العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد...
فهذه دروس ميسرة في شرح متن لب الأصول للإمام زكريا الأنصاري رحمه الله كتبتها لمن درس شرح الورقات وأخذ معه جملة من المقدمات في العلوم الشرعية على ما بينته في هذا الرابط:
http://www.feqhweb.com/vb/t22836
ثم إني بقيت مدة متحيرا كيف أشرح هذا الكتاب فرأيت أولا أن أسير فيه منهج أهل التدقيق فأخذت أكتب عند قوله المقدمات هل هي بكسر الدال أو بفتحها وهل هي مقدمة علم أو مقدمة كتاب وما الفرق بينهما وما النسبة المنطقية بين الاثنين، ثم شرعت في بيان موضوع علم الأصول فجرني هذا إلى بيان قولهم موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية فأخذت أبين الأعراض الذاتية والأعراض الغريبة وما يرد على هذا القول من إشكال، ثم أردت أن أقارن بين لب الأصول والأصل الذي أخذ منه أعني جمع الجوامع ولماذا عدل صاحب اللب عن عبارة الأصل وغير ذلك فرأيت أن الكلام سيطول جدا وسيعسر على الطالب فاستقر رأيي على أن أخفف المباحث وأقتصر على إفهام الطالب متن اللب فإن لتلك المباحث مرحلة أخرى.
وإني أنصح القارئ أن يقرأ ما كتبته في شرحي على الورقات قبل أو بعد أن يقرأ الدرس وسأقتطع من الشرح مقدار ما يتعلق بالدرس المكتوب فقط.

http://www.feqhweb.com/vb/showthread.php?t=11309&p=77869&viewfull=1#post77869


الدرس الأول- المقدمات

تعريف أصول الفقه والفقه

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ المستفيدِ.
والفقه: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
" أدلة الفقه الإجمالية " اعلم أن أدلة الفقه نوعان: نوع مفصّل معين وهو المتعلق بمسألة معينة نحو ( وأَقيموا الصلاةَ ) فإنه أمر بالصلاة دون غيرها، ونحو ( ولا تقربوا الزنا ) فإنه نهي عن الزنا دون غيره.
ودليل إجمالي غير معين وهي القواعد الأصولية نحو: ( الأمر للوجوب )، و( النهي للتحريم )، و( القياس حجة معتبرة ).
فالإجمالية: قيد احترزنا به عن أدلة الفقه التفصيلية التي تذكر في كتب الفقه فإنها ليست من أصول الفقه.
والاستدلال بالقواعد الأصولية يكون بجعلها مقدمة كبرى، والدليل التفصيلي مقدمة صغرى فنقول في الاستدلال على وجوب التيمم:
فتيمموا في قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا أمرٌ- والأمرُ للوجوب= فتيمموا للوجوب أي أن التيمم واجب وهو المطلوب.
فالعلم بوجوب التيمم الذي هو فقه مستفاد من دليل تفصيلي هو ( فتيمموا ) بواسطة دليل إجمالي هو الأمر للوجوب.
وقولنا: " وطرق استفادةِ جُزئياتِها " أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية، وهي أدلة الفقه المفصلة؛ فإن قاعدة الأمر للوجوب مثلا دليل إجمالي له جزئيات كأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فيبحث علم الأصول عن الأدلة الإجمالية، وعن طرق استفادة المسائل الفقهية من الأدلة التفصيلية وذلك بمبحث التعارض والترجيح حيث يبين فيه كيفية رفع التعارض الظاهري بين الأدلة التفصيلية، فالمقصود بالطرق هي المرجحات الآتي بيانها إن شاء الله كقاعدة تقديم الخاص على العام التي يرفع بها التعارض بين العام والخاص.
وقولنا: " وحال المستفيد " أي وصفات المستفيد للأحكام من أدلة الفقه التفصيلية وهو المجتهد فيبين في الأصول ما يشترط في الشخص كي يكون مجتهدا ككونه عالما بالكتاب والسنة ولغة العرب وأصول الفقه.
والخلاصة هي أن علم أصول الفقه يبين فيه ما يلي:
1- القواعد العامة لاستنباط الفقه كقواعد الأمر والنهي.
2- القواعد التي ترفع التعارض بين النصوص.
3- صفات المجتهد أي الشروط اللازمة للاجتهاد.
فهذه الثلاثة مجتمعة هي أصول الفقه.
وأما الفقه فهو: علمٌ بحكمٍ شرعِيٍّ عمليٍّ مُكْتَسَبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.
مثل: النية في الوضوء واجبةٌ، فمن صدّق وحكم بهذه النسبة أي ثبوت الوجوب للنية في الوضوء مستنبطا هذا الحكم من النصوص الشرعية كقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) رواه البخاري ومسلم فقد فقه تلك المسألة.
فقولنا: " علم " أي تصديق.
وقولنا: " حكم شرعي " احترزنا به عن غير الحكم الشرعي كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة، وأن الفاعل مرفوع، فالعلم بها لا يسمى فقها.
وقولنا: " عملي " كالعلم بوجوب النية في الوضوء، وندب الوتر، احترزنا به عن الحكم الشرعي غير المتعلق بعمل كالإيمان بالله ورسوله فليس من الفقه إصطلاحا.
وقولنا " مُكتسَبٌ " بالرفع صفة للعلم وهو العلم النظري، احترزنا به عن العلم غير المكتسب كعلم الله سبحانه وتعالى بالأحكام الشرعية العملية فإنه لا يسمى فقها لأن علم الله أزلي وليس بنظري مكتسب.
وقولنا: " من دليلٍ تفصيليٍّ " احترزنا به عن علم المقلد، فإن علمه بوجوب النية في الوضوء مثلا لا يسمى فقها لأنه أخذه عن تقليد لإمام لا عن دليل تفصيلي.

( شرح النص )

قال الإمام أَبو يحيى زكريا بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الأنصاريُّ الشافعيُّ رحمه الله تعالى ( ت 926 هـ ):

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَنا للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ، وَيسَّرَ لنا سُلوكَ مناهِجَ بقوَّةٍ أَودَعَها في العقولِ، والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ وآلهِ وصحبهِ الفائزينَ مِنَ اللهِ بالقَبولِ .
وبعدُ فهذا مُختصرٌ في الأَصلينِ وما معَهُما اختصرتُ فيهِ جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ التَّاجِ السُّبْكِيِّ رحِمَهُ اللهُ، وأَبدلْتُ مِنْهُ غيرَ المعتمدِ والواضحِ بهما معَ زياداتٍ حَسَنَةٍ، ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بعندِنا، وغيرِهمْ بالأصحِّ غالبًا.
وسمَّيْتُهُ لُبَّ الأصولِ راجيًا مِنَ اللهِ القَبولِ، وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ.
وينحصرُ مقْصُودُهُ في مقدِّمَاتٍ وسبعِ كُتُبٍ.

............................................................................
( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ) الباء في البسملة للمصاحبة لقصد التبرك أي أؤلف مع اسم الله الرحمن الرحيم متبركا باسمه العظيم، والله: علم على المعبود بحق، والرحمن والرحيم صفتان مشبهتان من رحم، والرحمن أبلغ من الرحيم لأنه يزيد عليه بحرف وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك قالوا: الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، وأما الرحيم فهو خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
( الحمدُ للهِ ) الحمد هو: وصف المحمود بالكمال حبا له وتعظيما ( الذي وَفَّقَنا ) التوفيق هو: جعل الله فعلَ عبده موافقا لما يحبه ويرضاه ( للوصولِ إلى معرفةِ الأصولِ ) أي أصول الفقه، وفي هذا التعبير براعة استهلال وهو أن يستفتح المتكلم كلامه بألفاظ تدل على مقصوده وهنا ذكر المصنف كلمة الأصول ليشير إلى أن كتابه هذا في علم الأصول.
( وَيسَّرَ ) أي سهّل ( لنا سُلوكَ ) أي دخول ( مناهجَ ) جمع منْهَج و هو: الطريق الواضح، أي سهل الله لنا سلوك طرق واضحة في العلوم ( بـ ) سبب ( قوَّةٍ ) للفهم ( أَودَعها ) اللهُ سبحانه وتعالى ( في العقولِ ) يخص بها من شاء من عباده.
( والصلاةُ السلامُ على محمَّدٍ ) الصلاة من الله هو ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، ومن الملائكة والخلق هو طلب ذلك الثناء من الله تعالى، والسلام أي التسليم من كل النقائص، ومحمد اسم نبينا عليه الصلاة والسلام سمّي به بإلهام من الله تعالى لأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة صفاته الجميلة ( وآلهِ ) هم مؤمنو بني هاشِم وبني المطَّلِب ( وصحبهِ ) أي أصحابه والصحابي من اجتمع مؤمنا بنبينا صلى الله عليه وسلم ( الفائزينَ ) أي الظافرينَ ( مِنَ اللهِ بالقَبولِ ) والرضا.
( وبعدُ ) أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المُؤَلَّفُ ( مُختصرٌ ) وهو ما قل لفظه وكثر معناه ( في الأَصلينِ ) أي أصول الفقه وأصول الدين ( وما معَهُما ) أي مع الأصلين من المقدمات والخاتمة التي ذكر فيها نبذة في السلوك والتصوّف ( اختصرتُ فيهِ ) أي في هذا المختصر ( جمعَ الجوامعِ للعلَّامةِ ) عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي الملقّب بـ ( التَّاجِ ) أي تاج الدين ( السُّبْكِيِّ ) نسبة إلى سُبْكٍ وهي قرية من قرى محافظة المنوفية بمصر المتوفي عام 771 هـ ( رحِمَهُ اللهُ ) وغفر له ( وأَبدلْتُ ) معطوف على اختصرتُ ( مِنْهُ ) أي من جمع الجوامع ( غيرَ المعتمدِ ) من المسائل ( و ) غير ( الواضحِ ) من الألفاظ ( بهما ) أي بالمعتمد والواضح ( معَ زياداتٍ حسنةٍ ) أضافها على جمع الجوامع.
( ونبَّهْتُ على خلافِ المعتزلةِ بـ ) قوله ( عندِنا ) أي عند الأشاعرة فحيث قال: عندنا فيعرف أن المعتزلة- ولو مع غيرهم- قد خالفوا الأشاعرة في هذه المسألة.
( و ) نبهَّتُ على خلاف ( غيرِهمْ ) أي غير المعتزلة كالحنفية والمالكية وبعض أصحابنا الشافعية ( بالأصحِّ ) فحيث قال: الأصح كذا فيعرف وجود خلاف في المسألة لغير المعتزلة ( غالبًا ) أي هذا بحسب غالب استعماله للتعبير بعندنا وبالأصح وقد ينبه على الخلاف بقوله: والمختار كذا.
( وسمَّيْتُهُ ) أي هذا المختصر ( لُبَّ الأصولِ ) واللب خالص كل شيء فمن أراد لبَّ هذا العلم فعليه بهذا الكتاب ( راجيًا ) أي مؤملا ( مِنَ اللهِ القَبولِ ) أي أن يتقبله عنده ولا يرده على صاحبه ( وأَسألُهُ النَّفعَ بهِ ) أي بلب الأصول لمؤلفه وقارئه ومستمعه وسائر المؤمنين ( فإنَّهُ خيرُ مأمولٍ ) أي مرجو.
( وينحصرُ مقْصُودُهُ ) أي مقصود لب الأصول ( في مقدِّمَاتٍ ) أي أمور متقدمة على الكتب السبعة تعرض فيها لتعريف علم الأصول وبيان الحكم الشرعي وأقسامه وغير ذلك ( وسبعِ كُتُبٍ ) الكتاب الأول في القرآن، والثاني في السنة، والثالث في الإجماع، والرابع في القياس، والخامس في الاستدلال بغير ذلك من الأدلة كالاستصحاب وبيان الأدلة المختلف فيها، والسادس في التعارض والترجيح، والسابع في الاجتهاد وما يتبعه من التقليد وأدب الفتيا، وما ضم إليه من مسائل علم الكلام وخاتمة التصوف، فهذا هو محتوى هذا الكتاب.

الُمقَدِّمَات

أصولُ الفقهِ: أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ، وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها، وحالُ مُسْتَفِيدِها. وقِيلَ مَعْرِفَتُها.
والفِقْهُ: علمٌ بحكمٍ شرعيٍ عمليٍ مكتسبٌ من دليلٍ تفصيليٍّ.

............................................................................
هذا مبحث ( المقدِّمات ) وهي أمور متقدِّمة على المقصود ينتفع بها الطالب قبل أن يدخل في مباحث العلم، ابتدأها بتعريف العلم كي يتصوره الطالب تصورا إجماليا قبل أن يدخل فيه فقال: ( أصولُ الفقهِ ) أي هذا الفن المسمى بهذا الاسم هو ( أَدِلَّةُ الفقهِ الإجماليةُ ) أي غير المعينة كالأمر للوجوب والنهي للتحريم ( وطرقُ استفادةِ جُزئياتِها ) أي جزئيات أدلة الفقه الإجمالية التي هي أدلة الفقه التفصيلية كأقيموا الصلاة، والمراد بالطرق المرجحات عند التعارض الآتي بيانها في الكتاب السادس ( وحالُ مُسْتَفِيدِها ) أي صفات مستفيد جزئيات أدلة الفقه الإجمالية وهو المجتهد.
( وقِيلَ ) إن أصول الفقه ( مَعْرِفَتُها ) أي معرفة أدلة الفقه الإحمالية وطرق استفادةِ جزئياتها وحال مستفيدها، فبعض العلماء اختار في تعريف أصول الفقه التعبير بأدلة الفقه الإجمالية.. وبعضهم اختار التعبير بمعرفة أدلة الفقه الإجمالية... أي إدراك تلك الأدلة، والفرق بين التعريفين هو أنه على التعريف الأول يكون أصول الفقه نفس الأدلة، عُرفت أم لم تعرف، وعلى التعريف الثاني يكون أصول الفقه المعرفة القائمة بعقل الأصولي، والمصنف أشار بقيل إلى أن التعريف الأول أولى، لأنه أقرب إلى المدلول اللغوي فإن الأصول في اللغة جمع أصل وهو ما يبنى عليه غيره كالدليل فإنه أصل للحكم، والأمر في ذلك هين فإن العلوم المدونة تارة تطلق ويراد بها القواعد وتارة تطلق ويراد بها معرفة تلك القواعد، كالنحو فتارة يراد به الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب ونحو ذلك وتارة يراد به معرفة تلك القواعد.
( والفِقْهُ: علمٌ ) أي تصديق ( بحكمٍ شرعيٍ ) أي مأخوذ من الشرع المبعوث به النبي صلى الله عليه وسلم ( عمليٍ ) قيد لإخراج الأحكام الشرعية الاعتقادية كالإيمان بالله واليوم الآخر ( مكتسبٌ ) هو بالرفع صفة للعلم لإخراج العلم غير المكتسب كعلم الله الأزلي ( من دليلٍ تفصيليٍّ ) للحكم قيد لإخراج علم المقلِّد.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

وددت لو أن الإخوة يراجعون الدروس العشرة قبل أن نكمل.
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


لم أفهم جيدا قصدك.

ذكرتم أن الخلاف في جائز الترك لفظي ، ولكن يشكل عليه مالو قال رجل لزوجته : " إذا وجب عليك الصوم فأنت طالق " ، فحاضت ثم دخل رمضان ، فعلى القول بأن جائز الترك واجب . . تطلق بمجرد دخول رمضان ، وعلى القول بأنه ليس بواجب . . لا تطلق إلا إذا طهرت ، فيظهر أن لهذا الخلاف ثمرة .

فقلت : لعل مقصودهم بلفظي ؛ أي : لا ثمرة له في ذات الفعل الجائز الترك ، بمعنى : أنهم اتفقوا على أن جائز الترك لا يجب فعله ، من غير نظر إلى الأمور الخارجة عنه ؛ كتعلق الطلاق عليه .

أعتذر عن سوء صياغة العبارات ، وأرجو أن تكون اتضحت الصورة .
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ذكرتم أن الخلاف في جائز الترك لفظي ، ولكن يشكل عليه مالو قال رجل لزوجته : " إذا وجب عليك الصوم فأنت طالق " ، فحاضت ثم دخل رمضان ، فعلى القول بأن جائز الترك واجب . . تطلق بمجرد دخول رمضان ، وعلى القول بأنه ليس بواجب . . لا تطلق إلا إذا طهرت ، فيظهر أن لهذا الخلاف ثمرة .

فقلت : لعل مقصودهم بلفظي ؛ أي : لا ثمرة له في ذات الفعل الجائز الترك ، بمعنى : أنهم اتفقوا على أن جائز الترك لا يجب فعله ، من غير نظر إلى الأمور الخارجة عنه ؛ كتعلق الطلاق عليه .

أعتذر عن سوء صياغة العبارات ، وأرجو أن تكون اتضحت الصورة .
نعم وقد ذكروا له فائدة اخرى ومع هذا صرحوا بأنه لفظي لأن الخلاف الفقهي غير منظور إليه ولاسيما في ألفاظ التعليق كالطلاق والعتق لأن الخلاف كله على إطلاق اللفظ هل يسمى هذا بهذا الشيء أو لا يسمى وإلا فالكل متفق على أنه لا يؤمر بفعله حال العذر ويجب القضاء بعد زواله فظاهر أن الخلاف لفظي.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الحادي عشر- مباحث الكتاب

مقدمة


أولا: القرآن هو: اللفظ المنزّل على سيّدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم ، المُعجِزُ بسورةٍ منه، المُتَعبَّدُ بتلاوتِهِ. وهو من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس مشتملا على 114 سورة.
ثانيا: البسملة أول كل سورة من القرآن الكريم، وهي مكتوبة في مصاحف الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
ثالثا: القراءة تنقسم إلى قسمين: صحيحة وشاذة.
فالقراءة الصحيحة قسمان:
1- متواترة وهي قراءة القراء السبعة وهم:
أ- عبدُ الله بن كثيرٍ المتوفي سنة 120 هـ.
ب- نافع بن عبد الرحمن المتوفي سنة 169هـ.
ج- عبد الله بن عامر المتوفي سنة 118 هـ.
د- أبو عمرو بن العلاء المتوفي سنة 157 هـ.
هـ- عاصِم بن أبي النَّجُودِ المتوفي سنة 127 هـ.
و- حمزة بن أبي حبيب المتوفي سنة 156 هـ.
ز- علي بن حمزة الكسائي المتوفي سنة 189 هـ.
فالقراءة التي قرأ بها هؤلاء منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا متواترًا إلى أن وصلتنا كذلك.
2- مستفيضة وهي قراءة القراء الثلاثة وهم:
أ- أبو جعفر يزيد بن القعقاع المتوفي سنة 132 هـ.
ب- يعقوب بن اسحاق المتوفي سنة 205 هـ.
ج- خلف بن هشام المتوفي سنة 229 هـ.
فالقراءة التي قرأ بها هؤلاء قراءة مستفيضة مشهورة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقاها الأئمة بالقبول ولكنها لم تبلغ مبلغ التواتر، والمشهور عن المتأخرين من القراء أنها متواترة أيضا وهو الذي سمعناه من شيوخنا.
وأما القراءة الشاذة فهي ما عدا قراءة هؤلاء. والله أعلم.
وحكم القراءة المتواترة والصحيحة أنها تثبت قرآنا ويقرأ بها في الصلاة.
وأما الشاذة فهي لا تثبت قرآنا ولا يجوز القراءة بها لا في الصلاة ولا خارجها.
وهنا مسألة وهي:
هل القراءة الشاذة يثبت بها حكم شرعي ؟
والجواب: نعم المختار أنها في حكم حديث الآحاد فإذا نقلت نقلا صحيحا ثبت الحكم بها على أنها كانت من باب التفسير للآية كقراءة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيمانهما، ولذا وجب قطع يمين السارق لا شماله.
رابعا: لا يجوز ورود لفظ لا معنى له في القرآن أو السنة، لأنه كالهذيان لا يليق بعاقل فكيف بالله ورسوله.
خامسا: لا يجوز ورود لفظ في القرآن والسنة يراد به غير ظاهره إلا بدليل يبيّن المراد منه، كأن يأتي لفظ عام فيحمل على عمومه فإن جاء دليل خاص خصص به العام، وعرفنا حينئذ أن العام لم يرد به عمومه.
سادسا: لا يجوز أن يبقى لفظ مجمل في القرآن والسنة كلفنا بالعمل به غيرَ مُبَيَّنٍ، والمجمل هو ما لم تتضح دلالته من قول أو فعل فإذا ورد لفظ مجمل في كتاب أو سنة لا بد أن يأتي ما يبين المراد منه كي يمكن أن نعمل به كقوله تعالى: ( وأقيموا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ ) لا بد أن يرد ما يبين كيفية الصلاة والزكاة، فإن لم نكلف بالعمل به فقد يوجد ذلك كتفسير الحروف المقطعة أول السور.
سابعا: النص الشرعي أربعة أقسام:
1- قطعي الورود قطعي الدلالة.
2- قطعي الورود ظني الدلالة.
3- ظني الورود قطعي الدلالة.
4- ظني الورود ظني الدلالة.
والأول منها قطعي، والثلاثة الأخرى ظنية، والدليل الظني قد يفيد اليقين بما ينضمّ إليه من القرائن.
مثاله: ما علم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج وحرمة الزنا والخمر ونحوها، فإذا كان لفظ الآية لوحده قد يحتمل التأويل كما حصل للبعض في الخمر فإن ما انضم إليها من بيان الرسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل على ذلك مما شاهده الصحابة الكرام بأعينهم وعلموه ضرورة ونقل إلينا إلى يومنا هذا بالتواتر القطعي ينفي كل احتمال، ومثل هذا يقال في ظني الورود كما في كثير من السنة فإنه قد ينضم إلى الخبر ويحتف به من القرائن ما يجعل العالم يقطع بثبوته ككونه في الصحيحين وتلقي الأئمة له بالقبول.

( شرح النص )​

الكتابُ الأَوَّلُ في الكتابِ ومباحثِ الأقوالِ
الكتابُ: القرآنُ وهو هنا: اللفظُ المنزَّلُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم المعجِزُ بسورةٍ منهُ المتعبَّدُ بتلاوتِهِ، ومنهُ البسملةُ أوَّلَ كلِّ سورةٍ في الأصحِّ غيرِ براءةٍ، لا الشاذُّ في الأصحِّ، والسبْعُ متواتِرةٌ ولو فيما هوَ من قبيلِ الأداءِ كالمدِّ، وتحرُمُ القراءةُ بالشاذِّ، والأصحُّ أنَّهُ ما وراءَ العشَرَةِ، وأنَّهُ يجري مجرى الآحادِ، وأنَّهُ لا يجوزُ ورودُ مالا معنى لهُ في الكتابِ والسنَّةِ، ولا ما يُعْنَى بهِ غيرُ ظاهرِهِ إلا بدليلٍ، وأنَّهُ لا يبقى مجملٌ كُلِّفَ بالعملِ به غيرَ مُبَيَّنٍ، وأَنَّ الأدلةَ النقليَّةَ قدْ تفيدُ اليقينَ بانضمامِ غيرِها.

..........................................................................................................
بعد أن فرغ من المقدمة شرع في أول المقصود فقال ( الكتابُ الأَوَّلُ ) من الكتب السبعة ( في الكتابِ ) وهو القرآن ( ومباحثِ الأقوالِ ) المشتمل عليها القرآن والسنة، لأن القرآن والسنة منهما أمر ونهي وعام وخاص ومطلق ومقيد ومجمل ومبين فيستدعي بيانها ( الكتابُ: القرآنُ وهو هنا ) أي في أصول الفقه، وهذا احتراز عنه في علم الكلام فيراد بالقرآن المعنى النفسي الذي تقول به الأشاعرة ( اللفظُ المنزَّلُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم ) يخرج المنزل على غيره كالتوراة والإنجيل ( المعجِزُ بسورةٍ منهُ ) كسورة الكوثر قيد يخرح الأحاديث القدسية ( المتعبَّدُ بتلاوتِهِ ) يخرج المنسوخ تلاوته نحو الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ( ومنهُ ) أي ومن القرآن ( البسملةُ ) الثابتة ( أوَّلُ كلِّ سورةٍ في الأصحِّ ) لأنها مكتوبة بنفس خط السور في مصاحف الصحابة مع مبالغتهم في أن لا يكتب فيها ما ليس منه، وقيل ليست البسملة من القرآن، وأجمعوا على أن البسملة في قوله تعالى إنَّهُ من سليمانَ وإنهُ بسم الله الرحمن الرحيم من القرآن ( غيرِ ) أول سورة ( براءةٍ ) فإنها لم تنزل بالبسملة ( لا الشاذُّ في الأصحِّ ) أي ليس الشاذ - و هو ما عدا العشرة مما نقل آحادًا ولم يستفض ولم تتلقه الأئمة بالقبول- من القرآن، وقيل من القرآن ( و ) القراءات ( السبْعُ ) المروية عن القراء السبعة وهم ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ( متواتِرةٌ ) من النبي صلى الله عليه وسلم إلينا أي نقلها عنه جمع يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب لمثلهم إلى أن بلغنا ( ولو فيما هوَ من قبيلِ الأداءِ كالمدِّ ) ذكر العلامة ابن الحاجب رحمه الله أن المنقول عن القراء مما هو من قبيل جوهر اللفظ مثل مالك وملك فهذا متواتر جزما وما هو من قبيل أداء اللفظ وطريقة نطقه كالتفخيم والترقيق والمد مثل المد المتصل والمنفصل وأن هذا يمد ست حركات وهذا أربع حركات ليس من المتواتر، ولم يرتض العلماء قوله بل الجميع متواترٌ ( وتحرُمُ القراءةُ بالشاذِّ ) في الصلاة وخارجها لأنه ليس بقرآن على الأصح ( والأصحُّ أنَّهُ ) أي الشاذ ( ما وراءَ العشرَةِ ) من القراءات أي السبع السابقة وقراآت أبي جعفر ويعقوب وخلف، وقيل الشاذ ما وراء السبع، فالثلاثة الزائدة على هذا القول تحرم القراءة بها، وعلى الأصح هي كالسبع يجوز القراءة بها ( و ) الأصح ( أنَّهُ ) أي الشاذ ( يجري مجرى ) الأخبار ( الآحادِ ) في الاحتجاج والعمل بها لأن الشاذ منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من انتفاء خصوصية قرآنيته انتفاء عموم خبريته ( و ) الأصح ( أنَّهُ لا يجوزُ ورودُ ما ) أي لفظ ( لا معنى لهُ في الكتابِ والسنَّةِ ) لأنه لا يليق، وقيل يجوز، وليس بشيء ( و ) الأصح أنه ( لا ) يجوز أن يرد في الكتاب والسنة ( ما ) أي لفظ ( يُعْنَى بهِ ) أي يقصد به ( غيرُ ظاهرِهِ ) أي معناه الخفي ( إلا بدليلٍ ) يبيّن المراد منه كما في العام المخصوص فإن العام يحمل على عمومه قبل التخصيص فإذا جاء دليل خاص اتضح لنا حينئذ أن المراد من العام هو غير تلك الصورة التي وقع تخصيصها ( و ) الأصح ( أنَّهُ لا يبقى ) في الكتاب والسنة ( مجملٌ ) وهو ما لم تتضح دلالته ( كُلِّفَ بالعملِ به غيرَ مُبَيَّنٍ ) بأن لم تتضح دلالته إلى وفاته صلى الله عليه وسلم وهو لا يجوز لأن التكليف به يستدعي بيانه، فإن لم يكن أمر تكليف فلا ضير ببقائه على خفائه، وقيل يجوز أن يبقى المجمل على إجماله، وقيل لا يجوز أن يبقى مجمل مطلقا تعلق به عمل أو لا ( و ) الأصح ( أَنَّ الأدلةَ النقليَّةَ قدْ تفيدُ اليقينَ بانضمامِ غيرِها ) من مشاهدة وتواتر، كما في أدلة وجوب الصلاة فإن الصحابة علموا معانيها المرادة بالقرائن المشاهدة ونحن علمناها بواسطة نقل القرائن إلينا تواترًا، وقيل إن الإدلة تفيد اليقين مطلقًا ولو بدون قرائن، وقيل لا تفيده مطلقا ولو مع القرائن.

 
التعديل الأخير:
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


( و ) الأصح ( أنَّهُ لا يبقى ) في الكتاب والسنة ( مجملٌ ) وهو ما لم تتضح دلالته ( كُلِّفَ بالعملِ به غيرَ مُبَيَّنٍ ) بأن لم تتضح دلالته إلى وفاته صلى الله عليه وسلم وهو لا يجوز لأن التكليف به يستدعي بيانه، فإن لم يكن أمر تكليف فلا ضير ببقائه على خفائه، وقيل يجوز أن يبقى المجمل على إجماله، وقيل لا يجوز أن يبقى مجمل مطلقا تعلق به عمل أو لا

ألا تندرج هذه تحت مسألة : " التكليف بالمحال " ؟ وقد سبق أن المصنف رجح جوازه
 
إنضم
12 مارس 2013
المشاركات
234
التخصص
أصول الفقه
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.


( وتحرُمُ القراءةُ بالشاذِّ ) في الصلاة وخارجها لأنه ليس بقرآن على الأصح


هل تبطل الصلاة بالقراءة بالشاذ عند الشافعية ؟
 
إنضم
14 أغسطس 2012
المشاركات
29
الكنية
أبو المنذر
التخصص
شريعة
المدينة
الغربية
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

أولا: القرآن هو: اللفظ المنزّل على سيّدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم ، المُعجِزُ بسورةٍ منه، المُتَعبَّدُ بتلاوتِهِ.


شيخنا بارك الله فيك ونفعنا بعلمك هل من لازم هذا التعريف وجوب التجويد ؟

3- ظني الورود قطعي الدلالة.
4- ظني الورود ظني الدلالة.
القران الكريم لايدخل تحت ظنية الورود أما ظنية الدلالة فممكن أليس هذا ماتقصده في تقسيم النص الشرعي ؟
ذكرت شيخنا عن الأشاعرة أنهم يذهبون إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بكلام لفظي صوتي مسموع بل هو متكلم بكلام نفسي ! فهل من شرح وتبسيط أكثر ؟


 
التعديل الأخير:

بسام عمر سيف

:: متابع ::
إنضم
2 أبريل 2011
المشاركات
68
الجنس
ذكر
الكنية
أبو محمد
التخصص
أصول فقه
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

بارك الله فيك أخي على هذا الجهد وياحبذا التوضيح هل أدلة الفقه الإجمالية هي القواعد الأصولية كما أشرت أم هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس وقول الصحابي والاستحسان وشرع من قبلنا والمصلحة المرسلة ......
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثاني عشر- مباحث الكتاب

الدلالة

الدلالة هي: فهم أمر من أمر آخر، كفهم وجود الخالق جلا وعلا من العالم، فالعالم دال ودليل، ووجود الخالق مدلول، والانتقال الذهني من الدال للمدلول هو الدلالة، فالدال هو: المفهِم لشيء آخر، والمدلول هو: الشيء المفهوم من شيء آخر.
فإن كان الدال لفظا فالدلالة لفظية كدلالة لفظ زيد على ذات معينة، وإن كان الدال غير لفظ فالدلالة غير لفظية كدلالة الدخان المتصاعد في السماء على وجود نار.
وكل من الدلالة اللفظية وغير اللفظية ينقسمان إلى ثلاثة أقسام هي: ( وضعية-طبعية- عقلية ).
فالدلالة الوضعية هي: الحاصلة من الوضع والاصطلاح.
كدلالة كل لغة على معانيها، وكمصطلحات العلوم من أصول وفقه ورياضيات وغيرها فإنها تدل على معانيها المصطلح عليها، وكوضع العلامات الدالة على الطريق، وإشارات المرور التي تم الاتفاق على أن كل لون منها يدل على حالة.
والدلالة الطبعية هي: الحاصلة من طبع الشيء المجبول عليه أو من عاداته.
كالصفرة فإن من طبع الإنسان اصفرار وجهه عند خوفه كاحمراره عند خجله، وكاقتضاء طبع بعض الناس أن يقول آخ عند الحس بالألم، وأف عند الضجر، وكعادة بعض الناس أن يضع أصبعه بين أعلى أذنه وحاجبه عند التفكير.
والدلالة العقلية هي: الحاصلة بسبب التلازم العقلي بين شيئين، كدلالة الأثر على المؤثر والفعل على الفاعل فمتى رأينا أثر أقدام علمنا مسيرًا أو فقدان حاجة من البيت علمنا بوجود سارق وهكذا.
ثم الدلالة اللفظية الوضعية تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي: ( مطابقة- تضمن- التزام ).
فالمطابقة هي: دلالة اللفظ على تمام معناه الموضوع له.
كدلالة لفظ الصلاة على تمام معناها وهو عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.
والتضمن هو: دلالة اللفظ على جزء معناه الموضوع له، كدلالة لفظ الصلاة على الركوع مثلا.
والالتزام هو: دلالة اللفظ على الخارج عن معناه الموضوع له، كدلالة لفظ الصلاة على الوضوء، فإن الوضوء معناه خارج عن معنى الصلاة ولكنه لازم له.
ويسمى الدال ملزوما، والمدلول لازما، فالصلاة ملزومة والوضوء لازمها، وانتقال الذهن بينهما التزام.
واللازم ينقسم - بحسب عمومه أو خصوصه- إلى قسمين: ( أعم- مساو ).
فاللازم الأعم هو: الذي يوجد في الملزوم وغيره، كالزوجية فإنها لازمة للأربعة وتوجد في غيرها كالستة والثمانية.
واللازم المساوي هو: الذي يوجد في الملزوم فقط ،كطلوع النهار فإنه لازم للشمس فقط، وهنا توجد الملازمة من الجانبين فكلما طلعت الشمس وجد النهار وكلما وجد النهار كانت الشمس طالعة.
وينقسم اللازم أيضا- بحسب محل تحققه- إلى ثلاثة أقسام هي: ( ذهني فقط- خارجي فقط- ذهني وخارجي معا ).
فاللازم الذهني هو: الذي يلزم في التصور والذهن فقط، كدلالة العمى على البصر فإن العمى متى تصور في العقل تصور معه البصر لأن العمى عدم البصر ولكن في العالم الخارجي لا يمكن أن يجتمع العمى والبصر في محل واحد.
واللازم الذهني والخارجي هو: الذي يلزم في التصور والذهن وفي الواقع الخارجي أيضا.
كدلالة الفعل على الفاعل والمفعول كالضرب فإن من تصور معناه وهو إيقاع شيء على شيء، تصور معه الضارب والمضروب، وكذلك في الواقع لا يوجد ضرب من دون ضارب ومحل يقع عليه الضرب.
واللازم الخارجي هو: الذي يلزم في الواقع الخارجي فقط.
كلزوم السواد للغراب فإن من تصور معنى الغراب وهو حيوان ناعق ولم يره لم يلزمه أن يتصوره أسود أو أبيض لأنه لا ترابط وتلازم ولكن في العالم الخارجي كل غراب أسود وكذا قل في لزوم البياض للثلج.
وهنا مسألتان:
الأولى: اتفقوا على أن دلالة اللفظ على معناه المطابق هي دلالة وضعية تؤخذ من اللفظ، ولكن اختلفوا في دلالة اللفظ على معناه التضمني والالتزامي فقيل: دلالة عقلية أي من أقسام الدلالة العقلية فبواسطة العقل ينتقل من معنى الشيء المطابق إلى جزئه ولازمه، والأظهر هو أن دلالة الالتزام لوحدها عقلية وأما دلالة التضمن فوضعية.
الثانية: المعتبر في المنطق في دلالة الالتزام أن يكون اللزوم ذهنيا أو ذهنيا وخارجيا معا وأما اللزوم الخارجي فغير معتبر، وأما عند علماء الأصول فلا يشترط ذلك.
ثم اللفظ وهو : الصوت المشتمل على بعض الأحرف ينقسم إلى قسمين ( مفرد - مركب ).
فالمفرد هو: ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، كزيد فأجزاؤه وهي الزاي والياء والدال لا تدل على جزء من ذاته.
والمركب هو: ما يدل جزؤه على جزء معناه، نحو غلام زيد فإن الغلام يدل على جزء المعنى وزيد يدل على جزء آخر.
واللفظ المركب متى نقل إلى العلمية صار مفردا لأنه لم يعد يدل جزؤه على جزء معناه كعبد الله فهو مركب من كلمتين فإذا سمي به شخص صار مفردا وصارت كلماته الأصلية كالزاي والياء من زيد، وكأسماء العلوم مثل أصول الفقه وأصول الدين ومصطلح الحديث، فإذا أريد بها أسماء علوم مخصوصة فهي مفردة، وهي في الأصل مركبة من كلمتين.

( شرح النص )​

المنطوقُ والمفهومُ
المنطوقُ: ما دلَّ عليهِ اللفظُ في محلِ النطقِ، وهوَ إنْ أَفادَ ما لا يحتمِلُ غيرَهُ كزيدٍ فنصٌّ، أَو ما يحتمِلُ بدَلَهُ مرجوحًا كالأسدِ فظاهِرٌ، ثُمَّ إنْ دلَّ جزؤُهُ على جزءِ معناهُ فمركَّبٌ، وإلا فمفردٌ، ودَلالَتُهُ على معناهُ مطابَقَةٌ، وعلى جُزئِهِ تَضَمُّنٌ، ولازمِهِ الذهنِيِّ التِزامٌ، والأُولَيَانِ لفظِيَّتانِ، والأَخِيرَةُ عقْلِيَّةٌ.

..........................................................................................................
دلالة النصوص على الأحكام الشرعية إما بالمنطوق أو بالمفهوم،وهو مبحث مهم ذكره المصنف بقوله:( المنطوقُ والمفهومُ ) أصل الكلام: هذا مبحثُ المنطوقِ والمفهوم، فحذف المبتدأ هذا، والمضاف مبحث، وأقيم المضاف إليه مقامه ( المنطوقُ ما ) أي معنى ( دلَّ عليهِ اللفظُ في محلِ النطقِ ) محل النطق هو مقام إيراد اللفظ والمعنى هو أن المنطوق هو معنى دل عليه اللفظ في مقام إيراد اللفظ، بمعنى أن المعنى يؤخذ من اللفظ ويستفاد منه بعكس المفهوم الذي هو معنى دل عليه اللفظ لا في محل النطق فهو غير منطوق به بل مسكوت عن بيانه، فقوله تعالى: فلا تقلْ لهما أُفٍّ، يدل على تحريم التأفيف بالمنطوق لأن هذا النص مستعمل في معناه المطابق، وتحريم الضرب يستفاد من المفهوم لأنه مسكوت عن بيانه ولم يذكر له لفظ بعينه كي يفيد هذا المعنى، وسيأتي مزيد تفصيل إن شاء الله ( وهوَ ) أي اللفظ الدال في محل النطق ( إنْ أَفادَ ما ) أي معنى ( لا يحتمِلُ ) أي اللفظ ( غيرَهُ ) أي غير ذلك المعنى ( كزيدٍ ) في نحو: جاءَ زيدٌ، فإن زيدًا مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيرها ( فنصٌّ ) أي يسمى به ( أَو ) أفاد اللفظ ( ما ) أي معنى ( يحتمِلُ ) اللفظ ( بدَلَهُ ) أي بدل ذلك المعنى حال كونه ( مرجوحًا كالأسدِ) في نحو: رأيتُ اليومَ أسدًا، فإن الأسد مفيدٌ للحيوان المفترس مع احتمال أن يراد بدل ذلك المعنى الرجل الشجاع وهو معنى مرجوح لأنه معنى مجازي والأول حقيقي ( فظاهِرٌ ) أي يسمى به، أما المحتمل لمعنى مساو للآخر كالجون في نحو: ثوبُ زيدٍ جَوْنٌ، فإنه محتمل لمعنييه أي الأسود والأبيض على السواء فيسمى مجملا وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله ( ثُمَّ ) اللفظ ينقسم باعتبار آخر إلى مفرد ومركب لأنه ( إنْ دلَّ جزؤُهُ ) أي جزء لفظه ( على جزءِ معناهُ فمركَّبٌ ) تركيبا إسناديا كزيد قائم، أو إضافيا كغلام زيدٍ، أو تقييديا مثل الحيوانُ الناطِقُ، فإن الناطق صفة للحيوان مقيدة له لأنه إذا قيل الحيوان فقط لم يعلم أن المراد به الإنسان إلا إذا ذكر معه الناطق ( وإلا ) أي وإن لم يدل جزؤه على جزء معناه ( فمفردٌ ) كزيد ( ودَلالَتُهُ ) أي اللفظ ( على معناهُ مطابَقَةٌ ) كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق ( و ) دلالة اللفظ (على جُزئِهِ ) أي على جزء معناه ( تَضَمُّنٌ ) كدلالة الإنسان على الحيوان فقط أو الناطق فقط ( و ) دلالة اللفظ على ( لازمِهِ ) أي لازم معناه ( الذهنِيِّ ) سواء كان ذهنيا فقط أو ذهنيا وخارجيا معا، قيد احترز به عن اللازم الخارجي ( التِزامٌ ) كدلالة الإنسان على قابل التعلم، ثم هو تبع اصطلاح أهل المنطق ( والأُولَيَانِ ) أي دلالتا المطابقة والتضمن ( لفظِيَّتانِ ) أي مستفادتان من محض اللفظ الموضوع لمعنى ( والأَخِيرَةُ ) أي دلالة الالتزام ( عقْلِيَّةٌ ) لتوقفها على الانتقال من المعنى الموضوع له اللفظ إلى لازمه.

 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

ألا تندرج هذه تحت مسألة : " التكليف بالمحال " ؟ وقد سبق أن المصنف رجح جوازه
نعم هذا فرد من أفراد المحال، والتكليف بالمحال المسألة عند الأكثرين من حيث الجواز العقلي مع عدم وقوعه في الشرع، وكلامنا هنا في وقوعه في الشرع، والصحيح أنه غير واقع فلا يجوز أن يتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا بالعمل بشيء ولم يبين لنا كيف العمل به، ثم قولك إن المصنف رجح جوازه ليس كذلك، المصنف قال: ووقوعه بالمحال لتعلق علم الله بعدم وقوعه، فهو لا يجيز التكليف بالمحال لذاته أو لغيره.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا، هل تصح هذه العبارة:

أما إذا كان بين الجهتين تلازم فلا يتناوله الأمر المطلق كالأمر بالنافلة المطلقة والتهي عن الصلاة في وقت الكراهة، فجهة الأمر التقرب إلى الله وجهة النهي موافقة عباد الشمس في سجودهم، ولا يمكن أن تنفك موافقتهم بالسجود عن الصلاة في هذا الوقت لأنه لا يوجد سجود فيه موافقة لهم إلا في الصلاة في هذا الوقت، بخلاف الغصب فيمكن أن يكون في الصلاة وخارجها؟
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا بارك الله فيك ونفعنا بعلمك هل من لازم هذا التعريف وجوب التجويد ؟


القران الكريم لايدخل تحت ظنية الورود أما ظنية الدلالة فممكن أليس هذا ماتقصده في تقسيم النص الشرعي ؟
ذكرت شيخنا عن الأشاعرة أنهم يذهبون إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم بكلام لفظي صوتي مسموع بل هو متكلم بكلام نفسي ! فهل من شرح وتبسيط أكثر ؟


1- نعم يلزم التجويد والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا.
2- نعم القرآن قطعي الورود إجماعا وفيه ظني الدلالة كقوله تعالى: ثلاثة قروء.
3- إذا أردت أن تطلب من صديقك أن يعطيك مفاتيح السيارة فقبل أن تفتح فمك بشيء قد قام في نفسك هذا المعنى وهو الطلب المذكور ثم نطقت به، فهل الكلام هو القائم في نفسك أو هو اللفظ المسموع؟
ذهب الأشاعرة إلى الاول.
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

بارك الله فيك أخي على هذا الجهد وياحبذا التوضيح هل أدلة الفقه الإجمالية هي القواعد الأصولية كما أشرت أم هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس وقول الصحابي والاستحسان وشرع من قبلنا والمصلحة المرسلة ......
وفيك الله بارك.
هو المتبادر أن أدلة الفقه الإجمالية هي الكتاب والسنة .... إلخ ولكنهم أعني الشراح كالجلال المحلي فسروا عبارة الأصل أعني جمع الجمع دلائل الفقه الإجمالية بالقواعد الأصولية حتى يستقيم التعريف فإن أصول الفقه هو المسائل لا نفس الأدلة التي هي موضوع علم الأصول وفرق بين التعريف والموضوع، لطفا ارجع إلى حاشية العطار ص 45.

 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

شيخنا، هل تصح هذه العبارة:

أما إذا كان بين الجهتين تلازم فلا يتناوله الأمر المطلق كالأمر بالنافلة المطلقة والتهي عن الصلاة في وقت الكراهة، فجهة الأمر التقرب إلى الله وجهة النهي موافقة عباد الشمس في سجودهم، ولا يمكن أن تنفك موافقتهم بالسجود عن الصلاة في هذا الوقت لأنه لا يوجد سجود فيه موافقة لهم إلا في الصلاة في هذا الوقت، بخلاف الغصب فيمكن أن يكون في الصلاة وخارجها؟
ما هو إشكالك على العبارة أراها سليمة.
 
إنضم
11 مارس 2008
المشاركات
226
الإقامة
فنلندا
الجنس
ذكر
الكنية
أبو نوح
التخصص
لا يوجد
الدولة
فنلندا
المدينة
هلسنكي
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

لا إشكال، فهي عبارتي أنا في تعليقي على المتن، وأردت أن تثبتوا صحتها. فالحمد لله.
 
إنضم
24 أغسطس 2012
المشاركات
480
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
-
المدينة
محج قلعة مقيم بمصر
المذهب الفقهي
الشافعي

أديب أحمد يوسف

:: متابع ::
إنضم
8 أكتوبر 2015
المشاركات
9
الكنية
أبومعاذ
التخصص
علوم حاسوب
المدينة
المكلا
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

جزاكم الله خيرا
 

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,650
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
رد: دروس في شرح متن لب الأصول في علم الأصول للمتوسطين.

الدرس الثالث عشر- مباحث الكتاب

المنطوق والمفهوم


المنطوق هو: المعنى الذي دلّ عليه اللفظ بالمطابقة أو التضمن،مثل قولك: جاءَ زيدٌ، فهو يدل على مجيء شخص معين، فالمعنى المدلول عليه بهذا اللفظ منطوق به لأن هذا اللفظ موضوع في لغة العرب لإفادة هذا المعنى.
فإذا جاءَ نصّ ووجدنا المعنى المستفاد منه هو تمام ما وضع له اللفظ أو بعضه فهو المنطوق.
ولكن ما هو الحال إذا كان المعنى المستفاد من اللفظ مأخوذًا بالالتزام ؟
والجواب هو: أن دلالة الالتزام واسعة تشمل أقساما عدة هي:
1- أن يدل اللفظ على كلمة محذوفة من النص وجودها ضروري ليستقيم الكلام.
مثل: ( لا عملَ إلا بنيةٍ ) هذا اللفظ يدل بالدلالة الوضعية المطابقية على أنه لا يقع عمل في الواقع من غير أن يصاحبه نية، ولكنا نجد أن كثيرا من الأعمال تقع بغير نية شرعية تصحبه، فلا بد من تقدير كلمة صحيح أي لا عملَ صحيحَ إلا بنية، فهنا المعنى المطابق دلّ بالالتزام على تقدير كلمة صحيح، لأنا لو لم نقدره لصار الكلام كذبا.
وتسمى هذه الدلالة بدلالة الاقتضاء.
2- أن يدل اللفظ على أن الوصف الذي ترتّب عليه الحكم هو علة لذلك الحكم.
مثل: ( القاتل لا يرِث ) فهذا اللفظ يدل بالمنطوق الصريح على أن من قتل مورثه يحرم من الإرث، ويدل بالالتزام على أن علة منع الوارث من إرثه هو القتل، فالمشتق ( قاتل ) عُلِّق عليه حكم المنع من الإرث، فدل على أن القتل علة للحكم، لأنه لو لم يكن علة له لصار الكلام معيبا، لأنه علق الحكم على وصف لا مدخل له فهو بمنزلة لو قال: الإنسان لا يرث أو المسلم لا يرث ونحو ذلك.
ومثل: ( السارق تقطع يده ) فهذا اللفظ يدل بمنطوقه الصريح على وجوب قطع يد السارق، ويدل بالدلالة الالتزامية العقلية على أن السرقة علة القطع، وإلا لصار الكلام معيبا، ولصح بدل السارق والسارقة الرجل والمرأة تقطع يدهما.
وتسمى هذه الدلالة بدلالة التنبيه والإيماء.
3- أن يدل اللفظ على حكم غير مقصود ولكنه تابع ولازم لحكم آخر مقصود.
أي أن يساق الكلام ليدل على معنى هو المقصود من اللفظ هو المنطوق به يتبعه حكم آخر غير مقصود لازم له .
مثل: ( يحل الوطء للصائم في أي وقت من الليل ) فالمنطوق الصريح هو جواز الجماع للصائم طوال ليلة الصيام، ويلزمه صحة صيام المجنب، لأن من وطء ونزع عن الجماع قبل الفجر بلحظة يلزمه أنه لن يدرك ما يكفي من الوقت ليغتسل من الجنابة فيدخل الفجر وهو مجنب.
ومثل قول أم المومنين عائشة رضي الله عنها: ( كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه ) متفق عليه، فمنطوقه الصريح هو فرك المني عن الثوب والصلاة فيه، ولازمه طهارة المني لأنه لو كان نجسا للزم غسله.
وتسمى هذه بدلالة الإشارة وهي دلالة واسعة جدا تتباين فيها الأفهام تباينا شاسعا.
4- أن يدل مفهوم اللفظ على حكم موافق للحكم المنطوق.
وهو ما يسمى بمفهوم الموافقة أي أن يدل الحكم المنطوق على علة الحكم فيؤخذ من العلة حكم آخر موافق للحكم المنطوق فإذا كان المنطوق تحريما مثلا كان المفهوم مثله وإذا كان إيجابا كان المفهوم مثله.
مثل قوله تعالى: ( فلا تقل لهما أفٍّ ) فمنطوقه حرمة التأفيف ومفهومه حرمة الضرب والشتم ونحوهما، فهذا الحكم أخذ من المنطوق لاشتراكهما في علة التحريم وهي الإيذاء وهو في المفهوم أولى أي أن الضرب أولى بالتحريم من التأفيف ويسمى هذا النوع فحوى الخطاب.
ومثل قوله تعالى: ( إنّ الذينَ يأكلونَ أموالَ اليتامى ظلمًا إنما يأكلونَ في بطونِهم نارًا وسيصلونَ سعيرا ) فيدل بمنطوقه على حرمة أكل أموال اليتامى، ويدل بمفهمومه الموافق على حرمة إحراق أموال اليتامى، لأن العلة هي إتلاف أموالهم، والمفهوم هنا مساو للمنطوق في الحكم ويسمى هذا النوع لحن الخطاب.
5- أن يدل مفهوم اللفظ على حكم مخالف للحكم المنطوق.
وهو ما يسمى بمفهوم المخالفة وهو ما يؤخذ من تخلف قيد من قيود الحكم.
مثل: ( تجب الزكاة في الغنم السائمة ) فمنطوقه وجوب الزكاة في الغنم إذا كانت سائمة تأكل من حشائش الأرض، ومفهومه عدم وجوب الزكاة في الغنم المعلوفة.
فإذا علم هذا فقد اتفق العلماء على أن ما دل عليه اللفظ بالمطابقة أو التضمن يكون منطوقا، وما دل عليه بالموافقة أو المخالفة يكون مفهوما، واختلفوا في دلالة الاقتضاء والإشارة والتنبيه على ثلاثة أقوال:
1- هي من دلالة المفهوم، فكل ما دلّ عليه اللفظ بالالتزام فهو من المفهوم.
2- هي من دلالة المنطوق غير الصريح فالمنطوق ينقسم إلى صريح وهو ما دل بالمطابقة أو التضمن، وغير صريح وهو ما دل بالالتزام.
3- هي ليست من المنطوق أو المفهوم بل هي قسم مستقل يسمى بتوابع المنطوق.
مسألة: اختلف العلماء في كيفية استفادة مفهوم الموافقة من النص على قولين:
1- إن الحكم مأخوذ بالقياس الأصولي كقوله تعالى: ( فلا تقلْ لهما أفٍّ ) نستخرج حرمة الضرب بالقياس بأن نعطي حكم الأصل وهو الحرمة إلى الفرع وهو الضرب لاتحادهما في علة الحكم وهو الإيذاء، ويسمى هذا النوع بالقياس الأولى لأن الحكم المأخوذ أولى من المنطوق فإن الضرب أشد تحريما لأنه أشد إيذاءً.
2- إن الحكم مأخوذ من جهة اللغة لا بالقياس بأن يكون اللفظ دل عليه دلالة في غير محل النطق أي دلالة غير مباشرة وأمارة ذلك أن القياس يحتاج إلى نظر واستنباط وبحث عن العلة بينما العلة هنا وهي الإيذاء تفهم من اللغة ومن نفس النص فالعربي مباشرة يفهم أن النهي عن التأفيف للايذاء.
فعلى القول الأول يكون حكم الضرب مستخرجا بالقياس، وعلى الثاني يكون مأخوذًا من لفظ الآية بالفحوى.

( شرح النص )​

ثُمَّ هِيَ إِنْ تَوَقَّفَ صِدْقُ المنْطُوقِ أَوْ صِحَّتُهُ على إِضمارٍ فَدَلالَةُ اِقْتِضاءٍ، وإِلا فَإِنْ دَلَّ على ما لمْ يُقْصَدْ فدَلالَةُ إِشارةٍ، وإِلا فدَلالَةُ إيماءٍ.
والمفهومُ: ما دلَّ عليهِ اللفْظُ لا في مَحَلِّ النُّطْقِ، فإنْ وافقَ المنطوقَ فمُوافَقَةٌ ولو مُساوِيًا في الأصحِّ، ثمَّ فَحْوَى الخِطابِ إِنْ كانَ أَوْلى، ولَحْنُهُ إنْ كانَ مُساوِيًا، فالدَّلالَة مَفْهُومِيَّةٌ في الأصَحِّ. وإِنْ خَالَفَهُ فَمُخَالَفَةٌ.

..........................................................................................................
قد تقدّم أن المدلول من اللفظ نوعان: منطوق، ومفهوم، فالمنطوق هو: ما دلّ عليه اللفظ في محل النطقِ، فإذا قلتَ: جاءَ زيدٌ، فالمعنى الذي دلّ عليه اللفظ في مقام وحالة نطقك بهذه الجملة هو مجيء ذات مشخصة فيكون منطوقا، والمنطوق نوعان: صريح وهو ما دلّ عليه اللفظ بالمطابقة أو التضمن، وهو ثلاثة أقسام: نص كزيد في نحو: جاءَ زيدٌ، وظاهر كالأسد في نحو رأيتُ اليومَ أسدًا، ومجمل كجَوْن في نحو: ثوبُ زيدٍ جَوْنٌ، وغير صريح وهو ما دلّ عليه اللفظ بالالتزام، وهو ثلاثة أقسام: إقتضاء نحو: واسألْ القريةَ، أي أهلها لامتناع توجيه السؤال إلى البنايات، وإشارة نحو: أُحِلَّ لكمْ ليلةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلى نِسائِكُمْ، على صحة صيام من أصبح مجنبًا، وتنبيه نحو: الزانيةُ والزاني فاجلِدُوا كلّ واحدٍ منهما مائةَ جلدةٍ، على أن الزنا علة الجلد، فاتضح أن دلالة الالتزام هي التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، ولذا قال: ( ثُمَّ هِيَ ) أي دلالة الالتزام ( إِنْ تَوَقَّفَ صِدْقُ المنْطُوقِ أَوْ صِحَّتُهُ على إِضمارٍ ) أي على تقدير، مثال ما توقف صدق الكلام على مضمر إنما الأعمال بالنيات، أي صحتها، ومثال ما توقف صحة الكلام على إضمار واسأل القرية، أي أهلها، والفرق بين الصدق والصحة هو أن الأول في حال الإخبار عن شيء، والثاني في حال الإنشاء والطلب( فدلالة اقتضاءٍ ) أي يسمى بذلك ( وإِلا ) أي وإن لم يتوقف صدق المنطوق ولا الصحة له على إضمار ( فَإِنْ دَلَّ ) اللفظ ( على ما لمْ يُقْصَدْ ) باللفظ أي أن المعنى الإشاري لم يقصد باللفظ بيانه، بخلافه في الإضمار فهو مقصود لتوقف الصدق والصحة عليه ( فدَلالَةُ إِشارةٍ ) أي يسمى بذلك ( وإِلا ) أي وإن لم يكن من الأول والثاني بأن دل اللفظ على ما قصد بيانه به ولم يتوقف على إضمار ( فدَلالَةُ إيماءٍ ) وتنبيه أي يسمى بذلك ( والمفهومُ: ما ) أي معنى ( دلَّ عليهِ اللفْظُ لا في مَحَلِّ النُّطْقِ ) أي لم يدل عليه اللفظ في مقام إيراد اللفظ بل ينتزع انتزاعا من السكوت عن بيانه نحو: إن جاءَك زيدٌ فأكرمه، فالمنطوق وهو وجوب إكرام زيد عند مجيئه أخذ من الألفاظ مباشرة، أما المفهوم وهو لا تكرم زيدًا إن لم يجئك فلم يؤخذ من الألفاظ مباشرة ( فإنْ وافقَ ) المفهومُ ( المنطوقَ ) في الحكم ( فمُوافَقَةٌ ) أي يسمى بذلك ويسمى مفهوم موافقة أيضا ( ولو ) كان المفهوم ( مُساوِيًا ) للمنطوق، وذلك أن مفهوم الموافقة نوعان أولى ومساو، فالأولى كتحريم ضرب الوالدين فهو أولى من التأفيق الذي ورد به النص، والثاني كتحريم إحراق أموال اليتامى فهو مساو لأكل أموال اليتامى الذي ورد به النص ( في الأصحِّ ) وقيل إذا كان المفهوم مساويا للمنطوق فلا يسمى مفهوم موافقة بل يسمى مفهوم مساواة واتفقوا على الاحتجاج به فالخلاف في التسمية فقط ( ثمَّ ) المفهوم الموافق يسمى ( فَحْوَى الخِطابِ إِنْ كانَ أَوْلى ) بالحكم من المنطوق ( ولَحْنُهُ ) أي لحن الخطاب ( إنْ كانَ مُساوِيًا ) للمنطوق في الحكم ( فالدَّلالَة ) على الموافقة ( مَفْهُومِيَّةٌ ) أي بطريق الفهم من اللفظ لا في محل النطق من غير حاجة إلى قياس ( في الأصَحِّ ) وقيل بل دلالته قياسية تؤخذ من القياس الشرعي كما أخذت حرمة النبيذ قياسا على الخمر بأن نقول الأصل هو التأفيف وحكمه هو التحريم وعلته هو الإيذاء فننقل حكم الأصل للفرع الذي هو الضرب لاشتراكهما في العلة، هذا وقد قال الإمام الجويني في البرهان ج2 ص 22: اختلف أرباب الأصول في تسمية ذلك قياسا فقال قائلون: إنه ليس من أبواب القياس وهو متلقى من فحوى الخطاب، وقال آخرون: هو من القياس، وهذه مسألة لفظية ليس وراءها فائدة معنوية اهـ ( وإِنْ خَالَفَهُ ) أي خالف المفهومُ المنطوقَ ( فَمُخَالَفَةٌ ) أي يسمى بذلك ويسمى مفهوم مخالفة أيضا.

 
التعديل الأخير:
أعلى