الدكتور محمد أيمن الجمال
موقوف
- إنضم
- 26 أغسطس 2009
- المشاركات
- 120
- التخصص
- فقه مقارن
- المدينة
- حماة
- المذهب الفقهي
- حنفي.. مالكيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيّدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ...
أمّا بعد:
فثمّة إستشكالٌ كبيرٌ يُثيرُهُ بعض طلبة العلم عندما يجدون أمرًا يُفعل في وقت ما يُخصّص له، ويقولون: إنّ الشرع لم يرد بتخصيصه في هذا الوقت .... أو لم يرد بتخصيصه بهذا العدد ..
ويبنون على استشكالهم ذاك أنّ ما لم يُخصّصه الشرع بوقتٍ أو عددٍ فيكون تخصيصه بدعةً. فيتّهمون بالبدعة جمهورًا عريضًا من المسلمين.
والجواب على هذا الاستشكال من وجهين:
أولاً:
تأصيل هذه المسألة:
1- أنّ ما أذن به الشرع (فجعله مباحًا أو مندوبًا أو واجبًا) أو تركه دون بيان حكم (والأصل في الأشياء الإباحة) أنّ تخصيصه بوقتٍ لا يحوّله عن أصل حكمه الشرعيّ ... فإذا وجد أمرٌ واجبٌ في الشرع كالزكاة مثلاً، وأراد شخصٌ أن يُخرجها في رمضان من كلّ عامٍ فلا يوصف فعله بالتحريم، ولا يخرج عن اصل الوجوب.
وكذلك إذا كان الفعل مندوبًا كصيام النافلة، فمن كان عنده فراغ من عمله كلّ يوم ثلاثاء مثلاً فأراد أن يصومه تقرّبًا إلى الله تعالى فلا يوصف فعله بأنّه محرّم، بل يبقى على أصل الندب، وإن خصّصه بيومٍ لشغله في غيره مثلاً ... ما لم يتعارض هذا مع ما نهى عنه الشارع بخصوصه...
وكذلك إذا كان الفعل مباحًا كالأكل .. فإنّ الإنسان إذا أراد أن يأكل كلّ يومٍ بعد عودته من عمله عند الساعة الرابعة عصرًا .. فلا يوصف فعله بالتحريم لتخصيصه ما هو مباحٌ من الأعمال بوقتٍ دون غيره.
2- أنّ التخصيص في ذاته ليس هناك ما يدلّ على تحريمه، فحيثما ورد الأمر مُباحًا فهو مُباحُ، وحيثما ورد دون تخصيص فيجوز تخصيصه ... لأنّ وروده دون تخصيصٍ بوقتٍ مُشعرٌ بجواز تخصيصه في أيّ وقتٍ، ولا يصحّ منع من أراد تخصيصه بوقتٍ لأصل كونه غيرَ مخصَّصٍ.
3- أنّ تحريم التخصيص حكمٌ شرعيٌّ بحاجةٍ إلى دليل ... وما لم يكن ثمّة دليلٌ على تحريم التخصيص فلا يصحّ أن يُدّعى التحريم لمجرّد عدم التخصيص من قبل الشارع، وذلك لأنّ عدم التخصيص من قبل الشارع من قبيل ما سكت عنه: (وسكت عن أشياء رحمة بكم).
4- أنّ التخصيص بوقتٍ لا يكون على سبيل الإيجاب على النفس أو الإلزام إنّما يكون باعتبار المناسب لحالات الإنسان، فمن خصّص يومًا من الأسبوع لاجتماعه مع أسرته لتلاوة القرءان بحسب فراغه وفراغ أهله فلا يُقال له مبتدعٌ لتخصيصه هذا اليوم بهذا النوع من العبادة. ولا يكون هذا منه على سبيل الإلزام والإيجاب، بل يكون هذا التخصيص لأجل حثّ النفس على القيام بهذه العبادة (أو هذا المباح) في هذا الوقت.
ثانيًا:
التطبيقات العمليّة على تخصيص كثيرٍ من الأمور من قبل عامّة العلماء وطلاب العلم دون نكير:
1- جعل الدراسة النظاميّة اليوم (ومن بينها دراسة الشريعة الإسلاميّة، وطلب العلم الشرعيّ) في الجامعات والمدارس، وهذه الدروس النظاميّة من العلم الذي أُمرنا به... فيُخصّص لها مناهج معيّنة... وهذا لم يرد به الشرع ... ويخصّص لها أماكن معيّنة ... (سوى المساجد) وهذا لم يرد به الشرع .. ويُخصّص لها أوقات معيّنة ...
2- ترتيب جميع علماء اليوم دروسهم العلميّة المنهجيّة في مختلف علوم الشريعة في أوقات معيّنة وتخصيصها بأوقات دون غيرها وجعلها في مساجد بعينها دون غيرها، وهذا كلّه من الفرائض التي لم يرد الشرع بتخصيصها، فقد أمرنا الشرع بطلب العلم، وجعله فريضة: (طلب العلم فريضة)، دون أن يُخصّصه بوقتٍ أو مكان، والمشايخ الكرام جميعًا في هذا العصر دون استثناء يُخصّصون أوقاتًا وأماكن لهذا الواجب.
3- تخصيص ساعات معيّنة للإجابة على الفتاوى والردّ على الهاتف والأسئلة، وهي أمورٌ شرعيّة ليست دنيويّة، وهو تخصيصٌ لم يرد من الشارع.
فهل يكون التخصيص بدعة بعد كلّ هذا؟؟ وهل يصير مجرّد فعل أمرٍ واجبٍ أو مندوب أو مباح في وقتٍ ما بدعةً لكون الشرع لم يرد بتخصيصه؟؟
إذا كان الأمر كذلك... فليكن أكثر ما نفعله تحت ذلك المسمّى، ولا بأس به وقتذاك.
الحمد لله والصلاة والسلام على سيّدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ...
أمّا بعد:
فثمّة إستشكالٌ كبيرٌ يُثيرُهُ بعض طلبة العلم عندما يجدون أمرًا يُفعل في وقت ما يُخصّص له، ويقولون: إنّ الشرع لم يرد بتخصيصه في هذا الوقت .... أو لم يرد بتخصيصه بهذا العدد ..
ويبنون على استشكالهم ذاك أنّ ما لم يُخصّصه الشرع بوقتٍ أو عددٍ فيكون تخصيصه بدعةً. فيتّهمون بالبدعة جمهورًا عريضًا من المسلمين.
والجواب على هذا الاستشكال من وجهين:
أولاً:
تأصيل هذه المسألة:
1- أنّ ما أذن به الشرع (فجعله مباحًا أو مندوبًا أو واجبًا) أو تركه دون بيان حكم (والأصل في الأشياء الإباحة) أنّ تخصيصه بوقتٍ لا يحوّله عن أصل حكمه الشرعيّ ... فإذا وجد أمرٌ واجبٌ في الشرع كالزكاة مثلاً، وأراد شخصٌ أن يُخرجها في رمضان من كلّ عامٍ فلا يوصف فعله بالتحريم، ولا يخرج عن اصل الوجوب.
وكذلك إذا كان الفعل مندوبًا كصيام النافلة، فمن كان عنده فراغ من عمله كلّ يوم ثلاثاء مثلاً فأراد أن يصومه تقرّبًا إلى الله تعالى فلا يوصف فعله بأنّه محرّم، بل يبقى على أصل الندب، وإن خصّصه بيومٍ لشغله في غيره مثلاً ... ما لم يتعارض هذا مع ما نهى عنه الشارع بخصوصه...
وكذلك إذا كان الفعل مباحًا كالأكل .. فإنّ الإنسان إذا أراد أن يأكل كلّ يومٍ بعد عودته من عمله عند الساعة الرابعة عصرًا .. فلا يوصف فعله بالتحريم لتخصيصه ما هو مباحٌ من الأعمال بوقتٍ دون غيره.
2- أنّ التخصيص في ذاته ليس هناك ما يدلّ على تحريمه، فحيثما ورد الأمر مُباحًا فهو مُباحُ، وحيثما ورد دون تخصيص فيجوز تخصيصه ... لأنّ وروده دون تخصيصٍ بوقتٍ مُشعرٌ بجواز تخصيصه في أيّ وقتٍ، ولا يصحّ منع من أراد تخصيصه بوقتٍ لأصل كونه غيرَ مخصَّصٍ.
3- أنّ تحريم التخصيص حكمٌ شرعيٌّ بحاجةٍ إلى دليل ... وما لم يكن ثمّة دليلٌ على تحريم التخصيص فلا يصحّ أن يُدّعى التحريم لمجرّد عدم التخصيص من قبل الشارع، وذلك لأنّ عدم التخصيص من قبل الشارع من قبيل ما سكت عنه: (وسكت عن أشياء رحمة بكم).
4- أنّ التخصيص بوقتٍ لا يكون على سبيل الإيجاب على النفس أو الإلزام إنّما يكون باعتبار المناسب لحالات الإنسان، فمن خصّص يومًا من الأسبوع لاجتماعه مع أسرته لتلاوة القرءان بحسب فراغه وفراغ أهله فلا يُقال له مبتدعٌ لتخصيصه هذا اليوم بهذا النوع من العبادة. ولا يكون هذا منه على سبيل الإلزام والإيجاب، بل يكون هذا التخصيص لأجل حثّ النفس على القيام بهذه العبادة (أو هذا المباح) في هذا الوقت.
ثانيًا:
التطبيقات العمليّة على تخصيص كثيرٍ من الأمور من قبل عامّة العلماء وطلاب العلم دون نكير:
1- جعل الدراسة النظاميّة اليوم (ومن بينها دراسة الشريعة الإسلاميّة، وطلب العلم الشرعيّ) في الجامعات والمدارس، وهذه الدروس النظاميّة من العلم الذي أُمرنا به... فيُخصّص لها مناهج معيّنة... وهذا لم يرد به الشرع ... ويخصّص لها أماكن معيّنة ... (سوى المساجد) وهذا لم يرد به الشرع .. ويُخصّص لها أوقات معيّنة ...
2- ترتيب جميع علماء اليوم دروسهم العلميّة المنهجيّة في مختلف علوم الشريعة في أوقات معيّنة وتخصيصها بأوقات دون غيرها وجعلها في مساجد بعينها دون غيرها، وهذا كلّه من الفرائض التي لم يرد الشرع بتخصيصها، فقد أمرنا الشرع بطلب العلم، وجعله فريضة: (طلب العلم فريضة)، دون أن يُخصّصه بوقتٍ أو مكان، والمشايخ الكرام جميعًا في هذا العصر دون استثناء يُخصّصون أوقاتًا وأماكن لهذا الواجب.
3- تخصيص ساعات معيّنة للإجابة على الفتاوى والردّ على الهاتف والأسئلة، وهي أمورٌ شرعيّة ليست دنيويّة، وهو تخصيصٌ لم يرد من الشارع.
فهل يكون التخصيص بدعة بعد كلّ هذا؟؟ وهل يصير مجرّد فعل أمرٍ واجبٍ أو مندوب أو مباح في وقتٍ ما بدعةً لكون الشرع لم يرد بتخصيصه؟؟
إذا كان الأمر كذلك... فليكن أكثر ما نفعله تحت ذلك المسمّى، ولا بأس به وقتذاك.