواعد الفقهية [المُختلف فيها] مجرد الانتصار المحض للمذهب الواحد وليس مُنطلقًا من الدليل أصالة كتابًا وسنةً؛ هذا مردود ولا يصح جملة وتفصيلًا.

والله أعلم وهو المستعان.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى