العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أليس منه ما مر في زيادة على كونه إضافيا؟
نعم منه فإن عدم الولد قيد عدمي ولكن الفقهاء كالحكماء يجيزون التعليل بالإضافي. فتح الله عليك.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثالث والتسعون- القياس

معارضة العلة المستنبطة بمناف


أولا: ومن شروط العلة أن لا تكون العلة المستنبطة معارَضَة من قبل الخصم بمعارِض مناف لمقتضاها موجود في الأصل.
مثاله: قياس حليّ البالغة على حليّ الصغيرة في عدم وجوب الزكاة لأنه حليٌ مباحٌ. فالأصل هو حلي الصغيرة، والفرع هو حلي البالغة، وحكم الأصل هو عدم وجوب الزكاة، والعلة المستنبطة هي كونه حليا مباحا.
فيعارضها الحنفي قائلا: إن العلة في عدم وجوب الزكاة في حلي الصغيرة هي كونه حلي صغيرة.
فهذه العلة التي أبدأها الحنفي منافية لمقتضى علة المستدل لإنها لا تقتضي عدم وجوب الزكاة في حلي الكبيرة، وذلك المنافي -أي كونه حلي صغيرة- موجود في الأصل وهو حلي الصغيرة.
ثانيا: وقع التمثيل للمسألة السابقة بمثال آخر وهو: قول الحنفي لا يجب تبييت النية في صوم رمضان والدليل عليه هو: أن صوم رمضان هو صوم مطلوب من كل مكلف على التعيين كالنفل- كعرفة فإنه مطلوب صيامه من كل مكلف على التعيين لأنه سنة عين- فيتأدى صومه بالنية قبل الزوال.
فالأصل هو صيام النفل، والفرع هو صيام رمضان، والحكم هو صحة الصوم بنية قبل الزوال، والعلة هي كونه مطلوبا من كل مكلف على التعيين.
فيعارضه الشافعي فيقول: إن العلة هي كونه صيام فرض فيحتاط فيه ولا يبنى على السهولة بخلاف النفل.
وهذا المثال محل نقاش فإننا اشترطنا أن يكون المعارض المنافي موجودا في الأصل وهنا ليس كذلك فإن علة الشافعي وهي الفرضية التي عارض بها العينية على مكلف غير موجودة في الأصل وهو صوم النفل، فالمثال ليس مطابقا للمسألة.
ثالثا: لا يشترط في العلة أن لا تكون معارضة من قبل الخصم بمعارض مناف لمقتضاها موجود في الفرع.
وقيل: يشترط أن تكون العلة المستنبطة لا يعارضها الخصم بمناف موجود في الفرع، بأن تثبت في الفرع علة أخرى توجب خلاف الحكم الثابت فيه بالقياس على أصل آخر.
مثاله: إذا قال الشافعي في مسح الرأس في الوضوء: هو ركن كغسل الوجه فيسن تثليثه.
فالأصل هو غسل الوجه، والفرع هو مسح الرأس، وحكم الأصل هو سنية التثليث، والعلة الجامعة هي الركنية في الوضوء.
فيعارضه الحنفي: بأن مسح الرأس كمسح الخف بجامع المسحية فلا يسن تثليثه.
فهنا الوصف المعارض الذي أبداه الحنفي وهو كونه مسحا موجود في الفرع وهو مسح الرأس وهذا يقتضي أن الحكم في مسح الرأس هو عدم التثليث.

( شرح النص )​

وأنْ لا تكونَ المستنبَطَةُ مُعارضَةً بمنافٍ موجودٍ في الأصلِ.
............................................................................
( و ) شرط للإلحاق بالعلة ( أنْ لا تكونَ ) العلة ( المستنبَطَةُ ) وهي الحاصلة عن رأي المجتهد- وقيّدها بذلك؛ لأن العلة المنصوصة تلغي ما يعارضها -( مُعارضَةً بمنافٍ ) لمقتضاها ( موجودٍ في الأصلِ ) أي المقيس عليه إذْ لا عمل للعلة- وعملها هو كون المنصوص عليه أصلا يلحق به غيره- مع وجود المعارض إلا بمرجح، ومثّل له بقول الحنفي في نفي وجوب التبييت في صوم رمضان: صوم عين-أي مطلوب من كل ذات من المكلفين- فيتأدى بالنية قبل الزوال كالنفل، فيعارضه الشافعي: بأنه صوم فرض فيحتاط فيه بخلاف النفل فيبنى على السهولة، وهو مثال للمعارِض في الجملة- فإنه معارضة بحسب ما يترتب على كل من العلتين- وليس منافيا ولا موجودا في الأصل- أما كونه غير موجود في الأصل فظاهر فإن الفرضية ليست موجودة في الأصل وهو صوم النفل، وأما كون الوصف غير مناف ففيه منع؛ لأن البناء على الاحتياط الذي هو مقتضى الفرضية ينافي البناء على السهولة الذي هو مقتضى قياس الحنفي-، وخرج بالأصل: الفرع فلا يشترط انتفاء وجود ذلك فيه لصحة العلة، وقيل: يشترط في الفرع أيضا، ومثل للمعارض الموجود في الفرع بقولنا معاشر الشافعية في مسح الرأس: ركن في الوضوء فيسن تثليثه كغسل الوجه، فيعارضه الخصم بقوله: مسح فلا يسن تثليثه كالمسح على الخفين، وهو مثال للمعارض في الجملة وليس منافيا- وفيه نظر فإنه وإن كان لا منافاة بين العلتين أي كونه مسحا وكونه ركنا إذْ يمكن أن يجتمعا كما في مسح الرأس في الوضوء إلا أن بين مقتضى العلتين تنافيا فإن كونه مسحا يقتضي عدم استحباب التثليث وكونه ركنا يقتضي استحبابه- وإنما ضعّف هذا الشرط وإن لم يثبت الحكم في الفرع عند انتفائه؛ لأن الكلام في شروط العلة، وهذا شرط لثبوت الحكم في الفرع لا للعلة التي الكلام فيها- والخلاصة أن الشرط المذكور هو شرط في الفرع وليس شرطا في العلة ونحن الآن في تقرير شروط العلة فليس هذا موضعه وإن كان صحيحا في نفسه- وإنما قيد المعارض بالمنافي لأنه قد لا ينافي كما سيأتي فلا يشترط انتفاؤه، ويجوز أن يكون هو- أي المعارض غير المنافي- علة أيضا بناء على جواز التعليل بعلل- وسيأتي الكلام عليه قريبا إن شاء الله-.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أشعر بحيرة في أمري فتارة أقول في نفسي مبحث القياس ينبغي الاعتناء به لكونه الأعقد فلنكثر من ذكر المعلومات والتفاصيل بحسب الطاقة.
وتارة أقول فهذا يقتضي الاقتصار على ألفاظ المتن بقدر المستطاع وأنت قد انتقلت من التعليق على المتن بتعليقات خفيفة إلى تضمين الشرح نصوص من شرح الغاية - وعبارته عالية- إلى التحشية على الغاية فقد خرجت عن الهدف وهو كونه كتابا للمتوسطين.
ألا مَن مزيل لحيرتي؟!.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

يقول الإمام السمعاني :
وعمدت إلى مجموع مختصر في أصول الفقه أسلك فيه طريقة الفقهاء من غير زيغ عنه ولا حيد، ولا جنف ولاميل، ولا أرضى بظاهر من الكلام، ومتكلف من العبارة، يهول على السامعين ويسبى قلوب الأغتام الجاهلين، لكن اقصد لباب اللب وصفو الفطنة وزيدة الفهم ...
وحين أصل إلى باب القياس، وما يتشعب منه ... فسأشرح عند ذلك، وأبسط زيادة بسط وشرحٍ على حسب ما يسمح به الخاطر، ويجود به الوقت. والله المعين على ذلك والميسر له بمنه.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

يا أبا عبد الرحمن استكمالا للبحث السابق ما توجيهك لما يلي:
قال العلامة المحلي: ( وسيأتي أن الفرع المحل المشبّه، وقيل: حكمه، ولا يتأتّى فيه قول بأنه دليل الحكم، كيف ودليله القياس )اهـ
ألخص ما قاله الشيخ عيسى منون في "نبراس العقول" وهو يؤيد ما بحثناه وانتهينا إليه من قبل.
قال : واعلم أنهم اختلفوا في ما يسمى من الأركان أصلا وما يسمى فرعا على ثلاثة مذاهب .
وقال بعد ذكر المذاهب : والأصل والفرع على مذهب المتكلمين خارجان عن أركان القياس ، وكذلك أحد الفرعين - وهو حكم المقيس - على مذهب الإمام .
ثم قال : وهذا الخلاف لا طائل تحته ولا يترتب عليه فائدة وإنما اصطلح كل فريق على ما يسمى أصلا وما يسمى فرعا مع مراعاة الجميع وجه انطباق معنيي الأصلية والفرعية بحسب الأصل على ما أراد منهما في هذا المقام ، وسيتضح لك أن كل فريق له وجه فيما اصطلح عليه إلا أن الخلاف فيما هو الأنسب منها .
وقد نقل عن التبريزي تعقبه على الإمام بقوله : ما جرى عليه الإمام ذهاب عظيم عن مقصود البحث؛ إذ ليس المقصود بيان ما يصح أن يسمى أصلاً في الجملة؛ فإن ذلك معلوم، وله اعتبارات، فالنص أصل باعتبار، والحكم أصل باعتبار، والعلة أصل باعتبار، ولكن المطلوب بيان الأصل الذي يقابل الفرع في التركيب القياسي، ولا شك بهذا الاعتبار أنه محل الحكم الثابت بنص، أو إجماع، كما قاله الفقهاء.
ولهذا كان حد القياس: (حمل معلوم على معلوم) وأرادوا بالمعلوم الثاني الأصل .
ولا يمكن تفسير المعلوم الثاني بالنص، ولا بالعلة، ولا بالحكم، وعن هذا قالوا: فلا بد من معلوم ثانٍ؛ ليكون أصلاً .
وأبدلوا في اختصار التعريف لفظ (المعلوم) بالفرع والأصل، فقالوا: القياس: (رد فرع إلى أصل) هكذا.
واشتهر في لسان النظار: لا نسلم الحكم في الأصل، ولا نسلم وصف العلة في الفرع، وكل ذلك إشارة إلى ما ذكرناه، ويقولون في الاستعمال: قياسًا على البر، قياسًا على الخمر.
ثم قال مدافعا عن الإمام : وفيما قاله نظر؛ فإن مقصود الإمام بيان ما ينبغي أن يسمى أصلا وفرعا مما انطبق عليه معناهما من غير كلفة ، وما ذكره من الأمور إنما هي جارية على اصطلاح الفقهاء بعد تقرره فلا تصلح دليلا عليه . اهـ. ملخصا
والظاهر أن بين هذه الطريقة وطريقة الإمام المحلي تخالفا إلا أنه يمكن القول باتحادهما والجمع بينهما وإنما هو اختلاف اعتبار ونظر .
فكلام الإمام المحلي يفهم منه أن المذاهب الثلاثة اتفقت على أن في الأركان أصلا وفرعا ثم اختلفت في تعيينهما فهو على ما يظهر يعتبر الركنية عند صاحب كل مذهب من غير أن ينظر إلى ما تقرر في اصطلاح الفقهاء - عكس ما يعتبره صاحب "النبراس" فيما مر - ويدل عليه عده دليل حكم المقيس عليه الذي هو نص الكتاب والسنة أو الإجماع من الأركان وهذا لا يكون إلا عند القائل بأنه أصل خلافا لما اصطلح عليه الفقهاء لأن الأركان عندهم أربعة : المقيس عليه والمقيس والعلة والحكم ، وليس منها الدليل .
فيتحصل من الطريقين
- أن الأصل والفرع على قول المتكلمين خارجان عن الأركان الأربعة بالنظر لمصطلح الفقهاء وهما من الأركان عند المتكلمين أنفسهم .
فجملة الأركان على هذا القول ثلاثة: أصل وهو دليل حكم المقيس عليه وفرع وهو الحكم - لا دليله لأنه القياس فيلزم عليه عدُّ الشيء ركنَ نفسِه - والعلة .
- وأن الفرع على مذهب الإمام خارج عن الركنية بالنظر لمصطلح الفقهاء وهو ركن عنده .
فجملة الأركان عنده أربعة: أصلان وفرعان فحكم المقيس عليه أصل والعلة فيه فرع، وحكم المقيس فرع والعلة فيه أصل.
- وأما الفقهاء فهما في اصطلاحهم
المقيس عليه والمقيس ، وجملة الأركان أربعة كما مر . والله أعلم.


 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا قلتم في باب العام:

ومثال الصورة غير المقصودة للمتكلم: ما لو وكّل زيدٌ شخصًا بشراء عبيدِ فلانٍ وفيهم مَنْ يُعْتَقُ على زيدٍ لزومًا من أقربائه كأولاده وأولاد أولاده ولم يعلم بكونهم عبيدًا عند فلان فإذا اشتراه الوكيل فإنه يعتق على زيد وإن لم يقصده بالشراء.

هل من مثال معاصر؟ الله يبارك فيكم.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ألخص ما قاله الشيخ عيسى منون في "نبراس العقول" وهو يؤيد ما بحثناه وانتهينا إليه من قبل.
قال : واعلم أنهم اختلفوا في ما يسمى من الأركان أصلا وما يسمى فرعا على ثلاثة مذاهب .
وقال بعد ذكر المذاهب : والأصل والفرع على مذهب المتكلمين خارجان عن أركان القياس ، وكذلك أحد الفرعين - وهو حكم المقيس - على مذهب الإمام .
ثم قال : وهذا الخلاف لا طائل تحته ولا يترتب عليه فائدة وإنما اصطلح كل فريق على ما يسمى أصلا وما يسمى فرعا مع مراعاة الجميع وجه انطباق معنيي الأصلية والفرعية بحسب الأصل على ما أراد منهما في هذا المقام ، وسيتضح لك أن كل فريق له وجه فيما اصطلح عليه إلا أن الخلاف فيما هو الأنسب منها .
وقد نقل عن التبريزي تعقبه على الإمام بقوله : ما جرى عليه الإمام ذهاب عظيم عن مقصود البحث؛ إذ ليس المقصود بيان ما يصح أن يسمى أصلاً في الجملة؛ فإن ذلك معلوم، وله اعتبارات، فالنص أصل باعتبار، والحكم أصل باعتبار، والعلة أصل باعتبار، ولكن المطلوب بيان الأصل الذي يقابل الفرع في التركيب القياسي، ولا شك بهذا الاعتبار أنه محل الحكم الثابت بنص، أو إجماع، كما قاله الفقهاء.
ولهذا كان حد القياس: (حمل معلوم على معلوم) وأرادوا بالمعلوم الثاني الأصل .
ولا يمكن تفسير المعلوم الثاني بالنص، ولا بالعلة، ولا بالحكم، وعن هذا قالوا: فلا بد من معلوم ثانٍ؛ ليكون أصلاً .
وأبدلوا في اختصار التعريف لفظ (المعلوم) بالفرع والأصل، فقالوا: القياس: (رد فرع إلى أصل) هكذا.
واشتهر في لسان النظار: لا نسلم الحكم في الأصل، ولا نسلم وصف العلة في الفرع، وكل ذلك إشارة إلى ما ذكرناه، ويقولون في الاستعمال: قياسًا على البر، قياسًا على الخمر.
ثم قال مدافعا عن الإمام : وفيما قاله نظر؛ فإن مقصود الإمام بيان ما ينبغي أن يسمى أصلا وفرعا مما انطبق عليه معناهما من غير كلفة ، وما ذكره من الأمور إنما هي جارية على اصطلاح الفقهاء بعد تقرره فلا تصلح دليلا عليه . اهـ. ملخصا
والظاهر أن بين هذه الطريقة وطريقة الإمام المحلي تخالفا إلا أنه يمكن القول باتحادهما والجمع بينهما وإنما هو اختلاف اعتبار ونظر .
فكلام الإمام المحلي يفهم منه أن المذاهب الثلاثة اتفقت على أن في الأركان أصلا وفرعا ثم اختلفت في تعيينهما فهو على ما يظهر يعتبر الركنية عند صاحب كل مذهب من غير أن ينظر إلى ما تقرر في اصطلاح الفقهاء - عكس ما يعتبره صاحب "النبراس" فيما مر - ويدل عليه عده دليل حكم المقيس عليه الذي هو نص الكتاب والسنة أو الإجماع من الأركان وهذا لا يكون إلا عند القائل بأنه أصل خلافا لما اصطلح عليه الفقهاء لأن الأركان عندهم أربعة : المقيس عليه والمقيس والعلة والحكم ، وليس منها الدليل .
فيتحصل من الطريقين
- أن الأصل والفرع على قول المتكلمين خارجان عن الأركان الأربعة بالنظر لمصطلح الفقهاء وهما من الأركان عند المتكلمين أنفسهم .
فجملة الأركان على هذا القول ثلاثة: أصل وهو دليل حكم المقيس عليه وفرع وهو الحكم - لا دليله لأنه القياس فيلزم عليه عدُّ الشيء ركنَ نفسِه - والعلة .
- وأن الفرع على مذهب الإمام خارج عن الركنية بالنظر لمصطلح الفقهاء وهو ركن عنده .
فجملة الأركان عنده أربعة: أصلان وفرعان فحكم المقيس عليه أصل والعلة فيه فرع، وحكم المقيس فرع والعلة فيه أصل.
- وأما الفقهاء فهما في اصطلاحهم المقيس عليه والمقيس ، وجملة الأركان أربعة كما مر . والله أعلم.
فتح الله عليك تقرير ماتع.
ومن المعلوم أنه إذا اختلفت أركان الشيء اختلفت حقيقته، وحقيقته عند الفقهاء هي: إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة. فلينظر حقيقته عند غيرهم!.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الرابع والتسعون- القياس

تكملة شروط العلة


أولا: ومن شروط العلة المستنبطة أن لا تخالف من حيث الحكم المترتب عليها نصا أو إجماعا؛ لأن هذين يقدمان على القياس.
مثال مخالفة النص قول الحنفية: المرأة مالكة لبضعها فيصح أن تزوج نفسها بغير إذن وليها قياسا على بيع سلعتها بجامع مطلق الملك.
وهذا مخالف للنص الوارد في حديث أبي داود وغيره: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها فنكاحها باطل.
ومثال مخالفة الإجماع: ما لو قيست صلاة المسافر على صومه في عدم وجوب الأداء أثناء السفر بجامع السفر الشاق، فكما جاز للمسافر ترك الصيام ثم قضاؤه، يجوز له ترك الصلاة ثم يقضيها بعد إقامته.
فهذا مخالف للإجماع على وجوب أداء الصلاة في السفر.
ثانيا: ومن شروط العلة أن لا تتضمن العلة المستنبطة زيادة على النص أو الإجماع إذا كانت تلك الزيادة منافية لمقتضاه. بأن يدل النص مثلا على علية وصف ويزيد الاستنباط قيدا فيه منافيا للنص فلا يعمل بذلك الاستنباط؛ لأن النص مقدم عليه.
مثاله: كما لو نصّ على أن عتق العبد الكتابي لا يجزئ لكفره، فيعلل عدم الجواز بأنه عتق كافر يتدين بدين.
فهذا القيد وهو: يتدين بدين، ينافي حكم النص المفهوم منه وهو إجزاء عتق المؤمن المفهوم بالمخالفة، وعدم إجزاء عتق المجوسي المفهوم بالموافقة الأولى.
بمعنى أن النص المفترض- عتق العبد الكتابي لا يجزئ لكفره- يدل على علية وصف وهو لا يجزئ لكفره، فجاء مَن أضاف قيدا في ذلك الوصف ينافي مقتضى النص أي حكمه فإن ذلك النص يدل دلالتين: يدل بمفهوم المخالفة على أن المؤمن يجزئ عتقه، وبمفهوم الموافقة الأولى على أن المجوسي لا يجزئ عتقه فإنه إذا كان الكتابي لا يجزئ عتقه فالمجوسي من باب أولى، بينما زيادة قيد يتدين بدين تنافي ذلك فإنها تدل على أن الكافر إذا لم يكن يتدين بدين يجوز عتقه.

ثالثا: ومن شروط العلة أن تكون معينة، فلا يصح الإلحاق بوصف غير معين؛ لأن العلة هي أساس التعدية التي تحقق القياس الذي تستدل به، ويجب أن يكون الدليل معينا ليستدل به، فكذلك أساسه المحقق له وهو العلة يجب أن يكون معينا.
وقال بعضهم: يجوز التعليل بالمبهم المشترك بين أمرين، إذْ يحصل المقصود بذلك، كأن يقال مثلا: يحرم الربا في البر للطعم أو للقوت.

( شرح النص )​

وأَنْ لا تُخالِفَ نصًّا أَوِ إِجماعًا، ولا تتضمَّنُ المستنبَطَةُ زيادةً عليهِ منافيةً مقتضاهُ، وأَنْ تَتَعَيَّنَ.
............................................................
( و ) شرط للالحاق بالعلة ( أَنْ لا تُخالِفَ ) أي العلة من حيث مقتضاها وهو الحكم المترتب عليها ( نصًّا أَوِ إِجماعًا ) يعني أن لا يكون ما تثبته العلة في الفرع حكما يخالف نصا أو اجماعا لتقدمهما على القياس، فمخالفة النص: كقول الحنفي المرأة مالكة لبضعها- أي فرجها- فيصح نكاحها بغير إذن وليها قياسا على بيع سلعتها بجامع مطلق الملك، فإنه مخالف لخبر أبي داود وغيره: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل. ومخالفة الإجماع: كقياس صلاة المسافر على صومه في عدم الوجوب بجامع السفر الشاق، فإنه مخالف للإجماع على وجوب أدائها علي المسافر مع مشقة السفر ( و ) أن ( لا تتضمَّنُ ) العلة ( المستنبَطَةُ زيادةً عليهِ ) أي على النص أو الإجماع ( منافيةً مقتضاهُ ) أي حكمه بأن يدل النص مثلا على علية وصف ويزيد الاستنباط قيدا في الوصف منافيا للنص فلا يعمل بالاستنباط لتقدّم النص عليه ( و ) شرط للإلحاق بالعلة ( أَنْ تَتَعَيَّن ) أي يجب أن تكون وصفا معينا في الأصح، فلا تكفي المبهمة؛ لأن العلة منشأ التعدية المحققة- أي الموجِدة- للقياس الذي هو الدليل، ومن شأن الدليل أن يكون معينا، فكذا منشأ التعدية المحققة له -أي للدليل- وهي العلة، وقيل: يكفي المبهمة من أمرين فأكثر المشتركة بين المقيس والمقيس عليه كأن يقال: يحرم الربا فى البر للطعم أو القوت والإدخار أو الكيل.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا قلتم في باب العام:
ومثال الصورة غير المقصودة للمتكلم: ما لو وكّل زيدٌ شخصًا بشراء عبيدِ فلانٍ وفيهم مَنْ يُعْتَقُ على زيدٍ لزومًا من أقربائه كأولاده وأولاد أولاده ولم يعلم بكونهم عبيدًا عند فلان فإذا اشتراه الوكيل فإنه يعتق على زيد وإن لم يقصده بالشراء.
والله أعلم.
هل من مثال معاصر؟ الله يبارك فيكم.

ممكن أن يمثل بما لو قال: وقفت مالي على جميع أقاربي وفيهم من لا يريد شموله بالوقف لعداوة ولكنه ظنه ميتا ؟
فهل يتمسك بعموم لفظه ويدخل فيه من لم يقصد أو ينظر إلى من قصده.
والله أعلم.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ومن المعلوم أنه إذا اختلفت أركان الشيء اختلفت حقيقته

صرحت كتب الأصول تارة ولمحت أخرى بأن الخلاف لفظي وأن حقيقته على كل الأقوال واحدة والإشكال وارد كما ذكرتم لكني رأيت للشربيني وصاحب النبراس ما يشير إلى عدم التلازم والله أعلم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الرابع والتسعون- القياس

ما لا يشترط في العلة


أولا: يجوز في العلة أن تكون وصفا مقدرا. بيانه:
الوصف الذي يعلل به الحكم إما أن يكون حقيقيا وهو الذي له وجود في الخارج كالإسكار فإنه معنى حقيقي، وإما أن يكون وصفا مقدرا أي أمرا اعتباريا فرضيا لا حقيقة له في الخارج كالحدث فإنه وصف اعتباري أي أمر يقدر وجوده في الأعضاء، فالحدث يجوز أن يكون علة فيقال: علة منع الصلاة هو الحدث، وكالملك فإنه معنى مقدر في المحل المملوك فحينما يقال أنا أملك كذا فهذا معنى مقدر وليس وصفا حقيقيا ومع هذا يعلل به كما يقال: علة صحة التصرف بالبيع والإيجار والهبة ونحوها هو الملك.
وقيل: يشترط أن لا تكون العلة وصفا مقدرا بل وصفا محققا.
ثانيا: يجوز أن يكون دليل العلة متناولا لحكم الفرع بعمومه أو خصوصه. لجواز تعدد الأدلة.
وقيل: يشترط أن لا يتناول دليل العلة حكم الفرع بعمومه أو خصوصه، للاستغناء حينئذ عن القياس.
مثال العموم: قياس التفاح على البر بعلة الطعم، مع أنه ورد في صحيح مسلم: ( الطعامُ بالطعامِ مِثْلًا بمِثْلٍ ) فهذا النص هو دليل كون علة الربا هو الطعم وهو يتناول بعمومه التفاح. فقيل: فلا حاجة حينئذ إلى قياسه على البر، وأجيب: لا مانع من تعدد الأدلة فيدل على حكم التفاح بالحديث والقياس.
ومثال الخصوص: قياس الحنفي القيء والرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بعلة النجاسة. مع أن النص ورد في القيء والرعاف بخصوصهما بحديث رواه ابن ماجه وغيره: مَن أصابه قيء أَو رعاف أو قَلَس أو مذي فلينصرف فليتوضأ. والقلس هو الماء الذي تقذفه المعدة عند امتلائها. فقيل: فلا حاجة للحنفي حينئذ إلى قياس القيء والرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء للاستغناء عنه بخصوص الحديث، وأجيب: لا مانع من تعدد الأدلة.
ثم القصد هو التمثيل وإلا فالحديث المذكور ضعيف كما بينه الحافظ في تلخيص الحبير، فلا يرد على الشافعية والمالكية القائلين بأن القيء والرعاف لا ينقضان الوضوء.
ثالثا: لا يشترط في العلة المستنبطة أن يقطع بحكم الأصل فيها بأن يكون دليله قطعيا من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع قطعي.
بل يكفي الظن كأن يكون حكم الأصل مأخوذا من حديث آحاد.
رابعا: لا يشترط في العلة أن يقطع بوجودها في الفرع بل يكفي الظن. فإذا ظننا مثلا الإسكار في محل صح قياسه على الخمر.
خامسا: لا يشترط في العلة أن تكون غير مخالفة لمذهب الصحابي؛ لأن قوله ليس بحجة.

( شرح النص )​

لا أَنْ لا تكونَ وصفًا مُقَدَّرًا، ولا أَنْ لا يشملَ دليلُها حكمَ الفرعِ لِعُمُومِهِ أَو خُصُوصِهِ، ولا القطعُ في المسْتَنْبَطَةِ بحكمِ الأَصلِ، ولا القطعُ بوجودِها في الفرعِ، ولا انتفاءُ مُخالَفَتِها مذهبَ الصحابيِّ.
............................................................................
( لا أَنْ لا تكونَ ) العلة ( وصفًا مُقَدَّرًا ) أي فرضيا لا حقيقة له في الخارج وهو الأمر الاعتباري فلا يشترط في الإلحاق بسبب العلة أن يكون وصفا محققا فيجوز التعليل بالوصف المفروض المشترك بين الفرع والأصل في الأصح كتعليل جواز التصرف بالملك الذي هو معنى مقدر شرعي في محل التصرف وهو الشيء المملوك، وقيل: يشترط ذلك ورجحه الأصل تبعا للإمام الرازي ( ولا أَنْ لا يشملَ دليلُها ) أي دليل العلة ( حكمَ الفرعِ لِعُمُومِهِ ) أي الدليل ( أَو خُصُوصِهِ ) فلا يشترط ذلك في الأصحّ لجواز تعدد الأدلة، وقيل: يشترط ذلك للاستغناء حينئذ عن القياس بذلك الدليل، ورجحه الأصل، مثال الدليل في العموم خبر مسلم: الطّعامُ بالطّعامِ مثلا بمثل. فإنه دال على علية الطعم، فلا حاجة على هذا القول في إثبات ربوية التفاح مثلا إلى قياسه على البر بجامع الطعم للاستغناء عنه بعموم الخبر، ومثاله في الخصوص خبر ابن ماجه وغيره: من قاء أو رعف فليتوضأ. فإنه دال على علية الخارج النجس في نقض الوضوء فلا حاجة للحنفي إلى قياس القيء أو الرعاف على الخارج من السبيلين في نقض الوضوء بجامع الخارج النجس للاستغناء عنه بخصوص الخبر فهو تطويل بغير طائل ( ولا القطعُ في ) صورة العلة ( المسْتَنْبَطَةِ بحكمِ الأَصلِ ) بأن يكون دليله قطعيا من كتاب أو سنة متواترة أو إجماع قطعي فلا يشترط ذلك بل يكفي الظن ( ولا القطعُ بوجودِها ) أي العلة ( في الفرعِ ) فلا يشترط في الأصحّ بل يكفي الظن لأنه غاية الاجتهاد فيما يقصد به العمل وهو الفروع العملية لا الاعتقادية، وقيل: يشترط القطع ( ولا انتفاءُ مُخالَفَتِها ) أي العلة ( مذهبَ الصحابيِّ ) لأن مذهب الصحابي ليس بحجة فلا يشترط انتفاء مخالفة العلة له، وقيل: يشترط الانتفاء فلا يجوز أن تكون العلة المستنبطة مخالفة لتعليله هو.

 
التعديل الأخير:
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أشعر بحيرة في أمري فتارة أقول في نفسي مبحث القياس ينبغي الاعتناء به لكونه الأعقد فلنكثر من ذكر المعلومات والتفاصيل بحسب الطاقة.


أستاذنا الكريم أميل إلى هذا
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

كما أرجو منكم عند الانتهاء من شرح الكتاب إتاحت الفرصة لنا لمراجعة مافاتنا والإجابة عما نستشكله
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.



ثانيا: ومن شروط العلة أن لا تتضمن العلة المستنبطة زيادة على النص أو الإجماع إذا كانت تلك الزيادة منافية لمقتضاه.


هل يوجد مثال للزيادة التي لا تنافي مقتضاه ؟
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.




( شرح النص )​

لا أَنْ تكونَ وصفًا مُقَدَّرًا،

مولانا هذا يغير المسألة تمام

والنسخة التي عندي ( لا أن لا تكون وصفا مقدرا )
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

مثال العموم: قياس البر على البر بعلة الطعم
وقيل: يشترط الانتفاء فلا يجوز أن تكون العلة المستنبطة مخالفة لتعليله هو.
لعل الأولى الاقتصار على (فلا يجوز أن تكون العلة المستنبطة مخالفة لمذهب الصحابي ) أي : لما يراه الصحابي ويقتضيه مذهبه من الحكم في الفرع؛ لإيهام التعبير السابق أن المراد بالمذهب خصوص التعليل والقياس مع أنه أعم من ذلك فإنه قد يكون مستنده نصا وقد يكون قياسا.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,681
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الخامس والتسعون- القياس

انتفاء المعارض


إذا جاء المستدل بعلة مستنبطة وعارضه المعترض بعلة أخرى فلا يخلو الحال من أحد ثلاثة أمور:
1- أن يكون الوصف المعارِض منافيا موجودا في الأصل. وانتفاؤه شرط في العلة.
2- أن يكون الوصف المعارض منافيا موجودا في الفرع. وانتفاؤه ليس شرطا في العلة.
وقد تقدم الكلام على هذين الأمرين.
3- أن يكون الوصف المعارض غير مناف وموجودا في الأصل بأن يبدي المعترض وصفا آخر يصلح للتعليل به غير ما أبداه المستدل.
مثاله: تعليل المستدل ربوية البر بالطعم، وتعليل المعترض له بالكيل فإنهما غير متنافيين، لكن من قال بالطعم يقيس التفاح على البر، ومن قال بالكيل يمنع ذلك، فيحصل الاختلاف لا في البر الذي وجدت فيه الصفتان: الطعم والكيل، بل في التفاح الذي لا كيل فيه.
وهذه المسألة مبنية على أصل قد تقدم وهو: هل يجوز تعليل الحكم بعلتين أو لا يجوز ؟
فمن قال: لا يجوز تعليل الحكم بعلتين فإنه يشترط انتفاء الوصف المعارض لأنه لا يمكن تعليل حكم الأصل إلا بعلة واحدة فإما أن تكون العلة الصحيحة هي ما أبداه المستدل أو ما أبداه المعترض.
ومن قال: يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين- وهذا هو مذهب الجمهور المختار- فإنه لا يشترط انتفاء الوصف المعارض غير المنافي. بيانه:
إنه قد تقدم أن العلة المنصوصة قد تتعدد ويجوز تعليل الحكم بكل واحد منها كتعليل نقض الوضوء باللمس للبشرة والمس للفرج فكذلك العلة المستنبطة التي لا يوجد بينهما تناف يجوز أن تتعدد فلتكن علة الربا في البر الطعم والكيل معا، فالعلة في نفسها صحيحة أي يصح أن نقول إن حرمة الربا في البر بسبب الطعم مثلما يصح أن نقول إن الحرمة بسبب الكيل، ولكن هنا مقام آخر وهو مقام القياس على تلك العلة المستنبطة فإن كان المستدل يرى أن العلة ما ذكره وعارضه المعترض بعلة أخرة فلا بد من اللجوء إلى الترجيح بينهما.
فالعلتان الموجودتان في الأصل غير المتنافيتين لهما مقامان:
1- مقام تعليل حكم الأصل بهما فهذا لا يشترط نفيه فلو قال الشافعي إن علة البر هي الطعم فقال غيره إن العلة هي الكيل لم يتوجب على الشافعي نفي كون العلة هي الكيل لجواز تعليل البر بهما.
2- مقام القياس أي مقام معرفة حكم الفرع كالتفاح هل يقاس على البر أو لا ؟ فهنا يحتاج المستدل إلى نفي علة الخصم لأنهما متنافيتان بالنسبة لحكم الفرع فلا عمل للعلة بتعدية حكم الأصل إلى الفرع بدون ترجيح أحد العلتين.

( شرح النص )​

ولا انتفاءُ المعارِضِ لها في الأصحِّ، والمعارِضُ هنا: وصفٌ صالِحٌ للعِلِّيَّةِ كصَلاحِيَّةِ المعارَضِ ومُفْضٍ للاختلافِ في الفرعِ كالطُّعْمِ مع الكيلِ في البُرِّ في التُّفاحِ.
...................................................................
( ولا انتفاءُ المعارِضِ لها ) في الأصل فلا يشترط ( في الأصحِّ ) بناء على جواز تعدد العلل كما هو رأي الجمهور، وقيل: يشترط بناء على منع ذلك ولأنه لا عمل للعلة حينئذ إلا بمرجح ( والمعارِضُ هنا ) بخلافه فيما مر – وهو الذي اشترط انتفاؤه في الأصل- حيث وصف بالمنافي ( وصفٌ صالِحٌ للعِلِّيَّةِ كصَلاحِيَّةِ المعارَضِ ) بفتح الراء لها- الوصف الذي جاء به المستدل أولا وجعله العلة هو الوصف المعارَض بالفتح، والوصف الذي اعترض به المعترض هو المعارِض بالكسر- ( ومُفْضٍ للاختلافِ ) بين المتناظرين ( في الفرعِ كالطُّعْمِ مع الكيلِ في البُرِّ ) فكل منهما صالح للعلية في البر مفض للاختلاف بين المتناظرين ( في التُّفاحِ ) مثلا الذي هو الفرع فعندنا- معاشر الشافعية- ربوي كالبر بعلة الطعم وعند الخصم المعارض بأن العلة الكيل ليس بربوي لانتفاء الكيل فيه، وكل منهما يحتاج إلى ترجيح وصفه- أي علته- على وصف الآخر.

 
أعلى