العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

بعض التعليقات على حاشية البنجويني على رسالة الآداب في علم المناظرة

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد.. فهذه تعليقات خفيفة في كراسة عندي للعبد الفقير قلت أنقلها للإخوة تباعا لعل أحدا يستفيد منها، ولعل رب العزة يوفق وتخرج كاملة.


المتن: بسم الله الرحمن الرحيم يقولُ الفقيرٌ إلى ربِّ العبادِ القدير: لمّا كانتْ متونُ علمِ الآدابِ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: القدير) بالقطع أو الإتباع.
(قوله: متونُ علمِ) إضافة الدال إلى بعض المدلول.

............................................................................................................................

التعليقات: (قوله: بالقطع أو الإتباع) أي يجوز في كلمة القدير قطعه عن موصوفه للمبالغة في المدح وهذا على وجهين: إما بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو وإما بالنصب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره أعني، ويجوز الإتباع لموصوفه وهو ربّ فيكون بالجر، فتتحصل ثلاثة أوجه: القديرُ- القديرَ- القديرِ.
(قوله: إضافة الدال إلى بعض المدلول) أي أن إضافة متون إلى علم من إضافة الدال إلى بعض المدلول إذِ المتون يقصد بها الألفاظ والنقوش (الخطوط) وهي دالة على العلم الذي يقصد به هنا المسائل، فالمتون دال، والعلم مدلول، ولكن الإضافة إلى بعض المدلول لا إلى كله؛ لأن المتون تدل على العلم الذي هو المسائل وعلى غيره إذ أنها تشتمل على المقدمة والخاتمة أيضا وهما خارجان عن العلم.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: لذاتِ هيئتِهِ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: لذات هيئته) كأنّه لم يقل لذاته وهيئته حتى يكون إشارة إلى أن للمادة دخلًا للاستغناء عنه بإسناد الاستلزام إلى العلم المتعلق بالقضيتين فاللام في قوله: "لذات هيئته" داخلة على العلة الناقصة.
(قوله: لذات هيئته) كلامه مشعر بأن الهيئة مستقلّة في الاستلزام، وليس كذلك فالأولى أن يقول: "لذاته وهيئته".

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: لذاتِ... إلى قوله فالأولى أن يقول لذاته وهيئته) للدليل مادة وهيئة فمادته المقدمتان وهيئته تأليف المقدمتين وترتيبهما بشكل منتج، والدليل يستلزم العلم بالمطلوب بواسطة مادته وهيئته معا، فهنا يرد إشكال على المصنف في تعريفه الدليل بأنه "المركب من قضيتين يستلزم لذاتِ هيئتهِ العلمُ المتعلق بهما علما بقضية أخرى" وهو: لم قال "لذات هيئته" أي لذات هيئة المركب المشعر بأن الهيئة مستقلة في استلزام العلم بالنتيجة مع أن للمادة دخلا أيضا فهلا قال: "لذاته وهيئته" بواو العطف ليشير للمادة والهيئة لأن الذات بمعنى المادة؟ وأجاب المحشي: كأنه لم يقل لذاته وهيئته للاستغناء عن ذلك بإسناد الاستلزام إلى العلم المتعلق بالقضيتين أي في قوله: "يستلزمُ العلمُ المتعلق بهما" أي بالقضيتين؛ فيكون هذا الإسناد دالا على المادة، وقوله سابقا: "لذات هيئته" دال على الهيئة، وتكون اللام في قوله: "لذات هيئته" داخلة على العلة الناقصة وهي الهيئة، وأما جزء العلة الآخر فهو المادة.
ومع هذا الدفع فقد ذكر المحشي في التعليقة الثانية على هذه العبارة بأن الأولى أن يقول لذاته وهيئته لحسم مادة الإشكال من أصله، وإن كان في الجواب الأول مقنع لأصحاب الفطانة القوية.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: العلمُ المُتَعَلِّقُ بهما.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: العلم) أقول: إذا كان الاستلزامُ استلزامَ العلمِ للعلمِ كما هنا لا يحتاجُ إلى قيدِ "متى سُلِّمَتا" كما لا يحتاجُ إليه إذا كانَ استلزامَ المعلومِ للمعلومِ، وإن قالَ عبدُ الحكيمِ: إنّ اللزومَ بين العلمينِ إنما يكون بشرطِ تسليمِ المقدِّمات وذلك لأنهما إذا لم تُسلّما لم يتحقّق العلمُ بالملزومِ حتى يستلزمَ العلمَ باللازمِ، بلْ لا فائدةَ فيه؛ لأنَّ التسليمَ الذي جعلَهُ شرطاً عينُ العلم بالملزوم فلا معنى لاشتراطِهِ، نعم لو كانَ الاستلزامُ استلزامَ المعلومِ للعلمِ لاحتاج إلى ذلكَ القيدِ هذا وأنَّ التعريفَ كما يصدق مع تحقّق العلمينِ كذلك يصدقُ مع انتفائِهما كما إذا عُلِمَ كذبُ المقدمتينِ أو إحداهما.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: أقول إذا كان الاستلزام... الخ) إذا كان الاستلزام استلزام العلم للعلم كما هو هنا في قول المصنف "يستلزمُ العلم.." فلا حاجة إلى قيد "متى سلمتا" لأن ذلك الاستلزام مقتضاه: متى علمت المقدمتان علمت النتيجة، فأي حاجة لقيد متى سلمت القضيتان، والعلم بمعنى التسليم والإذعان، وكذلك إذا كان الاستلزام استلزام المعلوم للمعلوم؛ لأن معناه أن المقدمتين في نفس الأمر يستلزمان النتيجة في نفس الأمر وإن لم ينظر ناظر فأي حاجة لقيد متى سلمتا، وإن كان الاستلزام استلزام المعلوم للعلم فيحتاج إلى ذلك القيد لأن معناه أن المقدمتين في نفس الأمر متى سلمتا يستلزمان العلم بالنتيجة، هذا وقد ذكر العلامة عبد الحكيم في حاشيته على السيد على شرح الشمسية أنه يحتاج إلى القيد إن كان الاستلزام استلزام العلم للعلم لأن اللزوم بين العلمين هو بشرط تسليم المقدمتين لأنهما إذا لم تسلما لم يتحقق العلم بالملزوم الذي هو المقدمتان حتى يستلزم العلم باللازم الذي هو النتيجة، ورده المحشي بأن القيد لا حاجة له بل لا فائدة فيه لأن التسليم الذي جعله شرطا هو عين العلم بالملزوم فالتسليم والعلم بمعنى واحد فلا معنى لاشتراطه خذ هذا. واعلم أيضا أن تعريف الدليل كما يصدق مع تحقق العلمين بأن عُلم صدق المقدمتين معا، يصدق مع انتفاء المقدمتين بأن علم كذب المقدمتين أو كذب إحداهما، مثال صدق المقدمتين لو علم: كل إنسان حيوان، وكل حيوان حجر، فسيعلم أن كل إنسان حساس، ومثال كذب المقدمتين لو علم: كل إنسان حجر، وكل حجر نبات، فسيعلم أن كل إنسان نبات؛ لأنه مبني على التسليم فإذا سلم وأذعن شخص بمقدمتين كاذبتين فسيلزم من ذلك نتيجة، ومثال كذب إحدى المقدمتين: لو سلم أن: كل حجر جماد، وكل جماد حيوان، فسيسلم أن كل حجر حساس فالتعريق كما يشمل القياسات الصادقة يشمل الكاذبة أيضا.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: عِلمًا بقضيةٍ أخرى، أعني يلزمُ العلمُ بالنتيجةِ مِنَ العلمينِ السابقينِ لزومًا عاديًّا عندَ الأشعريِّ بمعنى: أنَّ عادةَ اللهِ جَرتْ على خلقِ العلمِ بالنتيجةِ عَقيبَ العلمينِ السابقينِ وإنْ لمْ يَجبْ خَلقُهُ عليهِ تعالى.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: علمًا) استلزامًا استعقابيًا لا معيًّا كما في استلزامِ المعلومِ للمعلومِ، فافهمْ.
(قوله: لزومًا) مفعولٌ مطلقٌ نوعيٌّ، والظاهر استلزامًا، ونسبتُهُ إلى السببِ شرحُهُ. فيهِ: أنَّّهُ مفعول مطلق لقولِهِ: "يلزمُ" وهوَ لكونهِ موصولًا بِمَنْ يفيدُ ما يفيدُ قولُهُ السابقُ: "يستلزمُ...الخ.

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: استلزاما استعقابيا... الخ) الاستلزام الاستعقابي أن يكون بين الملزوم واللازم مهلة كما في استلزام العلم بالمقدمات للعلم بالنتيجة فالعلم بالمقدمات يحصل أولا في الذهن ثم بعد ذلك يعقبه العلم بالنتيجة، وأما الاستلزام المعي فبأن يحصل الملزوم واللازم معا في نفس الوقت، كما في استلزام المعلوم وهو المقدمتان في نفس الأمر للمعلوم وهو النتيحة فليس بين الملزوم واللازم تراخ في الواقع كما في استلزام الأبوة للبنوة فإن استلزام إحداهما للأخرى معي. والأمر بالفهم لعله إشارة إلى موضع أخذ اللزوم الاستعقابي بين العلمين من كلام المصنف فإنه يؤخذ ذلك من قوله: "من العلمين السابقين" أي نشأ منهما فإنه قال: أعني يلزمُ العلمُ بالنتيجةِ مِنَ العلمينِ السابقينِ.
(
قوله: مفعول مطلق... الخ) ذكر العلامة حسن باشا زاده في شرحه على رسالة المصنف: أن قول المصنف: "لزوما عاديًّا" مفعول مطلق لبيان النوع أي لقوله: "يستلزم" أي يستلزم لزوما، فالظاهر أن يقول المصنف: "استلزاما عاديا" حتى يكون من لفظ فعله كما هو الغالب في المفعول المطلق، وأن نسبته أي نسبة اللزوم إلى العادة في قوله بياء النسبة: "عاديا" أي المنسوب إلى العادة من نسبة الشيء إلى سببه؛ لأن جريان العادة سبب لزوم العلم عند الأشعري، فقول المحشي: "شرحه" أي هذا شرحه أي الشيخ حسن زاده، لكن قال المحشي: "فيه" أي في قول الشرح نظر لأنه جعل لزوما مفعولا مطلقا ليستلزم وهو ليس كذلك بل هو مفعول مطلق نوعي لقوله: "يلزم" في قوله: "أعني يلزمُ العلمُ بالنتيجة من العلمين السابقين لزومًا عاديًّا" أي يلزم لزومًا، وهنا سؤال مقدر وهو أن قول المصنف: "أعني يلزم.." تفسير لقوله السابق: "يستلزم" فكيف يصح تفسير المزيد وهو يستلزم بالمجرد وهو يلزم؟ وأجاب المحشي بأن قوله: "يلزم" تعدى بمن الجارة فيفيد عين ما يفيده يستلزم فإن معنى: يلزم العلمُ بالنتيجة من العلمين السابقين، هو عينه معنى: يستلزم العلمان السابقان العلم بالنتيجة، فتحصل مطابقة بين المفسِّر والمفسَّر فلا إشكال.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ولزومًا إعداديًا عندَ الحكماءِ، بمعنى: أّنَهُ يجبُ عليهِ تعالى خلقُ العلمِ بالنتيجةِ عَقيبَ العلمينِ؛ لأنهما يُعدَّانِ الذهنَ إعدادًا تامًّا.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: عندَ الحكماء) بناءً على تحقيق مذهبهم، وإلا فالخلقُ إنما يجب على العقل الفعّال.
(قوله: يجبُ عليه) المناسِبُ هنا وفيما يأتي أن يقول: "عنه" بدَلَ: "عليه"؛ لأن الوجوبَ الموصول بعن يُستعمل في الصدُور الإيجابي، والموصول بعلى يستعمل في الصدور الاختياري، ألا يُرى أنَّ المعتزلة قالوا: بوجوب الأصلحِ على الله تعالى، مع قولهم: باختياره.

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: بناء على تحقيق مذهبهم... الخ) المشهور من مذهب الفلاسفة أن العقل الفعّال وهو العقل العاشر عندَهم هو رب كل ما تحت القمر من المخلوقات-حاشا لله- وأن الذهن البشري عندَ العلم بالمقدَمات يتهيأ تهيئّا تاما ويستعد استعدَادًا كاملا لتقبل النتيجة فيفيض هذا العقل الفعال العلم بالنتيجة على الذهن فيحصل العلم بها، وذكر المحشي أن تحقيق مذهبهم أن الخلق إنما يجب على الله لا على العقل العاشر وهو مجرد واسطة لإيصال الفيض الإلهي للبشر، فقوله: "وإلا" أي وإن لم نبن على تحقيق مذهبهم فالخلق إنما يجب على العقل الفعال في المشهور المعروف عنهم، فتحصل أن قول المصنف: "بمعنى: أّنَهُ يجبُ عليهِ تعالى" بناء على ما قيل إنه التحقيق، وإلا فالظاهر أن يقول: "يجب على العقل الفعال".
(
قوله: المناسب هنا... الخ) يقول إن التعبير المناسب هنا أي في قوله: "يجب عليه تعالى خلق العلم بالنتيجة" وفيما يأتي بعد عندَ قوله في بيان مذهب الرازي: "ولا يلزم أن يجب على الله شيء" أن يقول: "عنه" أي يجب عنه تعالى لا عليه؛ لأنّ المتفلسفة يقولون إن الله موجَب بالذات أي يصدر الفعل عنه بلا اختيار بل يفيض الوجود منه كما تفيض النار بالحرارة -تعالى الله عن قولهم- والشائع عندَهم استعمال الصدور الإيجابي بعن والصدور الاختياري بعلى فإن الوجوب عليه لا ينافي الاختيار ألا يرى أن المعتزلة قالوا: بوجوب خلق الأصلح للعباد على الله تعالى مع أنهم يقولون إن الله فاعل مختار، فالأولى استعمال عن في بيان مذهب الحكماء لأنهم من القائلين بالصدور الإيجابي.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: فلو لمْ يَخلقِ النتيجةَ يلزمُ البُخلُ وهوَ منَ المبدأِ الفيّاضِ مُحَالٌ، ولزومًا توليديًّا عندَ المعتزلةِ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: لم يخلق النتيجة) أي العلم بها.
(قوله: من المبدأِ الفيّاضِ) وهو الله تعالى على تحقيق مذهبهم، والعقل الفعّال على ظاهرِه.
(قوله: توليديًّا) اعترض بأن التوليد هوَ أن يوجِبَ فعلٌ لفاعلِه فعلًا آخرَ، والعلمُ ليسَ من مقولةِ الفعلِ، ودُفِعَ بأَنَّ الفعلينِ في التعريفِ بمعنى الأثرِ لا التأثير فلا إشكالَ، أو بأن المولِّدَ حقيقةً هوَ النظرُ بمعنى الترتيب، والمتولِّدُ هوَ إفادَتُهُ للعلمِ تأملْ.

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: أي العلم بها) بمعنى أن قول المصنف: "فلو لم يخلق النتيجة" على حذف مضاف، وذلك ليكون من باب لزوم العلم للعلم أي العلم بالمقدمتين يستلزمان العلم بالنتيجة.
(وهو الله تعالى... الخ) يقصد الفلاسفة بالمبدأ الفياض إما الله تعالى بناء على ما قيل إنه تحقيق مذهبهم بأن الممكنات تستند جميعها إلى الله ولكن بالواسطة، وإما العقل الفعال بناء على ظاهر مذهبهم وهو المشهور عنهم.
(قوله: اعترض بأن التوليد... الخ) التوليد عند المعتزلة هو: أن يوجِب فعل لفاعله فعلًا آخر، كحركة اليد الموجبة لحركة المفتاح، فحركة اليد صدرت من اليد وأوجبت حركة المفتاح فهي متولدة عن حركة اليد، واعترض بأن العلم ليس من مقولة الفعل بل هو من مقولة الكيف على المشهور، فلا يصدق -بناء على التعريف السابق للتوليد- أن العلم بالمقدمتين يولِّد العلم بالنتيجة، وأجيب بجوابين: الأول: أن المقصود بالفعلين في تعريف التوليد هو الأثر أي: أن يوجب أثر لفاعله أَثرًا آخر، والعلم بالمقدمتين أثر يوجب أثرًا آخر وهو العلم بالنتيجة فلا إشكال، والثاني: أن المراد أن النظر يولّد إفادة العلم النتيجة، فالمقصود بالفعلين معناهما الظاهر وهو التأثير والمقصود بالفعل الأول هو النظر بمعنى ترتيب المقدمتين على وجه ينتج المطلوب، والمقصود بالفعل الثاني هو إفادة العلم النتيجة فلا إشكال، والأمر بالتأمل لعله إشارة إلى عدم مرضية الجواب الثاني بسبب أنه لا يوافق تفسير المصنف للزوم التوليدي حيث قال: "بمعنى أن العلمين السابقين يولدان العلم بالنتيجة" فإن هذا يدل على أن اللزوم بين العلمين نفسيهما لا النظر والإفادة.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: بمعنى أَنَّ العلمينِ السابقينِ يُوَلِّدانِ العلمَ بالنتيجةِ؛ فهوَ مخلوقٌ بالواسطةِ لا ابتداءًا عندَهم.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: العلمينِ) المخلوقين بالمباشرة بلا واسطة شرحُهُ، إن لم يكونا مكتسبين بالنظر تأملْ.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: المخلوقين بالمباشرة... الخ) مذهب المعتزلة أن العلمين المتعلقين بالمقدمتين يولدان العلم بالنتيجة فهو أي العلم بالنتيجة مخلوق للعبد بواسطة العلمين السابقين لا ابتداءا، ثم ذانك العلمان السابقان المتعلقان بالمقدمتين إن كانا ضروريين يحصلان بلا نظر فهما مخلوقان للعبد بمباشرة المقدمات بأن يرتب العبد بين المقدمات فقط، وإن كانا نظريين يحصلان للعبد بنظر وترتيب مقدمات أخر بمعنى أن نفس الصغرى مثلا هي مكتسبة من قياس آخر فحينئذ لا يكون ذانك العلمان مخلوقين بالمباشرة أي بلا واسطة بل هما مخلوقان بواسطة قياس ونظر آخر، ففي شرح حسن باشا زاده أن العلمين السابقين أي المخلوقين بالمباشرة أي بلا واسطة، فتعقبه المحشي بأن هذا إن لم يكونا مكتسبين بالنظر. فقوله: "بالمباشرة" أي بمباشرة المقدمات بأن يرتب بينهما. والأمر بالتأمل إشارة إلى ما ذكرنا من أنهما إن كانا مكتسبين بالنظر يكونان مخلوقين للعبد بالواسطة.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ولزومًا عقليًا عندَ الإمامِ الرازيِّ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: عندَ الإمامِ الرازي) مذهب الإمامِ عندَ صاحبِ المواقفِ والسيّد قدس سره كمذهب المعتزلة في أن العلمَ بالمطلوبِ متولّدٌ من العلمين السابقين ومتوقف عليهما إلا أنَّ التوليدَ على المذهب الأول من فعله تعالى، وعلى الثاني من فعل العبد، إلا أنه قال صاحب المواقف: فخالف الإمامُ الشيخَ الأشعري في أصلين: كون الممكنات مستندة إليه تعالى بلا واسطة، وكونه تعالى قادرا مختارا، وقال السيد لم يخالفه في الأصل الثاني حيثُ لا يجب عنه تعالى خلق المولَّد عنه، وعند المحقق الدواني لا توليد ولا توقف في مذهب الإمام بل العلم الأخير لازم للعلمين السابقين بدونهما بناء على أن الشيخ لا يسعه إنكار اللزوم بين بعض أفعاله تعالى كلزوم المحل للعرض، والجزء للكل، والعلم بأحد المتضايفين للعلم بالآخر؛ فلم يخالف الإمام شيئا من الأصلين المذكورين.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: مذهب الإمام عند صاحب المواقف... الخ) مذهب الإمام فخر الدين الرازي هو اللزوم العقلي بمعنى أن انفكاك العلم بالنتيجة عن العلمين السابقين محال، وقد اختلف العلماء في فهم كلامه على ثلاثة أقوال:
القول الأول لصاحب المواقف وهو القاضي عضد الدين الإيجي: أن مذهب الرازي كمذهب المعتزلة في التوليد أي أن العلم بالمطلوب الذي هو النتيجة متولد من العلمين السابقين ومتوقف حصوله عليهما، ولكن بين مذهبه ومذهبهم فرق وهو أن الرازي يجعل التوليد بين فعله تعالى بمعنى أن الله خلق العلمين السابقين في قلب العبد ومن هذا الخلق تولد العلم بالنتيجة، والمعتزلة يجعلون التوليد في فعل العبد، فالعبد خلق العلمين السابقين ومن هذا الخلق تولد العلم بالنتيجة، ويلاحظ هنا أن الرازي قد خالف إمامه الأشعري في أصلين: أولهما: استناد جميع الممكنات إليه تعالى بلا واسطة حيث إن النتيجة مخلوقة مباشرة لله تعالى، بينما الرازي يجعل نسبة خلق النتيجة لله بواسطة خلق العلمين السابقين، وثانيهما: أن الله تعالى قادر مختار فله أن يفعل وله أن يترك، والرازي حينما قال باللزوم فالمعنى أنه يجب عليه تعالى خلق العلم بالنتيجة فلا يكون مختارا في ترك خلقه. والقول الثاني للسيد الجرجاني: وهو كقول العضد في أن مذهب الرازي كمذهب المعتزلة وأن التوليد في فعله تعالى عند الرازي، وفي فعل العبد عند المعتزلة، ولكن السيد يقول: إن الرازي خالف شيخه الأشعري في أصل واحد وهو استناد جميع الممكنات إليه تعالى بلا واسطة، ولكنه لا يخالف في الأصل الثاني وهو أن الله قادر مختار؛ لأنه لا يلزم من خلق العلم بالنتيجة أنه يجب عليه تعالى شيء؛ لأن الله تعالى إذا لم يرد خلق العلم بالنتيجة في قلب العبد لم يخلق العلمين السابقين من أًصله وهو المولّد عنه، والقول الثالث للمحقق الدوّاني: وهو أن الرازي لا يقول بالتوليد ولا بالتوقف فلا يوافق المعتزلة ولم يخالف شيخه الأشعري في أيٍّ من الأصلين السابقين، فالعلم بالنتيجة عند الرازي لازم للعلمين السابقين بدونهما أي بدون تولد ولا توقف؛ لأن الأشعري القائل بالعادة لا يسعه إنكار اللزوم بين بعض أفعاله تعالى وبعض آخر، فمثلا خلق الله تعالى الجوهر الذي هو المحل وخلق العرض، هنالك تلازم بينهما فلا يمكن بحال أن يوجد العرض بلا محل فيوجد تلازم بين خلق المحل وخلق العرض ولا يمكن عقلا خلقه تعالى العرض بدون خلق المحل، ومثل لزوم الجزء للكل، فلا يمكن أن يوجد الكل ولا يوجد الجزء فهذا محال، ومثل لزوم العلم بأحد المتضايفين كالأبوة والبنوة فلا يمكن العلم بالبنوة من دون العلم بالأبوّة.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ولزومًا عقليًا عندَ الإمامِ الرازيِّ.
...........................................................................................................................

الحاشية: .. وكلام المصنف ظاهر في رأي الدوّاني؛ فعليه المراد بقوله: "فهو مخلوق بالواسطة" أنّ العلم بالنتيجة مخلوق للعبد بواسطة العلمين السابقين، وبقوله الآتي: "من غير واسطة" أي من غير كون العلمين السابقين واسطة في صدور العلم الأخير، وباللزوم في قوله: "بناء على تحقق اللزوم...الخ" اللزومُ من غير توليد، ولا يبعُد الحمل على رأي السيّد بأن يكون المراد بالقول الأول: أن العلمَ بالنتيجة كالعلمين السابقين مخلوق له تعالى بواسطة العبد، وبالقول الثاني: من غير واسطة العبد، وإن كان خلقُ العلم الأخير بواسطة العلمين السابقين، و"باللزوم" المذكور: اللزوم التوليدي.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: وكلام المصنف ظاهر... الخ) هنا سؤال وهو أنكم ذكرتم أن الأقوال ثلاثة في فهم كلام الرازي: قول العضد والسيد والدواني، فهنا كلام الكلنبوي يتماشى مع أيّ من الأقوال؟ فأجاب المحشي بأنه ظاهر في رأي الدوّاني فبناء على هذا القول يكون المراد بقول الكلنبوي في بيان مذهب المعتزلة: "فهو مخلوق بالواسطة" هكذا: "فهو" أي العلم بالنتيجة، "مخلوق" أي للعبد، "بالواسطة" أي بواسطة العلمين السابقين، ويكون المراد بقوله الآتي في بيان مذهب الرازي: "من غير واسطة" أي من غير كون العلمين السابقين واسطة في صدور خلق العلم بالنتيجة، ويكون المراد باللزوم في قوله الآتي: "بناء على تحقّق اللزوم بين بعض أفعاله وبعض آخر" اللزوم من غير توليد، ثم سبب ظهور كلام المصنف في رأي الدوّاني هو أن قول المصنف: "ولزوما توليديا عند المعتزلة بمعنى أن العلمين السابقين يولّدانِ العلمَ بالنتيجةِ فهو مخلوق بالواسطة لا ابتداءًا عندهم" يشتمل على مفرّع ومفرّع عنه، فالمفرع هو: "فهو مخلوق بالواسطة لا ابتداءً" والمفرع عنه وهو: "يولدان العلم بالنتيجة" ووجه المناسبة ظاهر بالحمل على كلام الدواني، كما أن المتبادر من اللزوم في قوله: "ولزوما عقليا عند الإمام الرازي" اللزوم العقلي غير التوليدي، ومع هذا الظهور لا يبعد عن الصواب حمل كلامه على رأي السيد لا العضد بأن يكون المراد بالقول الأول وهو: "فهو مخلوق بالواسطة" هكذا: "فهو" أي العلم بالنتيجة، ومثله العلمان السابقان "مخلوق" أي لله تعالى، "بالواسطة" أي بواسطة العبد، بمعنى أن نسبة الخلق لله عند المعتزلة نسبة غير مباشرة فالله تعالى لأنه خلق العبد، والعبد خلق علمه بالمقدمات وتولد منه العلم بالنتيجة فينسب العلم بالنتيجة وكذا العلم بالمقدمات لله تعالى، ويكون المراد بالقول الثاني وهو قوله: "من غير واسطة" أي من غير واسطة العبد، وإن كان خلق العلم الأخير بواسطة خلق العلمين السابقين، فقد حصل تولد بين خلق الله للعلمين السابقين وبين العلم بالنتيجة، فخلق الله للعلم بالنتيجة ليس مباشرة بل بواسطة خلقه للعلمين السابقين، أي أنه تعالى لا يحتاج إلى خلقين فهو بمجرد خلقه العلمين السابقين يُخلق العلم بالنتيجة وهو مخالف لرأي الأشعري القائل بأن الله لا يخلق بالواسطة بل تستند جميع الممكنات إليه تعالى مباشرة، وعلى رأي السيد أيضا يكون المراد باللزوم المذكور في قوله: "ولزوما عقليا" اللزوم التوليدي بأن يولّد بعض أفعاله تعالى بعضا آخر.
فتحصّل أن كلام المصنف ظاهر في رأي الدوّاني، فالمصنف قال: "بمعنى أن العلمين السابقين يولدان العلم بالنتيجة فهو مخلوق بالواسطة" فالمفهوم الظاهر هو أن العلم بالصغرى والعلم بالكبرى يولدان العلم بالنتيجة فيتفرع عن هذا أن العلم بالنتيجة مخلوق للعبد بواسطة العلمين السابقين، وعلى رأي السيد يكون المعنى أن العلم بالصغرى والعلم بالكبرى يولدان العلم بالنتيجة فيتفرع عن هذا أن العلم بالنتيجة مخلوق لله بواسطة العبد، وواضح أن لا توجد مناسبة بين المفرع والمفرع عنه.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: بمعنى أَنَّ انفكاكَ العلمِ بالنتيجةِ عن العلمينِ السابقينِ محالٌ في نفسِ الأمرِ، وإنْ كانَ كلٌّ منَ العلومِ مخلوقًا للهِ تعالى منْ غيرِ واسطةٍ بناءً على تحقّقِ اللزومِ بينَ بعضِ أفعالِهِ وبعضٍ آخرَ، ولا يلزمُ أنْ يجبَ على اللهِ شيءٌ لعدمِ وجوبِ خلقِ العلمينِ السابقينِ عليهِ تعالى.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: أنَّ انفكاك... الخ) معناه على القلب؛ لأنَّ انفكاك الشيء عن الشيء وجودُ الأوّل بدونِ الثاني، والمقصودُ أنَّ العلمين السابقين لا يوجدانِ بدون العلم بالنتيجة لا العكس تأملْ.
(قوله: محالٌ) كما أنّ انفكاك الجوهر عن العرض محال.
(قوله: مخلوقا لله) عند الإمام.
(قوله: على تحقّق اللزوم) إشارة إلى أنّ الإمام لم يخالف أصل إمامه الأشعري أعني كونه تعالى فاعلا مختارا كما زعمه صاحب المواقف.
(قوله: بين بعض... الخ) كلزوم المحل للعرضِ، والجواهر الفردة للجسم.
(قوله: ولا يلزم) أي من مذهب الإمام.
(قوله: السابقين) أي إنْ لم يكونا مكتسبين بالنظر تأملْ.

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: معناه على القلب... الخ) قول المصنف: "انفكاك العلم بالنتيجة عن العلمين السابقين" فيه قلب؛ لأنّ انفكاك الشيء عن الشيء معناه وجود الشيء الأول بدون الشيء الثاني، فيكون المعنى أن العلم بالنتيجة لا يوجد بدون العلمين السابقين، والحال أن المقصود هنا على العكس أي أن العلمين السابقين لا يوجدان بدون العلم بالنتيجة، فالأصل أن يقول: "بمعنى أن انفكاك العلمين السابقين عن العلم بالنتيجة محال"، والأمر بالتأمل إشارة إلى أنه إذا كان الانفكاك بمعنى السلب لا يكون المعنى على القلب؛ لأن سلب الشيء عن الشيء معناه وجود المسلوب عنه وهو الثاني بدون المسلوب وهو الشيء الأول فيكون المعنى أن سلب العلم بالنتيجة عن العلمين السابقين محال أي أن العلمين السابقين لا يوجدان بدون العلم بالنتيجة وهو المقصود.
(
قوله: كما أنَّ انفكاك الجوهر عن العرض محال) تنظير أي كما أن انفكاك الجوهر عن العرض محال فكذلك انفكاك العلمين السابقين عن العلم بالنتيجة محال.
(
قوله: عند الإمام) أي فلا يرد أن الإمام الرازي خالف إمامه الأشعري في استناد الممكنات إليه تعالى مباشرة كما توهم.
(
قوله: إِشارة إلى أن الإمام... الخ) يعني أن وجود اللزوم بين بعض أفعاله تعالى وبعض آخر لا يلزم منه أن الرازي يخالف إمامه في كونه تعالى قادرا مختارا كما زعمه العضد.
(
قوله: كلزوم المحل للعرض... الخ) كلزوم المحل أي الجوهر للعرض وكلزوم الجواهر الفردة أي الأجزاء التي لا تتجزأ للجسم.
(
قوله: أي من مذهب الإمام) الرازي.
(
قوله: إن لم يكونا مكتسبين بالنظر تأمل) اعلم أن مذهب الرازي على توجيه العضد يقتضي بناء على نفي أن يكون الباري قادرا مختارا أنه يجب على الله تعالى خلق العلمين السابقين إن كانا نظريين؛ لأن العلم بالصغرى النظرية يقتضي أنها نتيجة حصلت من قياس سابق وكذا الكبرى النظرية، أما إذا كانا ضروريتين فلا، بخلافه على توجبه السيد والدواني فلا يجب عليه تعالى خلق العلمين السابقين سواء آكانا نظريين أم ضروريين، فاشتراط عدم كونهما مكتسبين بالنظر بالنظر لتوجيه العضد فقط ولهذا أمر المحشي بالتأمل.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: وأنَّ المقدِّمَةَ قضيَّةٌ حقيقةً أو حكمًا يتوقفُ عليها صِحّةُ الدليلِ، فهذا التعريفُ صادقٌ على مثلِ الصغرى؛ لأنّها جزءُ الدليلِ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: قضية) لم يقل: "ما يتوقّف عليه... الخ" لئلا يرد الموضوعات والمحمولات، ويُحتاج إلى دفعه بأنّ المرادَ بالتوقّف: ما هو بلا واسطة، تأملْ.
(قوله: مثل الصغرى) أي: من الكبرى والمقدمة الشرطية والاستثنائية.
(قوله: لأنّها) كونها جزء دليل المنطقيين ظاهر بخلاف كونها جزء دليل الأُصوليين، ولو باعتبار قسم المركب، تأمل.


..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: لم يقل ما يتوقف عليه... الخ) عدل الكلنبوي عن قولهم في تعريف المقدمة: "ما يتوقف عليه صحة الدليل" الأخصر من قوله: "قضية حقيقة أو حكما يتوقف عليها صحة الدليل" لئلا يرد على تعريف المقدمة بسبب عموم كلمة "ما" موضوعات ومحمولات مقدمات الدلائل؛ فإنهما أيضا يتوقف عليهما صحة الدليل لأن المقدمة بدون موضوعها ومحمولها لا توجد، مع أن الحال أن الموضوعات والمحمولات ليستا من المقدمة فيكون التعريف غير مانع، وقد احتاجوا إلى دفع هذا الاعتراض بأن المراد بالتوقّف ما هو بالذات أي بلا واسطة، والأمر بالتأمل يمكن أن يكون لبيان وجه دفع الاعتراض بالجواب المذكور وهو أن الدليل تتوقف صحته على القضيتين بلا واسطة، وتتوقف صحته على موضوعات ومحمولات القضيتين بواسطة توقف القضيتين عليهما، والمراد في التعريف ما كان بلا واسطة فلا إشكال، ولما استشعر الكلنبوي الإشكال بعدم المانعية والاحتياج إلى دفعه بما ذكرنا عدل عن قولهم: "ما" إلى قوله: "قضية" فاندفع الإشكال من أصله.
(
قوله: أي من الكبرى والمقدمة الشرطية والاستثنائية) أي أنّ المقصود بالمثل في قول المصنف: "مثل الصغرى" هو المقدمة الكبرى، والمقدمة الشرطية، والمقدمة الاستثنائية مثل: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، لكنّ الشمس طالعة، فالأولى شرطية والثانية استثنائية.
(
قوله: كونها جزء دليل المنطقيين... الخ) أي أن كون الصغرى- وكذا ما هو مثلها- جزء من الدليل المنطقي وهو المركب من قضيتين يستلزم...الخ أمر ظاهر، فمثلا: العالم حادث، وكل حادث لا بدّ له من محدِث، هذا دليل منطقي، والصغرى جزء منه، وأما كونها جزء من الدليل الأصولي وهو: ما يمكن التوصل بصحيح النظر... الخ أمر غير ظاهر، أما كون الصغرى لا تدخل في الدليل الأصولي المفرد فظاهر؛ لأن المفرد كلمة كالعالم وهو الحد الأصغر، والمقدمة قضية، وأما كون الصغرى لا تدخل في الدليل الأصولي المركب؛ فلأن أجزاء الدليل عندهم هي الحد الأصغر والأوسط والأكبر من غير ملاحظة الهيئة التركيبية كما سبق بيانه، والمقدمة الصغرى ملاحظ فيها الهيئة التركيبة فلا تكون جزء من أجزاء الدليل الأصولي وإن كانت مشتملة على الحد الأصغر، والأمر بالتأمل لعله إِشارة إلى أن هذه الرسالة معتمدة على الدليل المنطقي لا الأصولي فلا يضر عدم تناول تعريف المقدمة للدليل الأصولي.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: وصحتُهُ تتوقفُ على جزئِهِ، وعلى مثلِ إيجابِ الصغرى وكليّة الكبرى وغيرِهما من الشرائط التي بيّنَها أهل المعقول؛ فإنَ كلًّا منهما قضيّةً حكمًا بأن يُقالَ صغرى دليلي هذا موجبة وكبراهُ كليّةٌ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: على جزئه) قدْ يقالُ: إنَّ الجزءَ يَتوقّفُ عليهِ نفسُ الدليلِ لا صحتُهُ، ويُدفعُ بأنَّ المرادَ بالصِّحةِ هو الاستلزامُ المعتبر في مفهوم الدليل.
(قوله: من الشرائط) من اختلاف المقدمتين في الشكل الثاني، وكونِ الشرطية لزومية وعنادية حقيقةً وأخويها، وفعليّة الصغرى.


..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: قد يقال: إن الجزء... الخ) هذا دفع لاعتراض على قول المصنف: "وصحته تتوقف على جزئه" وهو: أن جزء الشيء يتوقف عليه نفس الشيء، فجزء الدليل يتوقف عليه نفس الدليل لا صحة الدليل، وأما صحته فتتوقف على استجماع الشرائط، ويدفع الاعتراض بأن المراد بالصحة هنا هو الاستلزام أي استلزام الدليل للمطلوب وهو المعتبر في تعريف الدليل فيما سبق: هو المركب من قضيتين يستلزم... الخ؛ فمعنى العبارة: صحة الدليل -أي استلزام الدليل للمطلوب- تتوقف على جزء الدليل، وظاهر أن الاستلزام متوقف على جزء الدليل، فتحصل أن المراد من صحة الدليل ما يشمل أجزاء الدليل وهو المقدمتان الصغرى والكبرى، وشروطهما كإيجاب الصغرى وكلية الكبرى.
(
قوله: من اختلاف المقدمتين في الشكل الثاني... الخ) هذا بيان لقوله: "وغيرهما من الشرائط" فيدخل إيجاب الصغرى وكلية الكبرى في الشكل الأول، واختلاف الصغرى والكبرى في الإيجاب والسلب بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة في الشكل الثاني من الأشكال الأربعة، وفي القياس الاستثنائي كون المقدمة الشرطية في الشرطية المتصلة لزومية، وكون المقدمة الشرطية المنفصلة عنادية سواء كانت حقيقة وهي مانعة الجمع والخلو أو مانعة الجمع فقط، أو مانعة الخلو فقط، وهما المرادان بقوله: "وأخويها"، ومن فعلية الصغرى من حيث الجهة في الشكل الأول والثالث إلى غير ذلك من الشرائط المذكورة في المنطق فارجع إليه.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ومنهُ التقريبُ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: ومنهُ) قيل إنّ الضمير راجع إلى الموصول المار في قوله: "ومما يجب أن يُقدّّم" وأقول: إنه عائد إلى قوله: "وغيرهما" أو قوله: "ومثل إيجاب الصغرى" فيكون التقريب أيضا من المقدمة وقضيّة حكميّة، وما ذكره القائل من أنّ التقريب ليس شطرا للدليل ولا شرطا فلا يتوقف عليه صحة الدليل؛ فلا يكون مقدمة، بل هو أمر يترتّب على الدليل بعد استكمال الشرائط والأركان ولذا غيّر الأسلوب، فمدفوع بأنّ من شرائط الدليل أن يكون الأوسط مؤلّفا مع طرفي المطلوب أو ما يستلزمهما، ويدّل على ما ذكرنا تمثيل المصنف فيما يأتي للمنع على المقدمة المعيّنة بقوله: "أو تقريبه ممنوعٌ".

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: قيل إن الضمير راجع... الخ) قول المصنف: "ومنهُ التقريب" اختلفوا في مرجع الضمير: فقيل: هو راجع إلى الاسم الموصول: "ما" المار في قول المصنف: "ومما يجب أن يقدّم" فيكون المعنى هكذا: ومما يجب أن يٌقدّم التقريب، ولم يرتضه المحشي بل قال: الضمير عائد إما إلى قوله: "وغيرهما" فيكون المعنى هكذا: ومن غير إيجاب الصغرى وكلية الكبرى التقريبُ، أو عائد إلى قوله: "مثل إيجاب الصغرى" فيكون المعنى هكذا: ومن مثل إيجاب الصغرى التقريبُ، وعلى التقديرين يكون التقريب أيضا من المقدمة ويكون قضية حكميّة، والقائل بأن مرجع الضمير هو الاسم الموصول رجّح ذلك بأن التقريب ليس شطرا أي جزء للدليل مثل الصغرى التي هي جزء منه، وليس شرطا في الدليل مثل إيجاب الصغرى، وإذا لم يكن شطرا ولا شرطا للدليل فلا يتوقف عليه صحة الدليل، وإذا لم يتوقف عليه صحة الدليل فلا يكون من المقدمة التي عرفها بأنها: "قضية حقيقة أو حكما يتوقف عليها صحة الدليل" بل التقريب أمر يترتب على الدليل بعد استجماع الأركان وهي المقدمتين الصغرى والكبرى، والشروط مثل إيجاب الصغرى وكلية الكبرى، ولأجل ذلك غيّر المصنف الأسلوب بأن قال: "ومنه التقريب" أي مما يجب أن يقدم التقريب، ولم يقل: "وأن التقريب" كما قال: "وأن المقدمة" ليشير إلى أن التقريب ليس جزء من المقدمة، هكذا قال ذلك القائل وهو حسن باشا زاده، وردّه المحشي بأن هذا مدفوع لأن من شرائط الدليل أن يكون الحد الأوسط مؤلفا مع طرفي المطلوب أي مع موضوع النتيجة المسمى الحد الأصغر، ومع محمول النتيجة المسمى الحد الأكبر، أو يكون الأوسط مؤلفا مع ما يستلزم الأصغر والأكبر، مثال الحالة الأولى: إذا أريد إثبات الحيوانية للإنسان فقيل لأنه حساس، وكل حساس حيوان، ومثال الحالة الثانية إذا أريد إثبات الحيوانية للإنسان فقيل لأنه حساس، وكل حساس متحرك بالإرادة، فهنا الحساس وإن لم يكن مؤلفا مع طرفي المطلوب أعني الإنسان والحيوان، لكنه مؤلف مع ما يستلزمهما وهو المتحرك بالإرادة فإن كون الإنسان متحركا بالإرادة يستلزم كونه حيوانا، فيتحصل أن من شرائط الدليل أن يكون مؤلفا مع طرفي المطلوب أو ما يستلزمهما وهذا هو التقريب، ويدل على ذلك تمثيل المصنف الآتي للمنع على المقدمة المعيّنة بقوله: "أو تقريبه ممنوعٌ" فالمنع تعلق بالتقريب، والمنع الحقيقي كما هو معروف يكون للمقدمة فهذا ظاهر في أن التقريب أيضا من مقدمة الدليل.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: وهوَ سوقُ الدليلِ على وجهٍ يستلزمُ المطلوبَ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: يستلزمُ) لا يقال إنّ الشيء إنما يكونُ دليلًا إذا استلزمَ المطلوبَ؛ لأنا نقولُ المأخوذ في مفهوم الدليل هو استلزامه للقضيةِ، ولا يلزمُ أن تكونَ القضيّةُ عينَ مطلوبِ المستدلِّ، بل قد تكونُ مباينةً له أو مساويةً أو أعمَّ أو أخصَّ مطلقًا أو من وجهٍ، وإنما يخرج عن كونه دليلًا إذا لم يستلزم قضيّة أًصلًا؛ فحينئذ يقال: لا دليلَ أو لا يتمّ الدليلُ.
(قوله: يستلزمُ) أي العلمُ به العلمَ بالمطلوبَ.


..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: لا يقال إنّ الشيء ... إلى قوله: العلم بالمطلوب) هذا دفع لاعتراض وهو أن الشيء إنما يكون دليلا إذا استلزم المطلوب، وأما إذا لم يستلزم المطلوب فلا يكون دليلًا أصلا؛ فلا معنى لتعريف التقريب بأنه سوق الدليل على وجه يستلزم المطلوب، إذ كل دليل لا بد أن يستلزم المطلوب، والجواب أن المأخوذ في مفهوم الدليل فيما سبق هو استلزامه لقضية أخرى تنتج عن المقدمتين، ولا يلزم أن تكون تلك القضية الناتجة هي عين مطلوب المستدل بل قد تكون مباينة لمطلوبه أو مساوية أو أعم مطلقا أو أخص مطلقا أو أعم من وجه، فمثلا إذا أراد شخص أن يستدل على أن ذلك الشيء إنسان، فقال مستدلا: ذلك الشيء صاهل، وكل صاهل فرس، فذلك الشيء فرس، فالدليل هنا أنتج قضية واستلزم مطلوبا فلا يخرج عن كونه دليلا، ولكن الذي استلزمه هذا الدليل مباين لمطلوب المستدل فكون الشيء إنسانا يباين كونه فرسا، فلذا يقال هذا الدليل لا تقريب فيه بمعنى أنه لا يستلزم مطلوبك ولا يثبت مدعاك، فإذا لم يستلزم الدليل قضية أصلا فحينئذ يقال: لا دليل أو لا يتم الدليل، كأن قيل ذلك الشيء صاهل، وكل ناهق حمار، فهذا لا ينتج أصلا فيقال: لا دليل.
ثم اعلم أن معنى الاستلزام في قول المصنف: "سوق الدليل على وجه يستلزم المطلوب" هو استلزام العلم للعلم أي يستلزم العلم بالدليل العلم بالمطلوب.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: والتقريبُ إنما يتمّ إذا كانَ ما يستلزمُهُ الدليلُ عينَ الدعوى أو ما يساويها أو أخصّ منها.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: عينَ الدعوى) كقولنا: كلّ إنسان حيوان؛ لأنه حساس، وكل حساس حيوان.
(قوله: أو ما يساويها) كقولنا: كل إنسان حيوان؛ لأنه حساس، وكل حساس متحرك بالإرادة.
(قوله: أو أخصّ منها) كقولنا: هذا حيوان؛ لأنه ضاحك، وكل ضاحك متعجّب، قال عبد الحكيم: بعدم تمام التقريب في هذا القسم كالآتيين، إلا أن تعريف التقريب يؤيد ما هنا.


..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: كقولنا كل إنسان حيوان ... الخ) الدعوى: كل إنسان حيوان، والدليل: لأن الإنسان حساس، وكل حساس حيوان، ينتج: كل إنسان حيوان، والنتيجة عين الدعوى.
(
قوله: كقولنا كل إنسان حيوان لأنه حساس... الخ) الدعوى: كل إنسان حيوان، والدليل: لأن الإنسان حساس، وكل حساس متحرك بالإرادة، ينتج: كل إنسان متحرك بالإرادة، والنتيجة تساوي عين الدعوى فإن كل إنسان متحرك الإرادة يساوي كل إنسان حيوان.
(
قوله: كقولنا: هذا حيوان... الخ) الدعوى: هذا حيوان، والدليل: لأن هذا ضاحك، وكل ضاحك متعجب ينتج: هذا متعجب، والنتيجة أخص من عين الدعوى فإن هذا متعجب أخص مطلقا من هذا حيوان.
هذا ولكن قد قال العلامة عبد الحكيم بعدم تما التقريب في هذا القسم وهو الأخص مطلقا كما لا يتم التقريب في القسمين التاليين وهما الأعم مطلقا من الدعوى والأعم من وجه، لكن قال المحشي إن تعريف التقريب وهو: سوق الدليل على وجه يستلزم المطلوب، يؤيد ما هنا أي يؤيد كلام الكلنبوي بتمام التقريب في هذا القسم وهو الأخص مطلقا، لما هو معلوم أن الأخص يستلزم الأعم، فثبوت التعجب في المثال السابق يستلزم كونه إنسانا فيكون حيوانا.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: وأمّا إذاكانَ اللازمُ منَ الدليلِ أعمَّ منَ الدعوى مطلقًا أو من وجهٍ فلا تقريبَ لهُ كما يقالُ: هذا إنسانٌ؛ لأنّهُ متحرِّكٌ بالإرادةِ، وكلُّ ما هوَ كذلكَ حيوانٌ؛ فهذا حيوانٌ، أو لأنّهُ مُفَرِّقٌ، وكلُّ ما هوَ مفرِّقٌ للبصرِ أبيضُ؛ فهذا أبيضُ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: كانَ اللازمُ) فيه تفنّن.
(قوله: أو من وجهٍ) كأن ترك التعرض للمباين؛ إما لبعد صدوره من المستدل، أو لظهور حكمه.
(قوله: فلا تقريبَ لهُ) أي فلا يتمُّ التقريبُ بقرينة قوله: "والتقريبُ إنما يتمّ" قال عبد الحكيم: الشائعُ أن يقال: فلا يتمّ التقريب؛ لكون منصب السائل الدّخْلُ والاعتراض لا النفي، والأول لا يستلزم الثاني.

..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: فيه تفنن) بمعنى أن قول المصنف السابق: "إذا كان ما يستلزمه الدليل" مع قوله هنا: "وأمّا إذا كان اللازمُ" تفنن لأن مفاد التعبيرين أعني ما يستلزمه، واللازم واحد، فالتنوع في التعبير لأجل التفنن فقط بإيصال المعنى الواحد بأكثر من لفظ.
قوله: (كأن ترك التعرض للمباين... الخ) بقي على المصنف بيان حكم المباين، فأشار المصنف إلى جوابه: بأنه تركه إما لبعد صدوره من المستدل، أو لكون حكمه يعرف مما سبق فإنه إذا كان الأعم من وجه مع مناسبته لا يتم تقريبه، فمن باب أولى أن المباين لا يتم تقريبه.
(أي فلا يتمُّ التقريبُ... الخ) إذا جاء المستدل بما هو أع مطلقا أو من وجه أو بالمباين لدعواه فهل يقال له: لا يتمّ التقريب لدليلك، أو يقال: لا تقريب لدليلك؟ الشائع هو أن يقال: لا يتم التقريب؛ لأن وظيفة السائل الدخل والاعتراض لا النفي أي الجزم بالعدم بقوله: لا تقريب له، والأول الذي هو الدخل والاعتراض لا يستلزم الثاني الذي هو النفي؛ لأن معنى الأول: لا علمَ لي بتقريب دليلك أي استلزامه لدعواك فبينّه لي، لا أن يقول لا تقريب له أصلا، وحينئذ فقول المصنف: "فلا تقريب له" مجاز ويؤول إلى "فلا يتم تقريبه" بقرينة قوله سابقا: "والتقريب إنما يتمّ".
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ثمَّ اعلمْ أَنََّكَ إذا قلتَ بكلامٍ تامٍّ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: بكلام) أي خبري إمّا بحسب الظاهر فقط كما إذا كنتَ أحدَ الأخيرينِ؛ فإنّ التعريف والأقسام محمول بحسب الظاهر على المعرَّف والمقْسِم وإن كان التعريف والتقسيمُ تصويرَينِ حقيقةً، أو بحسب الحقيقة أيضا كما إذا كنت أحدَ الأوليين كقولك: قالَ فلان كذا، وقولك: العالم حادث؛ فلا ينتقض الحصر بما إذا قلتَِِ: اضربْ زيدًا مثلا.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: أي خبري بحسب الظاهر ... الخ ) المقصود بالكلام التام هو الخبري إما بحسب الظاهر وإما بحسب الحقيقة، فاحترزنا بقولنا: الخبري عن الإنشائي مثل: اضرب زيدًا، فإنه كلام لكنه ليس خبريا، والقائل بالكلام الخبري لا يخلو حاله من واحد من أربعة: إما أن يكون ناقلا، وإما أن يكون مدعيا، وإما أن يكون معرِّفا، وإما أن يكون مقسِّما، فهذه الأقسام هي للمتكلم بكلام خبري لا إنشائي فلا يقال إن قولكم هذا: منتقض بالإنشاء مثل: اضرب زيدا، لأنه كلام وليس المتكلم فيه واحدا من تلك الأقسام، ثم يرد إشكال آخر وهو: أن التعريف والتقسيم من باب التصوّر عند المناطقة لا التصديق إذ هما يصوّران المعرَّف والمقسِم وإذا لم يكونا تصديقيين فلا يكونان خبريين؛ فيكون قولكم الكلام الخبري مخرجا لهذين القسمين الأخيرين، ويدفع بأن المراد بالخبري ما يشمل الخبري حقيقة نحو: قال زيد كذا، ونحو: العالم حادث، أي يشمل النقل والدعوى وهما القسمان الأوليان ويشمل الخبري بحسب الظاهر فإن التعريف بحسب الظاهر خبر نحو الإنسان حيوان ناطق، فيحمل بحسب الظاهر حيوان ناطق على الإنسان، ومثل: الكلمة اسم وفعل وحرف، فتحمل الأقسام على الكلمة بحسب الظاهر تأمل.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: ثمَّ اعلمْ أَنََّكَ إذا قلتَ بكلامٍ تامٍّ فإمّا أنْ تكونَ ناقِلًا.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: أن تكونَ) ذكرُ أنْ هنا وفي قوله الآتي: "فإما أن يشتغلَ" مبنيّ على الفرق بين المصدر المؤول والمصدر الصريح؛ فلا يلزمُ من عدم جواز الثاني عدمُ جواز الأوّل، وإلا فالمناسِبُ تركُ أنْ.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: ذكر أنْ هنا... الخ) هنا سؤال وهو: لمَ ذكر المصنف كلمة "أنْ" هنا في قوله:"فإما أن تكون ناقلا" وكذا في قوله الآتي: "فإمّا أن يشتغل"؟ والجواب: الظاهر أنه مبني على الفرق بين المصدر الصريح والمؤول، فالمصدر الصريح هو مفرد لفظا ومعنى، وأما المصدر المؤول فهو مفرد معنى لا لفظا، فلا يلزم من عدم جواز المصدر الصريح عدم جواز المصدر المؤول؛ فالصريح لكونه مفردا لفظا لا يصح كونه حزاءا لإذا وإن الشرطية اللتين يطلبان جملة في قولك: إذا قلت.. فإما كونك ناقلا، وإن كنت مدعيا فإما اشتغالك بالاستدلال عليها، ولكن يجوز أن تقول إذا قلتَ.. فإما أن تكون ناقلا، وإن كنت مدعيا فإما أن تشتغل، رغم أنّ أنْ المصدرية تؤول الفعل بمصدر لكن لكونه مشتملا على النسبة التامة إلى الفاعل أي أن تكون وأن يشتغل صحّ ذلك، "وإلا" أي وإن لم يكن ما ذكر مبنيا على الفرق بين المصدر الصريح والمؤول بأن يكون لا فرق بينهما كما قاله بعضهم فالمناسب حينئذ ترك "أنْ" ويقول: "فإما تكون ناقلا" و "فإما يشتغل" حتى لا يلزم بسبب أنْ تأويل الكلام بمفرد.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: فإمّا أنْ تكونَ ناقِلًا.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: ناقلا) أقول النقل دعوى مخصوصة وإن كان المنقول حكاية؛ فالناقل مدّعٍ في النقل، وإن لم يكن مدّعيًا في المنقول، فما يذكره في الفصل الآتي من وظائف السائل والمدعي ذكرٌ لها بالنسبة إلى النقل أيضا إلا أنه لما كان للناقل بالنسبة إليه وظيفة مخصوصة أعني إحضار المنقول عنه تعرّض هنا لوظيفة السائل تبعا وإن لم تكن مخصوصة بالنقل؛ فلا يتجه ما في بعض الشروح من أنّ المصنف لم يتعرض لنقض النقل ومعارضته.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: أقول النقل دعوى... الخ) النقل دعوى من الدعاوى لكنه دعوى مخصوصة يدعي فيها الناقل كلاما عن الغير وإن كان نفس المنقول حكاية ليس فيه شائبة الدعوى، ففرق بين النقل وبين المنقول، فالأول يطلب تصحيحه والثاني لا يلزم تصحيحه، مثلا إذا قال شخص: قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله الوتر واجب، فهنا الناقل مدّع في نقله الوجوب عن أبي حنيفة فيطالب بتصحيح نقله بإحضار الكتاب المنقول عنه، وإن لم يطلب بتصحيح المنقول وهو الوجوب فلا يطالب بدليل على دعوى الوجوب لأنه مجرد ناقل، وإذا ثبت أن النقل دعوى فما يذكره المصنف في الفصل الآتي من وظائف السائل والمدعي ذكر لتلك الوظائف بالنسبة للنقل أيضا، فإن قيل: فإذا كان ما سيذكره المصنف في الفصل الآتي ذكر لها بالنسبة للنقل أيضا فلم تعرض المصنف هنا لوظيفة واحدة من وظائف السائل وهو المنع أي منع هذا النقل الذي يكون جوابه بتصحيح النقل ولم يؤخره كأخويه من نقض ومعارضة؟ والجواب: أنه لما كان للناقل بالنسبة إليه أي إلى النقل وظيفة مخصوصة أعني إحضار المنقول عنه تعرض هنا لوظيفة السائل تبعا أي تبعا لوظيفة الناقل وإن لم تكن هذه الوظيفة للسائل مخصوصة بالنقل بل تعم النقل وغيره؛ وحينئذ فما في بعض الشروح من الاعتراض على المصنف بأنه كان عليه ذكر نقض النقل ومعارضته أيضا لأنها من وظائف السائل غير متجه لما ذكرنا وخلاصته أن ذكر المصنف هنا لمنع النقل إنما جاء تبعا لوظيفة الناقل المخصوصة المتمثلة بتصحيح النقل ولا يعني هذا حصر وظيفة السائل بالنسبة للنقل في منع فقط دون معارضته ونقضه.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: فإمّا أنْ تكونَ ناقِلًا.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: ناقلا) سواءٌ كانَ النقلُ بصيغةِ القول كقالَ فلانٌ كذا، أو لا كالأمر كذا عند فلانٍ، وسواء كان المنقولُ مفردًا كقالَ الزمخشريُ في تعريف الكلمة: مفردٌ، أو مركبا ناقصا كقال ابنُ الحاجب في تعريفها: لفظٌ وُضِعَ لمعنىً... الخ، أو تاما خبريا كقال النبي صلى الله عليه وسلم: في الغنم السائمةِ زكاةٌ، أو إنشائيا كقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدوا زكاةَ أموالِكم.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: سواء كان النقل... الخ) هذا تعميم للنقل فهو يشمل النقل بصيغة القول مثل: قال فلان كذا، وبغير صيغة القول بأن ينقل المعنى لا اللفظ مثل: الأمر عند فلان كذا نحو صلاة الوتر عند أبي حنيفة واجبة، وسواء كان المنقول مفردا أي كلمة واحدة مثل قال الزمخشري في تعريف الكلمة: مفردٌ، أم مركبا، والمركب يشمل الناقص، والتام، مثال المركب الناقص تعريف ابن الحاجب للكلمة بقوله: لفظ وضع لمعنى مفرد، والمركب التام يشمل الخبري والإنشائي، مثال الخبري: في الغنم السائمة زكاة. والحديث مروي في المعنى وأصله في البخاري، ومثال الإنشائي قوله صلى الله عليه وسلم: أدّوا زكاة أموالكم. رواه الترمذي.
 
التعديل الأخير:

صفاء الدين العراقي

::مشرف ملتقى المذهب الشافعي::
إنضم
8 يونيو 2009
المشاركات
1,645
الجنس
ذكر
التخصص
.....
الدولة
العراق
المدينة
بغداد
المذهب الفقهي
شافعي
المتن: فيطلبُ منكَ الصِّحةُ، فتحضِرُ المنقولَ عنهَ.
...........................................................................................................................

الحاشية: (قوله: الصحة) أي صحة النقل لا المنقول أي بيان صدق النقل إن لم تكن مشتغلا بالاستدلال عليه، مثلا بأن يقال: هذا النقض مطلوب البيان أو غير مسلّم أو ممنوع.
..........................................................................................................................

التعليقات: (قوله: أي صحة النقل لا المنقول... الخ) أي إذا أتيت بنقل عن أحد فيطلب منك صحة النقل أي بيان صدق نسبة النقل إلى قائله كأن تحضر الكتاب الذي نقلت عنه، ولا يطلب منك صحة المنقول نفسه لأنك مجرد ناقل نعم إن التزمت ذلك المنقول بأن اشتغلت بالاستدلال عليه أي على المنقول فحينئذ أنت مدع فيطلب منك صحة المنقول كما يطلب منه صحة النقل فتكون مدعيا في النقل والمنقول، ولعل الأوضح أن ويقول: إن لم تكن ملتزما له، وقول المحشي: " مثلا بأن يقال" هذا بيان لأمثلة الصيغ التي يطلب بها الصحة مثل: هذا النقل مطلوب البيان، أو غير مسلم، أو ممنوع.
 
التعديل الأخير:
أعلى